المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تشبثات باطراف العودة


أحمد الملاح
05-17-2010, 03:08 PM
كانت اغفائته الاخيرة قد نقلته الى ذكريات بعيدة , اختلطت فيها الحقيقة بالامل
حتى لم يعد يميز ان كان قد ولد فعلا على هذه الارض التي يتجه اليها الان , ام ان هذا مما تختلقه الذاكرة
لذا كان عليه ان يسال جليسه في الطائرة ان كان هبوطا عاديا ام اضطراريا
فالمكان الذي يراه من خلال النافذه لا يبدو مطارا كتلك التي يراها في فرانكفورت او هيثرو
لكنه ايقن في النهايه انه هبوط عادي , فالجميع تبدو عليهم مشاعر السعادة بسلامة العودة
كما لو كانوا خارجين من المعتقل او من مشفى رغم انهم قادمين من سقف العالم
حيث النور نور بلا ضبابيه مفرطة وحيث الضلام حالك بلا ادنى فسحة للضوء
هذا ما تعلمه هناك اما اسود او ابيض ليس هناك من مجال لان تكون ايا غيرك
لا احد يقول لك احبك وهو لا يحبك
ورغم انه كان يكره التصنع الا انه خلال سنين تغربه شعر بالحاجة لمن يكذب عليه
فهو لا يحب جميع الناس لكنه يبتسم في وجوههم على الاقل
لا يدري ان كان هناك لوحة كتب عليها مممنوع الابتسام لكن الجميع ملتزم بها كما يبدو
كل ما كان يراه خلال تجواله النهاري هناك كان هو اناس تركض خلف هالات من السراب المغري
كالفراش الذي يحوم حول النار رغم انها ستحرقه بالنهايه
اما ليلا فلم يكن يرى شيئا كان الامر اشبه باستبدال سكان الكوكب باسره باناس اخرين ليلا
لم يعرف حتى لحظة عودته اين يذهب الناس ليلا ومن اين ياتي الاخرون
تذكر تساؤلاته عندما كان صغيرا يسال امه ذلك السوال الازلي اين تذهب النجوم نهارا
ولحيرتها اخبرته بالحقيقة المرة وطلبت ان لا يخبر اخويه الاخرين وهي انها كانت صاحية حتى الصباح يوما
فجائت رياح بيضاء من جهة الشرق ازاحت النجوم واجبرتها على الغروب تمهيدا لطلوع الشمس
ضحك للحظات وتذكر ذلك الديك الاغريقي القديم الذي يختال مرحا ظنا منه انه هو من يجبر الشمس على الشروق
او ما يسمى جدليا تقديم النتيجه على السبب فالشمس تشرق لكن قبلها يجب ان يتبدد الضلام وتذهب النجوم
شعر للحظات بدوار خفيف ربما بسبب اختلاف الضغط اثناء الهبوط والاقلاع وهي حالة كثيرا ما لازمته حتى في المصاعد
بعدها انتبه الى يد تمس كتفه برفق ثم بقوة استيقظ لقد وصلنا
كان صوت جليسه في المقعد الذي لم ينس ان ينبهه بخلع المعطف الشتوي
فالجو في الخارج اشبه بفرن لصهر الحديد
كما نبهه لوضع كمام على انفه ليس لتفادي وباء الانفلونزا
لكن لان الغبار في الخارج اعلى من اي غبار يمكن ان تثيره عاصفة صحراويه

عائشه المعمري
05-24-2010, 08:39 PM
هكذا يا أحمد
في الأماكن المرتفعة كثيراً ما تختلط الذكريات بالأحلام ..
كثيراً ما يُستثار الكامن من الأحاسيس ..
فتتشكل على هيئة حلم ..
ينقشع فور الهبوط ..


أعجبتني انتقالاتك القصصية . .
وثمة التماعات في النص .. تجبر القارىء على الوقوف ..


أهلاً بك

زخات مطر
05-26-2010, 12:20 AM
وكأني كنت في داخل رأسه !

:) وصفك لما يجري معه كان دقيق جدا ..

أحمد الملاح .. القصة رائعة جدا ، استمتعت بقراءتها :)

بثينة محمد
05-27-2010, 02:33 PM
سرد جميل ، خيال و صور ممتعة ..
أحببتها :)
لكني لم أفهم النهاية ..!