مشاهدة النسخة كاملة : بابلو نيرودا / Pablo Neruda
عماد تريسي
11-05-2014, 05:49 AM
http://www.adab.com/photos/world/585.jpg
ولد بابلو نيرودا في12/07/1904بقرية العريشة، واسمه:نيفتالي ريِّيس باسكالطوNeftali Reyes Bascalto
وبعد دراسته الثانوية والجامعية تنقل بين عدة مهن متواضعة قبل أن ينخرط في العمل الدبلوماسي ويصبح قنصلاً لبلاده في العديد من دول الشرق الأقصى؛ وصولاً إلى جاوا التي تزوج فيها بفتاة أندونيسية1960، فاصطحبها بعد ذلك معه إلى اسبانيا ثم إلى الشيلي
- في30/11/1918ينشر أولى قصائده"عيناي"
- في غشت1923 يظهر ديوانه الأول"شفقيات"
- في يونيو1924 يصدر ديوانه"20 قصيدة حب وأغنية يائسة" الذي يبشر بميلاد شاعر رومانسي كبير.
- في13/10/1933 يتعرف بالأرجنتين على قيثارة الأندلس وشهيد الكلمة؛ الشاعر الغرناطي"غارسيا لوركا
- في 04/03/1945يختاره الشعب نائباً في البرلمان عن منطقة المناجم.
- في 24/02/1949 يهرب من الشيلي عبرا لحدود بعد أن عُزل من مجلس الشيوخ؛ وصدر أمر باعتقاله إثر انحيازه إلى جانب الشعب والجماهير الكادحة ضد قوى الظلم والطغيان.
- في سنة1955 ينفصل عن زوجته الثانية ويتزوج بالمرأة التي أحبها وتغنى بها في كثير من أشعاره"ماتيلدا أوروتياMatilda Urrutia"
- في21/10/1971 يفوز بجائزة نوبل للأدب.
- في23/09/1973 يموت في"سانتاغو بإحدى المصحات؛ بعد اثني عشر يوما من موت رفيقه سالفادور أليندي الذي اغتالته الأيدي الأثيمة، إثر الانقلاب الدموي الفاشي الذي دبرته المخابرات المركزية الأمريكية.
ترك نيرودا ميراثاً ضخماً، لذا فإن إنتاجه الأدبي ما زال يتصدر لغات العالم، ويخترق حدود أمريكا أمريكا اللاتينية ليصل إلى قراء متعطشين إلى أشعار رقيقة تحكي بشكل فني رفيع حياة مضطربة قلقة، يتوزع بين الشعر والنثر:
- الإقامة على الأرض
- إسبانيا في القلب
- النشيد العام
- مائة قصيدة حب
- مذكرة الجزيرة السوداء
- السيف الملتهب
- أحجار السماء
- القلب الأصفر
عماد تريسي
11-05-2014, 05:51 AM
أهواك ِعندما تصمتين ؟
ترجمة :نوف مفرج الجري
أهواك ِ عندما تصمُتين فأنا أغيب ُ في هذا الصمت ...
وأسمعُك ِ من بعيد وصوتي لم يلامسك ِبعد ...
بدت لي تلك َ العيون ُتًحلق ...
وبدت لي تلكَ الابتسامة الواضحة ...
ووجداني أصبح يكسو كل الأشياء ...
وحَلقت فراشة في أحلامي لامست روحي ...
فبقيتِ رفيقا ً لروحي ... في مجرد كلمات حزينة ...
أهواك ِ من بعيد وأهوى صمتُك ِ مع هديل ذاك َالطائر ...
وأسمعُك ِ من بعيد وصوتي لم يلامِسك بعد ...
فدعيني أصمُت مع صمتك ِ..
ودعيني أخاطب ُ صمتك ِ...
مع ضوء ذاك القنديل ...
فأنت ِ الليل بسكونه وكواكبه ...
فصمتُك ِهو ذاك النجم البعيد الهادئ ...
أهواك ِ عندما تصُمتين لأني أغيب ُ في ذاكَ الصمت ....
فأنت ِ بعيدة ومؤلمة مثل الموت ...
كلمة منك ِ أو حتى بسمة تكفي ....
لأكون سعيداُ ...ولكن تِلك السعادة لن تأتي .
من كتاب "مراكب العشق " .
عماد تريسي
11-05-2014, 05:52 AM
الملكة
الملكة
لقد أعلنتك ملكة
ثمة فتيات أطول منك
أطول
وثمة فتيات أصفى منكِ
أصفى
وثمة فتيات أجمل منكِ
ثمة أجمل.
ولكنكِ أنتِ الملكة
حين تخطرين في الطرقات
لا يتعرف عليكِ أحد
لا أحد يرى تاجك البللوري
لا أحد يرى البساط الأحمر الذي تخطرين عليه حين تمرين
البساط الذي لا وجود له.
.
وحين تظهرين
تهدر جميع الأنهار في جسدي
.
وتهز النواقيس عنان السماء
وثمة نشيد يملأ الدنيا
طولا وعرضا
أنتِ وأنا فحسب،
أنتِ وأنا فحسب يا حبيبتي
نسمعه.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
*
ترجمة أخرى
*
سَمَّيْتُـكِ الْمَلِكَـة.
تُوجَـدُ نِسَـاءٌ أَطْـوَلُ مِنْـكِ،أَطْـوَل.
تُوجَـدُ نِسَـاءٌ أَطْهَـرُ مِنْـكِ،أَطْهَـر.
تُوجَـدُ نِسَـاءٌ أَجْمَـلُ مِنْـكِ،أَجْمَـل.
لَكِـنْ أَنْـتِ الْمَلِكَــة.
حِيـنَ تَمْشِيـنَ فِـي الشَّـوَارِع
لاَ أَحَـدَ يَتَعَـرَّفُ عَلَيْـك ،
لاَ أَحَـدَ يَـرَى تَاجَـكِ الزُّجَاجِـيِّ،
لاَ أَحَـدَ يَـرَى بِسَاطـاً مِـنْ ذَهَـبٍ أَحْمَـر
الـذِي تَطَئِينَـهُ حِيـنَ تَمْشِيـن،
بِسَاطـاً لاَ يُوجَـد.
حِيـنَ تُطِلِّيـن
تَـرِنُّ فِـي جِسْمِـكِ
جَمِيـعُ الأَنْهَـار،
تَهُـزُّ السَّمَـاءُ أَجْرَاسـاً
وَيَمْـلأُ الْعَالَـمَ نَشِيـدٌ.
فَقَـطْ أَنْـتِ وَأَنَـا،
فَقَـطْ أَنْـتِ وَأَنَـا،حَبِيبَتِـي،
نَسْمَعُــه .
*
ترجمـــة: عبــد الســــلام مصبـــــاح
عماد تريسي
11-05-2014, 05:54 AM
نشيدٌ لفيدريكو جارسيا لوركا
.
لو أمكنني أن أبكيَ خوفاً في منزلٍ مهجور
لو أمكنني أن أقتلعَ عينيّ وازدرهما
لفعلتُ ذلكَ من أجلِ صوتِكَ المُعوِلِ كشجرةِ برتقالٍ
و لأجلِ شِعرِكَ الذي يسري هادراً.
.
فلأجلِكَ صبغوا المستشفياتِ بزرقةٍ
و المدارسُ، و السواحلُ البحريةُ تنمو
و الملائكةُ تحشو جراحَها ريشاً
و بتولُ السمكِ يتغطى بحراشفِه
و القنافذُ البحريةُ تحلقُُ نحوَ السماءِ
لأجلِكَ محلاتُ الخياطةِ بأقمشتِها السوداء الرقيقةِ
سوفَ تمتلئُ ملاعقَ، تمتلئُ دماءً
و لسوفَ يبتلعونَ شرائطهم الحمراءَ المُمزقة،
و يقتلونَ أنفسَهم بالقُبَل
و يتشحونَ بعدَ ذلكَ بالبياض.
.
عندما تحلقُ متنكراً كشجرةِ خوخٍ
عندما تضحكُ ضحكةَ إعصارٍ من الأرز
عندما تخفقُ بشرايينكَ و أسنانِكَ كي تغني
بحنجرتِكَ و أنامِلك
أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ الحلاوةِ التي تتضوعُ منكَ
أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ البحيراتِ القُرمزيةِ
تلكَ التي تقطنُها منتصفَ الخريف
معَ جوادِكَ الساقطِ و إلهِكَ الجريحِ
أستطيعُ أن أموتَ لأجلِ المقابرِ التي
تمرُ ليلاً كأنهار رمادٍ
بمياههِا و شواهدِ قبورِها
ما بينَ الأجراسِ المخنوقة:
أنهارٌ تمتلئُ كغرفِ مشفىً
بالجنودِ المرضى، يفيضونَ فجأةً
باتجاهِ الموتِ، مع الأرقامِ الرخاميةِ
و الياسمينِ المتعفنِ، و مصابيحِ الزيت:
أستطيعُ أن أموتَ من أجلَ أن أراقبكَ ليلاً
و أنتَ تتابعُ الصلبانَ الغارقةَ و هيَ تمرُ
تحتَ قدميكَ، فتبكي،
لأجلِ أنّكَ تبكيَ أمامَ نهرِ الموتِ
مهجوراً، جريحاً
تبكي كلَ البكاءِ، و تمتلئُ عيناكَ
بدموعٍ، بدموعِ الدموع.
.
في الليل، حينَ أمشي وحيداً
أستطيعُ أن أجمعَ ما يمتدُ من نسيانٍ و دُخانٍ و ظلال
فوقَ سككِ الحديدِ و السفنِ البخاريةِ
أجمعُها في قمعٍ أسودَ
ماضغاً الرمادَ
سوفَ أفعلُ ذلكَ من أجلِ الشجرةِ التي تكبرُ فيها
من أجلِ أعشاشِ المياهِ الذهبيةِ التي تجمعُها
و من أجلِ الشبكةِ التي تغطي عظامَكَ
مخبرةً إياكَ عن سرِّ الليل.
.
مدنٌ برائحةِ البصلِ المبتلِّ
تنتظرُ مرورَكَ بأغانيكَ المبحوحةِ
و قواربُ منيٍ تتبعُكَ
و سنونواتٌ خضراءُ تعشعشُ في شَعرِكَ
*
ترجمة: عدي حربش
عماد تريسي
11-05-2014, 05:55 AM
الشيوعيون
, نحن الذين نفخنا , في الصخر
, في الحديد , في الإنضباط الصارم
, واصلنا الحياة بالحب وحده
, و الكل يعرف بأناَ نزفنا دما
, حينما شوهت النجمة
, على يد قمر الخسوف الجهم
. الآن سترون من نحن و فيم نفكر
. الآن سترون من نحن و فيم نفكر
, نحن فضة الأرض النقية
, معدن الإنسان الحق
, نجسد حراك البحر الدائب
. دعم كل الآمال
. و لحظة في الظلام لا تسلبنا النظر
. و دونما عذاب سنلقى حتفنا
*
بابلو نيرودا - ايسلا نيجرا - الأعمال الشعرية الكاملة - ترجمة : كمال يوسف حسين - إتحاد كتاب الإمارات و دار الفارابي
عماد تريسي
11-05-2014, 05:56 AM
مختارات من "مئة سونيتة حبّ"
1- لو لم يكن لعينيكِ لون القمر،
لون النهار بطينه وكده وناره
لو لم تُخضعي خفة الهواء،
ولم تشبهي اسبوعا من العنبر،
لو لم تكوني اللحظة الصفراء
التي ينبثق فيها الخريف من الدوالي
والخبز الذي يعجنه القمر العطِر
حين ينزّه طحينه في السماء.
آه، يا حبيبتي، لما احببتكِ!
في عناقكِ اعانق كل الوجود:
الرمل والوقت وشجرة المطر.
وكل ما هو حي يعيش كي احيا انا
لا احتاج مسافة كي ارى الاشياء،
فيكِ انتِ ارى الحياة كلها.
* * *
2- يا امرأة تامة، يا تفاحة شهوانية، يا قمرا حارا.
