المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسالة لم تصل اليك


جود عبدالله
04-22-2009, 05:01 PM
رسالة لم تصل إليكـ

كانت المرة الأولى التي أرى فيها الشفقة تملأ عينيك .. اعتدت أن أرى فيها
القسوة .. التهكم .. و لكن الشفقة أبداً .
ربما هالك منظري .. و أرعبك ما عرفته عن أختك .. من حقائق أبقيتها طي الكتمان لسنين خلت ..
هل صدمتك .. حقيقة أن أختك مختلفة .. عن الناس .. عن الجميع ..!!
و أنها أضعف من أن تمارس حياتها .. وأن ما كانت تدعيه من قوة كان قناعاً وهمياً تخفي
خلفه ضعفها المستكين ..
هل خفت ...؟؟ عندما رأيتني أبكي ضعفي وأئن أوجاعي ؟؟!
لطالما حلمت بأن أرى نظرة حنونة .. تشع من عينيك .. تروي قلبي الظامئ دفئا ً وحناناً
ولكن اعتدادي أنت و أنا بأنفسنا وصفة المكابرة التي خلقنا بها .. ولدت فينا قسوة وجفاء في التعامل ..
و لكن بحق أخوتنا يا أختي لا أريد شفقتك أبداً..
هيا تعالي .. اقتحمي الغرفة بقوة كما تفعلين .. فكري بخبث ودهاء بشيء يغضبني ..
اسرقي جواربي الملونة التي أعشق جمعها .. وانتزعي مزيل الماكياج من بين يدي .. واهربي ..
و اتركيني خلفك .. محرقة نفسي بنيران الغضب التي خلفتها وراءك ..
تعالي الآن وأزعجيني أثناء قيلولتي التي أصبحت فرضاً علي بسبب الضعف الذي يعتريني ..
و أفتحي الأضواء و أشعلي المسجلة وتمايلي على نغماتها الراقصة ..
تعالي أختي ... ونبشي في أدراجي .. و أخرجي مذكراتي واستمتعي بقراءتها في الخفاء ..
ثم عايريني بما قرأت و أمطريني بسخريتك اللاذعة ..
كم أشتهي إزعاجك .. بل أشتهي أن أركض خلفك كما كنا صغاراً ..!!
و أشتهي أن أمد رجلي أمامك كما أفعل دوماً لتسقطي .. و أدخل في نوبة ضحكي الصارخة ..
هل تذكرين كم كنا نستمتع بأحاديثنا الليلية .. الخارجة عن الأعراف والقيود ..
ونتخيل لو علمت والدتنا ماذا سيحدث وماذا ستقول .. ونغرق ضحكاً حد الدموع ..
أتذكرين كيف جاريتك صباح العيد وبدأت أتراقص بجنون .. كما تفعلين .. ونضحك و نضحك و نضحك
حتى تلهث أنفاسنا ..!!
أم تذكرين عندما تتفوقين علي في الدراسة _ليس لذكائك ولكن لقوة ذاكرتك _ بينما مرضي وكثرة
الأدوية تسبب لي حالة من النسيان .. فأنتقم منك بتفوقي عليك في مجال الكتابة ..
كم تمنيت أن أكون كاتبه بحق .. ياه الكتابة .. كم تنتعش روحي عند ذكرها ..تفتح أفاق الحياة أمامي .. وأحس بقوتي
عندما أكتب .. وعندما أكتب فقط ..
أما زلت تذكرين أحلامنا الخرقاء .. أحاديثنا عن أمانينا المجنونه .. طيراننا للفضاء .. سفرنا حول
العالم على دراجه .. وعن.. و عن .. وعن ...... أحاديث عندما تبدأ فأنها لا تنتهي ..
أجلسي بجانبي بهدوء .. تأملي دموعي دون أن تعلقي .. أي تعليق ينم عن شفقه سيجعلني أكرهك ..
اسخري مني .. صفيني بالغباء .. لطالما كنت ( القوية) وأنت وحدك (بايعتها) ..
عزيزتي .. أتدركين مقدار الألم الذي يغمرني .. عندما أجد نفسي دوماً في الأخير ..
أحاول عابثه أن أسرع خطواتي لألحق بكم .. و أجدكم تمطروني بالتعليقات دون أن تعوا حقاً علتي ..؟؟
هل تشعرين الآن بمقدار الألم الذي يسكنني .. عندما أضطر أن أمشي ويدي تتشبث بالجدار خشية أن أقع
و أن يظهر لكم ضعفي ..
أتظنينني لا أتألم .. عندما أراك تلعبين مع أخوتي .. وتقفزين يمنة ويسره .. وأنا أمشي ببطء وحذر
خشية السقوط وأن يحدث مالا تحمد عقباه ..
ربما لا تعرفين بأني عندما أدعي النوم في وقت باكر .. يكون هذا بسبب استبداد ألام بي
لا أعرف مصدرها .. فأدعي النوم حتى أشرع في بكاء لا يشاركني فيه سوى مخدتي وفراشي ..
بعد أن أتوارى عنكم .. خشية أن أتهم بالدلع ..!!
هل يا ترى الدلع لائقاً بي ..لائقاً بالجاحظ كما تسميني ..؟؟
و لكني ضعيفة اليوم يا اختي .. والضعف لا يناسبني .. ولكنه قدر محتوم .. ياه يا أسومه ..
لماذا تنظري إلي هكذا ..؟؟
هل انت نادمة مثلا ..؟؟ على جرحك لي طوال تلك السنين ..؟؟
ماذا لو طلبت منك أن تتمادي في إزعاجك لي حتى وأنا ممدة على السرير الأبيض ..!!
الوحده .. الصمت .. البياض يغمرونني ..!!
ممزوجاً برائحة الألم المقيت ..!!



