المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بائع كلام


منى سيف
06-17-2013, 10:48 AM
لم يخلُ اجتماع على مائدة أبو سعيد ،أو جلسة سمر من سيرة البقرة..حتى حفظ وعياله الاسطوانة التي تشغلها زوجته.
-"متى تشتري بقرة"؟!
-"سيقبل رمضان علينا ونحتاج للبن"!
-"اعتدت على توزيع اللبن للأهل و"قاطع العادة عداوة"
-"لنا أجر افطار صائم"
كان سبب معارضته تعثر صحة أم سعيد ،فألم المفاصل وأوجاع الظهر لا تفارقها..إلا أن إلحاحها المتكرر أضجره فلم يجد بُدا من الرضوح لطلبها

قصد أبو سعيد سوق المواشي وقبل أن يصل لحلقته أمسك بيده صاحبه رضوان
- أبو سعيد. مر زمن لم أرك، قل ما حاجتك؟!
-عذرا يا رضوان مشاغل الدنيا ، أريد شراء بقرة حلوب.
- وصلت.طلبك عندي،ولن نختلف في السعر..فلدي بقرة تدر يوميا خمس لترات حليب..مطيعة لا تتمنع عند الحلب.صحيحة سمينة..ولولا الحاجة لما فرط فيها.. خذ مني صدق قولي فأنا أبيعك كلام.
- هل يمكن إن أراها؟!
- "أفااا" يا صاحبي..كأنك تشك بقولي..أأبيعك كلام..! عموما أحضرها متى ما أردت.
_ لا أقصد ذلك. كم سعرها؟
- لن نختلف ..خصصت لها مبلغ 300قرش..لن نختلف.. هات ما تجود به نفسك!
أحرج أبو سعيد من رد صاحبه.. كما أنه أراد أن يوفر على نفسه عناء " المفاصلة" بسوق المواشي..أخرج من جيبه المبلغ وسلمه لرضوان.
-ساحضر لك البقرة حالا.. اسبقني لمنزلك..بظرف أقل من ساعة ستكون البقرة تخور بزريبتكم.
لما عاد أبو سعيد لمنزله وقص حكايته لزوجته عتبت عليه استعجاله الشراء قبل معاينة البقرة لكن أبا سعيد حامى عن صاحبه واستبعد غشه أو أن يكون بائع كلام.

صوت خوار البقرة سابق قرع الباب..خرج أبو سعيد مهرولا.. وتلصصت زوجته من النافذة.. جمد الاثنان مكانهما.. وتعقد الكلام بحنجرة أبو سعيد
فقد رأى أمامه بقرة عجوز فارض،نحيلة عظمها بارز وضرعها غائر.. قرأ رضوان ذهول صاحبه وبادره
- ما بكل ؟ عملت البقرة بالأمس كثيرا.. وحرقت شحمها... هههه ألا تحترق دهونك أنت لما تعمل ستعود بمجرد اطعامها.. صدقني وأنا لا أبيعك كلام..
لم يرد عليه أبو سعيد واكتفى بسحب البقرة.
قبل أن يفارق رضوان صاحبه همس له
- فقط من باب العلم هذه البقرة اعتادت أن اقف قبالتها عند الحلب.فهي لا تدر إلا بوقوف رجل أمامها.. بقرة مراهقة هههه لكنها تدر حليبا غزيرا صدقني لا أبيعك كلام!
كادت عروق أبو سعيد تنفجر من الغيظ.. لكنه استعاذ من الشيطان وأوصد الباب بوجه صاحبه
واقتاد البقرة للزريبة،تتبعه زوجته حاملة إناء الحلب وهي تندب وتولول
تسمر أبو سعيد أمام البقرة وباشرت زوجته بالحلب..وكأنها تدعك قطعة جلد وضعت لأشهر تحت الشمس..لم يسفر الدعك إلا عن خروج الدم من أصابع أم سعيد
اشتاط أبو سعيد غضبا وعزم على الانتقام منه..فاشترى كمية حليب من البقالة..ملأ به الزجاجات.. وتعمد اعتراض طريق رضوان يوميا ليشكره على بيعه بقرته الحلوب وهو يحمل زجاجة حليب يتجرعها أمامه.
انطلت الحيلة على رضوان ولم تمر ثلاثة أيام حتى عاد رضوان يطلب بقرته. تمنع أبو سعيد من البيع وتظاهر بالرفض.. فزاد إلحاح رضوان ورمى بحجره مبلغا يفوق سعر البيع
تمت الصفقة وحمل رضوان بقرته يسير مرحا فرحا... يمني نفسه بالحليب المدرار وتجارته.. لكن فرحته لم تكتمل بعد محاولة حلبها..وساءه جدا أن صاحبه باعه كلام!!

سارة النمس
06-17-2013, 06:07 PM
مساء الخير عزيزتي منى
لكِ أسلوب جميل بوسعك أن تكتبي به عشرات من القصص الطريفة
يا لسذاجة أبو سعيد ! و يا لدهائه في النهاية
أحب رجلا له تلك النزعة باسترداد حقه الضائع !
كان حريًا بك أن تقحمي " البقرة " في العنوان
كي تمنحي جرعة أخرى من التشويق
و هذا مجرد رأي بالطبع ..
للكاتب كل الحرية باختيار العناوين التي تناسبه و التي تروق له
عمومًا صديقتي بانتظار الجديد مما تكتبين

متابعة لكِ

منى سيف
06-18-2013, 09:01 AM
مساء الخير عزيزتي منى
لكِ أسلوب جميل بوسعك أن تكتبي به عشرات من القصص الطريفة
يا لسذاجة أبو سعيد ! و يا لدهائه في النهاية
أحب رجلا له تلك النزعة باسترداد حقه الضائع !
كان حريًا بك أن تقحمي " البقرة " في العنوان
كي تمنحي جرعة أخرى من التشويق
و هذا مجرد رأي بالطبع ..
للكاتب كل الحرية باختيار العناوين التي تناسبه و التي تروق له
عمومًا صديقتي بانتظار الجديد مما تكتبين

متابعة لكِ

العزيزة سارة ..شكرا لك،أحاول الإبحار في هذا اللون ...ولنا في الحياة مواقف لا تخلو من مواقف تحمل طابعا طريفا..وشرور بلية تضحك!!
رأيك محل تقدير ..
فعلا كان علي فعل ذلك ..فالحدث يدور حول البقرة

شكرا لك ..متابعتك شرف لي

كوني بالقرب.

نادرة عبدالحي
06-18-2013, 01:31 PM
صحيح يتمتع كثيرون من البشر بإسلوب بيع الكلام من أجل مصلحتهم
أما بالنسبة ل إسلوب القصة حقا ممتع وغير ممل وفيه من الحكم والذكاء والدهاء
أظهرتِ لنا قسوة الغش والخداع في زمن نتوق فيه للصدق والأمانةِ .....
الكاتبة منى سيف ننتظر جديدكِ

منى سيف
06-23-2013, 07:31 AM
صحيح يتمتع كثيرون من البشر بإسلوب بيع الكلام من أجل مصلحتهم
أما بالنسبة ل إسلوب القصة حقا ممتع وغير ممل وفيه من الحكم والذكاء والدهاء
أظهرتِ لنا قسوة الغش والخداع في زمن نتوق فيه للصدق والأمانةِ .....
الكاتبة منى سيف ننتظر جديدكِ
العزيزة نادرة.. حضورك أنس وبهجة
كوني قريبة

شكرا لك على الإطراء الجميل,
ودي