المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د . عبدالوهاب المسيري / ..عُذراً على التأخير.!


أسمى
07-21-2008, 10:13 PM
وكعادتنا..
لانذكرهم حتى يتوارون خلف الـ لاعودة.
أولئك اللذين يستحقون الحديث عنهم ..أعني.
"

ـ لم يمضي على وفاته أكثر من شهر وإن نقص فأيامٌ معدودة.
تابعت اليوم برنامجاً عنه.. ولا أظن أنه سيكون لولا وفاته.!
للأسف نحن لا نُمسك بأيدي من يحتاجون آراءنا وتأييدنا إلا
بعد فوات الأوان.
وأين أكثرهم الآن.!؟
:
بدايةً.. من هو الدكتور المسيري:

ـ هو مفكر مصري، وهو مؤلف موسوعة (اليهود و اليهودية و الصهيونية)
والتي كاد أن يفقد بسببها حياته حين أعلن عنها قبل اكمالها.
وهي أحد أهم الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.[1] الذي استطاع من خلالها إعطاء نظرة جديدة موسوعية موضوعية علمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص، و تجربة الحداثة الغربية بشكل عام، مستخدماً ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من تطوير مفهوم النماذج التفسيرية .
ـــــــــــــ

ولد عبد الوهاب المسيري في مدينة دمنهور في مصر في أكتوبر عام 1938. تخرج في كلية الآداب عام 1959، وحصل على الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1964، وعلى الدكتوراه من جامعة رتجرز بنيوجيرزي عام 1969. صدرت له عشرات الدراسات والمقالات عن إسرائيل والحركة الصهيونية ويعتبر واحدًا من أبرز المؤرخين العالميين المتخصصين في الحركة الصهيوينة.
ـــــــــــ
نشاطه السياسي:

ـ ظل المسيري طوال حياته منتميا الى الاخوان المسلمين.
ـ ثم انتمي الي اليسار المصري.
ـ شغل منصب المنسق العام لحركة كفاية، التي تأسست في نهاية 2004 للمطالبة باصلاح ديمقراطي في مصر،
ـ في يناير 2007 تولى منصب المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) وهي الحركة المعارضة لحكم الرئيس محمد حسني مبارك وتسعى لاسقاطه من الحكم بالطرق السلمية ومعارضة تولي ابنه جمال مبارك منصب رئيس الجمهورية من بعده.
ـــــــــ
حصل على :


ـ ليسانس آداب- أدب إنجليزي- جامعة الإسكندرية (1959م).
ـ ماچستير في الأدب الإنجليزي والمقارن ـ جامعة كولومبيا ـ الولايات المتحدة الأمريكية (1964).
ـ دكتوراه في الأدب الإنجليزي والأمريكي والمقارن ـ جامعة رتجرز بنيوجيرزيـ الولايات المتحدة الأمريكية (1969).
ـ رئيس وحدة الفكر الصهيوني وعضو مجلس الخبراء بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام (1970 ـ 1975).
تقلد منصب:ـ المستشار الثقافي للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك (1975 ـ 1979).
ـ أستاذ الأدب الإنجليزي والمقارن
جامعة عين شمس (1979 ـ 1983)،
جامعة الملك سعود (1983 ـ 1988)،
جامعة الكويت (1988 ـ 1989).
ـ و عمل أستاذاً غير متفرغ بجامعة عين شمس (1988 ـ 2008).
كما عمل أستاذاً زائراً بجامعة ماليزيا الإسلامية في كوالا لامبور وبأكاديمية ناصر العسكرية.
ـ المستشار الأكاديمي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بواشنطن (1992 ـ 2008).
ـ عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية في ليسبرج في فيرچينيا بالولايات المتحدة الأمريكية (1993 ـ 2008).
ـ عضو مجلس الأمناء لجامعة العلوم الإسلامية والاجتماعية -واشنطن- الولايات المتحدة الأمريكية (1997-2008).
ـ مستشار تحرير عددٍ من الحَوْليات التي تصدر في مصر وماليزيا وإيران وأمريكا وإنجلترا وفرنسا.



ـــــــ حول هذا العَلم ..للحديث بقيّة

أسمى
07-21-2008, 10:19 PM
أعمـــالهـ المنشورة بالعربية:


نهاية التاريخ: مقدمة لدراسة بنية الفـكر الصهيوني (مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القـاهرة 1972؛ المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979). في عام 1972 جاء هذا الكتاب قبل 28 عاما من تأليف المفكر الأميركي فرانسيس فوكوياما لكتاب يحمل نفس العنوان. لكن الفرق بين النظرتين أن رؤية فوكوياما تعتبر أن نهاية التاريخ تعني انتصار الولايات المتحدة على الاتحاد السوفياتي، بينما يرى المسيري أن نهاية التاريخ فاشية اخترعتها الدول الغربية للسيطرة على العالم.
موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية: رؤية نقدية (مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، القـاهرة 1975).
العنصرية الصهيونية (سلسلة الموسوعة الصغيرة، بغداد 1975).
اليهودية والصهيونية وإسرائيل : دراسة في انتشار وانحسار الرؤية الصهيونية للواقع (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1975).
مختارات من الشعر الرومانتيكي الإنجليزي: النصوص الأساسية وبعض الدراسات التاريخية والنقدية (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979).
الفردوس الأرضي : دراسات وانطباعات عن الحضارة الأمريكية (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1979).
الأيديولوجية الصهيونية : دراسة حالة في علم اجتماع المعرفة (جزءان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 1981 ـ طبعة ثانية في جزء واحد 1988).
الغرب والعالم: تأليف كيفين رايلي (ترجمة بالاشتراك) (جزءان، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عالم المعرفة، الكويت 1985).
الانتفاضة الفلسطينية والأزمة الصهيونية : دراسة في الإدراك والكرامة (منظمة التحرير الفلسطينية، تونس 1987؛ المطبعة الفنية، القاهرة 1988؛ الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2000).
افتتاحيات الهادئ: تأليف ستيفن سوندايم وجون ويدمان (ترجمة بالاشتراك) (وزارة الإعلام، سلسلة المسرح العالمي، الكويت 1988).
الاستعمار الصهيوني وتطبيع الشخصية اليهودية : دراسات في بعض المفاهيم الصهيونية والممارسات الإسرائيلية (مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت 1990).
هجرة اليهود السوفييت : منهج في الرصد وتحليل المعلومات (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1990).
الأميرة والشاعر : قصة للأطفال (الفتى العربي، القاهرة 1993).
الجمعيات السرية في العالم : (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 1993).
إشكالية التحيز : رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد (تأليف وتحرير) (جزءان، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، القاهرة 1993؛ جزءان، واشنطن 1996؛ سبعة أجزاء؛ القاهرة 1998).
أسرار العقل الصهيوني : (دار الحسام، القاهرة 1996).
الصهيونية والنازية ونهاية التاريخ : رؤية حضارية جديدة (دار الشروق، القاهرة 1997 ـ 1998 ـ 2001).
من هو اليهودي؟ : (دار الشروق، القاهرة 1997 ـ 2001).
موسوعة تاريخ الصهيونية : (ثلاثة أجزاء، دار الحسام، القاهرة 1997).
اليهود في عقل هؤلاء : (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 1998).

