المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخيانة


د. كريمة سعيد
03-30-2010, 12:20 AM
ذات يوم رجعت للبيت كالعادة، فتحت الباب والتقطت البريد وصعدت في المصعد، فتحت الباب رمت حقيبة يدها فوق السرير، ووضعت الرسائل فوق الطاولة في صالة الجلوس، اندفعت لتمارس روتينها اليومي، فدخلت إلى الحمام هرقت المعطر في المغطس لتستمتع بانتشائها في المغطس قبل عودته، فهو يعرف مواعيدها ولا يتأخر مطلقا؛ وكان ذلك سبب انزعاجها الدائم لأنه يلازمها كظلها ويحبس عنها الهواء، وقد خسرت الكثير من العلاقات بسبب هذا الابتلاء. ولكن دفء لحظاتهما معا كان يحمل لها بعض العزاء.
تمددت في الماء الدافئ المعطر سعيدة بتحررها منه ومن غيرته العمياء ولو للحظات.
فكرت في لقائهما الأول وكيف حاول استمالتها دون جدوى، أحبت إحساسه بها فهو سيد المواقف في الأزمات، كلما أحست بانقباض أو ضيق يأتيها صوته الدافئ مواسيا متوسلا الوصال وبناء صرح حياتهما معا بالوفاء والإخلاص.
خرجت من الحمام لتسمعه يكلم امرأة أخرى بألفة واعتذار... لما رآها أقفل الخط بسرعة وقد احمر وجهه وأصبح بلا نبض بعدما غادرته الحياة، حاول ضمها ولكنها ابتعدت عنه وفي رأسها ألف سؤال وسؤال.
ظل الهاتف يرن ويرن ولكنه رفض أن يجيب فتعمق السؤال واتسع الشرخ وصوتها يأمرها بالتريث.
لفها الدوار وأحست بثقل الدنيا يهبط على قلبها الذي كاد أن يتوقف من هول الصدمة.
لم تتوقف محاولاته في التقرب منها، كانت قد عودته أن تلتصق وهما يشاهدان برامج التلفزيون، أويتصفحان الجرائد والكتب معا، لكنها اليوم أحست برغبة في الهروب والاختباء بعيدا عنه.
لاول مرة تحس بلهيب الغيرة ينخر كيانها ويعصر قلبها. انتبهت على توسلاته فحاولت تجاهل الموضوع ريثما تتأكد، مع يقينها أن حدسها لا يكذب مطلقا.. لقد كان هناك دائما هاجس يأمرها بالابتعاد عنه والفرار من عالمه الوردي.
كان بارعا في الكلام، يصعب الصمود أمام بحر حنانه والكلمات، قال لها: أنت إكسير حياتي وسر الوجود، أقسم بكل الأيمان أن لا امرأة عرفت كيف تملكه غيرها...
اقترب منها وهو يقول: أنت حياتي وقلبي وروحي فكيف أنظر إلى امرأة سواك، وها أنا لا أرد على الهاتف من أجل عينيك الساحرتين، فتعالي لأبحر في بحر عينيك يا مالكتي، فلهيب حبك متوهج في فؤادي إلى أبعد الحدود، لا تحرميني حبك فهو سراج دربي وأحلى وأعذب ما في الوجود.
رمقته بنظرة الشك والارتياب وابتعدت.
في الصباح ذهبت للعمل مشوشة البال، وقبل خروجها لحق بها وهي تنتظر المصعد وضمها إلى صدره بقوة قائلا "هذه أول مرة تخرجين دون السلام عليّ لا تكرريها فعدم رضاك يشلني"
دخلت المصعد دون أن تنظر إليه فأمسك بباب المصعد ولم يتركه حتى رفعت إليه عينيها لأنها كانت متأكدة أنه لن يتركها تذهب وهي غاضبة، فابتسمت على مضض ورحلت.
في العمل ظلت شاردة طوال ساعات.
خرجت واتجهت إلى أحد أصدقائه الذين سعوا جاهدين لربطهما ببعض أثناء امتناعها عن الارتباط به .
قالت له باحتيال بأنها قد عرفت الحقيقة، فتلعثم وبدأ باختلاق الأعذار قائلا بأن الذي مضى لا يجب المحاسبة عليه وإنما يجب أن تحاسبه على الأشياء ابتداء من تاريخ التعارف بينهما. رمقته بغضب ورحلت وهي تشيع جنازة الأصدقاء المشتركين المتواطئين.
صعبت عليها نفسها كيف كانت آخر من يعلم وهل كانوا يضحكون مع نسائهم على سذاجتها. وأقسمت بيمين الله وأبيها ألا تلتفت وراءها مهما كان الفقد والعذاب.
لم تعد للبيت وتركت كل شيء وراءها وهي تناجي نفسها المثقلة بالآلام والجراح:
يخاصمني فيك الهوى فينتصر الفراق والعذاب
وأشكو هموم قلبي فيك للقمر فيغيب عني الضياء
أرنو إلى الأفق البعيد ووجهك أمامي في كل المدار
آآآه كيف أقتلعك من وحدتي
وكيف أطردك خارج أسوار حديقتي
وأنت تسكن خلايا كياني وتسري في دمائي
كيف أقضي على وجودك الذي أستمد منه بقائي.
ومع كل الحب والهيام الذي كانت تكنه له إلا أنها قالت كلمتها الفصل ولا رجوع فيها حتى الموت. حاول الاتصال بها ولكن ألغت أرقامها وعناوينها وفي الصباح الباكر سافرت لتواصل دورة تدريبية لمدة سنتين اعتقدت أنهما كفيلتين لتنسى طعم الخيانة المر.

عبدالله العمري
03-30-2010, 12:04 PM
بأقتدار كُتبت هذه الخيانة

قلم رشيق انيق

وبقدر اعجابي بالقلم
اتى غضبي على سلبية الانثى ,التي لاتستطيع ان ترمم حياتها وتواجه تخبطات شريكها
الا بالفراق!

عائشه المعمري
04-15-2010, 02:22 PM
ومع كل الحب والهيام الذي كانت تكنه له إلا أنها قالت كلمتها الفصل ولا رجوع فيها حتى الموت.
حاول الاتصال بها ولكن ألغت أرقامها وعناوينها وفي الصباح الباكر سافرت لتواصل دورة تدريبية
لمدة سنتين اعتقدت أنهما كفيلتين لتنسى طعم الخيانة المر


هكذا نحن يا سيدتي ..
كلما قُوبلنا بجرح ،
نُضمده بالهروب ..


قرأتكِ وأنا في إنتشاء
كل الشكر لهذه الدهشة

د. كريمة سعيد
04-25-2010, 11:29 PM
بأقتدار كُتبت هذه الخيانة

قلم رشيق انيق

وبقدر اعجابي بالقلم
اتى غضبي على سلبية الانثى ,التي لاتستطيع ان ترمم حياتها وتواجه تخبطات شريكها
الا بالفراق!

القدير عبد الله العمري

بقدر سعادتي بك في متصفحي بقدر ما حز في نفسي غضبك لأنه في أوقات كثيرة لا نملك الخيار

فعندما يسوء الأساس لا يفيد الترميم ونلجأ مضطرين إلى هد البيت ودك جدرانه من أجل بناء سوي ومتين

شرفتني أخي الكريم بحضورك المورق .... وسعيدة جدا بإعجابك بهذه المتواضعة

تقديري ومودتي مرفوقين بإكليل من الياسمين البري