المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ورشة أبو عبــــدو !!


عيد الحواشيش
06-11-2006, 04:50 PM
"
"



أبو عبدو رغم الظروف القهريةِ التي يعيشها ابو عبود إلا أنه دائماً يغني // ولا ضير عليه !!
رجل طروب يحب الغناء وبالذات الست والسبع أحياناً

ــــــــ



هذا المساء وفي إحدى ( الورش ) التي تهتم بإصلاح السيارات , وقل أن أُدخل سيارتي والتي عوَّدتني!! هذا الوقت بالذات الدخول إلى هذا المكان وكأنَّها ألفت هذه الحفرةَ وتلك الزيوت وذلك الرجل الذي يسمَّى
( ابو عبدو )
رجل في الأربعينات من عمره مبتسمٌ دائماً كلما أنظر إليه أجد في نظرته عجرفة السنين وظلم الوقت إلا أنه يبقى مبتسماً ( عجرفة ) لست أدري من أين أتيت بهذه الكلمه .. لا يهم
المهم عندما توقفت أمام ( الورشة ) كان ابوعبدوا يلوح بيده الكريمة ويقول أهلا ( شو جابك// إجتها حالات مزيونه) كان يضحك وبصوتٍ مسموع وأنا كعادتي عندما استمع إلى ضحكته هذه اهزُّ رأسي بحركاتٍ يفهمها هو فيصيح ( لصبيُّه ) الذي يهبُّ مسرعاً بكأسٍ من الشاي المخدَّر والكرسي أمام تلك الطاولةِ العجيبةِ الملامح
..
..
على طا ولةِ ( ابوعبدو ) نقشت عباراتٌ عجيبة جداً كان ذلك الرجل يقولُ أنَّه من أصلٍ أرمني , وأنا مصدِّقٌ لما يقول لأن فيه لسانه لكنةٌ أعرفها عن هذه الجماعة لهم طريقةٌ عجيبةٌ في نطق الحروف العربية تدعوك إلى أن تتقبلها منهم أكثر من غيرهم .

من خلال تلك الطاولة أحس أنا أن( أبو عبدو ) رجل يمر بقصَّةِ حبٍ رهيبة// وأحياناً أجد في بعض كتاباته أو عفواً نقوشه على الطاولةِ حروفا لا أفهم منها إلا كلمة الله كان يتعمَّد كتابتها بالعربيةِ فأعلمُ أنَّ هذا دعاءً أما لمن ولماذا فلا أعلم ؟ ولم أستفسر منه يوماً ما .. فقط كنت أقرأ وإن علَّقت كان ذلك بنظرةٍ إليه وابتسامةٍ ساخرةٍ يعرفُ هو مغزاها!!

كان أبوعبدو مكباً على سيارةٍ يعمل فيها كانت السيارةُ شديدة ( الغليان ) يبدو أن قائدها أتى بها من مكان بعيد لقد بدأ أبو عبدو كعادته يكيل الشتائم واللعنات كان صوتي واضحاً عندما قلتُ له
يا رجل( أزعجتنا ) , التفت إلي وبنظرةٍ تحمل غمرة وقحةً ثم عاد إلى عمله مرةً أخرى .
طاولةُ أبو عبدو مرةً أخرى ( زمان لئيم , كل ما فيه جحيم , حتى الحريم .....) وأخرى بجوار هذه العبارة
( اضحك تضحك لك الدنيا ) وأخرى ( رضا الناس غايةٌ لا تدرك ) وعبارةٌ لعبت بها أعقاب السجائر إلا أنَّها بدت مفهومة الملامح ( ربَّك ما يطق بعصا , وألله عا الظالم .. هذا الكفيل ملــ...) كانت طاولةُ أبو عبدو مليئةً بالحكم كما يقول عندما تجرأت ذات مرَّةٍ على غير عادتي وسألته؟ ما العبارات الموجودةُ هنا ؟! التي ربما كان يمليها على بعض صبيانه العرب حتى يكتبوها// لأنه أبله في العربيه ( أتمنى أن لا يعرفه أحد فيخبره عني )

فجأةً أبو عبدو ويصرخ بتوجع وينفضُ يده في الهواء .. التفت إليه وبدون أن أسأله علمت أن ( القزوز ) وفي رواية (الشكمان ) قد أحرق يده ضحكت بصوتٍ ملئ بالشماتةِ قلتُ له تستأهل ( الله ما يطق بعصا ) قال لي : ( إخرس ولاك والله مايصلح سيارتك أنا ) خرست لأن حاجتي عندهــ..

نظر أبو عبدو إلى السيارة المنكوبةِ مرَّةً أخرى وبنظرةٍ كريهةٍ منه كان يقول:
( نارك ولا جنةْ هلي ) كانت تلك العبارة تتمايل بين عينيه وكأنه يريد أن يطفئ حرارةَ الألم !!