يا عطر الطحالب الكثيف، ووحلا معجوناً بالضوء
اي نور غامض يتفتح بين اعمدتكِ؟
واي ليل قديم يثير حواس الرجل؟
آه، الحب رحلة مع المياه والنجوم،
مع الهواء الضيق وعواصف الطحين النزقة:
الحب قتال بين البروق
وجسدان ضلّلهما عسل واحد
قبلة فقبلة اجتاز مطلقكِ الصغير.
وضفتيكِ. وانهاركِ وقراكِ،
فتركض نار الجنس وقد صارت لذة
على طرق الدم الضيقة،
لترتمي كمثل قرنفلة ليلية
وتصبح محض شعاع بين الظلال.
* * *
3- لا احبكِ كما لو انكِ وردة من ملح.
او حجر ياقوت، او سهم من قرنفلات تشيع النار:
احبكِ مثلما تحَبّ بعض الامور الغامضة،
سرا، بين الظل والروح.
احبكِ مثل النبتة التي لا تزهر
وتخبىء في داخلها ضوء تلك الزهور
وبفضل حبكِ يعيش معتماً في جسدي
العطر المكثّف الطالع من الارض.
احبكِ دون ان اعرف كيف، او متى او اين،
احبكِ بلا مواربة، بلا عُقد وبلا غرور:
هكذا احبكِ لأني لا اعرف طريقة اخرى
غير هذه، دون ان اكون او تكوني،
قريبة حتى ان يدكِ على صدري يدي،
قريبة حتى اغفو حين تغمضين عينيكِ.
* * *
بابلو نيرودا - ايسلا نيجرا - الأعمال الشعرية الكاملة - ترجمة : كمال يوسف حسين - إتحاد كتاب الإمارات و دار الفارابي
عماد تريسي
11-05-2014, 05:57 AM
تنوع
تشرعُ بالموت بطيئا
إنْ لم تسافر،
إن لم تُطالعْ،
فانك تستهلّ موتك بطيئا
عندما تقتلُ إحترامَك لذاتك؛
حين لا تـَدَع للاخرين إعانتك
أنما تشرَعُ بالموت بطيئا
ما أن تمسي عبدا لعاداتِكَ،
تقطع مشيا يوميا ذات السُبل ِ. . .
إن لم تُغيّرْ من رتابتك،
إذا لم ترتدِ مختلف ألألوان
أَو تحجم عن التحدث مع أناس تجهلهم
فانك تبدأُ بالموت بطيئاً
إن تتجنب الإحساس بالهوى
وما تؤوله عواطفه المتأججة؛
تلك التي تجعلُ عينيك تتألّقان
وقلبكَ يخفق بشدة
فسرعان ما تبدأ موتك بطيئا
إذا لم تُغيّرْ حياتكَ أنّى شعرت بعدم رضى
لشغلك، أَو لحبِّكَ،
إذا لم تُخاطرُ لما هو آمن بما هو غامض
إذا لم تتعقـّب حُلماً
ولم تسمحْ لنفسك،
في الأقل مرة واحدة بحياتك،
أن تزوغ َ من نصيحةٍ عاقلة. . .
فلتبادر بالعيش حالا!
ولتخاطر اليومَ!
لأن تفعل شيئا الآن !
إياك أن تسمح لنفسك بالموت بطيئا . . .
ولا تنسِ أن تكونَ سعيداً
*
ترجمة : صباح محسن جاسم
عماد تريسي
11-05-2014, 05:58 AM
الأرض فيكِ
أيتها الوردة الصغيرة
يا وُريدة
تبدين أحياناً
دقيقةً عارية
كأن إحدى يديّ
تسعك
وأنني سوف أضمك
وأرفعكِ إلى فمي.
ولكن، فجأة
تلمس قدماي قدميكِ
ويلمس فمي شفتيكِ:
عندئذ تكبرين
ويتطاول كتفاك كأنهما ربوتان
ويرتع نهداك فوق صدري
ويكاد ذراعي
لا يحيط ببدر خصرك النحيل:
لقد أطلقتِ سراح نفسك
في أغمار الحب
.
كأنها المياه المنسابة
فلا أكاد أقيس
عينيك الأكثر رحابة من السماء
وانحني على ثغركِ
لأمنح قبلة للأرض.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 05:59 AM
صانع الفخار
جسدك كله
فيه اكتمال وعذوبة
مقدرة لي
.
حين أحرك يدك إلى أعلى
أجد في كل مكان حمامة
تبحث عني
كأنما هم يا حبيبتي
قد صنعوك من الصلصال
من أجل يدي التي تصنع الفخار
.
ركبتاك ، نهداك
خصرك
إن هي إلا أجزاء مفقودة مني
كالشق في الأرض العطشى
يكسرون منه جزءا
ونحن معاً ننم بعضنا بعضا
كالنهر الواحد
كحبة الرمال الواحدة
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 05:59 AM
8 سبتمبر
اليوم،
هذا اليوم
كان كأسا مترعا
اليوم،
هذا اليوم
كان موجة عارمة.
اليوم،
كان الأرض كلها.
اليوم،
رفعنا البحر العاصف
في قبلة
بلغ من علوها
أن ارتجفنا في ضوء البرق
وهبطنا معا إلى أسفل
وقد انعقد الواحد منا إلى الآخر
دونما فكاك.
اليوم،
تطاول جسدانا واتسعا
ونميا حتى بلغا حدود الدنيا
ودارا ذائبين
في نقطة واحدة
من الشمع أو من الشهب.
وانفتح باب جديد بيني وبينك
وكان هناك شخص ما
لا يكاد يبين له وجه
في انتظارنا هناك.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:01 AM
قدماكِ
حين لا أستطيع أن أنظر إلى وجهك
أنظر إلى قدميكِ
.
قدماكِ
من العظم المعقوف
قدماكِ الصغيرتان الصلبتان.
إني أعرف أنهما يدعمانك
وأن ثقلكِ العذب
يقوم عليهما.
.
خصرك ونهداكِ،
وأرجوان حلمتيك المضاعف،
ومرقد عينيك
اللذين طارا لتوهما،
وثغرك العريض الفاكهي،
وشعرك الأحمر
هو برجي الصغير.
.
ولكني لا أعشق قدميكِ
إلا لأنهما قد مشيتا
على الأرض
وعلى الرياح
وعلى المياه
إلى أن التقتا بي
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:02 AM
يداكِ
حين تندفع يداكِ
يا حبيبتي
تجاه يديّ
ماذا تقدمان لي
إذ هما تطيران؟
لماذا تتوقفان فجأة عند فمي
ولماذا أتعرف عليهما دائما
كما لو كنتُ قد لمستهما
الآن ومن قبل
كما لو كانتا قد عبرتا فوق جبيني
وفوق خصري
من قبل أن توجدا؟
.
لقد هفهفت عذوبتهما
فوق الزمن وفوق البحر،
فوق الدخان وفوق الربيع؛
وحين وضعتِ يديك على صدري
عرفتُ فورا
جناحي تلك اليمامة الذهبية
عرفت فورا
ذلك الصلصال
ولون القمح ذاك.
.
لقد تجولت طوال سنوات عمري
بحثاً عنكِ
صعدتُ السلالم
وعبرتُ الطرق
وحملتني القطارات
وأعادتني المياه
واعتقدتُ أنني قد لمستكِ
عندما لمستُ حبات الكرم.
.
ويعيد لي صقيل الخشب فجأة
ملمسكِ إلى ذهني
وتهتف بي شجرة اللوز
بعذوبتكِ الخفية
إلى أن تنغلق يداكِ في صدري
وتنهيان رحلتهما هناك
كأنهما جناحان صغيران.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:03 AM
ضحكتك*
امنعي عني الخبز إذا أردتِ
امنعي عني الهواء
ولكن
لا تمنعي عني ضحكتكِ.
.
لا تمنعي عني الوردة
الرماح التي تنتثر منها
المياه
التي تنبجس فجأة في فرحتك
الموجة الفضية المباغتة
التي تولد منكِ
.
إن صراعي مرير
ومرات كثيرة
أعود متعب العينين
من رؤية الدنيا التي لا تتغير
.
ولكن، حين أدخل
تنطلق ضحكتكِ إلى الأعالي
باحثة عني
وتفتح لي
أبواب الحياة كلها.
.
يا حبيبتي،
في أحلك الأوقات
تتناثر ضحكتكِ
فإذا رأيتِ فجأة دمائي تخضب حجارة الطريق
فاضحكي
لأن ضحكتكِ ستهب يدي
سيفاً مسلولا.
.
وفي الخريف
بالقرب من البحر
لا بد لضحكتكِ
أن ترفع شلالات من الزَبَد.
وفي الربيع يا حبيبتي
أحب ضحكتكِ
لأنها كالزهرة التي أرتقبها
الزهرة الزرقاء
زهرة وطني المرنانة.
.
اضحكي من الليل
من النهار، من القمر
اضحكي من شوارع الجزيرة الملتفة
اضحكي من هذا الفتى الذي يحبكِ
ولكن
حين أفتح عيني وأغمضها
وحين تذهب خطاي
وحين تعود خطاي
امنعي عني الخبز ، والهواء
النور والربيع
ولكن
لا تمنعي عني ضحكتكِ
إذ أني عند ذاك موتاً أموت.
____________
* نُشرت هذه القصيدة قبل ذلك في مجموعة "اسبانيا في القلب" الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:21 AM
القلب
لقد خرجت عيناي من محجريهما
سعيا وراء فتاة سمراء
مرت من أمامي.
.
كانت مجبولة من العقيق الأسود
مضفورة بحبات التوت الأرجوانية
وساطت دمائي
بذيلها الناري.
إني أسعى وراءهن
وراءهن جميعا أسعى.
.
ومرت أمامي شقراء شاحبة
كأنما هي نبات مجبول من ذهب
وهي توازن بين مفاتنها.
وراح فمي كالموجة،
يطلق إبراقات من الدم
فوق نهديها.
.
إني أسعى وراءهن
وراءهن جميعا أسعى
.
ولكن،
إليكِ أنتِ
دون أن أنتقل من مكاني
ودون أن أراكِ
يذهب دمي وقبلاتي
أي سمرائي وشقرائي
أي طويلتي وصغيرتي
أي عريضتي ونحيلتي
أي قبيحتي وفاتنتي.
.
أنتِ مجبولة من كل أنواع النضار
ومن كل أنواع اللجين
من القمح جميعه
ومن الأرض كلها
مجبولة من كل المياه
ومن موجات البحار
مجبولة من أجل ذراعيّ
مجبولة من أجل قبلاتي
مجبولة من أجل روحي.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:22 AM
الليل فوق الجزيرة
لقد نمتُ إلى جوارك طوال الليل
على شاطئ البحر، في الجزيرة
كم كنتِ وحشية لذيذة
بين اللذة وبين المنام
بين النيران وبين المياه
.
ربما التقت أحلامنا
متأخرة أكثر من اللازم
في القمة أو في القاع
في الأعالي
كالأفدان يهزها الريح
وفي أسفل كالجذور الحمراء
يلامس بعضها بعضا.
.
ربما ابتعد حلمكِ عن حلمي
وراح يبحث عني وسط البحر المظلم
كما حدث من قبل
حين لم تكوني بعد موجودة
حين أبحرت إلى جوارك
ولم أكن أراك بعد
وبحثت عيناكِ
عما أغمركِ به الآن:
الخبز والنبيذ والحب والغضب.
لأنكِ أنت القدح
الذي كان ينتظر عطايا حياتي
.
لقد نمت إلى جوارك
طوال الليل
بينما تدور الأرض العتماء وتلف
بأحبائها وأمواتها
وحين استيقظت فجأة
في وسط الظلال
التفت ذراعاي حول خصرك
فلا الليل، ولا النوم
استطاعا أن يفرقا بيننا
.
لقد نمت إلى جوارك
وعند الاستيقاظ
وجدت في ثغركِ
الخارج تواً من النوم
طعم الأرض
طعم المياه البحرية
طعم طحالب البحر
طعم أعماق حياتكِ.
