المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليست بقصة


ياسر خطاب
03-23-2008, 04:34 AM
السلام عليكم رواد هذا القسم ...
باختصار ...
قرأت نصوص كثيرة هنا ولم أستطع الرد لعدة أسباب
منها أني لم اتمكن الادعاء بفهم القصة المكتوبة
وسوف اعطي تساؤلات بهذا الخصوص :
هل من الضروري أن يكون للقصة فكرة..؟
وان كان الجواب نعم فأين الفكرة في كثير من القصص الموجودة هنا
وما هو الاختلاف بين القصة القصيرة جدا والخاطرة حيث أني لم أميز هنا بين كل منهما.
أعترف بقلة ثقافتي في هذا المجال ولكني بالنهاية أحب أن استفيد -وزملائي القاصين - من أصحاب الاختصاص أمثال الاستاذ هاشم الآلوسي وخالد صالح الحربي والكثير الكثير ممن لا أعرفهم من الأعضاء
من جهة ثانية اعلم أن هناك قسم للنقد , وليست أقصد النقد هنا , انما اقصد المناقشة في هذا المجال بين كتّاب القصة واصحاب الاختصاص وبشكل موضوعي و علمي بحت . ليتسنى لنا المشاركة مستقبلاً بعد الاطلاع على أنواع القصص و خصائص كل منها والفرق بينها وبين كتابات النثر الأخرى .
أشكر الجميع على تحملي سواء أكان مصير هذا الطرح قبولاً أو رفضاً
دمت بخير وعافية .

د. منال عبدالرحمن
03-23-2008, 02:20 PM
الأستاذ ياسر خطّاب ..

سانتظر معكَ توضيح الأساتذة الذين ذكرت لقواعد كتابة القصّة ..

و كلُّ طرحٍ من الجميع هنا , سيكون حتماً بفائدة ..


شكراً لكَ و سأعود حتماً .

عبدالعزيز رشيد
03-27-2008, 03:35 PM
عزيزي:ياسر خطّاب
كلّ الودّ لـ روحك ولطرحك هذا الموضوع الشيّق
في نظري بأن عماد القصّة هو (البعد الزمنيّ) أي انّنا لو رغبنا في تصوير المشهد في فيلم مااستطعنا افتراض الفترة الزمنيّّة التي مرّت بها الفكرة\الموقف, وإن كانت رواية استطعنا استنباط تاريخها
,
فلو افتقد القصّة لهذا البعد لأصبحت نثرا أو خاطرة
لـ هذا من وجهة نظري حول الرواية فهي كالكاميرا فيديو تسلّط عدستها على شريط معيّن في زمان معيّن ومكان معيّن ولأشخاص معيّنين لهذا السبب لااحبّذ الروايات العربيّة لأنّها تفتقد كثيرا لهذا البعد المهم :(


تحيّة لـ روحك وربّما لي عودة

ياسر خطاب
03-27-2008, 10:01 PM
الأخ الكريم عبد العزيز رشيد
بداية أشكرك فوق استطاعتي على ما أفدتنا به
ولكن هل تستطيع أن تسقط ما قلته في ردك على أحد النصوص المشاركة هنا ....!؟
أو هل يستطيع أحد المشاركين بنص قصصي في هذا القسم أن يبين لناأين تكون الفكرة / الموقف في مشاركته ...
ونذكر أننا نحاول جميعا الاستفادة من هذا النقاش
والحوار مفتوح أمام الجميع ...
مودتي لكم

عبدالعزيز رشيد
03-28-2008, 03:34 AM
أخي:ياسر
القصّه بإمكانك مشاهدتها , والخاطر والنثر فقط بإمكانك تخيّلها
أستطيع القول بأن الكثير من القصص هنا تمتلك بعدا زمنيّا ممّا يحتّم الطبيعة السرديّة لـ أحرفها إذا فهي قصّة >>بعيدا عن فكرتها
فهنا بالقسم فقط على سبيل المثال:
(هالات الأحلام) لـ فاطمة الغامدي
(هي كذلك) لـ ابراهيم سلطان
تحيّاتي لك

سعد المغري
03-29-2008, 01:52 AM
..

أولاً أرجو المعذرة . استاذ ياسر.. على التأخير..
فالأن رأيته..


..

وكلنا هنا في صدى العلم والتعلم..

وبالنسبة لسؤالك ومالفرق بينهم..
هنا فرق كبير ..

اولاً سيدي ياسر القصة القصيرة هي عبارة عن نص سردى
يعتمد على حدث واحد قد تتشعب منه أحداث أخرى لايستغرق فترة زمنية طويلة فعنصر الزمن فى القصة القصيرة أقل منه بالنسبة للرواية مثلاً ...
والشخصيات فى القصة القصيرة لاتكون متعددة فهى شخصية واحدةة او اثنتين على الأكثر حتى لاتتشعب الأحداث فيطول الحدث أكثر مماينبغي لقصة قصيرة
وهى ترتكز فى الأساس على حكاية واحدة أو لقطة ما تتطور إلى عقدة ثم لحظة تنوير أو حل لهذه العقدة...
أما الخاطرة فهى نص سردى يعتمد فى الأساس على الجماليات اللغوية والحس الشعرى للكاتب بحيث يصور خلجات النفس أو إنطباعاتها نتيجة لمؤثر معين ولايشترط فيها أن يكون هناك حدثاً رئيسياً..
فهى لاتحكى عن موقف ولاتلتقط موقفاً وإنما هى نجوى النفس ومايعتمل فيها من مشاعر ولذلك كلما زادت المحسنات البلاغية فى الخاطرة زاد حظها من النجاح
فى الآونة الأخيرة ونتيجة لتطور الأشكال الأدبية فإننا نلاحظ إختلاط الأشكال الأدبية وزوال الحدود الفاصلة عن بعضها البعض بحيث أصبحنا نرى أشكالاً كثيرة من القصة القصيرة والأقصوصة والقصة القصيرة جداً بل قد اختلط عند كثير من الكتاب مفهوم القصة بالخاطرة فماعادوا يفرقون بين اللونين.
والحديث يطول حوله لكن حاولت ان اختصر لك مفهوم المفارقة بين القصة والخاطرة.
والفكرة بالقصص موجودة ياسيدي وكيف اكتب قصة من غير فكرة ومثلما تفضل الاستاذ
عبدالعزيز بذكر فكرة القصص بنصين هنا واعد النظر في باقي القصص ستجد الفكرة موجودة..
وارجو المعذرة ياسر عن اذا كان هناك نقص بالشرح وسأترك اذا كان هناك شي للأساتذة وجميعنا هنا للأستفادة..

تحياتي..