اليد الخفية : دراسة في الحركات اليهودية، الهدامة والسرية (دار الشروق، القاهرة 1998؛ الهيئة العامة للكتاب، القاهرة 2000؛ دار الشروق 2001).
موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية : نموذج تفسيري جديد (ثمانية مجلدات، دار الشروق، القاهرة 1999).
فكر حركة الاستنارة وتناقضاته : (دار نهضة مصر، القاهرة 1999).
قضية المرأة بين التحرر والتمركز حول الأنثى : (دار نهضة مصر، القاهرة 1999).
نور والذئب الشهير بالمكار : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 1999).
سندريلا وزينب هانم خاتون : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 1999).
رحلة إلى جزيرة الدويشة : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
معركة كبيرة صغيرة : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
سر اختفاء الذئب الشهير بالمحتار : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2000).
العلمانية تحت المجهر : بالاشتراك مع الدكتور عزيز العظمة (دار الفكر، دمشق 2000).
رحلتي الفكرية ـ في البذور والجذور والثمر : سيرة غير ذاتية غير موضوعية (الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2001).
الأكاذيب الصهيونية من بداية الاستيطان حتى انتفاضة الأقصى : (دار المعارف، سلسلة اقرأ، القاهرة 2001).
الصهيونية والعنف من بداية الاستيطان إلى انتفاضة الأقصى : (دار الشروق، القاهرة 2001).
فلسطينيةً كانت ولم تَزَلِ : الموضوعات الكامنة المتواترة في شعر المقاومة الفلسطيني (نشر خاص، القاهرة 2001).
قصة خيالية جداً : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2001).
العالم من منظور غربي : (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 2001).
الجماعات الوظيفية اليهودية: نموذج تفسيري جديد (دار الشروق، القاهرة 2001).
ما هي النهاية؟ : قصة للأطفال - بالاشتراك مع الدكتوره جيهان فاروق (دار الشروق، القاهرة 2001).
قصص سريعة جداً : قصة للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2001).
من الانتفاضة إلي حرب التحرير الفلسطينية : أثر الانتفاضة على الكيان الإسرائيلي (عدة طبعات: القاهرة ـ دمشق ـ برلين ـ نيويورك ـ نشر إلكتروني، 2002م).
أغنيات إلى الأشياء الجميلة : ديوان شعر للأطفال (دار الشروق، القاهرة 2002).
انهيار إسرائيل من الداخل : (دار المعارف، القاهرة 2002).
الإنسان والحضارة والنماذج المركبة : دراسات نظرية وتطبيقية (دار الهلال، كتاب الهلال، القاهرة 2002).
مقدمة لدراسة الصراع العربي ـ الإسرائيلي : جذوره ومساره ومستقبله (دار الفكر، دمشق 2002).
الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان : (دار الفكر، دمشق 2002).
اللغة والمجاز : بين التوحيد ووحدة الوجود (دار الشروق، القاهرة 2002).
العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة : (جزءان، دار الشروق، القاهرة 2002).
أغاني الخبرة والحيرة والبراءة : سيرة شعرية، شبه ذاتية شبه موضوعية (دار الشروق، القاهرة 2003).
الحداثة وما بعد الحداثة : بالاشتراك مع الدكتور فتحي التريكي (دار الفكر، دمشق 2003).
البروتوكولات واليهودية والصهيونية : (دار الشروق، القاهرة 2003).
الموسوعة الموجزة : (مجلدان، دار الشروق، القاهرة 2003).

أسمى
07-21-2008, 10:26 PM
ـ الأعمال المنشورة باللغة الإنجليزية:

A Lover from Palestine and Other Poems (Palestine Information Office, Washington D.C., 1972

Israel and South Africa: The Progression of a Relationship (North American, New Brunswick, N.J., 1976;

Second Edition 1977; Third Edition, 1980; Arabic Translation, 1980).

The Land of Promise: A Critique of Political Zionism (North American, New Brunswick, N.J., 1977(.

Three Studies in English Literature: (North American, New Brunswick, N.J., 1979(.

The Palestinian Wedding: A Bilingual Anthology of Contemporary Palestinian Resistance Poetry (Three Continents Press, Washington D.C., 1983).

A Land of Stone and Thyme: Palestinian Short Stories (Co-editor) (Quartet, London, 1996
ــــــ

أسمى
07-21-2008, 10:29 PM
ـ دراسات عن أعمال المؤلف


ندوة عن الكتابات الفكرية: (أي التي لا تتناول موضوع الصهيونية) في لندن (12 يناير 1998).
مجلة الجديد (عمان، ملف خاص، شتاء عام 1998 ـ العدد العشرين).
ندوة في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (29 ـ 31 مارس 2000).
في عالم عبد الوهاب المسيرى كتاب حواري، قام بتحريره د. أحمد عبد الحليم عطية (أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة) حول أعمال المؤلف، اشترك فيه عدة مفكرين من بينهم: محمد حسنين هيكل ـ محمود أمين العالم ـ محمد سيد أحمد ـ جلال أمين (يناير 2004).




ـ شهادات تقدير وجوائز محلية ودولية:

شهادة تقدير من رابطة المفكرين الإندونسيين (1994). شهادة تقدير من جامعة القدس بفلسطين المحتلة (1995). شهادة تقدير من الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا (1996). International Educators' Hall of Fame (1996).

شهادة تقدير من نقابة أطباء القاهرة (1997).
شهادة تقدير من محافظة البحيرة (1998).
شهادة تقدير من اتحاد الطلبة الإندونسيين (1999).
شهادة تقدير من كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (1999).
شهادة تقدير من جريدة آفاق عربية بالقاهرة (1999).
شهادة تقدير من مؤتمر أدباء البحيرة (1999).
جائزة سوزان مبارك لأحسن كاتب لأدب الطفل (2000).
جائزة أحسن كتاب، معرض القاهرة الدولي للكتاب: عن كتاب رحلتي الفكرية (2001).
شهادة تقدير من منظمة فتح الفلسطينية (2001).
جائزة سلطان العويس بالإمارات العربية المتحدة عن مجمل الإنتاج الفكري (2002).
شهادة تقدير من مؤتمر أدباء مصر السابع عشر في الإسكندرية (2002).
شهادة تقدير من نقابة الأطباء العرب (2003).
جائزة سوزان مبارك أحسن كاتب لأدب الطفل (2003)
جائزة أستاذ الجيل من جائزة الشباب العالمية لخدمة العمل الإسلامي الخامسة بمملكة البحرين (2007)

أسمى
07-21-2008, 10:33 PM
وفاته:
توفي فجر يوم الخميس 3 يوليو/تموز 2008 بمستشفى فلسطين بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وشيعت جنازته ظهرا من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة. وشارك في صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عشرات العلماء والمفكرين، وعلى رأسهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والمفكر المصري المعروف فهمي هويدي والدكتور محمد سليم العوا والداعية عمرو خالد.