واستقبلتُ قبلتك
وقد رطّبها الفجر
فكأنما جاءتني
من البحر الذي يحيط بنا
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:23 AM
الريح في الجزيرة
الريح حصان
أنصتي إليه كيف يجري خببا
خلال البحر، وخلال السماء
.
يريد أن يحملني،
انصتي إليه كيف يجوب العالم
كيما يحملني معه بعيدا
.
خبئيني بين ذراعيكِ
هذه الليلة فحسب،
بينما تكسر الأمطار
على البحر وعلى الأرض
ثغرها الذي لا يحصره عد
.
أنصتي كيف تناديني الرياح
وهي تخبُّ كيما تحملني بعيدا
.
اتركي الرياح تندفع
مجللة بالزَبَد
دعيها تناديني وتبحث عني
خببا في الظلال
بينما أنا-
غارقا في عينيكِ الواسعتين،
هذه الليلة فحسب-
أنام مستريحاً
إلى جواركِ يا حبيبتي
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:25 AM
الرحيبة
هل ترين هاتين اليدين؟
لقد قاستا الأرض
لقد استخرجتا المعادن والغلال
لقد صاغتا السلم والرحب
لقد أزالتا المسافات
التي تفصل البحار والأنهار.
ومع ذلك،
حين تلمسان جسدك يا صغيرتي
يا حبة القمح،
يا عصفورتي،
لا تملكان أن تحتوياك
وتتعبان إذ تنشدان
الحمامتين التوأم
اللتين تستريحان أو تطيران
فوق نهديك
إذ هما تتحسسان أبعاد ساقيك
وتتعانقان في نور خصرك
أنتِ لي كنز
أكثر رحابة من البحر وروافده
وأنتِ بيضاء وزرقاء ورحيبة
كالأرض وقت حصاد الكروم.
وفي هذا النطاق،
من قدميكِ إلى جبينك
ماشيا، ماشيا، ماشيا،
سأقضي حياتي.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:26 AM
أيتها الجميلة
أيتها الجميلة:
كما تشق المياه
برقا عريضا من الزَبَد
في وسط صخور النبع البارد،
هكذا تفعل الابتسامة التي تضيء وجهكِ
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة:
يا ذات اليدين الرقيقتين
والقدمين الدقيقتين
لكأنك مهر من فضة
تمشين كزهرة الدنيا
فهكذا أراكِ
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة:
إن لكِ عشا نحاسيا
مضفوراً حول رأسكِ
عش له لون العسل الداكن
حيث يتوهج قلبي ويستريح
يا جميلة
.
أيتها الجميلة: إن وجهك لا يسع عينيك،
إن الأرض كلها لا تسع عينيك
ثمة بلدان وثمة أنهار
في عينيكِ
إن موطني في عينيكِ
وأنا أمشي فيهما
وهما يضيئان لي الدينا
حيثما مشيت
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة: إن نهديك رغيفا خبز
مجبولان من قمح الأرض
ومن قمر ذهبي
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة: إن خصركِ
قد صاغه ذراعاي
على صورة نهر
تدفق ألف سنة
عبر جسدك الجميل
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة:
ليس من شيء يماثل ردفيك
وربما كان للأرض-
في مكان ما خفي مستور-
تدويرة جسدكِ وشذاه
ربما، في مكان خفي مستور
يا جميلة.
.
أيتها الجميلة
يا جميلتي.
إن صوتك وبشرتك وأظافرك
أيتها الجميلة، يا جميلتي،
وجودكِ، نوركِ، ظلك،
أيتها الجميلة،
كل هذا هو لي أنا، يا جميلة
كل هذا لي، لي.
وحين تمشين أو تستريحين
وحين تغنين أو تنامين
وحين تعانين أو تحلمين،
دائماً،
أنتِ لي، يا جميلتي،
دائماً.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 06:27 AM
الغصن المسروق
سندلف سويا
حين يهبط الليل
كيما نسرق غصنا مزهرا
.
سنتسلق الجدار
في عتمة الحديقة الغريبة عنا
ونعدو مجرد ظلين في الظلال.
.
لم ينقض الشتاء بعد
وتبدو شجرة التفاح
وقد تحولت بغتة
إلى شلال من النجوم العاطرة
.
سندلف حين يهبط الليل
حتى نصل إلى قبته الراجفة
وستسرق يداي ويداكِ الصغيرتان
النجوم.
وفي سكون
يدلف مع خطواتك
خطوة العطر الصامتة
وجسد الربيع الصافي
بأقدامه المرصعة بالنجوم
إلى منزلنا
في الليل وفي الظل.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:23 PM
الابن
آه يا بني،
أتعرف، أتعرف
من أين أتيتَ؟
.
من بحيرة
مليئة بالنوارس البيضاء الجائعة
.
إلى جوار مياه الشتاء
اصطنعنا هي وأنا
جذوة نار حمراء
وأنهكنا شفاهنا
من تقبيل روح أحدنا الآخر
ونحن نلقي كل شيء للنيران
فنحرق فيها حياتينا
.
هكذا جئتَ إلى الدنيا.
.
ولكنها
كي تراني وكي تراكَ
.
عبرت البحار
وأنا،
كي أطوق خصرها النحيل،
مشيتُ الأرض طولا وعرضا
وسط الحروب والجبال
وسط الرمال والأشواك.
.
هكذا جئتَ إلى الدنيا.
لقد جئت من أمكنة عديدة
من المياه ومن الأرض،
من النيران ومن الثلوج،
من بعيد
تمشي نحونا نحو الاثنين
حتى وددنا أن نعرف
ماشكلك
وماذا ستقول لنا
لأنك تعلم أكثر
عن العالم الذي أعطيناك إياه.
ومثل العاصفة العاتية
نهز شجرة الحياة
حتى أشد أعواد جذورها خفية
.
وها أنت تستبين
منشداً بين الأوراق
على أعلى فرع من فروعها
نصل إليه معك.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:24 PM
الأرض
لقد استسلمت الأرض الخضراء
لكل ما هو أصفر ذهبي:
حصاد، مراع، أوراق، حبوب.
ولكن،
حين يرتفع الخريف
برايته الرحيبة
ما أرى إلا أنتِ
فشعركِ عندي
هو ما يغربل حبات القمح.
إني أرى الآثار
مجبولة من الصخر العتيق المحطوم
ولكن
إذا أنا لمست بأصابعي
الندبة الحجرية
يستجيب جسدك لي
وتتعرف أصابعي بغتة
وهي راجفة
على حلاوتك الدافئة.
إني أسير مع الأبطال
تزين صدورهم
نياشين الأرض والغبار
ومن خلفهم تسيرين صامتة
بخطوات قصيرة.
أهو أنتِ أم لا؟
وأمس،
حين اقتلعوا الشجرة العتيقة الضئيلة
كيما يروا ما هي
رأيتكِ تخرجين منها
تتطلعين نحوي
من بين الجذور المعذبة الظامئة.
.
وحين يأتي النوم أخيرا
كيما يمددني
ويحملني إلى عالم صمتي
ثمة ريح بيضاء عاتية
تدمر نومي
فتتساقط منه الأوراق
تتساقط كأنها السكاكين
من فوقي
فتنزف مني دمي.
.
وكل جرح من جراحي
له شكل فمك
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:25 PM
غياب
لا أكاد أترككِ
حتى تندمجين فيّ.
رقراقة أو راجفة،
أو قلقة، وقد أثخنتكِ بالجراح
أو قد أترعك الغرام
مثلما تفعلين
حينما تنغمض عيناكِ على هبة الحياة
التي أقدمها إليكِ بلا انقطاع
ياحبيبتي
لقد التقينا عطشى
فنهلنا كل ما كان من ماء ودماء
لقد التقينا جوعى
فعض الواحد منا الآخر،
كما تعض النيران،
تاركين وراءنا جراحا
.
ولكن،
انتظريني،
.
احفظي لي عذوبتك
وسأعطيك أنا أيضاً
وردة يانعة.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:26 PM
النمر
أنا النمر
أترصدك من بين أوراق الشجر
العريضة
كأنها سبائك من المعدن المبلول
.
ويتطاول النهر الأبيض
تحت الغمام
ثم تأتين إليّ.
وتنعمرين عارية
وأنتظر.
.
وعندئذ
في وثبة من نار
ودم وأسنان
أهدم نهديك
وردفيك
وأنهل من دمك
وأحطم أطرافك
واحدا بعد الآخر.
.
وأبقى سنوات في الغابة
ساهرا على عظامك
وعلى رمادك
دونما حراك
بعيدا عن أي كراهية أو غضب
وقد نزع مني موتكِ أسلحتي.
وتعبرني النباتات المتسلقة
دونما حراك تحت الأمطار
حارس لا تلين له قناة
لحبي القاتل.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:26 PM
النسر
إني أنا النسر.
أطير فوقكِ حين تمشين
وأهاجمك بغتة
في فورة من الرياح والريش والمخالب
وأرفعكِ
في زوبعة صافرة
من البرد الإعصاري.
.
وأحملكِ معي
إلى برجي المجبول من الثلج
إلى وكري الأسود
حيث تعيشين وحيدة
وتغطين نفسك بالريش
وتطيرين فوق العالم
دونما حراك في الأعالي.
.
أيتها النسرة
فلننقض فوق هذه الفريسة الحمراء
وننزع عنها
ما ينبض فيها من حياة
ثم نرتفع سويا
في طيراننا الوحشي.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:27 PM
الحشرة
ما بين ردفيك
إلى قدميك
أريد أن أقوم برحلة طويلة.
.
إنني أدقّ من حشرة صغيرة
.
أسير على هذه التلال
التي لها لون الشوفان
وعليها آثار رقيقة
أنا وحدي الذي أعرفها
سنتيمترات محترقة
ومنظورات شاحبة
.
هنا جبل
لن أخرج منه أبدا.
آه لهذا الطحلب الهائل!
وفوهة بركان
وزهرة من النيران الرطيبة.
وأنزلق فوق ساقيكِ
ناسجا دورة حلزونية
أو نائماً وسط الرحلة
فأصل إلى ركبتيك
المستديرتين الصلبتين
كأنما أبلغ الذرى الصعبة
لقارة باهرة
وأتعثر نحو قدميكِ
نحو الفتحات الثماني
لأصابعك الحادة
البطيئة، شبه الجزرية
وأسقط منها
إلى خلاء الملاءة البيضاء
ناشدا
في موجة من العمى والنهم
خطوط وعائكِ.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:28 PM
الحب
ماذا بكِ؟ ماذا بنا؟
ما هذا الذي يحدث لنا؟
إن حبنا حبل سميك
يربط ما بيننا فيثخننا جراحا
فإذا رغبنا الخروج من جراحنا
الانفصال
فإنه يعقد لنا عقدة جديدة
ويحكم علينا أن ننزف سويا
وأن نحترق سويا.
.
ماذا بكِ؟
أتطلع إليك
ولا أرى فيكِ
سوى عينين ككل العيون
وفم ضائع
مثل آلاف الأفواه التي لثمتها
بل أجمل منه
وجسد كالأجساد التي انزلقت تحت جسدي
دون أن تخلّف وراءها أي ذكرى.
.
ولكم كنتِ تعبرين الدنيا في خواء
كأنكِ جمرة لها لون الحنطة
دونما هواء، دونما صوت، دونما مضمون
لقد بحثت فيكِ عبثاً
عن عمقٍ لذراعيّ
تحفران فيه دونما هوادة تحت الأرض
تحت جلدكِ، تحت عينيكِ.
لا شيء
تحت نهديك المضاعفين
تيار من الاتساق البللوري
لا يدري لماذا ينساب منشدا
لماذا، لماذا، لماذا،
يا حبيبتي، لماذا؟
وحين أكون في مواجهتكِ
لا ينتابني أي شعور بالغيرة
عليكِ
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:31 PM
قصيدة جديدة دائما
تعالي وأنت تحملين على ظهرك
رجلاً
تعالي وقد شبكتِ مائة رجل
في شعرك
تعالي وأنت تحملين ألف رجل
ما بين صدرك وقدميك
تعالي كالنهر
يزخر بالغرقى
ويلتقي بالبحر الهائج
والزَبَد الأبدي
والزمن
.
