المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يجلب لي الحمى ؟؟


أصيله المعمري
05-27-2009, 03:09 AM
رجل يجلب لي الحمى
أصيلة المعمرية

ضغطت على ذلك الزر الأحمر في هاتفها بعد أن سمعته جيداً وهو يبحث فيها عن شعورٍ مفقود ، تنفست زفرة طويلة ثم ابتسمت كـفجر لم ينته في يوم خريفي ، مسحت وجهها المرهق، نظرت إلى نفسها في المرآة استحضرته بالقرب منها ، فتراكمت الأسئلة وماتت الإجابات المؤجلة فجأة ، ثم عادت لذلك الكائن ، تأملت رقم هاتفه المرتب واسمه في قائمتها ، بداية اسمه تجبره على أن يقع في منتصف القائمة ، إلا أنها تود لو كان متقدما ً أكثر، هي من برج الدلو ، وعادة لا تهتم اناث هذه البرج إلا بالأشياء المتقدمة .. لا يهم .. فـرغم أنهم قد تحدثوا عن موضوعات كثيرة تخصهم ولا تخصهم ، ما زال عقلها الباطن يعيد عليها كل الحكايات التي حفظها منه فـيسردها من جديد وعلى مهل .. حتى تتواطأ الأشياء من حولها ، ترك لها كومة من الأسئلة والفرص وحباً كبيراً لن تستحمله من جهة وتخشى أن يكبر من جهة أخرى، وحده هذا الرجل يجعلها تُصاب بالحمى بعد كل مكالمة هاتفية !!
تتقدم إليه ولكنها لا تجده ، تود أن تبوح له عن ذلك الشعور المفقود، يتقدم لها يريد أن يسألها ولكنها تتهرب منه ..
- هل بالفعل سـتحبه رغم أنه يعرف كل نساء هذا البلد،
- هو يستحقني، سـأتوه فيه أكثر من أعدادهن الخيالية ..

رأيتها بعيني تتألم في غيابه، تبحث عنه في كل الأماكن
رأيتها بعيني تضع صورته عندما كان خارج هذا الوطن في محفظتها الثمينة دون أن تهتم بمن سـيسألها عنه وعن الوطن والسر الذي تخفيه عنهم .. تلك المجنونة عندما تحب، لا تأبه لأحدٍ أبداًً وأخشى أن تتورط به ويتورط بها ..

تكتب مذكراتها يومياً، أو الأجدر أن أقول تكتب مذكراته بها ومذكراتها به كل مساء، تدون كل الجمل العابرة التي وقعت بينهم، رسائله، شعوره، حكمه المجنونة، غياهب ذكائه ..
الأنثى العظيمة عندما تحب، تنسى كل شيء كان يربطها بالماضي
والرجل العظيم عندما يحب يتذكر كل الماضي الذي كان يجمعه بها
هي قد أكملت سنة واحدة منذ أن عرفته صدفة، التقت به في وطنه، كان لها أبا ً وأخاً وصديقاً
لم يكن حبيباً في ذلك الوقت
لظروف كثيرة ما زالت تزعجها ..
لم يعد هناك شيء تهتم به
هي تريده كل شيء كل شيء كل شيء وفي كل الأحوال ..

الرجل الأربعيني، مشغول بـ (مسقط ) لأن مسقط في أمانته ..
يعشق السياسة والفلسفة والتاريخ والسينما، يحب وقت الأصيل، يضحك كثيراً رغم أنه يعتقد أن اللحظات السعيدة لم تعد كافية للضحك أو البكاء حتى
يبحث عن بزغة نور، عن خيط يفصل الجزء الأبيض من الجزء الأسود في حياته
لا يهتم بكل الرتابة من حوله، ولا ينوي أن يرتب الأسباب حتى يبلغها ..

التقيت بهما سوياً قبل أيام، وجدته يتحدث كالعادة، بل ويتحدث كثيراً، ووجدتها تنصت له وبكل شغف على غير العادة، اقتربت منهما، رأيته وهو يضع عينه في عينها ثم تهرب،
ذلك الرجل له ابتسامات كثيرة
أذكر منها :
واحدة عندما يرتدي أزهي ملابسه
-وأخرى عندما يرى مشهداً مضحكاً يؤديه الممثل المصري أحمد حلمي
-وواحدة عندما يغني لـ سالم علي سعيد ..
-وأخيرة عندما تقع عينه في عينها ثم يهرب ببصره قريباً