مراجع:
موقع الدكتور عبد الوهاب المسيري
موسوعة ويكيبيديا.
الجزيرة.نت، عبد الوهباب المسيري - تاريخ الوصول 3-7 2008

عبد الله العُتَيِّق
07-21-2008, 11:20 PM
قيد من ورد ..
فعلاً كنتِ كذلك ، و لا زلتِ ، حين جعلتيه لقباً لكِ ..
قيدتْ وردودك خبر مسيرِ المسيري هنا ..
لغايةِ : أن نسلُك مسيرَ فكرٍ حملَه ، و عقلٍ نقلَه ..
رُحمى اللهِ عليك عبد الوهابِ ما سارتْ ركائبُ المُسَيَّرين نحو تألقاتِ فكرٍ ناهضٍ على كفرٍ ناقضٍ ..

تحية إجلالٍ مقيَّدةً بوردِ التقديرِ لكَِ ..
عبد الله

د. منال عبدالرحمن
07-21-2008, 11:48 PM
نقلاً عن موقع اسلام اون لاين :



قبل أيام قليلة من وفاة المفكر الدكتور عبد الوهاب المسيري، أرسل إلى موقع "إسلام أون لاين" نسخة ديجيتال من كتابه "حوارات مع المسيري" الذي أعدته وحررته الإعلامية "سوزان حرفي"، والكتاب يحمل قدرا من العمق والحيوية والصراحة، وفي هذا الجزء من الحوار المقتبس من الجهد نعرض بعضا من التحولات الفكرية للمسيري على لسانه نقتبسها من كتابه النفيس والأخير، ويتحدث في هذا الجزء عن الموت وكيف كان يدركه. رحلة بحث


* من الواضح أنك انتقلت بين أكثر من تيار فكري، وكأنك في رحلة بحث عن الحقيقة؟
- هذا صحيح.. وأعتقد أن استخدامك لصورة "الرحلة بحثا عن الحقيقة" هي صورة مجازية تعبر بكثير من الدقة عن موقفي، فرغم التحولات التي مررت بها، فإن مكونات رؤيتي وعناصرها الأساسية لم تتغير، برغم تغير بعض الأسس الفلسفية، وبرغم تغير المنهج، فجوهر رؤيتي للعالم أن الإنسان كائن فريد وليس كائنا ماديا، وأن المساواة بين البشر مسألة ضرورية، الإنسان بلا شك يعيش في عالم المادة وجزء منها، لكنه جزء يتجزأ وليس جزءا لا يتجزأ منها؛ لأن فيه ما يجعله يتجاوز السقف المادي.
وهذه الرؤية الإنسانية كانت تترجم نفسها إلى الإيمان بضرورة المساواة بين البشر، وأن العدل من ثم قيمة أخلاقية أساسية، هذه الرؤية الأساسية هي الخيط الناظم في كل ما أكتب، وفي تطور حياتي الفكرية، المرجعية الفلسفية قد تغيّرت من فترة لأخرى، لكن طلب الرؤية كما هو، برغم تغير السبل والمناهج التي تؤدي إلى تحقيق هذه الرؤية، لقد التحقت في بداية حياتي لفترة قصيرة بـ"الإخوان المسلمين" في مرحلة الصبا، ثم اتجهت إلى الماركسية، وعشت مرحلة من الشك، ولكن مع الالتزام بالقيم المطلقة، مثل الحق والخير والجمال والإيمان بأن الإنسان كائن غير مادي، وضرورة إقامة العدل في الأرض، وبالتدريج وعلى مدى رحلة فكرية استغرقت أكثر من ثلاثين عاما عدت مرة أخرى إلى الإسلام لا كعقيدة دينية وحسب ولا كشعائر، وإنما كرؤية للكون وللحياة وكأيديولوجية.
التحول تم على درجات، بدأت بتجارب إنسانية بسيطة، مثل قصة حبي للدكتورة هدى التي لم أتمكن من تفسيرها ماديا؛ ولذا ظللت أبحث في الكتابات الماركسية إلى أن وجدت تعريف ماركس للزواج بأنه علاقة اقتصادية مفعمة بالحب (أي أنه سقط في ثنائية إيمانية تميز بين المادة [علاقة اقتصادية، والروح والحب]). ثم جاءت ابنتي نور، وحين تأملت في لحظة ميلادها لم أستطع تفسير علاقة أمها بها، أو علاقتي أنا بهما تفسيرا ماديًّا.
هذه الحوادث خلخلت من قبضة النموذج المادي، ولكن في الولايات المتحدة تفككت قبضته تماما حين ذهبت إلى جامعة رتجرز في الولايات المتحدة في أوائل الستينيات، كان البروفسور وليام فيلبس، هو من أشهر النقاد الاجتماعيين والأدبيين آنذاك، يرأس تحرير مجلة البارتيزان ريفيو، وقد تبناني فكان يدعوني للحفلات التي كانت تعقدها المجلة، مما أتاح لي الفرصة للحديث مع كبار الكتاب ومع الشباب من المثقفين الواعدين، فكنت أحدثهم بحماسة شديدة (باعتباري واحدا منهم) عن الإنسانية (الهيومانية) humanism والاستنارة والعقل والعقلانية الغربية، فكنت أفاجأ بأنهم يتحدثون عن اللاعقل واللاوعي والمخدرات والعبث والأساطير والفن البدائي والوعي الكوني والذوبان في الكون والبنيوية.
كما لاحظت تزايد الإشارات السلبية إلى مفهوم الإنسانية الهيومانية والإشارات الساخرة إلى الاستنارة، واكتشفت ساعتها أنني الداعي الوحيد للاستنارة في صحراء اللاعقل الجليدية، واكتشفت أن الحضارة الغربية قد دخلت مرحلة جديدة.
فالحضارة الغربية التي عرفناها ونشأنا على الإعجاب بها، بعقلانيتها وإنسانيتها، كانت تعالج سكرات الموت بعد أن سدد نيتشه ضربته الأولى، وبعد أن توالت الضربات من كيركجارد ونيتشه إلى هايدجر وهتلر، (من المؤلم حقا أن بعض دعاة الاستنارة والتغريب في مصر يترجمون أعمال نيتشه وكيركجارد وهايدجر ويعرضونها بحسبانها كلها جزءا من عملية "التنوير").
* هل رصدت وقائع محددة في حياتك أسهمت في عملية التحول؟
هناك حوادث كثيرة من أهمها ما حدث لي أثناء التدريس في كلية البنات عام 1970.. كنت قد ألقيت محاضرة عن الاستنارة الغربية نوهت فيها بمناقبها الكثيرة بما في ذلك عقلانيتها، ولكنني في المحاضرة التالية كنت أدرّس الشعر الإنجليزي الحديث، وكان الدور على قصيدة ت.س. إليوت: "الأرض الخراب The Waste Land"، فتحدثت عن أزمة الإنسان الحديث وتفتته واغترابه عن ذاته وعن الطبيعة، وبينما كنت ألقي محاضرتي، أحسست بسخفي الشديد، إذ تساءلت كيف يمكن لحضارة الاستنارة أن تنتهي في ظلمات الأرض الخراب؟!
كيف يمكن أن أبشر بالحضارة الغربية باعتبارها حضارة الاستنارة من الساعة التاسعة حتى الساعة التاسعة وخمس وخمسين دقيقة، ثم أبين لنفس الطالبات أنها في واقع الأمر حضارة الأرض الخراب من الساعة العاشرة حتى الساعة العاشرة وخمس وخمسين دقيقة؟! كان لابد أن أجد تفسيرًا كليا قادرا على تفسير هذا التناقض، والوصول إلى الوحدة الكامنة خلف التنوع، بل خلف التناقض الظاهر الواضح!
ومن الوقائع الأخرى الطريفة أنني كنت أكتب قصائد حداثية فأجد نفسي أكتب عن موضوعات حداثية، مثل غربة الإنسان وخيانة القيم... إلخ، وهي موضوعات ليس لها علاقة بتجربتي الشخصية وتتنافى مع رؤيتي الخاصة، وحيث إنني كنت لا أنوي نشر هذه القصائد، فالمسألة لا يمكن تفسيرها على أساس أنني أبحث عن رضا النقاد أو القراء، ولابد أن تفسر من الداخل، إذ يبدو أن خطاب الحداثة له حدوده وسقفه، فهو ليس مجرد أسلوب وإنما طريقة في الرؤية.
كنت مرة أجلس مع ابني، وهو بعد طفل، نشاهد التليفزيون، وسمع من المذيع أن الغرب قد راكم من الأسلحة النووية ما يكفي لتدمير العالم عشرات المرات، ففوجئت به يضحك ملء شدقيه ويخبرني بشيء بديهي فاتني، وهو أنه بعد تدمير العالم مرة واحدة، لا يمكن تدميره مرة ثانية، ساعتها ضحكت أنا الآخر، وتدعمت شكوكي بخصوص عقلانية العالم الغربي "المتقدم" وبخصوص النموذج المادي.
الإيمان والقدرة التفسيرية
* تتحدث عن رحلتك من النموذج المادي إلى النموذج الإنساني الإيماني، ومن الواضح أن المسألة لم تتم مرة واحدة، فهل يمكن أن تشركنا معك في الخطوات التي أدت إلى هذا التحول في نهاية الأمر؟
ثمة عناصر كثيرة متداخلة هي التي أدت في نهاية الأمر إلى عملية الانتقال، وسأحاول أن أتناول كل عنصر على حدة، ولأبدأ بتصوري، شأني شأن الكثيرين، أن الحضارة الغربية هي حضارة الفردية، وأن حضارتنا هي الحضارة الشرقية الجمعية، هكذا تعلمنا، وهكذا أدركنا الكون، ولكنني حينما ذهبت إلى هناك، لاحظت أن ثمة نمطية مذهلة في أشكال الحياة، وفي الأنماط الإنسانية، وهو أمر قد رصده علم الاجتماع الغربي، خاصة بعد ظهور علوم متخصصة في التحكم في السلوك الإنساني، سواء في العمل أو في الحياة الخاصة، التي قامت بترشيد حياة الإنسان وضبطها وفقا لخطة محددة (نوم - إفطار - عمل) بحيث أصبح كل شيء مجهزا مسبقا، حتى الإجازات والأفراح، بل المآتم، مجهزة ومنظمة ومخططة، يوجد الآن وظيفة "مخرج فرح" (وهي وظيفة بدأت تظهر في بلادنا أيضا)، ينظم لك كل شيء، وصاحب الشأن نفسه لا يستطيع أن يغير أي شيء، وعلم الاجتماع الغربي يتحدث عن التنميط standardization وهيمنة النماذج الكمية quantification وهي مصطلحات تشير إلى غياب الفردية وتآكل رقعة الحياة الخاصة.
كنت أقابل كثيرا من الأمريكيين يغيرون ملبسهم ومأكلهم وسلوكهم حسب ما يمليه الإعلام، بل ينسخون ما جاء في بعض الكتالوجات، مما كان يثير ضحكي أحيانا وحزني أحيانا أخرى، وهذا دعاني للقول بأن ما يسود في الولايات المتحدة ليس الفردية وإنما البرجماتية، والإنسان البرجماتي إنسان مطاط يتصور أنه يؤكد ذاته الجوانية، ولكنه ينتهي بالتكيف مع ما حوله وبالاستجابة المباشرة لما يأتيه من إشارات ونداءات وإعلانات وبيانات سياسية، فيعيد صياغة نفسه بسهولة وسرعة حسب آخر الصيحات.
وقد عرَّف أحد العلماء الغربين الحداثة بأنها "المقدرة على أن يغير الإنسان قيمه بعد إشعار قصير"، وهذا يتنافى مع ما تعلمناه من أن الإنسان الغربي إنسان يقف وحيدا في الكون يملي إرادته، عالمه الداخلي من صنعه، وهو يحاول في الوقت نفسه أن يفرضه على العالم الخارجي من حوله.. لم أجد شيئا من هذا (إلا في الأعمال الأدبية أساسا).. كانت الغالبية الساحقة من الناس، الذين ليس عندهم مقدرات نقدية عالية ووعي بالذات، في حالة عدم ثقة بالنفس تستمد صورتها لنفسها من الإعلام الذي كان آخذا في التوحش والتغول.
الموت..
* هل هناك تحولات أخرى حدثت لك؟