أحضريهم جميعاً
حيث أنتظرك
فسنكون وحدنا دائماً
سنكون دائماً أنا وأنتِ
وحيدين على الأرض
لنبدأ الحياة معا
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:33 PM
العثرة
إذا عثرت قدمكِ مرة أخرى
سأبترها.
.
إذا قادتكِ يداكِ
إلى درب آخر
سينخر فيها العفن.
.
إذا أنتِ أخذتِ روحك مني
ستهلكين
حتى إذا كنتِ تحيين.
.
ستظلين ميتة
أو ظلاً من الظلال
تمشين على الأرض بدوني
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:37 PM
السؤال
يا حبيبتي
لقد دمركِ سؤال.
.
لقد عدتُ إليكِ
من رحلة عدم اليقين الشائك.
أحبك قويمة
كالحسام أو كالطريق.
.
ولكنكِ تصرين
على الإبقاء على ركن من الظل
لا أريده.
.
يا حبيبتي،
افهميني
إنني أحبك كلك
من عينيك إلى قدميك
أحب أظافرك ودواخلك
كل البهاء الذي تثيرين.
إنه أنا يا حبيبتي
من يقرع بابكِ.
ليس طيفا
ليس الشخص الذي توقف سابقا
أمام نافذتكِ.
إني أنزع بابكِ جانباً
وأدخل إلى حياتكِ كلها:
آتي لأعيش في روحكِ
ليس لكِ من الأمر شيء معي.
.
عليكِ أن تفتحي بابكِ
مقابل بابي المفتوح
عليكِ أن تطيعيني
عليكِ أن تفتحي عينيكِ
كيما أسبر غورهما،
عليكِ أن تري كيف أسير
بخطواتي الثقيلة
في كل الدروب
إلى حيث كانت عيناكِ في انتظاري
مغمضتين.
.
لا تخافي
إني لكِ
غير أنني لست عابراً أو سائلا
إنما أنا مالككِ
الذي كنتِ تنتظرين
وأنا أدخل الآن
إلى حياتكِ
كيلا أخرج أبدا بعد ذلك
يا حبي، يا حبي، يا حبي،
كيما أبقى إلى الأبد.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:44 PM
المسرفة
لقد اخترتك من بين كل النساء
كيما تعيدين على الأرض
رقصات قلبي مع عيدان القمح
أو الحروب التي يخوضها دونما حدود
عندما تدعوه الضرورة إلى ذلك.
.
وإني لأسألكِ
أين ابني؟
.
ألم أكن أنتظر ذاتي فيكِ
وأتعرف على نفسي
وأقول لها:
ناديني كيما أظهر في الأرض
لأواصل حروبكِ ورقصاتكِ؟
.
أعيديني إلى ابني
.
هل نسيتيه على أبواب السرور
أيتها العدوة المسرفة
هل نسيتِ أنك جئتِ إلى ذلك الموعد
أهمُّ موعد،
الموعد الذي سنواصل فيه كلانا
وقد توحدنا معا،
الكلام من فمك يا حبيبتي،
بكل ما لم نستطع البوح به من قبل؟
حين أرفعكِ معي
في موجة من النيران والدماء
وتتضاعف الحياة فيما بيننا
تذكري أن ثمة شخصا يهتف بنا
كما لم يهتف بنا أحد من قبل
وأننا لا نرد
بل نبقى وحيدين
نهاب الحياة التي ننكرها.
.
أيتها المسرفة
افتحي الأبواب
ودعي العقدة العمياء في قلبكِ
تنحلُّ وتطير بدمي ودمك
فوق أنحاء العالم!
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:46 PM
الإساءة
لقد أسأتُ إليكِ يا عزيزتي
لقد مزقتُ روحك.
.
افهميني.
الجميع يعرف من أكون
بيد أن "من أكون" تلك
هي بالاضافة إلى ذلك
بالنسبة لكِ
رجل.
إني أتردد فيكِ، وأسقط
وأقوم ثانية وأنا أتقد بالنيران
وأنتِ،
من بين الكائنات جميعا
لك الحق أن تريني في أوقات ضعفي.
ويدك الصغيرة
المجبولة من الخبز ومن القيثارة
يجب أن تلمس صدري
حين يبرز إلى الأمام للعراك.
من أجل ذلك
فأنا أنشد فيكِ الحجر الصلب
وأدفع يديّ الخشنتين في دمك
باحثة عن الصلابة والعزم
وعن العمق الذي أنا بحاجة إليه
فإذا أنا لم أجد
سوى ضحكتكِ المعدنية
إذا لم أجد شيئا
أستند عليه في خطواتي الخشنة،
يا معبودتي،
فتقبّلي حزني وغضبي،
ويديّ المعاديتين
تدمران منكِ حدا صغيرا
كيما تنهضين بعد ذلك من الصلصال
وقد جُبلتِ خلقاً جديدا
من أجل صراعاتي
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:50 PM
البئر
تغوصين أحياناً
تسقطين في قاع الصمت
في هوة غضبك المتكبر
ولا تستطيعين العودة إلا بالكاد
إذ لا تزالين تحملين ما عثرتِ عليه
في أعماق وجودك.
.
أي حبيبتي
ماذا تجدين في بئرك المغلق؟
طحالب، مستنقعات، صخور؟
ماذا ترين عن طريق عيون عمياء
مريرة وجريحة؟
.
يا حياتي
لن تجدي في هوة البئر
الذي فيه تسقطين
ما أدخره أنا لكِ في الذرى:
باقة من الياسمين المتوج بقطرات الندى
وقبلة أكثر عمقا من الهوة التي فيها تسقطين.
لا تخافي مني
لا تسقطي مرة أخرى في وهدة ضغينتك
انفضي عنك كلماتي
التي خرجت لتجرحك
ودعيها تطير من النافذة المفتوحة
وهي ستعود لي كيما تجرحني
لأنها كانت مثقلة بلحظة قاسية
وستصبح تلك اللحظة
عزلاء من السلاح في صدري
.
ابتسمي لي أيتها الوضاءة
إذا ما أصابك فمي بالجراح.
ما أنا براعٍ حنون
كما تقص الحكايات الخيالية
إن أنا إلا حطاب ماهر
يشاطركِ الأرض والنبيذ وأشواك الجبال.
.
امنحيني حبك، أنت، ابتسمي لي،
ساعديني أن أكون محمودا.
لا تجرحي نفسك في
فلا طائل من وراء ذلك
ولا تجرحيني
فإنكِ إنما ستجرحين نفسك.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:53 PM
الحلم
بينما كنت أمشي فوق الرمال
قررت أن أهجركِ
.
كنت أخطو فوق طين غامق
يرتجف
وبينما كنت أغوص فيه ثم أخرج منه
قررت أن تخرجي مني،
وأنكِ كنتِ تُثقلين عليّ كالحجر القاطع.
وبلورت فقدانكِ خطوة خطوة:
استئصالكِ من الجذور
واطلاقكِ وحيدة في الهواء
.
وفي تلك اللحظة،
يا حبيبة قلبي،
كان ثمة حلم مزعج
يغطيكي بأجنحته المرعبة
.
كنتِ تشعرين أن الطين يبتلعك
وتنادينني فلا أهرع إليكِ
وكنتِ تغوصين، دونما حراك،
دون مقاومة
إلى أن غرقتِ في الرمال الناعمة.
.
وبعد ذلك
تلاقى قراري مع حلمكِ
وخرجنا مرة ثانية
من الصدع الذي كان يحطم روحينا
خرجنا مرة ثانية،
ناصعين، عاريين،
غارقين في حب أحدنا الآخر،
دونما حلم، دونما رمال،
مكتملين متوهجين
وقد بصمت علينا النيران بخاتمها.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:54 PM
لو تنسينني
أريدك أن تعرفي شيئاً واحدا
إنك تعرفين هذا الأمر:
إذا أنا تطلعت إلى القمر البللوري
إلى الفنن الأحمر
إلى الخريف المتباطئ على نافذتي
إذا أنا لمست الرماد
الذي لا يمكن لمسه
وهو إلى جوار النيران
أو عِرق الخشب المتغضن
كل هذا يحملني إليكِ
كما لو أن كل ما في الوجود:
العطر، النور، المعادن،
هي سفائن صغيرة
تبحر نحو جزائركِ
التي تنتظرني.
.
حسناً، والآن:
إذا أنتِ توقفتِ عن حبي شيئاً فشيئاً
فسأتوقف أنا عن حبك شيئاً فشيئاً
.
وإذا أنت نسيتني فجأة
فلا تبحثي عني
فسأكون قد نسيتكِ بالفعل.
.
وإذا أنت ظننتِ
أن رياح الرايات التي تعبر حياتي
طويلة ومجنونة
وقررتِ أن تتركيني وحيدا
على شاطئ القلب
الذي تنبُت فيه جذوري
فتذكري أن في ذلك اليوم،
وفي تلك الساعة
سأرفع ذراعيّ
وستخرج جذوري
باحثة عن أرض أخرى لها.
.
ولكن
لو أن كل يوم
وكل ساعة
تشعرين أن مصيركِ هو أنا،
في عذوبة لا شِية فيها؛
لو أن في كل يوم
تصعد زهرة إلى شفتيكِ
بحثا عني،
آه يا حبيبتي، يا صاحبتي،
فستستعر في نفسي مرة أخرى
كل هاته النيران
فلا شيء ينطفئ في نفسي
فحبي يتغذى على حبكِ
يا حبيبتي،
وسيكون بين ذراعيكِ ما حييتِ
دون أن يخرج من بين ذراعيا.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:57 PM
النسيان
الحب كله في كأس
كأس رحيب رحابة الأرض،
الحب كله
مغلف بالنجوم وبالأشواك
أعطيتكِ إياه
ولكنكِ مشيتِ على النار
بقدميك الصغيرتين وكعبيك الملطخين
فأخمدتِه في قلبي.
آه يا لحبي العظيم
وحبيبتي الصغيرة!
.
إني لم أكف أبداً عن النضال،
لم أتوان في اسراعي نحو الحياة،
نحو السلام، نحو الخبز للجميع
ولكني رفعتكِ عاليا بين ذراعيّ
وسمّرتكِ إلى قبلاتي
ونظرت إليكِ
كما لن تنظر عينا بشرٍ مرة أخرى.
آه يا لحبي العظيم
وحبيبتي الصغيرة!
أنتِ لم تدركي آنذاك مدايا
واختلط عليكِ
الرجل الذي ضحى من أجلكِ
بالدم والحنطة والماء،
مع الحشرة الضئيلة
التي سقطت على ردائكِ.
.
آه يا لحبي العظيم
وحبيبتي الصغيرة!
.
لا تنتظري أن أعود فأنظر إليكِ
على البُعد
ابقِ مع ما خلّفته لكِ ورائي
تجوّلي مع صورتي المخونة.
أما أنا
فسأواصل سيري
فاتحاً طرقاً عريضة ضد الظلال
ممهدا الأرض
مموزعاً النجوم
على من سيأتي بعدي.
ابقِ على الدرب.
لقد حل الليل بالنسبة لكِ
ولربما عدنا للالتقاء
مع الفجر مرة ثانية.
.
آه يا لحبي العظيم
وحبيبتي الصغيرة!
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 12:59 PM
الفتيات
أنتن أيتها الفتيات
اللآتي يسعين وراء الحب العظيم
الحب العظيم الرائع
ماذا جرى لكن أيتها الفتيات؟
.
ربما كان الأمر
هو الزمن، الزمن.
.
لأنه ها هو الآن
الحب العظيم
انظرن كيف يتهادى
ساحبا معه الأحجار السماوية
مدمرا الأزهار والأوراق
في صخب الزَبَد المضطرم
في أحجار عالمكن كافة
برائحة المنى والياسمين
إلى جوار القمر الدامي!
