المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دموع شاعر ثلاث


يوسف الحربي
09-05-2006, 03:42 PM
دموع شاعر ثلاث

بسم الله الرحمن الرحيم
من زمن امرؤ القيس وحتى تاريخه , من تلكم الأيام وقوافل الشعر تنهب دروب ومفازات جزيرة العرب معنى ومغنى , في دروب القوافل سقط الكثير وبقيت ثلّة شيدوا بفكرهم معالم وشواهد على طريق الشعر .
في مساء مديني فوّاح برائحة النخيل وأرج الورود كان الواقفون على مرافيء الشعر على موعد مع أحد الشوادن التي ترنمت بالشعر في ليل غارت أنجمه واشتد سواده , بدوي ينفث الشعر سحراً يتشكل في دواخلنا دهشة , يمسك بأزميل الشعر وينحت في الحنايا نُصب الإعجاب .. ذلكم هو الشاعر الكبير محمد جبر الحربي
محمد جبر الحربي الذي جاء بِخيل شعره إلى ساحة النادي الأدبي بالمدينة المنورة لترسم السنابك في دروب الذاكرة أثراً يتساوق جماله مع ذاك الذي طرزته أنفاس الشعراء الراحلين على صفحات ليالي العرب المجيدة .
جاء الحربي متأبطاً حزن قصائده , الحزن الذي ينثر دمعه حبراً على الورق , حزن بلا دموع وآهة مكبوتة تزفر في جوف ليل داخل غرفة موشحة جدرانها بالألم ومزركشة بأصابع التعب .. وقبل مجيئه ..عينان تتفرسان في وجه شعر الحربي ..أولاهما معايير الجودة وقد أدلى النقاد بدلاهم فيها فكان المُخرج ماءً زلالا , والثانية هي الذائقة العربية وقد تربع شاعرنا الحربي على تضاريسها وأوغل حتى مكامن الشجن فيها ..
كلاً يغني على ليلاه وليلى الشاعر الكبير هي العراق الذي أنشب العدا خناجرهم في خاصرته . أولئك الذين اغتالوه وقطعوا أوصاله باسم الحرية ..لم يعد في القلب متسع لأحاديث الغواني فقلب شاعرنا الكبير ينبض بهم العروبة ويخفق مع توارد أخبار الكر والفر في عراقنا السليب , حملنا الشاعر معه على أجنحة الشعر وتوقفنا عند قصائد ثلاث .

المعلقة العراقية
ضمت القصيدة حشداً من الأسماء العربية نزفها شاعرنا دماً وشعراً من شرايينه , أسماء عربية صنعت عقلاً وحرفا , ضمدت جرحا , قادت جيشا , كتبت تاريخا , كأنما شاعرنا يجسد بكلماته فداحة الظلم الذي نال بلداً ضم إلى جوار الماء والنخيل هذه الأسماء التي نقشت حروفها في سجلات الخالدين .. المقتول عِلم وشعر , معالم وحضارة , نهر ونخل ..جريمة وأي جريمة تلك التي يُقتل فيها ومع سبق الإصرار والترصد شعب كل ما تحت خطاه ينبض تاريخاً عبقاً لأمة حملت مشعل النور والإنسانية لتضيء به ليل الأرض ..
ومن القاتل ..صليب حاقد وحليف منافق وشعوبي موتور

زمان العرب
في هذه الأحرف يُشعل الشاعر شمعة في ظلام اليأس تنير لأولئك الذين ركنوا للهزيمة دروب الأمل والسؤدد , لن تخمد نار العزة والكرامة في القلوب التي ران عليها غبار النسيان وسد مذاهب الطريق في ذاكرة مازالت تختزن في تلافيفها صوراً لغزاة سادوا حين تخاذل ثم بادوا .. جاء التتار وعاثوا في العراق قتلاً وتشريداً ثم غدوا أثراً بعد عين .. وبقي العرب .
جاء الانجليز ثم رحلوا بالسيف الذي لم يعد إلى غمده إلا بعد رحيل آخر اللصوص .. وبقي العرب .
وقبل هؤلاء وأولئك كانت القادسية التي استأصلت شأفة الفرس واجتثت وجودهم في العراق من جذوره .. وبقي العرب .
هذا زمان العرب وخير مصداق لهذا هو الأنباء التي ترد عن الأبطال الذين وضعوا الغزاة في دائرة رعب لا يُعرف طرفاها .