نعم.. موقفي من الموت، ويبدو أنني لم أكن مستوعبا تماما للمرض أو للموت على الرغم من إحساسي الشديد بالزمن، فقد ظلا بعيدين عني طيلة حياتي، ولم أحضر سوى جنازة أو اثنتين طيلة حياتي، كما لم أذهب لتعزية أحد تقريبا، ونادرا ما ذهبت لأعود أحد أصدقائي في مرضه، فكنت أكتفي بالمكالمات التليفونية أو بإرسال البرقيات.. (كنت أقول ساخرا لزوجتي: إنني حينما يتوفاني الله لن يحضر أحد جنازتي، وإن كانت ستتلقى سيلا عارما من البرقيات).
ولابد أن انشغالي الشديد بالموسوعة قد شجع هذا الاتجاه فيّ، وجعلني قادرا على تسويغه لنفسي، فكنت أخبر نفسي بأن أصدقائي سيفهمون ماذا أفعل، ولكن يبدو، والحق يقال، أن المسألة كانت أعمق من انشغالي بالموسوعة، إذ كان هناك داخلي اتجاه نفسي نحو التأمل والاحتفاظ بمسافة بيني وبين الأحداث، وهذا الاتجاه النفسي هو ما جعلني أسلك هذا السلوك.
كنت مرة في بوسطن ورأيت لوحة جميلة رسمها فنان صيني لشجرتين من نبات البامبو (البوص) تعلو كلا منهما زهرة ملونة جميلة، وقال الفنان في شرحه للوحة: إن هذا النوع من البامبو يظل ينمو لمدة تسعة وثلاثين عاما ثم يزهر زهرته في العام الأربعين ويموت بعدها، سحرت بهذه الفكرة، وغرقت في التأمل فيها، وقررت أن أسافر إلى الصين لمشاهدة حقول البامبو هذه حينما تزهر.
وحينما كنت أدرس عام 1987 في السعودية، قرأت مقالا في مجلة تايم عن أن نبات البامبو قد أزهر في ذلك العام، وكنت قد تجاوزت الخمسين، وشعرت بأنه لن يقدر لي أن أراه، فكتبت "قصيدة" نثرية عن هذا الموضوع قلت فيها: "وكنت أجلس في شرفتي/ أنظر إلى النجوم والرمال/ أعد الأيام والدراهم/ وأتحسس شعرك الخيالي/ وكنت أجلس/ أتأمل في اللحظة العابرة/ وفي السكون الساكن/ في النار والنور/ في لحظة النمو والفناء/ أعد الأيام والدراهم/ وها أنت ذي يا زهرتي/ تورقين وتنثرين ألوانك/ وتذوبين في الفضاء الأبيض الرهيب/ وأنا/ يا زهرتي بعدك/ أحُث الخُطى".
كانت لحظة شعرت فيها بالموت يحيط بي، إذ كانت الزهرة تذكرة لي بالزمن والموت، ولكنه كان شعورا جماليا، فقد كانت هناك مسافة بيني وبينه.
كنت أفكر في الموت نظريا كثيرا، وأؤكد علاقته بالحياة والنمو والتاريخ والزمن.. ففي رسالتي للدكتوراه، أفردت فصلا كاملا عن الموت وموقف الشاعرين وردزورث وويتمان منه، وكيف أن الأول يدرك أن نمو الإنسان وتطوره ثم موته هو جوهر إنسانيته، وأن النضج الإنساني يعني قبول هذه الحدود.. أما ويتمان شاعر العلم وأمريكا والجسد، فهو كان لا يرى هذه الحدود، وكان يؤمن بدلا من ذلك بشكل من أشكال تناسخ الأرواح (لا يختلف كثيرا عن إيمان نيتشه بالعود الأبدي) الذي يلغي الموت والحدود، وقد ربطت بين كل هذا وموقف الشاعرين من المعايير الجمالية، كما كنت أتأمل موقف الأمريكيين من الموت، ورفضهم الشديد له وخوفهم العميق منه، وكنت أجد في هذا علامة على عدم النضج، بل رفض عميق للحياة الإنسانية.
كانت هذه هي علاقتي بالموت وبالمرض، إذ تحولا إلى موضوع فلسفي مجرد، أضعهما داخل إطار، وأخلق مسافة بيني وبينهما، وأتأمل فيهما وأغرق في التأمل، دون إحساس شخصي وجودي مباشر، ثم حدث في حياتي ما زلزلني.. بدأت كتابة الموسوعة وأنا في الخامسة والثلاثين من عمري، وكنت أعمل فيها ليل نهار.. أبدأ أحيانا في السادسة صباحا ولا أنتهي إلا في الثانية عشرة مساء، وأستمر لمدة أسبوعين دون توقف، وعلى الرغم من تقدمي في السن، فإن حصتي من النشاط والصحة كانت آخذة في الازدياد بحيث كنت أكثر نشاطا في الثامنة والخمسين مني في الخامسة والثلاثين، كما أن الله عافاني من أي مرض طوال هذه المدة (باستثناء نوبات المرض الخفيفة المعتادة التي تدوم عدة أيام ولا تعطل عن العمل، وعملية جراحية صغيرة دامت عدة أيام؛ ولذا عندما كان أحد يحدثني عن التقدم في السن كنت لا أفهم ماذا يقول.
ولكن يوم أن انتهيت من الموسوعة، عرفت نبأ حزينا للغاية (موت زوج ابنتي)، وقد لاحظت في ذلك اليوم أنني بدأت أفقد النطق أحيانا، وكنت أظن أنه عيب في فكي، وظللت متماسكا مدة شهرين تقريبا، ثم بدأت أشعر بدوار كلما فكرت أو مارست أي أحاسيس، وقد سقطت مرتين أو ثلاثا على الأرض.
ويبدو أن مرضي كان في معظمه نفسيا، نتيجة للإرهاق الذي أصابني من جراء العمل المتواصل في الموسوعة ومن جراء الخبر الذي وصل إلي وأنا منهك القوى تماما بعد الانتهاء منها، فكان جهازي العصبي يتصرف بإرادته مستقلا عني، إذ قرر أن يستجيب لأي شيء ولكل شيء حسبما يعن له، دون تدخل واعٍ مني.
وقد حضر لزيارتي صديقي الدكتور عبد الحليم إبراهيم عبد الحليم، المهندس المعماري، فأخبرته بأنني لا يمكنني أن أتحدث واقفا، فضحك، وقال: إذن فلتتحدث وأنت جالس، ونصحني بالرضا بحسبانه مدخلا للشفاء، وبالفعل.. قبلت حالتي وبدأت رحلة الشفاء والعودة منذ تلك اللحظة، فأخلدت إلى الراحة التامة لأول مرة في حياتي تقريبا، وقضيت إجازة شهرين أمام البحر، امتنعت خلالها قدر طاقتي عن التفكير حتى استرددت جزءا كبيرا من عافيتي، (كنت أعمل مدة أربع ساعات في الصباح وحسب).
وأشير لهذه الفترة من حياتي بالزلزال أو الكابوس؛ لأنها جاءت مفاجئة، وكانت بالفعل كالكابوس، وذقت طعم المرض والموت لا كمقولات مجردة وإنما كتجربة عشتها بنفسي، واستوعبتها بشكل وجودي، ولم ينقذني من هذا الزلزال سوى الرضا وتقبل الحدود.