والآن.
ها أنتن تلمسن الماء
بأقدامكن الصغيرة
بقلبكن الصغير
ولا تعرفن ماذا تفعلن!
.
إن بعض الترحالات الليلية
وبعض الأماكن
وبعض النزهات المشوقات
وبعض الرقصات التي لا عواقب لها
أفضل لكن من إكمال المشوار!
.
فلتموتن من البرد
أو من الشك
فأنا،
بخطواتي العريضة
سوف أعثر عليها
في داخلكن
أو بعيدا عنكن
ولسوف تعثر هي عليّ
هي التي لن تخشى مواجهة الحب
هي التي ستنصهر معي
في الحياة أو في الموت!
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:00 PM
كنت تأتين
إنك لم تجعليني أتألم
وإنما جعلتيني أنتظر
.
تلك الساعات المتشابكة
الزاخرة بالأفاعي
حين تسقط مني الروح
وأختنق
كنت تأتين ماشية
كنت تأتين عارية مخموشة
كنت تصلين إلى مخدعي دامية
يا عروستي
وحينئذ،
كنا نمشي طوال الليل
نائمين
وحين نستيقظ
تصبحين سالمة جديدة
كما لو أن رياح الأحلام الكئيبة
قد خلعت على شعرك من جديد
نيرانا ولهبا
وغمرت جسدكِ في حبات الحنطة والفضة
فأحالته لؤلؤاً منثورا.
إني لم أتألم، يا حبيبتي
وإنما انتظرتُ وحسب.
كان عليكِ أن تبدلي قلبك
ونظرتكِ
بعد أن لمستِ بيديك
منطقة البحار العميقة
التي أوصلكِ إليها صدري.
كان عليك أن تخرجي من المياه الصافية
كنقطة رفعتها عاليا
موجة ليلية.
يا عروستي
كان عليكِ أن تموتي وتولدي
وانتظرتك
أنا لم أتألم وأنا أبحث عنكِ
فقد كنت أعلم أنك سوف تأتين
إمرأة جديدة فيها كل ما أعبد
تخرج من ثنايا المرأة التي لم أعبد
بعينيكِ ويديكِ وثغركِ
ولكن بقلب آخر
.
طلع فجره إلى جواري
كأنما كان هناك دائما
ليبقى معي إلى الأبد.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:01 PM
الجبل والنهر
في وطني، هناك جبل
في وطني، هناك نهر
تعال معي
يصعد الليل إلى الجبل
ويهبط الجوع إلى النهر
تعال معي
من هم الذين يتألمون؟
لا أعرف. بيد أنهم جزء مني
تعال معي
لا أدري. بيد انهم ينادونني
ويهتفون بي: "إننا نتألم".
تعال معي
ويهتفون بي: "إن شعبك،
شعبك التعس
ما بين الجبل والنهر
يطحنه الجوع والحزن
لا يريد أن يناضل وحيدا
إنه ينتظرك أيها الصديق
أواه لكِ، يا من أحب،
أيتها الصغيرة
يا حبة الحنطة الحمراء
سيكون النضال مريرا
وستكون الحياة مريرة
ولكنكِ ستأتين معي
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:02 PM
الفقر
إذن، أنت لا تريدين.
يصيبك الفقر بالذعر
لا تريدين أن تذهبي إلى السوق
بحذاء ممزوق
وتعودين في نفس ردائكِ القديم.
يا حبي:
إننا لا نحب البؤس
كما يريد لنا الأغنياء
إننا سنخلعه
كما نخلع ضرسا مسوّسا
يدخر حتى الآن في قلب الأسنان.
.
بيد أنني لا أريدكِ أن تخافي منه
فإنه إذا اقترب من مسكنكِ
بسببي،
إذا طرد الفقر أحذيتك الذهبية
إلى الخارج
فلا تدعيه يطرد إلى الخارج
ضحكتكِ التي هي زاد حياتي.
وإذا أنت لم تستطيعي دفع الإيجار
فاخرجي للعمل ثابتة الخطى
واذكري، يا حبي،
أنني أرقبك
وأننا معا
نكوّن أكبر ثروة
تجمعت فوق الأرض.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:37 PM
الحيوات
آهٍ...
لكم أحس بكِ أحيانا
يعتصركِ القلق وأنت معي
أنا المنصور بين الرجال.
.
لأنكِ لا تعرفين
أن آلافا من الوجوه التي لا ترينها
كانت منصورة معي
وأن آلافا من الأقدام والقلوب
قد سارت معي
وأنني لا أكون
وأني لا أوجد
بل أنا واجهة لمن يمضي معي وحسب
وأنني الأقوى
لأنني أحمل في داخلي
لا حياتي الصغيرة
فحسب
بل كل الحيوات
وأنا أسير قدما إلى الأمام
لأن لي آلافا من العيون
وأنا أضرب الصخور بقوة
لأن لي آلافا من الأيدي
وصتي يصل إلى كل الضفاف
في كل البقاع
لأنه صوت كل من لم يتكلموا
كل من لم يغنوا
والذين يغنون الآن
بهذا الفم
الذي يطبع قبلةً على شفتيك.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:37 PM
الراية
انهضي معي.
ليس من أحد أكثر رغبة مني
في البقاء على الوسادة
التي يبغى جفناكِ
أن يغلقا الباب
بين العالم وبيني
هناك أيضاً
أبغى أن أدع دمي ينام
ملتفاً بعذوبتك.
ولكن، انهضي،
أنتِ، انهضي،
ولكن، انهضي معي
ولنخرج سويا
للنضال يدا ليد
ضد شِباك الشر
ضد النظام الذي يوزع جوعا
ضد منظومة الشقاء
هيا بنا،
وأنتِ، يا نجمتي، إلى جواري
مولودة حديثا من طينتي
وقد عثرتِ حقا على النبع الخفي
وستكونين إلى جواري
وسط النيران
بعينيكِ الجسورتين
ترفعين رايتي عاليا.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:39 PM
حبيبة الجندي
في وسط معارك الحرب
حملتكِ الحياة
أن تكوني حبيبة الجندي
.
كُتب عليكِ أن تسيري وسط النيران
بثوبك الحريري العتيق
وأصابعكِ المرصعة بالجواهر الزائفة.
.
تعالي هنا أيتها الشريدة
تعالي واشربي على صدري
الندي الأحمر.
.
لم تريدي أن تعرفي إلى أين تذهبين
فقد كنتِ رفيقة الرقص
ولم يكن لكِ حزب ولا وطن.
.
والآن،
وأنتِ تسيرين إلى جواري
ترين أن الحياة تسير معي
وأن الموت يكمن وراءها.
.
والآن،
ليس بإمكانكِ مرة أخرى
أن ترقصي في القاعة
بثوبكِ الحريري.
.
سوف يبلى حذاؤك
ولكنك ستتطاولين أنت تسيرين.
.
عليك أن تسيري على الشوك
وتخلّفين وراءك نقاطا صغيرة من الدم.
.
قبليني مرة أخرى يا حبيبتي
نظفي تلك البندقية أيتها الرفيقة.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:39 PM
ليست النيران وحدها
آه، أجل، إني أذكر
آه، عينيكِ المنغلقتين
كما لو يملأهما من الداخل
نور أسود.
جسدكِ كله
كاليد الممتدة
كغصن قمري أبيض
والنشوة،
حن يقتلنا شعاع برق
حين يصيبنا خنجر بالجراح في جذورنا
ونور يضرب ***
وحين نعود شيئاً فشيئا
إلى الحياة مرة أخرى
كأنما ننبجس من أعماق المحيط
كأنما نعود من السفينة الغارقة
مثخنين بالجراح
وسط الصخور والطحالب الحمراء
.
ولكن،
ثمة ذكريات أخرى
لا زهور الحرائق فحسب
بل براعم صغيرة
تظهر فجأة
حين أكون في القطارات
أو أسير في الشوارع.
أراكِ تغسلين مناديلي
وتنشرين على النافذة
جواربي الممزوقة.
أرى هيأتكِ
التي يطغى عليها السرور الكامل
كأنها ومضة من اللهيب
دون أن تدمركِ.
مرة أخرى
أيتها المرأة الصغيرة
لكل الأيام
مرة أخرى كائن إنساني
إنسان متواضع
فقير في عزة
كما عليكِ أن تكوني
كي تصبحي
لا تلك الزهرة السريعة
التي يذبلها رماد الحب
بل الحياة كلها
بالصابون والإبر
بالرائحة التي أحبها
للمطبخ الذي ربما لن يتوفر لنا أبدا
والذي ستكون فيه يداك
بالنسبة لي
بين البطاطس المقلية
وثغرك يغني في الشتاء
إلى أن نصل المشويات
هما السعادة الدائمة على الأرض
.
آه يا حياتي
ليست النيران وحدها
هي التي تحترق
فيما بيننا
بل الحياة كلها،
القصة البسيطة
الحب البسيط
لامرأة ورجل
مثل كل الآخرين.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:41 PM
الميتة
لو أنكِ فجأة لم تعودي موجودة
لو أنكِ فجأة لم تعودي على قيد الحياة
سأواصل أنا حياتي
.
إني لا أجسر
لا أجسر على كتابة هذا
لو أنك تموتين
.
سأواصل أنا حياتي
لأنه،
حيث لا يكون ثمة صوت إنسان،
هناك صوتي.
.
حيث يُرجم السود
لا يمكن أن أكون ميتا.
حيث يدخل إخوتي السجون
سأدخل أنا معهم.
وحين يصل النصر،
لا نصري أنا بل النصر الأعظم،
يجب عليّ أن أتكلم
حتى لو كنتُ أخرس:
ٍسأراه يصل
حتى لو كنتُ أعمى.
كلا، سامحيني.
إذا لم تكوني على قيد الحياة،
لو أنكِ، يا حبيبتي
يا حبي،
لو أنكِ مت
ستسقط كل أوراق الشجر على صدري
ستمطر الدنيا على روحي ليلا ونهارا
سيحرق الثلج قلبي
سأسير مع البرد والنيران والموت والثلج
سترغب قدماي أن تسيرا إلى حيث ترقدين
ولكن
سأواصل حياتي
لأنكِ قد أحببتني،
فوق كل شيء
عنيدا
ولأنكِ، يا حبيبتي،
تعرفين أنني لست رجلا واحدا فحسب،
بل إنني جميع الرجال.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:42 PM
أمريكا الصغيرة
حين أتطلع إلى شكل أمريكا على الخريطة
أراكِ أنتِ يا حبيبتي:
مرتفعات النحاس على رأسكِ
ونهداك هما الحنطة والثلج
وخصركِ النحيل
أنهارٌ جارية نابضة
وتلال ومروج عِذاب
وتُنهي قدماكِ
جغرافيتهما المجبولة من النضار المسبوك
في برد الجنوب.
يا حبيبتي،
حين ألمسك
لا تستكشف يداي مباهجكِ فحسب
بل أفنانا وأراضي،
فواكه ومياها،
الربيع الذي أحب،
قمر الصحراء
صدر الحمامة البرية
ونعومة الأحجار
التي صقلتها مياه البحر أو الأنهار
وكثافة الأيكة الحمراء
حيث العطش والجوع يكمنان.
وهكذا.
يرحب بي وطني الرحيب
أمريكا الصغيرة
في جسدكِ.
.
وأكثر من ذلك:
حين أراك مضطجعة
أرى في بشرتكِ
في لونكِ الشوفاني
هوية ودادي،
لأنه من فوق كتفيكِ
ينظر لي قاطع عيدان قصب السكر
في كوبا المتوهجة
وقد غطته حبات العرق السوداء
ومن عند جيدكِ
يتغنى لي بأسرارهم
صيادون يرتجفون في بيوت الضفة الرطينة
وهكذا، فعلى طول جسدكِ.
