المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قيلوله .. لم تعد ممكنه ..!


بدر العرعري
06-28-2009, 02:13 AM
بسم الله .. الذي إليه يرجع الأمر كله .





إهداء إلى : "دانه " .. التي كانت تحلم أن تقرأ لي قصّه ولم ولن تقرأ لي .. إهداء إلى غيابها الذي لن يعود .. تماما ً كـ بالغ لن تعود طفولته ! ، إلى الأصدقاء الذين يمرّون .. ولايَعبرون ، إلى المقهى الذي يقبع في أقصى المدينه ، إلى الناس في قريتي البريئه ، إلى الرغبات التي لم تشاء أن تحظى بفرصه ، إلى المزاج الأخير في الثلث الاخير من الليل ، إلى الشوارع التي تستفزني لـ ِ أكتب ، إلى الحياة البسيطه جدا .. إلى كل القرّاء الأحبه ..








خرج من بطن الرمال ، من رحم نخله ، عيناه تمرتان بنّيتّان ، وفاه نواه ، وأطرافه أغصان يانعه ، نبت في عنوة .. وسط الضجيج ، في غابه من الهموم ، وجهه معجون بالحزن ، أيّامه عابره في دروب التعب ، اسم ٌ لايكاد يهم ، سعاده لم تعد ممكنه ..!! ، . . فـ منذ إكتمال نضوجه ، ظل هائما في حقبة الحرمان ، وإن شاءت الأقدار إن تجاوزها ..! سيظل سمها ناقعا ً في جوفه ، يزاحم شهد حياته الموبؤه بأناشيد الحزن التي تفيض كلما شدا الأصيل تراتيله ، وكلما " نأى لحظات سهو عن إطار دائرة قوقعته عاد به الخوف مجددا ألحان " الهلع القديم " . .



ذات صباح لم يحظ بيوم ٍ كـ هذا .. منذ زمن ٌ بعيد ، فـ بعد أن أفاق من نومته البريئه من " الهلع " ، وهي اليتيمه ، شعر أن عظامه النابضه .. قد إمتصت رطوبة الليل ، فحدث نفسه .." أشعر أنني قطعة إسفنج " .. ثم خرج واقتعد عتبة داره .. وكانا ذراعاه معقودان حول صدره .. واستمر كذالك حتى إستوعب ماهو فيه ... ! ثم فتح ذراعيه إلى السماء ليحيا يومه السعيد "الخلّي " . . فبدأ يشرب الضحكات ، ويفتح لصدره هواء النسيان ، في فسحه صغيره يمحو بها الكتمان الذي ترسب في أعماق أعماقه كي لاتدمع " الذاكره " ، وربما تسمى مجازا " قيلولة الأرق " .. !
فقد قضى نهاره دون صراخ ودونما أصوات تختلط برأسه ، وظل كذلك حتى مر " الاصيل " وكأنه غدّو يوم ٍ جميل مليىء بأناشيد الحياة ، وتجاوزه بسلام ، حتى عاده الليل لــ ِعاداته ، ففي الهزيع الأخير تشكلت في جمجمته " جنادب " القلق ، وفي كلتا يديه توزعت " ليفة " الليل.. ! ..يدعك بها وساوسه وخوفه اللامنتهي .. ! ، وتزاحمت مهاوي التعب لتدخل رأسه .. حتى سخافة الحلول وجدت لها تذكره ..!!وكأن توقفه كان إستجماع لقواه لا أكثر ..! ، ..فتذكر " قيلولة " يومه كيف توارت " مثل شيخ ٍ جليل وسط سحابه من الضباب " .. وبعد ساعات ثقيله من " تمرغه " في فراشه .. إنقضت ليلة ٌ حافله بـ " الأرق " .. واستيقظ بعد إقتناص غفوه مفاجئه عند السحر ، فحاول تخمين الوقت " بصياح الديكه " فظل غارقا ً في تخمينه حتى طفى على سطح الواقع وتنفس الصبح . . وبدأ يعلل تفاؤله بالنهار الجديد .. بحجة يومه الفائت .. لــ ِ ذا هو " سعيد " ! .. وسيشرب ويفتح ويمحو و يحبس الأرق في " قيلولته " و .. و .. و .......

ولكن رأسه بدأ أكبر من جسمه ، وشعر أنه لايستطيع حمله .. ! وبدأ ينهال " الأنين " كأسراب جراد يمخر رأسه ..! ، ثم أخذ نفسه لــ ِ سيارته .. ، تقوده غير مدرك إلى أين ..!؟ ...
حتى توقفت به عند مقهى في أقصى " المدينه " ، وقد إعتاد إرتياده كل صباح عدا صباح الأمس الإستثنائي ..، واقتعد الطاوله المطله على الشارع ورأى توافد الناس على المقهى وقال لنفسه متعجبا ً " يا إلهي المدينه بأسرها تعاني " الأرق " ..! ، ودون ان ينبس بشفه ، أتاه العامل بكوب " شاي النعناع الحار " ، وأخذ " يرشف " بنهم ِ شديد .. ولاحظ نظرات الوافدين الغريبه الساخره تحدق بسخريه ..! ولم يعيّرهم أي إهتمام ، وبدأ يشعل سيجارة " يدخن بها الذكرياااات " ، ثم أخيرا ُ بعد عدة " رشفات " ... إكتشف سر ضحكات المرتادين .. " حين أدرك انه لايرتدي سوى سروال منامته " .. !!!