د. منال عبدالرحمن
07-21-2008, 11:50 PM
قرأتُ لهُ :

وكل إنسان قادر على تجاوز السطح المادي انطلاقا إلى قيم إنسانية غير خاضعة لقانون المادة، ولكنه أيضا بوسعه أن يختار الإذعان لقوانين المادة ويفقد ما يميزه كإنسان.
فالإنسان هو الكائن الوحيد القادر على أن يرتفع على ذاته أو يهوي دونها، على عكس الملائكة والحيوانات، فالملائكة لا تملك إلا أن تكون ملائكة، والحيوانات هي الأخرى لا تملك إلا أن تكون حيوانات، أما الإنسان فقادر على أن يرتفع إلى النجوم أو أن يغوص في الوحل.


شُكراً قيد , شُكراً كثيراً .

أسمى
07-22-2008, 04:10 AM
قيد من ورد ..
فعلاً كنتِ كذلك ، و لا زلتِ ، حين جعلتيه لقباً لكِ ..
قيدتْ وردودك خبر مسيرِ المسيري هنا ..
لغايةِ : أن نسلُك مسيرَ فكرٍ حملَه ، و عقلٍ نقلَه ..
رُحمى اللهِ عليك عبد الوهابِ ما سارتْ ركائبُ المُسَيَّرين نحو تألقاتِ فكرٍ ناهضٍ على كفرٍ ناقضٍ ..

تحية إجلالٍ مقيَّدةً بوردِ التقديرِ لكَِ ..
عبد الله

أهلاً بتواجدك أُستاذ عبدالله.
أضأت حيثُ حللت.