الفارس المطعون بحراب الأهل
فارس عربي طعنته حراب أهله , وأي إيلام أشد من طعنة ذوي القربى , فارس أشرع عينيه للأفق ولم يطأطيء رأسه وينظر للأسفل حيث الأقزام تحيك في دجى الغدر أنسجة الخيانة , فارس لم تطرحه الطعنة أرضاً لينزف حتى الموت بل ظل في شموخه كالأشجار العظيمة لا تموت إلا وهي واقفة ترنوا إلى السماء .
شاعرنا الأكبر / محمد بن جبر الحربي
ناديت يا سيدي بالرغم من صخب الغوغاء الذين أحاطوا بالأذن العربية , ناديت وكأنك تنادي من أودية سحيقة بيد أنك أجبرت الجميع على سماع صوتك ..
يوماً ما يا سيدي سيذكر التاريخ هذه الحقبة وسيغمر طوفان النسيان كل المتخاذلين والإنهزاميين وستبقى القمم الشامخة فقط في معتصم من الماء
.
ابن المدينة / يوسف الحربي .
.
محمدجبر الحربي
سيرة ذاتية
شاعر سعودي له إسهامات كثيرة في نهضة الشعر الحديث في المملكة العربية والسعودية ويعتبر من النخبة المثقفة فكريا وأدبياً وحضارياً كشاعر وكاتب واعلامي , كما يعتبر من أوائل الذين رفدوا حركة الشعر الحديث في المملكة العربية السعودية.
ولد في الطائف سنة 1956م
شارك في العديد من الفعاليات الثقافية المحلية والعربية، في كل من السعودية، الأردن , مصر ,العراق اليمن , تونس ,دول الخليج العربي .. ا وغيرها.


عمل في الصحف المحلية مثل الجزيرة، واليوم، ثم عين رئيساً للقسم الثقافي والفني في مجلة اليمامة الأسبوعية بين 1983- 1988، مستشارا للتحرير في الجزيرة 96 -98 . لا يزال يعمل في القطاع الإعلامي، تنشر أعماله محلياً وعربياً في الصحف والمجلات ا والمواقع الثقافية.

يكتب مقالاً أسبوعياً بعنوان (أعراف) في جريدة الجزيرة السعودية، يعكف حاليا على كتابة (رسائل إلى أمريكا) لتكون أول رسائل تدون من قبل شاعر وكاتب سعودي موجهة في كتاب للشعب الأمريكي متخطية جسر العبور إلى العالم الغربي مترجمة باللغة الإنجليزية.


من أعماله ثلاثة دواوين شعرية، وهي (بين الصمت والجنون) 1983، ديوان (ما لم تقله الحرب)1985، وديوان (خديجة) الطبعة الأولى 1997، الطبعة الثانية 2004.

يوسف الحربي
09-05-2006, 03:45 PM
تنويع منفرد على بحر العرب
الشاعر العربي / محمد جبر الحربي

على الأرضِ منه السلامْ.
وللعرْبِ: طيّبُِهم والتقيُّ، وفيهم رسالتُه، والنبيُّ، وأعلى صروحِ البيان.
فأما الحروبُ فمنْ صنعِ فرعون هذا الزمان وهامانِهِ: يرفع الصرحَ ملتبساَ بالخديعةِ, مستكبراً بالحشود، ومستنفراً فتنة المائلين لهدمِ الجنان.
وأما البيانُ فهذا بياني لكمْ فاحفظوه,
وكونوا به الرمحَ والصولجان.

وكونوا الخلائف في جنةِ الله, أرضِ الرسالاتِ,
مهد الحضاراتِ, مفروشةً بالغمامِ, ومعروشةً بالعنبْ.

وكونوا الثوابتَ والعادياتِ,
أعدّوا لهم ما استطعتم من الكبرياء مسوّمةً بالجلال وممهورةً بالغضبْ.

ولا تهلكوا, وتوخوْا بها ما أمرتم به من عتادٍ
ومن زادِ عزتكم من أيادٍٍ, ومن صافنات العنادْ.

ولا تتركوا كائناً لا يقاوم فيكم وإنْ حجراً ساكناً سيئنُّ
ليُبْلغهُ الطفلُ غايته في جبين الجبانْ.

فأشجاركم ستسَنُّ
وأضلاعكم ستسَنُّ
وأرواحكم ستسَنُّ
فلا تستوي ذلةٌ وجبين العربْ.

وكيما يعمّ السلامُ, ويُزجى الحمامُ
ويُمحَى الظلامُ ورجسُ الغزاةِ
فهذا البيان من الشعرِ مارجُهُ للعدوِّ, وخالصُهُ للعرَبْ.

وهذي الشهادة بالحقّ عاليةٌ كنخيلِ البلاد التي أحرقوها على غير حقٍّ وأدركها الله بالنصر عمّا قريبٍ فهاتوا مواثيقكم واكتبوا لغةَ الفخرِ في الصّدرِ في أولِ السطرِ
إنّ الكتابةَ فيمن غلبْ:

لم أقف صامتاً
حين دكّت جيوشُ التتارِ الجدارَ
وحلّت بأهلي نوائبُها، والجَرادْ.

