N a t s h i a

[جمال الشقصي]

\

قبل الولوج إلى قصة (نتاشيا) في عاجلةٍ سافرة، وددت الإجابة على رسالةٍ أخيرة وردت من بين سيل الرسائل التي تساءلت عن كنه خديجة، ومن تكون هذه الـ خديجة..؟

يسأل صاحب الرسالة الأخيرة عن أمرٍ لا يتعلق بخديجة، ويقول: هل أنت تشرب؟!
:
حقيقةً.. لو أن صاحب الرسالة قد أوضح لي نوع المشروب المعنيّ، وبلد صنعه، وتاريخ صلاحيته، لأجبته بصريح العبارة: (ما تنجب الغبرا نبي) كما يقول أحمد السعدي في إحدى روائعه. ولكنه لحسن حظه لم يصِف لي شيئاً، وفضل أن يترك ذاته الخارجة برداء الفضيلة، المنكبّة تحت سماء الضحالة!.. شكراً لسؤالك عن الشراب.. شكراً جزيلا.

/

عموماً.. اضطررت للعودة إلى متصفح (خديجة) على الرغم من أنني قد انتهيت فيه عند نقطة/ خاتمةٍ أخيرة، عدت لأجل خاطر صاحب الرسالة تلك.

\

أما في ما يخص (نتاشيا).. فهي كاس أخرى أيها المحمومون/ الموبوؤون بسؤالٍ عقائدي ضخم، مع أنكم كما أعرفكم جيداً.. لا تحملون في السريرة ولو حبلاً من جريدٍ ناشفٍ يعقد عروة الوصال بينكم.. وبين السماء.

/

[جمال الشقصي]

\

و

تموت أم.. ولا تسيح دموع من جفن السما
ـــــ ويقوم شاعر من حضيض الحزن.. يحزن للأخير
يا وجه (شيشاني) تجاعيده سوَر/ دم/ انتما
ـــــ ما شفت كثر الخيّرين اللي معي.. مثلك ضمير
(ناتاشيا) ماتت بلا قبر يْتلحفها.. وما
ـــــ قلت أغسل أحزان إبنها الأوْحد بدمعي واستجير

/

[جمال الشقصي]

\

يالحزن الاول والأخير
هذا البلد (صيّر) غريب الأرض بيت
واهدى الخريطه كل أبوها بيت..
بيت
لكن على قبرك غدى:

كُبْره

ص
غ
ي
ر

:
ل
ا

ما
ي
ص
ي
ر
!

/

[جمال الشقصي]

\

ناتاشيا:
ما هي ترى قلة حيا
أو هو خجل
موتي على قش الحظيره في سلام
هالأرض مو أرض الحمام!
ناتاشِيا:
للسلّ عشتي والنحيب
وش يفرق إن خانك قبر..
مادام ما اوْفىَ لك حبيب؟!!

ناتاشيِا:
موتي كذا فـ زرب الـ.....ير:
هالأرض مو أرض أسويا..!

/

قولي إذا الروح ازهِقت:
والله نصيب!

\

[جمال الشقصي]

\

(الِكسندر) مشى، صار يتمرجح ذابل الخدّين
ــ يبي يضحك.. والالعاب الكثيره ماجت مْن أمّه!
(ألِكْسندر) تعال ألعب معك ونعقّد الحبلين
ـ ترى مثلك أنا جيت الحياه بداعي الغمّه..!

/

[جمال الشقصي]

يوم أن كان الغناء بحنجرة النهار، يوم أن غنت (نتاشيا) للمرة الأخيرة تحت وقع الموت:

\

كلما ذرّت طيور الصبح.. حَبّ
تنبت الشيشان طير
وحزمة ألعاب ويمام
لو صالحوا ناتاشِيا بقلّ بالدموع
ما ماتت طيور السلام!

/

[جمال الشقصي]

\

لو لحقتك قبل موتك
قبل لا روحك تهاجر
أو قدرت ألقاك في قش الحظيره
يوم خانتّك بيوتك
والأهالي
والعشيره
كنت ما اوصيّك: لا أرضِك تفوتك
كنت أبي كلمه أخيره:
غادري لاقرب مهاجر!
:
ناتاشيا
:
لا تردين العتب للأرض.. موتي=لا تلومي والِدك.. والا خواتكـ
كنتِ أكثر بنت في خوفك تفوتي=وش يضير إن فتي الليله برفاتك؟!

/


\

كوني أول من تحديتي سكوتي=وانتهزتي الصمت سجده في مماتك!

/

[جمال الشقصي]

\

جيت أطمنك بولدْك
عايش ومستور فوق سطوح بيته
صارت الكحه غطاه
والكباريت بـ جكيته!
:
إبنك الغالي ركض
في الوجع
والجوع
لكن ما مرض!
كيف يمرض والثرى ما به أمانه؟!
كيف يا ناتاشِيا.. توفي الخيانه؟!

