المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاولة أخرى


صالح بحرق
11-11-2012, 08:31 PM
غائصة احلام الشوق تلك التي تناديه من أمد \ مفجعة بحنين الامس\ متشاغبة فيه بطيوف الغياب\ يستقله الدرب كل يوم اليها\ينتظر رجوعها من المدرسة \ يتعمد ان يرتكن في اطراف الشارع حيث برودة المساء تلفحه \ عندما تقبل تكون كل الطرقات قد نست وعدها الا وعده \قال في سره وهو يغدو الى كشك السجائر\ لن اخسرها مرة اخرى\كان جبينه ينز بعرق خفيف\وكان رمشاه يخفقان\ أخرج نظارته التي تغطي نصف وجهه \ واسلم قيادة لمهاترة فاترة داخلة \قذفت حافلة المعلمات بفوج من المدرسات\انتفضت فيه ثورة الحنين اليها \قال: لم يكن احد بالبيت \ لقد اعددت كل شيء\ سار خلف شابين \تلفت للخلف\استكان ألمه \ وقفت امام مخبز الرغيف \دعت حقيبتها تنزل برفق حتى لامست الرصيف \شهق \تمنى لو انه يلتقطها\ اقترب \نظر في عينيها \كان ثمة غروب ملحوظ يطوي اهدابها\ اناملها ماتزال مبللة بالطباشير\ كلما وقفت على رصيف تحلم برجل يحمل عنها عناء الدرس\تأملته امامها هذا اليوم امام مخبز الفرن \وجنتيه تنضحان بروجلة بائسة وجيبه ممتل بالتبغ\بحثت عن قلم مدسوس في معطفه فلم تجد شيئا\نظرت الى النار داخل الفرن \كانت تستعر\وكان ثمة نار اخرى تستعر في قلبيهما \لكن براري بعيدة نائية ..

صالح بحرق
11-12-2012, 09:12 PM
رمى بالجريدة واطل على الشارع \ يتناغش في باله دوائر وهمهمات \ انتزع هاتفه الخلوي \ تصفح بعض الصور \ ذرع الغرفة جيئة وذهابا \ تناول قلما \ سطر بعض الكلمات \كانت آخر كلمة كتبها \هديل \ راح يتأملها مليا \ تناول الجريدة وطفق يقرأ العناوين البارزة \ استفاق على اعلان عمل \توسط الشارع
البنايات تكاد تدخل فيه \ الشجن القديم يسحقه وهو يقطع احد الطرق الفرعية \ بدأت تلك الكلمة التي كتبها تفترش داخله \ حين قابل موظفة الاستعلام \ كانت المفردات التي حفظها للاستعانة بها في تقديم هويته قد اكتملت \ كانت موظفة الاستعلامات حسناء \راحت تتفرس في وجهه \ حين امضى العقد \ احس بهديل ما يملأ المكان \ انصرف وقبل ان تقع قدمه على عتبة الباب سمع النادل يهمس : هديل المدير قادم ..
التفت اليها \ فكر هل ثمة مصادفة ما \ فرك عينيه \ حاول ان يبتسم \ لكن موظفة الاستعلام كانت تنبهه الى ان باب الخروج ليس ذاك..
فانهمر فيه هديل لاينتهي..

صالح بحرق
11-21-2012, 11:39 AM
في المنافي البعيدة لشجنه \ يمتد الحنين كل ليلة يطوي مسافة الطريق اليها\تتنصل الاوقات من دقائقها\ وروحه يتعامد فيها الحزن البليغ\يقف تحت عمود نور\يفكر في انهاء هذا العناء الهابط عليه من سماوات بعيدة\يخرج لفافة التبغ\يحشرها في فيه\ويمضي فيه لاهبا الحنين ذاته\ثمة اغنية تصعد على حنجرته\يحاول تبديد الملل والعبور الى نواحي اخرى لاتتواجد فيها\اقترب من المشفى التي تعمل بها فكر في زيارتها او التظاهر بانه مريض\حين كان في الردهة استفاق فيه الشعور بالحنين اليها بشكل كبير
\اخرج لفافة تبغ جديدة وراح يدخن \نبهه الممرض بان هذا السلوك في المستشفيات ممنوع
تقابل معها وجها لوجه تعانقت الفرحة فيه\صمتت \سحبت السيجارة بعناية من بين انامله \اخذت معطفها\في الخارج كان يحدثها باستمرار عن الزهور وكانت تحدثه عن عبور جديد اليها \واذ ذاك كا يمشيان في درب واحد ذي عبور مختلف.





