المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : انكسار وثورة


عبدالرحيم فرغلي
06-14-2019, 11:39 AM
سلامتك يا ربة العمر .. سلامة الصبح الذي تفتحت له زهور الأرض .. سلامة العينان المثقلتان بدرر الجمال . أجهدتك الحُمى .. تلتصق بك كملابس باردة .. تسكنك كشمس صغيرة تبحث عن حنان .. كقارورة صيف تنضح وجهك بلؤلؤ العرق .. تشعرين بجسدك طافياً وعظامك مثقّلة إلى الفراش . تعجنين الليل بالنهار ليولد زمناً مسخاً مبتور الشمس والقمر . الحمى رفيق يدّعي محبتنا ويتركنا بنصف وعي ونصف ذاكرة .

بالأمس وأنا مُلقى في غرفتي المزدحمة بكِ .. وطاولة تنتصب هناك كحيوان رابض من قرون تحكي لي عن لقاءاتنا القليلة .. عن كلماتك التي تتثنى وتتدلل حتى لتكاد تقول ( قبِّلني ) . عن يميني كوب شاي أتخيله مصنوع بيدك .. له رائحة زهرة ترتشف حبات المطر .. ومذاق رواية تتوالى أحداثها كنسيم خجول ، كتاب بجانبي يناديني .. لكنّ سطورك بداخلي تكفيني ، كان الوقت معطراً بك .. حتى اتصل من يخبرني بمرضك .

تبدلت غرفتي .. هي تتراشق سهام القلق .. دمائي لا تمنحني حياة بل تيه وضياع .. الجدار ينهار لتنبت الوساوس .. المصباح يرسل شعاعاً مُظلم .. النافذة كلبة تعوي . أنقر على الطاولة بأصابعي كأنما أوقظها .. أحدق في سجادة حمقاء تضحك عليّ ألوانها .. الهواء يهش الوقت من فوقي . وأتأفف من الشاي الذي برد .. والباب المفتوح .. وأقلب كفيّ .. ( كيف لي أن أطمئن عليكِ ) .

لم أخبرك بحبي .. أحسبني لستُ لائقاً بكِ .. فأنت مسكونة بالربيع .. عندك يأتي المطر . أنت ابنة الزمان المدللة .. شعرك ليل لطيف وإهابك صبح يضحك .. وعتابك يشبه لطافة الغروب فيه قسوة النهار ووداعة المساء ، أنت تسكنك روح سائحة مجنونة تخاف أن تنقضي أيام سفرها .. تريد أن ترى الأماكن جملة واحدة وأن تجري في الغابات كهاربة وأن تُودع البحر أسرارها وتخاف أن يذيعها مع أمواجه ، بداخلك يا سلمى عشرين طفلة كلما أمسكتُ بواحدة تماهت وأنبتت لي أخرى .

أدمنتُ الرحيل .. أجتنب أماكن قد تكونين فيها .. حفلات قد تجمعني بك ، أخاف أن أتعلق بك أكثر .. أن يسرقني شهي الحديث وظرافة المجلس والعينان التي تثرثران بما أعرف وما لا أعرف ، أن أرتمي كجذع شجرة يابس من وخز الأشواق وجناية الحنين ، اعتدتُ اهانة المساء لأني أضعت لقاءك في النهار .. وصراخ النجوم في وجهي لأني خبأت حبي .. لعنة الكراسي المترقبة . كنتُ أخاف أن يتراكم الحديث في داخلي وأبوح بحبي .. لتقولي لي (( عفواً .. ماذا قلت ؟ ! )) .

عمرٌ مضى وأنا أتسقط أخبارك يا سلمى .. ألتقط اسمك من ألسنة معارفك ليطرب قلبي ، يوم زواجك كانت مشاعري كسوق حراج .. سعيد لفرحتك .. تعيس لفقدك .. نادم .. غاضب .. حزين .. ساخط ، وسرتُ إلى حيث خيبتي .. ألملم حبات المطر وألقيها في البحر .. أضع مراكن زهور صناعية في حديقة طبيعية .. أشتري ملابس جديدة لأسكب عليها أكواب الشاي الدافئة .. وأظل أتلمس أخبارك وأرتمي في حجرتي كشاشة تلفاز مكسورة .. لأكتب سلامتك .

ضياء شمس الأصيل
06-14-2019, 02:01 PM
...