فقـد
03-29-2008, 01:55 PM
إحدى القصص في أبعاد (معدلة لكي تناسب موضوع الطرح مع الاعتذار لكاتبتها):

" في كل مرة تقترب من النافذة وتنظر إلى المقبرة التي تبعد بضع أمتار عن منزلها، تشعر بالفزع، كانت مشاهد الدفن والجنازة والصلاة تحيطها بقشعريرة خوف من القادم !
هكذا كانت تقضي وقت فراغها، تراقب الموتى وترسل سلامها الأخير لهم قبل أن يتم دفنهم، حتى جاء ذاك المساء الذي أنغلقت فيه نافذتها ولم تقو على مراقبة ما يجري في الأسفل، انزوت في الركن خلف النافذة المغلقة، تسمع مراسم دفن ابنها الذي صدمته سيارتها حين رجعت من العمل...اتخذت الجدار ودفنت نفسها في الأسفل"




شروط القصة القصيرة:


الفكرة الرئيسة (وهي السبب الذي نكتب القصة من أجله): الانشغال بمراقبة الناس عن مراقبة النفس
طريقة تسويق القصة (وهي الطريقة التي نرمّز فيها القصة حتى تصل لأكبر كمية من الأشخاص بأكثر من طريقة وهذا هو جوهر الكتابة): امرأة تراقب مراسم دفن الناس ولم تقو على مراقبة وفاة ابنها.
المكان (وهو المكان الذي يقوم فيه الحدث الرئيس في القصة): الغرفة والنافذة
الزمان (وهو الزمان الذي يدور فيه الحدث الرئيس في القصة) : في المساء
الحدث (وهو الحدث الذي قامت عليه القصة): مراقبة مراسم الدفن من النافذة
العقدة ( وهي الحدث الذي غير أو ألغى من الحدث الرئيس الذي قامت عليه القصة): وفاة الابن
الشخصيات الرئيسة (الشخصية التي تدور حولها القصة): الأم
الشخصية الثانوية (الشخصيات التي تساعد في سير أحداث القصة): الابن




تدور القصة القصيرة حول فكرة (واحدة فقط) يتم تسويقها بحدث واحد فقط، وبشخصية رئيسية أو شخصيتان على الأكثر.

الحدث في القصة القصيرة محدد المعالم، قصير، لا يمتد لفترات طويلة.

زمان القصة القصيرة محدد بفترة معينة حيث تبدأ في وقت كذا، وتنتهي في وقت كذا، بخلاف الرواية التي قد تستمر لعدة أجيال بلا تحديد.

العقدة في القصة القصيرة واحدة فقط وقد تتصاعد إلى عدة أحداث صغيرة وقصيرة جدا لا تؤثر في مجريات القصة الرئيسية


الفرق بين الخاطرة والقصة القصيرة:

القصة القصيرة بناء لغوي فني "رسمي أدبيّا" يعتمد على شروط معينة الإخلال فيها يلغي عنها صفة "القصة". الخاطرة: بناء نثري لا يعتمد على تركيب معين ويعتمد على توارد الخواطر في أي موضوع بدون تنسيق معين أو ترتيب أو التزام بحدث أو وقت معين، لكنها تحمل فكرة معينة يحاول الكاتب تحويلها إلى عقلية القاريء، وقد شبهت في وقت من الأوقات بكتابة المذكرات الشخصية أو المقالات القصيرة. والخاطرة غير مدرجة في أوراق الأدب الرسمية حتى الآن رغم أن العديد من الأشخاص أصدروا كتب خاصة للخواطر مثل الكاتب الرائع "باولو كويلو"





هممممم وأعتقد أن هذه هي أهم الأشياء
محبتي
فقــد

ياسر خطاب
03-29-2008, 02:34 PM
الأستاذ ياسر خطّاب ..

سانتظر معكَ توضيح الأساتذة الذين ذكرت لقواعد كتابة القصّة ..

و كلُّ طرحٍ من الجميع هنا , سيكون حتماً بفائدة ..


شكراً لكَ و سأعود حتماً .

الاخت منال عبد الرحمن
كل الامتنان والشكر لك همتك العالية في سبيل الافادة والاستفادة
وأظن أننا سنعتم على أنفسنا .... فلم يسمعنا من توجه له النداء
ربما لم يمروا من هنا ...

ياسر خطاب
03-29-2008, 02:39 PM
أخي:ياسر
القصّه بإمكانك مشاهدتها , والخاطر والنثر فقط بإمكانك تخيّلها
أستطيع القول بأن الكثير من القصص هنا تمتلك بعدا زمنيّا ممّا يحتّم الطبيعة السرديّة لـ أحرفها إذا فهي قصّة >>بعيدا عن فكرتها
فهنا بالقسم فقط على سبيل المثال:
(هالات الأحلام) لـ فاطمة الغامدي
(هي كذلك) لـ ابراهيم سلطان
تحيّاتي لك

هالات أحلام و هي كذلك
سرد يتمتع بالسلاسة وسهولة المعاني وهذا ما يسهل انتشار القصة
ولكن القصتين لا ينقصهما الفكرة باعتقادي
الاستاذ عبد العزيز رشيد
شكراً لتعاونك معنا ... ولكن لم ينته دورك ...بانتظارك مرات أخرى

ياسر خطاب
03-29-2008, 02:48 PM
..

أولاً أرجو المعذرة . استاذ ياسر.. على التأخير..
فالأن رأيته..


..

وكلنا هنا في صدى العلم والتعلم..

وبالنسبة لسؤالك ومالفرق بينهم..
هنا فرق كبير ..

اولاً سيدي ياسر القصة القصيرة هي عبارة عن نص سردى
يعتمد على حدث واحد قد تتشعب منه أحداث أخرى لايستغرق فترة زمنية طويلة فعنصر الزمن فى القصة القصيرة أقل منه بالنسبة للرواية مثلاً ...
والشخصيات فى القصة القصيرة لاتكون متعددة فهى شخصية واحدةة او اثنتين على الأكثر حتى لاتتشعب الأحداث فيطول الحدث أكثر مماينبغي لقصة قصيرة
وهى ترتكز فى الأساس على حكاية واحدة أو لقطة ما تتطور إلى عقدة ثم لحظة تنوير أو حل لهذه العقدة...
أما الخاطرة فهى نص سردى يعتمد فى الأساس على الجماليات اللغوية والحس الشعرى للكاتب بحيث يصور خلجات النفس أو إنطباعاتها نتيجة لمؤثر معين ولايشترط فيها أن يكون هناك حدثاً رئيسياً..
فهى لاتحكى عن موقف ولاتلتقط موقفاً وإنما هى نجوى النفس ومايعتمل فيها من مشاعر ولذلك كلما زادت المحسنات البلاغية فى الخاطرة زاد حظها من النجاح
فى الآونة الأخيرة ونتيجة لتطور الأشكال الأدبية فإننا نلاحظ إختلاط الأشكال الأدبية وزوال الحدود الفاصلة عن بعضها البعض بحيث أصبحنا نرى أشكالاً كثيرة من القصة القصيرة والأقصوصة والقصة القصيرة جداً بل قد اختلط عند كثير من الكتاب مفهوم القصة بالخاطرة فماعادوا يفرقون بين اللونين.
والحديث يطول حوله لكن حاولت ان اختصر لك مفهوم المفارقة بين القصة والخاطرة.
والفكرة بالقصص موجودة ياسيدي وكيف اكتب قصة من غير فكرة ومثلما تفضل الاستاذ
عبدالعزيز بذكر فكرة القصص بنصين هنا واعد النظر في باقي القصص ستجد الفكرة موجودة..
وارجو المعذرة ياسر عن اذا كان هناك نقص بالشرح وسأترك اذا كان هناك شي للأساتذة وجميعنا هنا للأستفادة..