يا أمريكا الصغيرة المعبودة
تقطع الأرض والشعوب
حبل قبلاتي
وحينئذ
لا يشعل جمالك النيران فحسب
النيران التي تتوهج فيما بيننا
دون أن ننطفئ
بل هو أيضا يناديني
مع حبك
ويهبني عبر حياتك
حياتي التي أفتقدها
ويضفي إلى مذاق حبك
الصلصال،
وقبلة الأرض التي تنتظرني
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:43 PM
أنشودة وإنباتات
مذاق فمكِ، لون بشرتكِ
بشرتك، فمك،
فاكهتي
التي خرجتُ بها
من تلك الأيام الخاطفة
قولي لي،
هل كانت كل هذه الأشياء إلى جواركِ
على الدوام
عبر السنين وعبر الترحال
وعبر الأقمار وعبر الشموس
والأرض والنواح والمطر والفرح،
أم أنها تخرج الآن فحسب
من وسط جذورك
كما يخرج الماء من الأرض اليباب
إنباتات لا عهد لها بها
أو كما يصّاعد مذاق الأرض
إلى شفاه الجرة المنسية؟
لا أعرف، لا تقولي لي، أنت لا تعرفين.
لا أحد يعرف تلك الأشياء
ولكن،
حين أدنو بكل حواسي
إلى نور بشرتكِ
فإنك تختفين
تذوبين كرائحة فاكهة حمضية
وحرارة الطريق
ورائحة الذرة إذ ينفرط عقده
وزهر عسل الأصيل الصافي
وأسماء الأرض المغبرة
والعطر المطلق لوطننا:
المنغوليا والأكمة،
الدم والدقيق،
وخبب الجياد،
وقمر الضيعة المغبر،
والخبز الطازج:
آه،
كل شيئ يعود من بشرتك إلى فمي
يعود إلى فؤادي
يعود إلى جسدي
وأعود معك
لأكوِّن الأرض التي تكوّنينها:
إنكِ في نفسك الربيع العميق
أعود معكِ
لأعرف فيكِ كيف أنمو
سنواتكِ الغضة
التي كان يجب أن أشعر بها
تنمو حولي كالأغصان
إلى أن ترى
كيف أن الشمس والأرض
قد جعلتكِ من نصيب يديّ الحجريتين.
إلى أن تجعلي النبيذ يغني في عروقي
عنبة عنبة
لقد أعانتني الرياح أو الحصان
بخروجهما عن مسارهما
أن أعبر من خلال طفولتكِ
أنتِ التي شاهدتِ السماء ذاتها كل يوم
وطين الشتاء الأسمر ذاته
وأغصان أشجار البرقوق التي لا نهاية لها
وحلاوتها ذات اللون القرمزي.
كيلومترات قليلة من الليل فحسب
والمسافات المبتلة للفجر في الريف
وحفنة من الأرض تفصل بيننا
الجدران الشفافة التي لم نعبرها
إلى أن وضعت الحياة بيننا بعد ذلك
كل البحار وكل الأرض
ونقترب من بعض رغم المسافة
يبحث أحدنا عن الآخر خطوة خطوة
من محيط إلى آخر،
إلى أن رأيت السماء تحترق
وشعركِ يطير طيرانا في النور
وهرعتِ إلى قبلاتي
بنيران شهاب مطلق السراح
وحين انصهرتِ في دمائي
تلقيت في فمي
حلاوة البرقوق البري
لطفولتنا
وضممتكِ إلى صدري
كما لو أنني قد استعدت
كل الأرض وكل الحياة.
أي فتاتي المتوحشة
كان علينا أن نستعيد الزمن
وأن نمشي إلى الخلف
في بعد حياتينا
قبلة قبلة
نجمع من مكان ما منحناه دونما بهجة
ونكتشف في مكان آخر
الدرب الخفي الذي راح يدني قدميكِ إلى قدميّ
وبهذا، عبر فمي،
ترين مرة أخرى النبتة غير المكتملة
لحياتكِ
تمد جذورها
نحو قلبي الذي ينتظركِ
وتنضم الليالي
واحدة وراء أخرى
فيما بين مدننا المتباعدة
إلى الليلة التي تجمع بيننا.
ونور كل يوم،
باشتعاله أو بهدوئه
يهب نفسه لنا
فيهرب من أسر الزمن،
وبهذا
يكشف الستار عن كنزنا
في الظلال أو في الضوء
ومن ثم
تطبع قبلاتنا القبلات على وجه الحياة:
وينتظم الحب كله في حبنا
وينتهي العطش كله في عناقنا
ها نحن الآن أخيرا وجها لوجه
لقد التقينا
لم نخسر شيئا
لقد جاس أحدنا بالآخر
شفة بشفة
ولقد تغبرنا ألف مرة
بينما الموت والحياة
وكل ما حملناه معنا
ألقيناه في البحر
فأصبح كالنياشين المهجورة،
وكل ما تعملناه
لم ينفعنا في شيء
فبدأنا من أولٍ وجديد
موت وحياة
وها نحن هنا باقيان
طاهران،
بالطهر الذي نخلقه
أكثر رحابة من الأرض
التي لم تضيِّعنا
خالدان
كالنار التي ستستعر
طالما كانت هناك حياة.
.
حين أصل إلى هنا تتوقف يداي
ويسأل أحدهم: قل لي
لماذا، كما الموجات على الشاطئ المتفرد.
تروح كلماتكَ وتجيء إلى جسدها؟
أهي الشكل الوحيد الذي تحبه؟
وأجيب: إن يديّ لا تكِلان منها
ولا تهدأ قبلاتي
فلماذا أسحب الكلمات
التي تعيد أثر لمستها الحبيبة
الكلمات التي تنغلق دونما جدوى
كالماء في الشبكة
سطح أنقى موجة حياة وحرارتها؟
وأنتِ، يا حبي،
إن جسدكِ ليس هو فحسب
الوردة التي تتطاول في الظلال
أو تحت نور القمر
ليس فحسب حركة أو حرقا،
عملا دمويا أو ورقة من نار.
ولكن بالنسبة لي
فأنتِ التي أحضرتِ إلى أرضي
الطين الذي يذكرني بطفولتي،
موجات الشوفان،
القشرة الدائرية للفاكهة الداكنة
التي انتزعتها من الغابة،
رائحة الخشب والتفاح
لون المياه المستكنة
حيث تساقط فاكهات خفيات
وأوراق عميقة
آه يا حبي
إن جسدكِ يتطاول
كالخط الصافي في الكأس البللورية،
من الأرض التي تعرفني
وحيث عثرت عليكِ مشاعري
استجبتِ بالنبضات
كأنما تتساقط بداخلك
الأمطار والحبات
آه، فليقولوا لي
كيف أستطيع أنا أن ألغيك من حياتي
وأن أمنع يدي من أن تمسكا بك
وأنزع النيران من كلماتي
أيتها العذبة
أريحي جسدكِ في تلك الخطوط
التي تدين لكِ بأكثر مما تعطيني لمساتكِ
عيشي في هذه الكلمات
ورددي فيها العذوبة والنيران
ارتعشي وسط حروفها
ونامي في اسمي
كما نمت من قبل في قلبي،
وهكذا غدا
ستحفظ كلماتي
أغوار شكلكِ
ومن سيسمعها يوما ما
سيتلقى هبةٌ من رياح القمح وشقائق النعمان
وسيقى هناك جسد الحب
.
لا يزال يتنفس على وجه الأرض
خيط القمح والمياه
البللور والنيران
الكلمة والليل
العمل والغضب
الظل والحنان
قمتِ أنتِ رويدا رويدا
بخياطتها في جيوبي المثقوبة
ولم تقومي فحسب بانتظاري يا حبيبتي
في المناطق الراجعة
حيث يتوحد الحب والاستشهاد
كأنهما ناقوسان من الجمر المتوهج،
بل وأيضاً
في أدق وأصغر الواجبات العذاب
إن زيت إيطاليا الذهبي
قد صاغ هالتكِ
فأصبحتِ قديسة المطبخ والخياطة
وفي غنجكِ الصغير
الذي يتمهل أمام المرآة
وبيديكِ ذات الأوراق
التي يحسدك عليها الياسمين
تغسلين الأواني وتغسلين ملابسي
وتضمدين جراحي
أي حبيبتي،
لقد وصلتِ إلى حياتي
جاهزة كشقائق النعمان
وكالمحارب الجسور:
إن البهاء الحريري
أعبره مع الجوع والعطش
اللذين جلبتهما إلى هذا العالم
من أجلكِ فحسب
ومن تحت الحرير
استبانت الفتاة الفولاذية
التي ستصارع إلى جواري
يا حبي، يا حبي،
ها هنا نلتقي
حرير وحديد
اقتربي من شفتيا.
.
ولأن الحب
يحارب لا في زراعاته المحترقة فحسب
بل وأيضاً في أفواه الرجال والنساء.
فسأنتهي بأن أقاتل
أولئك الذين يريدون أن يزرعوا
زهرتهم المقيتة
ما بين صدري وعبيركِ الفواح.
لن يستطيعوا أن يقولوا لكِ
أسوأ مما قلته أنا لكِ من قبل
يا حبيبتي.
لقد عشتُ في المروج قبل أن أعرفكِ
ولم أنتظر أن يأتي لي الحب
بل كنتُ في وسط الشجيرة
وهجمت على الوردة
ماذا بوسعهم أن يقولوا
أكثر من ذلك؟
لست طيبا أو سيئا
بل أنا مجرد إنسان،
وسيضيفون عند ذاك
ما يحدق بحياتي من أخطار
وأنتِ تعرفينها
وشاركتيني فيها بكل حماس.
حسنا،
إن تلك الأخطار هي أخطار الحب
الحب الكامل
تجاه الحياة
تجاه كل الحيوات
فإذا حلب ذلك الحب
الموت أو السم
فإني واثق أن عينيكِ الواسعتين
حين أغمرهما بقبلاتي
سنغلقان في فخر
في فخر مزدوج
يا حبيبتي
فخركِ وفخري
بيد أنهم سيسعون أولا إلى أذني
كي ينسفوا البرج
برج الحب العذب القاسي
الذي يربط بيننا
وسيقولون:
إن تلك التي تحب
ليست بالمرأة المناسبة لك
فلماذا تحبها؟
إننا نعتقد أن بوسعك
العثور على من هي أجمل منها
وأكثر جدية وأكثر عمقا
وأكثر أشياء أخرى
أنت تعرف ما نعني..
انظر كيف هي ضئيلة
ورأسها كيف هو
وانظر إلى ملابسها،
وهلم جراً وهلم جرا.
وأنا أقول ما يلي
إني أحبك كما أنت
بملابسك هذه
وهيئة شعرك
وطريقة ابتسامتك
خفيفة كالمياه
مياه النبع الصافي فوق الصخور
أحبك هكذا، يا حبيبتي.
أنا لا أطلب من الخبز أن يعلمني شيئاً
وإنما أطلب منه ألا ينقصني
في أي يوم من أيام حياتي
وأنا لا أعرف شيئاً عن الضوء
مم يأتي أو إلى أين يذهب
وإنما أريده فحسب أن ينير طريقي
وأنا لا أطلب تفسيراً من الليل
بل أنتظره كيما يلفني بردائه.
وهكذا أنتِ:
خبزاً وضوءاً وظلا.
لقد دخلت حياتي
بما حملتهِ معكِ
وكنت في انتظارك
مجبولة من الخبز والنور والظلال
وهكذا أنا في حاجة إليك
وهكذا أنا أحبك
أما أولئك الذين يودون
أن يسمعوا غدا ما لن أقوله لهم
فليقرأوه ها هنا
وليتقهقروا اليوم
لأن وقت تلك الحجج مازال مبكرا.
غدا
سوف نعطيهم فحسب
ورقة من أوراق شجرة حبنا
ورقة
ستسقط على الأرض
كأنما خلقتها شفتانا
كأنها قبلة تسقط
من ذرانا التي لا تقهر
كيما تبين
نيران حبنا الحقيقي
وعذوبته
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:44 PM
أنشودة العرس
هل تذكرين يا حبيبتي
حين وصلنا أخيرا
وسط الشتاء
إلى الجزيرة؟
كان البحر يرفع الينا
كأسا من البرد
وكانت عرائش اللبلاب
تهمهم على الجدران
وتُسقط أوراقا عتماء
في خطى طريقنا
وكنتِ أنت أيضا
ورقة صغيرة
ترتجفين فوق صدري
وقد أطاحت بكِ رياح الحياة
إلى ذلك الموضع.
