المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رجــفــة الــخــوف - رواية


عبيد خلف العنزي
07-03-2008, 07:45 PM
الزمن : في شتاء عام 1810 للميلاد ..
المكان : لندن .. عاصمة بريطانيا العظمى
الوقت : الثانية عشرة والنصف ظهراً ..

توقفت عربة فاخرة تجرها اربعة خيول أمام منزل ذو طابع مهيب وعريق في قلب عاصمة الضباب .. وهبط منها شاب طويل القامة وسيم الملامح ابيض البشرة .. تشق الارستقراطية الانجليزية من عينيه السوداوان اللتان يطل منهما برود عريق صار يجري في دماء أغلب الإنجليز في تلك الحقبة ..
عدل الشاب هندام معطفه الرمادي ثم أجال بصره في الشارع قليلا ليتجه بعد ذلك نحو باب المنزل الذي كان مفتواحاً وعليه وقف خادم أنيق الملبس كان فيما يبدو بإنتظار السيد الشاب الذي نزع قبعته وهو يدخل عابراً الباب الكبير الى ردهة الاستقبال قائلا في هدوء :
صباح الخير يا بيترو .. ما الأمر ؟؟؟
أجاب الخادم وهو يتناول القبعة ويساعد الشاب في نزع معطفه :
صدقني لست أدري يا سيدي .. لقد طلبت مني الآنسه ان ارسل في طلبك على عجل وهي بإنتظارك في غرفة المكتب ..
ضبط الشاب وضع سترته السوداء قائلاً :
لا بأس .. أحضر لي قدحاً من القهوة وأدركني به إلى هناك .. قال ذلك واخذ يصعد السلالم متجها الى الطابق العلوي .. حتى وصل الى غرفة المكتبة فطرق الباب مستأذنا فلم يسمع أي جواي ..
فإندفعت اصابعه نحو مقبض الباب ليديره وهو يتقدم الى الداخل ..
ولم يكد يفعل ..
حتى إتسعت عيناه في دهشة حقيقية ..


** ** **

كانت قاعة المكتبة المنزلية مقلوبة رأساً على عقب .. والكتب زالخرائط والمخطوطات مبعثرة في ارجاء المكان بلا تنظيم ..
ووسط كل هذه المعمعة كانت هناك فتاة شقراء جميلة الملامح رشيقة القوام ترتدي فستاناً من قماش ابيض أنيق ولكنه متسخ ..
بدت الفتاة مستغرقة فيما هي فيه من بحث ونبش بين اكوام الاوراق والكتب حتى انها لم تحس بالشاب حتى ردد في دهشة :
كيت .. يا إلهي .. ما اللذي تفعلينه بحق السماء .. ما كل هذه الفوضى ؟؟؟ ..
رفعت كيت بصرها إليه وهي تقول مبتسمة :
أوه .. توماس .. لقد جئت في الوقت المناسب ..
تأمل الغرفة في عجب قائلاً :
مناسب ... ؟؟
مناسب لماذا ؟؟
ما اللذي دهاك لتقلبي المكان هكذا ..
إلتقطت كيت ورقة صغيره صفراء يلوح عليها القدم .. ثم قانت من وسط كومة الكتب لتتجه إليه وتمد كفها الناعمه بالورقة إلى توماس الذي التقط منديلاً ووضعه على انفه وفمه وهو يقول في ضيق واضح :
إنك ممتلئة بالغبار ..
ردت كيت وهي تناوله الورقة :
دعنا من هذا .. وإقرأ هذه الورقة ..
تناول توماس الورقه وعبر ببصره على كلماتها ..

عندما يموت الجراد .
وتسقط نجوم درب الخفاش الازرق
ويغادر سيث وكره المعتم ..
لتتحرر الارض المحرمة من لعنة الرب
ويحترق الصليب في عيون الشيطان
ليعتلي امير الظلمات عرشه
من جديد
لقد عاد الملك ..

كانت كلمات عجيبه ذات وقع غريب ومخيف .. ولكن ما شد توماس انها ممهورة بتوقيع والده الراحل إدوارد برايتون .. ومؤرخة بتاريخ عام 1790 م
شعر توماس برعده في نفسه بعد ان اتم قراءة الكلمات ورفع عينية لشقيقته قائلا :
ماذا .. ماذا تريدين من كل هذا يا كيت ؟؟
عقدت كيت كفيها وخذت تذرع الغرفة وهي تقول في حزم :
اريد ان اقول انك ورثت الارستقراطيه الجوفاء من والدتنا ..
المعنى يا كيت ؟؟؟
قالها توماس بضيق ..
المعنى ..
قالت كيت ذلك بتمعن ثم واصلت :
المعنى أنني متأكده بأن والدي لم يكتب هذه الكلمات عبثاً .. وأن وراء هذه الطلاسم سراً ما ..
وسر كبير يجعل والدي يحفظ هذه الورقة في محفظتة اوراقه الخاصة طوال تلك السنين .. لذلك انا انبش كل كتبه ومؤلفاته وسجلات رحلاته .. وخصوصا رحلته الى رومانيا التي كتب فيها هذه الورقة ..
لذلك اريد منك ان تساعدني في كشف هذا اللغز .
إزدادت حيرة توماس وهو يسألها :
وكيف ذلك .. ؟؟؟!
أشارت الى الكتب الغزيره المتراكمة وهي تقول في حماس :
هنا وسط هذه الكتب
اتسعت عيناه في إستياء مردداً :
وسط هذه الاكوام من الغبار والاتربه ... لابد أنك فقدت عقلك كما تقول امي دوما ...
تجاهلته وهي تدفع به نحو الكتب بينما واصل قائلاً : لماذا يا إلهي ... ؟؟؟
ولم تكون هناك فائده ..
فهي لن تتوقف .. إنه يعرفها جيداً ..

عبيد خلف العنزي
07-03-2008, 07:46 PM
مسح توماس عرقه الغزير بمنديله وهو يسعل قائلا في حنق :
عليك ان تغيري خادماتك يا كيت .. فالغبار يغطي كل شيء هنا ..
يبدو انك على حق ..
قالت كيت ذلك وهو منهكة ثم واصلت :
فإن باتريشيا قد اصبحت عجوزاً وعلى ما يبدو انها لم تعد تقوى على العمل كما كانت في السابق أيام والدي الراحل ..
إلتقت إليها توماس وقال في إهتمام :
كيت .. بدلاً من هذا العناء لماذا لا تسألي باتريشيا عن أي شيء تركه والدنا عن رحلته الى رومانيا .. فهي موجوده هنا في ذلك الوقت ..
تألقت عيناها مهي تغمغم في استبشار :
يبدو ان فيك نبضاً من والدنا .. فأنت تأتي بفكرة ذات قيمه وفي وقتها تماماً ..
قالت عبارتها وخرجت تنادي الخادمة العجوز باتريشيا على حين اغمض توماس عينيه في ارهاق وهو يتمتم :
ياله من يوم ...

** ** **

لم تكن باتريشيا خادمة من تلكم المربيات اللواتي يثرن النفس بل كانت في طابعها باردة قليلة الكلام لاتحوي نظراتها بأية إنفعالات مما جعلها تبدو كأنها من ابناء الطبقة المخملية الانجليزية
كانت باتريشيا مستغربة سر ايقاظها وحرمانها من قيلولتها .. إلا ان ذلك لم يظهر على ملامحها وهي تسأل ايمي بكل هدوء :
بماذا اخدمك آنستي ...؟؟؟
سألتها كيت :
منذ متى تعملين في منزل آل برايتون يا باتريشيا ..؟؟؟؟
من سبعة واربعين عاماً
أجابت الخادمة والقلق يدب في نفسها دون ان يظهر ايضا على ملامحها ..
تألقت عينا كيت في لهفة وهي تواصل :
إذن لابد وانك تعلمين شيئاً عن رحلة والدي لرومانيا ..
اتسعت عينا الخادمه العجوز في هلع .. وبدت الرجفة تحيق بها ولونها يصفر وهي تردد :
رو.. روما نيا ... يا إلهي ...
توترت كيت مما الم بالخادمه وهي تسألها :
ماذا هناك .. ؟؟؟ .... باتريشيا .. مابك ؟؟؟
خارت قوى الخادمه وهي تردد :
ليس ثانية ..
عصف الفضول بكيت وهي تمسك كتفي العجوز متسائلة بلهفة :
ما قصة والدي في رومانيا ... ؟؟؟
هبت باتريشيا من مقعدها وهي تندفع في نشاط غريب لا يناسب سنها الى خارج الغرفة في خطوات سريعه يطاردها الفزع لتصطدم بتوماس الذي قدم الى الغرفة توا فيتكئ على حافة الباب وهو يردد في عجب :
باتريشيا .. مابها .. يا إلهي ..
ثم واصل في غيظ :
الكل يتصرف بغرابة اليوم .. يبدو ان العدوى تنتقل سريعا في هذا البيت ..
قال عبارته وهو يدخل الى الغرفة ليجد كيت تجلس على مقد مقابل المدفأة وهي تسند ذقنها الى قبضتها في شرود ..
اقترب توماس منها ووضع يده على كتفها قائلا في دهشة :
ما الذي دهى باتريشيا .. ماذا حدث بينكما .. ؟؟؟!!!
اهتزت وكأنما تفيق من سبات عميق وهي تردد في شرود نسبي :
ماذا ... ماذا قلت يا توماس ؟؟
أعاد سؤاله في عجب :
سألتك عن ما حدث بينك وبين باتريشيا ... ؟
صمتت لحظه ثم قامت وهي تقول في حزم :
لا داعي للبحث بين الكتب والاوراق بعد الآن يا توماس ..
اتسعت حدقتاه ...
ماذا ... ما الذي جعلك تغيرين رأيك .. هذا ليس من عادتك ... ؟
قال عبارته في دهشه ..
بنما التفتت اليه كيت مجيبة في اهتمام :
عزيزي توماس .. ان كل ما نريده .. عند باتريشيا ..
في دهشة ردد :
عند باتريشيا .. كيف ذلك ؟؟
صمتت مجددا قم اتجهت الى الباب في عزم :
هيا يا توماس ... اتبعني
الى أين .. ؟؟
قالها في دهشة ..
الى غرفة باتريشيا ..
قالتها في تصميم وواصلت :
لن اتركها حتى انتزع منها كل ما اريده .. حتى لو خنقتها لتقر بما لديها
تخنقينها .... ؟؟؟!!!
قالها توماس بقمة العجب ثم واصل في سخط :
ما الذي جاء بي الى هنا منذ البداية ..

** ** **
وصل توماس من ايمي الى غرفة باتريشيا فطرقت كيت الباب بقوة ثم دفعته دون استئذان لتجد العجوز المسكينه واقفة أمام نافذة غرفتها تتأمل السماء في ذهول شارد حتى صلت اليها ايمي قائلة في حده :
باتريشيا ..
التفتت المسكينه اليها بوجه شاحب تجلت فيه الرهبه والترقب حتى ان توماس اشفق عليها وهو يخاطب كيت :
ترفقي بها ارجوك
ردت كيت :
لا لن افعل .. حتى تخبرنا ماذا كان من امر ابي في رومانيا ..
ثم واصلت في قوة وهي تقترب من وجه باتريشيا :
وسأفعل أي شيء ياباتريشيا من اجل ذلك .. هل تفهمين ..
أي شيء ..
تهاوت باتريشيا على مقعد قريب بعد ان عجزت قدماها عن حملها وهي تغمغم بصوت خافت :
حسنا ً .. سأخبركما بكل شيء

ظهر الانتصار على ملامح كيت وهي تجلس امام باتريشيا على طرف سرير تلك الاخيرة في حين عقد توماس ذراعية امام صدره وهو يرهف سمعه ..
وبدأت باتريشيا .. تروي ..

عبيد خلف العنزي
07-03-2008, 07:48 PM
بدأت الاحداث في منتصف عام 1765 عندما وصل اللورد إدوارد برايتون إلى رومانيا تلبية لدعوة رفيق دربه السير هاملتون الذي استقر في رومانيا منذ اكثر من خمسة عشر عاماً .. بعد ان تزوج هناك ..
لم يجد اللورد برايتون مضاضة في قبول الدعوة بعد أن انهى أعماله في ديوان الملك حيث انه يحتاج إلى اجازة وترفيه فهو منذ اكثر من خمسة سنوات لم يرتحل ولم يمارس هوايته المفضله في اكتشاف الحضارات ..
ورست السفينه (( نيروبي )) باللورد وخادمته باتريشيا الشابه ( في ذلك الوقت ) وتوجه اللورد الى قرية رفيقه هاملتون والتي تدعى ( تريلينيا ) ..
وبعد استقبال حافل قوبل اللورد به لدى مرزعة هاملتون حدث أمر غريب ..

