المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جنين الأماني


خالد حسين الصبحي
10-30-2009, 06:38 PM
جنين الأماني ..
ــــــــــــــــــــ


سمعت َصوت َحامد صديق أخي سامر قبل أن أطرق الباب و أدخل . بكاء شاهق تقطعه موسيقى خافته ... عود ... قانون .. عود تركي .. دف .. موسيقى قصيرة جدا لا تتجاوز عشرين ثانية . تمتزج ،و تتمدد موجة وجد زرقاء و ملمس حقيقة تسبح فيها الأرواح المجنحة فقط .....
هكذا شرحها حامد ، ثم بكى ، وقال و هو يشهق : أظنها موسيقى تركية .
اقتربت ُ، فسمعته بوضوح يكمل : سمعتها صدفة ًفي قناة وثائقية ، فسجلت ُمنها هذا المقطع القصير ، و قال بثقة : سجلت ُروحها يا سامر . وكم كانت سعادته كبيرة لأن الصدفة وحدها جمعته بها – يعني الموسيقى – و هذا يعني – بحسب حامد – أني اكتشفت ُمركز َجاذبية روحي صدفة . تماما كما اكتشف أديسون جاذبية الأرض صدفة . قاطعه سامر : تقصد أنشتاين . رد حامد بلا مبالاة : ما يهم أي واحد .
أعادَ تشغيل َالمقطوعة القصيرة التي كانت مشوشة وغير واضحة – وهذا يزيدها جمالا يا سامر ، كما يزيد الحجاب نساء الحجاز جمالا - ثم بكى بحرقة ، وقال : إن مؤلف هذه المقطوعة يعرفه أكثر من أمه و أبيه . و يعرف ماذا يدور في قلبه الحزين دائما . و أغمض عينيه وقال : إنها – يعني الموسيقى - تأمرني بالهجرة إلى بلاد الأفراح حالا .
رد أخي سامر – المتابع لثلاثة أمور في حياته كلها هي : الموسيقى ، و الأسهم ، ونادي الاتحاد - : هذا لحن صوفي من الأناضول يا حامد .
ردد حامد كلمة الأناضول ،كأنه رجع صدى لكلمة أخي سامر ، ثم قال : تلذذ ْبالحروف يا صاحبي إنها فاكهة المنافي الناضجة دائما . هذا يحلُ لغز تعلقي وحنيني لاسطنبول . معقولة تكون جذوري تركية يا سامر .
" أنا كنت أسمع ُ. بل و أعرف أن صديق أخي سامر ، و أخي أيضا غريبا الأطوار ، لكنني تأكدت ُالآن بأن حامد مختل عقليا ، و أنّ أخي على وشك اللحاق به "
عاد حامد يقول بتنهد : إن اللحن يخبره باجتماع أحبابه اجتماعا أبديا لا فراق بعده .
رد سامر : و من هي حبيبتك . لعلها الروح القدسي التي لا تستطيع وصفه أو تخيله .
نعم يا سامر . هي تلك . لقد خرج المظلومون من السجون يا سامر ، وشبع الجوعى ، وشفى المرضى ، وتعانق الأعداء وذبحوا العداوة و أكلوا لحمها القاسي في حفل المحبة الكبير . وها هي الآمال تبلغ منتهاها . الدرب الأغبر رابض مثل كلب وفيٌّ يلعق بتلذذ حليب الوصول المسكوب له على أبواب البيوت . والمسافة المتعبة مربوطة في عمود الوصال الأخضر بانتظار تسمينها ثم ذبحها في عيد الخلود القادم . و أمطرت السحابة رضا أبديا ، فأزهر على الفور غصن النهار أزهار السعادة البيضاء .
- اهدأ يا حامد . هكذا تتعب ؟؟
أقسم لك يا سامر بأنهم عادوا جميعا ، ولم يتأخر حبيب عن حبيبه ، حتى الموتى من خمسين عاما عادوا .. إني أراهم شبابا نشيطين وفتيات فاتنات . أنظر إلى الطبيعة كيف تحييهم ، الأزهار بكل الألوان تحييهم ، و تتمايل فرحا بهم ، والنهر ينثر عطرا تحت أقدامهم .
آه يا سامر . لماذا يرسل لي هذا النداء ؟ وهو يعرف أني سأتعب حتى أصل إليهم ، إنهم أكثر سعادة من دون لحني الحزين .
