المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يغزو مكَّة


مجاهد السهلي
07-20-2013, 10:51 PM
أحببتُ أن تتذوقوا معي قصيدة مدوية .. يوجهها أمير شعراء اليمن الحسن بن علي بن جابر الهبل إلى أحد ملوك اليمن الزيدية يطالبه بطرد الأتراك من مكة -حسب النص-.


القصيدة ماتعة و فيها مرح غنائي موسيقي آسر ، و زوبعة و جلجلة هائلة ..

أعرضها لغرض التذوق ... فكأن الرجلُ تكيَّفت أنفاسه حين كتابتها مع وقع حوافر الخيل و صرير السيوف و همهمة الرماح ، فأتى فيها بالسهل الممتنع ، و يكادُ ينقل القارئ إلى عُمْق الحَدَث مباشرة ، في تصويرٍ خياليٍ لا مثيل له.

أحسِبُ أن القارئ معي لها لن يكتفيَ أثناء قراءتها بمجرد الإعجاب بل ربما يضحك من قوة التأثير فيها.

استهلها بالغزل كعادة القدماء ، ثم تخلَّص من الغزل النسناس بطريقة خفية و كأنه جنِّيٌ ظهر و تلاشى .. سحب من خلالها بساط القارئ من حيث لا يشعر، فقد كان القارئ يُبرِمُ العهود و العقود للمحبوبة بالوفاء و الولاء المُطلق ، و ما هي إلا ثوانٍ فإذ به لابسٌ خوذته و راكب خيله و قد حمي الوطيس....

لوَّنتُ لكم البساط الغزلي باللون المناسب له (الوردي) و جعلت لقرع الطبول لونها الأحمر.

أترككم مع القصيدة


كَمْ ذا يذوبُ أسَىً .. و كمْ يتجَلّدُ!؟ =أين المُعينُ له .. و أين المُسِعدُ ؟
أ أًهَيْلِ وادي المُنحنى و حياتِكُمْ=إني على ما تعهدونَ و أَعْهَدُ
لا تُنْكِروا كَلَفِي بِكُمْ و صبابتي ..=..هذا الضَّنَىْ .. ودموعُ عيني تَشهَدُ
ما خان قلبي عهدكم أبدا ولا =مَدَّتْ لِسُلواني إلى صبري يدُ
أأخونُكمْ و أودُّ قوماً غيركم =أَنَّىْ -و عهدكُمو لدَيَّ مُؤَكَّدُ-
يا هاجرين و ليس لي ذنبٌ سوى =دمعٌ يفيضُ و لوعةٌ تتجددُ
و مُحَمِّلِيْ الصَّبَّ الكئيبَ صبابةً=بين الجوانحِ حَرُّها لا يبْرُدُ
أ كذا يكون جزاءُ مَن حفظ الهوى =و رعى عُهودكمو يُهان و يُبْعَدُ !!؟
و بمهجتي الرشأُ الذي مِن خَدِّهِ=في كل قلبٍ جمْرةٌ تتوقدُ
الطّرْفُ منْهُ مُهنَّدٌ .. و الخَدُّ منهُ =مُوَرَّدٌ .. و الجِيْدُ منه مُقلَّدُ
يُمسي و يُصبحُ آمناً في سِرْبِه=و أخافُ -و هْوَ القاتلُ المُتعمِّدُ !!-
يَسْبِي القلوبَ بمقلةٍ سَحَّارَةٍ="هاروتُ" فِتْنَتُها يَحُلُّ و يعْقِدُ
و بِقامةٍ ألْفِيِّةٍ فَتَّانَةٍ=مِن فوقِ أَرْدَافٍ تُقِيْمُ و تُقْعِدُ
سَكِرَتْ مَعَاطِفُهُ بكأسِ رُضَابِهِ =فَ لَهَا اعْتِدالٌ تَارَةٌ و تَأَوُّدُ


