المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرجل المنتصر


سامي الشريم
04-14-2016, 02:33 PM
صبغ شعر رأسه وذقنه وشاربه بالأسود .. استلقى على الأريكة مصوبًا نظره نحو السقف .. فكر في ردة فعلها عندما تعلم أنه ينوي الارتباط من آخرى .. فكر أيضًا بالسبب الذي دفعه للزواج ، لقد سئم من مرضها الذي امتدد لخمس سنوات ، وذهابها المتكرر إلى مشفى بعيد عن مدينتهم بحوالي 200 كيلو وعودتها في نفس اليوم .
قُطع حبل أفكاره أثناء ولوج زوجته وابنه الكبير إلى المنزل . نهض الزوج من مكانه و وقف منتصباً كالجندي وراح يمشي مسرعًا إلى الغرفة . استغربت زوجته من تصرفه فلحقت به واقفلت باب الغرفة . في عينيها أسئلة كثيرة وفي قلبها وجل . قالت له : سحنتك متغيرة وتصرفك غير مفهوم ، قل لي بربك ما الذي أصابك ؟
لم ينبس ببنت شفة وكأن الكلمات التي أراد أن يقولها تعلقت في حنجرته ، لقد اكتفى بالتحديق في خزانة الملابس . تطرق الشك إلى قلبها في صمت زوجها . هي تعلم منذ سنين أن زوجها البالغ من العمر ثلاثة وخمسون لا يحفل بشكله ولا بلون شعره ، ما الذي طرأ عليه فجأة فجعله يهتم بمظهره ؟ خيم الصمت في الغرفة لبضع دقائق ، نطق الزوج أخيراً كلمة واحدة بصوت مرتبك ، سأتزوج .
لم تطق سماع الكلمة وشعرت بغصة في قلبها . فتحت الباب وخرجت مسرعة إلى المطبخ ، لا تدري لماذا اختارت المطبخ بالتحديد ؟
بعد نصف ساعة جاء ابنه الكبير إلى الغرفة وسأله عن سبب بكاء أمه ؟ رد عليه بصوت رجولي منتصر ، لا تتدخل فيما لا يعنيك ، هل تسمع الكلام أم كنت أتكلم مع الحائط ؟
أسمع الكلام ولكن الأمر يعنيني ، هي أمي وبكائها يضايقني كثيراً ، قال الابن هذه الكلمات بصوت حزين وخرج . الأب نهض من مضجعه ، وراح مسرعًا إلى المطبخ . وجدها جالسة على الكرسي تقطع البصل ، ودموعها تنهمر. لم تنظر إليه ، قالت بصوت متقطع وحزين : أعلم أن أصابك السأم والضجر من جلوسك بمفردك أغلب الأوقات ، أعلم أنك كنت صبورًا معي لسنوات بسبب ذهابي لغسيل الكلى ، لكنه ليس مبررًا كافيًا لتتزوج !
نظر إليها بغضب ، وأردفت قائلة : لا زلت أطبخ وأغسل الأطباق والملابس وأنظف المنزل كل يوم ، لم أقصر معك بشيء رغم مرضي وتعبي .
أتذكر عندما كنت شابًا تعمل في السلك العسكري قبل أن تتقاعد ، كم جلست من الليالي وحيدة وأنت كنت تخرج باستمرار مع أصحابك ؟
أتذكر يوم مقدم ابننا البكر، أين كنت حينها ؟ لم تكن بجانبي ، لقد كنت مسافرًا مع رفاقك ولولا وقوف أمي وأخي معي في تلك الأيام العصيبة لمت اختناقًا بسبب تصرفاتك الطائشة ، وفوق كل ذلك تحملت وصبرت . أتذكر عندما أصابك مرض السكر ، ماذا كنت أفعل ؟ لم أستطع النوم من دون أن أترك صحن تمر بجانبك ، من دون أن أضع في الثلاجة جميع العصائر لأجلك ، من دون أن أتأكد من تحليل نسبة السكر في دمك . كل هذا لم يخطر ببالك عندما قررت الزواج . أنت كالتمساح الذي يأكل العصفور بعد أن ينتهي من تنظيف أسنانه . ختمت كلماتها بتنهيدة حزينة .
ما برح الزوج متسمرًا في مكانه ، استمع لكل كلمة انبجست من قلبها ، ولكنه سرعان ما رد عليها ببضع كلمات مقتضبة : " نعم أتذكر ، ولكننا نحن الرجال نحب أن ننسى ما مضى إذا قررنا فعل شيئًا ما " ، ثم قفل راجعًا إلى غرفته وأغلق الباب .