فلقد وجد المزارعون جثة فتاة في الرابعة عشرة ..
والمثير ان الفتاة لم يكن في جسدها دم ..
ولم ينتهي الحال على ذلك
فلقد أكد الكثيرون أنهم شاهدوا الفتاة بعد دفنها تسير في القرية ليلاً ..
وبدأت المخاوف تزداد ..
خصوصاً بعد ان قتلت الفتاة أحد المزارعين في الجوار ..
وهنا تدخل اللورد برايتون بخبرته الطويله في الادغال واحراش افريقيا ليكون فريق بحث عن الفتاة ..
وبعد يومين وجد اللود الفتاة في القرب من نهر غوديري في شمال البلدة .. وبعد معركة حامية تمكن الفريق من القبض عليها .. فلقد عجزت البنادق عن التأثير فيها وكأنما هي منيعة ضد البارود على الرغم من انه يجرحها ويسيل الدم الاسود منها ..
وكانت المفاجأة الاغرب في كل تلك الاحداث ..
الفتاة كانت لها انياب حاده للغاية .. وبشرتها شاحبه شحوب الموتى .. وعينيها حمراوان بلون الدم
بإختصار ..
كانت وحشا .. وليست آدمية ..
وفي طريق العودة حاولت الفرار .. وعضت احد المرافقين مع اللورد فتصارع معها المزارعون حتى قام احدهم بضرب عنقها بالفأس .. ففصل رأسها عن جسدها ..
وهنا ... هنا فقط همدت ..
وعاد اللورد مع صاحبه هاملتون وهما يرتعدان فرقاً من تلك الليلة ..
وفي اليوم التالي .. تحول المزارع الذي عضته الفتاة .. فصار نسخة عنها وهاجم عائلته وفزعت القرية وبعد معركة تمكن المزارعون من القضاء عليه .. ولكن بعد ان عض زوجته وابنه الشاب وهنا تحفظ اللورد على الزوجه في مكان تحت حراسة جيده بينما هرب الشاب ..
وراقب اللورد تحول الزوجه في رهبه ...
فلقد شحبت كثيرا وكادت عيناها تخرجان من محجريهما ورفضت ان تأكل او تشرب ..
ثم طالت انيابها مع اكتمال اليوم التالي .. وهنا ادخل اللورد اليها قطة صغيره ولم يصدق ما رأته عيناه ..
فلقد انقضت المرأة على القطة وعضتها ثم أخت تشرب من دمها في نهم حقيقي ..
ولم يتوقف اللورد وأخذ يسجل في سجله اليومي ملاحظاته عن الموضوع .. وبعد يومين قرر ان يأخذها معه الى الجبل حتى يراقب تصرفاتها عن كثب .. وما ان اخرجها المزارعون من باب المنزل حتى صعقوا ..
فلقد بدأت بالصراخ ... وهي تنزع ثيابها في ثورة والدخان يتصاعد منها كما لو انها تحترق .. ثم تحولت بشرتها الى اللون الاحمر القاتم ثم تدريجياً الى السواد ..
لقد كانت تحترق فعلا من ضوء الشمس ..
وهمدت حركتها بعد ان تحولت الى جثة متفحمه بلا نيران او لهب ..
ولم يتوقف مسلسل الرعب ..
فلقد هاجم الشاب .. القرية مرات عديده ..
وصار هناك الكثير من الموتى الشاربي للدماء كما أسماهم أهل القرية ..
ولم يستسلم اللورد ورفيقه السير هاملتون .. بل كونا العديد من الفرق وافهموهم طريقة التخلص من شاربي الدماء وطوال شهرين .. انجزت الفرق عملاً عظيماً فعلا بالقضاء شبه التام على ذلك الرعب الذي سلب القرية راحة بالها ..
وهنا كان لابد أن يلتقي اللورد به ...
آركن

عبيد خلف العنزي
07-04-2008, 03:11 AM
توقفت باتريشيا عن الاسترسال وهي تتأمل وجهي كيت وتوماس اللذان يحدقان فيها بتمعن وقد شردت ابصارهما مع الاحداث ..
وما ان توقفت العجوز حتى قالت كيت بلهفه :
لماذا توقفت يا باتريشيا .. أكملي .. من هو آركن .. وما علاقته في الموضوع ؟؟؟؟
ثم واصلت وهي تفرك كفيها :
هيا .. لا تقتليني شوقاً
عند ذلك ساندها توماس :
نعم .. واصلي يا باتريشيا .. نريد معرفة ما حدث ..
هنا تنهدت باتريشيا وواصلت سرد الأحداث ..

** ** **

في عام 1522 كانت تريلينا في قمة مجدها تحت حكم الامير غرسيوم الذي حكمت سلالته المحاربه الاراضي الرومانية قرابة مائتي عام ..
وكان للأمير الشيخ إبن شاب يدعى ( آركن ) هو اصغر اولاده واحد افضل الفرسان في رومانيا كلها ..
وقد كان الفارس الشاب متيما بفتاة تدعى هنايا بارعة الجمال .. واشتهرت قصة حبهما في ارجاء المدينة الصغيرة وصارت حديث الجميع من كل الفئات . ولكن تجري الرياح بما لا يشتهي السَفِن
فلقد تعلق بهوى الفتاة الشابة أسقف من ابناء الكنيسة الكاثيلوكية ..
وبدأت المنافسة الغرامية بين الاسقف والامير .. هذا يستخدم سلطة والده .. وذلك يستخدم سلطة الرب التي أعطيت له على حد قوله .. والهدف هنايا ...
وتعبت الفتاة من مضايقات الاسقف وكل من ينتمي للكنيسه التي صار اسقفها يعطي صكوك الغفران لمن يساعده في التقرب من المحبوبه ..
وزاد الوضع على الامير الفارس ..
ولم يقر عينا حتى فعل المحتم عليه ان يفعله ..
عندما تطورت الاحداث وانتقل الى الكنسية معها ومع والده وحرسه ليقعد زواجه بها ..
وهنا ..
جن الاسقف ..
بل فقد صوابه ..
وترك لواء الرب .. ليرفع راية الحرب ..
وعزله الامير غرسيوم من منصبه بعد انكشاف مؤامراته ضد القصر .. ولم يتوقف الاسقف نهرون عن شره وغيه ..
ووصل الامير الى ان اختطف الاميرة هنايا ..
وهنا استعد الفارس الشاب كورون للحرب معه وجمع ثلة من فرسانه ليداهم مناطق الاسقف خلف النهر الاحمر بعد غابة الموت ..
ولكنه وصل بعد فوات الاوان .. فلقد اغتصب الاسقف هنايا .. ثم قتلها وصلبها بعد ان رفضت الانصياع له ..
وجن الفارس وعاد بجثة زوجته الى قصر والده لتقام مرام الدفن وليجهز جيشا اكبر من سابقه ويطارد الاسقف .. عبر طول رومانيا وعرضها .. وبعد عام كامل .. ظفر به ..
وبعد معركة عنيفه مع اتباعه تمكن منه .. وبعد ان افرط في تعذيبه .. اقام عليه طقوس الفرسان وعلقه على حربته التي تحمل راية القصر وشرب من دمه في نهم ..
وعاد الامير الى قصر والده حزينا .. فهو لم ينسى زوجته هنايا وما حدث لها ..
ومرض الشاب .. واعتلت صحته حتى شحبت ملامحه وحار في الاطباء .. ثم فارق الحياة ..
حزن الامير غرسيوم على صغير أولاده .. واقام له جنازة مهيبه ..
وخلال رقود جسد الامير الشاب داخل مذبح الكنسيه اختفى جثمانه ..
قال البعض ان من بقي من اتباع الاسقف اخذوه ليمثلوا به ..
وورد قول آخر وهو انه لم يمت وانه افاق وغادر مكانه ..
ولم تترجح أي من تلك الاقوال حتى انقضت ستة اشهر عندما وجد الامير غرسيوم جثمان ولده يطفو فوق النهر الاحمر ..
ليعود به الى القصر وتقام مراسم دفنه مرة اخرى .. ويسجى في قبره ..
ولم ينتهي الامر عند هذا الحد ..
فبعد يومين من دفن الامير الشاب آركن ..
أكد جمع كبير من اهل المدينه انهم شاهدوه يسير ليلا وهو يتشح بالسواد ..
طبعا القصر لم يصدق ذلك ..
حتى سقطت أول الضحايا ..
فتاة شابه .. وجدها اهل المدينة شاحبة الوجه .. فاقدة النطق ..
عند الجسر الذي يربط المدينة بالغابة ..
ولكن ما اصاب الكل بالذهول والخوف هو ان الفتاة كانت خالية من الدماء ..
ففي عنقها اثر نابين عميقين بدا انهما الطريقه التي نزعت بهما الدماء منها ..
وخرج اهل المدينه مع سقوط الضحية الرابعه في حملة ضد هذا الشر الغريب الذي لا مثيل له
وتكشفت الامور رويدا رويدا ..
لقد تحول الامير كورون الى شبح شاحب .. له قوة خرافية .. ليصبح ( الرجل الذي يعيش على الدماء ) كما اسماه اهل المدينة ..
وانتهى عهد الامير غرسيون واولاده الذي لم ينواتى ابدا في حماية مدينته من شر كورون ابنه الذي تحول الى مشخ يعيش على الدماء البشرية ..
وبقي آركن ..
وطوال مائتي عام .. من الفزع والرعب بقي كورون واتباعه يتجددون ويقتلون على ايدي اهل المدينه ..
ثم بعد رحيل عهد الفرسان ..
سكن آركن قلعة والده .. التي يسمونها منذ اقامته فيها .. ( القلعة السوداء ) ..

عبيد خلف العنزي
07-04-2008, 03:12 AM
بعد ان عرف اللورد برايتون هذه القصة عن آركن نقل حربه عليه الى القلعة السوداء .. وكانت معركة عنيفه مع امير الظلام وسيد الموتى الاحياء ..
ولكن قوة كورون هزت الكل ..
وارجعت اللورد بالعديد من الجروح .. وبجثة صديقه هاملتون ..
ولم يحتمل اللورد حزنه .. فهاجم القلعة .. واحرق ركنها الشرقي المطل على النهر الاحمر ..
ولم يعثر احد على آركن الذي اختفى تلك الليله ..
وغادر اللورد برايتون رومانيا حزينا مصابا جسديا ومعنويا ..
وفي بريطانيا وهو ينازع آلامه كتب اللورد ما حدث له وما عرفه وخبره عن قصته مع آركن في مخطوط أطلق عليه إسم ( الميت الحي ) ..

توقفت باتريشيا عن السرد عند هذا الحد وكيت تقول في اهتمام :
ألا ترين انه من الغريب ان لا اجد ذلك المخطوط في مكتبة والدي .. ؟؟؟
نكست باتريشيا رأسها قليلاً ثم قامت لزيح لوحة في جدار غرفتها لتكشف عن تجويف مربع خلف اللوحة استقر في داخله كتاب ضخم فوقه عدة أوراق قديمة ملفوفة بخيط من المخمل الاحمر ..
اتسعت عينا ايمي وتوماس وهما يتأملان الكتاب ( المخطوط ) لوهله قبل ان تندفع كيت في لهفة لتختطفه من تجويف الجدار وهي تقول في سعاده :
لماذا لم تخبريني عنه من قبل يا باتريشيا ..
صمتت العجوز قليلا ثم اجابت في صوت تشوبه الرهبه :
لقد أمرني اللورد وهو يصارع الموت .. ان اسلمه لكما عندما تسألان عنه .. وأن لا يعلم احد بالحكاية غيركما .. حتى ان والدتكما لم تعلم بالموضوع إلا صدفة .. فلقد اخبرها انه اشتبك مع بعض اللصوص في الغابة مع رفيقه الراحل هاميلتون .. وبعد ذلك عاد الى البيت مخمورا وهو يهذي بالموضوع .. ومنذ معرفتها به ( والدتكما ) لم تقبل ان تبقى هنا بعدها ..
وضعت كيت كفها على كتف باتريشيا وقالت في امتنان :
شكرا لك يا عزيزتي
قالت ذلك وهي تلتفت الى توماس مواصلة :
هيا يا توماس .. لنقرأ الاحداث كما ذكرها والدي .. ونعرف بقية التفاصيل ..
خرجت كيت بعدها مع توماس وما ان اغلقا الباب خلفهما حتى تمتمت باتريشيا في الم :
آآآآه يا سيدي .. لماذا ترمي بأولادك الى ذلك العالم من جديد ..
بعد عبارتها انسكبت دمعه حزينه عجزت عن كبحها وخيالها يقودها على الرغم منها الة هناك ..
إلى رومانيا ..