ز

صالح بحرق
12-06-2012, 06:01 AM
في الغياب يلملم ذاته على رصيف الاماني الغابرة . ويتفيأ ظلال الذكرى التمطر فيه . وهناك فقط ثمة متسع لمعانقة حلمه \ يتكرر ذلك كل ليلة \وعندما تفيض الاشجان \ ويغلي مرجلها \ ليس امامه من بد الا ان يستلقي على وجه الدرب تاركا حشرات الغياب تعبث فيه \ تهاجم فرحه المتبقي في الليل.
وتشتعل عتابا في ليل الغياب .
وعندما يطل وجهها من سدف الغياب يكون كل شيء فيه قد نام \ إلا شجنا يلازمه \ وعدها المسكوب في اوردته \ والدعاء \ فينهض \يسير على غير هدى .
يصارع الامنيات الشاردة من فجر الغياب .

صالح بحرق
01-08-2013, 06:53 AM
في الفجاج البعيدة ينمو وعد الطريق الجديد \ لاول مرة يكون حرا من شبحها \يكون وحيدا من شجنها فيه. هذه اكوام الرمال التي جلس عليها ذات يوم في انتظارها تبدو الآن فجاج جديد .تسرب الالم الى جهة لايعلمها شوقه \ حفر بيديه القذرتين في الرمل \نبش طويلا \كان وجهه ينز بالعرق وكانت تواتيه رسائلها غبر فجاج الغياب \ فيستمر في النبش \ حتى يشعر انه وارى همه في الرمال \ ينهض سريعا \يتطلع إلى الافق \مازال وجهها الذي يود الفرار منه ناصعا \ما زالت كلماتها على جبين الافق \مازال اسمه على كفيها \ يبحث عن فجاج اخرى \ عن رياح جديدة يطمر بها القها فيه \ يمشي في صحراء التيه \ يمر على اشلاء الماضي \ يمر على حزنه الموارب \ ولا يجد له غير فجاج وحيد يسلكه في المساء إليها كلما داهمته من فجاج الشوق رياح الحب العتيق..

علي آل علي
01-10-2013, 05:45 PM
يبحثُ عن حبٍ في هذا التيه الذي هو فيه ، أو يكاد أن يعود إلى حنين مضى ، ما زالت لفافة التبغ في فمه ، وما زال يطوف الأفق بعينيه لعلّه يجد طريقًا ..

استمتعتُ حقًا وأنا أقرأ هنا ...
تحية تليق

نادرة عبدالحي
01-15-2013, 01:42 AM
الكاتب القاص صالح بحرق
دوما كان إلهامكم الهادئ الرزين يحتل مساحة شاسعه في فكري
وكثير ما وجدتهُ كالجداول التي تصب في الاوردة لتسقي الاخرين وتعيد النبض
وتبعث في نفس قارئك الطمئنينة ......
أعذرني يا سيدي لاتأخري في الرد
قصة محاولة أخرى
الاحلام حين تُنادينا لا يكف صوتها عن ملاحقة أهدافنا وطموحنا
ولسنوات طويلة يبقى الإنسان أسيرها ....ولكني هنا وجدتها
مفجعة بحنين الامس
فكم من حلم إنسان ولا أعني بالإنسان العربي فقط
عندما إستفاق وجد الحلم مفجع بحنين الأمس .

كلما وقفت على رصيف تحلم برجل يحمل عنها عناء الدرس
الكاتب وضع أمامنا قضية تشتكي منها المرأة في غالبية المجتمعات
لانها تصبو للراحة ولمن يحمل عنها عناء الحياة وصعوباتها ..

وقفت امام مخبز الرغيف
أن يلتقا بمكان هو رمز للقمة العيش ما دل على التقارب الإجتماعي
والبساطة في طريقة العيش ....
تقديري وإحترامي لحضرتكَ