***





فكأنَّ ذِكْرَىْ "أَحْمَدٍ" خطرتْ لها ..=..و لذكره يَنْدَى الجمادُ الجلمَدُ
يا مَالك المُلكِ العقيمِ و مَنْ لهُ=في كُل أرضٍ أنْعُمٌ لا تُجحَدُ
مهلا فما فوقَ السِّماكِ لطالبٍ=قَصْدٌ و لا فوق الثُّريا مَقْعَدُ
أنفقتَ مَالَكَ في النّدَى مُسْتَخْلِفَاً =رَبَّاً خزائِنُ فضْلِهِ لا تَنْفَدُ
أَوَ يَمَّمَ الطُّلابُ يَمَّ مكارمٍ=إلا وأنتَ مُناهمو و المقصدُ !!؟
عِلْما .. و حِلْماً باهراً .. و سماحةً.=فليهتدوا .. و ليقتدوا ..و .. ليجْتَدُوْا
سجَعَوا بذكرِكَ في البلاد وإنما =طَوَّقْتَهُمْ بالمَكْرُمَاتِ فَغَرَّدُوا
و تعلموا منكَ المَديْحَ فمنكَ ما =تُعطْيِهْمُوْ كَرَمَاً و أنتَ المُنْشِدُ
ما سُوْحُكَ المحروسُ إلا جَنَّةٌ =لو أنَّ مَنْ يأتي إليهِ يُخَلَّدُ
ما زال سيفُكَ منذُ كان مَجّرَّدَاً =في غيرِ أفئدةِ العِدَىْ لا يُغْمَدُ
ماذا أقولُ وكلُّ قولٍ قاصرٍ =و الفضلُ أكثرُ فيكَ مِنْهُ و أزْيَدُ
الدهرُ مِن خَطَّارِ رُمْحِكَ خائفٌ.. =.. و الموتُ من بَتَّارِ سيفِكَ يَرْعُدُ
كمْ موقفٍ يُوهِي الجَلِيدَ وَقَفْتَهُ =للموتِ فيهِ تَوَعُّدٌ و تَهَدُّدُ
ما زال عنكَ النصرُ فيه كأنما =في الكَفِّ مِنْكَ زِمَامَهُ و المِقْوَدُ
حتى تردَّدَ مَن رآكَ أ أنتَ للـ = ـفتح المُبينِ أمُ السيوفُ تَجَرَّدُ ؟!
و هِيَ الرِماحُ الزَّاعِبِيَّةُ أمْ هيَ الـ =أقدارُ ترمي مَن أرَدْتَ فتَقْصُدُ ؟!
و هي الجيوشُ أمِ المَنايا قُدْتَهَا =للحربِ أمْ بحرٌ خِضَمٌّ مُزْبِدُ ؟!
هيهات لا يقوى لما تأتي به =بشرٌ و لكنَّ الملائكَ تَعْضُدُ
يا خيرَ مَن رَكِبَ الجِيَادَ و مَنْ له =في الكونِ ألْوِيَةُ الولايةِ تُعْقَدُ
ذلَّلْتَ في الأرْضِيْنَ كل مُمَنَّعٍ =فجميعُ أملاكِ الورى لكَ أَعْبُدُ
لم يبقَ إلا مكةٌ .. فانهض لها =فاللهُ –جَلَّ- بنصْرِهِ لكَ مُنْجِدُ
جَرِّدْ لها أسْيَافَ عَزْمِكَ إنَّهَا =لِطُلُوْعِ نَجْمِكَ بالسعادةِ تَرْصُدُ
و الدهرُ فيما تبتغيهِ طائِعٌ =و السَّعْدُ فيما تنتحيهِ مُسَعِدُ
أ يصُدُّكُمْ عنها أُنَاسٌ ما لَهُم =قَدَمٌ إلى العَلْيَا تَسِيرُ ولا يَدُ ؟!!
و لَأَنْتُمُو دونَ الورى أولى بها =فبها مَقَرُّ أبيكمو و المعْهَدُ
طَهِّرْ مِن التُّرْكِ الطِّغَامِ بِقَاعَهَا =فلطالما عاثوا هُناكَ و أفْسَدُوا
عَوِّدْ عُدَاةِ اللهِ مِنْ إهلاكهم =ما كان عَوَّدَهُمْ أبوكُ "محمدُ"
جَرِّدْ حُسَاْمَكَ إنَّهُ في غِمْدِهِ =للغيظِ مِنْهُمْ جُمْرُةٌ تتوقَّدُ
و أَدِرْ عليهم بالصَّوارِمِ و القَنَا =حرْبَاً يَشيبُ إذا رآها الأمْرَدُ
و مُرِ الزمانَ بِهْم فإنَّ لِصَرْفِهِ =سيفاً يُشتِّتُ شملهم و يُبَدِّدُ
أين المفرُّ لهم وسيفُكَ خلفَهُم =في كل أرضٍ ... أَغْوَرُوْا أَوْ أَنْجَدُوْا
إنْ أشْهَروا -جَهْلاً- عليكَ سُيوفَهُم =فلَسوفَ في الهاماتِ منهُمْ تُغْمَدُ
أو اشرعوا سُمْرَ الرِّماحِ فإنها =لا بُدَّ في لّبَّاتِهِمْ تَتَفَصَّدُ
أو أوقدوا نارَ الحُروبِ فإنَّها =بدمائهم عمَّا قريبٍ تُخْمَدُ
ماذا عسى أن يُوْقِدُوا من كيدهم ؟=.. ناراً ؟ وربُّكَ مُطِفِىءٌ ما أوقدوا
لا تبتئسْ بفعالهم فلربما =يكفيكَ شأنَهُمو القضاءُ المُرْصَدُ
ما فِعْلُهُم و يَدُ الإلهِ عليهمو؟ =ما فعْلُ سيْفٍ ليسَ تحمِلُه يَدُ ؟!
وهمو الكلابُ العاوياتُ و إنما =ذاقوا حِلَاوَةَ حِلْمِكُم فاستأسدوا !!!!!
الله أسعدكم وأشقى جمعهم =والله يشقي من يشاء و يُسعِدُ
و أرادَ منكَ اللهُ جل جلاله =من نصر هذا الدين ما تتعودُ
و لسوف تَقْدَحُ فيهمو أسيافكم =شَرَرَاً لِأَيْسَرِهِ يذوبُ الجلمدُ
و يقالُ: قومٌ قُتِّلُوْا منهم .. و قو=مٌ أُوْثِقُوْا أَسْرَاً.. و قومٌ شُرِّدُوا
و إليكها مَلِكَ البَرِيِّةِ مِدْحُةٌ =كادتْ لها الشمسُ المنيرة تسجد
من صادق في وُدِّ آلِ مُحمدٍ =يفْنَى الزمانُ .. و وُدُّهُ يَتَجددُ
نَظْمَاً تَوَدُ الغانياتُ لَوَ أنَّها =يوماً بِ دُرِّ عُقُودِهِ تَتَقَلَّدُ