** ** **

تعالت دقات الساعة معلنة تمام الواحدة والربع بعد منتصف الليل ..
وتوماس يدعك عينيه في إرهاق بالغ وهو يقول لشقيقته في وهن :
لقد طال جلوسنا قراءة هذا الكتاب .. ان الساعة الواحده والربع الآن .. ولابد ان زوجتي دانا تذرع الردهة كالمجنونة قلقاً علي .. دعينا نكمل القراءة غداً ..
توقفت كيت عن القراءة وقال موافقة ً :
يبدو انك محق .. أنا ايضاً اصابني الوهن .. والنعاس بدأ يثقل جفني .. سأنتظرك غداً في الثانية ظهراً لنواصل المخطوط ..
ثم إعتدلت مواصلةً :
سأطلب من باري ان يوصلك الآن ..
وقبل ان تقارب الباب التفتت اليه قائلة في امتنان :
لقد اتعبتك معي اليوم عزيزي ..
ابتسم في بساطه معقباً :
انت شقيقتي الوحيدة .. وليس ذنبك ان تكوني مهووسهة مثل والدنا الراحل ..
قال هذا وهو يقبل خدها في حنان .. وهي تكمل الى الباب لتنادي السائق ..
وبعد لحظات لوح لها بيد قائلا وهو يلتقط سترته بإرهاق :
تصبحين على خير
بينما عادت هي لتجمع الاوراق من على الطاوله التي اهتزت قليلا لتسقط منها ورقة لم تكن ملفولة بأي شيء ..
تناولتها كيت لتفضها في بطء عن رسم لشاب وسيم غاية في الملاحه طويل الشعر حاد القسمات مما جعلها تقول في اعماقها :
ياله من وسيم ..
هبط بصرها الى اسفل الورقة لتقرأ ...
آركن .. صوره رسمها فرانك سوسي عن وصف اللورد برايتون ..
اتسعت عيناها في ذهول وهي تعاود تأمل الصورة مغمغمة ً :
يا إلهي ..
قالت ذلك وهي تعاود الجلوس على المقعد وتتناول الاوراق والمخطوط من جديد لتواصل ما كانت تفعله مع توماس في شغف عجيب وقد طار النعاس من عينيها ..
وكانت ليلة طويلة حقاً ..

عبيد خلف العنزي
07-09-2008, 08:12 PM
في تمام الثانية وعشرة دقائق عبر توماس باب المنزل كما وعد شقيقته في الليلة الماضية .. وبعد ان اعطى قبعته ومعطفه للخادم صعد السلالم الى الدور العلوي حيث غرفة كيت ..
طرق الباب .. ولم يسمع جواباً .. وفي تلك اللحظه مرت خادمة كيت الخاصة (روزي ) فسألها في اهتمام :
الم تفق الآنسه كيت بعد يا روزي ؟؟؟
اجابت الخادمه :
انها لم تأوي الى الفراس يا سيدي ..
اتسعت عينا توماس وهو يردد :
شكرا لك
قال ذلك واتجه الى حيث يتوقع وجود كيت ..
الى المكتبه ..
وصدق ظنه فلقد كانت هناك منكفئة على ذراعها فوق الكتاب وبين الاوراق بنفس الثوب الذي كانت به ليلة أمس ..
اقترب منها ووضع كفه على كتفها وهو يتمتم :
كيت ... كيت ... ياللمسكينه .. لقد واصلت القراءة من بعد ذهابي ..
ثم تابع :
كيت .. افيقي يا عزيزتي ..
رفعت رأسها في بطء وتأملته بعينين لم يكتمل انفتاحهما بعد ..
ابتسم توماس في شفقه قائلاً :
كيت .. لماذا واصلت المطالعه بعد مغادرتي .. انك لم تنامي وقتاص كافياً .. هيا ..
وحاول ان يساعدها على الاعتدال مواصلاًً :
اكملي نومك على فراشك ..
بقيت على حالتها وهلة ..
ثم اتسعت عيناها وكأنما تذكرت أمراً وهي تهتف في حماس :
أوه توماس .. آه لو تدري ماذا اكتشفت .. انني لم انم حتى انهيت المخطوط ( الكتاب ) ..
لم اقدر على التوقف حينما عثرت على رسم لآركن رسمه احد المحترفين بناء على وصف والدي ..
قالت ذلك وهي تناوله الورقة التي استقر عليها رسم آركن .. فتأمله توماس في اهتمام ثم قال في عجب :
انه شاب وسيم .. أليس غريباً ان يكون هذا هو شكله بعد كل تلك السنوات من خروجه من قبره الى ان قابله والدنا .. ؟؟
تألقت عيناها في نشوة منتصرة وهي تقول ملوحة بكفها :
هنا يكمن اكتشاف ابي المبهر .. ان آركن هو اول مصاص دماء من نوعه ..
يعني انه السيد الذي ظهر من خطايا الكنيسة الكاثيلوكية ..
رد توماس في حيرة :
وماذا يعني ذلك ؟؟!!!
تابعت وحماسها يزداد :
يعني ان آركن يعيش على مص الدماء .. دماء ضحاياه .. وهذه الدماء تمنحه الحياة والتجدد الدائمين .. لذلك فطوال مائتي عام كان آركن شاباً على نفس الصورة التي مات فات فيها او كا ظنوا انه مات وذلك بعد ان شرب دماء الاسقف .. وهذا يجعله فيما يشابه الخلود ..اي انه لا يزال حياً ..
اعترض توماس :
لا يمكن .. الخلود لله فقط ..
هزت رأسها في ايجاب مكملة :
لست اعني الخلود أي الابدية .. بل اعني ان حياته اطول من حياة أي انسان عادي مادام يتغذى على الدماء ..
ظهر الاشمئزاز على ملامح توماس :
هذا مقزز .. يا إلهي ..
بينما قالت كيت في حماس طفولي :
بل قل مثير يا عزيزي توماس .. ويغري بالبحث والتحري ..
ثم تابعت :
ولكن هناك عدة اشياء غريبه .. منها ان آركون واتباعه لا يظهرون سوى ليلاً .. والوالد ذكر في مخطوطه قصة تلك المرأة التي حاول ان يبحث في التغييرات التي صاحبت التحول على جسدها عندما حاول المزارعون اخراجها من المنزل واحترقت بلا نار ..
والنقطة الاخرى ان الصليب والكتاب المقدس لا يمثلان تهديدا على آركون واتباعه من المتحولين الى عالم الظلام فبعد ما حدث لزوجته فقد آركون كل لمحة من الايمان بهذا الخصوص .. كما انه اختفى داخل قلعته والكل شهد بأنه لم يفارقها مما يعني انه لا يزال موجوداً هناك .. فالنار لاتؤثر فيه إطلاقاً كما أنه يحتفظ بتابوت فيه جثة زوجته القتيلة داخل قبو القلعة وكما طرح والدي فإن التابوت موجود عندما غادر رومانيا مما يؤكد ان آركون هناك فعلا ً فليس من المنطقي ان يترك جثمان زوجته وهو يقوم بكل تلك الفظائع انتقاماً لما الم بها ..
وضع توماس سبابته على ذقنه وهو يعلق في اهتمام :
لماذا لم يحولها الى مصاصة دماء مثله ..
ردت كيت في بساطه :
لأنه هو نفسه لم يكن مصاص دماء عندما ماتت بل تحول الى ذلك بعد رحيلها بفترة طويله والوالد هنا يذكر في كتابه نفس الشائعات التي جرت حول انه قد تم اعداد طقوس معينه على جسد آركون اثناء اعتلاله كان لها ابلغ الاثر في تحوله الى مصاص دماء اذا اضفنا لذلك كله البداية وهي عندما شرب دم الاسقف ..
ولم يغفل والدي موضوع القلعة فلقد اورد وصفاً تفصيليا لمدخليها واقبيتها وممراتها مما يجعلك تشعر وكأنك هناك من شدة الدقة في الوصف ..
كما انه ذكر أمراً آخر لا يقل غرابة :
سأل توماس :
ما هو ؟؟
كيت تجيب في تمعن :
ذكر ان آركون يبحث عن قاتله ووصف ذلك بقوله
ويسير الملك في الظلام .. يبحث عن رسول الرب اليه .. ويبارزه بسيف النور .. ثم تحيق اللعنة بالملك الى اعماق الجحيم ..
ضاقت عينا توماس :
كلام غريب .. فعلا
هزت كيت رأسها ايجاباً :
اوافقك الرأي .. وهو يدل على ان هناك شخصاص له مواصفات معينه .. يمكنه القضاء على آركون ..
وآركون يعرفه جيدا ...وهذا مثير للغاية ..
قالت عبارتها ثم صمتت ملياً قبل ان تقول :
والاثارة تكتمل بالمشاهدة الميدانية ..
اتسعت عينا توماس :
أرجو ان لا تكوني تفكرين فيما اظن انك تفكرين فيه ... ؟؟
ادارت كيت بصرها اليه وتأملته في عزم :
بالضبط .. هو ما توقعته يا توماس .. اريد السفر الى رومانيا ..
زاد اتساع عينيه هاتفاً في حده :
لا بد انك فقدت عقلك .. انتي تهذين .. رومانيا ؟؟!!!
طالعته في حزم :
لقد علمني والدي انه لا يوجد مستحيل ما دام الانسان يتنفس .. وسأواصل ما بدأ به هو في رومانيا ولك الخيار ..
اما أن تكون معي .. او تبقى هنا ..
كان واضحاً انها مصممة على ما تفوهت به ..
ولكن توماس قال في سخط :
طبعاً سأكون خارج جنونك هذه المرة يا كيت .. فلقد تجاوزتي هنا المعقول والمنطقي .. وداعاً
قال ذلك وهو يغادر بينما تستدير هي وتتأمل السماء الملبدة بالغيوم في جذل عجيب :
الآن حان الوقت ليسجل التاريخ إسمي ..
قالت ذلك وهي تضحك في مرح وتنادي خادمتها روزي ..
لقد كانت جادة فعلاً ..

عبيد خلف العنزي
07-09-2008, 08:14 PM
غمر العرق وجه كيت وخادماتها بعد اتمام اغلاق الامتعه والصناديق استعداداً للرحلة وباتريشيا تقول في توتر :
آنستي .. هل انت حقاً مسافرة الى رومانيا .. ؟؟؟!!!!
ردت كيت بصوت مرهق :
نعم .. ولن يعيقني شيء .. انها قصة حياتي التي ستضعني على قمة المجد ..
لمحت باتريشيا الاصرار في عينيها فتابعت :
هل اخبرتي الكونتيسه بهذا الأمر ؟؟
ردت وهي تطالع ثوبها الذي فسد هندامه بلا اهتمام :
توماس يعلم .. ولابد انه اخبرها .. فهو وريثها بالارستقراطية .. و ..
قاطعها صوت انثوي :
هذا من حسن حظه يا من ورثت جنون والدها ..
استدارت لتجد سيدة بغاية الاناقة وعلى قدر من جمال اخفى التقدم في السن جل جاذبيته لتهمس كيت في دهشه :
أمي ... !!
كانت امها الكونتسيه تقف هناك بكل اناقتها ونظرات الغضب تطل من عينيها وهي تواصل في حدة :
مع الاسف انني امك ..
تمتمت كيت ودهشتها تكبر :
ماذا .. ؟؟
ماهذا الكلام يا امي ؟؟!!!
اشارت الكونتسيه بيدها فغادرت الخادمات الثلاثة وهي تقترب من ابنتها في بطء مستفز وتقول في سخط :
كنت اعتقد ان الجنون قد توقف بعد رحيل والدك عن هذا العالم .. ولكنه فيما يبدو قد تركه في رأسك الاجوف هذا ..
ردت كيت في عزم :
حب المغامرة واقتحام المجهول ليس جنونا ..
صرخت الكونتسيه :
بل هو كذلك ..
ثم لانت ملامحها وهي تقول في حنان :
الا تفهمين .. انا احبك ..
ولا اريد ان اخسرك بسبب هذه الخرافات التي كتبها والدك ..
استعادت كيت هدوئها مجيبة :
انها ليست خرافات .. انها احداث مر بها والدي وتركها مع باتريشيا واوصاها بأن تسلمها لي ولأخي اذا طلبناها وقد حان الوقت ليتابع احد ما بدأ به ابي وقد جندت نفسي لذلك ولن اتوقف مهما قلتي او فعلتي يا امي ..
تأملتها الكونتسيه ملياً ثم استدارت وواجهت النافذة وهي تقول في شرود :
لقد كنت خائفة من هذه المرحلة .. منذ رحيله .. كنت اعرف ان احدكما سيتبعه
وصدق حدسي .. وانت من ورثته..
يا الهي كم تشبهينه ...
ثم واصلت في غضب :
ادوارد .. هاهي تريد الذهاب الى رومانيا ..
اراهن انك مسرور الآن وفخور بها وانت في ذلك العالم الآخر
التفتت بعدها الى كيت ودموعها تغرق وجهها قائلة :
حسنا يا كيتي .. انا اعلم انك عنيده .. ولكن تذكري انك قد ورثت هذا العناد مني انا ..
واقتربت منها ووضعت يدها على خدها متابعة في حزم :
ولكن اعلمي انني سأسلك كل السبل لمنعك من هذا الجنون .. حتى لو كلمت الملك شخصياً ..
ثم عاودها الحنان :
فلست مستعدة لأخسر ابنتي كما خسرت زوجي .. انتي اغلى عندي من ذلك كله ..
بعد عبارتها قبلت خد ابنتها وغادرت بعجل وهي تمسح دموعها وكيت تتأمل الباب حيث رحلت بعجب مرددة :
أمي ... !!؟
فقد كانت الكونتسيه مختلفة اليوم ..