ولم أركِ في بادئ الأمر
لم أعرف أنكِ تسيرين إلى جواري
وأتحدث مع خيوط دمى
وتكلمتُ من خلال فمي
وازدهرت معي.
هكذا كان حضوركِ الغافي
ورقة أو فننا خفيا لا يُرى
وعَمَر قلبي فجأة
بالثمار وبالأصوات.
وسكنتِ البيت
الذي كان ينتظركِ قاتما
فأضأتِ المصابيح عندذاك.
هل تذكرين يا حبيبتي
خطواتنا الأولى في الجزيرة؟
كانت الأحجار الرمادية تعرفنا
وزخات المطر
وصيحات الريح في الظلال
ولكن النيران كانت حديثنا الوحيد
فقد احتضنا إلى جوارها
الحب الشتائي العذب
بأذرعنا الأربع
ورأت النيران
قبلتنا العارية
تتنامى حتى تصل إلى النجوم الخفية
ورأت مولد الألم وموته
كالسيف المحطوم
على صخرة الحب الذي لا يقهره قاهر
أتذكرين.
يا من تنامين في ظلي،
كيف كان الحلم
يتطاول فيك
من نهديك العاريين
مفتوحا بقبتيه التوأمين
تجاه البحر
تجاه رياح الجزيرة
وكيف كنت أنا أبحر في أحلامك
طليقا
في البحر وفي الرياح
وكنت مع ذلك مقيدا غاطسا
في اتساع زرقة عذوبتكِ؟
آه أيتها العذبة
يا عذبتي.
لقد غيّر الربيع جدران الجزيرة
وانبجست زهرة
كقطرة الدم البرتقالي
وعندها
أطلقت الألوان كل أثقالها الصافية
واستعاد البحر شفافيته
وأبرز الليل في السماء
عناقيده
وها هي كل الأشياء تتهامس
باسم حبنا
حجرا حجرا،
نطقت اسمنا وقبلتنا
وتجاوبت الأصداء في الجزيرة
ذات الصخور والطحالب
في خفايا كهوفها
كالأغنية في ثغرك
والزهرة التي ولدت
بين ثنايا الحجر
نطقت بحروفها الخفية
وهي تخطر متمايلة
اسمكِ النباتي المتوهج
والصخرة المدببة
المرفوعة كجدار العالم،
عرفتُ أغنيتي
يا حبيبتي الغالية
وتحدثت الأشياء جميعا
بحبك، بحبي، يا حبيبتي
لأن الأرض والزمن والبحر والجزيرة
والحياة والمد
والبذرة التي تفتح شفاها
في أعماق الأرض
والزهرة المفترسة
وحركة الربيع
كلهم يعرفوننا
لقد ولد حبنا
خارج الجدران
في مهب الرياح
في سكون الليل
في أعماق الأرض
ولهذا
فإن الصلصال والزهرة،
الطين والجذور،
تعرف اسمكِ
وتعرف أن فمي
قد انطبق على فمكِ
لأننا قد بُذرنا سويا في الأرض
ونحن فحسب لم نعرف ذلك
وأننا ننمو سويا
ونزهر سويا
ولهذا
فحينما نعبر
يكون اسمك مسطورا على أوراق الوردة
التي تنمو وسط الصخور
واسمي مكتوب في المغارات
إنها تعرف كل ذلك
ليس لدينا أسرار
لقد نمونا معا
ولم نعرف ذلك.
إن البحر يعرف حبنا،
وصخور المرتفعات الصخرية
تعرف أن قبلاتنا
قد أزهرت في صفاء لا حد له،
حين يطل فم قرمزي
من بين ثناياها
مثل حبنا
والقبلة التي توحد بين فمي وفمكِ
في زهرة خالدة
أي حبيبتي،
إن الربيع الجميل
والزهور والبحر
تحيط بنا
ولكننا لا نبادل بها شتاءنا
حين بدأت الرياح
تفك شفرة اسمك
التي تردده اليوم
مراراً وتكراراً
حين لم تكن أوراق الشجر تعرف
أنك ورقة شجر
حين لم تكن الجذور تعرف
أنكِ تبحثين عن صدري
حبيبتي، حبيبتي
إن الربيع
يقدم لنا السماء
بيد أن الأرض العتماء
هي أسمانا
إن حبنا
ينتمي للزمن كافة وللأرض كافة
حين يحب أحدنا الآخر
وذراعي تحت رقبتك الرملية
ستنتظر
إذ الأرض والزمن يتغيران
في الجزيرة
إذ تسقط أوراق الشجر
من التعريشات المتسلقة الصموت
إذ يرحل الخريف
من النافذة المحطومة
ولكننا سننتظر صديقنا
صديقنا ذا العينين الحمراوين
النيران
حين تهز الريح مرة أخرى
أطراف الجزيرة
ولا تعرف اسم أي أحد
وسيبحث عنا الشتاء
يا حبيبتي
سيبحث عنا دائما
لأننا نعرفه
أننا لا نخشاه
لأن معنا النيران
دائما،
معنا الأرض
دائماً،
معنا الربيع
دائماً،
وحين تسقط ورقة من التعريشات
تعرفين أنت يا حبيبتي
أي اسم مسطور على هذه الورقة
إنه اسم لكِ ولي
اسم غرامنا
كائن واحد
السهم الذي اخترق كبد الشتاء
الحب الذي لا يُقهر
نيران الأيام
ورقة سقطت في صدري
ورقة من أوراق شجرة الحياة
أقامت لها عشا
وغنّت
ومدت لنفسها جذورا
وأثمرت زهورا وفاكهة.
وهكذا ترين،
يا حبيبتي
كيف أمشي في الجزيرة
في الدنيا
واثق الخطوة في وسط الربيع
مجنونا بالنور في وسط البرد
أمشي بهدوء وسط النيران
أحمل ورقة زهرك بين ذراعي
كما لو كنت
لم أمش قط دونك
يا روحي
كما لو كنت
لم أعرف المشي قط إلا معك
كما لو كنت
لم أعرف الغناء
إلا حينما تغنين
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:45 PM
الرسالة في الطريق
وداعا
بيد أنكِ ستكونين دوما معي
سترحلين معي
داخل نقطة دم تدور في عروقي
أو خارجها
قبلةً تحرق وجهي
أو زنارا من نار
حول وسطي
يا عذبتي
تقبلي الحب العظيم
الذي انبثق من حياتي
ثم لم يجد فيك أرضا
كالمستكشف الذي ضل طريقه
في جزر الخبز والعسل
لقد لقيتكِ بعد العاصفة
بعد أن غسل المطر الهواء
وبرقت قدماكِ الجميلتان
كالأسماك في المياه
يا معبودتي
إني ذاهب إلى صراعاتي
.
سوف أخمش الأرض
كيما أصنع لك مغارة
ينتظرك فيها قبطانك
وقد غطى الفراش بالزهور
لا تفكري بعد يا عذبتي
في العذاب الذي سرى فيما بيننا
كالبرق الفسفوري
وربما خلّف لنا بعضا من حروقه
لقد ظللنا السلام بعد ذلك
لأني ذاهب إلى وطني كيما أناضل
وبما أن قلبي هو قلب كامل
به شطر من الدماء
التي منحتيها لي إلى الأبد
وبما أنني أقبض بملء يدي
على كيانكِ العاري
انظري لي
انظري لي
لأني ذاهب يحوطني البهاء
انظري لي
في الليل الذي أمخر عبابه
وما البحر والليل إلا عيناك هاتان
إنني حين أبتعد عنكِ
لا أخرج منكِ قيد أنملة
وسأقول لكِ الآن ما يلي:
إن وطني سيكون وطنك
وسأذهب لأغزوه
لا كيما أعطيه لكِ فحسب
بل كي يكون للجميع
لجميع شعبي
سيخرج اللص من برجه يوما ما
وسيُطرد الغازي شر طردة
وسوف تنمو كل ثمار الحياة
في راحة يديّ
اللتين تعودتا من قبل على الديناميت
وسأعرف كيف أحدو برقة
على براعم الزهور الجديدة
لأنك أنتِ قد علمتيني الحنان
يا عذبتي، يا معبودتي
ستأتين معي
كي تناضلي معي جنبا إلى جنب
لأن قبلاتك تحيا في قلبي
كالرايات الحمراء
.
وإذا ما سقطت
لن يغطيني الثرى وحده
بل ذلك الحب العظيم الذي غمرتني به
والذي يحيا في دورتي الدموية
ستأتين معي
إني في انتظارك هذه الساعة
في هذه الساعة وفي كل ساعة
أنتظرك في كل ساعة
وحين يأتي الحزن الذي أكره
يطرق بابكِ
قولي له إنني أنتظركِ
وإذا أرادت الوحدة منكِ
أن تغيري الخاتم المنقوش عليه اسمي
قولي للوحدة أن تكلمني
قولي لها إنني اضطررت إلى الرحيل
لأنني ما أنا إلا جندي
وأنني حيث أنا الآن،
تحت الأمطار أو تحت النيران
في انتظارك يا حبيبتي
إنني أنتظرك
في الصحراء الأشد ضراوة
وإلى جوار شجرة الليمون المزهرة
وفي كل الأنحاء
حيثما توجد حياة،
حيث يولد الربيع
في انتظارك يا حبيبتي
حين يقولون لك:
هذا الرجل لا يحبك
فتذكري أن قدميّ
وحيدتان في هذه الليلة
ويبحثان عن القدمين العذبتين
الصغيرتين
اللتين أعبدهما
يا حبيبتي
حين يقولون لك أنني قد نسيتك
وحتى إذا كنت أنا الذي أقول لك ذلك
إذا كنت أنا القائل
فلا تصدقيني
فمن ذا الذي بإمكانه
أن يقطعكِ من قلبي
ومن ذا الذي سيتلقى دمي
حين أتوجه إليكِ دامياً؟
بيد أنني أيضاً
لا أستطيع أن أنسى شعبي
سأذهب لأناضل في كل شارع
خلف كل حجر
وحبكِ يساعدني كذلك
فهو زهرة منغلقة
تغمرني في كل وقت بأريجها الفواح
ثم تنفتح فجأة في داخلي
كأنها نجمة هائلة.
يا حبيبتي
لقد أسدل الليل أستاره
.
المياه السوداء
والدنيا النائمة،
تحوطاني
وسيجئ الفجر بعد ذاك
وفي هذه الأثناء
أكتب إليك كيما أقول لك:
أحبك
كيما أقول لك
أحبك
حاذري، نقيةً،
انهضي
دافعي عن حبنا يا حبيبتي
إني أتركه معك
كأني أترك حفنة من البذور
فمن حبنا
ستولد حيوات
وسيشربون المياه في حبنا
وربما سيأتي يوم
يقوم فيه رجل وامرأة
مثلنا نحن الاثنين
بلمس هذا الحب
وسيكون ما يزال من القوة
بحيث يحرق أيدي من يلمسونه
من كنا؟
ماذا يهم ذلك؟
سيلمسون هذه النيران
وستنطق النيران ، يا حبيبتي
باسمك البسيط
وباسمي
الاسم الذي لم يعرفه سواك
لأنكِ الوحيدة على الأرض
الذي يعرف من أكون
ولأنه لم يعرفني قط
إلا واحدة فقط من يديك الاثنتين
لأنه ما من أحد
قد عرف كيف ومتى
كان قلبي يحترق
فقط
عيناك الواسعتان الداكنتان
عرفتا
وثغرك الواسع
وبشرتك، ونهداك،
وجوفك، وأعماقك،
وروحك التي أيقظتها
حتى تمضي منشدة
إلى آخر الحياة.
