المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كَـأنـهُ مـوْتْ /video


محمد القواسمي
05-29-2009, 10:55 PM
لمنْ أتعبتهُ القراءاتْ ، ويخافُ على عينيهِ من سئمِ القراءة

هنـا الفيديو ،

http://www.youtube.com/watch?v=yxvitwzxz5y




أمـــا النصّ :



ما بين صوت القارئ... ولحن الوداع الأخير
كنت هناك .. أزور قبري للمرة الاولى .. وهل يوما رأيتم ميتا يزور القبر ؟؟ يبدو الامر حاضرا بين الخيال والخيال .. بين التقول والمحال ...
كنت هناك .. أحاور الطرقات عن جثتي الملقاة في قعر الارض , أحاول أن أقتنع بموتي وأقنع ذاتي اني لست الها لا أموت .. فما بين الحوار والجدال .. كنت أؤمن أنني ما زلت أقبع على حافة الحياة .. رغم موتي..
يبدو المشهد تملئه الكآبه .. فأمي - الوردة الذابلة - تمسح الدمع المتراكم بين طيات معصميها .. تبكيني وانا أنظرها .... وأبي الذي يحاول كبح الدمعة في عينيه لكي لا تسقط معها رجولته , يذكرني بخير ويراقب المشيعيين , والأصدقاء ... الأصدقاء يأكلهم صمت الدهشة , ووجع الصدمة
كنت هناك ,,, بكامل ما املكه من بشرية مفرطة !!! من لحم متآكل ودماء جامدة في العروق , وقلب نابض بالاستغراب والدهشة بموتي ,,, فأنا طوال حياتي ... لم أمت !!!!

كنت انظر الى الجموع الباكية , قهرا وغصة وربما كذبا على جثتي ,, فذكروني بأشياء لم تكن ابدا فأنا لم أكن مؤمنا قط ... ولم أصلي الفجر منذ ولدت ,,, ولا حتى شعرت بموتي يوما ما !!!
أما الحبيبة فجلست بعيدة بعض الشيء , لا تصدق ما يدور من أمر !! تفكر في الايام التي قد خلت , وتبقى هناك بدون حراك ولا دمعة ساقطة ,, تبدأ الجموع بالرحيل !! تقترب تلك الحبيبة من القبر , وتقرأ الكلمات التي كتبت على النصب ... فللمرة الأولى التي تقرأ بها اسمي لا يتذيل قصيدة !!! تبدأ دموعها بالسقوط كراية حرب هزمت ,, أقترب احاول أن أحكي , فأنا لم أمت !!! يا سادتي أنا لم أمت !!!


*****


عادة لا يدق الموت الجرس منتظرا ,, ولا يقابل أهل البيت بالسلام ولا بالقبلات , بل وكعادته يأتي الموت كلسعة ناموسة عمياء في عتمة ليل , ياتي بلمسة خفيفة كلمس الفراش أَضواء السقف .... وكعادته لا يترك الموت فرصة الصراخ والألم , بل وبقبلة يبلعها تاركا خلفه آثار اللاشيء يغسلها الحمام الأخير !!!

كنت حينها أرتشف القهوة على عتبات الفجر ,, أخط قصيدة لا معنى لها !! حين فاجئني سالبا تلك الروح المهترئة عبر غصات الزمان , كانت مهمته معي سهلة , بسيطة , لا غبار ولا عناء , لم يرتعش كما الموتى جسدي ولم تهتز اوصالي !!!

أفقت من نومي أتنفس ريح يوم جديد , ولا أعلم ما يخبئه لي القدر من حزن أو سعادة , أتناول قهوتي الصباحية وبنظرة خاطفة للسرير أجدني مستلقيا بلا حراك , وبين يدي يستلقي القلم كسيف شهيد !! والأوراق متناثرة في أنحاء الغرفة كأشلاء القتلى !!

تدخل أمي لغرفتي , ألقي عليها تحية الصباح بابتسامة ولكنها لا تسمع , تكمل طريقها الى السرير وبعد محاولات فاشلة لايقاظي تبدأ بالصراخ , فيهرع الجميع الى الغرفة , وبين نحيب وعويل ينقل الجسد الى المستشفى للقاء الامل الأخير ... وكسرعة أشعة الشمس يصل الخبر الى كل من حولي من أقرباء وأصدقاء , وآخر من يعلم حبيبتي !!!

الجميع ينتظرون على الباب , وأرى في أعينهم اليأس ::: يخرج ذلك الملثم باللون الاخضر , ليحكي لأبي على انفراد نبأ وفاتي !! ومع انهياره وتلبك بدنه يعلم الناس , ويذاع الخبر المؤسف , وفاة شاب في العقد الثالث من العمر .


*****


كم كان َ مدهِشا ً ذاك الشعور . . . كم كانتْ رائعة ً تلك َ اللحظات ُ التي قضيتها أنظر إلى ذلك الشخص الذي انتحل َ شخصيتي طوال الحياة . ..
لا يبدو المنظر مفزعا ً . . .و أنا ، لا اشعر بالندم . . . فالتابوت ُ كمّا علّمني موتي لا يتّسع ُ لاثنينْ . . و الكفن ُ لا يحتضن ُ الحزن َ و لا يؤمن بالموتْ ..
ما زلت ُ هناك . . واقفا ً أنظر الدّموع الأخيرة الساقطة على وجهي . .. فمن دمعة أمّي و أبي ، إلى دموع أناس ٍ لم أرّهم من قبْل .. فكم كان َ الموت ُ رائعا ً و جميلا ً فقد صنَع لي أصدقاء َ كُثـُرْ !!!