كم كنت أعشق اللون الأبيض .. و لكني بدأت أكرهه .. أشعر لكثرة زيارتي للطبيب .. وكأني في بيت مسكون بالأشباح ..
ولكني بدأت أعتاد الأمر فالمستشفيات أصبحت بيتي الثاني كما تقولين .. فزيارتي لهم يومياً
أصبحت محتمة علي و الإقامة لديهم قدر لا مفر منه ..
لم أعد أطيق حضور المجالس ..أعتدت أن ألازم بيتنا .. لا أحس بالألفة .. إلا مع أوراقي ومحبرتي ..
كي أمارس عليها طقوس الهذيان الذي يعتصر روحي ..
ياااااااااااااه .. يا أختي لعلها المرة الأولى التي أبوح لك فيها بكل هذا ..؟؟
هل تشعرين الآن كم كنا بعيدين عن بعضنا ..؟؟
تبا لكي .. لا تنظري إلي هكذا ..؟؟ وإلا لضربتك .. لن أغفر لكي أن لم تردي لي الصاع صاعين ..

هل تدركين مقدار ألمي .. عندما أعجز عن القيام بمتطلباتي اليومية .. وما يؤلمني أكثر عدم استطاعتي الصلاة
واقفة كالآخرين ..
ستقولين أصبري (الأعمال بالنيات ) .. من أين لي كل هذا الصبر .. كم أحتاج لأن أصبر .. أصبر ...
أمسكي بي يا أختي .. امسكي بي .. هل ترين برودة أطرافي .. ليس هذا بسبب المرض .. لا أختاه
بل هو بسبب الكتابة .. بدأت أؤمن مؤخراً ..أنك كلما كتبت أكثر .. كلما سمت روحك أكثر ..
و اشتاقت التحليق في فضاء أرحب .. يبدو ان الجميع مؤخراً قد ضاق ذرعاً من أختك ..
باب السماء ما زال مفتوحاً للجميع .. بدأت روحي تغادر أطرافي .. لا تجزعي أختي ..
أتعلمين أخبرني الطبيب بأن لم تغمرني رحمة الله وأجد علاجاً لحالتي .. سيشكل الحمل خطراً على حياتي ..
أتعين معنى هذا ..؟؟
لطالما كان إحساسي بالأمومة طاغياً على مشاعري .. رؤيتي لأي أم تحتضن طفلها كفيل بان يجعل الدمع
يغرق عيني .. وأن يعتصر الألم قلبي .. و أن يلبسني ثوب الحزن ذلك اليوم ..
ربما لست بذلك الحنان معك ومع أخوتي .. ولكني أعشق الأمومة ..
أنت ضعيفة .. وجبانة .. أيزعجك حديثي عن ذكر الموت ..؟؟
لا زلت أذكر كمية الانزعاج في حديثك عندما سمعت أحد الأشخاص يطلق علي لقب المعاقة ..
وقلت لكي بانه لا مشكلة لدي ما دام هذا تفكيره بهذا الضيق .. ثرتي في وجهي بقولك : ولكنك لست كذلك ..