"
د ..المسيري أنموذج عظيم للـهمة العالية
للبحث حتى آخر لحظة.
للاعتراف بالخطأ وعدم المضيّ قُدما فيه.
تجاربه وأبحاثه ومؤلفاته..إرث ثقافي لفكر نيّر.
وخطوات مُتتالية لمراحل تحول فكر.
هي ثروة.لمن تتبعها بعين : (ليطمئن قلبي).
"
رحمه الله.وأسكنه فسيح جناته.

.

أسمى
07-22-2008, 04:18 AM
أهلاً بـ العزيزة ..منال.

ـ لأعترف لكِ بأمر..إضافتك أخذتني إلى عالم آخر.
حين قرأت ما أضفتي،نظرتُ الوقت قلت لنفسي يا للصباح الحزين.
ترى ماذا تقول حبات الرمال لبعضها البعض حين يوارى فيها العظماء..!
ياااااه ..إلى متى لاندرك قيمة من حولنا إلا بعد مُغادرتهم.
لدي أسئلة كثيرة للدكتور عبدالوهــاب...يامنال.
أتُراه يُجيب.؟!
..



.
رحمه الله.
وشُكراً لكِ اكثر وأكثر.

حمد الرحيمي
08-05-2008, 08:28 PM
رحمه الله رحمة واسعة و أغدق عليه من رحمته و مغفرته ...



قيد من ورد ...

كعادتك تجلبين الأدب الرفيع لنا ...

شكراً كثيراً لكِ على تسليط الضوء على د . عبد الوهاب المسيري ..


مودتي ...

أسمى
08-09-2008, 08:22 PM
رحمه الله رحمة واسعة و أغدق عليه من رحمته و مغفرته ...



قيد من ورد ...

كعادتك تجلبين الأدب الرفيع لنا ...

شكراً كثيراً لكِ على تسليط الضوء على د . عبد الوهاب المسيري ..


مودتي ...

أمين.


أهلاً بمرورك حمد.

د. منال عبدالرحمن
04-27-2009, 05:16 PM
عن الجزيرة : مقالٌ لم يُنشَر للدّكتور المسيري أعدّهُ قبلَ وفاتِهِ ..

عندما تتحول الصهيونية إلى نكتة


الصهيونية في جوهرها هي حركة لتخليص أوروبا من الفائض البشري اليهودي (Jewish surplus ) عن طريق نقله من أوروبا وتوطينه في أية منطقة خارجها، وقد استقر الرأي على أن تكون فلسطين هي هذه المنطقة نظراً لأهميتها الإستراتيجية، وارتباطها في الوجدان الغربي باليهود.


وحتى يتم تجنيد الجماهير اليهودية وتسهيل عملية نقلهم، خدعهم الغرب بقوله إنهم سيذهبون إلى أرض بلا شعب، وإنه إن وُجد فيها شعب سيكون من السهل إبادته أو نقله أو استعباده كما حدث في التجارب الاستيطانية الإحلالية الأخرى.


وبالفعل فُتحت أبواب فلسطين للهجرة الاستيطانية اليهودية التي كانت تحميها قوة الاحتلال البريطانية. وتم إعلان الدولة الصهيونية العام 1948، وتصور المستوطنون أنهم كسبوا المعركة ضد السكان الأصليين. ولكن بعد بضع سنوات قليلة من الهدوء بدأت المقاومة الفلسطينية النبيلة بشكل فردي ثم ظهرت فصائل المقاومة الفلسطينية الواحدة تلو الأخرى، وراحت تطور من قدراتها تدريجياً إلى أن وصلت إلى إنتاج الصواريخ وتحسين أدائها.


ومن الطريف أنه نظراً لبساطة هذه الصواريخ وبدائيتها، فإن الرادارات الإسرائيلية غير قادرة على رصدها، ولذا ظهرت نكتة في إسرائيل تقول إنه لابد وأن تزود إسرائيل المقاومة الفلسطينية بصواريخ سكود حتى يمكن للرادارات الإسرائيلية أن ترصدها.


وتدريجياً بدأ الإسرائيليون يشعرون أن انتصاراتهم العسكرية لا معنى لها، وأنها لم تنجح في تحقيق السلام أو الأمن لهم (فيما سماه المؤرخ الإسرائيلي يعقوب تالمون "عقم الانتصار" مقتبساً عبارة هيجل) وأنهم خُدعوا عندما صُوِّر لهم أن عملية الاستيطان في فلسطين سهلة، وتدريجياً تنامى إحساس بالورطة التاريخية.


ولكن ماذا يمكن لهم أن يفعلوا؟ أحد الحلول هو تجاهل الورطة تماماً، وهذا ما تعبر عنه أحداث هذه القصيدة الفكاهية التي كتبها الشاعر الإسرائيلي إفرايم سيدون إبان الانتفاضة الأولى (والتي رفض التلفزيون الإسرائيلي إذاعتها).


تدور أحداث القصيدة في غرفة صالون يجلس فيه أربعة أشخاص: الأب والأم والطفل، أما رابعهم فهو الجندي الصهيوني، وبالتالي فهي خلية استيطانية سكانية مسلحة. وقد اندلع خارج المنزل حريق (رمز الانتفاضة وظهور الشعب الفلسطيني) وبدأ الدخان يدخل البيت عبر النافذة، إلا أن الأربعة يجلسون بهدوء ويشاهدون مسلسلاً تلفزيونياً ولا يكترثون بشيء. ثم ينشد الجميع:


هنا نحن جميعاً نجلس


في بيتنا الصغير الهادئ


نجلس في ارتياح جذل


هذا أفضل لنا، حقاً إنه أفضل لنا


- الأم: جيد هو وضعنا العام


- الجندي: أو باختصار.. إيجابي...


- الأب: وإذا كانت هنا جمرة تهدد بالحريق


- الأم: طفلي سينهض لإطفاء الحريق


- الأب: وإذا اندلعت هنا وهناك حرائق صغيرة


- الأم: سيسرع ابني لإطفائها بالهراوة


- الأب: انهض يا بني اضربها قليلاً


ويخاطب الأب النار فيخبرها أنها مسكينة، وأنها لن تؤثِّر فيه من قريب أو بعيد، وأنه سيطفئها في النهاية. وحينما تأكل النيران قدميه لا تضطرب الأم، فالأمر في تصورها ليس خطيراً، إذ لديه -كما تقول- "قدم صناعية" (لعلها مستوردة من الولايات المتحدة)، والوقت -كما يقول الأب- "يعمل لصالحنا". ولكن الطفل ينطق مرة أخرى بالحقيقة المرة:


- الطفل: بابا، بابا، لقد حرقنا الوقت [الزمن]


- الأب: اسكت


- الأم: إن من ينظر حولنا ويراقب، يرى كم أن الأب لا ينطق إلا بالصدق كعادته


- الأب والأم: لقد أثبتنا للنار بشكل واضح من هو الرجل هنا ومن هو الحاكم


- الطفل: ولكن بابا... البيت...


