المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رواية(في غياب..حيث ترقد الذكريات..لا تموت)


ميساء محمد
11-28-2019, 12:18 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-f389178f45.jpg

الفصل الأول-الباب الأول:
من بقايا حياة،أحاولُ جاهداً سدّ ثغرات رئةٍ مثقوبة،أنتشل أنيني من قعر الوجع،متشبّثاً بالفصل الأخير من الأمل،الأضواء التي تجتازني بسرعةٍ من فوقي تقف بذهولٍ خلفي،يُسعف حياتي عددٌ من الممرضين،ووالداي..على مقربةٍ منّي القلق يتوسّد تقاسيمهما،وهشاشةُ وعيي لم تُعفني من ضجّة الأصوات،حتّى عن صوت أخي الذي مازال يلطم خدّي ويصرخ:لا تُغمضْ عينيك ،جاهد بأن تبقى مستيقظا،لكنّ الألم يجتاحني وأئنّ من جديد..

و..

انقطعتُ عن التواصل،في معزلٍ أتأرجح بين الموت والحياة بسلامٍ وهدوء،كطفلةٍ تهوى التّأرجح تخشى دفعها عاليا فتُآل إلى السقوط،وتملّ البقاء ساكنة.
الأطباؤ متجمهرون حولي ،يندي العرق من جبينهم،يحاولون جاهدين إخراج الرصاصة الطائشة التي قصدت قلبي ،ولكنّ رئتيّ كانت بالمرصاد،لكأنّهم يلحّون على عودتي إلى الحياة،ألا يكفي شاهدا على ذلك أنّهم يصعقوني؟!!لم أشعر بألم الصعقة فقلبي مات من الألم كثيرا،وعن سبب علوّ جسدي وهبوطه ألم تسمعوا يوماً (بأنّ لكلّ فعلٍ ردّة فعلٍ مساويةً له في المقدار ،ومعاكسةً له في الاتجاه)؟!!

وهل ما زلتُ على قيد الحياة،أم أنّها الفرصة المنتهزة لفضّ الأوزار وقضاء الديون؟!!

كلّ ما يحدثُ لي الآن يبرهن على موتي،إغفاءة عيني الخافتة،وانغماسي في هذا الهدوء،ماعدا قلبي الذي يسلّيني بدندنته،ولكن..من يُخبر السبات بأنّ لديّ أباً عطوفاً ينتظرني خارج هذه الغرفة البئيسة،يذرع جيئةً وذهاباً يحوقل،وأنّ لديّ أمّاً رحوماً اختلطت ابتهالاتها بدموعها،بأن أخرج من هذه العمليّة سليماً معافى،بدون أن أفقد شيئاً منّي أو أن ينسى الأطبّاء شيئاً من معدّاتهم داخلي،وأنّ لديّ أخاً من هول فاجعته بي احترقت أحداقه وجعا،من يُخبره أنّ لديّ أختٌ تنتظرني بفارغ الصبر،وقلبا..يسكنُ منزلاً آخر،لا أحد ..لا بأس إذاً ،على كلّ حال إنّ عينيّ عندما أُطبقتا لم ترجو الفكاك.


وتحافظ عقارب الساعة على دقّة أدوارها ،وعلى سبيل الزمن ،هاهو اليوم الثالث يمضي ولم (أنبس ببنتٍ شفة)،الطبيب مذعوراً من حالي فعلى حدّ قوله بأنّي قد أستيقظ بعد ثمان وأربعين ساعة من إجراء العمليّة،مازال يُقلّب في الأوراق يبحث عن سببٍ ولو واهٍ ليدلّل به على غيبوبتي،يتساءل طبيبي،وأتساءل أنا عن ماهيّة الظلام الذي يساورني،يتساءل أهلي أيضاً قلقين ممّا قد يحدث لي ما هي إلّا دقّة ساعةٍ تُخبر الجميع بأنّ الأسبوع الأوّل انقضى ،ولا دليل شافع لإفاقتي،اعتاد الممرّض من التأكد من صول الهواء لرئتيّ بشكلٍ صحيح،ويهبني مزيدا من المغذي،اعتاد أيضا على تفقّد نبضات قلبي،يتأكد من اتصال الأجهزة بي اتصالاً وثيقاً،ويكأنّه كشف عن نيّتي في الهروب..