لم أقفْ خائباً
حين عاد المغولُ إلى غرّةِ الأرضِ
واستنجد الرومُ بالفرْسِ
واللصُّ بالقسِّ
جاء الأراذِلُ من كلِّ فجٍّ بأرذلِ ما في الفجاجْ.

قلت هذي هي العربية تسعى إليّ وتشكو
فقبّلت مهجتها, وأخذت برفقٍ يديها,
وأجلستها فوق روحي
فسالت جروحي
وفاض المدادُ بأنبلِ ما يصطفيهِ الفؤادْ.

لم أقف هائماً كالبغالِ
أفتش في لغتي عن معانٍ تخفّف وطأتها
أو تشير إلى رحمةٍ داخلَ النارِ
أو تتبحّحُ ذي فرصةُّ للنهوضْ.

لم أَقلْ إنها نجدةٌ تشبه الحربَ
أو قلتُ هذا خصامٌ فيُصْلَحُ بين الخصومْ.

لم أقل إنها حالةٌ ستمرّ, سحابةُ صيفٍ تبَخّرُ
بلْ قلتُ هذا احتلالٌ
يبيح دمي في العراقِ
ويدفن أهليَ
يسجنُ أرواحَهم
ويدمّر دارَ الخلافةِ
يحرق ما شجّرتْه العقولُ الجميلةُ في بيتِ حكمتها،
وهو يسرِقُ أسرارَ فتنتِها، ومنازلَ أسيادِها, والسّوادْ.

لم أقف خائباً كالإوزّ
فسجّل هنا مرةً تلو أخرى
بأني أنا اليعربيُّ الأبيُّ على أمّةٍ
سوف أبقى أدافِعُ عن ملّةِ العدلِ
أنشد قافية الليل مبصرةً كالنهارِ
وحتّى تذوقَ الجيوشُ وأذنابُها خيبة الذلِّ
حتى تلاحقَ أرواحهم لعنةُ الله والعالمينَ
سأضرمُ ناراً ستعصى على بردِهم والحديدِ
وأُرجع للنهر بهجتَهُ
ما امّحى من مصابيحَ رجراجةٍ
وأعدّ الهواءَ لأغصانِ سدرتنا
والمياهَ لوردِ الحديقةِ
أصلِحُ كرسيّنا الخشبيّ وأجلسُ،
أُنْصِتُ،
ها إنني منصِتٌ كيف لو تنصِتون:

يَقول ليَ الغصْنُ هذا كَيانُ العربْ.
وإنْ جيّشوا كلّ ما حولهم: أرضَهُم والسماءَ
وجاستْ فساداً بها خِسّةُ الغرْبِ
عمَّ الخرابُ
وصاحَ الغرابُ
وأضحى الأمينُ الشريف العفيفُ بمحرابها مَنْ كذَبْ.
وأضحى السفيه اللئيمُ حكيماً
وأضحى البهيمُ بياناً
وسادَ الخؤون على رأسِ بيتِ الخلافةِ
صار لفارسَ في النّسَبِ العربيِّ أبو جهلِها واللّهَبْ.

يَقول ليَ البرعُمُ الصّبْحَ هذا الجمالُ جمالُ العرَبْ
فما سادَ قبحٌ على الأرضِ
إلاّ وأسقطهُ الحسْنُ، والحسنُ بابُّ لجناتِ عدْنٍ,
وما سادَ شرٌ وإنْ في الفضاء محَاوِرُهُ
من حثالة سقط الحضارة في الغربِ
حتى الحثالة في شرقِها المتوسّطِ أوْ ما أرادوا الكبيرْ.
من جرائرِ قارونَ
حتى جرائمِ شارونَ
حتى بغالِ العراق الأليفة في سدّة الحكمِ
في رحلةِ البحث عن علفٍ في بقايا Bremer
أو في بقايا Mr. Blair.

تقولُ لي الوردَةُ الآنَ هذا زمانُ العرَبْ
وإن حطّ من حطّ
أوْ طارَ من طارَ
أو غارَ من غارَ
فاكتبْ هنا بالدّمِ العربيّ وماءِ الذهبْ
وفي أول السطرِ، في الصدرِ:
هذا
زمانُ
العربْ
وواللهِ واللهِ إنّ الزمانَ على رغم بوووشٍ وتابعِهِ
لزمانُ العرَبْ.

