المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مجتمع ذكوري!!


سعد الميموني
11-04-2009, 12:14 AM
هناك الكثير من المصطلحات الرائجة في صحافتنا و تجمعاتنا الثقافية الإفتراضية و الواقعية – الأخيرة تفاؤلاً أضفتها – مصطلحات هي اليوم مسلّمٌ بها، و تُرفع كعقيرة في أيدي مثقفينا و مثقفاتنا و لم نعد ندري متى عقروها و كيف، و هل هي فعلاً الأنسب للتعبير عن واقع الحال.
منها على سبيل المثال : ليبرالية ، منهج الاعتدال السعودي، و موضوع مقالي هذا : مجتمع ذكوري. الليبرالية أسمع بها و لا أراها، منهج الاعتدال السعودي أيضاُ هو جديد على الساحة و لا أدري ماذا يعني تحديداً هل سعودي تعود على الدولة و توجهها أم الحكومة و ممارساتها، و هنا يُطرح سؤال لا مانع من التفكير فيه : ما الفرق بين الدولة السعودية، و الحكومة السعودية، و هل هناك وجود سياسي رسمي للشعب السعودي، أم أن الاعتدال يُطبَق في حقه دون الرجوع إليه، و هل الشعب السعودي هو من روّج لهذا المصطلح ( منهج الاعتدال السعودي ) ! أم أن الشعب كعادته عندما يسمع : صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم و لا الضالين، يردد بلا تردد آمين، ما دام الإمام هو من قال، و بالمناسبة هل الأئمة يتم تعيينهم، أم ينتخبون من جماعة المسجد؟!
أعود لسياق مصطلحاتي، أنا هنا لن أشكك في الصحافة و نواياها إذ إنني مع الصحافة قلباً و قالباً و أدعو لها دائماً بالتوفيق و السؤدد، متجاهلاً المنتقدين لها سواءاً كان نقدهم بنيوياً أم تشريحياً، لأني مؤمن أن الصحافة وسيلة إن وجدت مجتمعاً حراً ملكها أحرار و إن وجدت غير ذلك فلا يجب أن نلوم الورق حينها و المنشغلين بالتورّق عن الشعب المتعقل الذي يرى في الصمت حكمة.
دعوة فقط للوقوف عند بعض المصطلحات التي تفرّخها صحافتنا، و أهمها الآن بالنسبة لي مصطلح مجتمع ذكوري، فقد قلّبته يمنة و يسرة ثم أفلتته من يدي، ثم عدت لأحمله و أتأمله! و خلال تفكيري هذا تتضخم في رأسي علامة التعجب! المجتمع المذكور هو مجتمعنا، و الخبر يقول أنه ذكوري! من الذكورة، و الحقيقة أنني قبل تأملي هذا، كنت ممن يصادق على هذا الوصف دون جمركة، و لكن اليوم بدأتُ أشعر أن هذا الوصف لا يليق بمجتمعنا أبداً، نحن مجتمع قبيلي هذه معروفة، مجتمع قبائلي لا ننكرها، مجتمع رجولي يميل للرجل أي نعم نحن كذلك، لكن مجتمع ذكوري، لا و الله! رفع الله مجتمعنا عن هذا الوصف و كرّمه، يليق هذا بمجتمعاتٍ كثيرة و لكنه و الله ظلمٌ لمجتمعنا.
أتابع أقلام مختلفة متباينة في أطروحاتها، و الأغلبية عن طيب خاطر تستخدم هذا المصطلح، و لكني أشعر الآن بخطورته، و أعرض هذا الأمر عليكم فافتوني إن كنتم لطرحي مقدرون : )
الذكورة مفردة تنتمي للعلوم الطبيعية أكثر من انتمائها للعلوم الإنسانية و الإجتماعية، و عندما تحضر فهي تحضِر معها الشكل التشريحي للإنسان الذكر بمنكبيه العريضتين، و علامات بلوغه، و شنبه و سكسوكته، إلى غير ذلك.
فهل هي مناسبة للاستخدام من قِبل صاحبة الجلالة عندما تنتقد واقعنا الاجتماعي و الحضاري!! هل فعلاً نحن مجتمع يراعي الذكر فقط و متطلباته و يحرم الأنثى و يصيرها سلعة و متاع للرجل!! لا لسنا كذلك، فمجتمعنا المسمى ذكورياً هو مجتمع يقيد الرجل بنفس القدر الذي يقيد به المرأة، و الرجال من مجتمعنا يعلمون ذلك، يعلمون أنهم مقيدون من قبل هذا المجتمع الذكوري!!
من يسمع مصطلح / مجتمع ذكوري، يظن أن أفلاطون هو المسيّر لأمور هذا المجتمع، أفلاطون الذي احتقر النساء و الضعفاء و المرضى و جعلهم طبقة دونية في المجتمع!!
نحن لسنا مجتمع ذكوري، نحن مجتمع قبلي قبائلي رجولي، لكننا و الله لسنا مجتمع ذكوري، نعم هناك من الذكور الخالين تماماً من الرجولة ممن استغل الساحة ليمارس ذكورة خالية تماماً من أي إنسانية أو رجولة، هناك خلف الأبواب الموصدة ضربوا النساء و أحالوا حياتهن جحيماً و حرموهن الحقوق، و مثلّوا بهن معنوياً و ربما جسدياً أيضاً، و لكن المجتمع لا يؤيدهم و لا يرضى هذا الواقع، فكيف أصبح ذكورياً و هو يهرول في سبيل القضاء على هذه المظاهر السلبية التي وجدت لها بيئة خصبة في ظل التأخر الذي يعانيه مجتمعنا ليس في مجال واحد فقط.
و المشكلة أن ( مجتمع ذكوري ) مصطلح يرفعه كُتّاب مفلسون، و لا يعود هذا الذنب على الصحافة بل على الشعب الذي سلّم الصحافة بكل طيبة خاطر كما سلّم أموراً كثيرة بكل طبية خاطر إلى من لا يستحق.

