المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متكأ عمرٍ


بندر الصقر
12-08-2011, 12:28 PM
عندما نمد أيدينا من تحت غطاء تقليدنا لا نأبه لفحيح هواء الحياء البارد وهو يقرص أيدينا , فدافعنا الأمل , ودستورنا (القلوب بين إصبعين .. ), وهدفنا لحظة دفء , في اخر فصول العمر الباردة

لا ألتقط كل ما سقط أمامي فلست لاقط لكل ساقط , ولكني انا من ألقتني الأقدار في دروبهم فلم تدع لي سبيلا إلاّ الوقوف بعيدا منتظرا مترددا يقدم جرحا ويؤخر آخر

أنت إسفنجة وجعٍ وقبلة حياة لأملٍ يختنق منذ عقد , هبة من السماء جاءت في طريق من تيبّست شفتاه عطشا لإتكائةٍ أخيرة مريحة , ربما

بندر الصقر
12-08-2011, 12:34 PM
هذا العمر مليئٌ بالمفاجئات . والزمن اسوأ من يحفظ الصحبة
فكلما زادت عشرتك معه اصبحت اكثر عرضةً لأذاه واصبح أكثر جرأة على كرامتك .

بندر الصقر
12-08-2011, 12:38 PM
,, بعض الورود تبقى على أمل أن يأتي من يقطفها لتهب له اخر أنفاسها
والبعض يفضّل أن ينتظر نصيبه من الذبول ويعيش نصيبه من الحياة .

ويبقى البستانيُّ يربط ثقل أحلامه بحبال أملٍ بالية .

بندر الصقر
12-29-2011, 07:34 AM
لا تخشى على مثلي من الضيق , لم تعد المساحات مشكلتي ياصديقي , الكلام لم يعد ممكنا , والخطوات لم تعد تملك ابسط قدر من الثقة تستمد منه شيئا من صلابة
خطواتي لا تحتمل طي المساحات , خذني الى دهاليزهم ربما استفدت شيئا من خبثي , بعد أن علّموني كيف اجده


كل ضيق ــ مهما كان ــ بإمكاني قتله وتجاوزه ياصديقي .. بزيارة صديق أو اتصال أو خلوة بكتاب أو رحلة قصيرة بين هذه الهضاب التي تحيط بي ولا اعرف ان كانت تملك إحساسا أكثر مما يملكه البشر من حولي ,, أوكما قال تركي بن حميد رحمة الله عليه

أخير منها ركعتينٍ بالأسحار // لا طاب نوم اللي حياته خسارة

ماكان يمثّل الأمل في نظري رأيته بعيني يتفتت الى قطع صغيرة وشظايا ملأت عيني وسمعي , لم أعتقد أني سأتجاوز ذلك يوما , ولكني فعلت عندما تيقّنت أن الأمل كالحرية ينبعث منا ولا يأتي هبة من الآخرين

انا بخير ياصاحبي , كن متفائلا معي في أن هذه اخر زفرات الحزن وربما كان المنعطف القادم في حياتي اخر اعتصارة للحزن في اوردتي , ربما .

بندر الصقر
12-29-2011, 08:05 AM
الحنين حاضرٌ أجبره سواد مابينه وبين غده على أن يشيح بنظره لماضٍ كان حاضرا يوما , ولكن


هناك أشياء لاتَدين الا للمرة الواحدة , ومتى حان فراقها فإن اول ما يتعطّل لدينا هي محركات البحث عنهم .

بندر الصقر
02-28-2012, 01:07 PM
لوحة 1 في المستشفى
في سن الخامسة عشر , يقف مع اخوته العشرين مصطفين حول والدهم على فراش موته يبكي بكائهم وهو يستمع الى اخر توصياته لهم
فجأة , جذبه هذا الشيخ الذي ناهز عمره التسعين عاما بقوة حتى الصقه بسريره وأخذ يدي اصغر بناته التي كانت معه على سريره وعلّقهما برقبة هذا المراهق دون كل أخوته الذي كان عمره بعمر اصغر ابنائهم , كان مافعله كافيا ان يفهم الصغير مغزاه وأن يزيد في الكبير غله السابق