- الأب: لا تشغلنا بالحقائق


وهذه القصيدة الفكاهية، شأنها شأن النكت، تخبئ رؤية متشائمة بشأن مستقبل المستوطنين الصهاينة الذين يستقرون في المكان وينكرون الزمان، فتحرقهم الحقيقة وهم جالسون يراقبون مسلسلاً تلفزيونياً في هدوء وسكينة، أو يستمعون إلى الدعاية الصهيونية التي تنسيهم واقعهم في رضا كامل!


ويتضح هذا الإحساس بالعبثية وفقدان الاتجاه عند الإسرائيليين في ظهور موضوع "الخوف من الإنجاب" في القصص الإسرائيلية. فمن المعروف أن الدولة الصهيونية تشجع النسل بشكل مهووس لا حباً في الإخصاب والأطفال، وإنما وسيلة لتثبيت أركان الاستعمار الاستيطاني.


ولكن من المعروف أيضاً أن معدل الإنجاب في إسرائيل من أقل المعدلات في العالم، حتى أنهم فكروا في أن يعلنوا للإنجاب عاماً يركز فيه الإسرائيليون لإنجاب أطفال أكثر. وكان رد الإسرائيليين، كما هو متوقع، سريعاً وحاسماً وملهاوياً، إذ قال أحد أعضاء الكنيست إن على رئيس الوزراء أن يعود إلى منزله فوراً للقيام بواجبه الوطني مع زوجته.


وهو بالمناسبة واجب وطني بالفعل، فكما يقول أستاذ الجغرافيا الإسرائيلي أرنون سوفير إن "السيادة على أرض إسرائيل لن تُحسَم بالبندقية أو القنبلة اليدوية بل ستُحسَم من خلال ساحتين: غرفة النوم والجامعات، وسيتفوق الفلسطينيون علينا في هاتين الساحتين خلال فترة غير طويلة".


ومن هنا الإشارة إلى المرأة الفلسطينية النفوض، التي تنجب العديد من الأطفال، بأنها "قنبلة بيولوجية". وتعود ظاهرة العزوف عن الإنجاب إلى عدة أسباب عامة (تركُّز الإسرائيليين في المدن-علمنة المجتمع الإسرائيلي-التوجه نحو اللذة... إلخ). لكن لا يمكن إنكار أن عدم الإنجاب إنما هو انعكاس لوضع خاص داخل المجتمع الإسرائيلي وتعبير عن قلق الإسرائيليين من وضعهم الشاذ، باعتبارهم دولة مغروسة بالقوة في المنطقة، مهددة دائماً بما يسمونه المشكلة الديموغرافية، أي تزايد عدد العرب وتراجع عدد المستوطنين اليهود.


ويعبر الإحساس العميق بالورطة التاريخية التي وجد الإسرائيليون أنفسهم فيها بهذه النكتة التي أطلقها أحد المسؤولين الصهاينة إبان احتفالات الذكرى الأربعين لتأسيس إسرائيل، إذ قال إن المشروع الصهيوني كله يستند إلى سوء فهم وخطأ، إذ كان من المفروض أن يتم في كندا بدلاً من فلسطين.


ويرجع هذا إلى تعثُّر لسان موسى التوراتي، فحينما سأله الإله أي بلد تريد؟ كان من المفروض أن يقول "كندا" على التو ولكنه تلعثم وقال "كاكاكا- نانانا" فأعطاه الإله "أرض كنعان" (أي فلسطين) بدلاً من كندا، فهاج عليه بنو إسرائيل وماجوا وقالوا له "كان بوسعك أن تحصل على كندا بدلاً من هذا المكان البائس الخرب، هذا الوباء الشرق أوسطي الذي تحيط به الرمال والعرب". والنكتة هنا تعبِّر عن إحساس عميق بالخوف من تزايد العرب وتصاعد المقاومة وبالطريق المسدود الذي يؤدي إلى العدمية الكاملة.


وتتسم المجتمعات التي يُقال لها متقدمة بتصاعد معدلات الاستهلاك، خاصة وأن هذه المعدلات أصبحت واحدة من أهم مؤشرات التقدم. والمجتمع الإسرائيلي يقال له "متقدم" ولذا نجد أن معدلات الاستهلاك فيه عالية. ولكن المشكلة أنه أيضاً مجتمع استيطاني. والتوجه الاستهلاكي يقوض من مقدرته القتالية، لأن هذا التوجه يصاحبه توجه شديد نحو اللذة وانصراف عن المثل الأيديولوجية الاستيطانية التي تتطلب الانضباط والاستعداد العسكري والمقدرة على إرجاء الإشباع.


وقد كان المجتمع الصهيوني يتسم بهذه السمات. ولكن بعد حرب 1967 انفتحت بوابة الاستهلاكية، وهي تتزايد يوماً بعد يوم، وبدلاً من المستوطن القديم الذي كان يحمل المحراث بيد، والمدفع الرشاش باليد الأخرى، ظهر ما يطلق عليه "روش قطان" وهو الإنسان ذو المعدة الكبيرة والرأس (روش) الصغيرة (قطان) الذي لا يفكر إلا في مصلحته ومتعته واحتياجاته الشخصية، وينصرف تماماً عن خدمة الوطن أو حتى التفكير فيه.


إنه إنسان استهلاكي مادي لا يؤجل متعة اليوم إلى الغد، غير قادر على إرجاء الإشباع، فهو غير واثق تماماً من الغد، فاليوم خمر بلا شك، ولكن الغد مظلم تماماً، فينغمس في الاستهلاك، خاصة وأنه ينسيه أزمة المعنى وفقدان الاتجاه.


ولذا يقال إن سياسة الدولة الصهيونية -حسب إحدى النكات الإسرائيلية- هي تزويد جماهيرها بال T. V. C. وهي الأحرف الأولى لـ Video, and Cars وT.V. أما الشباب فيُشار له باعتباره جيل الـM T V وهي محطة الفيديو كليبات الشهيرة التي تركز على الرقص والغناء والجسد ولا تذكر العالم الخارجي من قريب أو بعيد.


كما يُشار إليه باعتباره جيل الإكسبريسو، أي الشباب الذين يجلسون على المقاهي فيشربون قهوة الإكسبريسو ولا يشغلون بالهم بالوطن القومي اليهودي ومعاركه المستمرة المختلفة. وحسب الحلم الصهيوني كان من المفروض أن تصبح إسرائيل نوراً للأمم (ذات فولت عال جداً) ولكنها أصبحت -حسب قول أحد الصحفيين الإسرائيليين- مجتمع الثلاثة ف (V): الفولفو والفيديو والفيلا.


وأشار أحد الصحفيين الإسرائيليين إلى أن الإسرائيليين يعملون مثل شعوب أميركا اللاتينية (أي لا يعملون) ويعيشون مثل شعوب أميركا الشمالية (أي يتمتعون بمستوى معيشي عال) ويدفعون الضرائب مثل الإيطاليين (أي يتهربون منها) ويقودون السيارات مثل المصريين (أي بجنون).


وقد أشار المعلق العسكري الإسرائيلي زئيف شيف إلى الاستيطان في الضفة الغربية بأنه "استيطان دي لوكس" فالمستوطنون هناك استهلاكيون وليسوا مقاتلين، يتأكدون من حجم حمام السباحة ومساحة الفيلا قبل الانتقال إلى المستوطنة.