عبيد خلف العنزي
07-09-2008, 08:14 PM
جلس الفايكونت هاري دالتون على مكتبه وهو يوقع على بعض الاوراق الخاصه بالديوان الملكي في مجلس العموم البريطاني. . وفيما هو كذلك اذ طرق الباب ثم أنفرج عن شاب أنيق. خطى بهدوء حتى وصل ألى مكتب الفايكونت وانحنى وهو يقول في أدب جم:ـ
سيدي . . ان في مكتبي شابة تقول أنها قريبتكم وتريد مقابلتكم لامر هام..
رفع الفايكونت بصره الى الشاب ونزع نظارته وهو يقول في وقار:ـ
هل أعطتك أسمها ياسيد برادلي...
أوما الشاب برأسه ايجابا وقال:ـ
أسمها كيلي برايتون .. سيدي...
اتسعت عينا الفايكونت في ابتهاج واضح وهو يقول في حماس:ـ
أدخلها على الفور يا سيد برادلي ... أرجوك...
أوما الشاب برأسه مرة أخرى وانحنى في احترام ثم استدار مغادرا المكتب ..
وبعد لحظات.. دلفت كيلي ألى المكتب وما ان رآها الفايكونت حتى قام من على مكتبه وهو يفتح ذراعيه قائلا في فرح:ـ
كيلي. .ابنة أخي الحبيبة..أهلا.. أهلا بك ياعزيزتي...
اندفعت كيلي اليه ليحتضنها في حنان ثم يقبل خدها في عاطفة أبوية جارفة وهو يغمغم في عتاب سعيد:ـ
أخيرا فكرت في زيارة عمك العجوز. .
يا الهي كم اشتقت اليك أيتها الفاتنة..
اتسعت ابتسامة كيلي وهي ترد في لطف:ـ
عمي أنت تعلم كثرة مشاغلي.. ومهنة التدريس التي أمارسها منذ عامين والفراءة والبحث..
أن الدنيا مزدحمة حولي هذه الايام فاعذرني...
ضمها عمها مجددا وقال في سعادة متصاعدة:ـ
فليكن.. المهم أنك هنا الآن .. هولي لي ياحبيبتي ماذا تشربين؟؟
اكتست الجدية ملامحها وهي تتمتم:ـ
عمي.. أنا محتاجة لك...
ابتسم في بساطة مجيبا:ـ
وعمك طوع أمرك ياعزيزتي. ما الأمر؟؟
قال ذلك وهو يقودها الي أريكة فاخرة ويجالسها...
أطرقت كيلي ببصرها قليلا ثم قالت في اهتمام:ـ
عمي.. سأحكي لك كل شيء ثم أخبرك بما أحتاجك فيه...
انتقلت جديتها الى عمها وهو يقول:ـ
كلي آذان صاغية.. فأفضي الى بما في نفسك ياعزيزتي...
تنهدت كيلي في عمق.. ثم بدأت بالحكاية...

حكت كيلي طوال ساعة ونصف لعمها كل شيء عن المخطوط والورقة العجيبة وقصة والدها في رومانيا وحكاية آركون وظهور مصاصي الدماء في مدينة والاشيا.. وصراع والدها مع ملك الظلام.. والفلعة السوداء..
كل شيء.. وعمها يصغي بكامل الانتباه والتركيز وهو لا يخفي ذهوله واندهاشة مما يسمع حتى انتهت كيلي من روايتها وصمتت في ترقب وهي تتأمل ملامح عمها الشارد...
ثم قالت في همس :ـ
مارأيك ياعمي فيما سمعت؟؟..
لي يجبها على الفور بل قام وتوجه الى النافذة يتأمل ضوء الشمس في شرود وكأنما يسترجع ذكريات قديمة..
ثم قال بعد سمت طويل وفي صوت حزين:ـ
الآن عرفت سر ذلك التغيير الذي اعترى أدوارد بعد عودته من تلك البلاد.. يا الهي.. انه حقا أمر رهيب...
هامت كيلي واقتربت منه وهي تقول في خفوت:ـ
الأمر الذي أتيتك من اجله هو...
قاطعها باشارة من يده ثم قال مبتسما:ـ
يخيل الي أنني أعرف ماتريدين...
اندهشت وأخذت تردد:ـ
حقا ياعمي...
اتسعت ابتسامته وهو يتابع :ـ
حقا..
أنك ابنة أبيك...
وأراهن أنك تريدين السفر ألي رومانيا واكتشاف الأحداث..
وتريدين مني ان أوقف محاولات أمك لنعك من السفر فيما لو وصل الأمر الي الملك.. أليس كذلك...؟؟
ابتسمت في دهشة فرحة قائلة:ـ
بالضبط.. كيف عرفت هذا...؟
وضع يده على خذها وهو يقول في حنان دافق :
لأنك ابنة أخي ادوارد..
استدار الي مكتبه وجلس خلفه وهو بتابع في جدية:ـ
أنا موافق... ولكن بشرط..
اختفت ابتسامتها وهي تردد:ـ
شرط..!
أي شرط..؟؟
ابتسم في خبث قائلا:ـ
أن أرفقك في رحلتك.. فلقد تسبب آركون هذا بالأذى لأخي ولابد أن يدفع الثمن...
ثم قام من على مكتبه وأقترب منها قائلا وهو يغمز بعينه:ـ
هذه هي الصفقة.. خذيها أو اتركيها...
ضحكت في سعاده وقفزت تعانقه وهي تهتف في فرح:ـ
يا الهي.. موافقه...
ثم قبلت خده هامسة..
أحبك يا عمي..
ضمها الي صدره في رفق وهو يهمس :ـ
وأنا أحبك يا عزيزتي...
ثم أردف في جدية مازحة..
والآن يا آنسة برايتون.. أرجو أن تتوجهي الى منزلك لنقتحم المجهول معا....
انحنت في رشاقة وهي تقول:ـ
أن حقائبي معدة منذ البارحة ياسيدي الفايكونت...
عقد حاجبيه في غلظة زائفة وهو يقول:ـ
أذن فأنا من يؤخر الرحلة...
ابتسمت في مرح قائلة:ـ
يبدو ذلك ياسيدي...
كالمعتاد..
عقد حاجبة متسائلا:ـ
كالمعتاد.. ماذا تعنين.. هه.. قولي ماذا تعنين..
ضحكت وهي ترقد راسها على صدره مغمغمة:ـ
أعني انك أروع عم في الدنيا...
ضمها في أبوة جازفة وهو في غاية السعادة بينما هي تحلق في سماء النشوة...
فلقد اقتربت من تحقيق الحلم ..
وتمهد الطريق الى رومانيا ..

عبيد خلف العنزي
07-09-2008, 08:17 PM
ازدحم السوق التجاري في قلب لندن بالمتسوقين الذين اخذوا يطوفون بأرجائه للبيع او شراء الحاجيات من مختلف البضائع ..
ووسط كل هذا سارت كيلي مع خادمتها روزي وكيت تغمغم في ضيق :
يا إلهي .. ما هذا الإزدحام ؟؟ اننا في الشتاء ..
ابتسمت روزي في تعب بعد طول السير وهي تعقب :
ان سوق لندن مزدحم على الدوام يا آنستي ..
انت فقط متعجبة لأنك وفي اول مرة في تاريخ خدمتي معك تنزلين الى السوق ..
امسكت كيلي مظلتها وهي تقول في حزم :
هذا لأن هذه الرحلة مهمة جدا .. بل هي الاهم ..
لذلك يلزمها ترتيب من نوع خاص ..
زفرت روزي وهي تقول في ضيق :
آنستي .. لو اخبرتني عما تبحثين .. لربما لم نستغرق كل ذلك الوقت من السير دون طائل ..
تلفتت كيت حولها وهي تغمغم في اهتمام :
سوف نجده يا عزيزتي .. انا متأكده انهم يبيعونه هنا ..
قالت ذلك وواصلت السير في نشاط جم وكأنما حاجتها تبعث في جسدها شعلة من الهمة
وفجأة وبعد ساعتين من المشي توقفت كيلي دفعة واحده حتى ان روزي اصطدمت بها وهي ترتعد توترا :
آه ... آنستي .... عفوك..
ولكن كيلي لم تلتفت اليها فلقد تعلق بصرها بشيء في حانوت للأثريات ..
اطلت روزي برأسها من خلف كتف آنستها لتلقي نظرة على ذلك الشيء الذي ابلى قدميها طوال ساعتين من البحث واتسعت عيناها في دهشة
ثم عاودت النظر لكيت قائلة في عجب :
أهذا هو ما تبحثين عنه آنستي .. ؟؟!!!
أومأت كيت برأسها ايجابها وهي تحث الخطى مجددا نحو الحانوت قائئلة في سعادة :
أخيرا يا روزي .. هيا اسرعي لنشتريه ..

عبيد خلف العنزي
07-09-2008, 08:20 PM
سيف عربي ..
قال توماس تلك العبارة بذهول وهو يتأمل ذلك السيف العربي الذي اشترته كيلي من السوق مع روزي ..
كان سيفا جميلا بكل المقاييس .. مقبضه الذهبي اللون مرصع بالأحجار الملونة ونصله معوج ليسهل تحريكه ضمن نطاق الذراع وغمده ذهبي نقشت عليه كلمات شعرية عربية فبدا في غاية الاناقة والجمال ..
ولكن يا كيلي .. لماذا اشتريتي هذا السيف ؟؟؟
قال توماس تلك العبارة وهويقلب السيف بيديه في انبهار .. لتبتسم كيلي في زهو وهي تتناوله منه وتسله من غمده وتلامس ذبابته بصدر توماس قائلة :
هل نسيت ان والدنا قاتل آركون بالسيوف والفؤوس .. وان الحل معه ان تقطع رأسه ..
لأن البارود لا يؤثر في اجساد مصاصي الدماء ..
ازاح ذبابة السيف عن صدره في سخط قائلا :
تتحدثين كما لو كنتي ستذهبين الى هناك ..
اتسعت ابتسامتها وهي تقول في فرح :
نعم يا عزيزي .لأنني سأذهب الى هناك بالفعل .. وعلى الرغم من كل شيء
ابتسم في تحدي :
لا اعتقد ذلك ..
لأن امي ستفعل ما بوسعها حتى تمنع جنونك هذا
كما انه لا يوجد من يشاركك هذا التهور ليساعدك على ما تعتزمين ..
ولكن صوتا من عند الباب قاطعه في حزم :
بل يوجد ..
التفت توماس واتسعت عيناه في رهبه :
عمي .... !!
تألقت عينا الفايكونت قائلا في قوة :
نعم
عمك ايها الارستقراطي المتخاذل
عمك هو الذي سيشاركها جنونها ..
ارتفع حاجبا توماس في توتر ثم :
حتى ولو .. ان امي لن تدعكما ترحلان مهما فعلتما ..
اقترب الفايكونت من ابن اخيه الراحل وامسك كتفيه وهزه في قوة :
امي ... امي ... تتحدث وكأنك فتاة من فتيات المدارس الداخلية اللواتي لا يعرفن سوى الملابس والزينه والموسيقى ..
ثم استطرد :
لماذا لا تكون مثل اختك .. في شجاعتها وانطلاقها على حذو ابيها بدلا من ميوعة خالاتك وغبائهن ..
فتح توماس فمه وعاجله الفايكونت :
على كل حال فمهما فعلت امك المتعجرفة فلن تمنعنا ..
لقد اخذت الاذن من الملك شخصيا .. وقد تمنى لي اجازة طيبه مع ابنة اخي ..
ضمت كيت كفيها في سعاده طفولية هاتفة :
حقا يا عمي .. كم انت رائع
فتل شاربيه في زهو :
بالطبع انا رائع ..
فهذا ما تقوله كل سيدات لندن
ثم غمز بعينه :
عدا أمك طبعاً ..
ضحكت كيت في مرح على حين استدار توماس مغادرا في حنق :
فليكن .. فما زلت اسمي ما تفعلانه جنونا مطبقا ..
وما ان وصل الى الباب حتى قال له الفايكونت :
توماس .. قل لأمك حظا اوفر في المرات القادمة ..
التفت اليه توماس في تردد :
هذا اذا كانت هناك مرات قادمه يا عمي ..
قال ذلك وهو يغلق الباب خلفه وكيت تسأل الفايكونت في لهفه :
متى سنغادر بريطانيا ؟؟؟
وضع عمها سبابته على انفها وهو يقول في اثارة :
بعد غد على ظهر السفينه ( باريس ) ..
صفقت في سعادة جمة :
ما اسعدني بك يا عمي ...
قال حينها الفايكونت في اهتمام :
كيت .. دعينا الآن نطالع المخطوط والاوراق حتى نستعين بها في رحلتنا
اومأت برأسها وهي تحييه بالتحية العسكرية :
أمرك ايها القائد
قالت ذلك وغادرت الى حجرة المكتبة في حين جلس الفايكونت على اريكة تتوسطط الصالة وهو يفكر في كلمات توماس بشرود
ترى

حقا .. هل ستكون هناك مرات قادمة ...

