المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [.. بَرْقِـيَّـاتْ 3 ..]،.


جميلة الراشد
02-02-2013, 10:35 AM
[.. بَرْقِـيَّـاتْ 3 ..]،.


كمْ يبدو ذلكَ الوجه مألوفًا،
بشرته تعانق الشمس،
وعيناه مغلفتان بلونِ رمالٍ شهباء كشعره .!

:
:
يداهمني الشوق إليهِ كل ليلةٍ وأنَا أسردني انسكابًا بين أحضَانِه، أستعجلُ أمنيات العيد الصغيرة التي أعتركها لأستردَ أنفاسي فيها، لـ أكون..
أتُصَدِّق أن هنالك أيادٍ كفَّها الصمتُ و العفَاف علَى أن تصافحك؟!
أي نعم:
كلمَا أرادت أنْ تقترب منكَ "حياة عادلَة" أمْطَرَ الخوف قدميها فلمْ تعودا تمضيان..
حياة تتعثَّر كلحنِ عجوزٍ يخترقُ حنجرتها و لَا يعين نفسه إلَّا ضياعًا وغُرْبَة ..!
تمضِي سادِرة في دروبٍ لَا تعرفُ مَا هي، تشق بكيانِها مدنًا يحاصرها الملح، و تنحنِي فيها أيادي المنهكينَ بحثًا عنْ وطن .!
:
:

حلمنَا مرة .. بشمسٍ دون قلق..
بعيدٍ لَا ينتهِي بسرعة ..
بسحابٍ كثيفٍ .. لَا يُميت .!
حلمنا .. بهذا.. وهذا ..وذاك...
حلمنا بسدرة المشتهَى ..
و لم يرتقِ من الأحلَام شيء بعد ..!

:
:
قبلَ عشراتِ السنين من البؤسِ الـ فارض ، و آلَاف الطرق الغائبة الصَّدى، كانَ للقلوبِ الصغيرة ابتهالَات ناسكٍ في محرابه، لم يصبها صوتٌ نافِر أوْ يسفِك وحدتهَا جرحٌ أرعَن .!
قلوب كانت تصيد الأمل بأكتافٍ مخلوعَة، و أصابع متيبّسَة ترسم لها ولـ أجيالٍ من بعدها لَاتُحْصَى بلَادًا باتسَّاعِ الصحراء التي يتقلبونَ عليها عشيةً و ضحَى، يعلقونَ على "ثيابهم المجعَّدَة" عقودًا طويلة جدًا مما لَا تفقهه جماعة لبستْ ثياب النبلِ خداعًا دون أدنَى حيـاة/ء ...!

ككلِ أشياء الأرْضِ آنذاك التي تنتهي بهدوء، كان بعضها ينتهِي بغضبٍ و عواصف مسعورة،
تتساقط فيها الأجسَاد على عجلٍ و قسوة و ترتفع الهواجسُ على غير اختيـارٍ أكثر فأكثر..
لسعَةٌ فقدت فيها تلك القلوب منَاها، فكأنما ليل الشتاء سعيرًا لمْ يصدق نجمه بنبوءاتِه، مذ شق السيف حافرَ الخيلِ آمنوا أنَّ الأرْضَ الواسعَة تجمَّد اتساعها، وحدودها بترتْ من بينهم .. دونْ أن تتعرَّف إليهم ..!

شاختْ بكاءً، و قدَّ أجسادَهمُ الرثاءُ عليها حتى جاءت الصدمة المحترقة الأهداب لتشد منْ مئزر مواطنِ مجذوم، معفر ذلًا .. حتى باغتهم الزمان بضغطةِ زنادٍ أشعلتْ النقص و التمنِّي .. و رائحة القدم .!
:
:
في يومٍ مَا أيهَا الوطن العَزيز حدثتك بأني:
"آمنتُ بأنَّ كل رجالَاتكَ الذين ينتشر "عودهم" ما همْ إلَّا قطيعٌ كبير لَا يتقنُ سوَى الغِلْظَة، قطيعٌ بهيمي/ شبقي لَا يُثير غريزتَه سوى ومضاتٍ تفتتُ أكبادهن و تمزق قلوب أولئكَ الذين يتحلقونَ حول مجلسك .!
كل الذي بعثتَ راح، و كل الذي نطقتَ ذهَبْ، مادةٌ ورقية حطمتْ عوالمَ شجتْ من قبل فقرًا/ قفرًا ..!"