تحياتي..

الاستاذ النشيط جداً سعد المغري
معلومات القيمة التي ذكرتها سيستفيد منها كل من مرّ هذا المتصفح
فشكراً لك على الاهتمام وعلى ما بذلت من جهد وتعب حتى تفيدنا
ولكن اسمح لي بسؤال :
قصة "عصرنا " في أي نوع من أنواع القصة تندرج
بالنسبة لي قد أصنفها ( لجهلي بهذا المجال ) تحت اسم القصة القصيرة
لأني رأيتها قصيرة فقط .
فإن كانت كذلك فأين الشخصيات وأين الحدث كما ذكرت آنفا في مداخلتك ..؟

لك محبتي واحترامي ... بانتظار مداخلتك

ياسر خطاب
03-29-2008, 02:56 PM
إحدى القصص في أبعاد (معدلة لكي تناسب موضوع الطرح مع الاعتذار لكاتبتها):

" في كل مرة تقترب من النافذة وتنظر إلى المقبرة التي تبعد بضع أمتار عن منزلها، تشعر بالفزع، كانت مشاهد الدفن والجنازة والصلاة تحيطها بقشعريرة خوف من القادم !
هكذا كانت تقضي وقت فراغها، تراقب الموتى وترسل سلامها الأخير لهم قبل أن يتم دفنهم، حتى جاء ذاك المساء الذي أنغلقت فيه نافذتها ولم تقو على مراقبة ما يجري في الأسفل، انزوت في الركن خلف النافذة المغلقة، تسمع مراسم دفن ابنها الذي صدمته سيارتها حين رجعت من العمل...اتخذت الجدار ودفنت نفسها في الأسفل"




شروط القصة القصيرة:


الفكرة الرئيسة (وهي السبب الذي نكتب القصة من أجله): الانشغال بمراقبة الناس عن مراقبة النفس
طريقة تسويق القصة (وهي الطريقة التي نرمّز فيها القصة حتى تصل لأكبر كمية من الأشخاص بأكثر من طريقة وهذا هو جوهر الكتابة): امرأة تراقب مراسم دفن الناس ولم تقو على مراقبة وفاة ابنها.
المكان (وهو المكان الذي يقوم فيه الحدث الرئيس في القصة): الغرفة والنافذة
الزمان (وهو الزمان الذي يدور فيه الحدث الرئيس في القصة) : في المساء
الحدث (وهو الحدث الذي قامت عليه القصة): مراقبة مراسم الدفن من النافذة
العقدة ( وهي الحدث الذي غير أو ألغى من الحدث الرئيس الذي قامت عليه القصة): وفاة الابن
الشخصيات الرئيسة (الشخصية التي تدور حولها القصة): الأم
الشخصية الثانوية (الشخصيات التي تساعد في سير أحداث القصة): الابن




تدور القصة القصيرة حول فكرة (واحدة فقط) يتم تسويقها بحدث واحد فقط، وبشخصية رئيسية أو شخصيتان على الأكثر.

الحدث في القصة القصيرة محدد المعالم، قصير، لا يمتد لفترات طويلة.

زمان القصة القصيرة محدد بفترة معينة حيث تبدأ في وقت كذا، وتنتهي في وقت كذا، بخلاف الرواية التي قد تستمر لعدة أجيال بلا تحديد.

العقدة في القصة القصيرة واحدة فقط وقد تتصاعد إلى عدة أحداث صغيرة وقصيرة جدا لا تؤثر في مجريات القصة الرئيسية


الفرق بين الخاطرة والقصة القصيرة:

القصة القصيرة بناء لغوي فني "رسمي أدبيّا" يعتمد على شروط معينة الإخلال فيها يلغي عنها صفة "القصة". الخاطرة: بناء نثري لا يعتمد على تركيب معين ويعتمد على توارد الخواطر في أي موضوع بدون تنسيق معين أو ترتيب أو التزام بحدث أو وقت معين، لكنها تحمل فكرة معينة يحاول الكاتب تحويلها إلى عقلية القاريء، وقد شبهت في وقت من الأوقات بكتابة المذكرات الشخصية أو المقالات القصيرة. والخاطرة غير مدرجة في أوراق الأدب الرسمية حتى الآن رغم أن العديد من الأشخاص أصدروا كتب خاصة للخواطر مثل الكاتب الرائع "باولو كويلو"





هممممم وأعتقد أن هذه هي أهم الأشياء
محبتي
فقــد

الأخت الفاضلة فقد
في الحقيقة هذا الذي كنت اريده في المشاركات
أن يكون هناك نص وتُسقط عليه الدراسة
وبالتالي تكون الافادة أكبر والدراسة دقيقة الى حد ما
وأنا معك بأن القصة تعتمد خصائص كثيرة كما ذكرت
وأهمها الفكرة الرئيسية والتي قلت عنها " السبب الذي نكتب القصة من أجله "

أختي الكريم خالص التحايا والاحترام
أرجو أن لا تكون المشاركة الأخيرة فنحن عطشى لهذا

بانتظارك ...