*** **** ****

طالع الفايكونت الاوراق والمخطوط الذي تركه شقيقه الراحل بكل اهتمام وكيلي تتولى صب اقداح القهوة والشاي له وهو منهمك في قراءة كل حرف وقد نزع سترته وحل رباط عنقه وفتح ازرار قميصه من الارهاق ولكن دون ان يمنعه هذا من مواصلة القراءة لحظة واحدة ..
لقد كانت القصة التي سردها اللورد برايتون في غاية العجب وكفيلة بهز اعتى الرجال .. معاناة هائلة مرت به مع آركون ..اول مصاص دماء ظهر على وجه الدنيا وفيه قوة تزيد على اتباعه بمراحل كثيرة ..
مصاص دماء عاش اكثر من مائتي عام وبقي شكله مثلما كان يوم مقتله ودفنه .. لم يشيخ ولم يهرم .. لايعرف الموت الا بقطع رأسه وهذا بدا مع اتباعه .. أما هو فلا أحد متأكد ان تلك الوسيلة تجدي معه فلم يستطع احد كان ان يصيب آركون بخدش واحد حتى اللورد الذي قابله وجها لوجه ونجا بأعجوبة من موت محقق على يد ذلك الوحش ..
كانت القصة اكثر خيالا من ان يتقبلها عقل
ولكن الفايكون كان يعرف أخاه جيدا .. يعرف انه رجل رشيد وحكيم ..
وبعد عدة ساعات من القراءة تناول الفايكونت الورقة التي بدأت بها الحكاية والتي خط عليها الفايكونت الراحل تلك السطور المخيفة ..
ووصل الفايكونت الى عبارة ما .. قام على اثرها وهو يرددها بصوت مرتفع :
عندما ينفتح التابوت
ويخرج شبح الارض المحرمة
عندها يعود سيد الاسياد
وامير عالم الظلمات
تسمر الفايكونت في وقفته في رهبه ثم طوى الورقة وبقي في شروده
وبعد برهه الفت الى كيلي التي تتأمل شروده مبتسمة ليبادلها الابتسام :
اراهن ان هذه الكلمات بالذات هي التي وضعت فكرة السفر في رأسك .. أليس كذلك ؟؟؟
اتسعت ابتسامتها :
مالذي يدعوك لها الكلام ؟
حلت الجدية على ملامحه مواصلا :
لأن هذه العبارة لها مدلولين لا ثالث لهما

الاول .. هناك مخبأ لآركون .. او تابوته

الثاني ..

صمت فإستحثته على الكلام في لهفه :
ماهو الثاني يا عمي ؟؟
عاودته رهبته مجيبا :
ان آركون لا يزال حيا حتى الآن
قفزت من مقعدها في حماس معقبة :
بالضبط .. هذا هو تقديري
ثم تابعت في اهتمام :
فما دام آركون قد عاش اكثر من مائتي عام .. فلا بد ان الدماء البشرية تغذيه وتجدد نشاطه وهذا يجعلنا نقول من يعيش اكثر من مائتي عام .. ما المانع ان يعيش اكثر ماذام الغذاء متوفراً
لست اقول هنا بأنه خالد .. وانما حياته اطول من سائر البشر .. ونحن نعلم ان اعمار الناس قبل الطوفان العظيم الذي غطى الارض قبل الميلاد كانت تفوق الخمسمائة عام واكثر ..
اذن فمن المنطقي ان يكون آركون له عمر طويل لأنه يتغذى على الدماء التي تعطيه خلايا جديدة مع كل ضحية ..
امسك الفايكونت ذقنه معلقلا :
تحليل منطقي .. ولكن هناك نقطة ما .. لا اعتقد انك فكرت بها .. وهي حساب وقت ظهور آركون في المرة الاولى .. ثم اختفائه .. وبعد ذلك ظهوره حتى واجهه ادوارد ..
بمعنى اين كان يختفي ولماذا ؟؟
انتقل اهتمامه اليها :
معك حق .. ولكن لحظه
قالت ذلك وانطلقت الى دولاب في طرف الغرفة واخرجت ورقة بيضاء عادية وعادت اليه وبسطت الورقة امامه على الطاولة فإذا هي خريطة لرومانيا عليها بضع نقاط حمراء تأملها الفايكونت في تركيز وسأل :
ماهذه العلامات يا كيلي
اشارت كيت على احدى العلامات مجيبة :
انها اماكن ظهور آركون في رومانيا وكل مكان عليه تاريخ ظهوره حسب مانقلته عن مخطوط والدي ولو تأملنا النقاط لوجدنا آركون يبدأ بمدن رومانيا من الشمال الى الجنوب ثم من الغرب الى الشرق في غير انتظام او وقت محددين بين كل رحلة واخرى وهذا يعني انه يبحث عن شيء ما
سأل الفايكونت :
ماذا تقصدين ؟؟؟
واصلت في اهتمام :
اعني ان آركون يبحث عن شيء ما في رومانيا .. لذلك يطوف المدن بلا هدى كلما سمع انه في مدينة ما مثلا
وضع الفايكونت يده على جبهته معقباً :
هذا منطقي جدا .. فلو كان مجرد سفاح لبقي في كل مدينة او قرية حتى يفني من فيها لغذائه .. ولكنه يمكث فترة وجيزة ثم يرحل .. وهذا يدعم افتراضك .. كما اريد ان اضيف ان ذلك الشيء مرتبط بوجوده وإلا لما تجشم كل ذلك العناء ليبحث عنه طوال تلك الاعوام
تألقت عينا كيلي في ظفر :
هذا هو مادفعني للخوض في هذه الرحلة يا عمي ..
ثم واصلت في حماس :
اريد ان اعرف ذلك الشيء الذي يبحث عنه وان امنعه من الوصول اليه واحرمه منه وان اجد الوسيلة لإخراجه من هذه الحياة حتى انتقم لوالدي الذي تعذب بسبب هذه الجثة المتحركة ..
شاركها الفايكونت حماسها وهو يتأملها في اعجاب :
سيحدث ذلك يا عزيزتي
ولم يكن هناك بد الآن من المضي في هذه الرحلة ..

عبيد خلف العنزي
07-12-2008, 12:10 AM
تجمع الباعة والحمالون والمسافرون عند رصيف الميناء وبدا الجو مزدحما بالبشر والصناديق والامتعه من كل الاجناس ..
ووسط كل هذا وقفت كيلي مع خادمتها روزي وعمها الفايكونت برايتون واثنين من الحمالين اللذان اخذا يشدان الامتعه تمهيدا لنقلها الى السفينة التي ستنطلق بهم الى رومانيا ..
وبدت كيلي متلهفة وهي تدير بصرها في الزحام مما جعل الفايكونت يسألها بإبتسامة انيقه :
عما تبحثين يا كيلي ؟؟
قالت في فضول :
عن ذلك الشخص الذي ذكرت انه سيرافقنا يا عمي ..
قال في بساطه :
سأكرر عليك نفس العبارة يا صغيرتي .. دعي كل شيء لوقته ..
قالت معترضة :
ولكن يا عمي ..أنا ..
قاطعها بإحاطة كتفيها بذراعه قائلا :
دعي كثرة الاسئلة ووفريها حتى نصل الى هدفنا .. فستحتاجين ثرثرتك هذه هناك
عقدت حاجبيها في غضب طفولي قائلة :
ماذا ..!! ..
أنا ثرثاره يا عمي ..
ضحك مازحا وهو يردد :
يا إلهي لقد فتحت النيران على نفسي فعلا .. أنا اسحب كلمتي
قالت وهي تصطنع الغضب :
بعد ماذا .. لقد قلته وانتهى الامر .. وهذا ليس عدلا
ارتفع صوت احد ضباط السفينة وهو يطلب من المسافرين الصعود الى المتن وابراز تذاكرهم فقال الفايكونت في ارتياح :
شكرا لك .. لقد انقذتني ..
ابتسمت كيلي وهي تقترب من اذن عمها هامسة في خبث :
إياك والظن بأنك قد نجوت ..
على ظهر السفينه سيكون حسابي معك عسيرا
رفع عينيه الى السماء متمتما :
اشغلها عني يا الهي ..
ضحكت في مرح وهما يصعدان الى متن باريس التي ستقلهم الى رومانيا ..

** ** **

دفعت كيلي باب مقصورتها وخلفها روزي واتسعت عيناها وهي تتأمل المكان في انبهار .. فلقد كفل مركز عمها الهام في بريطانيا ارقى وافخم الاماكن على ظهر السفينة .. وضعت روزي الحقائب مع خادمة من خدم الباخره بينما اخذت كيلي تطوف ارجاء الجناح الفاخر وتتأمل النوافذ والاثاث في اهتمام لا يخلو من الاعجاب

كانت باريس من اجمل السفن الفرنسية على الاطلاق ومن رائدات البحار الشهيرات لذلك بدت هذه الرحلة مثيرة بالنسبة لكيلي من اول طقوسها ..

هامت كيلي في بحر خيالها نحو المجهول حتى قطعت حبل افكارها طرقات قوية على باب المقصورة فأجابت روزي فإذا شاب فارع الطول قوي البدن له شعر اسود فاحم كويل وينسدل على كتفيه ينتثر من تحت قبعة غريبة على كيلي وان بدت وكأنها قبعة لرعاة البقر في القارة الامريكية الجديده في ملابس للوهله الاولى يظن الرائي لها بأنها وشاح مزارع وان كانت اكثر نظافة واناقة ..

