المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شخصيات كانوا فكان التاريخ -1-


نوف عبدالعزيز
05-29-2009, 06:03 PM
http://www.up75.com/UpLoadImages/2009/02/22/08/0-PELIXZ61-54-53.jpg






و رحل الطيب الصالح

''أقول صادقاً ليس لديّ أي إحساس بأهمية ما كتبت، ولا أحس أنني مهم، هذا ليس تواضعاً لكنها الحقيقة، إذا اعتقد الناس أن ما كتبته مهم فهذا شأنهم لكنني قطرة في بحر، قصيدة واحدة للمتنبي تساوي كل ما كتبته وأكثـر''·

هكذا يقول الطيب الصالح عن نفسه كان يختفي خلف قلمه ليقول ما لا يجرؤ غيره أن يقوله .

طفا اسم الطيب صالح فجأة إلى السطح، وكأنه عاد من جديد رغم أن خبر عودته إلى الساحة الإعلامية ليس من أجل إعلان ميلاد أدبي جديد ولكن من أجل إعلان رحيله وكأن موته ميلاد جديد له·

في يوم الأربعاء 18-2-2009 رحل عن هذة الحياة الروائي السوداني المعروف الطيب صالح في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية لندن حيث كان يقيم، وذلك عن عمر يناهز الثمانين عاما، بعد بصماته المعروفة في مجال الأدب و الثقافة والصحافة، مما حدا بالكثير من النقاد تسميته بـ"عبقري الرواية العربية"، لا سيما وأن إحدى رواياته اختيرت لتنضم إلى قائمة أفضل 100 رواية في القرن العشرين.
وقال صديقه علي مهدي إن الطيب صالح فارق الحياة ليل الثلاثاء الأربعاء عن عمر يناهز 80 عاما.
كما أن أشرف قاضي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان عبر عن حزنه العميق لوفاة الروائي السوداني الكبير الطيب صالح.
وقال قاضي إن الجميع سيذكر دائما الطيب صالح وأعماله التي جسدت بوسائل مختلفة كيفية تعايش الثقافات والأجيال والشعوب معا في سلام.
وتقدم السيد قاضي، باسم بعثة الأمم المتحدة في السودان، بتعازيه لأسرة الفقيد وأعرب للشعب السوداني ولأصدقاء الطيب صالح ولعشاق أدبه في جميع أنحاء العالم عن صادق حزنه.

حـيـاتـه :


ولد الطيب بعد فاجعة أمه بطفلين عام 9291, ليحل مولودا طيبا على قرية سودانية تبركا، عاش هذا القادم الجديد في قرية فلاحية بسيطة تتنسم هواء النيل، وقد حفرت فيه عميقا وهو نفسه يعترف:
''لقد كانت قريتي مختلفة تماماً عن الأمكنة والمدن الأخرى التي عشت فيها، ولا شك أن هذه المنطقة هي التي خلقت عالمي الروائي''·
ويؤكد أكثر من مرة قائلا: ''في هذه البيئة بدأت مسيرة حياتي، ورغم أنني تعرجت في الزمان والمكان بعد ذلك لكن أثر البيئة لا يزال راسخاً في أعماقي، وأعتقد أن الشخص الذي يطلق عليه لفظ كاتب أو مبدع يوجد طفل قابع في أعماقه، والإبداع نفسه فيه البحث عن الطفولة الضائعة·
حين كبرت ودخلت في تعقيدات الحياة كان عالم الطفولة بالنسبة لي فردوسا عشت خلاله متحررا من الهموم، أسرح وأمرح كما شاء لي الله، وأعتقد أنه كان عالماً جميلا···
ذلك هو العالم الوحيد الذي أحببته دون تحفظ، وأحسست فيه بسعادة كاملة وما حدث لي لاحقاً كان كله مشوباً بالتوتر··''· وهذا التوتر يترجمه بوفاء بطله الرئيسي مصطفى سعيد·
تابع الطيب صالح دراسته المتوسطة بمدينة ''بورتسودان'' على البحر الأحمر، وبعدها انتقل إلى ''أم درمان''، لمتابعة دراسته الثانوية في المدرسة الفاخرة ''وادي سيدنا'' التي بناها الإنجليز·
في البداية رغب الكاتب أن يدرس في كلية الزراعة، إذ بدت له ''مسألة رومانتيكية''، كما يقول، لكن سرعان ما هجر هذه الكلية على أساس أن ذلك يكلفه تشريح الفئران والصراصير، وكان ذلك أمرا كبيرا على نفسه المرهفة.
تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية, وترقى بها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما, وبعد استقالته من البي بي سي عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية, ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلاً ومشرفاً على أجهزتها.
عمل بعد ذلك مديراً إقليمياً بمنظمة اليونيسكو في باريس, وعمل ممثلاً لهذه المنظمة في الخليج العربي.
ويمكننا القول أن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال".

