المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فهد عافت ينتقم من نايف الحربي ,, أجمل انتقام !!


وديع الأحمدي
07-02-2010, 02:25 PM
أحلام الفتى الطائر
فهد عافت



زلّة نايف الحربي، الوحيدة، الواضحة، التي أذكرها، هي أنه أدخلني إلى ساحة الشعر الشعبي، ورغم أن بقيّة ما فيه، بالنسبة إليَّ، مزايا، فإن هذه الزلّة كافية، للتفكير الدائم، بمعاقبته، والانتقام منه، وأخيراً وجدت الطريقة المناسبة، لهذا الانتقام: العودة إليه، والكتابة معه، جزاء عدل...!

كلّما ركبت طائرة، تذكرت (علي القهيدي)، كانت أيام صبا، وتفتّحاً مذهلاً على الحياة، يوم تعرفت عليه، شاعر في منتهى الشفافية، والعذوبة، وطيّار بدوي، يحمل لك من الحكايات، والطرائف، ما يشع بروحك، أملاً، وأحلاماً عِذابا، ورجل كريم، يفتح مجلسه، لكل الناس، وفي مجلسه المفتوح على الفضاء، تطيب الأماسي، لم أرَه منذ زمن بعيد، وليست بيننا مهاتفات، لكنه يسكن الذاكرة دائماً، نظرت إليه، وإلى شعره، دائماً، بإجلال، وتقدير، ومازلت أردد له أبياتاً كثيرة، كلّما طاب لي تذكر الأشعار الجميلة، وأكثر ما أردد له، هذا البيت:

(علّمتني كيف أطالع ما بيد غيري
... وخلّيت عيني تضيق إن جيت قدّامي)!

لم يكُن بيتاً عادياً أبداً، فبالنسبة إليَّ، شكّل هذا البيت، والقصيدة كلها، فاتحة جديدة، على فهم الشعر، أو فهم حقيقة رائعة فيه، في نفس الوقت، وأظن أنني من هنا بدأت أتفهّم، كيفية وجوب أن يكون الشعر، مواجهة، لا هروباً، ومكاشفة، لا مسحوق تجميل، ولا شك عندي، في أن علي القهيدي، الطيّار، أسهم كثيراً في إغناء حياة، علي القهيدي، الشاعر، فأبياته دائماً محلّقة، تقترب من الخطر، لكنها تبتعد عن الأرض، وما فيها، فتتمكن من تكوين رؤية شمولية عنها، بنظرة متأملة، قادرة على جمع النقائض، وتحليلها، بعمق، لا شك أن فطرته البدوية، الصافية، قد غذّتها، بما يلزم من مؤونة، لم يأخذ هذا الشاعر العذب، شيئاً، ولو يسيراً، من حقه، وهو على أي حال، كان رجلاً، يهتم بالعطاء، أكثر بكثير، من اهتمامه بالأخذ، لكن هذا، لا يغفر للساحة الشعبية، عقوقها، تجاه تجربة شعرية، فريدة من نوعها، ولا مثيل لرقّتها، هي تجربة الشاعر (علي القهيدي)...، والمُضحك المُبكي في هذه الكتابة، أنها جاءت متأخرة كثيراً، تشبه سيارة البوليس، في الأفلام العربية، التي يخرج منها الضابط، في آخر مشاهد الفيلم، ليقول لبقية الممثلين، وللجمهور معاً: (إحنا كنّا مراقبين كل حاجة، بس كنّا، ننتظر اللحظة المناسبة، للانقضاض!).

* * *

اهتمامي بالسينما العربية، جاء صدفة، وبدأ تقريباً، مع التلفزيون، الذي لابد له من قرون استشعار، تعلق في بطارية سيّارة، ثم ازداد ولعي بهذه الأفلام، عندما بدأت سينما الجهراء، في عرض أفلامها، في تلك الأيام كنت صغيراً، للدرجة التي أفضّل فيها الابتعاد عن رماح (شيبوب)، خوفاً من أن تخطئ هدفها، وتصيبني في مقتل، وأتذكر أنني حزنت كثيراً، حين أكّد لي أخي، أن (عنتر) ليس (عنتراً)، لكنه ممثل اسمه فريد شوقي، لم أصدق، إلّا بعد أن شاهدت في التلفزيون ممثلا آخر، هو (سراج منير) يلعب نفس الدور، وكان (سراج منير) أول من لعب دور (عنتر)، بعدها تابعت كل الأفلام، وقرأت كثيراً في مجالها، وها أنا أكتشف بعد هذا العمر الطويل، الذي لا يسمح بالتراجع، أنني أشبه ذلك الرجل، الذي جاء إلى الخليفة، عارضاً مهارة عجيبة، إذ يقدر على رمي ألف إبرة، فتدخل في ثقب إبرة، فما كان من الخليفة، أو الوالي، إلّا أن صفق بيديه منادياً الحاجب، قائلا له: أعطوه ألف درهم، نظير مهارته الفائقة، واجلدوه ألف جلدة، لأنه أفنى حياته، في تعلم ما لا ينفع ولا يفيد!

* * *

حيّ المنازل، وقوم حمود
... جيراننا، والعمر توّه
لا شبّ ضوّه هذاك العود
... وأركى دلاله، على ضوّه
جيرة كرامه، وعزّ، وجود
... وطيب، وحيا نفس، ومروّه
هاك العرب ما عليهم زود
... لا من نشــــــدنا عن الخـــوّه!



الرابط في رواق جريدة الجريدة (http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=166723)

سرحان الزهراني
07-02-2010, 03:56 PM
فهد عافت منارة شعرية كبيرة . وليس غريباً منه أن يتذكر من يستحق , وأن يفرد له الحبر والحرف , على أمل أن تكون الساحة شاهد عيان حقيقي.
انتقائك جميل يا وديع.

محبتي.

خالد صالح الحربي
07-04-2010, 08:07 PM
:
جميلٌ هذا العافت .
عندما يتفرّغ للكتابة ولا يشغلهُ شيءٌ عنها .

خالد العزاب
07-05-2010, 02:23 AM
رائع صديقي وديع ..

فهد عافت احد الرموز المضيئه في الساحه والادب..