المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأديب العماني : سيف الرحبي (1)


عائشه المعمري
01-16-2009, 01:28 AM
سيف الرحبي ، من عمان هذه الروح المُكتظة بالعذاب ـ يطرح علينا الصوت الملطخ بإعجوبة لفظ ، وعَبق فِكر صاغه الرحيل والسفر ،، شاعر وكتاب برع في مجال الصحافة والإعلام والثقافة ، ويعتبر الآن أحد أكبر أعلام الأدب في عمان وأنا هُنا سأحاول التطرق إليه ، دونما وغول ، لا التعمق فيما لديه ، يُشيء بالغرق ، دونما نجاة ،،

"
انا لم ترضعني أم
لم تأويني بلاد
استيقظت فرأيت القطارات
تنهب عمري بخجل المسافات ..
"
هكذا هو سيف الرحبي ، توزع بين الخرائط فشاغبته الكِتابة قبل أن يُشاغبها ، فقد تَمعن في هُجوم ومباغتات في نفسه ، أخرجت معزوفات حُفرت في ذاكرة الآدب العربي وأضيفت إلى تاريخه ، ..!!


"عندما يمشي الجسد
في الظلام تغادره
روحهُ وتتحفزُ خطاه "


حيث لم تُشكل الكِتابة مِعضلة بالنسبة لـ العريق / سيف الرحبي ، بل كانت نُزهة حياة وحلم تتكلل بالحنين إلى الوطن والغربة والحزن ، إلى أن أصبحت في النهاية هي الوطن والمُتنفس ..

فـ مبكراً كان يُعرف بـ (( رأسي المشطور في صليل الجهات ))
إلا أنه ودونما إدراك صاغ المعنى بِشكل أكثر صِدقا حينما عَلق ((رأس المُسافر)) كـ إعجوبة تتدلى من السماء ،،
يَنظر إليها القُراء كلما قادهم الحنين إلى حرف عُزف بـ صدق ،

لم يجد هذا الأديب وقتا تقتات به قصائده لـ تجد وزنا مُناسباً أو تفعيلة يسير عليها الحُزن ، ! بل كانت مُجمل بَوحه ، قصائد نثرية ، نجى بها من سلطة التقليد الحديث حيث كان صوت تجربته الشعرية ، مُنسجماً مع جُرأتة الفكرية التي أمكنته من الإتصال المباشر بعنصر اللغة الشعرية الجديدة ..
كَما ظل ما يُنتجه مُتأرجحاً بين قصائد التفعيلة ،
وقصائد نثرية ،، أو ربما معزوفات يصوغها السفر دون إدراك .. !!
إلا أنها في كِلا الحالات تُشبع رغبتك في القراءة والحُلم معاً ..

في الجزء الأول من الحديث عن هذا المبدع الذي سيختص بديوان : رأس المسافر ، الذي أصدره في عام 1986م ليكن عنصر مفاجأة في تاريخ الأدب العربي , حيث دخل به مراحل جديدة في النص الشعري ، وأوجد مادة جيدة لتمعن النُقاد وإثارة القراء
ففي رأس المسافر ما يثير الدهشة ، أن هذا الكاتب لم يلتفت إلى الخلف للتمعن في ما أنتجه من سابقيه من الآدباء بقدر ما إنكب على ما في داخله لـ يخرج لنا بطراز رائع ، ففي نصوصه الشعرية تتذوق معنى الإختلاف ، إبتدأء بالفكرة وليس إنتهاءاً بالمعنى واللفظ والصياغة ..!!


وهُنا سأحاول أن أضع عددا من مجموعاته الشعريه ، التي حواها ديوانه : أس المسافر

عائشه المعمري
01-16-2009, 01:39 AM
1
من الغرفة إلى المقهى
في الصباح عندما أستيقظ
يستيقظ العالمُ في رأسي،
بكائناته وزعيقه الذي يُهرس العظام.
أغادر غرفتي التي تشبه كهفاً مليئاً
بالقتلى
وأدلف المقهى،
أحدق ملياً في الفنجان الشبيه بأفعى
تسترخي في ظهيرة صيفية
وأفكر أنه فنجاني الأخير في هذه المدينة.
لكن النهار في أوله
وأنا قادم على حُروب وقبلاتٍ
أكتشفُ نكهتها بعد
قرون.