عبدالعزيز رشيد
03-29-2008, 03:10 PM
عودة لك أخي:ياسر
وبما أنّنا في صدد تحديد هويّة القصّة لتمييزها ولكي نكون أكثر وضوحا سأختار لك قصصا لأسماء لها تجربتها بهذا المجال
ــــــــــ


اللوحة*

عندما أخبره صاحب محل التحف والمرايا أن هناك من يرغب في لقاءه أولا قبل شراء اللوحة , خطر في باله أن هذا المشتري ربما يكون معجبا بفنه وأنه يرغب في التعرف إليه والتحدث معه في شؤون الفن.
تذكر اللوحة التي رسمها تحت دافع الرغبة في بيعها لا أكثر ..قال له صاحب المحل :
- ارسم وجها لامرأة جميلة أو منظرا طبيعيا فهذا ما يبحث عنه الزبائن .
شعر وقتها بالحزن ..قال في نفسه لو أنه ولد في مجتمع يفهم الفن ويقدره لكان الآن يعرض لوحاته في أكبر المعارض وأفخمها وليس في محل لبيع المرايا والتحف الرخيصة ..
يتذكر الآن أنه أقبل على رسم تلك اللوحة بلا حماس لكنه بعد ذلك شعر بأنه يرسم شيئا رائعا ..وعندما أتم اللوحة شعر تجاهها بالإعجاب الشديد , بل أعتبر أنها أجمل لوحاته. كان وجه السيدة الجميل ينبض بالحياة وفي عينيها سحر غريب أو حديث مبهم .
ذهب وهو يمني نفسه بمبلغ محترم يفك قليلا من أزمته المالية الخانقة وعندما ألقى السلام رد صاحب المحل محدثا الشخص الآخر بجانبه :
- هذا هو صاحب اللوحة ..
كان الرجل الآخر أربعينيا ذا لحية خليجية شديدة السواد ويلبس نظارة شمسية تبدو غالية الثمن ,قام الرجل من مكانه وهو يحمل اللوحة وقال :
- أتمنى لو تحدثنا في السيارة
اتجها إلى سيارة لكزز بيضاء , وضع الرجل اللوحة في المقعد الخلفي ثم أشعل محرك السيارة وأدار مكيف الهواء ..قال الرسام محاولا تخفيف توتره :
- ماشاء الله تبارك الله .
بادره الرجل وهو يلتفت باتجاه اللوحة :
- من أين عرفت هذه المرأة .
- أي امرأة
- الموجودة في اللوحة ..
- لا توجد امرأة صدقني , رسمتها من الخيال فقط
- إنها زوجتي .
شعر الرسام بالمفاجأة ..وآخذ يتمعن في الرجل محاولا معرفة مدى جديته ..كما أن فكرة أن يكون الرجل مسطولا أو سكرانا خطرت في باله ..
- أقول لك إنها زوجتي ..يمكن لي أن أتصل بأخيها ليؤكد لك هذا , لو أخبرتك أين يعمل فستصاب بالرعب , لكنني لا أريد تصعيد الأمر .
- هل لديك مصحف ..سأحلف لك عليه أنني رسمت اللوحة من الخيال ..الخيال فقط .
- وأنا سأحلف لك على نفس المصحف أن المرأة الموجودة في اللوحة هي زوجتي .
لم تخطر في بال الرسام يوما مثل هذه المعضلة ..وفكر فيما لو كانت الحكاية كلها مجرد مزحة ثقيلة أو مقلبا سمجا ..لكن أفكاره توقفت وهو يسمع الرجل يقول:
- الحل هو في إتلاف هذه اللوحة .
- إتلافها ..
تناول الرجل اللوحة من المقعد الخلفي ..سحبها من بروازها ..وطواها ثم مزقها , مرة ومرتين وثلاث وأربع ..ثم قال للرسام ..
- الآن تفضل وأرجو أن لا يكون لديك صورا أخرى لزوجتي

*لـ صلاح القرشي


رمل*

" رش خفيف جلى وجه الرمل فأشرق ، سمرات البر تشبهني أو أشبهها ؛ من مطر لمطر لا تغادر ، ولا تنحني .. أنا سعيدة يا صديقي .. الرش يغسل روحي "
رسائلها القليلة حين تأتي تجلو روحي الصدئة ، أتلوها وابتسم .. بالأمس فقط غيرت اسمها في جوالي ( سميتها عشتار )
هل أجرب البر لعلي أعشقه كما يليق ببدوي ؟
تذكرت مكالماتنا القليلة الباردة ، وقررت أن يكون لدي ما أحكيه لها في اتصالي الآتي ..

أجمع صغاري ونركب ، تشجعهم نصف ابتسامة على وجهي فيغنون ، ويطلع لي وجهها في المرآة بينهم ، وأتفكر : منذ متى توقفت عن عد الأيام مذ صرت أمهم وأباهم ؟
على كتف الصحراء نقف ، ينسلون شطر الرمل ، وأحفهم بعيني ..
يجوسون في المكان ويبرقشون وجهه العتيق بخطواتهم الحافية ، ثم يعودون .
لغتي تضيق عما يناسب موقفاً استثنائياً كطلعة بر فأخفي وجهي في كيسي المتقشف .
أفرش سفرتي البلاستيكية وأفتح علبي القليلة وأوزع الخبز وأوامري .
يلتهم الأولاد فطورهم وأمضغ معه توجيهاتي ورملاً تسفي به ريح فتية إليّ .
مع قطعتي الأخيرة أتذكر أني نسيت الكرة ، وأفكر كم من الأعين في أعطاف هذا الرمل ستستفهم عن " الأجنبي* " وأطفاله الذين لا يعرفون من البر أكثر من فضاء أوسع للأكل .
أجمع ما بقي ويتبعثر الصغار من جديد ، وأتذكرها أخرى ( أمهم ) ، وأسألني : منذ متى بهتت صورتها ؟ منذ متى استبدلت كرهها بحقدي لأنها خلتني معهم ؟
لو كان لأفكاري صوت وسمعتني أمي لاستغفرت ثم قالت : " مقدر ومكتوب " ولربما بعد قليل - حين تتذكر كم صارت الكلمة تؤلمني - ستقترف ست أوسبع جمل قبل أن تجد موضوعاً يحمي صوتي من أن ينزلق في البؤس .
ومتقمصاً لسان أمي أصرفني لغير الراحلة ، وأستحضر عشتار امرأة أشكلها كل يوم ، ويلهيني جمال روحها وصوتها عن أرسم تفاصيل جسدها الذي لا يقربه لسانه ولو بفلتة ، أتمناها ، لو أستطيع أن أكتب لها الآن !
ماذا أقول لها ؟!
الناس لا يفهمون الحقيقة حين أقدمها بلا ملابس ، ولا يفهمونني فيبتعدون وأتألم ..
أنادي صغاري ، يلتمون وعيونهم على شفتي وأحكي :
هي عادة قديمة لأجدادكم وسنحييها اليوم
إذا ضاقت صدور أجدادكم أتدرون ما يفعلون ؟
- يغنون . قالت الوسطى
ضحكت : صحيح ، ولكن إذا ضاق صدر أحدهم جداً راح للبر ، يحفر حفرة صغيرة ، يحكي فيها ما يوجعه ويدفنه ، والآن سنفعل مثلهم .
قال أنضرهم : لا يوجد ما يضايقني ؟
قلت : احفر حفرة وضع فيها أمانيك ..
أردت أن أكمل : ولا تدفنها حتى لا تكون فأل سوء ، لكنهم كانوا قد انتشروا .
بقيت الكبرى ، قالت : سأحفر اثنتين يا أبي ، واحدة لما يقهرني ، والثانية لما أريده .
أومأت مباركاً وراحت .
انتحيت بحدبة قريبة أنبش جذرها ، وأحفر ويتهايل ما حوله دافنا ما أحفر .
أقيم كفي الأيمن كتفاً أعلى للحفرة تحمي سافلها من عاليها ، وحكيت : " صدري يوجعني ، راحت لا أسعدتني بوجودها ولا رحيلها أراحني ، هم يحتاجونني وأنا تعب ، يدي باردة ، وقلبي فاضي .. قلبي يوجعني يا رب "
رفعت كفي فغمرت الحبات المستديرة الشفافة نصف الحفرة ، ومسحت وجهها بكفي مساوية باقيه .
عن يساري حفرت أخرى أصغر ، ثم صرت أقبض على الرمل وأذروه فيها ومع كل قبضة أمنية .
صغاري الذين فرقتهم الحفر يجمعهم اللعب الآن ..
أوسد رأسي الرمل وأعلق عيني على السماء ، زرقتها تبهت بالاعتياد ..وأتذكر أنا أن دفن الأوجاع طقس مؤنث ، وأتساءل : هل تغلغلت فيّ أمومتي الحادثة لذا الحد ؟
نركب مغادرين وبعض الطبول تقرع قرعاً أولياً هنا وهناك ، أكتب لعشتار : " الدواسر كائنات من طرب "
حين أدير وجه السيارة أنظر للمكان ، فيبدو لي تكتمه مهيباً ، أوجاعنا لم تغير في سحنته شيئاً ..
أحسد الأرض ، وأنشد وصغاري يرددون