- أحياناً أشعر وكأن قلبه يتسع لكل تضحيات هذا الوطن، يتسع للغربة والسنين العجاف.
يتحمل اتجاه الجنوب القاسي
ونشوة الصباح ..
- في مقلته ستجد كل الأيام والظروف .. ستجد الرحيل المر .. والألوان الباهتة ..
ستتعلم منه أن الحياة كفاح
وأن الحب : لا يحتمل الزفير ..
ستموت الإجابات قبل أن تُطرح الأسئلة ..
لن تحبه كالذنب في سيرة هارون الرشيد
ولكنها ستتوه بـ رجل جنوبي ..
حتى يجمع القدر كتفه الأيمن مع كتفها الأيسر
كل ما أخشاه فعلا ً .. أن ينمو ذلك إلاحساس فيها كـ جنين لا تعرف من أين قد أتى ؟!.
أقسمت لي أنها تحبه، ولكنها لم تكن بوعيها في ذلك الوقت، أطفأت سيجارتها ثم عادت تكمل الدرس الذي ستؤدي اختباره غداً

أحمد الحسون
05-27-2009, 10:59 AM
سرد جميل يأخذنا بنوذجه لجغرافية المكان، وكينونته.
حيث تجسدت الضمائر في النص بين حضور وغياب ، واستجلاب ذاكرة الكاتب المتجسدة عبر تداعيها الحرّ في ثنايا السرد.

بكل الأحوال هي قصة موفقة بنبضها الوجداني ، وعمق الشعور الحاضر في النص بقوة.

وهذا القص يغني روح السرد الوجداني.

دمت بخير وعطاء جميل دماً أختي.

عبدالله العويمر
05-28-2009, 02:02 PM
سَرد جَمِيْل ، لايُمَل
أصيْلة
دُمتِ بخير

إبراهيم الشتوي
05-28-2009, 04:07 PM
الأنثى العظيمة عندما تحب، تنسى كل شيء كان يربطها بالماضي
والرجل العظيم عندما يحب يتذكر كل الماضي الذي كان يجمعه بها

وما بين حاضر يتسلق خصر الأبجديات وماضي يستلقي في أحاضان البديات ..

تتلاشى السطور في قاع البحر فتصبح حبر يبحث عن أنامل الضوء ليجفف قامته السامقة ..

ومن خلال هذاالسرد المتنامي في خلجات المساءات المرتعشة والمندهشة من نجوم تحوم في أوردة السماء ..

نجد أن الإيجابة فعلا ستموت ولكن على كراسة الصدمة ، لأن حراس الأسطر لم يقتنعوا بالحب ولا بالحبر البلدي الخالص .



الأستاذة القديرة ... أصيله المعمري

في كل الاتجهات لكِ فصول تساعدنا بالوصول لمنابع الضوء ..

فشكري لكِ ولكل حقول الوعي المعشوشبة بالإبداع والإمتاع ..

دمتِ بسمو ورقي ..

تقديري .

عائشه المعمري
05-29-2009, 12:45 AM
ما يُعجبني في أصيلة ،
أنها لا تسرد من أجل عاطفة ،
بس تسردها العاطفة على مهل ،
مهل
.


شُكراً لأنكِ تأتين

وشـــاح
06-03-2009, 06:50 PM
ما كان إلا مقطعًا له في الصدر ألفُ تتمّة ..
و خفقةُ تنشرحُ من الرضا ..
.

أصيله المعمري
06-03-2009, 11:36 PM
سرد جميل يأخذنا بنوذجه لجغرافية المكان، وكينونته.
حيث تجسدت الضمائر في النص بين حضور وغياب ، واستجلاب ذاكرة الكاتب المتجسدة عبر تداعيها الحرّ في ثنايا السرد.

بكل الأحوال هي قصة موفقة بنبضها الوجداني ، وعمق الشعور الحاضر في النص بقوة.

وهذا القص يغني روح السرد الوجداني.

دمت بخير وعطاء جميل دماً أختي.

أستاذي
مرحبا بك ..
النص سعيد ٌ بوجودك . .
قد همس لي بذلك . .


صدقني
دعني أخبرك عن أمر ٍ مهم
"كل الكلمات التي كتبتها هنا ، كل الحروف التي أستطعت أن أدونها أو لم أستطع ، بالذات هذا النص ما زال يرعبني ، يرعبني ؟ "


كن بخير

فاطمه الغامدي
06-06-2009, 01:35 AM
لعل هنا بكاء
وحمى
وحيرة
هنا اعتراف وهروب
هنا خوف من حصار وانحسار
حمى هي
حمى حرف وإبداع
تغسلنا جميعا
أصيلة

أصيله المعمري
06-07-2009, 02:47 PM
سَرد جَمِيْل ، لايُمَل
أصيْلة
دُمتِ بخير

العويمر
حضورك : غير . .


تحياتي لك .. من هذا الوطن