ودون أي كلمة عبر الى الداخل بحذائه ذي الرقبة الطويله ورزي تقول في احترام :
عفوا سيدي .. كيف يمكنني ان اخدمك ؟؟
ظهر شبح ابتسامة على شفتي الشاب وهو يزيحها في رفق مواصلا سيره الى الداخل دون حرف حتى وصل الى حيث تقبع كيلي التي قالت في برود :
عفوا سيدي .. ليس من اللائق ان تدخل دون ان نسمح لك بذلك ..
وقف الشاب قبالتها في صمت مطبق لبرهه ثم عبر من امامها دونما اهتمام ليجلس على الاريكه ويعقد ساقيه على في لامبالاة واضحه اغاظت كيلي وهي تقول في ادب متحفظ :
إسمع يا سيدي ان لم تغادر المقصورة حالا سأضطر الى طلب رجال الأمن ..
لم يبد عليه انه قد سمع عبارتها او حمل كلامها على محمل الجد وهو يخلع قبعته ويلقي بها على الطاولة ثم يهندم شعره بأصابعه ..
هنا استدارت كيلي ناحية روزي قائلة في غضب :
أسرعي بطلب رجال الامن ..
أومأت روزي برأسها ايجابا وتوجهت ناحية الباب الموارب وما ان اقتربت منه حتى انطرق وانفرج عن الفايكونت الذي ما ان شاهدته كيلي حتى قالت في لهفه :
في وقتك تماماً يا عماه ..
ثم التفتت الى الشاب في سخط مضيفة ً :
فلدينا متطفل يفتقد الادب كثيرا ..
ابتسم الشاب في هدوؤ وكأن الامر لا يعنيه في حين اخذ الفايكونت يضحك في مرح قائلا في سعاده وهو يتقدم ليصافح الشاب ثم يعانقه :
ويليم .. متى تتعامل مع الحياة كما هي يا عزيزي
ابتسم الشاب وهو يقول بإبتسامة صافية :
أنت تعلم ان العادات الارستقراطية تصيبني بالغثيان ..
ضحك الفايكونت مجددا وهو يعقب :
أنت كما أنت .. لن تتغير .. راعي بقر متعجرف
رد الشاب في هدوء :
وأنت ايضا لم تتغير .. فها انت تطلق علي نفس الصفة التي نعتني بها قبل اربع سنوات
تأملت كيلي الوضع في ضيق وإستاءت ان عمها على معرفة بمثل هذا الارعن وهي تردد في اعماقها ناقمةً :
هذا ما كان ينقصني .. راعي بقر يفتقد الحضارة والتهذيب ..
انتقلت الافكار الى لسانها وهي تقول لعمها في ضيق :
لم اكن اعلم يا عمي ان لك اصدقاءً من نوعية هذا السيد ..
التفت اليها عمها وكأنه ينتبه لوجودها تواً وصمت قليلا قبل ان يقول في هدوء لا يخلو من الحرج :
كيلي .. اعرفك بصديقي ويليم .. انه من القاره الامريكيه .. تربطني به صداقه وطيده منذ اربعة اعوام ولقد كان قادما الى زيارتي في بريطانيا فدعوته ليشاركنا الرحلة ..
اتسعت عيناها في دهشه وهي تقول في حنق مكتوم :
يشاركنا ..
بان سخطها مما زاد من حرج الفايكونت وهو يشير اليها محدثا ويليم :
اقدم لك ابنة اخي الراحل ادوارد .. أعز لنفسي من كل اسرتي .. وصاحبة فكرة هذه الرحلة
ابتسم ويليم ساخرا وقال :
لم اكن اعلم ان لك ابنة أخ تشبه مدرسات المدارس الداخلية
كانت هذه تعتبر سبة في بريطانيا حين تقال لأحد فتيات او سيدات المجتمع المخملي مما جعل عيني كيلي تتسعان في دهشه من هذه الجرأة في حين ضحك عمها وهو يميل على اذن ويليم مغمغما :
صدق او لا تصدق .. لقد خطرت لي هذه التصورات انا ايضا
زادت ابتسامة ويليم معلقا :
حقاً .. لقد ظننت انني فقدت حدسي ..
اشارت له كيلي بإصبعها مرددة في غضب :
اسمع يا هذا .. ان الادب وحده يمنعني من الرد عليك بشكل يؤدبك .. فلا تضطرني الى فعل ما لا اريد ..
تناول ويليم قبعته ووضع اصبعه امام وجهها وهو يقلدها فإستشاطت غضبا واشارت الى باب المقصورة قائلة في حده :
ارجو ان تخرج فوراً يا سيدي
وضع ويليم قبعته على رأسه وكفه اليسرى في جيب بنطاله وانحنى في حركة مسرحية :
حاضر سيدتي .. أية اوامر اخرى ؟
صاحت في حده وهي تعطيه ظهرها ثم تعقد ساعديها امام صدرها في غضب
فإقترب منها حتى دنا بوجهه من اذنها وهمس :
هل تعلمين .. على الرغم من عجرفتك البالغه .. إلا انك فاتنة جدا عندما تغضبين
اتسعت عيناها وهي تستدير اليه وهو يخرج بصمت من الباب مصفرا في طرب وعلى الفور اقترب منها عمها قائلا في غضب :
سنناقش ما حدث فيما بعد يا كيلي ..
قال تلك العباره وغادر من فوره المكان ايضا وكيلي
تسبح في كلمة ويليم التي هزت اعماقها ..

** ** **

عبيد خلف العنزي
07-16-2008, 07:13 PM
خرج ويليم الى سور السفينه واخذ يراقب ازدحام الناس حول المرفأ وقد اجتاحت مشاعره موجه عارمه من التوتر
فلأول مره في حياته يهتز من رؤية فتاة ..
أول مره يرتبك أمام انثى ..
حاول ان يغطي ذلك الارتباك بالسخرية والصمت .. نعم
ولكن اعماقه انتفضت .. وبقيت على غليانها ..
انها ليست اول انثى يراها في حياته
ماذا ؟؟
انثى ..
لماذا لا يفكر فيها كإمرأة ..
أي امرأة
مجرد امرأة
لماذا تسبح في خياله على انها انثى ..
وأي انثى
انها جميلة حقا
أهو جمالها
أم عجرفتها ؟
أهو ..
الحب ..
ابتسم هنا وهو يقول بصوت مسموع :
الحب .. هذا سخف ..
هنا اختفت ابتسامته وحلت مسحة من الحزن على ملامحه وهو يواصل في ألم :
فهو ليس لمثلي ..
مرت سحائب الهم امام عينيه وعدل قبعته وقفل عائدا الى داخل السفينة ..

** ** **

تلفت الفايكونت حوله في توتر وهو يدير بصره في ارجاء السفينه بحثا عن ويليم .. وما هي الا لحظات حتى رآه يعبر احد الممرات واضعا كفيه في جيبي بنطاله فإتجه نحوه يناديه :
ويليم .. من هنا
لم يبد على ويليم انه سمعه حتى اقترب منه الفايكونت ووضع يده على كتفه فإهتز كمن يفيق من نوم عميق على صوت مدوي والفايكونت يقول بصوت لاهث :
أين انت يا رجل .. ؟
لقد كنت ابحث عنك منذ ان خرجت من عند كيلي
ردد ويلم :
كيلي
غشى الهم وجه الفايكونت وهو يقول في اسف :
ويليم .. انا اعلم ان كيلي اخطأت في حقك
ولكن سامحها .. انها لاتزال صغيرة .. ولم تعرفك جيداً
افاق ويليم من شروده وقال في هدوء :
لا بأس يا هاري .. اقدر موقفها .. فلقد جاوزت انا حدود اللياقه في حضرتها وفي مقصورتها
قال الفايكونت في حزم :
حتى ولو .. لم يكن من اللائق ابدا ان تقول ما قالت .. وان تطردك من المكان
فأنت ضيفي وصديقي ..
ابتسم ويليم :
لا عليك .. وانس ما حدث .. فهي ليست اول مرة اقابل فيها عجرفة الارستقراطيين هذه ..
ثم غمز مواصلا :
هل تذكر ما فعلته بي في اول لقاء بيننا ؟
نجحت كلماته في التأثير على الفايكونت وجعلته يضحك وهو يقول في مرح :
أذكر ذلك جيدا .. وكنت يومها غاضبا من وجودي .. حتى انك كنت تلقبني بهاري المقلم .. سخرية من سترتي ..
وضع ويليم ذراعه حول كتف الفايكونت قائلا :
ما رأيك اذا في تناول قدح من الشاي ونحن نسترجع تلك الذكريات الجميلة .. ؟
عدل الفايكونت قبعته الانجليزية قصيرة الاطراف مجيبا :
هذه لا تحتاج الى مشورة يا عزيزي راعي البقر ..
وضحك الاثنان وهما يدخلان الى الممر المؤدية الى مقصورات الركاب في حين تحرك البحاره في نشاط وانتظام ورفعت مراسي السفينه واغلقت الابواب والممرات استعدادا لبدء الرحلة .

عبيد خلف العنزي
07-16-2008, 07:13 PM
اخذت كيلي تتجول في انحاء السفينه بعد ساعة ونصف من خروجها من الميناء البريطاني حتى وصلت الى السود فإستندت اليه وهي تتأمل امواج البحر الناعمه في شرود ..
بدأت افكارها من عند مخطوط والدها ثم اتجهت الى رومانيا وما قد يصادفها هناك ان وصلت سالمة من عبور هذا المحيط .. والورقة الصفراء التي بدأت بها الاحداث .. وآركون ..
ودون ان تدري انتقل عقلها الباطن الى ويليم .. هكذا فجأة .. برز في رأسها .. بقامته المديده وشعره الطويل الفاحم وملابسه العجيبه ..
لم تدري ما الذي ادخله في معمعة افكارها ..
لعله اسلوبه الفج .. او عدم مبالاته بها ..
او لعله الاختلاف الذي لمسته فيه عن من عرفتهم من قبل في حياتها ..
نعم ..
لقد كان مختلفا ..
اقرب الى الثورة على النظام والروتين
هذا ما يميزه ...
الثورة الطبيعية المطلعه من عينيه الزرقاوين ..
حقا إنه مميز ..
ولكن ..
عينيه الزرقاوين ؟!!!
لماذا تفكر به الآن ؟
لماذا تهتم بمتعجرف مثله ..
هل لأنها أخطأت في حقه ؟؟
نعم لقد طردته في حضرة عمها ..
لم تحترم كونه صديق عمها وضيف رحلتهم ..
يا لهول ما فعلت ..
لقد تجاوزت حدودها فعلا ..
ماذا ستفعل ؟
سوف تعتذر منه ..
ماذا ؟
تعتذر منه ..!!
تعتذر لذلك المتعجرف .. كيف ؟؟
بالطبع يجب ان تعتذر منه
لقد أخطأت في حقه .. وقست عليه ..
ولكنها لا تريد ان تراه ..
هنا وضعت كيلي كفها على شفتيها متمتمة بصوت مسموع :
أحقا لا اريد رؤيته ..؟؟
خفق قلبها بعنف هنا ..
إهتمام ..
ربما شيء آخر ..
ربما لا شيء ..
غير مهم
المهم ان تعتذر كأية سيدة راقيه ومهذبه عن الخطأ الذي اقترفته
وفورا عقدت العزيمة واتجهت الى الضابط المسؤول عن الاجنحه لتسألة عن مقصورة ويليم وتعتذر منه
نعم ..
تعتذر فقط ..
فيما يبدو ..

** ** **

اخذ الفايكونت يدخن غليونه في استمتاع وهو يجالس ويليم في مقصورة هذا الاخير .. وكان الحديث قد تعمق بينهما في الذكريات الجميلة التي جمعتهما من قبل .. حتى وصلا بمحر الكلام الى الحديث عن رحلة رومانيا هذه وويليم يسأله في اهتمام :
عزيزي الفايكونت .. على الرغم من صداقتنا المتينه .. إلا انني اشعر في هذه الرحلة بالذات بأنك تخفي شيئا ما عني ..

توقف الفايكونت عن التدخين برهة وتأمله بعدها في صمت قليل ثم وضع غليونه على الطاولة المقابله قائلا في هدوء تشوبه نبرة القلق :
صدقت يا ويلي .. فرحلتنا ليست للسياحه .. بل لشيء آخر
زاد اهتمام ويليم وهو يسأل :
هل يمكنني السؤال عن ماهية ذلك الشيء ؟
قام الفايكونت من مقعده فتبعه ويليم الى شرفة المقصورة التي تطل على سور السفينه وجلسا على مقعدين من قصب وغرقا في صمت احترمه ويليم ليقول الفايكونت بعده في توتر :
ويليم .. هل تعدني بالإستماع لكل ما سأقوله لك حتى أتمه ؟؟
قل ويليم مبتسما :
لا داعي للوعد .. انت تعلم ان هذا هو طبعي دوما
انتقلت الابتسامة شاحبة الى الفايكونت وهو يجيب :
معك حق
وبدأ هاري يروي كل شيء ..