إني في انتظارك يا حبيبتي
وداعا، يا حبيبتي، إني أنتظرك
يا حبيبتي، يا حبيبتي، إني أنتظرك
وبهذا تنتهي هذه الرسالة
دونما أي حزن:
إن قدميّ ثابتتان فوق الأرض
ويدي تكتب هذه الرسالة
وأنا في الطريق
وسأكون دوما في خضم الحياة
إلى جوار الصديق
في مواجهة العدو
واسمكِ في فمي
وقبلة
لم تفارق قبلتكِ قط.
*
ترجمة: ماهر البطوطي
من ديوان أشعار القبطان
عماد تريسي
11-05-2014, 01:46 PM
المحررون
هَـا هِـيَ الشَّجَـرَة،
شَجَـرَةُ الْعَاصِفَـة،
شَجَـرَةُ الشَّعْـب،
مِـنَ الأَرْضِ يَصْعَـدُ أَبْطَالُهَـا
كَمَـا النُّسْـغُ مِـنَ الأَوْرَاق
وَكَمَـا تُكَسِّـرُ الرِّيـحُ الأَوْرَاق
أَوْرَاقَ حَشْـدٍ صَاخِـبٍ
إِلَـى أَنْ تَسْقُـطَ بُـذْرَةُ الْخُبْـزِ
عَلْـى الأَرْضِ مِـنْ جَدِيـد.
هَـا هِـيَ الشَّجَـرَة،
الشَّجَـرَةُ الْمُتَغَذِّيَـةُ بِأَمْـوَاتٍ عُـرَاة،
بِأَمَـوَاتٍ جَرْحَـى وَمَجْلُودِيـن،
بِأَمْـوَاتٍ مُسْتَحِيلِـي الْوُجُـوه،
مَرْفُوعِيـنَ فَـوْقَ رُمْـحٍ
وَمَطِعُونِيـنَ فِـي النَّـار،
وَمَضْرُوبِيـنَ أَعْنَاقُهُـمْ بِالْفَـأْس،
مَزَّقَتْهُـم الأَحْصِنَـة،
وَفِـي الْكَنِيسَـةِ مَصْلُوبِيـن.
هَـا هِـيَ الشَّجَـرَة،
شَجَـرَةُ الْجُـذُورِ الْحَيَّـة،
الشَّجَـرَةُ التِـي امْتَصَّـتْ مِلْـحَ الاسْتِشْهَـاد،
وَتَغَـذًَّتْ جُذُورُهَـا بِالدِّمَـاء،
وَاسْتَخْرَجَـتْ مِـنَ التُّـرَابِ الدُّمُـوع:
ثُـمَّ رَفَعَتْهَـا فْـي أَغْصَانِهَـا
لِتُوَزِّعَهَـا عَلَـى بِنْيَاتِهَـا،
كاَنَـتْ أَزْهَـارًا لاَمَرْئِيَّـة،
أَحْيَنـًا مَدْفُونَـة،
وَأَحْيَانـًا أُخْـرَى
كَانَـتْ تُوَيْجَاتُهَـا تُضِـيءُ كَالْكََوَاكِـب.
وَجَمَـعَ الإِنْسَـانُ تُوَيْجَاتِهَـا
عَـنِ الْغُصُـونِ الْيَابِسَـة،
وَتَنَاقَلَهَـا مِـنْ يَـدٍ لِيَـدٍ
كَالمَنْغُولْيَـا أَوِ الرُّمَّـان
وَفَجْـأَةً شَقَّـتِ الأَرْض
وَاشْرَأَبَّـتْ حَتَّـى النُّجُـوم.
إِنَّهَـا شَجَـرَةُ الأَحْـرَار،
الشَّجَـرَةُ الأَرْض، الشَّجَـرَةُ الْغَيْـم
الشَّجَـرَةُ الْخُبْـز، الشَّجَـرَةُ السَّهْـم،
الشَّجَـرَةُ اْلقَبْضَـة، الشَّجَـرَةُ النَّـار،
تُغْرِقُهَـا الْمِيَّـاهُ الْمَائِجَـة،
مِيَّـاهُ عَصْرِنَـا الْقَاتِـم
لَكِـنَّ سَارْيَّتِهَـا
تَهُـزَّ دَوَرَانَ قُدْرَتِهَـا.
مَـرَّاتٍ أُخْـرَى تَسْقُـطُ مِـنْ جَدِيـد،
الْغُصُـونُ التِـي كَسَّرَهَـا الْغَضَـب،
وَرَمَـادٌ مُتَوَعِّـد
يُغَطِّـي عَظَمَتَهَـا الْقَدِيمَـة،
هَكَـذَا عَبَـرَتْ مِـنْ أَزْمِنَـةٍ أُخْـرَى،
هَكَـذَا خَرَجَـتْ مِـنَ الاِحْتِضَـار،
إِلَـى أَنْ أَطَلَّـتْ يَـدٌ خَفِيَّـة
وَسَوَاعِـدُ عَدِيـدَة،
سَوَاعِـدُ شَعْـبٍ
فَحَرِسَـتْ أَجْزَاءَهَـا
وَخَبَّـأَتْ جُذُورَهَـا الرَّاسِخَـة،
وَكَانَـتْ شِفَـاهُ الشَّعْـبِ
أَوْرَاقُ الشَّجَـرَةِ الضَّخْمَـة الْمُجَـزَّأَة
الْمُبَعْثَـرَةِ فِـي كُـلِّ الأَنْحَـاء
سَائِـرَةً بِجُذُورِهَـا.
هَـذِهِ هِـيَ الشَّجَـرَة،
شَجَـرَةً الشّعْـب،
شَجَـرَةُ جَمِيـعِ الشُّعُـوب،
شَجَـرَةُ الْحُرِّيَّـةِ وَالنِّضَـال.
انْظُـرْ إِلَـى ضَفِيرَتِهَـا:
لاَمِـسْ أَشِعَّتَهَـا الْمُتَجَـدِّدَة:
اغْـرِقْ يَـدَكَ فِـي الْمَصَانِـع
حَيْـثُ ثَمْرَتهَـا النَّابِضَـة
تَنْشُـرُ كُـلَّ يَـوْمٍ نُورَهَـا
ارْفَـعْ هَـذِهِ الأَرْضَ بِرَاحَتَيْـك،
وَشَـارِكْ فِـي هَـذَا الأَلَـق،
خُـذْ خُبْـزَكَ وَتُفَّاحَتَـك،
خُـذْ قَلْبَـكَ وَحِصَانُـك،
وَانْطَلِـقْ لِلْحِرَاسَـةِ عَلَـى الْحُـدُود،
عَلَـى حُـدُودِ أَوْرَاقِهَـا.
دَافِـعْ عَـنْ هَـدَفِ تُوَيْجَاتِهَـا،
بَـدِّدِ اللَّيَالِـي الْعَدَائِيَّـة،
رَاقِـبْ دَوْرَةَ الْفَجْـر،
تَنَسَّـم الأَعَالِـي الْمُتَأَلِّقَـة،
حَامِيـًا الشَّجَـرَة،
الشَّجَـرَةَ التِـي فِـي قَلْـبِ الأَرْضِ
*
ترجمها عن الاسبانية: عبد السلام مصباح
عماد تريسي
11-05-2014, 01:48 PM
القصيدة
... حدث في ذلك العمر.. القصيدة
أتت تفتش عني .. لست أدري .. لست أدري من أين .
إنبثقت من .. من نهر..
لست أدري كيف ومتى
لا.. لم تكن هناك أصوات .. كلمات .. أو صمت
في الدرب لاحت لي
بين أغصان الليل
فجأة لاحت بين أغصان آخرى
بين نيران عنيفة
أوحين عودتي وحيدا
وجدتها تلمسني .. بلا وجه
ولم أعرف ما أقول لها .. لم أعرف إسمها
كنت كالأعمى
وشيء ما إرتطم بروحي
كالحمى أو كالأجنة التائهة
وشيئا فشيئا بدأت أعي
أقرأ
هذا الحريق
وكتبت أول شطرملتبس
ملتبس .. بلاجسد .. كان جنونا أصيلا
ومعرفة أصيلة
لطفل غريرمثلي
ورأيت السماء فجأة
مفتوحة ..
رأيت نجوما ونباتات ترقص
وظلا شفيفا كالغربال
سهاما من نار وأزهار
وليلا يسري كي يسحق العالم
وأنا كالمخلوق الضليل
ثمل بهذا الفراغ
تشبهني الألغاز والأسرار
وأشعرأنني جزء أصيل من هذه الهوة
مسافرمع النجوم
وجسدي طليق مع الريح
*
من ( مذكرة الجزيرة السوداء 1964 )
*
ترجمة : عبده حـــقي
عماد تريسي
11-05-2014, 01:49 PM
ضحكتك
اِحْرِمِينِـي الْخُبْـزَ إِنْ شِئْـتِ
اِحْرِمِينِـي الْهَـوَاء،
لَكِـنْ لاَ تَحْرِمِينِـي ضِحْكَتَـك.
لاَ تَحْرِمِينِـي الْـوَرْد،
السَّهْــمَ الــذِي يُشَطِّـرُ،
الْمَـاءَ الــذِي تَدَفَّـقَ فَجْـأَة
فِــي فَرَحِـك،
الْمَوْجَـةَ الْمُبَاغِتَـة
لِنَبْتَــةٍ تُولَـدُ فِيـك.
صَلْـبٌ كِفَاحِـي
فَعُـدْتٌ بِعَيْنَيْـنِ مُتْعَبَتَيْـن
أَحْيَانــاً
مِـنْ رُؤْيَــةِ أَرْضٍ لاَ تَتَغَيَّــر،
لَكِـنْ حِيـنَ تَهِـلُّ ضَحْكَتُـك
تَصْعَـدُ إِلَـى السَّمَـاءِ بَاحِثَـةً عَنِّـي
وَتَفْتَـحُ لِـي
جَمِيـعُ أَبْـوَابِ الْحَيَـاة.
حَبِيبَتِــي،
فِـي أَكْثَـرِ السَّاعَـاتِ ظُلْمَـة
تُنْثَــرُ ضَحْكَتُــك،
وَإِذَا فَجْــأَة
تَرَيْـنَ دَمِــي
يُلَطِّـخُ أَحْجَـارَ الشَّـارِع،
اِضْحَكِـي، لأَِنَّ ضَحْكَتَـكِ
سَتَكُـونُ لِيَـدَيَّ
مِثْـلَ سَيْــفٍ بَــارِد
قُــرْبَ الْبَحْـرِ فِـي الْخَرِيـف،
يَجِـبُ أَنْ تُوقِـفَ ضَحْكَتُـكِ
شَلاَّلَهَـا الزَّبَـدِيّ،
وَفِـي الرَّبِيـعِ، حَبِيبَتِـي،
أُرِيـدُ ََضَحْكَتُـكِ
مِثْـلَ الزَّهْـرَةِ التِـي كُنْـتُ أَنْتَظِــر،
الزَّهْـرَةِ الزَّرْقَـاء،
وَرْدَةِ وَطَنِـي الرَّنَّـان.
اِضْحَكِـي مِـنَ الَّليْـل،
مِـنَ النَّهَـارِ، مِـنَ الْقَمَـر،
اِضْحَكِـي
مِـنْ طُرُقَـاتِ الْجَزِيـرَةِ الْمُلْتَوِيَّـة،
اِضْحَكِـي مِـنْ هَـذَا الأَبْلَـه
الْفَتَـى الـذِي يُحِبُّـك،
لَكِــنْ
حِيـنَ أَفْتَـحُ عَيْنَـيَّ وَأَغْلِقُهُمَـا،
حِيـنَ تَمْضِـي خُطُوَاتِـي
وَحِيـنَ تَعُــود،
اِحْرِمِينِـي الْخُبْـزَ وَالْهَـوَاء،
النُّـورَ وَالرَّبِيـع،
لَكِــنْ
لاَ تَحْرِمِينِـي أَبَـداً ضَحْكَتَـك
لأَِنِّـي سَأَمُـوت.
*
ترجمها عن الإسبانية: عبد السلام مصباح
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025,