رشا عرابي
04-14-2016, 03:12 PM
لعلَّ بعض الحقائِق لا بدّ من تجرّعها بِـ نكهَتِها وإن غَلَبها المرار

سامي الشريم
تُحيك الحكاية بِـ بُردةِ سردٍ عفوية ومائزة
نقرأُ الفواصل وكأنّنا نراها بِـ أُطُر المشاهد

لك التّحايا من وريد العِطر جوري
http://www.7c7.com/vb/images/smilies/h27.gif

سيرين
04-14-2016, 05:01 PM
رسالة نكران مسجاة من فطرة دواخلنا بتفاصيلها الأليمة
النــــور " سامي الشريم "
سرد قصصي معراجه سلاسة العذوبة المكلل بعمق الفكرة
فكان غدق استنبت سحر البيان الأوفى
ود وامتنان

http://www.msa12.com/vb/images/smilies/wrd.gif

سامي الشريم
04-15-2016, 07:38 AM
لعلَّ بعض الحقائِق لا بدّ من تجرّعها بِـ نكهَتِها وإن غَلَبها المرار

سامي الشريم
تُحيك الحكاية بِـ بُردةِ سردٍ عفوية ومائزة
نقرأُ الفواصل وكأنّنا نراها بِـ أُطُر المشاهد

لك التّحايا من وريد العِطر جوري
http://www.7c7.com/vb/images/smilies/h27.gif

الرشا
زادني شرفًا حضورك ومشاركتك
دمتِ بسعادة لا تبور

سامي الشريم
04-15-2016, 07:45 AM
رسالة نكران مسجاة من فطرة دواخلنا بتفاصيلها الأليمة
النــــور " سامي الشريم "
سرد قصصي معراجه سلاسة العذوبة المكلل بعمق الفكرة
فكان غدق استنبت سحر البيان الأوفى
ود وامتنان

http://www.msa12.com/vb/images/smilies/wrd.gif

سيرين
تعجز كلماتي عن شكرك
دمتِ بود وأمان

نازك
04-15-2016, 08:24 AM
كما قالت الرشا ... نقرأُ الفواصل وكأنّنا نراها بِـ أُطُر المشاهد
تمتلِكُ لغةً رصينة تسكُبُ المشاهِد تباعاً ودونما انقطاع أنفاس الصورة ،
فيتحقق لدى المُتلقِّي عُنصر التشويق للمزيد وحتى بلوغ نقطة النهاية !


تقديري لهذا الحرف السامق

سامي الشريم
04-15-2016, 02:26 PM
كما قالت الرشا ... نقرأُ الفواصل وكأنّنا نراها بِـ أُطُر المشاهد
تمتلِكُ لغةً رصينة تسكُبُ المشاهِد تباعاً ودونما انقطاع أنفاس الصورة ،
فيتحقق لدى المُتلقِّي عُنصر التشويق للمزيد وحتى بلوغ نقطة النهاية !


تقديري لهذا الحرف السامق

نازك
كالعادة حضورك مُشرق وجميل
دمتِ بود وسلام

نادرة عبدالحي
04-15-2016, 07:37 PM
قصة انسانية إجتماعية تبرز الظلم الواقع على فرد هام في المجتمع الاوهي المرأة المضحية التي تعيش وضعا إجتماعيا سحيق
التي وجدت طعنا لأنوثتها ووجودها مُقابل تضحيتها ولم تجد المُساندةِ لم تجد الرجلالقنوع بما اصابها ليكمل معها الحياة
الكاتب يفكر في الإصلاح الإجتماعي ويدعو إلى تلافي الخطأ في الوقتالمناسب وإصلاحه ..
الكاتب سامي الشريم أهلا بكَ وبفكركَ النير ..سلم يراعكَ وأدامكَ الله

سامي الشريم
04-16-2016, 09:10 AM
قصة انسانية إجتماعية تبرز الظلم الواقع على فرد هام في المجتمع الاوهي المرأة المضحية التي تعيش وضعا إجتماعيا سحيق
التي وجدت طعنا لأنوثتها ووجودها مُقابل تضحيتها ولم تجد المُساندةِ لم تجد الرجلالقنوع بما اصابها ليكمل معها الحياة
الكاتب يفكر في الإصلاح الإجتماعي ويدعو إلى تلافي الخطأ في الوقتالمناسب وإصلاحه ..
الكاتب سامي الشريم أهلا بكَ وبفكركَ النير ..سلم يراعكَ وأدامكَ الله

دائمًا نجد المرأة مضطهدة ومحرومة في المجتمعات المحافظة ( محافظة تقليدية ).
شكرًا نادرة على حضورك ومشاركتك
دمتِ بخير