المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجنية | غازي القصيبي


فاطمة العرجان
02-25-2011, 02:38 PM
http://www.dohaup.com/up/2011-02-24/admin1816037622.jpg

الجنية ~ غازي القصيبي
دار النشر : المؤسسة العربية للدراسات والنشر
عدد الصفحات : 240 صفحة من القطع المتوسط

بغض النظر عن العنوان اللافت والمخيف ( للبعض ) كونه يشي بارتباط عالم الجن بأحداث الرواية أو الحكاية كما يسميها القصيبي , فنحن بصدد الحديث عن عمل أدبي واجتماعي وتثقيفي على درجةٍ عالية من السمو والعمق والذهول .

غازي القصيبي
هو غازي بن عبدالرحمن القصيبي , من مواليد 2 مارس 1940م في الأحساء , قضى فيها سنوات عمره الأولى فيها ثم انتقل إلى البحرين التي درس فيها مراحل التعليم قبل أن ينال ليسانس الحقوق في جامعة القاهرة ثم انتقل إلى أمريكا وحصل فيها على ماجستير في العلاقات الدولية من جامعة جنوب كاليفورنيا . تدرج في المناصب السياسية حتى أصبح وزيراً للعمل منذ 2005 وحتى وفاته في الـ 2010 م .
غازي القصيبي أديب تنوع إنتاجه بين الشعر والرواية والقصة والمقالة , كما أصدر عدد من الكتب في السياسة والتنمية , امتازت كتاباته بجرأةٍ لم يقبلها مجتمعه السعودي الذي لم يفسح إصداراته إلا قبيل وفاته .!

بما أن الحديث حول حكاية الجنية , فمن اللائق أن نعرج على الشاعر المصري إبراهيم ناجي , الذي اختار القصيبي أبياته لتكون مفتاحاً لكل فصل من فصول الحكاية ..!

إبراهيم ناجي
شاعر مصري , ولد في ديسمبر 1898م في حي شبرا بالقاهرة , كان طبيباً اكتسب الثقافة وساعده على براعته في عالم الشعر والأدب ثقافة والده .. بدأ حياته الشعرية بترجمة أشعار الفريد دي موسييه وتوماس مور ونشرها , أعقب ذلك انضمامه لمدرسة أبولو التي أنجبت العديد من الشعراء المصريين والعرب الذين حرروا القصيدة العربية من الكلاسيكية وانتقلوا بها إلى الرومانسية إذ وجدوا فيها مايتواءم وحياتهم المطبوعة بالحزن ..!
توفي عام 1953م وله من العمر خمسة وخمسين عاماً , هذا وكان من بين الدراسات التي تحدثت عن ناجي وشعره بعد وفاته كتاب " مع ناجي ومعها " للدكتور غازي القصيبي .