إيمان محمد ديب طهماز
07-22-2013, 03:03 AM
والله لإنها من أروع ماقرأت

جزاك الله خيرا يامجاهد

أتحفتنا بهذا الخيار الرائع والذائقة الجميلة

ما أحوجنا لمثل هذا الجمال بين الفينة والأخرى


سلمت يامجاهد

مجاهد السهلي
07-23-2013, 04:30 PM
والله لإنها من أروع ماقرأت

جزاك الله خيرا يامجاهد

أتحفتنا بهذا الخيار الرائع والذائقة الجميلة

ما أحوجنا لمثل هذا الجمال بين الفينة والأخرى


سلمت يامجاهد

مرحبا إيمان.

أنا من محبي الذوق التقليدي في السماع -كما يقولون - و أعشق الأنماط القديمة حتى أحجار قلعة حلب :)

مرحبا بك و بتذوقك معي

عبدالإله المالك
07-27-2013, 05:16 PM
ويكأني في حضرة طرفة بن العبد البكري

هذا هو الشعر

إذا قلنا أين الشعر
وما هو الشعر

نقلتنا إلى معين عين الشعر التي لا تنضب

أحييك كثيرًا يا مجاهد

دمت على الود نلتقي
وبالشعر الجزل نرتقي

مجاهد السهلي
07-28-2013, 05:01 AM
ويكأني في حضرة طرفة بن العبد البكري

هذا هو الشعر

إذا قلنا أين الشعر
وما هو الشعر

نقلتنا إلى معين عين الشعر التي لا تنضب

أحييك كثيرًا يا مجاهد

دمت على الود نلتقي
وبالشعر الجزل نرتقي

مرحبا أخي عبد الإله.

لك كل الجمال يا سيدي الكريم..

و حفظك الله و زادك من أفضاله.