*لـ أمل الفاران


دخلت بلادكم بأسمالي*

لسببٍ ما ماتت أمي, وأرخى بيتـُنا الكبير كفاً من الغربة..
لسبب ٍما امرأة أخرى جرّتْ عقِب الباب خلفها مثل ذيل. طفل ما لن يسمع صوتي. لسبب أكثر غرابة تحرّر اسمي من الكنية؛ أصبح مجرد اسم عادي لا ماء فيه ولا شجر.. لا طفل يأوي بعد المدرسة!.
لسببٍ ما غارتْ غرفةٌ ملونة من بيتي. اختفى الجرفُ و صواتٌ يومي كأنه الشقشقة!. حتى أن السعفات التي أهش بها أحلامه.. هي أيضا ذوَتْ كأنها الشمس!. غارقةٌ في ما يشبهُ الغيم, خفيف وبارد, لا يكاد يحملني؛ كلما تداعى عضوٌ أسندني هواء. مالذي أنا فيه؟!.
التراتيل من جهاتها, الشمس تزاحم الريب.. و تعثرُ بحقيبة طفل. صبية يحاصرون كرةً بأحلامهم, برْقٌ.. حفّارةٌ تجد لها مكاناً في الفوضى, و عرَقٌ أسمعهُ جيدا يحدِّثُ جبيناً أسمراً!. ياردتان فقط ما تفصل بين العابر وسيارة نزقة. أرى جيدا مصابيح نيون معلقة في الهواء. معلقة كالصدى!.

مالذي أنا فيه؟!
لسبب ما قصرت أصابعي, عن الطاولة انزاح مرفقي, وسقط رأسي على هذه الورقة التي أحاكي.. ليست أصابعي ولا هذا الرأس الذي أبيضّت حواسه ما يكتب الآن.. ما يمكنكم أن تسمونها روح هي ذي أنا, ناعمة في ما يسمى الملكوت. أطفال يكشطون الحروف بأقدامهم, ويتشقلبون في فضاء الغيب الكبير!..

لسبب ما أتذكر نافذة بيتنا القديم الذي أرخى يباباً, و أنه لم يكن جسدي ذاك الذي يقلبه المخاض ذات اليمين وذات الوهن!. الصراخُ شاهرٌ وحاد, في غرفة يسترها الله بالملائكة.. لسبب ما لا أتذكر من تلك النافذة إلا أضلاعها الأربعة وأضلاعي التي أوجعتني حدّ الطلقْ, وحد صياح الصبيّ خارجا من دمائي!.. و خارجة أنا من عذريتي.. داخلة في محراب من التفكّر منذها!..

لسبب ما فقدَ والدي حواسه ورجليه وقدرته على الظلم والحقد والنقمة و المكائد. و لسبب ما احتفظ له القدر بماء عينيه, لتنـزفان كأنهما مطر يعقم الأرض!. لسبب ما تفرق شمل الأشياء, الأسماء, الجهات, الحدس, الانتظار, المناسبة, الفتن, النجوى, الأرصفة, ليلة العيد, ليلة العيد, ليلة العيد وأختي!.
أختيْ لسبب ما فرّت من بين غفواتي, فرّت كأنها الدخان, و أنا القارورة.. كأنني الغمدُ وأنها النصل, كأنني الوردة وأنها الطفل!. لسبب ما خطفت ملابسَها من صدري, ورائحتها, وصوتها, وشقاوتنا, وخرجت مع أول جدار!. الأمر الحزين جدا أنها مكثت في مكان كأنه المكان, وكأنه الضباب, هناك مع طفلي؛ في برزخٍ لا يحيون فيه ولا يموتون, أشباح/ أشباح كأنهم الحلم !لسبب ما عاث فيّ دماء وقيح وجلد محترق يتبدل, ورائحة.
لسبب ما الوجوه تضمر, و تحترق الصور!

*لـ كوثر محمّد


للأمانة إخترت القصّة لأجل الإسماء فقط لأنّها أسماء لها خوضٌ في هذا المجال الجميل

محمد هاشم الآلوسي
03-29-2008, 11:58 PM
الأستاذ الفاضل ياسر خطاب

تحية طيبة

أشكرك لإدراجك هذا الموضوع القيم، والحقيقة إن الأسئلة التي طرحتها مهمة بلا شك، وتدخل في صميم تركيب هذا الجنس الأدبي.
وأتمنى أن نصل جميعاً مع الأخوة الأفاضل إلى نتيجة متقاربة حول ماهية ما ذكرت.
وإني لأدعو الأستاذ الفاضل خالد صالح الحربي لتناول الموضوع وكافة الأخوة الأفاضل، لي عودة
وليتقبل الجميع فائق احترامي لحراكهم الثقافي هذا.