يقولُ ليَ الرّازقيّ بأنّ الكتابَ كتابُ العربْ.
وأنّ الخطابَ خطابُ العرَبْ.
وأنَّ الكتابةَ بالدّمِ لا بالسّوادِ الذليل.
وأنْ لا ظهيرةَ لا عصرَ إلاّ بأفياءِ دجلتهم والنخيلْ.
ولا يطلعُ الفجر مثّاقلاً بالندى والبنفسجِ
إلاّ إذا غنّت الأرضُ أشعارَهم
من عيون الرصافةِ والجسرِ حتى كرومِ الجليلْ.
ولا تستعيد اللغاتُ مهابتها, والكواكبُ درّيّها, والجبالُ غرابيَبها, والجيادُ الصهيلَ لتبهجَ
إلاّ إذا اشتعلَ الليلُ في حدقاتِ النواجلِ
أو لمعتْ في الجباهِ الشّموسُ شموسُ العرَبْ.

تقولُ ليَ الأرضُ إنَ البلادَ بلادُ العرَبْ
وفيهم بدايتُها بالخلافةِ حتى تعودَ كما شاءَ
ورّثها للعربْ.
ألا سنّةَ الله قد كُتِبتْ
شاءَ من شاءَ
صدّقها من تسامى
وكذبها من كَذَبْ.

يُسرّ ليَ الحجرُ الآنَ مستبشراً بالذي خلفه من يهودٍ
وما فوقه من أسُودِ العربْ.

فبوركتَ يا حجراً لا ينامُ
وبُوركتِ يا لغتي العربيّة
هذا بيانــــــــــــــــي
وهذا كَيانـــــــــــــــي
وهذا زمانــــــــــــــي

زَ
مَ
ا
نُ
ا
لْ
عَ
رَ
بْ.
.
.
محمد جبر الحربي

يوسف الحربي
09-05-2006, 03:47 PM
الفارس المطعون بحراب الأهل
شعر محمد بن جبر الحربي

لا تحزني ياحرةًََ عربيّةً ملكتْ زِمامَ منيّتي
فلقد ذكرتكِ والرماحُ نواهِلٌ
مني ِ وبيض الهندِ تقطر من دمي
فوددتُ تقبيلَ السيوفِ لأنها
لمعتْ..
ولم يحضرْ أحدْ..


هي شمعةٌ أشعلتُها من غيظِ أحزاني، وفيْض طويّتي
فجراً ولم يحضرْ أحدْ.


والوردةُ الأولى على أطرافِ ليل الصابرين غرستُها
بين اليقين، ونوح ِ نائحتين قرّبتا المثاني في جنانِ الله لم تحدا ولمْ
يحضرْ أحدْ.

هي قطعةٌ من عزفِ مجهولين فات أوانهم
ظلّت معلقهَ على ناي الفراتِ
تهذِّب الصحوَ الخفيضَ
وقسوةَ الانسانِ والاوطانِ
لم يحفلْ بدعوتِها ، وقطفِ الصبح ِ فلاحو الغنائم ِ
ما استفاق النَوّمُ الثملين من سُكرِ الهزائم ِ
والكلام ِ المثقل ِ الأجفان ِ بالأوهام ِ
لم يحضر على قلق ٍ أحَدْ.


هي لحظةٌ من نقش ناحلتين حارستين أدمنتا الترقّب خِيفة ً
هي لحظةٌ فانعمْ بِنَومِك هانئاً
ياصاح ِ نام الناسُ مثلُكَ
لم تفُتْك غنائمٌ،
وتحررت من عبئها الأنفالُ،
لا نصرٌ تيامَنَ،
لا ثقاةٌ خُلّصٌ يُهدون للتاريِخ ِ بيضَ رقاعِهِمْ.
ما اخضرّت الدنيا على إيقاعهمْ
هذا مُثارُ النقع ِ:
تلك على اليمين مقابرُ الزمن الجميل ِ،
وتلك شهبُ قلاعِهمْ.


وهنا قلوبُ العاشقين لأمةٍ عظمى توقَف عزفُها
وروى الخليقة َ نزفُها..


هي فتنهٌ عظمى:
لصوصٌ مارِقُون تمكنوا منَا ومن أشياعِهِمْ.
شيعٌ وتجارٌ وأشباهٌ شواحبُ من غثاءِ السيل ِ
باعوا عَرشنا
لا دودةٌ حَفلت بمنسأةٍ
ولا إنسٌ أفاقوا
فتنهٌ كبرى ولم يحضُرْ أحدْ..
لوداع أحزان الظهيرة ِ..