صالح بحرق
01-20-2013, 06:27 AM
اجتاز الممر المؤدي الى مكتبه بصعوية \كانت اعطافه ترتعش من شدة البرد \وضع براد الشاي على السخان الكهربائي وانتظر.. كان الشتاء يتساقط من النافذة ويضفي على الوجود ثورة عارمة بقساوة الطبيعة وحنوها في آن.
لكن ثمة شتاء آخر بدأ ينخر فيه ، شتاء لايعلم من اين يسقط بالضبط .. من اين يجيء.. من اين يندفع .. بيد انه يهمي فيه من ادغال مجهولة .. مسكونة بالحنين. فتح درج المكتب.. بحث عن بعض الملفات.. لم يكترث بالعمل.. نهض .. ارتشف الشاي.. احس بالدفء.. ألتفت الى الخلف.. واجهته صورتها على جدار المكتب.. انزاح فيه شتاء مغروس من سنين.. واشتعلت حمم الثلج فيه .. بكى.. لم يعد يطيق البقاء.. تساءل: انا السبب لقد فرطت فيها.. وناهت دمعتان على الموكيت.
في الشارع كان كل كل شيء باردا \لكنه لا يوازي البرودة داخله\اكترى سيارة اجره وذهب اليها .. كانت السماء وحدها تهطل عليه بغيم مباغت .. ووعود الامس تجري في فيافي الغياب وهي تقف هناك تراوح بين اشنهاءاته وتفتح له شتاء جديدا..

نادرة عبدالحي
01-21-2013, 01:01 AM
الوقت كان قطعة من الشتاء
والمكان مكتبه
وهناك ثمة رجل يُحاور فكره وقلبه العاشق ......طابع الرزانة وإتخاذ القرار كان من نصيب بطلنا هذه المرة ايضا
لانني لاحظتُ في القصص الاولى هدؤ البوح
لعله نفس الشخصية ويحمل فكرأ هادئ
تساءل: انا السبب لقد فرطت فيها.. وناهت دمعتان على الموكيت.
كما يُقال الاعتراف فضيلة وبالنهاية هي كسبان للسعادة
وكان قراره صائبا عند الذهاب إليها وعند الإعتراف

سلمت يداك كاتبنا ومنحك القدير الصحة والعافية

صالح بحرق
02-14-2013, 06:53 AM
بدت الطريق الى المدينة موحشة تنثر التعب في الارجاء\وكان عليها اجتياز المسافة كلها للوصول اليه\لم يعد من بد الاستعانة بالاهل للحصول على نفقة الاولاد والصبايا الذين تركهم وغادر الى مدائن الحلم\بالكاد وصلت الحافلة\صعدت \كان ثمة رجل ينظر الى قوامها وهي تصعد الدرج البلاستيكي\وتضع حقيبتها على المسند الامامي\ولاتنسى ان تغطي تلك الفرجة الضيقة بين ساقيها بعد انحسار البالطو الضيق\كان ثمة صمت يجول في داخلها\هل ستجد اخيها لتحكي له بمشاكل البريد في تأخير الدعم\هل ستحكي له عن تباطئه واهماله\عن ماذا ستحكي\راحت هذه الاسئلة تمور في خلدها وهي تراقب ذلك الرجل في المقعد الخلفي الذي لم يكف عن النظر الى قوامها\حين حدجته بنظرة استكان الى ألم في داخله وغادره صفاء باهت\سوت من حقيبتها التي تهدلت\سوت من خصلات شعرها\سوت من قدميها\ازاحت عنهما الغطاء\تسرب قليلا من الهواء\احست انه يداعبها \رمت بيديها خلفها\امكنه ان يلتقط اناملها وان يصبو الى همه المتنامي بشي من الحذر
حين وقفا في المحطة رنت اليه \رنا اليها \طفق شالها الاخضر ينسحب عن كاهلها \دون ان تشعر به\اخذ غليونه يهبط من شفتيه دون ان يشعر به\اخذ الدرب يغني لهما اغنية مشتركة\فيما كانت الحافلة يغادرها جميع الركاب\وفكرت هل يمكن ان تبدأ من هنا مرة اخرى بوهم طريق جديدة؟

نادرة عبدالحي
02-19-2013, 03:51 PM
كان ثمة صمت يجول في داخلها\
......
......
وما كان الصمت إلا تفكيرا عميق بأحوالها
الإنسان هذا المخلوق الذي لا يستطيع أن يفكر بثرثرة بل بصمت
هذا الإنسان الذي لا يستطيع حل وفك مشاكله وتخليص نفسه إلا بإنسان أخر ..
وتسألتُ عند قراءة النص لِما نلجأ ولا نفكر بطرق أخرى توصلنا لطريق النجاة
ما دمنا نملك عقل نيرا وبصيرة ؟؟؟؟؟
أشكرك يا سيدي لهذه النصوص العقلانية التي تتداخل في حياتنا ....
سلمت يداك،