لوحة 2 المقبرة
أحد أخوته المتشددين يجبره على النزول الى القبر ليردم التراب على والده , لم يكن يعي مفهوم الأجر والثواب حينها , كان خائفا ذهب معهم مجبرا , كان تقبيله لوالده بعد أن انتهوا من تغسيله كافيا ليشعر بحاجته للعودة للمنزل والنوم متظاهرا ان شيئا لم يحدث وانه سيستيقظ صباحا ليجد كل شيئ كما إعتاد


لوحة 3 في غرفة والدته
بعد شهر وحيث كان الإجتماع الأول في غرفتها وهي تضع اخر لمسات النضج على صغيرها واكبر ابنائها الذكور , وتعدّه ليكون درعا تتفتّت عليه سهام الأيام و يتلقى صفعات الزمن , أدخلته مراهقا وأخرجته رجلا ناضجا يتكيء قلبه على ايمانه وثقته بخالقه ويجعل من جنبه متكئًا لها ولصغارها


لايمكن التنبؤ بما في جعبة الأيام ولا التحكم بأقدارنا لنتحكم بنضجنا , هكذا أنضجتهم الأيام سريعا .

بندر الصقر
03-04-2012, 02:50 PM
نهاية الطريق دائما ,
باب آخر وبداية طريق آخر ورحلة أخرى تميز من غيظ تساؤلاتنا : ماذا سنجد في نهاية الطريق!؟

بندر الصقر
03-04-2012, 02:54 PM
قطرة الندى / حلم العصافير تستطيع وهب الحياة لبساتين من الأرواح الجافة
ولقمة عيش , جعلت من الفجر لحظة فراق بين الغصن والعصفور .

بندر الصقر
03-04-2012, 03:06 PM
رب كلمة توسّلنا كثيرا لنستدرجها منهم , بسببها نقضي سنوات نتغزّل في فضائل صمتهم .

بندر الصقر
03-04-2012, 03:22 PM
مات المناضل المثال

يا ميت خسارة ع الرجال

مات الجدع فوق مدفعه جوا الغابات

جسّد نضاله بمصرعه

و من سكات

لا طبالين يفرقعوا

ولا اعلانات

غناها الشيخ إمام منذ سنوات : جيفارا مات

وغنا لبقرة حاحه النطّاحة
ناح النواح والنوّاحة على بقرة حاحه النطاحة
والبقرة حلوب تحلب قنطار
لكن مسلوب من اهل الدار



لو كان الشيخ امام حيّا وزارنا لتشابه عليه البقر ولزار قبر جيفارا ونبشه بيديه



كيف لوطنٍ أطبق على أنفاس ابنائه ان يتنفس الكرامة يوما!!؟

بندر الصقر
03-04-2012, 04:12 PM
الطرق ملتوية والخطوات مرتبكة والبصر حائرٌ بين حراسة الخطوة وبين مصارعة الظلام ومحاولة اختراقه

لا هامش أملكه فأنا خلقت هامشا , قبطان أعمى لبحارة خرس , / لا يملك هامشا من تُفرض عليه حياته ومهامه وحتى انجازاته ونجاحه
كل خطواته واثقة وفي الإتجاه الصحيح ولكنها ليست خياره الذي يريد

لم أعتقد يوما أني سأثني ركبتي من ثقل الحمل أمام تساؤل كهذا , لكنه عجزي المستمر والمستفز عن الوصول لجواب يمزج العقل بالقلب ,, ـ

لاشيء يستحق , هذه الجملة هي كذبتي الدائمة , دائما أرددها وأدّعي أني أعتنقها محاولة مني لتخفيف وقع تساقط الأقنعة أمامي

ولكن عندما أفتّش روحي وأرى آثارهم اعلم يقينا ان كل شيء يستحق , وأنا فقط من لايستحق .

بندر الصقر
03-04-2012, 04:39 PM
هناك دائما حدٌ فاصل تتوقف عنده طواحين فضولي
وأقصر وأجمل الطرق للوصول للصدق هي إعتناقه
وإنشغالنا بمعرفة ماتخفيه النفوس تجاوز بشري الى ما يخص الخالق عز وجل
والإهتمام المبالغ فيه بمعرفة مايحاول الآخرون إخفائه عنا تسويفٌ لا إرادي عن الإشتغال بما نظهره نحن للآخرين .