ياخديجةُ خبّري عنِي التلفّتَ والندى
أني أميرٌ ما أسِرتُ إذا أسِرْت من العدا
رِدءاً أردتُ فكان مستنداً رماديَّ الرّدى
الموتُ في عينيه لم أبصرْهُ كنتُ مُرِمَّداً
والموتُ في أعطافِهِ ولبسته ياللرِّدا
انّي الخُذِلتُ وكنت وحدي أبْلجاً ومهنداً


ما خنتُ:
كفّنت الشهيدَ،
وناذراً للموتِ .. مبتدِراً غداً.
أفشيت سِرَّاً ؟
لم أخنْ.
خانوا ولم يحضرْ أحدْ.


هو نهرُ خلاني يُغنيه الفراتُ
وترتدي أحزانَه أضواءُ دِجلة
رجّها المجدافُ
مرّتني بباب النوم ِ أهدتني مكاني
بين أسياد الكلام وسادة الفوضى العظام ِ
على ينابيع ِ النظام ِ.
كلما قلبتُ رأسي شدّني
لعظيم حكمتِهِ
وفارع صبرِهِ
وطوى الكتابَ على وميض الدهشةِ العينان ِ
لامعتان ِ لا صوتٌ ، ولا جسدٌ يعيقُ تدفقَ
المعنى الكتابُ يمرُّ من مبنىً الى مبنىً
ومن غيم ٍ إلى غيم ٍ على كتف الجبال ِ
الأرضُ واقفهٌ على طلل ِ الرشيدِ
ووحدها الأفكارُ لا تنفي
ولا يفنى القصيدُ.


هي رؤيةٌ فُتحت لباب ِ الشمس ِ
من غَبَش ِ الشواهِدِ
نبتة أورقتُها
للريح.. للمطر ِ الجديدِ أسوقه لفرادةِ التاريخ ِ
أحفظُهُ لميلاد ِ الوليدِ
مهدهداً شِبْنا ..
ولمْ يحضرْ أحَدْ.
.
محمد جبر الحربي

يوسف الحربي
09-05-2006, 03:50 PM
المُعَلّقةُ العِراقِية*

شِعر محمد جبر الحربي


ألاباركَ الله العراقَ حضارةً

وباركَ من أرض الفتوح ِ عمومَها

وباركَ من بين المياه فراتها

فدجلة ما خطّتْ يداهُ رسومَها

فبصرةَ أمّ الخير مانحة الندى

فبغدادَ أمّ النور ِ عمّ علومَــها

فبابلَ، فالحدباءَ معترك الذرى

فواسطَ، فالنخل استوى، فكرومَها

وباركَ فاءَ الأرض ِ، باركَ كافَها

وباركَ نون الناجلات(1) وجيمَها

وباركَ بالخير المقيم مقيمَها

وباركَ بالدفِء الحميم ِ حميمَها

وأرهج غارات الفتوح غِوانماً

وآذنَ من سعد النديِّ غيومَها

وأسرَجَ من جيش المثنّى عوادياً

حواسمَ قبل الوقع ألقتْ حُسومَها

فكان صيامُ الأرض عزَّ مجاهدٍ

وكان سقوطُ الجائرين حتومَها

لتفطر من غيظ العراق ِ بواسقٌ

عظامٌ تلاقي بالدّعاءِ عظيمَها


ومن عُجبها حتى الكواسِرُ عندها

تعافُ خنازيرَ العدا ولحومَها

مكدّسةً فوقَ الخصيب يمجُّها

ويلعنُ مثواها، ويلعنُ يومَها

أيا موقِظ َ السيّاب ِ تُقْتُ لحاجةٍ

نذرتُ سأقضيها فقرِّب تخومَها

بنفسِي تلك الأرضُ يسِّرْ مزارها

وروِّ بها قلبي، وروِّ أديمَـها

وباركْ مداراتِ العراق ِ ودورَهُ

وبارك نهاراتِ القرى وهزيمَها

وباركْ مآقِيها، وباركْ أنوفَها

ومن فائض ٍ بالعزِّ فضَّ خصومَها

وكحِّل بماءِ القلبِ أرضَ سوادِها

وباركْ بتطواف الدعاءِ مقيمَها

ودعني على الميْلين أرسمُ ظلَّها

وأبكي- بكاءالفاقدين- نعيمَـها

وأمدحُ خلاّن البهاءِ بنبْلِها

وأطفيءُ بالطّوْرِ (2) العظيم ِ ضريمَها

بنهرين من حزن ٍ ومن نخل ِ عاشق ٍ

وكرمْين من وَجْد ٍ أبثُّ كريمــَها


ومن عذب فوّاح ِ الحديث مَزاجُها

عراقيّةٌ حرّى تذيبُ كليمــــــَها

ومن وِقفةٍ بالبابِ باب معظم ٍ

ومن عازف ٍ بالخان ِ زفَّ كتومَها

ومن بارق ٍ بالشّاي أطبق جفنُها

فأطلق مكنونُ الجمال ِ رخيمَــها

ومن سحر ِ عينيْها، وسحر ِ بيانها

أبوالطيّب الكنديّ أرسلَ ميمــَها

وقد شابَها بعض الوجوم ِ لساعةٍ

أيا سعدُ من أجْرَتْ عليه وجومَـــها



(1) ناجلة ونواجل: جمعناها جمع مؤنث سالم.

