المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متاهة إنسـان ..


علي آل محفوظ
03-13-2009, 11:58 AM
لحظـة !!

أوكانت دقيقة أريد أن أعيدها من حياتي أم ثانية ؟
ماذا و إن توقف الزمن , و عدت للوراء ؟
هل أستطيع إصلاح ما مضى .. أنسج عالمي بحريتي و أتقيد وسط قناعاتي التائهة في لجج النكران ,أحلم ببساطة و هناء .. أرتاح من صفعات الأيام , و أتحرر من أصفاد القريبين منّي , أمضي كما أريد واثقة الرأي و الفكر .. أن أتعلم كيف أحب ولو ثانية !!
ماذا إذن ؟
آوان الصحوة .. صحوة زمن قد طالت و خلفت وراءها خذلان و إحتقار , وسط دهاليزٍ من المؤامرات في لحظة خنوع تحت أيدي الجلادين و السفاكين و القتله كتجربة مريرة لحالتي المزريه و المستعصيه !

مستشفى الطب النفسي أم مستشفى المجانين كما يسميه عامة الناس .
لا شيء يؤلمني أكثر مما أشعر إنني ضعيفه و مستصغره من قبل الآخريين , ألمٌ حارق و مبكي ينتصل أعضائي و يجمد عروقي و ييبّس أوصالي .. تماماً كقطرة مطر سجينه تسقط بين ملايين القطرات و كأنها لاشيء أمام الواقع تتزعزع و تتذبذب ما بين إنتصارات منتظره و أمالاً منكسره .
سعادةٌ مغتصبه و مسلوبه أن يحول القريبين منك , من تؤمن بحبهم و قربهم منك حياتك إلى غابة مستوحشه مليئة بالأشواك و الجراحات المتتاليه ..
و ماذا تنتظر من زمنٍ لم يسجل في تاريخه إلا الحزن و اليأس و البأس ..
أوتعلم كيف يشعر الفرد حينما ينظر إليه الناس و كأنه قد حقق نصر و إنتصار على ذاته و الآخريين , و بينما هو في حقيقة نفسه يعلم إنه مهزوز و لم يصنع إلا ترهات ليس لها صله بالحقائق ؟

أوتموت المشاعر حقاً و تتوه في صحراء قاحلة .. منتظره ذرات المطر المنتظره بأملٍ يزحزح كل تلك الالام و الصفعات
حتى العبره حينما تسقط بين معالم و تضاريس وجهي .. تضيع !! , أبحث عنها خوفاً ممّا لا أفهم فـ لا أجدها .. أبحث في المرآة عن دمعه ضاعت في الصميم .

صدقني الأصعب حينما تضعف و تتوه بين قلبك و عقلك و قناعاتك و ما تؤمن به .. تجد إن الآخريين قد أغلقوا الأبواب أمامك و سدت جميع نوافذ و سبل الأمل و الخلاص ..
تضيع وسط مشاعر متناقضة مريضه , بحرب الكرامه للخلاص من غريزة حب الذات و التملك ..
تنظر إلى الآخرين بقسوه لأنك تعاني حب نفسك و التملق وراء أفواه الآخريين .. تغرق و تضييع و أنت تنظر إلى نفسك من بعيد .. و أنت تغرق و تغرق فـ تنعدم الحيلة و كانك بلا صوت .. بلا هوية .. بلا ذات بلا أي شيء فقط .. تعيش من أجل ماذا .. لاشيء .. ..
تصارعك و تحاربك أشباح الماضي و تطاردك أينما ذهبت .. تذكرك بما صنعت و كيف أخطأت .. كيف عانيت و كيف تعايشت .
أوتعلم دكتور فارس ؟
زرعت ذات يوم ياسمين , تعاهدت مع نفسي أن أضعها محض عيني , أكبر معها , متى ما وجدتها قد تغيرت و كبرت أن أتغير .. أغير من أرائي و قناعاتي من أخطائي و قراراتي .. كبرت تحت ناظري و أنا أنتظر حصاد نفسي التغير الذي سوف يطرأ .. أوتعلم أي حزن يجده الفرد حينما ينتظر أمل يغير حياته ف يجد كل ذلك قد تحول إلى سراب ؟ نعم كبرت ياسمين و أنا لم أكبر .. لم أتغير .. لم يحصل شيء في عهد ميثاقي مع نفسي .. و لكن أتعلم ما الذي تغير .. مجرد جسمٍ بال إلا ينبض إلا بالكره !
أحياناً أفكر أن أعيس بإنفعالية متفاعلة من تجارب الناس .. بقسوتهم , بخبثهم , بدهائهم , بشرهم و حقدهم .. أن أعطي وقت إستجمام لـ ضميري و قلبي و أعيش كـ فرد لا يفكر إلا في إستقلاله و ذاته .. و لكني اخشى أن أستيقظ ذات يوم فـ أجد ضميري قد مات ..
أحاول أن أعيش فـ لا اجد إلا أبواب النكران و الجحود الموصده ...
أوتعلم دكتور .. مالذي بتُ أنتظره من الأيام القادمه و أنا في أبهى أيام حياتي .. عمر الزهور .. لم أكن أنتظر إلا أن اعرف ممّن سوف تأتي الطعنة القادمة , كيف سيكون مذاقها .. و كيف سأتحملها ؟
نظرة إتهام فاضحه تتعرى على وجوه الآخريين , و أنا بين أهلي و ناسي , أمي و أبي و أخوتي .. أوتعلم مالذي كانت تقوله أختي و أنا أسمعه من وراء الأبواب .. كيف نخرج معها أنها تحرجنا أمام الآخريين .. إنها مجنوووووونه ..
و أي جنونٌ لا ينبض في داخلي و أنا أسمع تلك الكلمات السامة القاتله من أعز ما أملك ..
و حينما توقفت أمام حقيقتها و ناديت بصراخي و لهيب حبي لها .. بررت أمي كلمتها بزلة لسان .. و لكنها نسيت إنها سقطة إنسان ..
دكتور ..
هل نحتاج إلى من يبرر أخطائنا .. كي نقنع الآخريين إننا بشر , و من حقنا أن نخطئ و نصيب .. في سبيل أن تستمر عملية الحياة و تتفاعل مع الأيام كي تترجم مستقبل مريض بالشبهات ؟

