المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : )*( زفرات حارة )*( مجموعة قصصية /قصص قصيرة جدا/ بقلم سعاد ميلي


سعاد ميلي
10-16-2008, 06:32 PM
)*( زفرات حارة)*(

08.7.2

الزّفرة الأولى:
... صوت مبحوح يناديه بإلحاح، التفت وراءه فهاله ما رأى، إنها الدنيا الجميلة، بدت له بشعة الشكل، شاحبة، و زائغة العيون، تتجلّى نظرة القهر في وجهها اللا متناهي.
مدّت الدنيا يدها إليه بصعوبة، إنها مجروحة، مزّقت الحرب الدامية، ثوبها الأبيض الأنيق، فأصبحت غير ما كانت، مجرد بائسة... فكّر في نفسه، لا يستطيع للأسف مساعدتها، فيده مقيّدة، فقط نظر إليها بشفقة، وبعدها أدار وجهه، وتابع طريقه، كأن شيئا لم يكن.

الزفرة الثانية:
... "سالم" تعوّد المشي بجانب الطريق، بكل هدوء وسكينة، لم يكن يتصوّر في عقله البسيط المسالم، أن هذا الحال لن يعود كما كان.
نزل شخصان غريبي الأطوار، ذوا قامة طويلة وعضلات مفتولة، من سيّارة (أونو) سوداء، سحباه من الخلف بسرعة وعنف، لم يتركا له مجالا للفهم، ابتلعته السيّارة بنهم وانطلقت هاربة، مخلّفة وراءها غبارا كثيفا و صمتا قاتلا.

الزفرة الثالثة:
... أمسكت الطفلة "جهاد"، الدمية بين يديها الصغيرتين، وبدأت تتأملها بفرحة و أمل، إنها تلعب معها، تحضنها بكل حنان، تمشّط شعرها الحريري، تطعمها، وتلبسها ملابس أنيقة.
تضحك "جهاد" ملء عينيها، ضحكات بريئة و سعيدة، فجأة.. و دون سابق إنذار، تسقط قذيفة صاروخية، في مكان تواجد الطفلة، لم تترك وقتا لعقلها البريء، أن يدرك حقيقة الأمر.
وهكذا أصبحت" جهاد" الطفلة الصغيرة، مجرّد فعل ماض، و أصبح المكان الآمن، طعما للخراب الرهيب.
*شاعرة الوجدان*

سعاد ميلي
10-16-2008, 06:36 PM
الزفرة الرابعة:

زفرات حارة تنطلق من حلبة السباق في صدري...
لتجتاح عالما من الألم الصاخب وتنحني كالذائب في جليد الصبر،
الغادة الطفلة "دلال" تقتات من عذب الجمر...تنموا رويدا.. و رويدا..يكبر كل شيء في جسدها المغذ...إلا عقلها...
يمضي عكس العد...لتنتهي قهوة سريعة الذوبان.. في أحظان النار.. وذلك بعد أن أعياها الطيران واحترقت أجنحتها الضعيفة من زفرة الكلمة...

فيصل الحلبوص
10-16-2008, 10:29 PM
خامساً


متابع




لزفرات قلمك !

د. منال عبدالرحمن
10-17-2008, 08:38 PM
الزّفراتُ أتت حارّةً يا سُعاد بقدرِ دمهم البارد , بقدرِ بردهم الدامي القادرِ على قتلِ الفرحِ في الأشياء ,


موجعةٌ و على الجرح ,

دمتِ بخيرٍ أيّتها الأنيقة .

سعاد ميلي
10-21-2008, 05:05 PM
خامساً


متابع




لزفرات قلمك !










وما اجملها من متابعة اخي المبدع فيصل الشودحي..لك الفرح

سعاد ميلي
10-21-2008, 05:07 PM
الزّفراتُ أتت حارّةً يا سُعاد بقدرِ دمهم البارد , بقدرِ بردهم الدامي القادرِ على قتلِ الفرحِ في الأشياء ,


موجعةٌ و على الجرح ,

دمتِ بخيرٍ أيّتها الأنيقة .


العزيزة منال كم من زفرة وجعت اعيننا واخرجت الحليب من احرفنا ولم يعد للحبر القوة ليكمل الطريق.. توقف الما..

لك الفرح

سعاد ميلي
06-14-2009, 03:46 PM
زفرة فقيرة جدا



..كعادتي كل صباح أمر من طريق مختصر، يقربني لأقرب نقطة إلى المكتب، و بينما أنا منهمكة بعدّ الدقائق للوصول، إذا برجل كهل جالس على قارعة الطريق يستجدي الرزق من عباد منهمكين..
نظر إليّ بتوسل، وعيناه تقول ألف كلمة، تحكي عن أبناء جاحدين، وأيام سوادها أكثر من البياض فيها، فتشت في جيبي فلم أجد غير الفراغ.. اقتربت منه أكثر فأكثر، و قبّلت يده بطيبة قائلة:
- آسفة يا أبتي لا أملك غير ابتسامة وقبلة على يدك المرتعشة..
أجابني مندهشا، والفرحة كست وجهه، الذي سطرت التجاعيد فيه خرائط الزمن السحيق:
- ابنتي أرجعت لي بطيبتك آدميتي، (ربِّي يْحَفْظَكْ ويْنَجِّيك.. ويبعَّدْ الشُّوكْ مَنْ يدِّيكْ ).
انصرفت لعملي وآثار دمعة حارة في عيني تفضح بسوطها أمري.

سعاد ميلي
06-14-2009, 03:48 PM
.. جريح




وجَدَته في الطريق ينزف، أخذَت نفسا عميقا، ثمّ التفتَتْ يمنة ويسارا.. لتحتضِنه كأمٍّ ثَكْلى، بلّل صدرها ببكائه.. و صرخ مخاطبا الموت قائلا:

- لن أهابك أيها النائم في حضن القنابل، لقد ألقيْتَ بحماماتي في مزبلة التاريخ، و خرّت تحت رجليك المدنّسة عمامتهم الممجدة..
لكنني أبتسم أمامك، غير خائف.. فنعشي في صدرها، وروحي في الأفق، و رأسي ملكا لحراس المدينة.