همسات دمشقية

[أحمد العربي]

مترع بالحزن بحرك
وغصة عمياء ..لا تدرك انك القاتل والمقتول فينا
مترع بالحزن ماؤك
وسواد ليلك لا ينقضي في وهج انتظار
يا لك من ظامىء
تشبه عرجونا قديما تاه عن الطريق
ربما يذكرك زيتون حقلك
وربما لا
لا تنكمش في زوايا حزنك المقهور فيك
ولا تشتم الاشجار
حتى ان رويت قصيدها بدماك

[أحمد العربي]

أينا القاتل او المقتول
حكايانا عجاف مثل صمت ..كم يطول؟
أشجار توت وشرانق بلا حرير
كغجرية تنكث غزلها
كلما انتثرت مثل جباه اللوز في حر وقرّ
الماء لا يذيب الملح في تموز
والملح بنكهة الكي على جراحات القلوب
كم يعفرنا وجه التراب
ونحن بضع وجوه بلا ملامح
أشلاء أشياء على قارعة اللظى
ضيَّعَنا الطريق

[أحمد العربي]

أبحث عن الرمل
في مستنقع ليل
تأخذني الفكرة حيث تراتيل همس
وأنت طاعنة في البعيد
ليت الذكريات تقضم ظلها
فننتمي للشمس
ليت المطر يتصعد كالبريق
نحن ما زلنا ننزف حتى الغرق
وأتون الرمل ما زال يبكينا أو يزيد

[أحمد العربي]

احرقت سلمى لباب القصيد
اعترى صوتها صدأ الرمل
سلمى مما تخافين
اذا اجهش الفجر بالنداء
هل يستفز روحك نبض الصنوبر
أم رائحة الزيزفون
قولي للشمس انك لن تهدأي
عند سقوط نثار شعاع
سلمى ...الفجر قادم
وانت ترمقين بوصلة العيد

[أحمد العربي]

الف عام وانت تسترقين القصيد
الف عام وانت تبحرين كالصمت خلف الصمت
مثل مطر الصباح تأتين
مثل لهفة صيف
كمهاجر عاد الى وطن بعد الاف من اغتراب الروح
تسجدين على عصير القصب
ترممين ما ذهب من الروح وما يأتي
كل قصيدة وانت بخير
كما رحل صباح
مثل عزف ناي
او مثلي
كقلب شريد

[أحمد العربي]

وان بقينا على شفا الهوى
تضمنا عطور دراق وغيم
على سفح حلم
تتهجد كل انهار اشتياق
ليرحل الماء عبر ثقوب النهر
ويترجم الضباب آخر سيمفونية
لترانيم اشجار كانت هنا
حيث الظل يشهق كل العبق

[أحمد العربي]

نحن الراحلون في عمق الرحيل
في عمق ذاتنا المر ..يكلمنا الرحيل
نراقب ظلنا في دومة الاشياء
والظل ارتقاب دموع شمس في حزن صيف يرتحل
لاشيء الانا في عمق البنفسج اذا لاح الافول
الموج لا ينسى
والموت لا ينسى
اوراقنا تساقط من غيظ الخريف

[أحمد العربي]

ذات وجه مفعم بالحلكة
نوارس تصارع رذاذ البحر
خيوط الفجر لا تنفك عن سواد ليل
الزيزفون فقد صبر الرحيق
وسفوح الماء ترتعش بردا
ذات فضاء
تنكرك الانا
يوشحك الغيم سترة رمادية
يرفض المطر الهطول
يبيع السنديان روحه في سوق نخاسة عربي

[أحمد العربي]

ماذا يرويك
أهو عبث لانتظار متراكم خلف الوهاد
قصيدة جميلة تتأرجح تحت الظلال
زيزفوهة انت
من عمق آهاتي
ينتظر الماء إذ يضحك بين السهوب الممتدة
على شاطىء قلبي..والسماء

[أحمد العربي]