وفي مجال الصحافة، كتب الطيب صالح خلال عشرة أعوام عمودا أسبوعيا في صحيفة لندنية تصدر بالعربية تحت اسم "المجلة"، وخلال عمله في هيئة الاذاعة البريطانية تطرق الطيب صالح إلى مواضيع أدبية متنوعة.

ولم يكف صالح عن الانخراط في القضايا السياسية من خلال مقالات ظل ينشرها في بعض الصحف والمجلات حتى أيامه الاخيرة.

وفي نهاية الشهر الماضي أرسلت مؤسسات ومراكز ثقافية في الخرطوم منها اتحاد الكتاب السودانيين رسالة الى الاكاديمية السويدية ترشح فيها صالح لنيل جائزة نوبل في الاداب.
منذ عشرة أعوام يعيش في باريس حيث يتنقل بين مهن مختلفة، اخرها كان عمله كممثل اليونسكو لدول الخليج.

أسلوب كتابته :

كتابته تتطرق بصورة عامة إلى السياسة، والى مواضيع اخرى متعلقة بالاستعمار, والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب.
و في اعقاب سكنه لسنوات طويلة في بريطانيا فان كتابته تتطرق إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية والشرقية. الطيب صالح معروف كأحد أشهر الكتاب في يومنا هذا، لا سيما بسبب قصصه القصيرة، التي تقف في صف واحد مع جبران خليل جبران، طه حسين ونجيب محفوظ.
وظلت روايته "موسم الهجرة الى الشمال"، التي أكسبته شهرة عالمية على مدى أكثر من 40 عاما، المقياس الذي توزن به قيمة أعمال أخرى تالية تناول فيها روائيون عرب الصدام بين الشرق والغرب، ووصفتها الاكاديمية العربية ومقرها دمشق عام 2001 بأنها أهم رواية عربية في القرن العشرين.

قال في هذا السياق: ''يحدث لكل الكتاب… كل كاتب تصيبه لعنة رواية واحدة، تلتصق به·
أنا أزعم أنني تجاوزت رواية موسم الهجرة إلى الشمال··''·

وصدر حوله مؤلف بعنوان "الطيب صالح عبقري الرواية العربية" لمجموعة من الباحثين في بيروت، تناول لغته وعالمه الروائي بأبعاده وإشكالاته، وحاز في عام 2005 على جائزة ملتقى القاهرة الثالث للإبداع


مؤلفاتة الأدبيه :

الطيب صالح كتب العديد من الروايات التي ترجمت إلى أكثر من ثلاثين لغة وهي « موسم الهجرة إلى الشمال» و«عرس الزين» و«مريود» و«ضو البيت» و«دومة ود حامد» و«منسى».
و لكن تعتبر روايته "موسم الهجرة إلى الشمال" واحدة من أفضل مائة رواية في العالم. وقد حصلت على العديد من الجوائز.
وقد نشرت لأول مرة في اواخر الستينات من القرن العشرين في بيروت وتم تتويجه ك"عبقري الادب العربي". في عام 2001 تم الاعتراف بكتابه على يد الاكاديميا العربية في دمشق على انه "الرواية العربية الأفضل في القرن العشرين.
أصدر الطيب صالح ثلاث روايات وعدة مجموعات قصصية قصيرةترجمت بعض رواياته إلى أكثر من ثلاثين لغة .
أما روايته "عرس الزين" حولت إلى دراما في ليبيا ولفيلم سينمائي من اخراج المخرج الكويتي خالد صديق في أواخر السبعينات حيث فاز في مهرجان كان.