ياسر خطاب
04-01-2008, 02:33 AM
عودة لك أخي:ياسر
وبما أنّنا في صدد تحديد هويّة القصّة لتمييزها ولكي نكون أكثر وضوحا سأختار لك قصصا لأسماء لها تجربتها بهذا المجال
ــــــــــ


اللوحة*

عندما أخبره صاحب محل التحف والمرايا أن هناك من يرغب في لقاءه أولا قبل شراء اللوحة , خطر في باله أن هذا المشتري ربما يكون معجبا بفنه وأنه يرغب في التعرف إليه والتحدث معه في شؤون الفن.
تذكر اللوحة التي رسمها تحت دافع الرغبة في بيعها لا أكثر ..قال له صاحب المحل :
- ارسم وجها لامرأة جميلة أو منظرا طبيعيا فهذا ما يبحث عنه الزبائن .
شعر وقتها بالحزن ..قال في نفسه لو أنه ولد في مجتمع يفهم الفن ويقدره لكان الآن يعرض لوحاته في أكبر المعارض وأفخمها وليس في محل لبيع المرايا والتحف الرخيصة ..
يتذكر الآن أنه أقبل على رسم تلك اللوحة بلا حماس لكنه بعد ذلك شعر بأنه يرسم شيئا رائعا ..وعندما أتم اللوحة شعر تجاهها بالإعجاب الشديد , بل أعتبر أنها أجمل لوحاته. كان وجه السيدة الجميل ينبض بالحياة وفي عينيها سحر غريب أو حديث مبهم .
ذهب وهو يمني نفسه بمبلغ محترم يفك قليلا من أزمته المالية الخانقة وعندما ألقى السلام رد صاحب المحل محدثا الشخص الآخر بجانبه :
- هذا هو صاحب اللوحة ..
كان الرجل الآخر أربعينيا ذا لحية خليجية شديدة السواد ويلبس نظارة شمسية تبدو غالية الثمن ,قام الرجل من مكانه وهو يحمل اللوحة وقال :
- أتمنى لو تحدثنا في السيارة
اتجها إلى سيارة لكزز بيضاء , وضع الرجل اللوحة في المقعد الخلفي ثم أشعل محرك السيارة وأدار مكيف الهواء ..قال الرسام محاولا تخفيف توتره :
- ماشاء الله تبارك الله .
بادره الرجل وهو يلتفت باتجاه اللوحة :
- من أين عرفت هذه المرأة .
- أي امرأة
- الموجودة في اللوحة ..
- لا توجد امرأة صدقني , رسمتها من الخيال فقط
- إنها زوجتي .
شعر الرسام بالمفاجأة ..وآخذ يتمعن في الرجل محاولا معرفة مدى جديته ..كما أن فكرة أن يكون الرجل مسطولا أو سكرانا خطرت في باله ..
- أقول لك إنها زوجتي ..يمكن لي أن أتصل بأخيها ليؤكد لك هذا , لو أخبرتك أين يعمل فستصاب بالرعب , لكنني لا أريد تصعيد الأمر .
- هل لديك مصحف ..سأحلف لك عليه أنني رسمت اللوحة من الخيال ..الخيال فقط .
- وأنا سأحلف لك على نفس المصحف أن المرأة الموجودة في اللوحة هي زوجتي .
لم تخطر في بال الرسام يوما مثل هذه المعضلة ..وفكر فيما لو كانت الحكاية كلها مجرد مزحة ثقيلة أو مقلبا سمجا ..لكن أفكاره توقفت وهو يسمع الرجل يقول:
- الحل هو في إتلاف هذه اللوحة .
- إتلافها ..
تناول الرجل اللوحة من المقعد الخلفي ..سحبها من بروازها ..وطواها ثم مزقها , مرة ومرتين وثلاث وأربع ..ثم قال للرسام ..
- الآن تفضل وأرجو أن لا يكون لديك صورا أخرى لزوجتي

*لـ صلاح القرشي


رمل*

" رش خفيف جلى وجه الرمل فأشرق ، سمرات البر تشبهني أو أشبهها ؛ من مطر لمطر لا تغادر ، ولا تنحني .. أنا سعيدة يا صديقي .. الرش يغسل روحي "
رسائلها القليلة حين تأتي تجلو روحي الصدئة ، أتلوها وابتسم .. بالأمس فقط غيرت اسمها في جوالي ( سميتها عشتار )
هل أجرب البر لعلي أعشقه كما يليق ببدوي ؟
تذكرت مكالماتنا القليلة الباردة ، وقررت أن يكون لدي ما أحكيه لها في اتصالي الآتي ..