يُتبعـــ،

حنان الفايز
01-16-2009, 02:29 PM
موضوع رائع عن شحصيه لم اكن أعرفها من قبل.

لكن من خلال ماقرأت هنا .

سررت كثيرا اني مررت هنا لكي اقرأء ماهو جميل جدا.

عائشه شكرا لك.

عائشه المعمري
01-16-2009, 04:00 PM
2
كل هذا العمر
ثلاثون عاماً.. كلُ هذا العمر الذي
حَوَشْتُهُ من دهاليز الأجداد،
يفيضُ الآن على كتف الصحراء.
وأنهارها الجافة،
وفي شوارع أباحت هذا المساء
كلُ أسرار مزابلها الخاصة،
مضيت باحثاً عن ظل قدمي الذي
أضعْتُه في مُعترك الحضارات
ودكاكين الخُضار.
أجلس على مصطبةٍ في الشارع
أكتبُ مسودة للحروب القادمة
وملاحظات حول طبيعة الطقس
السري لأحلام الرعاة
وعما قليل ألتقي بالمرأة التي فرغتْ
للتو من تقليم أظافر الكواكب
وجلست على ضوء الفق تستنطق أسرار
الغيب كسلة هواجس معلقةٍ
في زنزانة.
وأخيراً، وليس بأخير، أجلسُ على مصطبةٍ
أخرى، على بُعد ألف سنة ضوئيةٍ
من الأولى
أبحث عن ظل امرأةٍ لنْ ألقاهْ


يُتبعـ ،

عائشه المعمري
01-17-2009, 01:12 AM
3
بمناسبة العام الجديد

منذ أن تمطى جثتي نعيقُ
السنوات
وحلق الطائر الشتوي
في عُنقي،
انبرتْ أحداثُ سنتي الأولى،
سنة ميلادي،
نحو زرقة الأبد
مثل شاحنة غرقت باحتمالاتها
في لجة
يُتبعـ،.

عائشه المعمري
01-17-2009, 01:14 AM
4
هجرةُ الأسلاف

من التفاتة ذئب أرى في ضحكته
هجرة الأسلاف، انفجرت هذه
الطرقُ التي لا ينامُ فيها المسافر إلا
ورأسه مسنود إلى مُعضلةٍ
وربما يحلم بعد كأس النبيذ أنه
راحل غداً
وأن شرايينه تتوزع في عيني
جائع، يتسلق صرخة احتجاج.
عبر المسافات التي أفرغت عواءها
في قلبه،
يهيمُون، يزحفُون جميعاً كالأفاعي
الجريحة
تتعثرُ في ذاكرة الشتاء
نحو المقاهي ذات الصدر الماسي
ذات الأضواء المركزة على أثداء
نساء تخرج الفصول كالجرذان
من أحلامهن الشبقة، وقف
الرجالُ، يرتقون شروخ النهار
الأحاديث برنينها الحائر كحجرٍ مقذوفٍ
إلى الخلف
النظراتُ، التي تجوس خرائب عابقة
بالذكرى
إذ ليس إلا حوافرُ الثأر
تحفر هذا الرأس المفتوح على
نهارات لا تنتهي،
نهارات تحملُ ثقْل ليْلها الموحش
وستختفي المرأة في رأسك
حالمةً، بريفٍ مُعلق من قدميه
في
فراغ
المدينة.

يُتبعـ ،

عائشه المعمري
01-17-2009, 01:18 AM
موضوع رائع عن شحصيه لم اكن أعرفها من قبل.

لكن من خلال ماقرأت هنا .

سررت كثيرا اني مررت هنا لكي اقرأء ماهو جميل جدا.

عائشه شكرا لك.