رواية الهجرة إلى الشمال :

وفي كثير من الروايات العربية التي عالجت الازمة الحضارية بين الشرق والغرب كان مصطفى سعيد بطل الرواية يطل برأسه متحديا أبطال هذه الاعمال، كما سبق أن تحدى البريطانيين الذين كانوا يحتلون بلاده وأعلن في لندن أنه جاء لغزوهم بفحولته الجنسية.
ومن المفهوم أن رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" نالت شهرتها من كونها من أولى الروايات التي تناولت، بشكل فني راق الصدام بين الحضارات وموقف إنسان العالم الثالث ـ النامي ورؤيته للعالم الأول المتقدم، ذلك الصدام الذي تجلى في الأعمال الوحشية دائماً، والرقيقة الشجية أحياناً، لبطل الرواية "مصطفى سعيد".

وآخر الدراسات الحديثة التي تناولت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" ورواية "بندر شاه" للمؤلف نفسه، تلك الدراسة التي نشرت أخيراً في سلسلة حوليات كلية الآداب التي يصدرها مجلس النشر العلمي ـ في جامعة الكويت بعنوان "رؤية الموت ودلالتها في عالم الطيب صالح الروائي، من خلال روايتي:
موسم الهجرة إلى الشمال، وبندر شاه" للدكتور عبد الرحمن عبد الرؤوف الخانجي،الاستاذ في قسم اللغة العربية ـ كلية الآداب جامعة الملك السعود.

تتناول الدراسة بالبحث والتحليل رؤية الموت ودلالتها في أدب الطيب صالح الروائي في عملين بارزين من أعماله هما:
"موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه"، وتنقسم الدراسة إلى قسمين كبيرين وخاتمة.
يعالج القسم الأول منهما محوري الموت الرئيسيين في هاتين الروايتين: محور موت الأنثى، وهو موت آثم يرتبط في أكثر معانيه بغريزة الجنس ولا يخلو من عنف أم خطيئة، وموت الرجل وهو موت نبيل يرتبط بالكبرياء والسمو ولا يخلو من تضحية ونكران ذات.
هذان العالمان المتمايزان يثير الروائي من خلالهما عدداً من القضايا السياسية والاجتماعية والفكرية والنفسية، توحي بأزمة الصراع المكثف بين حضارتي الشرق والغرب فكأن المقابلة بين الأنثى والرجل ووضعهما في إطارين متمايزين من خلال الموت...
وهي مقابلة من صنع مؤلف الدراسة لا الروائي ـ تلك الرؤية الفنية ترمي إلى اختصار الصراع بين عالمين مختلفين حضارياً: شمال ـ جنوب، هي في النهاية المعادل الفني لأزلية الصراع بين الشر والخير ممثلين في الأنثى ـ الشر، الخير ـ الرجل، و: شمال ـ أنثى ـ شر، جنوب ـ رجل ـ خير، بما لذلك من مردود أسطوري في وعي وذاكرة الإنسان الشرقي، وهو ما لم تشر إليه الدراسة مكتفية بتتبع أنواع الموت وطرائقه التي تمارس من قبل الرجل في الروايتين.
فالمرأة في موسم الهجرة إلى الشمال ضحية لرجل ـ دائماً ـ بينما الرجل ضحية ـ أيضاً ـ لظروف مجتمعية ساهم في خلقها مجتمع الضحية الأنثى بشكل ما، فعلاقة مصطفى سعيد بالأنثى هي دائماً علاقة آخرها موت مدمر إذ إن "مصطفى" ـ كما يلاحظ المؤلف ـ ينتقم في شخص الأنثى الغربية لسنوات الذل والقهر والاستعمار لينتهي بها الأمر إلى قتل نفسها بنفسها.
موت الرجل ـ وهو المحور الثاني من القسم الأول ـ فهو دائماً موت علوي تتجلى دلالاته في العودة إلى النيل مصدر الحياة "ذهب من حيث أتى من الماء إلى الماء" كما في بندر شاه.
ويتناول القسم الثاني من الدراسة الدلالات الفكرية المتصلة بعالمي الموت وكيف عبرت الروايتان عن هذه الدلالات في قوالب فنية منتهياً إلى أشكال الموت لدى الطيب صالح توزعت على أطر ثلاثة: الموت ـ الوفاة الموت ـ القتل الموت ـ الانتحار وكل إطار من هذه الأطر الثلاثة عن رؤى فكرية وفلسفية ونفسية اقتضتها طبيعة الأحداث والمواقف...
لكن النمط الأكثر بروزاً من أنماط الموت الثلاثة السابقة هو النمط الثاني الذي يمثله:
الموت ـ القتل، حين جعلته رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" يفجر طاقات متباينة من الدلالات الفكرية ووظائفها الفنية، وظل الموت ـ القتل في صراع الشخصيات يتراوح بين السلب والإيجاب وبين الرفض والقبول وبين القوة والضعف وتتبع الدراسة التجليات المختلفة لهذا النوع من الموت عبر روايتي: "موسم الهجرة إلى الشمال" و"بندر شاه".
وتخلص الدراسة ـ عبر خاتمتها ـ إلى أن للموت سلطاناً لا ينكر على عالم الطيب صالح الروائي فقد وفق الروائي من خلال بناء هذا العالم في تقديم عطيل جديد هو: مصطفى سعيد عطيل القرن العشرين الذي حاول عقله أن يستوعب حضارة الغرب لا يبالي ولا يهاب، له القدرة على الفعل والإنجاز، يحارب الغرب بأسلحة الغرب.