أجمع صغاري ونركب ، تشجعهم نصف ابتسامة على وجهي فيغنون ، ويطلع لي وجهها في المرآة بينهم ، وأتفكر : منذ متى توقفت عن عد الأيام مذ صرت أمهم وأباهم ؟
على كتف الصحراء نقف ، ينسلون شطر الرمل ، وأحفهم بعيني ..
يجوسون في المكان ويبرقشون وجهه العتيق بخطواتهم الحافية ، ثم يعودون .
لغتي تضيق عما يناسب موقفاً استثنائياً كطلعة بر فأخفي وجهي في كيسي المتقشف .
أفرش سفرتي البلاستيكية وأفتح علبي القليلة وأوزع الخبز وأوامري .
يلتهم الأولاد فطورهم وأمضغ معه توجيهاتي ورملاً تسفي به ريح فتية إليّ .
مع قطعتي الأخيرة أتذكر أني نسيت الكرة ، وأفكر كم من الأعين في أعطاف هذا الرمل ستستفهم عن " الأجنبي* " وأطفاله الذين لا يعرفون من البر أكثر من فضاء أوسع للأكل .
أجمع ما بقي ويتبعثر الصغار من جديد ، وأتذكرها أخرى ( أمهم ) ، وأسألني : منذ متى بهتت صورتها ؟ منذ متى استبدلت كرهها بحقدي لأنها خلتني معهم ؟
لو كان لأفكاري صوت وسمعتني أمي لاستغفرت ثم قالت : " مقدر ومكتوب " ولربما بعد قليل - حين تتذكر كم صارت الكلمة تؤلمني - ستقترف ست أوسبع جمل قبل أن تجد موضوعاً يحمي صوتي من أن ينزلق في البؤس .
ومتقمصاً لسان أمي أصرفني لغير الراحلة ، وأستحضر عشتار امرأة أشكلها كل يوم ، ويلهيني جمال روحها وصوتها عن أرسم تفاصيل جسدها الذي لا يقربه لسانه ولو بفلتة ، أتمناها ، لو أستطيع أن أكتب لها الآن !
ماذا أقول لها ؟!
الناس لا يفهمون الحقيقة حين أقدمها بلا ملابس ، ولا يفهمونني فيبتعدون وأتألم ..
أنادي صغاري ، يلتمون وعيونهم على شفتي وأحكي :
هي عادة قديمة لأجدادكم وسنحييها اليوم
إذا ضاقت صدور أجدادكم أتدرون ما يفعلون ؟
- يغنون . قالت الوسطى
ضحكت : صحيح ، ولكن إذا ضاق صدر أحدهم جداً راح للبر ، يحفر حفرة صغيرة ، يحكي فيها ما يوجعه ويدفنه ، والآن سنفعل مثلهم .
قال أنضرهم : لا يوجد ما يضايقني ؟
قلت : احفر حفرة وضع فيها أمانيك ..
أردت أن أكمل : ولا تدفنها حتى لا تكون فأل سوء ، لكنهم كانوا قد انتشروا .
بقيت الكبرى ، قالت : سأحفر اثنتين يا أبي ، واحدة لما يقهرني ، والثانية لما أريده .
أومأت مباركاً وراحت .
انتحيت بحدبة قريبة أنبش جذرها ، وأحفر ويتهايل ما حوله دافنا ما أحفر .
أقيم كفي الأيمن كتفاً أعلى للحفرة تحمي سافلها من عاليها ، وحكيت : " صدري يوجعني ، راحت لا أسعدتني بوجودها ولا رحيلها أراحني ، هم يحتاجونني وأنا تعب ، يدي باردة ، وقلبي فاضي .. قلبي يوجعني يا رب "
رفعت كفي فغمرت الحبات المستديرة الشفافة نصف الحفرة ، ومسحت وجهها بكفي مساوية باقيه .
عن يساري حفرت أخرى أصغر ، ثم صرت أقبض على الرمل وأذروه فيها ومع كل قبضة أمنية .
صغاري الذين فرقتهم الحفر يجمعهم اللعب الآن ..
أوسد رأسي الرمل وأعلق عيني على السماء ، زرقتها تبهت بالاعتياد ..وأتذكر أنا أن دفن الأوجاع طقس مؤنث ، وأتساءل : هل تغلغلت فيّ أمومتي الحادثة لذا الحد ؟
نركب مغادرين وبعض الطبول تقرع قرعاً أولياً هنا وهناك ، أكتب لعشتار : " الدواسر كائنات من طرب "
حين أدير وجه السيارة أنظر للمكان ، فيبدو لي تكتمه مهيباً ، أوجاعنا لم تغير في سحنته شيئاً ..
أحسد الأرض ، وأنشد وصغاري يرددون

*لـ أمل الفاران


دخلت بلادكم بأسمالي*

لسببٍ ما ماتت أمي, وأرخى بيتـُنا الكبير كفاً من الغربة..
لسبب ٍما امرأة أخرى جرّتْ عقِب الباب خلفها مثل ذيل. طفل ما لن يسمع صوتي. لسبب أكثر غرابة تحرّر اسمي من الكنية؛ أصبح مجرد اسم عادي لا ماء فيه ولا شجر.. لا طفل يأوي بعد المدرسة!.
لسببٍ ما غارتْ غرفةٌ ملونة من بيتي. اختفى الجرفُ و صواتٌ يومي كأنه الشقشقة!. حتى أن السعفات التي أهش بها أحلامه.. هي أيضا ذوَتْ كأنها الشمس!. غارقةٌ في ما يشبهُ الغيم, خفيف وبارد, لا يكاد يحملني؛ كلما تداعى عضوٌ أسندني هواء. مالذي أنا فيه؟!.
التراتيل من جهاتها, الشمس تزاحم الريب.. و تعثرُ بحقيبة طفل. صبية يحاصرون كرةً بأحلامهم, برْقٌ.. حفّارةٌ تجد لها مكاناً في الفوضى, و عرَقٌ أسمعهُ جيدا يحدِّثُ جبيناً أسمراً!. ياردتان فقط ما تفصل بين العابر وسيارة نزقة. أرى جيدا مصابيح نيون معلقة في الهواء. معلقة كالصدى!.

مالذي أنا فيه؟!
لسبب ما قصرت أصابعي, عن الطاولة انزاح مرفقي, وسقط رأسي على هذه الورقة التي أحاكي.. ليست أصابعي ولا هذا الرأس الذي أبيضّت حواسه ما يكتب الآن.. ما يمكنكم أن تسمونها روح هي ذي أنا, ناعمة في ما يسمى الملكوت. أطفال يكشطون الحروف بأقدامهم, ويتشقلبون في فضاء الغيب الكبير!..

لسبب ما أتذكر نافذة بيتنا القديم الذي أرخى يباباً, و أنه لم يكن جسدي ذاك الذي يقلبه المخاض ذات اليمين وذات الوهن!. الصراخُ شاهرٌ وحاد, في غرفة يسترها الله بالملائكة.. لسبب ما لا أتذكر من تلك النافذة إلا أضلاعها الأربعة وأضلاعي التي أوجعتني حدّ الطلقْ, وحد صياح الصبيّ خارجا من دمائي!.. و خارجة أنا من عذريتي.. داخلة في محراب من التفكّر منذها!..

لسبب ما فقدَ والدي حواسه ورجليه وقدرته على الظلم والحقد والنقمة و المكائد. و لسبب ما احتفظ له القدر بماء عينيه, لتنـزفان كأنهما مطر يعقم الأرض!. لسبب ما تفرق شمل الأشياء, الأسماء, الجهات, الحدس, الانتظار, المناسبة, الفتن, النجوى, الأرصفة, ليلة العيد, ليلة العيد, ليلة العيد وأختي!.
أختيْ لسبب ما فرّت من بين غفواتي, فرّت كأنها الدخان, و أنا القارورة.. كأنني الغمدُ وأنها النصل, كأنني الوردة وأنها الطفل!. لسبب ما خطفت ملابسَها من صدري, ورائحتها, وصوتها, وشقاوتنا, وخرجت مع أول جدار!. الأمر الحزين جدا أنها مكثت في مكان كأنه المكان, وكأنه الضباب, هناك مع طفلي؛ في برزخٍ لا يحيون فيه ولا يموتون, أشباح/ أشباح كأنهم الحلم !لسبب ما عاث فيّ دماء وقيح وجلد محترق يتبدل, ورائحة.
لسبب ما الوجوه تضمر, و تحترق الصور!

