خميس الوشاحي
07-01-2008, 09:14 AM
يا سادة الماء يا سباع المواني
من زنجبار لساحل الهند لعمان
ما يستون الناس قاصي وداني
لو تستوي في حكمة المشط الأسنان
الأول انتوا والمشاهير ثاني
يمروضين الموج بعزوم الإنسان
مسقط مراكبها من الزعفران
والها مجاديف من الساج والزان
وإذا ذكرت السندباد العماني
اليم جلسته على عرش الأوزان
مدحي لكم ماهو طرا يف لساني
لعل ماني كان، ما اصدقكم لسان
يا أهل القبور الطيبة المرحباني
وأهل الكرم من ساحل الهند لعمان
نايف صقر،، رمز من رموز الحركة الشعرية في المنطقة، ومن الظلم المرور على اسم كاسمه مرور الكرام حاله في ذلك حال قلة من الشعراء الذين يجبرونك على تتبع تجربتهم باهتمام، هو احد الأسماء المتشحة بالجمال والساعية إلى الارتقاء بمستوى المتلقي في زمن نزل فيه كثير من الرواد من مستوياهم من اجل الجمهور وما تبع ذلك من بحث وراء المادة وما شابه،في هذا النص والذي ألقاه في افتتاح أماسي مهرجان مجلس الشعر الشعبي العماني الثاني اتبع خلاله نايف أسلوبا مميزا كعادته،فقد خاطب الحاضر العماني بماضيه، وفيه اظهر إطلاعا واضحا بماضي المنطقة بشكل عام والسلطنة على وجه الخصوص، فبداية من البيت الأول
يا سادة الماء يا سباع المواني
من زنجبار لساحل الهند لعمان
هنا نشاهد مدخلا جميلا وعير مألوف،، ورغم أن الشاعر بداء ب يا المنادى وهو أمر شائع الحدوث في أوساط القصيدة بشقيها بشكل عام من اجل شد انتباه الطرف الأخر(المتلقي)لكن المنادى هنا ((سادة الماء)) جاء مختلفا وفخما بما تعنيه الكلمة من معنى ، وقد وفق الشاعر كثيرا في افتتاح نصه بهذا اللفظ وهو ما يضمن له نفسا شعريا قادرا على الامتداد كامتداد هذا الماء أو البحر كما أراده الشاعر بالتحديد، لقد عرفت عمان على مر الأزمنة نتطور الملاحة والأساطيل البحرية العمانية بداية من عصر الإمام سلطان بن سيف اليعربي والذي تم خلاله طرد البرتغاليين وكسر احتكارهم لمواني الخليج والمحيط الهندي منذ بداية القرن السدس عشر مرورا بدولة (البوسعيد) وبالتحديد زمن السيد سيف بن سلطان حيث كان الأسطول العماني الأبرز على مر التاريخ،خلاصة القول نستطيع الإيجاز أن لفظ سادة الماء لم يطلقه الشاعر جزافا وإنما جاء نتيجة إطلاع الشاعر على الماضي العماني،، وكان أكثر ملائمة من ألفاظ أخرى كان بامكانه استعمالها (كسادة الأرض) أو (سادة البحر) مثلا لكون الماء يعادل ما مقدرة ثلاثة اضعاف اليابسة وهي نتيجة علمية قد يجهلها البعض،، واستمر الوضع في بقية البيت بقولة (ياسباع المواني)مرورا ب من زنجبار لساحل الهند لعمان وهو ما يلخص كما أسلفنا التواجد العماني في أفريقيا مرورا بخليج البنغال في المحيط الهندي وصولا الى بحر العرب وخليج عمان.
ما يستون الناس قاصي وداني
لو تستوي في حكمة المشط الأسنان
في هذا البيت بالتحديد تظهر مقدرة الشاعر في قدرته على إعادة صياغة الصور الدارجة والمستهلكة بطريقة تحديثية جميلة فارتباط (المشط) وهو جماد بصفة لحي (الحكمة) في قوله حكمة المشط ما يثبت أن لنايف مقدرة لا يمكن تجاهلها، فرغم كون الشطر الأول مستهلك كثيرا إلا أن الشطر الثاني وبالتحديد(حكمة المشط) أعادت بث الحياة في البيت وأعطت المتلقي دلالة أكثر وضوحا بوعي الكاتب وأصبح البيت وكأنه يقرا للولهة الأولى
الأول انتوا والمشاهير ثاني
يمروضين الموج بعزوم الإنسان
يواصل نايف إبحاره في بحار عمان، فكما هو معروف كان الإنجليز يطلقون على أنفسهم لفظ(المشاهير أو أمراء البحار) وكان الأسطول الإنجليزي المنافس الأوحد للأساطيل العمانية،، هنا نايف يريد القول:إنكم انتم يا أهل عمان في المقدمة وبقية الأساطيل تاتي في الصفوف الأخرى، وعاد من جديد ليستخدم (حكمة المشط) ولكن هذه المرة في (ترويض الموج) من خلال قوله يمروضين الموج بعزوم الإنسان، فالترويض يكون للدابة والموج يظل جمادا وان كان في عين أهل البحر مثالا للحياة،بل هو الحياة بعينها.