حسمْتَ الأمرَ ، وأيامُ بنيكَ اصفرَّت كخيامِ بدوٍ رحَّل، أهدرتَ كل احتمالَاتِ البقَاء، و أشعلتَ كل شراسة نهارٍ و مكر ليلٍ، تكدسَّت في جيوبكَ المخفية أفواه حقٍ كانتْ تصرخ لحمايتكَ منْ وجهِ الخواء، منْ لحظاتِ اشتعالِ الرذيلة .. تنادي بحمايتكَ فاحتميت بهمْ ونسيت .!
كل أولئكَ يا وطني يمارسونَ فوقكَ أقذر البغَاء و يمرغونك فيما يتذوقونَ من رذيلة فاجِرة ,,
ليدمروكَ ذلًا و يشبعوك مسخًا..!
:
:

أيا وطني الأسمَر..
و انتمائي الذي تشهد بهِ قدَري ..
يلوذون بالفِرارِ منكَ إليك، بحثًا عنْ مأوى، عنْ هويةٍ تمنحهم كامل الملَامح، لتمحوَ سطورًا باهتة من العزلة المفروضة عليهِمْ بأوراقٍ عارية بالية،.!
يحتمونَ بكَ رغم آلَافِ الأوتادِ و إحكامِ الأسوار بأقفالها و أصفاد الحرائق التي تترصد أعقاب منْ يسترسلون بتراتيلهم و يستميتونَ بحفظ نسخة أصلية من ذاتكَ المسلوبة دون أن تشعر .!

كيف لهم أن يهابوكَ وأنتَ ترسل المساء فقرًا عليهم و النهار احتياجًا،؟!
كيف لهم أنْ يمارسوا الحب بنفس الرائحة التي تتغنى بها، و أنت تنبذهم كل مرة بازدراء؟!

إن اليتم الذي أورثته إياهم و الانفصام الذي غُرِس خذلَانُه في عقائدِ بعضهم، ما هما إلا جحيم لنهايةٍ ليس لها قابلية الرجوع أبدًا ..!
و الحزن شاءت العواطف القاتلة أنْ تقرره على سكانه بشتى ملَامحه وأماراته، أقساها
مراثي الطاعنين في العمر المسرفين بالهروب من كوارث تلفهم باسمِ الوطن...
وآهٍ من وطن ...!



و لـ ..... بقية ..ّّ
جميلة الراشد*

محمد فرج
02-02-2013, 12:35 PM
عتاب عميق للوطن
وشعور باذخ بالترك ،
واسترسال غني بالاحتمالات،

جميلة الراشد
سلمت من كل نكران .

عبدالإله المالك
02-03-2013, 03:30 AM
جميلة ها أنتِ تجملين الحرف
وتعزفين على الألم والشجن
وما المسافة بين سدرة المشتهى ,, وسدرة المنتهى .. إلا كلمات هادرة
وتعابير باذخة ..

هذه حلة أدبية قشيبة

يحي احمد
02-04-2013, 07:19 PM
الجميله / جميله الراشد
نحن هنا ننثر اعجابنا
ونحتاج للكثير من التمكين
حتى نستطيع مجارات حرفك

دمت بخير

ي ح ي

نادرة عبدالحي
02-08-2013, 03:27 PM
هي برقيات لها وجودها .... سواء وصلت إم تأخرت في الوصول الى عنوان هي مرسلة إليه
وتحمل بين طياتها مبادئ و.وتمد يدها لكي لا تتسع المسافات ....
وعن شوق داهم حامله وبقى في دمه كالأُكسجين ينقل غذاء المحبة .
وعن وطن اسمر اللون يعطي بلا مقابل ..لا يرحل أبدا بل نحن من نرحل عنه حتى ولو بفكر ...
الكاتبة جميلة الراشد حمى الله الوطن وأهله
ودام بخير هذا الإلهام وصاحبته