أبشر . أبشر يا سامر . إن المرأة العقيم من سبعمئة سنة تنجب طفلتها الأولى ، و إن زوجها العاشق المخلص يسمي الطفلة على اسم أمها المتعبة .
الغيوم تغسل العمر هناك يا سامر ....
" شعر سامر أن صديقه الوحيد ، والعبقري المجهول سوف يموت بحرقته ، فقد كان يندفع في كلامه ، ثم يبكي بكاء حارا ، فحاول تهدئته بقوله : تتجدد الألحان و العمر أبقى من الزمان . اهدأ يا حامد أرجوك اهدأ لأستمتع بكلامك و لحنك " هو لم يعرف عن صديقه حامد أنه شاعر ، أو رسام ، أو موسيقي ؛ لذلك لم يصفه بأية صفة منها ، إنما يعرف عنه أنه يستطيع تحويل الموسيقى ، واللوحات الفنية إلى كلام وجمل مفيدة تختلف باختلاف الموسيقى أو اللون ..... و قد اختبره مجموعة من الرسامين ، والملحنين فقال كلاما لم يفهموه ، ولم يحاول إفهامهم، و إنما قال لهم : حسوا بالكلام إحساسا ، ولا تحاولوا فهمه فهما .
الإحساس أعمق ، و أقدس ، و أصعب من الفهم يا إخوان .
عاد يبكي ، و يقول لسامر : دعني لقد تجمعت هذه الدموع من حسرة آدم على جنته الكبرى ، مرورا بطوفان نوح ، و رحيل إبراهيم ، حتى صراخ زوجة جارنا المنكوبة في عائلتها . آه يا سامر .
" في بداية فضولي ، و تنصتي سخرتُ منهما لكنني الآن أشعر بالرهبة و الحزن و أكاد أبكي ...
ها هو حامد يقول : إنهم يتعاهدون على الوفاء ، ما أعظم الحب ، لقد قبلها على جبينها وقال لها : أحبك بكل ما في الأرض من عاطفة ، آه لقد قبّل قدميها الصغيرتين و هو يبكي . إنه الحب يا سامر.
انظر هل تعرف الشيخ الأسود الكثيف الشعر الذي يجلد في ساحة البلدة بهديل الحمام وضحكات الأطفال وخلود الزمان في معجزة الدنيا السعيدة ... إنه الحزن يا سامر ، إنه الحزن .
نظرت إلى الساعة ، لقد تأخرت ُ..
طرقت ُالباب ، فلم يجبني أحد ، دخلت ُ، فلم أجد أحدا ، خفت ُ، وخرجت ُبسرعة من الغرفة ، اتصلتُ بأخي سامر ، و أخبرته بما حصل و أني سمعت ُكلامه مع حامد في مجلس بيتنا ، ولم أجدهم هناك . ثم سألته : أين أنت الآن ؟
- أنا مع حامد ، نحلل لحن صوفي أناضولي، على الطريق السريع بين جدة و ينبع ، قبل مخرج رابغ على اليمين . قال حامد لسامر: اسأله ماذا سمع ؟
قلت: سمعت الخلود والسجون والكلام كله ...
أخبره بأن هذا أمر طبيعي ، و أخبره بأني سمعته لما قال إني مختل عقليا و أني سامحته .
و أني هكذا للأبد : أسمعكم وتسمعوني لكن لا ترونني ......

سعد الصبحي
10-30-2009, 11:15 PM
خالد ,,
لم أقرأ لك قصة قصيرة مُسبقاً : )

الحوار الدائر بكثرة بين سامر و حامد افقد القصة جماليتها وسردها في نظري على الأقل ,,

المقطع بداية من ( لقد خرج المظلومون ... )الى نهاية المقطع
مُدهش جداً فيه الكثير من روح الشاعر ,,,



سعيد بك هنا : )

خالد حسين الصبحي
10-31-2009, 09:46 PM
خالد ,,
لم أقرأ لك قصة قصيرة مُسبقاً : )

الحوار الدائر بكثرة بين سامر و حامد افقد القصة جماليتها وسردها في نظري على الأقل ,,

المقطع بداية من ( لقد خرج المظلومون ... )الى نهاية المقطع
مُدهش جداً فيه الكثير من روح الشاعر ,,,



سعيد بك هنا : )

حبيبي انت يا سعد
كل ما قريت لك شي قلت الزمن فيه خير
دوبك على البوري تجفل غنمنا == ابغى اكتب هذا المعنى باي شي قصة والا قصيدة والا حتى ددسن

الله يوفقك