مجتمع ذكوري مؤلمة لمجتمعنا الطيب، الذي يراعي الله على الأقل شعبياً و الذي ينادي دائماً بقيم الرجولة و الشهامة. هو مجتمع رجولي ربما لا أنكر ذلك، نعم هو مجتمع يراعي الذكر و يفضله درجااات بدل الدرجة، و أحياناً كثيرة يظلم الأنثى و يحد من حرّية حركتها، و لكن ليس ذلك مبرراً لاستخدام مثل هذه اللفظة الساقطة، فالدافع ليس الذكورة أبداً، الدافع هو موروث وجداني بالإضافة إلى أثر التشدد الديني الذي اختلط ببعض العادات السلبية فراعاها غير قاصد، و جعل لها قبولاً حسناً في شعب حديث عهد بالتنظيم المدني حتى على مستوى التنظير.

التسطيحيون و الصحافة اللعوبة هم من اخترع هذا المصطلح في نظري، محاولة اختزال مشكلة مجتمعنا لتصبح فقط مجرد حرب بين ذكور شهوانيين متسلطين ضد أناث مستضعفات!! هي سطحية ما بعدها سطحية في نظري، نعم مجتمعنا يحوي ذكور شهوانيين خالين تماماً من الرجولة و مجتمعنا الذي حواهم يوفر لهم للأسف بيئة خصبة و مساحة هائلة من التستر على أفعالهم، نعم هناك أناث مستضعفات، و لكن المشكلة ليست بين ذكور و إناث، المشكلة هي منظومة مجتمع كاملة ساهم في بنائها رجل و امرأة و ورثها رجل و امرأة، و يمارس اليوم هذا الأمر رجالٌ و نساء، فإن بقي في مجتمعنا اليوم خلل فهو خلل اجتماعي، و ليس خلل جندري!! و تحالفات من طوال الأشناب ضد طويلات الشعر!

أعتقد أنه يجب أن ننتقد المنظومة القبيلية و نحاول تقريبها و تشذيبها لتصبح فعالة و خادمة للدين، أعتقد أنه من الواجب أن نتطهر رجالا و نساءاً من القبائلية المنتنة، أعتقد أنه يجب أن نتوقف عن وأد النساء المعنوي و أن نغير نظرة العار و الثأر إلى نظرة إسلامية تؤمن بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، و بأن أحداً ليس على غيره بمسيطر، هناك بابٌ كبير يجب أن نلج منه لحل مشكلات مجتمعنا العويصة نظرياً ، البسيطة على أرض الواقع، و لكن أن نسمي مجتمعنا بهذا الاسم الخبيث، على الرغم من الفضيلة التي يحاول رعايتها و يجتهد في ذلك السبيل، سواءً ظلم باجتهاده هذا أو عدل، فهو يحاول رعاية الفضيلة و تطبيقها على الرجل قبل الأنثى، و في النهاية نجرده من كل هذا، و نصمه بالذكوري! فكرتُ فيها اليوم، فوجدتها صعبة جداً!








و طاب صباحكم

حمد الرحيمي
11-04-2009, 05:21 AM
سعد الميموني ...




أهلاً بك بعد طول الغياب / الفقد ...




يبدو أن هناك أزمة [ مصطلح ] / [ مفردة ] تلازم المقال كله و تهدد استقراره و تجعل منها مثار تشنيع / تبشيعٍ لكل مستخدمي هذه المفردة ... لذا أرى أنك يا صديقي تُحجر واسعاً ... و تخنق اللغة في زاويةٍ أضيقَ مما أُعطيت و أعطت ...




الذكورة يا صديقي ... ليست بهذا القدر من الانحطاط أو الدناءة إن قيلت أو وصف بها أحد أفراداً أو جماعات ... فلا أدري أي ألمٍ ترفع بك عن ذكر مفردة [ ذكر ] بينما حَفِلَ بها القرآن الكريم كثيراً ؟؟!!





أما مظاهر الاستبداد [ الرجولي / القبلي / القبائلي / الذكوري ] فلا أظنها تخفى على عاقلٍ فينا ...







سعد ...



سعدت بعودتك و مشاكسات قلمك و مشاغباته الممتعة ...




شكراً لك كثيراً ...

سعد الميموني
11-04-2009, 02:57 PM
أهلاً بك حمد الرحيمي


عساك بخير يا كريم



أسعد دائماً بوجودك الرزين و المثري



أستاذي


مجتمع ذكوري

أعتقد أنها تتجاوز براءة اللغة و ضبابية المصطلحات


هي تهمة لمجتمعنا البعيد جداً عن الذكورية لـ صالح المحافظة و التمسك بالفضائل و القيم العليا


هذه وجهة نظري فيها، و لا أدري ربما غيري أكثر تسامحاً مني


أيضاً

مجتمع ذكوري

فيها تعمية و تشويش على الباحثين عن بؤرة الخلل المجتمعي


وجهة نظري



و سعيد بأنك أكثر تفاؤلاً مني و أكثر سعة صدر و تسامح مع اللغة



طاب مساؤك


كن بخير