ظننت بأنك خجله من مرضي .. ولكني علمت الآن بأنك لا ترضين أن يجرح أحدا مشاعري .. ويتهكم بألمي
لأنك كنت تحسين به وترينه وتشعرين به من غير أن أعلم
تبا لك .. لا تنظري هكذا إلي .. لم انتهي بعد .. لا زلت أحلم بالثرثرة معك ..
ولكني حقاً لن أنسى هذا اليوم الرائع رغم ألمه .. فقد أنصتي لي ولم تقاطعيني ..
لا زال لثرثرتي بقيه .. سأكملها .. ولكن ليس الآن .. ربما أكملها اليوم .. أو بعد مائة عام ..
أن لم أمت طبعاً .. ولكني أعدك بأن لثرثرتي بقيه ..
لعلك لا تريدين المزيد .. ولكني سأكملها على أية حال ..
مع حبي لكي
أختك ..



نقدكم رجاء :)

عائشه المعمري
04-23-2009, 05:36 AM
جود عبدالله

أهلا بِك في أبعاد أدبية ،
وسهلاً كـ إمتداد أفق الهطول نَحوك .


وعلى مرآى واحد تتكاثف الأحداث
ولا تكتمل إلى نهاية مُوحده
سوى أن هُناك المزيد من البدايات


جَميلة هَذه المُصافحه كـ بداية أولى
ذات ألق لـ إلتماعات تزرع المشاهد في أرواحنا ونحن لا نعلم

د. منال عبدالرحمن
04-23-2009, 09:01 AM
رسالةٌ تصلُ حدودَ القلب , فيها من الشّفافيّةِ كمٌّ كافٍ لترسمَ في ذاكرةِ القارئِ وشماً صغيراً بحجمِ مُكابرتِهِ ..

جميلةٌ يا جود ,
أهلاً بكِ .

جود عبدالله
06-25-2009, 07:35 PM
جود عبدالله

أهلا بِك في أبعاد أدبية ،
وسهلاً كـ إمتداد أفق الهطول نَحوك .


وعلى مرآى واحد تتكاثف الأحداث
ولا تكتمل إلى نهاية مُوحده
سوى أن هُناك المزيد من البدايات


جَميلة هَذه المُصافحه كـ بداية أولى
ذات ألق لـ إلتماعات تزرع المشاهد في أرواحنا ونحن لا نعلم


http://up.graaam.com/uploads/images/graaam-8cf410cbe9.gif
http://up.graaam.com/uploads/images/graaam-dcff73eda5.gif }--







عائشة المعمري

الأجمل هو شذى حرفك يا زاهية

و ما هذه المشاهد الا واقع يتلاوح بيننا بين الفينة و الأخرى

لوجودك عبير الأقحوان فشكراً لك

و لا زلت أقول نقدكم رجاء ان وجد :)







http://up.graaam.com/uploads/images/graaam-8cf410cbe9.gif