"وسرتُ إلى حيث خيبتي .. ألملم حبات المطر وألقيها في البحر"

الجميل عبد الرحيم
عندنا مثل شعبي " لاتزيد الـماء للبحر"

إحذر قد تغرق يوما
...

تقديري

...

عبدالإله المالك
06-14-2019, 09:41 PM
سلامة الفكر والبدن والكفين واليدين

حييت يا صديقي فرغلي

سيرين
06-14-2019, 10:32 PM
ثمة رسائل تحتضر إن أودعناها سجينة الورق
طال المكوث في زاوية سلمى .. تجلدي يانفس واطلبي لها السلامة
تراتيل من الود والدعاء لكل من يُثمر في الروح حياة

\..:icon20:

ضوء خافت
06-14-2019, 11:05 PM
لقد وقعتُ في هوى سلمى - مثلكَ - و أصابني القلق !!
وصف بديع أستاذنا ... للحظة للمكان و الشعور ... لسلمى و حسنها الذي ما رآه سواك ...

نادرة عبدالحي
06-15-2019, 12:15 AM
حين أقرأ للكاتب الفرغلي أُصاب بسكون وجذب وتشدني المشاهد إلى عُمقها ،

وكدتُ أصاب بالخيبة أين سلمى ???? يُخاطب من .??? وظهرت سلمى في المقطع الأخير

إنفرجت أساريري ،هو الوفاء الذي يبحث عنه القارئ ويجده فيفرح به،

حين يعتاد القلب على نثر بذور الحب والكلمة الطيبة من حوله يزهر الكون ..... رياض لا تجف ينابيعها


فاشتعل النص أصواتا وألوانا ومشاعر وحالات وفضاأت، وجاءت الصور حية تأنسن كل شيء ويرفل فيها الشوق


للنص إيقاع حزين يتسم بصدق المشاعر وتتخلله لحظات موسيقية تكسر رتابته الصمت عبر

رياض الإنفعال والمشاعر ليصل لكل بيت ويتناول من مائدته الكثير من القراء،

أهلا بكَ كبيرة يا طيب ،

يوسف الأنصاري
06-15-2019, 12:17 AM
وفقت بدقة في اختيار العنوان ..
انكسار وثورة ..
هذا المعنى المنطقي لحب ضاع وبقي بعض منه ..
تفننت في الوصف والتشبيه ..

عبدالرحيم فرغلي
06-19-2019, 09:13 AM
الفاضلة ضياء شمس الأصيل
عندنا مثل شعبي " لاتزيد الـماء للبحر"
نعم كما قلت .. ولكن ( فضاوة ) .. وتعبير عن انزعاج النفس بعد فراقها
كلماتك تثري متصفحي .. وتجعل له بهجة وحضور
ألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
06-19-2019, 09:15 AM
الأستاذ عبدالإله المالك
هلا والله حبيبي .. والله وحشتني كلماتك وأنت
تنير متصفحي بها وبحضورك الباذخ وكرمك اللامحدود
تسلم يا رب من كل شر
ألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
06-19-2019, 09:16 AM
الفاضلة سيرين
لطالما تركت بصمتك على نصوصي ..
وجعلت لها حضور وجمال .. ليس لها
.. سوى أنك أغدقت عليها من كرمك وطيبتك
ألف تحية وتقدير

نازك
07-07-2019, 03:25 AM
مساء الفقد
كتاباتك يا أبتي تعيد دوزنت أصابعي فأخالها تنضح عنها فلول الكآبة وتتهيّأ للثرثرة !
في حين شحُبت روحي من الكتابة، فمجرد أن أضع النقطة شيءٌ ما ينهار في داخلي كونها رسائل فقد تبعثها الروح
لمن حالت بيننا وبينهم لعنةُ المسافات
وهذا النص الماثل أمامي زاد هذا الشعور في نفسي وضاعفهُ
كيف لآداةِ تنفُّسٍ أن تمتلك خاصية الحياة والموت في آنٍ ؟!
؛
؛
أعودُ ل سلمى وحكاياها الشهيّة والّلاذعة
وتعودُ بيَ الذاكرة ولسانُ حالي يردد في صمتٍ ... ( وسرتُ إلى حيثُ خيبتي ألملم حبات المطر وألقيها في البحر )
وأخيراً وليس آخراً ، شكراً لك دوماً هذه النزهة التي تمنحها لروحي لتسيح في ملكوت الكتابة من خلال نصوصك
العفوية جداً