مسقط مراكبها من الزعفران
والها مجاديف من الساج والزان
ف مسقط هنا مجرد رمز لواقع ينطبق على جميع مدن السلطنة الساحلية قديما كصور وصلالة وصحار وشناص.....الخ والتي عرف أهلها بعشقهم للبحر وهو ما يرمز إلى شموخ الإنسان العماني وكبرياه في مواجهة الصعاب ،،في حين جاء الشطر الثاني (والها مجاديف من الساج والزان) استكمالا للشطر الاول ،، فالساج والزان وكما أوردت معاجم اللغة أشجار كبيرة لها أخشاب شديدة القساوة وطويلة التعمير وهنا يشير الشاعر من خلالها إلى قوة الإنسان العماني وعظم جلده،، لكن ما لم أجد له تفسيرا من وجهة نظري استخدام صورة (مراكبها من الزعفراني)،، فالزعفران يظل نباتا هشا رغم طيبته فكان الاحرى بالشاعر البحث عن لفظ أخر أو صورة أخرى أكثر ملائمة للحالة التي يصفها علاوة على تطويعه لمفردة الزعفران بحيث توافق القافية ،، لكن رغم ذلك يظل البيت قويا ومتماسكا ويظل نفس القصيدة العام في تصاعد ملموس..
وإذا ذكرت السندباد العماني
اليم جلسته على عرش الأوزان
هذا البيت بالتحديد يقبل تأويلين كلاهما صحيحين فالسندباد هنا قد يقصد به الشاعر (جلالة السلطان اطال الله في عمره)فهو ربان الأسطول العماني الحديث وقائده الذي سار به إلى أن وصل لما وصل إليه اليوم، وهذا تأويلا اقرب إلى الدقة قياسا على البيتين التاليين لهذا البيت وهنا نشاهد انتقالة جميلة وغير محسوسة من الوصف التاريخي لوصف الحاضر العماني لدرجة قد لا تشعرك باختلاف الأزمنة ،
والتأويل الثاني قد يقصد بالسند باد العماني (احمد بن ماجد) والذي أطلق عليه هذا الوصف لنبوغه في علوم البحار وهو رجل عماني غني عن التعريف رغم نسب بعض الدول هذا الرجل لها!!! لكن الأدلة تقول انه عماني وهو ما برهنه التاريخ.
وفي الشطر الثاني من البيت(اليم جلسته على عرش الاوزان) صورة مبتكرة لا اعتقد أن شاعرا سبق نايف لها رغم سهولتها وسلاستها أيضا، وفي ذلك تأكيد أخر على الملكة الشعرية لنايف وهي طريقة اللاتصنع وهو ما لا يجرد القصيدة من روحها وفي نظر الآخرين روحانيتها أيضا.
مدحي لكم ماهو طرا يف لساني
لعل ماني كان، ما اصدقكم لسان
يا أهل القبور الطيبة المرحباني
وأهل الكرم من ساحل الهند لعمان
في هذه الابيات خاتمة مميزة لنص ارى من وجهة نظري انه انصف كثيرا الماضي العماني واستطاع من خلاله الشاعر استثمار حالته الشعرية وانسكاب الأفكار ليضعها في قالب مميز ،،لكم ما تجدر الاشارة له في البيت الاخير بالتحديد استخدامه لمفردة (المرحباني) فالمرحباني لفظ يطلق في العامية ع الشخص البشوش واسع الصدر وهنا استخدمها الشاعر للتعبير عن سعة قلوب أجدادنا العمانيين وفي ذلك كناية عن عظم أفعالهم وتضحياتهم على مر العصور .شكرا لنايف هذه القصيدة نيابة عني وعن كل مواطن عماني وشكرا لمجلس الشعر وللسيد فاتك على استقطابه لشعراء في حجم نايف يساعدون بلا شك في اثراء الحركة الشعرية العمانية.
