المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ساره


ساره بنت محمد
10-29-2012, 05:42 PM
الطفلة ذات السبعة أعوام ، تنظر إلى وجوه الوافدين لتقديم واجب العزاء في وفاة أمها
لاتفتأ تردد : أنا أعلم أن العالم كله سيموت، وأعلم أن أمي غادرتني دون أية مقدمات
لكني كثيراً ما ألوذ إلى حضنها المتشوّق إليّ
من سيحتضنني مرة أخرى إذا غلبني النعاس ؟ .

استاءت حقاً من تفاصيل الأشياء الموجوعة ، حتى إنها جمعت أطراف كفيّها لتغطي به ماتبقّى من أسئلة ظلّت تتاقز من عينيها الغارقتين بالحيرة
أتبحث عن أمها من بين أفواج المعزّين؟ أم يبدأ الفقد يرسم أميالاً صفراء
أو حتى جدولاً كئيباً مليئاَ بالآه .

تنحّت جانباً ، على ركنٍ يتضمن ذكرى ضامئة
ممتدّة إلى ماقبل إعلان مراسم المأتم بأيام قليلة ، كي تأخذ نفساً عميقاً
وتشمّ رائحة الزهر في آخر قطعة ارتدتها أمها ، وآخر دفء تلقّته من قلبها
تهيم على وجهها مابين زاوية وأخرى ، وصوت البكائين الآتي من ناحية قريبة
يزيح هدوء المكان ويجيء محملاً بالتوجس والزفير المكلوم.

ابنة عمتي (ساره) ظلّت تمسح الدمع ليومين متتاليين
ثم هدأت ولم تهدأ حركتها الطفوليّة من سرد معاني الحزن المغروسة في أعماقها
أنا أنظر إلى عينيها المغمورتين بالحرمان، وأنظر إلى شفتيها المبتسمة بشكل متواصل
وطراوتها المقصودة ، وأعلم أن رحيل الأم يعني موتاً آخر ، موتاً طويلاً جداً ..جداً
تماماً مثلما فقدتُ أمي، انتهى مساء الأمنيات الرائعة
وأنا أتمعّن جيداً في القمر وهو يشكّل صورة أمي
وأظل الليل كلّه أحاول التقاط عنوانها المتدلّي من أعلى نجم ساطع حتى يجتاحني برد قارس
ولا أحد يأتي ليغلق النوافذ ، ويغطّي ضوء القمر بالستار .

إننا معاً يا ساره ، نغنّي أغنيات الظِل المائل والمتمادي كثيراً في الخضوع على أرصفة الراحلين
الذين قضوا أياماً مخطوطة بالحب السائغ وقد تفرّدوا بأقصوصة فريدة تبدأ باللُّقيا
ويُنهيها مفترق مؤكد، حتى نأخذ بعضنا ونتوادع.

عمتي، الحياة في الأرض تشبه الحلم
والحنين أيضاً يتماهى في طريق مقيّد ببزوغ أطياف الراحلين إلى الدار الآخرة ،
حيث اراك منمّقة عند باب السماء ، تختصرين كل شيء سائد هنا .

سعود القويعي
10-29-2012, 07:31 PM
ايـــهٍ يا أُخيّــه .....
ماأكثر السارات المكلومات في زمن البُــكاء , ماأجمل الصمت في دنيـا الغُثــاء .
يحلو التأمل حتى في النوائب والشقاء , وموت الحلم وامنيات الضعفاء

حيث الوحدة تنزوي في ركن الرجاء , عيون ترقب المجهول ...
... وصبيّـة تجمع اركانها في قرفصاء
وهل للأكل والنوم والبسمات لون بغياب الام واحظان دافئات ؟

آه يا ساره ... كم في دنيانا من جروح نازفات , ويأس دمعه لآلئء ساخنات
تجرح الخدين في سطرين إن جفّت ولا تنتهي الذكريات
الأم قصر الغيوم وقلب حنون ولمسات شامخات

كوني بخير يا ساره

صالح أحمد
10-29-2012, 10:01 PM
أختي الطيبة الأديبة سارة بنت محمد
جميل هذا النفس القصصي وشيق...
كنت اسميه حكاية آه..
أو رحلة أحزان..
لك دنيا من التحية والتقدير

نادرة عبدالحي
10-30-2012, 06:28 AM
ساره ذات السبعة أعوام تفوحُ منكِ رائحة زكية
يغتال طفولتكِ قدر كان عالم هو حقااا إنك إبنة سبعة سنوات
هو كان يعلم يا سارة أنكِ ما زلتِ تحتاجين لمن يسرح لكِ شعركِ
هو كان يعلم يا سارة أن الشتااء يزحف إلينا وتحتاج أضلعكِ الصغيرة إلى من يدفئها
ساره يا ملاكي الصغير عوضكِ العلي الكريم بحياتكِ خير .....

عبدالرحيم فرغلي
10-30-2012, 11:41 AM
رحمها الله وغفر لها ..
الموت حكاية طويلة .. نعيش بها وفيها ..
فنحن إما مودعين .. أو ننتظر من يودعنا ..
حتى أن كل شئ يبدوا باهتا بوجوده .. ويبدو أيضا مشتعلا بوجوده ..
هو حكايتنا .. منذ ولادتنا تبدأ مرحلة الموت فينا ..
لك أسلوب شيق في السرد .. وزخرفة السطور بالمعاني النفسية
والمشاعر والعواطف .. حتى لكأن الحروف تبكي وتتألم ..
فألف تحية وتقدير