/

[جمال الشقصي]

\

ألِكْسَندر لبس ستره=جديده.. ردْنها مثقوب!
بها يفرح/ بها يكره=بها يسجد بليل ذنوب
ألِكسنْدَر كُبَر صغره!=وحيد بضحكته مصلوب!

/

[جمال الشقصي]

\

لو يعيش إبنك مدى عمره (حرامي)=لو نسف عرف التقاليد العقيمه
صدقيني ما أشوف إلا كلامي:=يا كبر شانه.. سرق دار الجريمه!

/

[جمال الشقصي]

\

نامي.. نامي
إبنك بخير وكرامه
نايم بزحمة شوارع
ما تصحيه النشامى..!

/

[جمال الشقصي]

\

والا اقلّك:
إبنك بخير وسلام
ياكل الخبزه من شفاه المزابل
بس ما يطلب مقام
:
ناتاشِيا:
ليش أحس المقبره راية بلد؟!
ليش أحس الأرض كذب الأوفيا؟!
ليش ما خذتي ألكِسندر معاك؟!
أو تعلم منْك ما يكبر أبد
والاّ يكبر في حياد!!!
/

[جمال الشقصي]

\

على قش الحظيره ماتت أم/ ولا حدٍ يعلم=هلا بك يا (ألِكسندر) هنا في موطنك عاري
هلا بك.. لا مكان أأمن من انك فيك تتألم=تعلمْك المزابل كيف تنصب للوطن ساري!!

/

[جمال الشقصي]

\

ولا تنسى تّثاوَب طين
وَلا الحاكم.. ونصرة دين
ولا تنسى تزور الأهل والأقراب
ولو هُم مِن نسوك العمر في سكه
بلا عيديه.. وفكّه
ولو ما احدٍ شرى لك لعبةٍ وثياب!
:
ألِكسندر:
كبرت كثير..
علامك كثر ما تطوَل.. طولت صغير؟!
/

[جمال الشقصي]

\

جيت أكش الأرض تحتك يا (ولدْها)=عن ذباب الناس لا حام بطعونك
عن ذبول البرّ/ عن خيمه وتدها..=لا يقوم فـ لحظه أو لحظه يصونك
جيتك بقبله ولا واحد سجدها=أبذر بسجادة الرحمه سجونك!

/

[جمال الشقصي]

\
ناتاشِيا اللي صوتها وردٍ وتوت=شفها تموت بْلا دموع مْزارعين!
الكل يدري إنها بكره بتموت=والكل قبل أمْس يْتحاشاها بِعين!!!
/

[جمال الشقصي]

\

ألِكْسندر بدا يكتب
بدا يدرس في مدرسته
غريبه ما كتب بالْعنْك يا أرضي..
مع ان الأرض دايسته!
غريبه يرسم بلاده
وجوه الناس
يرسم مدخل الحاره بشفة بنت
مع ان الحاره تشتم كل بنت بغلطه بايسته!!
يقيس بمسطرتْه الشارع الغربي
ثلاث سنين ماوقف على رجليه
على الشارع قضى يحبي
:
واذا جت حصة التاريخ
وبدا الأستاذ يشرح عن بلاد وشيخ
ألِكسندر كتب جمله:
أنا من أي نصر وموطنِ يا استاذ؟
وصل عمري تسِع واكثر
ولا ادري هي بلادي أو لظىَ المهجر!
واذا عادوا التلاميذ لمساكنهم
أنا ارجع شارعي شحاذ!
/

[جمال الشقصي]

\
صباح الخير يا أمي..
أنا في صف عاشر ما معاي أقلام
ولا دفتر
ولا براية الأعلام!!
ولكن ما ني بأمّي..
أعرف ان الوطن قبرك
واعرف ان الحدود قفولها دمّي!!
/

[جمال الشقصي]

ناتاشيا؟
:



\

ليش كنتي تطعمي الأرض السنابل؟=ليش ما قايضتي القمح بسلاح؟
صدقيني لو طعمتيها القنابل=ما تموتي عاريه فـ وجه الرياح!
/

[جمال الشقصي]

\

ختاماً.. يالمكان القاسي المتعجرف الأفاك=حشمتك.. ما حشمت اللي نسوا ياكل جسدها الدود
يقولون انك أوفى موطنٍ/ لا موطنٍ يسواك=واقول ونعْم.. لكن والنعِم هذي: طرف بارود!
/


ناتاشيا:
متّي على قش الحظيره بْلا كفن
وبلا صلاه تأبنك
لا طفل يقوى يدفنك
لا سورٍة تقرا عليك
:
ناتاشيا
طفلك كُبَر..
في قبرٍ يْسمى وطن!

/


/



كانت حكاية.. بعيداً عن الشعر