وجع أنت كما السحاب المرتمي على خاصرة الطود الأشم
وجع تسافر كالحكايات الممضة
عرفته حين زرعته من ألف عام تذكارا على طريقهم التتار
وأنت توجعني كظلي كما انطفاء الوقت
الذات تركل ذاتها
علّها ذات أفق تضمدني الرمال الباكيات على وجع العروبة
يصيح الفارس المشتاق للكرسي
ها أنذا العربي الشهم
الخيل والليل ...لكنها البيداء لم تعرف مشتاقا كظلي
الرمل خاف من وقيعة أخرى
يسير حافيا كالرمل ذاته في مستنقع لليتم
تضيع خطواته كالبحر على جسد العراة
وأنا أردد ذاتك المهزومة في كل واد

[أحمد العربي]

مرت سني العجف وما انقضت
جراح تترى ..والشوارع من دماء
قناديل الحزن مدلاة على جيد وطن..كالقلائد
حتى ثقوب الماء فاغرة افواهها للسماء
تبحث عن قضمة من بلادة ..بلاهة بطعم العروبة الفجة
كل عيد وامتنا بين ايتام وثكالى
كل عيد والبلاهة العربية تمثال على دمنا

[أحمد العربي]

ألتحف الفراغ
وانت صمت مطبق يراودني كل أنين
يا لهف روحي والاماني المغبرة
الريح تعوي
ونحن في قهر ..في صمت مقيم
يذهب العيد مرارا
ومر الحلق مستدام ...مستديم

[أحمد العربي]

رأيتك إذ رأتيني عند محمل الاشياء
الاكواز يسقطها الصنوبر
انا على جفن الماء
أعدد آهتي الخرساء
لم تكتمين السر؟
ونحن على بعد شفق
تلونه السماوات ازدرادا
مثل كل نسمة أيتمها صراخ الفجر

[أحمد العربي]

انت وانا حديث روح
يخضبنا تيه الورد بتحنان
وصورة
نقف على حافة الموج
والرمل
تقتادنا الغيمات ..واكواز الصنوبر
عل الموج يكبر فينا
فنصرخ ..أه يا بشر
أه يا امطار السحر
تتوافد اسراب البنفسج باسمة
ومرآة قلبك كزهرة تتفتح فيها الصور

[أحمد العربي]

لا شيء الا الفجيعة والوجع
أسراب حزن تترى في فضاءات المدن
وقوافل الشهداء
ليس الا الدم وقد يبست شقائق النعمان
كل يوم يشهق الزيتون خوفا
اذ تساقط الاف القذائف بين جفنيه وعيني
ليس الا الماء يخجل من تساقطه
كي نستمر ظمأى في مناوئة الخطوب

[أحمد العربي]

وتحملني بعيدا
ظلا فوق ظل
يزدريني ظلك الممحي
ولا أحد
يفسر لي ارتطام الحقيقة بالسراب
لا أحد يفسر لي كيف الوطن
بين ترهات وأمنيات
مثل ثلج
بعد رحيل الصقيع
كيف الوطن ...ذاب

[أحمد العربي]

قمر عليك
وقمر متهدج على المنفى
الريح تحصد ما تبقى
والسنابل ترقص موتها الاخر
بالله لم أتيت مضرجا بدمي
وبالاشواق وبعض من رحيق

[أحمد العربي]

ها أنت توقظين الحلم ..
بعد غياب
تقضّين مضاجع الذكرى
تبتل وجعا عناقيد العنب
تنتفض أعواد الدالية
لكن البرد يفرش عباءته
ما زال الموات سيد الحقول
وما زال الماء يكتظ غضبا
لكن كاظم غيظه ذاك الغيم المتأرجح على حبل الغسيل
أنت كنت هناك على بعد صورة من الوجع
ترتقين ما تبقى من خارطة العمر
وتغزلين بين اصابعك قصيدة جديدة
وحيدة انت في عالمي المنفي خارج إطار اللوحة
وخارج أتون الزمن