(2) الطور: نسبة إلى أطوار الغناء العراقي.

* من المعلقة العراقية

شوق
09-05-2006, 04:08 PM
يوسف أنت دائماً رائع

ولحظورك رونقاً خاص

كون بود

أختكـ/شووق

العـنود ناصر بن حميد
09-05-2006, 06:12 PM
.
.

" مالم تقله الحرب "

أول ديوان اقتنيه لـذاك الشامخ

محمد جبر الحربي

في بداية عشقي للكلمة

هو من أرشدني لأول بزوغ خيوط الفجر

في صدر الورق

من أحب قصائده

التي مازلت أحفظها عن ظهر قلب

بالرغم من بُعد زمن القراءة لتلك القصيدة

.
.
.

"نخلة للريح "

فلنتفق

أن البداية صعبة

أن النهاية مرة

أو حلوة

أن الطريق غمامة صفراء

إن شئنا

وإن شئنا .. سماء

فلنتفق

حول العلاقة بيننا

نبكي على التاريخ

أم نبكي من التاريخ

أم نحصي مراكبنا ونبحر

في اتجاه الريح

عكس الريح

نبحر

من حدود اليأس حتى

آخر الافق الذي .. يقتات أعيننا

ونبحر من ملامحنا

إلى شكل جديد

حيث نبدأ

لا حدود .. ولا سماء

.
.
.















إلى أن يصل

.
.

ياسيدي

فلنختلف

ولنتفق

إن البداية صعبة

والناس أقنعة

وأروقة

ومفتاح الحقيقة ماثل

مابين كفك

والمساء

لنتفق

..................

ابن المدينة

كم أغبطك على هذة العلاقة

مع هذا الجميل روحاً وفكر

محمد جبر الحربي

أمنية

أبلغه أن هناك قارئة

عشقت حرفه منذ الصغر

وتربت على نور مصباحه

فغدى الكون جميل

لك.. وله

كل التحية والسلام

يوسف الحربي
09-06-2006, 06:28 PM
يوسف أنت دائماً رائع

ولحظورك رونقاً خاص

كون بود

أختكـ/شووق
والروعة في حضورك
,
,
هذا النص كتبه محمد جبر الحربي على تموجات النغم المنبعث من حنجرة طلال مداح رحمه الله
.........................
الندىقصيدة حجازية


لعطر حبيبنا طلال مداح

ألا ليلدانِ
ألا يا لدانْ.

ألا يا لدانِ
ألا ليلدانْ.

أغطّ كما الطفلِ في طلعةٍ
وهمسكِ والحلمُ أرجوحتانْ.

تدلّى عناقيدُه والندى
بفيضِ الحنانِ
ونبلِ المكانْ.

ندى الصوت غنى،
ومن خلفه،
ومن خلفنا أنهرٌ من كمانْ..

يئنّ به الناي من أنملٍ
وأنملها القطف..
والكرمُ دان.

كرومٌ تداوي بها أضلعي
تجلّى جنى حبّها حين حان.

أقبّلها مرة في الجبين..
وأخشعُ بالسر كيْما يُصان.

وأمسكها متّقٍ ما يشين..
وأتركها قبل رفع الأذان.

هو الفجرُ صاحبني للجلال
وإن شئت بالبوح بوح الجمال
قصيدة ضوءٍ..
علت مقلتي
ووارفةٌ في ظلال الزمان.

فمن خمرها: إنني مذنبٌ
وأما من الثغر: إني مدان.

فيا الله يا مبدع الكائنات
دعوناك أمّن لنا ذا المكان.

وأمّن قوادمَها والخواف..
وأمّن بلطفك
هذي الجنانْ.

ألا يا لدانِ
ألا يا لدانْ

ألا يا لدانِ
ألا يا اليدان!!

محمد جبر الحربي

عبدالله العويمر
09-06-2006, 07:11 PM
يوسف



شكرا ً ملء الأرض














تسليط الضوء على الأعلام مثري دوماً






























دمت بعطاء

هدب
09-06-2006, 09:58 PM
يعطيك العافية

يوسف الحربي
09-07-2006, 02:01 AM
.
.