وبعد:

لو رحل عنا هذا الطيب فقد بقيت أعماله الروائية والقصصية ذخيرة حية لبحث الباحثين نقاداً كانوا أم دارسين ، فهو عالم ثري مليء بقضايا إنسان العالم الثالث الذي آمن به الطيب صالح وعبر عن همومه وآلامه، أفراحه وإحباطاته.

ختاماً

أيها الطيب الصالح لو واراك الناس تحت الثرى فلن يواروا أثار هجرتك الى الشمال منا
طب حياً و ميتاً أيها الأسمر الجميل


المصادر :

ويكيبيديا

موقع العربية

اسلام اون لاين

قدس برس

مقالات مختلفة

سعد الصبحي
05-30-2009, 06:53 PM
الفاضله نوف ...

مجهود رائع لتلخيص سيرة حياة عبقري الرواية العربية .. المظلوم اعلاميا لا اعلم لماذا ...


حقيقة عندما بحثت عن روايته ( موسم الهجرة الى الشمال ) اول مرة لا شتريها لم اجدها في اي من المكتبات وقال لي

احد الاخوة السودانيين انها ممنوعه بحجة انها جنسية ... ولم اجدها الا مستعمله و من اخ سوداني ...

هذا الكلام في المدينه المنورة ... لااعلم لم يمنعونها بينما تعج الكثير من الروايات بالايحاءات الجنسية وتباع علنا ...



عاش غريبا ومات غريبا ...

كقدر جميع العباقرة ...

رحمه الله ...


شكرا لاتفي يانوف ...

آسف على الاطاله ...

حمد الرحيمي
05-31-2009, 07:26 PM
نوف عبد العزيز ...





جهد جميل لكتابة التاريخ و سير رواده / أفذاذه ...



أكملي الشخصيات فنحن نتابع ...







شكراً لك ...

عبدالله العويمر
05-31-2009, 09:23 PM
استفدت ُ كَثيْرا ً مِن هذا الطرح يانوف

كل الشكر ، وأكثر