دكتووور فااارس , أين أنت .. أين رحلت !؟
أنّي هنا متاهة إنسان .. أي إنسان ..
و أنت يا دكتور .. لستُ إلا الوهم .. السراب

.. متى نجد أخطائنا حتى نتصالح مع ذواتنا ؟



علي عبد الله آل محفوظ
12/ 1 / 1430 .. قصة قصيرة .. كانت معلّقة نشْر .

عائشه المعمري
03-14-2009, 10:10 AM
عندما نقف أمام المرآه بعد صراع التيه ،
ونمنح ذواتنا فرصة الحديث مع ذواتنا الباطنة .
نَكتشف أننا أكبر هالة من المُتناقضات ،
وإن كُان ذلك الإنسان سَوياً ..!!
فَلن يَكن كذلك ،
لأنه تابع لـ مُجتمع ذو قانون مُوحد : (( لا بد أن تكون مُتناقضاً ))


ربما في الحقيقة ، كُلنا مَرضى نَفسيين ..!!
أليس كَذلك ،،






مُمتع سردك ، يا علي
أتى بإكتمال حرفنة ، ودقة أحداث ،


كُل الشكر لك

علي آل محفوظ
03-14-2009, 05:18 PM
كلنا متاهات , كلنا نطفةٍ من أمشاجٍ يبستها تناقضات الحياة , و خلفّت ورائها إضطرابات دون مبررات .
و ذلك السؤال خطفني بعيداً " كلنا مرضى ؟ " بقدر الوجع الذي يحمله , ما زلت حتى هذه اللحظة , أتمنى أن أكون ذلك الشخص الذي يرى ذلك العرس و الصخب اللامرئي وراء النفوس , أي نوعٍ من الأفواج الغريبه يملكها البشر !!
عائشة .. شكراً لكِ على تلك النطفة التي ألتصقت بي , نطفة الحب تلك .

خلود عبدالله
03-14-2009, 11:55 PM
لن نتصالح يوماً مع ذواتنا يا سيد " علي "

لأن ذواتُنا تُمثل عقلنا اللاواعي ، لِذا هذا

يظل الجانب المُظلم في شخصياتُنا ، لايرى

النور إلا في حالات ضيقة جداً من إنفعالات معينة

في جانب الشخصية كـ " الغضب " مثلاً !


مُشكلتُنا أننا دوماً نسلُكْ دروباً لاتشبهُنا يا علي !




تحية بحجم واقعيتُك هنا !





خلود عبدالله

سعد المغري
03-16-2009, 04:36 AM
..

علي آل محفوظ..

تعايشت مع هذا السرد بـ.نفس واحد..
قصة حيكت بـ.صيغة الحبس..
أسلوبك رائع ومشد
تحية لـ.قلبك..

عبدالعزيز رشيد
03-16-2009, 08:47 PM
ماأجمل الفكرة التي اسعفت تصوّراتنا والتي اعتقدت أن النصّ نثرا أكثر من كونه قصّه لكن وبشكل عجيب أصبحت قصّة في لحظة بحثنا عن الدكتور ولم نجده كانت الأجواء ذهنيّة وخياليّة أكثر من كونها واقعيّة سرديّة - أي أن الأجواء ناسبت العنوان كثيرا

جميلة وتشرّفت بالقراءة لك