شرح الفايكونت لويليم كل شيء بالتفصيل عن سبب الرحله ..
وبعد ان القى كل مافي جعبته تأمل وجه ويليم في اهتمام محاولا استشفاف ما يعتمل في نفسه إلا ان ويليم كان متسع العينين في تفكير وشرود
مما جعل الفايكونت يقول :
هه .. ما رأيك ؟
مال رأس ويليم الى الامام في برود وهو يقول في حزم :
لولا معرفتي التامه بك يا عزيزي .. لقلت انك إما مجنون مختل العقل .. او من تلك الفئة التي تستهويها الحكايا على مقاعد المقاهي الشعبية في المشرق
ثم قام بعد عبارته وهو يتابع في اهتمام :
الرواية عجيبه .. ولكن المخطوط والورقة دليل واضح على مصداقية الأحداث
من ناحيتنا على الاقل ..
ولذلك انا لا الوم ابنة اخيك في فكرة هذه الرحلة على الرغم مما يحيط بها من مخاطر
ففي الامر اثارة كبرى لمن لهم خيالها
التفت عند عبارته هذه للفايكونت معتذرا :
عفوا .. فمن عادتي ان اسمي الجري وراء المخاطر خيالا .. خصوصا وانني من المصابين بذلك المرض كما تعرف
قال الفايكونت مبتسما :
لذلك اخترت ان تكون رفيقنا يا ويليم
تابع ويليم مبتسما :
ما اريد ان اقوله هو ان الموضوع شائك .. وكيلي لا تدرك الذي ينتظرنا في ارض رومانيا ..
خصوصا اذا كان ذلك المسخ آركون حيا فعلا كما تتوقعون ..
انها دوامة كبرى قد لا نخرج منها احياءً
علق الفايكونت :
هل تقترح الانسحاب ؟
هز ويليم رأسه نفياً ورد في حزم :
على العكس .. ان ما يدور في محور هذه الاحداث يستهويني كثيرا ويجذبني لمواصلة هذا الجنون معك يا هاري .. ولكنني قلق بشأن ابنة اخيك ..
واشفق عليها من هول ما سنواجه .. هذا كل مافي الامر ..
ارتفع صوت كيلي في تلك اللحظه وهي تقول في حزم :
لا تقلق يا سيد ويليم .. فأنا قادرة على حماية نفسي .. ولن اكلفك تلك المشقه .. شكرا لك
التفت الاثنان اليها وهي تقف عند الباب وقد عقدت كفيها خلف ظهرها ووقفت في شموخ انجليزي عتيد
ابتسم ويليم وهو يداري خفقانه المتوتر .. وهو يقول بصوت حاول اصباغ البروده عليه :
عفوا آنسه برايتون ..
بدت الجديه في صوت الفايكونت وهو يخاطب كيلي :
ماذا ورائك يا كيلي ..؟
تقدمت كيلي وهي تكاد تهتز من فرط توترها بوجود ويليم الذي لم تستطع رفع بصرها عنه
قائلة :
أخطأت في حق السيد ويليم واتيت للإعتذار
قالت ذلك واستدارت مزمعةً الانصراف إلا ان ويليم ناداها :
آنسه برايتون ..
التفتت اليه على عجل قائلة :
نعم ..
صمت قليلا قبل ان يقول في صوت حمل كل ما في نفسه :
هل تسمحين لي بحديث على انفراد ؟
رقصت نفسها وخرج صوتها يقول في برود :
بشأن ماذا ؟
رد :
أفضل ان نكون لوحدنا
التفتت الى عمها وكأنها تستأذنه فأومأ برأسه لها موافقاً بعد ما غمز له ويليم فإلتفتت الى ويليم قائلة في غطرسه مفتعله :
حسنا .. لا بأس
اين تريد ان نتحدث ؟
وضع قبعته وهو يجيب :
أينما شئتِ
ردت بذات الغطرسه :
ليكن في مقصورتي إذاً
غادرت المكان وهي تكاد تلهث من فرط توترها بينما ويليم يقول للفايكونت مبتسماً :
لن اتأخر ايها الفايكونت
رد عليه :
خذ راحتك .. المهم ان تقدر عليها ..
اتسعت ابتسامة ويليم :
هل تمزح ؟
عاود الفايكونت الجلوس وتناول غليونه مواصلا :
أمنياتي لك بالتوفيق ..
صكت عبارته مسامع ويليم وهو يلحق بكيلي ..

عبيد خلف العنزي
07-16-2008, 07:15 PM
جلست كيلي على اريكة فاخره
في صدر مقصورتها واشارت الى مقعد انيق ليجلس عليه ويليم وقالت في برود :
أي خدمة يمكنني ان اسديها لك يا سيد ويليم ؟
خلع قبعته وجلس على المقعد ليغرق في الصمت مليا دون حرف واحد فقالت كيلي ساخرة :
هل اكل القط لسانك ؟
بقي ويليم يطالعها في صمت قبل ان يجيب في هدوء :
لقد اخبرني عمك عن سبب الرحله ..
ردت في اهتمام :
ماذا تعني ؟
اجاب :
المخطوط .. آركون .. بإختصار .. كل شيء
حبست غضبها قائلة في لامبلاة مصطنعه :
وماذا في ذلك ؟
رد في هدوء متزايد :
اعني ان الوضع خطير بالنسبة لفتاة مثلك ..ولست ارى من الصواب ان تواصلي الرحله
و..
قاطعته في حده :
ترى .. من انت حتى ترى او لا ترى ..
اسمع .. انت لا تعدو كونك متطفلا على رحلتنا فلا تتمادى فيما لا يعنيك .. هل تفهم ؟
رد في هدوء :
نعم .. أفهم ..
قال ذلك وهو يتناول قبعته ويقوم من على الكرسي ويتجه الى الباب ..
احست كيلي بأنها جرحته .. مما دفع الندم اليها سريعا لتقول قبل ان يصل الى الباب :
سيد ويليم ..
توقف دون ان يلتفت اليها قائلا :
نعم ...
اقتربت منه في حرج حتى صارت خلفه تماما قائلة في اسف عميق :
ارجوك اعذرني فلم اقصد ما قلت
استدار اليها وابتسامة حانيه هلى شفتيه قائلا :
لا تهتمي .. فلن اغضب منك ابدا يا كيلي
قال ذلك وهو يضع كفه على كتفها في حنان شعرت به مع لمساته ثم انصرف من فوره مغادرا المكان وهي تتعجب من اثر لمسته في نفسها


** ** **

عاود ويليم مطالعة الامواج مجددا من على سور السفينه وهو يفكر بتروي بشأن كيلي
كيلي ..
لم يعد لديه شك ..
انها هي التي بحث عنها منذ زمن بعيد
كل الشواهد تؤكد ذلك ..
اضطرابه امامها
اهتمامه بها
رغبته العارمه في رؤيتها بمجرد ان تغيب عن ناظره
الأمر اجلى من الشمس في حدقة السماء
الحفله
نعم ..
حفلة السفينة بمناسبة مرور عشرة اعوام على دخولها البحر
هذا هو انسب وقت ..
حفله
هذا يحتاج الى ترتيب
و...
الفايكونت ..
انه هو الشخص المناسب بلا شك لمساعدته في هذا الخصوص
أراح هذا الخاطر باله واتجه الى مقصورته وهو يصفر نغما ريفيا في طرب


** ** **


كان الفايكونت يسجل بعض البيانات في دفتر صغير داخل مقصورته عندما سمع طرقات هادئة على الباب فقال في بطء :
أدخل ..
انفتح الباب وعبرت كيلي الى الداخل وهي تقول في توتر :
مساء الخير يا عمي
رفع الفايكونت بصره اليها ثم عاد به الى دفتره وهو يجيب في برود :
ادخلي كيلي
اوجست خيفة في نفسها حينما لم يرد عليها تحية المساء وايقنت انه لا يزال غاضباً بسبب تصرفها الارعن مع ويليم ..
ولجت الى المقصورة وهي تصر قدميها جرا واغلقت الباب خلفها لتقترب من عمها الذي قال بنبرةٍ عاتبه :
إجلسي
هبطت على اقرب مقعد لها وهي مطرقة البصر الى الاسفل فقام من مقعده وعقد كفيه خلف ظهره وهو يواجه النافذه ويغمغم في صرامه :
كيلي .. انتي تعلمين كم انتي عزيزة علي ..
ثم التفت اليها متابعاً :
ولكن هذا لا يعني ان اسمح لك بتجاوز حدود الادب ..
خصوصاً مع اعز اصدقائي ..
أعزهم على نفسي على الاطلاق ..
ثم لان صوته وهو يواصل :
كيلي .. عزيزتي ..
ردت في خفوت :
نعم ..
واصل في نبره حزينه وهادئه :
انني رجل كبير في السن .. وعلى الرغم من ذلك تجدينني اصاحب شابا مثل ويليم .. انا ايضا مدين له بحياتي التي انقذها من بعض قطاع الطرق في امريكا ..
لقد وضع ويليم حياته مقابل حياتي .. دون ان يكون بيني وبينه اية روابط من أي نوع .. وهذه صفة نبيلة قلت في عصرنا هذا ..
ثم انعقد حاجباه في صرامه مواصلا :
واليوم اهنتِ انتِ هذا الصديق الذي احبه واحترمه ..
وفي هذا اهانة لي شخصياَ
لذلك لن اخاطبكِ او احادثكِ حتى نصل الى رومانيا عقاباً على ما فعلته .. مفهوم ؟
ارتبكت وحاولت ان تتكلم :
ولكن يا ..
رفع يده مقاطعاً إياها :
هذا العقاب غير قابل للمناقشة ..
قاطعه صوت ساخر :
ياللعقاب القاسي يا رجل .. لماذا لا تحرمها من العشاء أيضاً ؟
التفت الاثنان الى حيث يقف ويليم مستندا الى الباب المغلق خلفه وقد عقد ساعديه امام صدره مبتسما وهو يتابع :
سيدي العزيز .. انا مقدر لصرامتك هذه
ولكن انا اطالب بما أنني صاحب العلاقة فيما يبدو ان ترفع هذا العقاب
تلعثمت كيلي بحرج :
سي .. سيد ويليم .. ارجوك ان لا تحرج نفسك من اجلي .. فأنا استحق هذا العقاب واكثر منه لتصرفي السيء معك
تألقت عينا ويليم في وله واضح وهو يقول في لهجه حاول ان يجعلها ساخرة :
أحرج نفسي ؟!!
هل تمزحين ..؟؟
إنني على استعداد لقتل نفسي من أجلكِ
ثم تدارك نفسه وهو يتابع في لهجة لاذعه :
ثم انني اكره ان اكون بين اثنين من الانجليز الغاضبين
وغمز بعينه مواصلا :
فأنا لا اريد ان تتصافعا بالقفافيز من أجلي
ضحك الفايكونت على الرغم منه ولكن كيلي لم تتفوه بحرف وهي تتأمل وجه ويلم في عجب وعبارته لا تزال ترن في اذنها
((إنني على استعداد لقتل نفسي من أجلكِ ))
ترى هل يمزح ؟
انه من النوع الساخر
ولكن ..
قطع حبل افكارها صوت ويليم وهو يتمتم منحنياً في حركة مسرحية :
آنستي الارستقراطية .. اعذريني فأنا اريد الحديث مع عمك في موضوع شخصي
حدقت فيه قليلا ثم التفتت الى عمها في تساؤل فهز رأسه في موافقة وقال بلطف :
حسنا يا كيلي ..
لقد انتهى الموضوع على ان لا تعودي لمثل ذلك التصرف المتعالي يا صغيرتي ..
والآن ارجوكي ان تتركيننا لوحدنا ..
انحنت في ادب لويليم وغادرت المكان وهي جامدة الملامح ..
تابعها ويليم ببصره حتى اعلقت الباب خلفها ليلتفت الى الفايكونت الذي قال في ترحاب :
أهلا بك يا عزيزي
أشار ويليم الى الشرفة قائلا في توتر :
ما رأيك ان اعد لك قهوة طازجه ونجلس لنتحدث في الشرفه
ابتسم الفايكونت في صفاء مجيباً :
لك هذا يا عزيزي ..

عبيد خلف العنزي
07-16-2008, 07:16 PM
استقر الفايكونت على مقعدين في قلب الشرفه مع ويليم وأخذ يتأمل المحيط قليلا وهو يقول :
لقد ابتعدت كثيرا عن الترحال والمغامره منذ ان خسرت اخي ادوارد ..
قال ذلك ثم التفت الى ويليم مواصلا :
ويليم .. ان هناك ما يعتلج بصدرك .. فأفضي به الي ..
ثم إتكأ بمرفقه على مسند المقعد ووضع يده على خده :
اسمع يا ويليم .. انت تعلم مقدار قدرك في نفسي
فأنت صديق وبمثابة الابن ايضا لي .. فلا تخفي عني ما يضيق به صدرك
التفت اليه ويليم بعد ان اغرق في تأمل المحيط ونظرة ذبول تطل من عينيه جعلت الفايكونت يقترب منه مرددا في قلق :
يا إلهي .. ما هذه النظره في عينيك ؟
تكلم .. انك تخيفني
خفض ويليم بصره وبقي على صمته فقال الفايكونت في اسف :
هل تعلم ..
انها اول مره منذ تعارفنا ..
تخفي عني أمراً
احس ويليم بنبرة الحزن في صوت الفايكونت فقال في عتب :
عزيزي الفايكونت .. انا لم اقصد ان اخفي عنك ما أريد ..
فأنا لم اطلب مجالستك إلا لهذا السبب
ابتسم الفايكونت في ارتياح :
كلي آذان صاغيه ..
اخذ ويليم نفساً عميقاً وقال دفعة واحده :
انت تعلم انني دائما اصارحك بأفكاري وما اريد ..
ولكن هذه المره الموضوع يختلف ففيه احراج لي .. لذلك ترددت في طرحه عليك
ولكن يجب ان تعلم به عاجلا أو آجلاً ..
إنه يتعلق بــ....
قاطعه الفايكونت في هدوء :
بكيلي ..
اتسعت عينا ويليم في دهشه ثم عقد حاجباه وهو يطرق برأسه ويغمغم في لهجة
مستسلمة :
هذا هو .. ما أدراكَ ؟
ابتسم الفايكونت وهو يتابع :
من نظرة عينيك حين كانت هنا قبل قليل ..
كانت نظرات عاشق ولهان .. لم تكت لتخفى علي
وخصوصاً انني اعرفك جيدا ..
رفع ويليم بصره اليه في تساؤل وهو يكمل كلامه :
لقد عرفتك شديد الصلابه .. بارداً ساخراً ..
ولكن منذ ان رأيت كيلي وانا ارك مختلفاً .. حتى سخريتك كانت واضحة الزيف وانت تحاول ان تغطي بها حروفك ..
في البداية ظننت نفسي واهماً .. حتى شاهدت نظراتك لها قبل قليل ..
فعرفت انها تمكنت من نفسك ..
حاول ويليم النطق إلا ان الفايكونت استمر :
وهذا اسعدني ..
أسعدني كثيراً ..
صدمت الكلمه ويليم وهو يقول :
حقاً ..
أومأ الفايكونت برأسه ايجاباً وابتسامته تتسع لتتحول الى ضحكه جذله وهو يتحدث سعيداً
حقاً ..
صدقني انني سعيد بمشاعرك تجاهها .. واتمنى ان تكون هي ايضا تبادلك نفس الشيء
علق ويليم في لهفه :
هذا ما جئت اليك من أجله ..
ربت الفايكونت على ذراعه في مرح :
آه .. إنك تحتاج الى مساعدة صديقك العجوز إذن في تصيدك
شرد ويليم هامساً :
انه ليس تصيدا يا هاري
انما اشبه بقطف زهرة من بستان يانع .. او لمس حورية من السماء
ضحك الفايكونت هاتفاً :
هاقد اصبح راعي البقر .. شاعراً
جاوب ويليم :
لك ان تستمتع يا هاري المقلم .. فالأقدار وضعتني تحت رحمتك هذه المره ..
ضحك الفايكونت ثم سأله في اهتمام :
كيف تنوي ان تصارحها بإعجابك ؟
رد :
في الحفلة بعد الغد
الفايكونت في حماس :
رائع .. توقيت مناسب
ثم واصل في سخرية فاضحه وهو يتأمل ملابس ويلي :
انما الموضوع يحتاج الى تعديلات وتنظيف وازالة زوائد هنا وهناك
عقد ويلي حاجبيه في سخط عابث :
لن اكون مقلما .. هل تفهم ؟
وضحك الإثنين في مرح ...