فيصل خليل
07-07-2019, 12:59 PM
أدمنت الرحيل
بعدك لا يوجد ما يستحق البقاء

حروف شوق تعبر عن وجدان مفعم بالحب .. جمال المشاعر نراه يتجلى في روعة المعاني وعفويتها

دمت بخير وعافية

إبراهيم الجمعان
07-07-2019, 05:48 PM
*




دروس الحياة ، وألحانها .. ألوانها
حُبها وتعاستها ، وقتها ومرور عمرها
تبك بضعاً من عُمرٍ قد مضى
وكأن الحياة التي كانت تُسرد حِكايةً صاغتها الزمان
انتقلت من حاليةً سريرتها ، إلى مرارة فقدها

عبدالله مصالحة
07-07-2019, 11:09 PM
غارقٌ يا صديقي في ملحمة القلب ، يبكيك نديّ العاطفة وتسبقك ألوان الشرود ، تكتب جميع إنسيّتك في الورق ، تحرّر نفسك من كبت الأشياء الصامتة ويغريك العشق لدفن حزنك الكليم في قلب ليلى الحاضرة كبصرك والغائبة كمسافة ثكلى لاتهتدي إليك ،إنّها الحياة يا شفيف الحس تذكّرك أن الرحيل أساس الإقامة وأن نوال الغد على الأمزجة قد يخون النبض ويعتدي على السكون .

لا أحتاج للثناء على هذا الحرف المقتدر الأصيل ، فالأدب حينك متين والقلم بيدك قلم .

تقديري الجمّ .

زكيّة سلمان
08-22-2019, 02:50 PM
أوجعتني !!
ولا أدري إن كنت أستطيع العودة لأقرأ رسالة تُشبه تلك التي ترسلها إلينا السماء
على حين حجة وحاجة!!

سلام الحربي
08-24-2019, 09:01 AM
الكاتب عبدالرحيم فرغلي

ماكتبته وتكتبه ثري بوصف بالغ الدقة والجمال اتخيلك وانت تعصر الحرف ليقطر أجمل مالديه
سعدت بما قرات ودمت بكل خير

حياه
08-25-2019, 04:48 AM
..

جميل أن يأتي بها ربيع وبضع مطر
ليت يحدث ذلك كلما أرتشفنا كوب من الشاي أو قطرات حروف من قريب ..
..
جميل ما قرأت وسلامة الذكرى ..

نازك
08-29-2019, 02:17 AM
؛
؛
عندما تتوق روحي لقرآءة نصّ مُكعّب ذو زوايا وأبعاد .. أجِدُني وبلا تردد في متصفحكم
فعلاً في بعض الأحيان نكتب بداعي الفضاوة أو القضفضة على الورق
ولكن في الحقيقة نجدنا متورطورن وموغلون في متاهات الحنين الخبيء في زوايا ذاكرتنا
مهما أشحنا العقل عن الصور تبقى عدسة العين تستعيدُها في كل طَرفة !

شكراً لإثراء مُخيلتي ببديع الرسم
دام سعدُكم

عثمان الحاج
08-29-2019, 09:49 PM
صديقي عبدالرحيم فرغلي:
السانحة التي تكتب الغياب,تنكأ الجُرح
ولكنّ حرفك السلسال مدّ للفقد زهرة,وأمنية بيضاء
كقلبك الشاسع..
كن بخير..

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 06:19 AM
للفاضلة ضوء خافت
كيف يكون اسمك خافت وهذا ضوءك ينير المكان
بكلماتك .. بحضورك .. فكان لنصي رونق
.. دمت بكل الخير .. ألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 06:22 AM
هلا والله بزهرة أبعاد وفراشتها .. والدماء التي
تسري في النصوص .. فتمنحها الحياة .. وتمنحها
رونقا .. وتكسبها متعة القراءة برؤيتها وحضورها ..
ربنا يمن عليك بالصحة والسعادة .. على ما تشيعيه
في نفوس أعضاء أبعاد من الفرحة بقراءتك ووجودك ..
ألف تحية وتقدير
على فكرة .. لن تغيب سلمى وإن تتأخر حينا

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 06:24 AM
الأستاذ يوسف الأنصاري
لو لم يكن من عمل لنصي غير حضورك لكفى ..
زدت المكان بهجة وجمال .. فلك كل التحية والتقدير