بندر الصقر
08-23-2012, 01:51 PM
جدة صديقي إمرأة فلسطينية جاوزت التسعين تعرف وانت تمرر اصابع بصرك على تجاعيد وجهها انها اغدقت الكثير من الصبر على روحها لتحول دون وصول الزمن اليها والتلاعب بها

كان يحدثني كثيرا عنها وعن حكايتها الوحيدة التي طالما كرّرتها لهم طوال اعوام حتى اني حفظت تفاصيل دقيقة في تلك القصة
كانت المرة الأولى والأخيرة التي قابلتها فيها منذ 6سنوات وكانت حديثة عهدٍ بخرف فكانت تغيب لحظات عن من حولها وتعود بعد ذلك وهي مدركة لكل ماحولها بشكل غريب
كان صاحبي يعرفها جيدا ورأى إنشغالي بقراءة تجاعيدها _التي يطوّقها وجه يسبح في البراءة بشكل جميل جدا _ سألها عن حكايتها فقالت كل الاشياء التي قالها لي تقريبا
ولكن كنت اسمعها لأول مرة بهذا الجمال والتشويق كانت تروي التفاصيل بتذكّر عجيب , رحلتها الطويلة من فلسطين هروبا الى لبنان
وذلك الرجل الذي ظل يطاردها ويتابع خطواتها من محطة الى محطة ومن اوتوبيس الى اوتوبيس
حتى اضطرها الى الوقوف له وتهزيئه لينطلق اليها ويحتضنها باكيا امام الناس ولتكتشف بعد ذلك انه أحد أخوتها اللذين ابعدهم عنها الزمن

كانت تحكي كمن إعتاد على رواية القصة فلم تبعده السنين عن احداثها وكنت أستمع بإذن وعين من إعتاد أن يغوص الى عمق الألم ويسرق منه مايحاول الاخرون إخفائه خلف ملامحهم

الكثير من الدفء كان في ملامح تلك العجوز .

بندر الصقر
10-22-2012, 02:01 AM
لحظات الفرح , تقتات روحي عليها منذ سنوات ,, وإستعضت عن قلّتها بكثرة تذكّرها
مهما كانت قليلة , تبقى عالقة في الذاكرة والفؤاد كالكواكب تجذب الناظر وتشغله عن مايحيط بها من سواد مخيف,,ـ
لكن تبقى ليلة وداعي لأصغر أخواتي ( وآخر العنقود ) ليلة زواجها تحمل أجمل لحظات فرحي
احاسيس كثيرة ليلتها جعلتني اشعر أن بداخلي عدة أشخاص , بل عدة ارواح تتصارع على من يبدأ بالانطلاق أولا
مابين فرح بنقطة التحول هذه والتي تعني أنه اصبح بإمكاني_ أخيرا _ أن أمد جناحَيّ للحياة بدلا من إستخدامهما لحماية من خلفي
وبين يقين بأن الأمور لم تعد كما كانت عليه وان الخواء يكاد ينهي اخر فصول سيطرته على هذا المنزل برحيل هذه الصغيرة
وبين ضيقة لفراق من لا تعرف ابا غيري , ولازالت الى يومنا تناديني بذلك , كانت هي الفصل الأخير في رسالتي رغم إبتدائه أولا
لكن الشعور المسيطر حينها كان الفرح المنبعث من ثقتي بالله ان أكون أجدت ولو قليلا وبقدر ماكان متاحا لي في الوصول الى بر الأمان
ربما تكررت تلك الفرحة مع الجميع ذكورا وإناثا لكنّ تلك الصغيرة كانت تسرق جزءا من كل فرح , ولم يكتمل إلاّ بفرحها
كان مزيجا مدهشا من الفرح والحزن , لكن جفاف أرواحنا للفرح يصب تركيزها كله عليه ,ـ

بندر الصقر
07-22-2013, 02:15 AM
_
بعيدا عن أزمتي المنحوسة ونحسي المتأزّم وقريبا من وضوح الرؤية الذي لم تستدل على ركنه الصحيح حتى الآن وبإفتراض صدقك المزعوم ,
إلاّ أن من يتخذ قراراته بهذا التسارع وهذا الغباء ويجعل من نفسه مربيا ودليلا وموجها ويتصرّف وكأنما هو محور الدنيا وأن أرواح من هم حوله لا تستطيع التحليق بعيدا عن أفق تميّزه
لايستحق مني حيّزا أوسع من التسامح ولا قيمة لذكرى بنيت على اساس هش من الكذب والتمثيل والتلوّن
بصدق لم أعد أقترب حتى من فهم أيٍ مما يدور حولي , لم أعتقد يوما أني سأرى نفسي إنسانا فاضلا , لم أعتقد أن هناك سوادا وسوءا أكثر مما كنت اراه في نفسي
زدت جرحا لكني زدت إحتراما لنفسي