خميس الوشاحي
29/مايو /2008__شناص
تم نشر القراءة في صفحة الادب النبطي بجريدة عمان 24/06/08
من زنجبار لساحل الهند لعمان
ما يستون الناس قاصي وداني
لو تستوي في حكمة المشط الأسنان
الأول انتوا والمشاهير ثاني
يمروضين الموج بعزوم الإنسان
مسقط مراكبها من الزعفران
والها مجاديف من الساج والزان
وإذا ذكرت السندباد العماني
اليم جلسته على عرش الأوزان
مدحي لكم ماهو طرا يف لساني
لعل ماني كان، ما اصدقكم لسان
يا أهل القبور الطيبة المرحباني
وأهل الكرم من ساحل الهند لعمان
نايف صقر،، رمز من رموز الحركة الشعرية في المنطقة، ومن الظلم المرور على اسم كاسمه مرور الكرام حاله في ذلك حال قلة من الشعراء الذين يجبرونك على تتبع تجربتهم باهتمام، هو احد الأسماء المتشحة بالجمال والساعية إلى الارتقاء بمستوى المتلقي في زمن نزل فيه كثير من الرواد من مستوياهم من اجل الجمهور وما تبع ذلك من بحث وراء المادة وما شابه،في هذا النص والذي ألقاه في افتتاح أماسي مهرجان مجلس الشعر الشعبي العماني الثاني اتبع خلاله نايف أسلوبا مميزا كعادته،فقد خاطب الحاضر العماني بماضيه، وفيه اظهر إطلاعا واضحا بماضي المنطقة بشكل عام والسلطنة على وجه الخصوص، فبداية من البيت الأول
يا سادة الماء يا سباع المواني
من زنجبار لساحل الهند لعمان
هنا نشاهد مدخلا جميلا وعير مألوف،، ورغم أن الشاعر بداء ب يا المنادى وهو أمر شائع الحدوث في أوساط القصيدة بشقيها بشكل عام من اجل شد انتباه الطرف الأخر(المتلقي)لكن المنادى هنا ((سادة الماء)) جاء مختلفا وفخما بما تعنيه الكلمة من معنى ، وقد وفق الشاعر كثيرا في افتتاح نصه بهذا اللفظ وهو ما يضمن له نفسا شعريا قادرا على الامتداد كامتداد هذا الماء أو البحر كما أراده الشاعر بالتحديد، لقد عرفت عمان على مر الأزمنة نتطور الملاحة والأساطيل البحرية العمانية بداية من عصر الإمام سلطان بن سيف اليعربي والذي تم خلاله طرد البرتغاليين وكسر احتكارهم لمواني الخليج والمحيط الهندي منذ بداية القرن السدس عشر مرورا بدولة (البوسعيد) وبالتحديد زمن السيد سيف بن سلطان حيث كان الأسطول العماني الأبرز على مر التاريخ،خلاصة القول نستطيع الإيجاز أن لفظ سادة الماء لم يطلقه الشاعر جزافا وإنما جاء نتيجة إطلاع الشاعر على الماضي العماني،، وكان أكثر ملائمة من ألفاظ أخرى كان بامكانه استعمالها (كسادة الأرض) أو (سادة البحر) مثلا لكون الماء يعادل ما مقدرة ثلاثة اضعاف اليابسة وهي نتيجة علمية قد يجهلها البعض،، واستمر الوضع في بقية البيت بقولة (ياسباع المواني)مرورا ب من زنجبار لساحل الهند لعمان وهو ما يلخص كما أسلفنا التواجد العماني في أفريقيا مرورا بخليج البنغال في المحيط الهندي وصولا الى بحر العرب وخليج عمان.
ما يستون الناس قاصي وداني
لو تستوي في حكمة المشط الأسنان
في هذا البيت بالتحديد تظهر مقدرة الشاعر في قدرته على إعادة صياغة الصور الدارجة والمستهلكة بطريقة تحديثية جميلة فارتباط (المشط) وهو جماد بصفة لحي (الحكمة) في قوله حكمة المشط ما يثبت أن لنايف مقدرة لا يمكن تجاهلها، فرغم كون الشطر الأول مستهلك كثيرا إلا أن الشطر الثاني وبالتحديد(حكمة المشط) أعادت بث الحياة في البيت وأعطت المتلقي دلالة أكثر وضوحا بوعي الكاتب وأصبح البيت وكأنه يقرا للولهة الأولى
الأول انتوا والمشاهير ثاني
يمروضين الموج بعزوم الإنسان
يواصل نايف إبحاره في بحار عمان، فكما هو معروف كان الإنجليز يطلقون على أنفسهم لفظ(المشاهير أو أمراء البحار) وكان الأسطول الإنجليزي المنافس الأوحد للأساطيل العمانية،، هنا نايف يريد القول:إنكم انتم يا أهل عمان في المقدمة وبقية الأساطيل تاتي في الصفوف الأخرى، وعاد من جديد ليستخدم (حكمة المشط) ولكن هذه المرة في (ترويض الموج) من خلال قوله يمروضين الموج بعزوم الإنسان، فالترويض يكون للدابة والموج يظل جمادا وان كان في عين أهل البحر مثالا للحياة،بل هو الحياة بعينها.