** ** **

ازدان قلب الباخرة بالكثير من الانوار ومباهج الاحتفالات الفرنسية واخذت الفرقه الموسيقية تعزف اجمل الألحان الملكية للراقصين والراقصات في بهو المكان ..
على حين حين اصطفت الطاولات لخدمة الركاب على اجمل نسق والطف ترتيب كما جرى في عادات الفرنسيين الذين يقدسون اصول اللياقه والنظافة والترتيب كالانجليز أحيانا ..

الجموع تشكلت وضعياتها

فهناك من يرقص وهناك مجموعة اخرى تدخل في احاديث جانبيه وعلية القوم هنا والريفيون من النبلاء في الجهة الاخرى والراقصون
مزيج كوكتيلي ناعم يسم دوما الحفلات في القرن الثامن عشر ..

وفي شرفة قريبة وقفت كيلي في فستان من الساتان الازرق اللامع وعينيها تطوفان في المكان في شرود اشترك مع ملامحها الفاتنه ليجعل بريقهما مطمعاً لكل الموجودين إلا انها تردهم برفق متعللة بتوعكها على حين ان الحقيقة هي انها تفكر بويليم
خيال راعي البقر هذا لا يفارق رأسها منذ رأته ..
انه اهوج .. وساخر
وابتسمت وهي تردد في اعماقها
إنما وسيم
زادت ضحكتها عندما مر بها هذا الخاطر
الارستقراطيات لا يفضلن هذا النوع من الرجال ..
إلا انها اصلا تكره الارستقراطيه
ربما لذلك هي منجذبة له ..
منجذبه ؟؟!!!
نعم .. ولمَ لا
انه رائع على الرغم من وقاحته ..
وقاحته
ضحكت مجددا
لأنها تأكدت من انه كان يتصرف على نحو طبيعي لمن هم من بيئته
انما هي التي صعدت الموقف الى درجه غبيه لمجرد ان تصرفاته بدت لها مختلفة فرفضتها قبل ان تدقق فيها
عم بالها الارتاياح مع هذا الخاطر وعصف بها شعور قوي لرؤيته
ولكن كيف ؟
وبأية حجه ؟
عبارته ترن في اذنها مجددا
انها عبارة ترضي اية انثى .. وان كانت ساخرة نوعا ما
ترى ماذا سيكون شعوره لو دعته الى عشاء صغير في هذا الاحتفال ؟
ربما هو الآن مع عمها ..
صحيح
أين عمها ؟
انها لم تره طوال اليوم
ممتاز .. فرصة سانحه
ستذهب الى عمها وبكل تأكيد ستجد ويليم عنده
لابد من مجالسته حتى تعرف حقيقة عواطفها او ما يدور في خلدها نحوه
حسمت امرها واستدارت لتنفذ عزيمتها
فإذا بشخص في قبالتها مباشرةً تفاجأت وسقط كأس النبيذ منها وهي تردد :
عفوا سيدي
جاوبها صوت الشخص :
لا عليك آنستي الأرستقراطيه
رفعت بصرها مدققة بملامح الشخص بعد هذه العباره
لتتسع عينيها في دهشه يخالطها الكثير من الانبهار
لقد كان ويلي ..
عفوا
ويليم
انما ليس بهيئة راعي البقر ..
بل بهيئة لورد او نبيل من نبلاء القصور بحلة سهره سوداء لها ياقات لامعه ورباط عنق صغير اسود وشعره مقصوص ومهندم في تسريحه جعلته قمة في الوسامه مع ملامحه الجذابه والقوية
لم تتفوه كيلي بحرف وهي تتأمله في إعجاب واضح على حين انحنى هو ليلتقط الكأس فعاجله احد الخدم ليتوقف هو وينتهض وعينيه لا تفارقان وجهها الملائكي الناعم وبعد هنيهه مد كفه ليلتقط أمناملها في خفه ويرفعها الى شفتيه ويلثمها في حنان جعلها ترتجف جذلةً
فرفع بصره اليها قائلا في سخرية :
صدقيني لا ابغض علي من هذه البروتوكولات .. إلا انني من اجلك على استعداد للقيام بأي شيء ..
ضحكت في مرح وردت في حنان :
صدقني .. أنا سعيدة بحضورك هذا الإحتفال يا سيدي ..
خفق قلبه هنا :
أحقا يا كيلي
ارتبكت وادارت وجهها :
حقا يا سيدي
اعتدل ويليم .. وقال :
كيلي
التفتت اليه :
نعم
وهنا لم يتكلم هو او هي
صمت عم حروفهما
ولكن العيون تحدثت .. وقالت كلمات كثيره جدا
وبعد لحظات مقدسه أنهى ويليم الصمت :
هل تسمحين بهذه الرقصة ؟
انتفضت كيلي انتفاضة خفيفه وهي تجيب بلهفه :
بالتأكيد ..
وعلى الفور اقتادها ويليم برقه نحو جموع الراقصين
واستدار بها ويليم بمهاره جعلتها تقول في انسجام :
لم اكن اعلم ان رعاة البقر يجيدون الرقص
ابتسم :
ان اردت الحقيقه فإن رعاة البقر هم أهل الرقص فعلياً ..
وضعت كفها على كتفه باسمة :
كيف ذلك ؟؟..
قرب خصرها منها بلطف :
ان لدينا في مناسباتنا العديد من الرقصات المرحه والتي نختمها دوما برقصة هادئه كالفالس او الارجوحه وهذا شيء اساسي .. اما انتم معشر الارستقراطيين فأغلب حفلاتكم لا يوجد فيها سوى الشراب والتدخين والكلام في شؤون الآخرين بكل وقاحه على الرغم من مظاهركم الانيقه ولسانكم المنمق ..
ابتسمت في رقه :
هل تعلم .. اسلوبك الساخر يعجبني كثيراً ..
رد في لهفه :
حقاً .. ظننت انك تضايقتي مني بسببه
اتسعت ابتسامتها :
بالعكس .. انا وانت متفقين تماماً في رفض رتابة حياة الانجليز ..
غمغم في عجب :
تتحدثين وكأنكِ لستِ منهم ..
ردت وهي تكمل معه رقصةً ماهره :
أحيانا .. أحس بأنني لست منهم .. أتدري يا سيد ويليم .. أنني ..
قاطعها في رجاء :
ناديني ويليم فقط.. أرجوكِ
غاصت في عينيه وهي تتكلم بصوت كالهمس من رخامته :
كما تريد يا ويليم ..
ثم واصلت :
انني مندفعه .. أحب اقتحام المجهول .. ابحث عن الألغاز وتحدي الغموض
إنني كأبي وعمي .. فأبي في حياته لم يحفل بألقاب او بهرجه الانجليز .. فقد كان يعتبر نفسه دوما ينتمي الى الارض التي تطأها قدماه .. أما عمي فهو مثل ابي ولكنه اقل اهتماماً بالرحلات والاستكشاف وصدقني انه خاض هذه الرحله لمجرد الثأر وحمايتي فحسب ..
زادت ابتسامته معقباً :
كيلي .. أتدركين انك فتاة متميزه حقاً
همست :
أتجدني متميزه ؟
توقفا عن الرقص في بطء وهو يقول :
انتِ لستِ متميزه فحسب .. بل جميله أيضاً .. و..
اقتربت منه :
وماذا ..؟
تلعثم :
و .. وأنا معجب جداً .. بكل تلك.. الــ..
ألحت عليه ويدها الثانيه تلامس كتفه الاخرى :
وماذا .. تكلم ..
همس :
كيلي ..
اجابت :
انا هنا ..
واصل هو :
لقد كنت ابحث دوما عن تلك التي تقاسمني حياتي .. وطال بحثي حتى ظننت أنه لا وجود لها حتى التقيت بكِ
دنا بوجهه منها :
أنتِ من بحثت عنها يا كيلي ..
أحاطها بذراعيه وهي تكاد تفقد الوعي من فرط سعادتها ورأسها يرقد على صدره القوي وهو يقترب من اذنها :
أحبك ..
سالت دمعه منها وهي تحيطه بذراعيها :
وأنا ايضا ..
اهتز فرحاً :
كنت اظنك لن تقبلي
قالت في فرح :
ومن قال لك انني حمقاء حتى ارفض
صمت قليلا وادار بصره حولهما ثم قال بصوت متلعثم :
أعرف قسا على ظهر السفينه
لم تصدق اذنيها وهي ترفع رأسها عن صدره هاتفة في ذهول :
ماذا تعني ؟؟!!
رد في حبور :
وماذا يمكن ان اعني .. سنتزوج الليله
هتفت في فرح متلعثم :
يا إلهي .. انت مجنون .. بهذه السرعه ؟
غمز بعينه وهو يجذبها من كفها قائلا في خبث :
ماذا تتوقعين من راعي بقر ؟؟
ضحكت في مرح وهي ترفع ذيل فستانها وتهرع خلفه .. ليجدا الفايكونت في طريقهمها الى السلم المودية الى غرف النزلاء وعيناه متسعتان من المنظر وبدا على شكله انه لم يستوعب الموقف فعلا وهو يسأل في حيره :
ماذا هناك ؟؟
ماذا بكما ؟؟
لماذا تغادران الحفل في بدايته ؟؟
عانقته كيلي وهي تهتف في سعاده :
عمي .. انا وويليم سنتزوج الليله
اتسعت عيناه اكثر واكثر وهو يردد في ذهول فرح :
الليله ..؟؟!!!!!
بهذه السرعه ؟
أومأ ويليم برأسه ايجاباً :
نعم يا عزيزي .. الليله .. والآن هيا لترافقنا الى القس الذي يقيم قرب قمرة القبطان ونرتب معهما كل شيء ..


** ** **

كان زفاف كيلي وويليم فرحة مضاعفةً على ظهر الباخره .. اشترك فيه كل من على متن السفينه من مسافرين
بدت كيلي في ثوب وردي ناعم خفيف مطرز بالكريستال وعلى كفيها قفازان ابيضان بدا في اصابعها بغاية الرقة .. وعلى رأسها قبعة أنيقه يزينها الحرير والكتان وتلفها الارياش التي جعلتها في غاية الجمال عندما تناغمت مع فستانها الرائع ..
على حين ارتدى ويليم حلة سوداء وقميصا ابيض مع رباط عنق اسود صغير اشتركت مع تسريحة شعره الانيقه في إعطائه منظرا جذاباً ..
توقف ويليم أعلى السلم الخشبي الفاخر في قلب صالة السفينة للإحتفالات والفايكونت يقود كيلي اليه كما تقتضي التقاليد المعروفه في مثل هذه المناسبات حتى سلم كفها الى ويليم امام القس الذي قال كلماته الشهيره من الانجيل حتى وصل الى :
بموجب السلطه المخولة لي أعلنكما زوجاً وزوجة ..
صفق الحضور بحماس مطلق وكيلي تقترب من ويليم وهو يقبل شفتيها في حنان دافق ..
وإنطلق الاحتفال في ليلة لا تنسى على متن السفينة المتجهه الى رومانيا ..