حينها أقسمت بربي // أن الفقر كافرٌ لا يعرف الرحمة // إذ كيف بهذا المتغرِّب عن دياره والذي أحرقت آباؤه وأجداده لعنة قنابل الحرب العالميَّةِ الثانيةِ والذي لبس الغربةَ منذ كان صغيراً يقول عن أهله ووالديه وأرضُ آبائه وأجداده هذه الألفاظ , إنه يعلم علم اليقين أن الجنة في أحضان بلاده ليست أرحم من هذا الجحيم الذي يعيشه هنا لذلك فضل هذه النار على جنة أهله

هي تلك ورشةُ ( أبو عبدو) منها ومن بعض مارأيته فيها // ذلك المساء !!
وكل الذين يعملون في معيَّته ... أطرقتُ رأسي كيف بنا لو وصلت بنا الحال بعد أن يُقْضَى على آخر قطرةِ نفطٍ نعيش على حسابها في هذه البلاد !!
هل ستؤلُ بنا الحال إلى حالِ (ابو عبدو ) هذا الأرميني المغترب ..

أنهى أبو عبدو عمله : والتفت إلي قائلاً:
( شو عرفك أنتا بهيكات عمل أنت بس معلوم يشرب شايات مخدَّر ويلعب بلوتات ) تبسمتُ وأنا لا زلت أعيش مخيلةَ الفقر!!

أعطى القطعةَ التي بيده للصبي وجاء يحمل معه أكوماً كبيرةً, من الزيت ليسلم بلسانه فقط قال ( اش مشكلة ) أخبرته المشكلةَ
وأخذت( تكسي ) متوجهاً إلى البيت .. ونسيــت أبو عبدو !!
وما حدث في ورشةِ ( أبو عبدو )
هكذا حياتنا // ندرك العِبرةَ من المواقف في لحظتها فقط
ليغفر الله لك يا أبو عبدو .

ويغفر لأمك !! لو لم تلدك لكان أرحم لك أليس كذلك !!

قايـد الحربي
06-11-2006, 05:42 PM
عيد الحواشيش
ــــــــــــــــ

-الإنسان بطبيعتة التكيّف مع ظروفه وبها -
- هل تعتقد بأنّ " أبو عبدو " هذا لو ملك من البترول ما يُغنيه
عن إصلاح سيارتك سيفعل ؟!

لن أُجبرَ على الفقر وأنا أعيش نقيضه هذه الحقيقة ولكنّ عكسها المُطلق
سمعتُ عنه ثم رأيتُه في أحد مناطق نجد رجلٌ يحمل الدكتوراه بالفيزياء
من جامعةٍ أمريكية أدّى فيها دروساً تفوق العشرة أعوام ليعود الآن
بحالةٍ من الزُهد - كما يعتقد - ألغى معها الكهرباء من بيته ومسجده
و استعاض عن السيارة بالجمل وعن الحذاء بجلده وعن كل شيء بنقيضه
فعندما تراه تعود إلى بدائيةٍ تجاوزناها ولم تعد دليلاً على العبادة .

عزيزي عيد
" كل امرءٍ مُهيّأ لما خُلِقَ له "
فهذا الأرميني قَدَره ماكان متقناً له ولن يعيبه ذلك فربما كان دخله
اليوميّ يفوق دخل مواطن ٍ بتروليّ :)

شكراً لك يا عيد

سطام الصعب
06-11-2006, 06:30 PM
عيد

"
"
"
"
"

سلّم لي على روحك الطيبه

صالح العرجان
06-15-2006, 10:08 AM
ابو عبدو ,, ابو عبدو ,, ابو عبدو



كم ابو عبدو في هذا الزمان



قبله على جبينك الطاهر استاذي عيد الحواشيش

خالد صالح الحربي
06-15-2006, 06:34 PM
.
.

أسلوبك..جميل.. ودقيق.. ياعيد..
لدرجة.. أنّي.. سمعت.. شتائم.. أبو.. عبدو..!
وعرفت.. تفاصيل.. ورشته.. وخارطة.. عقله..
بل.. ومسحت.. عرق.. جبينه..
لقمة.. العيش.. مرّة.. ياعيد..
فقط.. ليتنا..نعتبر.. لنشكر.. الله.. كما.. يجب..

.
.

الكأس المقدسه
06-16-2006, 05:21 PM
أبوعبدو ...أبوعبدو ...وينظل ينجو .......في هذه الدنيا التي لا تعفو
سلمت يداك عيـــــــــد

شوق
07-07-2006, 11:20 PM
طرح موفق

وقصة أبو عبدو

من القصص الرئعة

كن بود

أختكـ/شووق