.

كتبت قبل سنه ونصف تقريبا .. والمعذره على الإملاء والتنسيق الغير ممتاز .

سعد الصبحي
06-28-2009, 04:05 AM
بدر...
كأنك تمسك كاميرا وتنقل يوم هذا الرجل التعيس ...
بأدق التفاصيل التي اعرفها جيدا ...

مبدع يا أخي مبدع ...

عطْرٌ وَ جَنَّة
06-28-2009, 05:57 PM
بَدر ..
وَصُوْرَتكُ الْبَاهِتة فِي زَمَنٍ مُلّونٍ مِن الْطُفولة ..
وَ عَيناكَ الْمُفكّرة الْحَزينة ..وَ ’’الْغُتْرةَ ’’ الْغَيمة ..وَالْثَوب الْمُقلّم لأطْرَافِ الشِّتاء ..
( كُلّك ) تنبئ بَالْمَطر ..
حَيثُ تَكتب ..وَيَقف الْجَميع ..حيثُّ تَشْعُر ..وَ يَخْفق الْكَون ..حيثُّ تُخطئ ..ولا يَتعاقب الليل وَ النهار .. حيثُّ تَرفعُ قَلمك ..ويَهْبط كُلّ بَصرٍ نَحْوك ..
حيثُّ تَنْتهِي ..وَ تبدأ الْسِنارات بحِياكةِ الْبِداية .. وَ الْمَظلات بِحرثّ الجْفَاف ..وأعمدة الإنَارة بِتهدئةِ الظلّ الْحَزين عَلى الْرَصيف ,

بَدر http://www.qamat.net/vb/images/smilies/a36.gif

فاطمة العرجان
06-29-2009, 11:25 PM
أقرأ .. وأقرأ .. لِ أعود وأقرأ يـ بدر ..
هكذا أنا .. مذ وقفت على حرفك / فكرك للمرة الأولى ..
وتعلم بأنك عندما تكون .. تكون مكتملاً كاسمك http://www.7c7.com/vb/images/smilies/wh_73073504.gif

عائشه المعمري
07-01-2009, 04:18 AM
بدر العرعري

أهلا بك هُنا

وما الرابط الإفتراضي بين الأرق وقيلولته وبين المشهد الأخير
سوى أن ثمة فن حقيقي في كتابة القصة القصيرة
وهي تهيئة الأحداث مسبقاً
لـ مشهد صغير يثير القارىء بنهاية ستعلق في ذهنه دوماً
كما فعلت أنت يا بدر في هذه القصة
بأنه حتى بعد صباح أمسه الأستثنائي لا زال يعاني الأرق
والدليل نسانيه لـ مظهره .
بأن لا شيء جديد


رغم قدم القصة الزمني
إلا أنها بذات الطراز الفاخر الذي عودتنا إياه يا بدر
وبـ ذات الأناقة في الإهداء


مودتي

مشعل الحربي
07-01-2009, 10:52 AM
القدير | بدر ؛


جميلة حد الأذى هذه القصة ، إذ فيها ملامح نحاول إغراقها في دوامة الحياة ، لكن يبدو أن كل هذا بلا جدوى ..

المقطع الذي يبدأ بــ : خرج من بطن الرمال ..

المنتهي بــ : " الهلع القديم " . .

استوقفني كثيراُ ، إذ فيه من الوصف ، والتصوير ما يستجلب الدهشة ، ربما لكمية البؤس التي فيه ، وربما لأني وجدت نفسي في بعض خيوطه ..

بقي أن أقول شكراً لأنك تكتب ، وشكراً كثيراً على هذه التحفة .

جــوى
07-05-2009, 02:30 PM
استيقاظ المنفى داخله حرمه نفسه و الوطن
يا لكثرة التفاصيل التي تأتي بالأرق من أول العين
لآخر دمعة في الجفن .

مدهش يا بدر

بدر العرعري
07-07-2009, 06:37 PM
الاشياء البسيطه تكتب بصعوبه بالغه .. إن لم تكن يوما ما مثلهم .. حتما لن تكتب لو صوره واحده .. إنها حقيقه مجرّده من كل شي .. إلا انها حقيقه .!


شكرا ياقلب

بدر العرعري
07-07-2009, 06:43 PM
تحترق كلّك .. لأجل ان يحظوا برؤياك تموت ببطء شيد ملحووظ ..!



الأشياء التي إستلذيتموها .. لاتستاغ عندي .. امقت لحظة أن أكتب .. كم هي مؤلمه تلك اللحظات ..




لـ القراءه العميقه منك .. ولـ إسمك الكبير .. ومرورك الساحر .. كل الإهتمام ياقلب