صنف القصيبي عمله ( الجنية ) على أنه حكاية على اعتبارها تصنيفاً محايداً , كما يقول في فصلها الأول : " والحكاية كلمة محايدة تريحني من تقعرات النقاد ومن نقد المتقعرين " .
تدور الحكاية حول ض . ض . ض ( ضاري ضرغام الضبيع ) الشاب السعودي الذي توقف في طريق عودته من لوس أنجلس إلى الخبر في مطار الدار البيضاء الذي التقى فيه بفاطمة الزهراء وقرر بعد أن كان حب النظرة الأولى أن يتزوجها رغم رفض والده لما سماه " المشروع المشرقي/المغربي " .. فعاد إلى الدار البيضاء ليلتقي حبيبته وتصحبه بعد ذلك لفندق في وسط المدينة ليعقد فيه قرانهما الذي باركه خالها بعد رفض والدها هي الأخرى لهذا الزواج ..!
وبعد انقضاء الأسبوع الذي سبق عودته للوس أنجلس اعترفت له باعتراف مذهل , غير مسار السعادة التي كانت له سمة منذ زواجه ب" فطوم " , لتتحول السعادة إلى حيرة وذهول مشوبان ببعض الخوف, أراد أن يضع لكل هذا حداً بحرق الورقة التي تسلمها من فاطمة الزهراء قبل ركوبه الطائرة لتخبره بأن حبيبته قد توفيت وماهي إلا الجنية ( عيشة قنديشة ) صديقة والد فاطمة الزهراء التي شهدت وفاتها وأرادت أن تحقق لها رغبتها الأخيرة التي كانت تهذي بها , بشأن حبيب قادم فوعدت ( عيشة ) أن تكون في استقباله وكان من الأمر ماكان ..!
تمر الحكاية بتفاصيل مختلفة ويظهر في الفصل السادس الجني قنديش بن قنديشة الذي لعب دور الوسيط بين ضاري وعائشة , وكانت له إضافات وإثراءات للضبيع وللقارئ بطبيعة الحال , من خلال البحوث التي يجريها على العالم الإنسي كونه جنياً مستأنساً .. تظهر شخصية قنديش بصورة محببة ولطيفة ومثقفة مهتمة بعالم الإنس واستطاعت بمزجها بين العالمين أن توضح الكثير من الفروق بين العالمين لإطلاعها على كليهما ..!
الحكاية مترفة التفاصيل .. مذهلة المحتوى .. تحمل بين جنبيها مجموعة ذهبية من القضايا الاجتماعية في المجتمع السعودي , مرّ القصيبي على ذكرها مروراً قد يبدو عادياً ولكنه يرسخ في ذهن المتلقي لدرجة أن تقف أمام الكلمة والكلمتين لدقيقة صمت تمعن فيها في مدى قرب وحقيقة هذا الأمر وتمكنه من المجتمع .. كالعادات والتقاليد بشأن الزواج المتجلية في موضعين وإن ارتبطا ببعضهما , أحدهما في رفض والده للزواج من فاطمة الزهراء , والثاني في وصية والده التي تركها له بعد وفاته بأن يتزوج " مريم " ابنة عمه اليتيمة .. كما عرج على العلاقات العابرة الناشئة بين الشباب السعودي وفتيات المغرب .. أيضاً كانت له إضاءة على القضايا النفسية وتأثيرها على الإنسان بشكل عام وعلى آدائه الجنسي تحديداً , كان ذلك إبان حديثه عن زوجته الثانية آبيجيل براون التي تزوجها بعد أن افترق عن فاطمة الزهراء أو عيشة قنديشة بعد أن تبين له أنها أسرفت في تدليله وتقديسه لدرجة شعوره بالرتابة , ولا أدري إن كانت تلك مزية أو رزية أن تكون الحياة الزوجية مثالية للحد الذي تختفي فيه الاختلافات والعتاب والمشكلات الصغيرة العابرة , فقد ذكرت له آبيجيل أن تاريخ التحرشات الجنسية التي تعرضت لها في حياتها كان لها أثر بدى في عجزها الجنسي الذي لم يلحظه ضاري لانشغاله بعجزه هو الآخر وتبريره لهذه الحال بسحر مارسته عيشة لتمنعه من مواصلة حياته ومتابعتها .. وهنا أيضاً قضية اجتماعية أخرى وتكاد تكون عقدية وهي رد كل أذى قد يصيب الإنسان إلى السحر والعين والحسد , وهذا بالطبع لا ينفي حقيقة هذه الأمور ووجودها ولكنها ليست التبرير الوحيد لكل غرابة أو أذى ..!
زواج ضاري بزميلته الأمريكية آبيجيل أظهر شيئاً من الاختلاف بين الحياة الشرقية والأخرى الغربية , هذا الاختلاف الذي قد يستحيل معه استمرار العلاقة الزوجية المختلطة – وإن كان رأي لايعمم فهناك الكثير من الزيجات المختلطة الناجحة - .
تحدث القصيبي عن الأساطير الشعبية ببساطة جميلة جداً زادت من قرب الحكاية لذهن القارئ وتفاصيله وذكرياته .. عدم حؤول الثقافة والعلم والنفوذ دون الإيمان بالعرافة والكهانة واللجوء للمشعوذين .. المرأة الخليجية حين تحب وفداء الحبيب , والفرق بين المرأة المغربية والمرأة المغربية العاشقة .. والفرق بينهما نظرياً وواقعياً .. زاخرة هذه الحكاية بالكثير من الأشياء الجميلة ..!
الأنثروبولوجيا كانت طابعاً غالباً على الرواية , كانت في أقصى تجلياتها في حديث قنديش عن بحوثه , وفي حوار ضاري مع البروفسورة ماري هدسون .. بإمكاني تصنيف هذه الرائعة كواحدة من بواعث الفضول ومحفزات البحث , خصوصاً مع ذكر مجموعة من المراجع عن عوالم الجن في هوامش الكتاب وختامه ..!
الحكاية مزيج من كل الأشياء الجميلة , شخصياتها .. تفاصيلها المختلفة .. عنصر المفاجأة الذي يصعقك كلما سكن ذهولك ..!
دائماً يكون لحياة المؤلف الشخصية نصيبٌ في أعماله الأدبية , مثل الأحساء وظهورها في بداية الحكاية والدراسة في لوس أنجلس وربما اختبأت بعض التفاصيل الشخصية لغازي القصيبي بين ثنايا حياة ضاري الضبيع ..!


ومضات ( الجنية )
- لاشيء يؤذي الإنسي مثل الحقيقة , ولاشيء يسعده مثل الوهم .
- هل يوجد في قصص الحب عبر التاريخ كله , مهر دفع بشيك سياحي ؟!
- هل يستخدم الإنس جميع أعضاء جسدهم عندما يريدون تدليل أحد ؟!
- عندما تسمع إنسياً يقسم برأس أبيه فتأكد أنه كاذب في 99% من الحالات , أما عندما يقسم برأسك فتأكد أنه كاذب في 100% من الحالات .
- الحياة لاتستجيب بسهولة لمخططات أحد , جنياً كان أو إنسياً , أما القدر فلا يعبأ بهذه المخططات على الإطلاق .

نادرة عبدالحي
02-26-2011, 04:15 PM
ومضات ( الجنية )
- لاشيء يؤذي الإنسي مثل الحقيقة , ولاشيء يسعده مثل الوهم .


اختي فاطمة زاد شوقي بأن امتلك لرواية الجنية
تعالج الرواية جوانب عديدة اجتماعية وانسانية وأفكار
ما زلنا حتى يومنا هذا نعاني من مثولها أمامنا كأنها فرض وواجب يلاحقنا
ونحنُ بدورنا نُشهر أي سلاح كان لمحاربة هذهِ السلبيات الوراثية.
دمتِ بخير يا طيبة وأدام القلم الذهبي بخير في وطننا العربي

فرحَة النجدي
03-23-2011, 08:37 PM
جميلة جداً هذه الرواية نحتاج لأن نقرأها بتمعن لاستشفاف ما يرمي إليه الكاتب رحمه الله
قرأتها في المرة الأولى على عجالة فلم أستمتع بها ، و استغربت هذا الشعور و أنا أقرأ للقصيبي ..
فأعدت قراءتها مجددا و لكن _ على رواق _ !
و كانت حديث الساعة وقتها مع صديقاتي و عمتي ..
شيقة شيقة ، أقولها و أنا واثقة بما أقول ..

شكرا لك يا فاطمة فقراءتك لها منصفة و تحفز على قراءتها و قراءتها من جديد أيضاً .

أسمى
04-01-2011, 07:42 PM
أحبها جداً هذه الحكاية..:34:
شكراً فاطمه .