المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الخلاصَ من المذمومْ


فاطمة الزهراني
12-02-2015, 09:45 AM
الخلاصَ من المذمومْ

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-03cc8992c6.jpg


يخنُقها الإحساس الدائم بالخجل ،، تمكّن منها حتى أفقدها مُتعة الحياة والتعايش مع أقْرانها ،، قد ضيّق الخناقَ عليها

تسمعُ دائماً عن الخجل المذموم ،، الذي يُسبّب القلق ويمنعُ صاحبه من مُمارسة حياته الطبيعية

لكنها تعجز عن تخطي ذلك المذموم

وقفت بتردد أمام الباب ،، قد كُتب على لوحته "د/ أحمد ياسر طبيب نفسي" ،، شعرت بقشعريره تسري في جسدها ،، لا تُحب ذلك المُسمّى يثير البرودة في أطرافها ،، لكنّها لم تأتي الا وقد باءت كافّة محاولاتها بالفشل فرِغت من إيجاد مخرجٍ لها وقد يكون مخرجها الوحيد يكمُن خلف ذلك الباب،

طرقت الباب بهدوء ،، أتاها صوت يأذن لها بالدخول دلفت الى داخل الغرفة ،، استقرّت على أول مقعدٍ صادفها ،، تأمّلت الغُرفه مُتجنّبة النظر الي من يرتدي المعطف الابيض ،،

غرفه متوسطة الحجم تحوي القليل من الأثاث بألوان زاهيه ،، شبّكت يديها بتوتّر ،، أتاها صوتُ الطبيب مُرحِّباً يسألها عن أخبارها وأحوالها ،، ماذا سَيعنيه أن يعرف عن أحوالها شيئ ،، هل سيتذكر جميع أحوال مرضاه !! ،، اليسوا سوا أعدادٍ وأرقام يُحصيهم يأخذ بقدرهم مالاً !! ،،

لا تُؤمن بإنسانية يقفُ خلفها عائدٌ مادّي ،، تكره الأطباء النفسيين فلا يُجيدون غير تصنُّع إبتسامةٍ بلهاء يلصقونها على شفاههم مع إهتمامِ زائف ،، يعتقدون أن باستطاعتهم إستغفال مرضاهم

هي لم تأتي لتسرد له أخبارها ،، فلا شأن له بها ،، هي تريد الخلاص ،، الخلاص من المذموم ،،

" أنا بخير" أجابته بالرد الرتيب المتداول بين سائر البشر دون أن يملكون من فحواه شيئ

"كيف لي أن أساعدك"

" أشعر بالخجل وأريد الخلاص منه"

"الخجل من الناس؟؟"

"لا ،، بل الخجل من نفسي "

صمت ليفسح لها المجال للحديث ،،

"أخجلُ لأن لديّ وظيفة براتب مُجزي ،، أخجلُ لإنّي أعيشُ بأمان ، أخجلُ لاني أتمتّع بالرفاهية ،، أخجلُ من عيشي بين أهلي ومن أُحبّْ" ..

تعجّب من حديثها !!،، "وهل هذا يدعوا إلى الخجل؟؟ ،، أليس ما تتمتعين به هي نِعَمْ يَبحثُ عنْها سائرُ البشر" ؟؟!!

"نعم ،، لكنّي اعتدتها حتى مللتُها ،، أشعر بالخجل من تملُّلي ذاك ،، أشعر بالخجل كلّما رأيت طفلاً يبكي جوعاً وأنا أتنقل بين العديد من المطاعم أتذمّر وفرتها وتشابه أطعمتها ،، أشعر بالخجل كلّما رأيت أطفالًا شرّدتهم الحروب ،، أشعر بالخجل من أطفال يموتون برداّ ،، أشعر بالخجل من أطفالٍ قاسوا مرارة الجوع والخوف أطفال عانوا الفقدان والألم ،،

أشعر بالخجلْ عندما أرى أُمّاً تغضب دنوّ درجات طفلها المدرسية وأختها تبكي أشلاء إبنها

أشعر بالخجلْ من أطعِمه طفحت منها صناديق القمامه وأخرى تأنُّ تَدافُع الجياع عليها

أشعر بالخجل من تملُّل روتينٍ باهت يذهب يوم ليأتي غيرُه ،، ومن بجواري أمسُه لا يُشبه يومه في شيئ ،، ففي كل يوم خبرٌ جديد ما بين قتيلٍ وشريدْ

أشعرُ بالخجلْ ولا أعرف كيف الخلاص" ؟؟..

صمَتْ ،، طالَ صمتُه،، رفَعتْ رأسها تنظر اليه لاول مره منذ أن أتت ، نحيل الجسد شيئ ٌمن الشيب بدء يأخذ مكانه باستحياء يستقر بين شعره الاسود ، تستقرّ على أنفه نظّارة طبية ، لا يظهر من قسمات وجهه شيئ من "الاستغلال" أو "الاستغفال"


بعد أن لم تجد إجابه ،، سألته ،، "هل يوجد علاجٌ لحالتي هل لي بخلاصٍ من ذلك المذموم" ؟؟


أطرق رأسه خجَلاّ ،، أجابها بعد صمتٍ طويل ،، "مابك ليس المذموم بل الإنسانية التي ماتت في قلوب آلاف البشر فلم يعودوا يحملون شيئاً منه ،، من ذلك الخجل ....

مات بهم فحملوا العارَ زهواً

رشا عرابي
12-02-2015, 10:31 AM
سُموٌّ حدّ مصافحة الغَمام ما بِها
لا يَحتاج استِطباباً بِ ـ قدر ما يُحتاجُ منه مَصلاً

فاطمة الحبيبة
تجيدين سَكبَ الفِكرة في قالِب سَردٍ أنيق
وفي النّهايات العِبَر

ما أجملك
وُدّي العميق
وتحايا عِطرُها ياسميني أنيق

عبدالإله المالك
12-04-2015, 09:16 PM
يا فاطمة
سرد مشوق وممتع
ولم تأتِ إلا بالتشويق

تحياتي لك

حسام الدين ريشو
12-07-2015, 03:16 PM
الله
يا أستاذة / فاطمة
نص يترك سؤالا
لماذا تبلدت مشاعرنا
وصرنا كأوراق خريف
وذابلة
على الشجر

تحياتي
أيتها الرائعة
وكوني بألف خير

نادرة عبدالحي
12-13-2015, 01:21 AM
أمام ويلات الفقر والحرب وتطور التكنلوجيا
نحتاج وبشدة لمحاسبة أنفسنا مثلما فعلت الخجلة من نفسها .
قبل فوات الاوان .
أسلوب في السرد شيق يدخل في مكنونات النفس الإنسانية
التي نراها بوضوح تام هنا .