المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 999


منى سيف
06-23-2013, 07:33 AM
ألفت قدماه طريق العيادة.وجهته دوما خانة الإعلانات .يرتشف الأمل من ورقة تعلق أسبوعيا..

(صاحب البطاقة رقم .... الرجاء الحضور باكرا للعيادة لمباشرة إجراءات الزراعة)

أتى الموعد الذي كان يترقبه،سنوات طوال وهو بقائمة الانتظار،أخرج بطاقة زرقاء كتب عليها الرقم 666، .بدت مهترئة مثنية الأطراف،مسدها بيده،وضمها لصدره،أطلق تنهيدة وهو يقول"أخيرا"..تماطرت عليه الذكريات الموجعة في عيادة غسيل الكلى، والآلام التي قضت مضجعه،وغرغرته للأعشاب على الريق،والمسكنات التي نخرت كبده،طابور المنتظرين أمامه.هز رأسه ليفرق غمام همه، ابتسم،فهوآخر يوم لمعاناته.

أمضى ليلته يترقب صباحه، أتاه يمشى الهوينى،فأسرع إليه ،ومضى يهرول للمستشفى،مبكرا بخطواته ،وقد تقدم العاملين، وقضى وقته يعاين بطاقته،والفرح يرفرف حوله.

ضج المكان بخطوات العاملين وتقاطر المرضى على القسم،نصب قامته على نافذة الاستقبال،ومد بطاقته الزرقاء..وأتبعها ببطاقته الصحية،نقر الموظف على لوحة المفاتيح..نظر ببرود إلى المريض وقال

-"دورك لم يحن بعد"

-" لكن بالأسبوع الفائت كان دور البطاقة 665"

-نعم،ورقم بطاقتك 999 .

اختل توازنه،ودارت الدنيا حوله،لم يشعر بنفسه إلا وهو جالس بمقاعد الانتظار،تتوسط البطاقة قبضة يده،زاره الألم فجأة، لم يكن ألما واحدا،.بل تدافعت عليه الآلام،صداع يطرق صدره،طعنات تغرس بصدره،طرق يدك مفاصله،وجع ينهش خاصرته.خيم عليه اليأس،وانقطع حبل رجاءه ورأى في الموت خلاصه.وأعد عدته

ربط حبلا على المروحة ولفه حول رقبته،لكن الحبل التالف كان يتقطع قبل دفعه للكرسي.وباءت محاولات البحث عن حبل متين لا تفلت أنسجته بالفشل.

اشترى زجاجات من السم،تجرع الأولى ومدد جسمه على السرير، ومد بصره للسقف،لكن لم يظهر للسم أثر ،تجرع الزجاجات الأخرى ومضت الساعة تلو الساعة دون أن يكون لأي منها مفعول، واكتشف أن زجاجات السم مغشوشة.

أحضر قطعة حديد وبللها بالماء،وأدار مفتاح الكهرباء وغرسها في أحد فتحاته،كان يحركها كالمجنون،منتظرا أن تهزه شحنة كهربائية.طال انتظاره،ونفذ صبره ولم يعلم هل المشكلة بالحديد أم بالكهرباء!

يأس في فكرة الانتحار وقضى سنواته يصارع مرضه،حتى أتى الموعد،استقبله بفرح باهت،سار إليه مثقل الخطى،ولما أدخل لغرفة العمليات،توفي مباشرة بعد حقنه بإبرة التخدير.

أصيلةٌ
06-23-2013, 07:55 PM
أبدعتي يا أخت منى..
قصة مؤلمة و موعد بعد طول انتظار و لكل أجل كتاااب..
تحية ود و تقدير لك أخت منى..

عبدالإله المالك
06-24-2013, 04:44 PM
ياللحظ العاثر!
لا يأس من رحمة الله سبحانه

لو سمحت لي ملاحظة جدا بسيطة:
نقول نفدت بالدال لا بالذال

شكرا لك منى

نادرة عبدالحي
06-27-2013, 09:22 PM
الألم هذا الوحش الذي يأكل خلايا...أعضاء....أمل الإنسان
الألم هذا المخلوق الذي يرافقنااااا ولا يمل من إياقظنا ليلاً لكي يشاهد
ملامحنا الناعسة الجائعة لساعة بدونه .
وإن غادرناه لا يُغادنا وإن سافرنا وتركناه قطع لنفسه تذكرة بجانب مقعدنا
هذا هو الألم لا يخاف منصب ولا غني أو بدون مال
999
وذكرني هذا الرقم بإسم أسير مجهول شهيد مجهول
ولم يخطر ببالي بإسم إنسان حي حر يحتاج إلى عضو ليعيش .
الكاتبة منى سيف جلعتنا نلمس وجعه عن قرب
كوني بخير يا طيبة الروح