*لـ كوثر محمّد


للأمانة إخترت القصّة لأجل الإسماء فقط لأنّها أسماء لها خوضٌ في هذا المجال الجميل

الاستاذ عبد العزيز رشيد
بصراحة هذه قصص رائعة جدا وتختلف في اسلوب السرد
الا اني وجدت قصة اللوحة تمتاز باسلوب القصة الكلاسيكية
من هدوء اللغة وابراز جماله وروعة الفكرة
كل الشكر لك
واعجابي الشديد بالقصص التي اخترتها لنا
وبانتظارك مجدداً

ياسر خطاب
04-01-2008, 02:46 AM
الأستاذ الفاضل ياسر خطاب

تحية طيبة

أشكرك لإدراجك هذا الموضوع القيم، والحقيقة إن الأسئلة التي طرحتها مهمة بلا شك، وتدخل في صميم تركيب هذا الجنس الأدبي.
وأتمنى أن نصل جميعاً مع الأخوة الأفاضل إلى نتيجة متقاربة حول ماهية ما ذكرت.
وإني لأدعو الأستاذ الفاضل خالد صالح الحربي لتناول الموضوع وكافة الأخوة الأفاضل، لي عودة
وليتقبل الجميع فائق احترامي لحراكهم الثقافي هذا.

الاستاذ محمد هاشم الآلوسي
شكراً لقبولك الدعوة وأحببت أن نستفيد من خبرتك في هذا المجال
لعلمي بتميزك فيه .
بانتظار خبرتك

د. منال عبدالرحمن
04-01-2008, 12:02 PM
الأستاذ الكريم ياسر خطاب ,

هذه الورشة النشيطة هنا , سوف تضيف حتماً شيئا ما إلى سير كتابة القصة القصيرة في أبعاد , الجميل أن نتناقش في الأفكار حتى نصل لما نريده .


بالنسبة لرؤيتي حول القصة القصيرة من خلال قراءاتي البسيطة في هذا المجال , أجد أن القصة القصيرة ليست مجرد سرد لأحداث بشكل حيادي و إن روح الكاتب و رؤاه و خبراته الطويلة يجب أن تكون حاضرة , لأن القصة القصيرة فن يهدف إلى ايصال الرؤى الخاصة للكاتب من خلال أحداث ووقائع يراها و إلا تحوّلت إلى الأسلوب التقريري . لذا فإن ذات الكاتب لا بد أن تظهر في الأحداث الموجودة في قصّته , وهنا يجب القول أن هناك فرق بين أن يتحدّث الكاتب عن نفسه أو أن يقوم باسقاط رؤيته على شخصيات القصة وأحداثها بعيدا عن المثالية و السمو بالذات و سطوة الانا .

نقطة أخرى : برايي أن ا لغموض في القصة لا ينفي عنها صفة الجمال , ولا ننسى أن همنغواي هو رائد في هذا المجال حيث اعتمد أسلوب ايصال القارئ لنقطة يعتقد فيها انه اقترب ليجد نفسه بعد ذلك بلحظة بعيدا كلّ البعد عما ظنّه , و بهذه الطريقة فإن القارئ يكون أكثر شوقا لمعرفة التتمة و يكون فكره حاضرا لتخمين الأحداث التالية .


- هناك كُتّاب قاموا بكتابة القصة القصيرة على شكل خاطرة , أو قصيدة شعرية .. و هذا فنٌ آخر , همنغواي مثلا طرق هذا المجال .


وبتتبع مسيرة كتاب القصة القصيرة الكبار , نجد أنّ تنوّع اتّجاهاتهم ونجاحهم الباهر في ايصال أفكارهم الجديدة عن القصة القصيرة كان كفيلا بانشاء مدارس للقصة القصيرة تختلف عن بعضها كل الاختلاف , و تلتقي في نقطة أن القصة القصيرة أحد الفنون الادبية الذي ينطبق عليه القول , السهل الممتنع .


ما زال في مخيلتي العديد من الأافكار سأعود لطرحها بعد أن أرتّبها .


النقاشُ هنا سيكون مثمراً حتماً .



شكراً لك الأستاذ ياسر .

ياسر خطاب
04-01-2008, 06:15 PM
الأخت الكريمة منال عبد الرحمن
مؤكد أن النقاش سيثمر مادام أمثالك
يعير هذا الفن البديع اهتماما بالغاً
وأفضّل إن كان لديك مثالاًً عن القصة القصيرة
أن تعرضيه هنا في هذا القسم ثم تناقشيها
مع من يرغب من الأعضاء كي يكون الفائدة حيوية أكثر ...
شكراً لك الاهتمام الزائد وننتظر عودتك
بشوق حب التعلم.

سعد المغري
04-04-2008, 11:20 AM
الاستاذ النشيط جداً سعد المغري
معلومات القيمة التي ذكرتها سيستفيد منها كل من مرّ هذا المتصفح
فشكراً لك على الاهتمام وعلى ما بذلت من جهد وتعب حتى تفيدنا
ولكن اسمح لي بسؤال :
قصة "عصرنا " في أي نوع من أنواع القصة تندرج
بالنسبة لي قد أصنفها ( لجهلي بهذا المجال ) تحت اسم القصة القصيرة
لأني رأيتها قصيرة فقط .
فإن كانت كذلك فأين الشخصيات وأين الحدث كما ذكرت آنفا في مداخلتك ..؟

لك محبتي واحترامي ... بانتظار مداخلتك

ياسر . لقد وضعت رد لكنه للأسف حُذف..

وقصة عصرنا(قصة قصيرة جداً) وليست قصة قصيرة..
وأرجو منك أن تعذرني ولي العودة اليوم إن شاءالله..
لإكمال هذا المتصفح الثري.
الذي تشكر كثيراً عليه..

ياسر خطاب
04-04-2008, 11:56 PM
سعد المغري
ممتن لك هذ التفاعل
وبانتظار عودتك بشغف المعرفة
شكرا لك

جرير المبروك
04-05-2008, 03:41 AM
الاستاذ ياسر ومن بعده الأخوة الاكارم :
لكم جميعا احترامي الكبير و تقديري
اما بعد:
جال في مجال الادب و هو مذهب محدث ما يسمى بالمسرح العبثي او "القصة العبثية" , مع تحفظي الشديد على هذا المذهب والتسمية الا أنه موجود
و بشكل ليس بقليل كما اعلم فمسرحية "بانتظار غودو" و " الفراغ" .و القصة القصة القصيرة "نصف النهاية " لأحد الكتاب الفرنسيين
هو دليل على وجود مثل هذا الضرب من القصة .
فأرجو أن تجدوا لكاتبة القصة ومن ثم لي عذراً في اقتفاء مثل هذا الادب......؟؟؟؟؟!!!! من اراد ان يرميني بفاكهة فلا تكن سفرجل.
و السلام