الراقيه : ليالي نجد
شُكراً لـ حضورك ،
ولي الفخر بأن أكون أول من قدم هذه القامة الأدبية هنا .
أتمنى أن تتعرفي عليها جيداً ،
فـ تاريخه زاخر ،
وزاخر جِداً ،
بـ كُل ما يُشع الذائقة


لكِ مودتي :)

عائشه المعمري
01-17-2009, 02:22 AM
5
كل شيء لم يبدأ

كل شيء بدأ
كل شيء لم يبدأ
هكذا أبداً
تموت وعولُ النفس في
خضرة الصُّراخ
هكذا تندلع حروب تغرقُ فيها
سُفن الأفكار
وهكذا أيضا أحلم
أنني قائدُ أوركسترا
في جُزر
تشتعل فيها النيران

ميــرال
01-17-2009, 07:44 AM
رائع واكثر
شكراً عائشه لهذا الفكر الشعر

أصيله المعمري
01-17-2009, 02:11 PM
سيف الرحبي : حالة وطن

سيف الرحبي : ذاكرة شعر ممتدة لـ ما لانهاية



هو جواز عبور الأدب العماني لـ الخارج

دخيل الدرعان
01-17-2009, 05:29 PM
ماحوشته من تاريخ الأجـداد

لاأعلم أين أكون مما حوشته من الماضي وقد يكون

إما إمتداداً لما قبلنا إو إمداداً لما بعدنا


سأتشفي مما أقره وسأجد بين صفحاته إجابة


قراءه جميلة لنصوص أجمل وذائقه غير مستغربه

نلتقي على خير

عائشه المعمري
01-19-2009, 01:23 AM
6
مسخُ
أيها الدمُ المتدفق من شريان
يمامةٍ
ومن قطيع الزراف الراكض
في خضم الغاب
يا دم الصرخة الأولى في بهيم البدء
دم السلطعون
ووحيد القرن
وقوافل النّمل التي ورثت
عرش سُليمان
حيثُ سقطتْ قناعةُ الأنبياء
في بطن سمكةٍ.
أيها الدم الأولُ
أعرفُ أنك دمي قبل أنْ يتشكّل
هذا المسخُ.

سعد المغري
01-20-2009, 10:42 AM
..



الرحبي سيف..

عرفته منكِ وقرأته بكِ..

سـ.يكون لي به شيئاً..

شكراً ياعايشة ..

عائشه المعمري
01-23-2009, 08:39 PM
7
أحشاء الصباح

الصباح يجرجرُ احشاءه تحت
قدم التيه
والمساء دائما تحت معطفك
عينا جاحظةً
وأخرى تراقب الغيم يسقُطُ
فوق الجبال
تسوقُ قطيع السنوات
بعصيان المحبة
وتحت الشّجر المضرّج بالغُروب
تجلسُ وحيداً
كشارع تلسعهُ افعى
بينما خطواتك المتعثرة بأحجار الألوهة
وأحلام لا تتحققُ
تنهمر على أوجه المارة
فلولَ لعنات.
في رؤياك الأخيرة: ((ابن عربي))
يسرق قبعة
من طفلة
ويتغذى من لهاث الشجر الطالع
من قعر المحيطات.
لكنك المنفيّ أبداً
وعلى بعد خطوات
من موتكْ

عائشه المعمري
01-24-2009, 12:06 AM
رائع واكثر
شكراً عائشه لهذا الفكر الشعر


العفو عزيزتي ميرال،
هو غزارة شعر ، بإختصار ،،
سأحاول أن أتي به بين الحين والآخر

نـــجد
01-24-2009, 08:48 PM
الواجـهة الرائع لعمان : عائشة المعمري
شكراً لهذا الضوء " سيف الرحبي "
وهذه الرحابة من الشعر والذوق الراقي

عائشه المعمري
01-29-2009, 01:40 AM
8
زورق في المغيب
وأنت هنا أو هناك
لا يجب أن تلتفت كثيراً الى الخلف،
الغيومُ المقذوفةُ على كتفيك
من النوافذ،
تشبه نظرات امرأةٍ
رأيتُها قبل قليل في الحانة
والطرقات المليئةُ وقد
تركها أصحابها مع الفجر،
ذاهبين إلى الحرب،
وأنت هنا، محدقاً في الطيور
التي تحمل في مناقيرها العواصف، اعوجاجُ
لا تنقصهُ الاستقامةُ
غرابُ يتقمص هيئة عصفور بلا واسطة.
وأنت هنا أو هناك
جالساً أو ماشياً
فوق الجبالِ أو في أسفل السفوح
حيث البراكينُ، نشوى، تزغردُ
في أعراس المدن
هكذا أنت:
خطوةٌ وحيدةٌ تدحرج زورقاً
في المغيب.