إبراهيم درغوثي
08-10-2013, 02:54 PM
القاصة منى
القصة مكتوبة باتقان وبحرفية
كم تمنيت لم اتنهيتها عند الموعد الأول
حتى تكون المفارقة في ادهاش القارئ بين: 666 و 999

إبراهيم بن نزّال
08-15-2013, 12:27 PM
اختل توازنه، ودارت الدنيا حوله، لم يشعر بنفسه إلا وهو جالس بمقاعد الانتظار، تتوسط البطاقة قبضة يده، زاره الألم فجأة، لم يكن ألما واحدا،. بل تدافعت عليه الآلام، صداع يطرق صدره، طعنات تغرس بصدره، طرق يدك مفاصله، وجع ينهش خاصرته. خيم عليه اليأس، وانقطع حبل رجاءه ورأى في الموت خلاصه. وأعد عدته

تدافع الأحداث في السرد يأتي على أمرين:
إما أن يكون حشوا أو أن يكون متقنا ويشد القارئ بملء حواسه.
وبحق كان هذا المشهد وهذا التدافع في الحدث متقنا جدا.
كامل السرد هنا مشوّق لدرجة أن القارئ لا يسعه أن يفتح لنفسه أية توقعات بل يبقى مشدوها ليعرف المشهد الآخر وما يحمله من قصة هذا المريض اليائس.
سرد يستحق التقييم الأميز.
فشكرا لكِ، تحياتي

منى سيف
08-17-2013, 07:52 AM
أبدعتي يا أخت منى..
قصة مؤلمة و موعد بعد طول انتظار و لكل أجل كتاااب..
تحية ود و تقدير لك أخت منى..

شكرا لك عزيزتي أصيلة...
الانتظار ألم فوق الألم.

منى سيف
08-17-2013, 07:54 AM
ياللحظ العاثر!
لا يأس من رحمة الله سبحانه

لو سمحت لي ملاحظة جدا بسيطة:
نقول نفدت بالدال لا بالذال

شكرا لك منى

ونعم بالله..

ملاحظة بمحلها واعتذر.
أكمل جميلك واصلحه..
ممتنة لك

منى سيف
08-17-2013, 07:56 AM
الألم هذا الوحش الذي يأكل خلايا...أعضاء....أمل الإنسان
الألم هذا المخلوق الذي يرافقنااااا ولا يمل من إياقظنا ليلاً لكي يشاهد
ملامحنا الناعسة الجائعة لساعة بدونه .
وإن غادرناه لا يُغادنا وإن سافرنا وتركناه قطع لنفسه تذكرة بجانب مقعدنا
هذا هو الألم لا يخاف منصب ولا غني أو بدون مال
999
وذكرني هذا الرقم بإسم أسير مجهول شهيد مجهول
ولم يخطر ببالي بإسم إنسان حي حر يحتاج إلى عضو ليعيش .
الكاتبة منى سيف جلعتنا نلمس وجعه عن قرب
كوني بخير يا طيبة الروح

أواه
فجرتي مواجعي..
طلبت بسببه الموت فعصى

شكرا لك أخية

منى سيف
08-17-2013, 07:59 AM
القاصة منى
القصة مكتوبة باتقان وبحرفية
كم تمنيت لم اتنهيتها عند الموعد الأول
حتى تكون المفارقة في ادهاش القارئ بين: 666 و 999


هو الضعف يكمن في محاولات الانتحار

أمر أدركته لاحقا.
المشكلة أني لا أحب العودة في خطوة خطوتها

تقديري البالغ لك

منى سيف
08-17-2013, 08:04 AM
تدافع الأحداث في السرد يأتي على أمرين:
إما أن يكون حشوا أو أن يكون متقنا ويشد القارئ بملء حواسه.
وبحق كان هذا المشهد وهذا التدافع في الحدث متقنا جدا.
كامل السرد هنا مشوّق لدرجة أن القارئ لا يسعه أن يفتح لنفسه أية توقعات بل يبقى مشدوها ليعرف المشهد الآخر وما يحمله من قصة هذا المريض اليائس.
سرد يستحق التقييم الأميز.
فشكرا لكِ، تحياتي

رأيك محل تقدير ووسام أفتخر به

شكرا لك

لأجل أقلام تقدر ما أكتب، استمر.

عميق شكري لك ولهم