قال لي جدّي ذات َ مرّة ، إنّ الموت َ هو النهاية السعيدة للحياة .. تماما كما كان موت الذئب ِ نهاية َ قصّة الخراف السبع ِ و الأمّ . . كنت ُ أخفي الابتسامة عنه خوفاً من غضبه ، و سخرية على هذيانه . . فهل عرف الموت و هو لا يزال يحدّثني إلى اليوم ؟!!
كنتً أخفي الضحكة عنه و كان يخفي الحقيقة عني بضحكة مشفقة !

ما زلت ُ هناك . .. أراقب دفني مع جموع الراقصين على اللحن الأخير . . و أما الموت فكان يجلس هناك . . على قبر نصب للتوّ ، يضحك ساخرا ً ، و ما بين دمعة أمي و ضحكات الموت . . . كانت نهاية مراسيم الدفن قد بدأتْ .. . و حان َ وقت ُ رمي التراب فوق الجثة الهامدة هناك . ..
جثّة ذلك الشخص الذي انتحل شخصيتي بعد الوفاة أيضا ً !

*****


مدّ الموت ُ يديه إليّ مصافحا ً . . . و تلاشت ْ رويدا ً رويدا ً تلك الابتسامة الساخرة من على شفتيه ، فارتجفت حينها كلّ جوارحي . . . كانت ملامح الموت آنذاك مرعبة و جادّة . . و كانت المرّة الأولى التي أشعر بها أنّني ميت . .. كنت أنتظر كلمة واحدة منه لتبدّد مخاوفي العظيمة و آمالي َ المصلوبة . . كنت أنتظر كلمة واحدة لم يتفوّه بها ذلك الأحمق .. .

كان الصمت ُ قد دبّ بالمكان . . .عندما بدا حارس مدينة الموتى ينادي عليّ و يسألني الخروج . .. كنت غارقا ً في حيرة بين يدي الموت و صراخ الحارس . .. و بعد تردّد طويل و سكوت للحظات ٍ كانتْ شاقة . . .أفلت الموت قبضته عن يدي . . و أدار ظهره و مضى بعيدا ً . ..

تعالت نداءات الحارس مرة أخرى . . فمضيت إلى الطريق العام .. . أمشي محدّثا ً نفسي و شاردا ً بين أصوات أبواق السيارات حتى أفاقت صمتي رنّات الهاتف . . كانت المتحدّثة تهذي كلاما ً غيرَ مفهوم و تبكي بصورة ٍ أرعبتني . ..
و بعد أن كرّرت الكلام لمرات و مرات . . .أخذت نفسا ً عميقا ً مجهشا ً و قالت بصوت يختلط بالدموع :

: قد ماتت ، . .. ماتت ياسَمينْ .. .

بين َ صراخ أمي . . و جمود أبي . . و حوارات رجال الشرطة المنتشرين في أرجاء البيت .. نقلت الجثة إلى المشرحة . .
وفي تقريره الأول ، كتب المحقق العام
" الموت حدث نتيجة لتناول كميّة كبيرة من المهدّئات ، و من الراجح أنّها عملية انتحار "

صوت ٌ غريب ٌ أيقظني ، كان المكان ضيّقا ً كالقبر . .. و مظلما ً كالقبر . . و مرعبا ً كمدينة الموتى . ..
من ربّك ؟؟ و ما دينك ؟ ؟
و كثيرة ٌ تلكَ الأسئلة ُ التي تهاوتْ عليّ ..



تـمَّـتْ

عائشه المعمري
05-30-2009, 12:10 AM
ولـ أول مره أقرأ قصة قصيرة
تُشعرني بالرعب كـ هذه
لا من حقيقية الشيء ، بَل من سِعة الخيال الحقيقي
الفضفاض لـ أن يتسع أن يفكر الكاتب بـ تفكير الميت ،
وأن نقول : " كم هو جميل هذا الموت ، الذي إجتمع فيه أحبتي" ،
على الأقل سنعرف من يحبنا إلى درجة البكاء .



جميل يا محمد
حد الدهشة وتوابعها .

عبدالله العويمر
05-31-2009, 08:22 PM
مُدْهِش يَامحمد

بَل المُوت رَسَمْته


دُمْت بِخَيْر

محمد القواسمي
06-01-2009, 12:35 AM
ولـ أول مره أقرأ قصة قصيرة
تُشعرني بالرعب كـ هذه
لا من حقيقية الشيء ، بَل من سِعة الخيال الحقيقي
الفضفاض لـ أن يتسع أن يفكر الكاتب بـ تفكير الميت ،
وأن نقول : " كم هو جميل هذا الموت ، الذي إجتمع فيه أحبتي" ،
على الأقل سنعرف من يحبنا إلى درجة البكاء .



جميل يا محمد
حد الدهشة وتوابعها .


عائشة ،
لا رعبَ صدّقيني ، فالموتُ شيءٌ لا يُخشى
وعلى النقيض تماماً ، لا جميلَ إذا لم نعيشَ بالقبيح قبلهُ

لكِ الوردْ

محمد القواسمي
06-08-2009, 11:21 PM
مُدْهِش يَامحمد

بَل المُوت رَسَمْته


دُمْت بِخَيْر

عبدالله

المدهشًُ أن الموتَ حدثٌ لا ينفكّ يتكررُ / كلّ يومْ

لكَ الودّ اكمله ، و وردة