بندر الصقر
02-05-2014, 01:45 PM
كل من قابلته منذ إعراضك الأخير وكل من سأقابله يوما , محكوم عليه أن يقارن بك
وحتى الآن وإلى أن يستعيد الله أمانته لم ولن يتمكن أحد من عبور ذلك الحاجز والولوج الى مكانك الذي كنت تشغله قبل أن تبتعد تاركا الخبر الأكثر حزنا والأثر المتشرب عطرا

لازالت كل الثمار عاجزة أن تنبت من جذورك التي بقيت في أعماقي , ولازلت في كل إلتفاتة عابثة كانت أم جادة أتيقن أكثر وأكثر أنني سأبقى طويلا بلا روح ,

بندر الصقر
02-05-2014, 01:48 PM
لن أفارق تلك اللحظة التي مزجت لي الموت بالحياة وجعلت من دمعة حزنٍ حارت كثيرا حتى يأست من الخروج : تنهيدة راحة خرجت من كل مسام قلبي وجسدي ..
( طوعًا ) سأبقى رهينها طويلا ولن أبرح حرمها حتى تعيد لي ما أخذت من حزن أوتبقي لي الحياة .

بندر الصقر
02-10-2016, 05:37 AM
كل الأشياء التي حاولت أن تعصف بتماسكي كنت أتمكن في النهاية من تحويلها الى لبنة في حائطٍ كبير يحول بيني وبين اليأس
شيء واحد كان وأستمر ولازال يعصف بكل محاولاتي لتجاوزه ويزيد قوة مع الوقت

سنوات وأنا أنظر اليه يأكله الألم ويقعده العجز أمام عينيّ وهو يستجديني بنظراته الصامتة التي لايقدر على غيرها
سنوات ودموعه تصرخ في وجهي مع اطلالة كل صباح وأنا ذاهب للعمل , ليستقبلني عند عودتي بإبتسامة يغلفها الصمت أيضا
وكأنما يعتذر عن دمعة يعلم أنها تؤلمني وأعلم أنها سلاحه الوحيد , كنت أصبّر نفسي ولازلت بترديد أني لست ارحم به من خالقه
هذا المرض الخبيث تركهم جميعا بكل مافيهم من السوء ليلتهمه أمامي , نعم يلتهمه بكل ماتعنيه الكلمة , حتى أكل نصف وجهه ونصف عمري وكل قلبي
بدأ بلسانه ليحرمني كلمة طيبة تهوّن علي ما ألاقي بسبب من أمِنوا عقابه فأساؤا لي , وأستمر حتى لم يبقي الاّ عينيه كوسيلة يعاقبني بها على ذنبٍ لم اقترفه

مات ( أبو نواف ) أخي الاكبر والأوحد رغم كثرتهم , مات ولا أعلم إن كنت فرحت بموته ولا أحب أن أتذكر ,
لكن هذا الخبيث لم يمت , بقي معي في بيتي ومع من هي أغلى من ضحيته الأولى , بقي في رأسها
وكما كان الألم يعصف بي وانا ارى أبنائه حوله , أصبح الآن أشد وأنا أرى أخوتي ( أبنائي ) وهم يلتفون حولها وهي تودعهم بإبتسامة أمٍ تعلم جيدا أنهم لايستطيعون الإستمرار بدونها

في ليلتها الأخيرة , ذهبوا جميعا وتركوا بندر ليحظى بحضنها الأخير وليبقى شاهدا ثابتا على حكاية الفقد الأبدي ..

بندر الصقر
03-09-2016, 08:21 AM
بعد ان كان اغداقك شحا في عين اشتياقي، أصبح ماترميه من فتات عطفك قوتا يكفي الروح وتقتات به، على أمل عودة أخرى..

حتى رجائي وصرخات استعطافي بات من الحكمة توفيرها، لم تعد الأمور بأيدينا.