ولذلك تشير الصحف الإسرائيلية إلى هذا الاستيطان باعتباره "الصنبور الذي لا يُغلَق أبداً" بل إنهم يشيرون إلى "محترفي الاستيطان" (بالإنجليزية: ستلمنت بروفشنالز settlement professionals) وهم المستوطنون الذين يستوطنون في الضفة الغربية انتظاراً للوقت الذي تنسحب فيه القوات الإسرائيلية ليحصلوا على التعويضات المناسبة (كما حدث في مستوطنة ياميت في شبه جزيرة سيناء).


كما يشير الإسرائيليون إلى الاستيطان المكوكي (بالإنجليزية: شاتل ستلمنت shuttle settlement) وهي إشارة للمستوطنين الذين يستوطنون في الضفة الغربية بسبب رخص أسعار المساكن وحسب، ولكنهم يعملون خلف الخط الأخضر وهو ما حوَّل المستوطنات إلى منامات يقضي فيها المستوطنون سحابة ليلهم، أي أنهم ينتقلون كالمكوك بين المستوطنات التي يعيشون فيها بالضفة الغربية ومكاتبهم التي يعملون فيها بالمدن الإسرائيلية وراء الخط الأخضر.


ومن حق أي شعب أن يستهلك بالقدر الذي يريد ما دام يكد ويتعب وينتج ثم ينفق، ولكن الوضع ليس كذلك في إسرائيل، فهم يعرفون أن الدولة الصهيونية "المستقلة" لا يمكن أن توفر لنفسها البقاء والاستمرار ولا أن توفر لهم هذا المستوى المعيشي المرتفع إلا من خلال الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الأميركي المستمر، ما دامت تقوم بدور المدافع عن المصالح الأميركية، أي أن الدولة الصهيونية دولة وظيفية، تُعرَّف في ضوء الوظيفة الموكلة لها.


وقد وصف أحد الصحفيين الإسرائيليين الدولة الصهيونية بأنها "كلب حراسة، رأسه في واشنطن وذيله في القدس" وهو وصف طريف ودقيق، وصريح وقاس.


ولكن هناك دائماً الإحساس بالنكتة. فعندما طرح أحد وزراء المالية خطة "دولرة" الشيكل أي ربطه بالدولار (وهي خطة رُفضت نظرياً في حينها وإن كانت نُفِّذت عملياً) اقترحت عضوة الكنيست جيئولا كوهين أن توضع صورة أبراهام لنكولن على العملة الإسرائيلية جنباً إلى جنب مع صور زعماء إسرائيل ونجمة داود، وأن يُدرَّس التاريخ الأميركي للطلاب اليهود بدلاً مما يسمى "التاريخ اليهودي".


وأوردت صحيفة "جيروزاليم بوست" الحوار الخيالي التالي بين وزير المالية وشخص آخر:


الوزير: الخطوة الأولى هي أن نُخفِّض الميزانية، أما الثانية فهي تحطيم الشيكل واستخدام الدولار.


الآخر: وما الخطوة الثالثة؟


الوزير: الأمر واضح جداً، ننتقل كلنا إلى بروكلين (أحد أحياء اليهود في نيويورك).


لكل ما تقدم، يشعر الإسرائيليون أن الصهيونية لم تعد هي الخريطة التي تهديهم سواء السبيل، ففلسطين التي كان يُشار إليها بأنها "أرض بلا شعب" ظهر أنها فيها شعب، وأنه يقاوم المحتلين بلا هوادة، ولا يكل ولا يتعب من المقاومة.


وقد لاحظ أحد الكُتَّاب الإسرائيليين أنه لا يوجد فارق كبير بين الصيغتين "صهيوني" (بالعبرية: تسيوني tzioni) و"غير المكترث" (بالعبرية: تسيني tzini) والفارق الوحيد بينهما في الإنجليزية هو حرف (o) أي زيرو. فالصهيونية، هذه الأيديولوجية المشيحانية التي تدَّعي أنها القومية اليهودية، والتي تتطلب الحد الأقصى من الحماس والالتزام، فَقَدت دلالتها وأصبحت شيئاً لا يكترث به اليهود أعضاء هذه القومية المزعومة الذين تحاول الصهيونية "تحريرهم" من أسرهم في "المنفى"!


ويشير أحد الكُتَّاب الفكاهيين في إسرائيل إلى أن كلمتي "زايونيزم Zionism" الصهيونية و"زومبي Zombie" (وهو الميت الذي تُعاد له الحياة بعد أن تدخل جسده قوة خارقة، ولذا يمكنه الحركة ولكنه لا يستعيد القدرة على الكلام أو حرية الإرادة) تردان في نفس الصفحة من المعجم الإنجليزي، الأمر الذي يدل -حسب تصوُّره- على ترابطهما، وأن الصهيونية إن هي إلا زومبي، أي جسد متحرِّك لا حياة فيه ولا معنى له.


وهذا الكاتب الكوميدي لم يجانب الحقيقة كثيراً، فهناك العديد من المستوطنات الفارغة، تنعى من بناها، لا يسكن فيها أحد، ويُطلَق عليها بالإنجليزية: دمي ستلمنت dummy settlement. وقد آثرنا ترجمتها بعبارة "مستوطنات الأشباح" أو "مستوطنات زومبي" فهي جسد قائم لا حياة فيه.


ونظراً لكل هذه التطورات أصبحت كلمة "صهيونية" (تسيونوت بالعبرية) تعني "كلام مدع أحمق" (صحيفة جيروزاليم بوست، 26 أبريل/ نيسان 1985) وتحمل أيضاً معنى "التباهي بالوطنية بشكل علني مُبالَغ فيه" وتدل على الاتصاف بالسذاجة الشديدة في حقل السياسة (صحيفة إيكونوميست، 21 يوليو/ تموز 1984وكتاب برنارد أفيشاي مأساة الصهيونية، ص 26).


ومن الواضح أن حقل الكلمة الدلالي أو منظورها يشير إلى مجموعتين من البشر: صهاينة الخارج، أي الصهاينة التوطينيون الذين يحضرون إلى إسرائيل ويحبون أن يسمعوا الخطب التي لا علاقة لها بالواقع، ولذا فهي ساذجة، مليئة بالادعاءات الحمقاء والتباهي العلني بالوطنية.


وتشير في الوقت نفسه إلى الصهاينة الاستيطانيين الذين يعرفون أن الخطب التي عليهم إلقاؤها إن هي إلا خطب جوفاء ومبالغات لفظية لا معنى لها، ولكن عليهم إلقاءها على أية حال حتى يجزل لهم الضيوف العطاء.


والمقصود الآن بعبارة مثل "اعطه صهيونية" هو "فلتتفوه بكلام ضخم أجوف لا يحمل أي معنى" فهو صوت بلا معنى، وجسد بلا روح، ودال بدون مدلول، أو كما نقول بالعامية المصرية "هجّص" فالمسألة "هجص في هجص". ويمكن أن نضيف لزيادة الدلالة "والأرزاق على الله" أو فلنُعلمن العبارة ونقول "والأرزاق على الولايات المتحدة ويهود الدياسبورا"!! والله أعلم.