مسقط مراكبها من الزعفران
والها مجاديف من الساج والزان
ف مسقط هنا مجرد رمز لواقع ينطبق على جميع مدن السلطنة الساحلية قديما كصور وصلالة وصحار وشناص.....الخ والتي عرف أهلها بعشقهم للبحر وهو ما يرمز إلى شموخ الإنسان العماني وكبرياه في مواجهة الصعاب ،،في حين جاء الشطر الثاني (والها مجاديف من الساج والزان) استكمالا للشطر الاول ،، فالساج والزان وكما أوردت معاجم اللغة أشجار كبيرة لها أخشاب شديدة القساوة وطويلة التعمير وهنا يشير الشاعر من خلالها إلى قوة الإنسان العماني وعظم جلده،، لكن ما لم أجد له تفسيرا من وجهة نظري استخدام صورة (مراكبها من الزعفراني)،، فالزعفران يظل نباتا هشا رغم طيبته فكان الاحرى بالشاعر البحث عن لفظ أخر أو صورة أخرى أكثر ملائمة للحالة التي يصفها علاوة على تطويعه لمفردة الزعفران بحيث توافق القافية ،، لكن رغم ذلك يظل البيت قويا ومتماسكا ويظل نفس القصيدة العام في تصاعد ملموس..
وإذا ذكرت السندباد العماني
اليم جلسته على عرش الأوزان
هذا البيت بالتحديد يقبل تأويلين كلاهما صحيحين فالسندباد هنا قد يقصد به الشاعر (جلالة السلطان اطال الله في عمره)فهو ربان الأسطول العماني الحديث وقائده الذي سار به إلى أن وصل لما وصل إليه اليوم، وهذا تأويلا اقرب إلى الدقة قياسا على البيتين التاليين لهذا البيت وهنا نشاهد انتقالة جميلة وغير محسوسة من الوصف التاريخي لوصف الحاضر العماني لدرجة قد لا تشعرك باختلاف الأزمنة ،
والتأويل الثاني قد يقصد بالسند باد العماني (احمد بن ماجد) والذي أطلق عليه هذا الوصف لنبوغه في علوم البحار وهو رجل عماني غني عن التعريف رغم نسب بعض الدول هذا الرجل لها!!! لكن الأدلة تقول انه عماني وهو ما برهنه التاريخ.
وفي الشطر الثاني من البيت(اليم جلسته على عرش الاوزان) صورة مبتكرة لا اعتقد أن شاعرا سبق نايف لها رغم سهولتها وسلاستها أيضا، وفي ذلك تأكيد أخر على الملكة الشعرية لنايف وهي طريقة اللاتصنع وهو ما لا يجرد القصيدة من روحها وفي نظر الآخرين روحانيتها أيضا.
مدحي لكم ماهو طرا يف لساني
لعل ماني كان، ما اصدقكم لسان
يا أهل القبور الطيبة المرحباني
وأهل الكرم من ساحل الهند لعمان
في هذه الابيات خاتمة مميزة لنص ارى من وجهة نظري انه انصف كثيرا الماضي العماني واستطاع من خلاله الشاعر استثمار حالته الشعرية وانسكاب الأفكار ليضعها في قالب مميز ،،لكم ما تجدر الاشارة له في البيت الاخير بالتحديد استخدامه لمفردة (المرحباني) فالمرحباني لفظ يطلق في العامية ع الشخص البشوش واسع الصدر وهنا استخدمها الشاعر للتعبير عن سعة قلوب أجدادنا العمانيين وفي ذلك كناية عن عظم أفعالهم وتضحياتهم على مر العصور .شكرا لنايف هذه القصيدة نيابة عني وعن كل مواطن عماني وشكرا لمجلس الشعر وللسيد فاتك على استقطابه لشعراء في حجم نايف يساعدون بلا شك في اثراء الحركة الشعرية العمانية.
خميس الوشاحي
29/مايو /2008__شناص
تم نشر القراءة في صفحة الادب النبطي بجريدة عمان 24/06/08