ابن المدينة

كم أغبطك على هذة العلاقة

مع هذا الجميل روحاً وفكر

محمد جبر الحربي

أمنية

أبلغه أن هناك قارئة

عشقت حرفه منذ الصغر

وتربت على نور مصباحه

فغدى الكون جميل

لك.. وله

كل التحية والسلام
محمد جبر الحربي مكسب لمن عرفه حرفاً وفكراً وإنسانا
سأبلغه سلامك
كل التقدير أختي الفاضلة
.....................
.....................

المدنُ القصيدة!!

قبّلت أنجمَها، وجيدَهْ!!

أسكنتُ صوتيَ كلّ أرضٍ، فوق أرضٍ،
كالسماءِ هي القصيده.

ثمّ انتشيتُ كما أشاءُ أقرّب المدنَ البعيدهْ.

كلٌّ أنا،
والليلُ صبحي
والنوافير الفريده.

أما اعتكافي في يديك فما أقول:
الصبح..عيناك.. الإرادةُ ما أرادتْ فاستزادت من إرادتها العنيدهْ.

هلْ أنتِ؟!
أم يا أنتِ
يا أمّ البلادِ
النشوةُ التمتدّ في الأجسادِ..
أغنيةً مجيدهْ.

يا أنتِ..
يا ذا السرّ في الإنشادِ
غنّينا نشيدَه.

ماذا؟!
أتُهدمُ؟!
لا وربّ البيت ننشئها جديده.

ما هذه المدن البليدة يا جنان الله
ما هذي البليدَه؟!

كمْ هِيْ تسرّ الناظرين.. وسحرها صحرا.. وئيدهْ.

والنور..
هذا النور
أنتِ
فإنْ يشأْ زهواً سنزهو
نُختار في العليا عبيدَه.

والماءُ
أنتِ الماء
نشربُ..ما استفاض لنستزيدَه.

أمّا الدّما..
فالحبلُ أنتِ
ومهجةٌ
من ذا سيقطعُ يا حبيبتنا وريدَه؟!

محمد جبر الحربي

يوسف الحربي
09-07-2006, 02:11 AM
يوسف



شكرا ً ملء الأرض














تسليط الضوء على الأعلام مثري دوماً






























دمت بعطاء
كل الشكر والتقدير لوجود هنا أخي الكريم
.........................
........................

سَمَر*


لفلسطينية في وطنها، لكنها مقيمة حسب جورهم

محمد جبر الحربي


لِسَمَرْ..
قلبُ طفلٍ من الغيمِ
أرجوحةٌ من شجرْ.

وسَمَرْ
من بلادٍ هي السحرُ تأتي
وإنْ طالَ منها الغيابُ ستأتي
تدلّى على كلِّ ما جفَّ منا مطرْ.

وسَمرْ
حينَ أرقبُها وتصلّي
أقولُ: هو الفجرُ
يا ربِّ خلِّ لنا الفجرَ..
خلِّ لنا البنتَ..
أنبتْ لنا قمراً، فالشموسُ إذا تاقَ قلبٌ قمرْ.

وسمرْ
طفلةٌ ويدانْ
وجنونُ صبيّهْ
وسمرْ
من ورودِ بلادٍ تراودنا، وقصيّهْ.

غير أنّ هواها غناءْ
ما بها؟!
ما الذي حلَّ بي؟!
إنني بالغُ التيهِ
بالغُ غرّتِها للسماءِ
ومن أضلعي سأشدُّ الوترْ.

لِسمرْ
نوْحُ نائحتينِ تنوحانِ
كيفَ بنا العمرُ مرّ؟!

وسمَرْ
طفلةٌ
قلتُ أنثى
قلتُ سيّدةٌ
بل ْ ملاكْ.

وسمَرْ
فرصةٌ للشقيِّ ليبصرَ
كيف يكون الحِراكْ:
قوسُ ضوءٍ
ومن مقلتيها الشباكْْ.

ويدٌ حانيهْ.

وسمرْ
قصةٌ غافيهْ..

أيقظتْها القصيدةُ ذاتَ سحَرْ.

وسمَر
من فلسطينَ
يا ناس لو تدركونْْ!!

وسمَرْ
كلّ عقلٍ تجلّى
ومن شطحات الجنونْ.

كرْمُها من جليلْ
وأنا كيف ما يتدلّى الخليلْ.

وسمَرْ
برتقالٌ ويافا
وكمالٌ مُعافى
واحتفالُ قصيدتنا، والصهيلْ.

وسمَرْ
نخلةُ اللهِ
بعضُ بكائي
وبعضُ رجائي:
بأنْ تُزهرَ الأرضُ بالخيرِ والنورِ
يمتدُّ خلفَ جمالٍ بصَرْ.

لِسَمَرْ
وردةٌ والغناءْ
ولها..
كلُّ صيفٍ، وماءْ.
ولها عزّةٌ،
ولها كبرياءْ.