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 06:35 AM
ابنتي نازك
آلمتني كلمتك ( في حين شحُبت روحي من الكتابة، فمجرد أن أضع النقطة شيءٌ ما ينهار في داخلي كونها رسائل فقد تبعثها الروح
لمن حالت بيننا وبينهم لعنةُ المسافات )
يعصينا القلم قصيرا .. تضيع الكلمات حين نريد أن نجلبها من قلبنا لنضعها على الورقة .. هذا يحدث لنا كلنا .. لكن اختيارك للألفاظ .. كقولك شحبت روحي .. ينهار .. كلمات تقع في نفسي بمعناها الكبير فتستحيل ألما في داخلي .. أبعد الله عنك الحزن والألم واستدار كل ما تلاقينه إلى سعادة وحبور .
دهشت من كلمتك .. العفوية جدا .. بعضهم لا يرى هذا .. وأحيانا يروا فيها نصوصا تستعصى على الفهم ..

وفي عودتك للنص وقولك نكتب بداعي الفضاوة .. نعم يحدث أحيانا ذلك .. ثم كما قلت
نستجلب الحنين القابع في ركن قصي من الذاكرة ..

ربي يسعدك ويكرمك بكل الخير ... رعاك الله

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 06:38 AM
الأستاذ فيصل خليل
وجودك على متصفحي يكسبه جمال ليس له .. لكلماتك
حضورها في نفسي وتقدير لك لا ينتهي يا فيصل
ألف تحية وتقدير

فاتن دراوشة
10-27-2019, 11:18 AM
دام ألق البوح والرّوح

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 01:50 PM
الأستاذ إبراهيم الجمعان ..
هو كما قلت انتقلت من حاليةً سريرتها ، إلى مرارة فقدها
الحياة حكايا .. وعلينا أن نرويها كما نحب ..
توقيعك على متصفحي أكسبني شرفا أستاذ إبراهيم
.. فلك كل التقدير والاحترام

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 01:52 PM
صديقي عبدالله
لك الله .. أنت لا تكتب رداً بقدر ما تكتب نصاً قائماً بذاته ..
كلماتك وسام على نصي .. ولي الحق أن أفتخر به .. فهو منك ..
صاحب الحرف الكبير ...
كل تقديري واحترامي

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 01:56 PM
الفاضلة زكية سلمان ..
لا أوجع الله لك قلبا .. ولا ضيق عليك مكانا .. ولا كسر لك أمنية ..
سلامتك من الوجع ..
ابتسمت وأنا أقرأ .. حجة وحاجة .. هي من كلماتنا الشعبية التي كانت
متداولة قديما في المدينة .. أسعدك الله ورعاك

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 01:58 PM
الفاضلة سلام الحربي
ثري أن بردك .. وما كتبته وسام أفتخر به ..
كلنا يسعى لأن يكتب قلبه ويضعه أمام الآخرين
.. ننجح أحيانا ونفشل أكثر ونخاف من حرفنا أن يخذلنا
’’ فجئت لتطمنيني أن حرفي يستحق أن يُقرأ .
شكرا من القلب على وجودك في متصفحي .. شكرا على كرمك ..
ألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 02:02 PM
الفاضلة حياه
كلماتك لها صدى الغالي على نفسي .. وردك
فيها القارئ الذي يغوص في النص .. ويعتنقه .. فيكون
التعليق ملما بما فيه وشاعرا بمعانيه .. وجودك يكسب نصي حياة ليست له
.. فألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 02:04 PM
صديقي الحبيب عثمان الحاج ..
اشتقت لك .. لكلماتك توقع بها على متصفحي ..
نصوصك الثرية التي غابت عن هنا .. شكرا لكونك هنا
يا صديقي .. ألف تحية وتقدير

عبدالرحيم فرغلي
10-27-2019, 02:06 PM
الفاضلة فاتن
ودمت بكل الخير .. بكل حضور تزدهي به النصوص .. وترقص الحرف
كل التحية والتقدير لك

رشا عرابي
02-04-2020, 11:21 PM
أبتي الغالي،
أقرأُ لك فأطمئنّ إذ أن القلم لا يزال بخير
ولا يزالُ قادراً على صَوغِ التفاصيل بأكثر من الدهشة..

شكراً لك، لإلهامِك، لقدرتك على استِحواذ كلّ حوّاسنا متحفّزة للإنصات متى كَتبتْ

إكرام حسون
02-05-2020, 02:07 AM
الله عليك روعه ... بورك لك حبك وابداعك