وسمَرْ
حينَ يأتي الغزاةُ التحدّي
عاشَ من عاشَ
أو مات َ من ْ ماتَ
يا للتردّي
فسمَرْ
حزنُ بيروتَ، والولعُ البابليّ.

وسمَرْ
سحرُ عينينِ قاتلتينِِ
ندى جسدِ كاملٍ وحَيِيّ.

وهي زيتوننا
سدرةٌ وانتهاءُ
وابتهالُ دعاءٍ
مدىً وابتداءُ
...............

إذا عزّ في القومِ يوماً خبرْ.

وسمَرْ
ولها والدٌ منْ رياحٍ
وسموّهُ يوماً رباحْ.

يشتري قهوةً
ويزفُّ الفناجينَ للناسِ
ما أشرقَ البنُّ لاحْ.

ورباحْ
فتنةُ الأرضِ فينا
التشبّثُ بالشعرِ..
والعطرُ
والمسكُ
حين ندى الصبر فاحْ..
لِسمرْ.

محمد جبر الحربي
_______________________


* من بناتنا اللواتي يضطهدن كل حين، وأولُ اضطهادهنّ المثقفون

يوسف الحربي
09-07-2006, 05:02 PM
يعطيك العافية
حفظك الله ورعاك
...............
...............
حزنُ كنعان

هو حزن كنعان..حزن الفلوجة..أحزاننا يا بشر


هي كف يافا أشعلت شطآنَهُ
في ذروةٍ من نورها ووجيبها شدّت علاها
في ظلامٍ صاغه الشيطان
من قتلى الحضارةِ
راكضينَ إلى جحيمٍ أشعلوه مسوّمين بعارهم
ومن الجنودِ الواقفين على المنابع
ممعنين ..
ومانعين ..
وصاعدين على ركامٍ من جرائمَ
لا تكفُّ
فلا يجفّ من الدماء سوى الدماءِ على الدماء .

هو شاعرٌ ماماتَ
أبصرَ ليلَه يذوي فأشعل صُبحَه
شدّتْـه يافا
من مزاجِ الخيل
لم تسأله ماذا يفعل ُ الشعراءُ عند الفجرِ
ماذا يفعل الغرباء في ليلٍ شديدِ الهولِ
ماذا يفعل الانسانُ
لا وطنٌ
ولا منفى
ولا رأسٌ
ولا بأسٌ
ولا شمعٌ
ولا أشلاءْ .

هي كف مانحةٍ
فماذا يفعل الانسان لا نفسٌ ,
ولا روحٌ تُصانُ ,
ولا يدٌ تُـعطى خيارُ الكفِّ
لا تـَغـْـنَى
ولا يـُغني كفافُ العزةِ البيضاءْ

هي كفُّ يافا ..
من بقايا مرمرٍ ،
وعنادِ حَوْرٍ ،
والتقاءِ عراقةٍ عظمى من الأنهار والأجساد
فجّرها لنا كنعان
واستلقى على ظهر البسيطةِ
مرجئاً بوّابة الأحزان
وفواكه النسيان
لدموع يافيين
ما اقترفوا من الآثام غير جَمالهم
شدّتهم الدنيا على ظهر الرحيل ولم يزلْ
فيهم بياضٌ ضاربٌ في الضوءِ
لا سكرٌ
ولا ثـَـمـَـلٌ
نجومٌ من كرومٍ من خليلٍ
من حنايا النور
في الأجسادِ ,
والبلور ,
والأرواحِ ,
والكلماتِ ,
والفعل المضارعِ ,
والثـّباتِ .
وحدَّةٌ
من أبيضِ التاريخِ حتى الزرقة الخضراءْ .

متأرجحين
على ضفافٍ
من غيومٍ
من تمورٍ
من نخيلٍ
من منافٍ لا تغرّبُـهم ولا
تحنو على أطفالهم
عند المفارزِ
عند شاراتِ المرورِ
وفي بهيم الليل والأضواء ناعسةٌ
وشاعلةٌ هي الأصداءْ .


هي كفّ يافا
لا تزالُ بعيدةً
وقريبةٌ مني الرعود
قريبةٌ مني بنات الدهرِ
إلا البنتُ
إلا البنتُ
يا اللهُ
هذي البنت لا تدري لماذا
لا ينامُ الليلُ في عينيّ
لا يصحو بها فجرٌ
ولا عند الضحى
تمشي الهوينى
في العيون نؤومُه
وتعيدُ أشجاري لي الزرقاءْ .

هي كفُّ يافا
لا تكفّ عن العطاء إذا تجهّمت السماءُ
هي التمامُ لنقص أيام الصحاري
واكتمالُ القادرين على العطاء

محمد جبر الحربي