سعيد مصبح الغافري
11-28-2019, 05:03 PM
من يمنع شغفي بأن لا يقرأ رواية جميلة جدا بهذه الروعة والسبك السردي المبهر
ما اجملك يا ثبات
أنت مبدعة
واصليها
وفقك الله

سيرين
11-28-2019, 10:00 PM
الالم والذكرى من اهم المفاهيم التي تلتصق بمصداقية العمل الروائي
وحين يجتمع ثقة القلم ووضوح الفكرة
فنحن على موعد مع سرد قصصي اتقن البناء والابداع
رااائعة يا ميساء ومتابعة بشغف للبقية .. محبتي

\..:34:

سليمان عباس
11-28-2019, 10:20 PM
من المتابعين لهذا الإبداع يا ثبات وتعلمين ذالك✋🏻

ايمَــان حجازي
11-28-2019, 10:48 PM
الله عليك

لى عودة ثبات 🌹

ميساء محمد
11-30-2019, 01:07 AM
من يمنع شغفي بأن لا يقرأ رواية جميلة جدا بهذه الروعة والسبك السردي المبهر
ما اجملك يا ثبات
أنت مبدعة
واصليها
وفقك الله
ممتنة لجميل تواجدك أستاذ سعيد ،الله يقدرني وأكون عند حسن ظنك،بإذن الله ..لي ولك

ميساء محمد
11-30-2019, 01:10 AM
الالم والذكرى من اهم المفاهيم التي تلتصق بمصداقية العمل الروائي
وحين يجتمع ثقة القلم ووضوح الفكرة
فنحن على موعد مع سرد قصصي اتقن البناء والابداع
رااائعة يا ميساء ومتابعة بشغف للبقية .. محبتي

\..:34:
الجميل ياعزيزتي،أن يصل ذات الشعور وأن نعيشه معهم،والجميل أيضا وجود من يُقدّر التفاصيل الصغيرة جدّا..
ممتنة لعبير مرورك ،كل الود لقلبكِ عزيزتي نسرين

ميساء محمد
11-30-2019, 01:11 AM
من المتابعين لهذا الإبداع يا ثبات وتعلمين ذالك✋🏻

لا حرمت طلتك شاعرنا سليمان،أسعدك الله دنيا وآخرة

ميساء محمد
11-30-2019, 01:11 AM
الله عليك

لى عودة ثبات 🌹

أنرتي عزيزتي إيمان..كل الود

ميساء محمد
12-01-2019, 08:21 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-1924f4dde1.jpg



تحت سماء لندن،وجد أخيراً سُلوته،لم يُفْلحْ سحر البحيرة المليئة بالبجع في إخراجه من نوبة ذكرياته،وكعادته،يبحث عن منفذٍ يفرّ عبره من محاجر الذكريات،يتمنّى لو أنّ لذكرياته أجنحةً فتهاجر عنه كما تفعل أسراب الطيور،لو أنّ العهد يتجدّد فيتحرّر من لعنتها،يراها تتسلّق رمشه لتصرخ في مقلتيه،يراها في حلّه وترحاله،في صحوه ومنامه،مهلاً مهلاً ،هل قلتُ حقّا في منامه؟!!فهو يتسوّل النّوم لعينيه كلّما رمى رأسه على وسادته،يراها أعلى السقف وفي محيط جدران غرفته الأربعة،يقلّب رأسه يمنةً ويسرة.

يتساءل..كيف أصبح قاسياً هكذا؟يغضب من أتفه سبب،بل يغضب بلا أيّ سبب،لم يعهد نفسه قاسي القلب هكذا،ثمّة خيبة.. أفقدته بهجة الحياة في روحه،سلبت منه هدوءه وطمأنينته،كان يفترض أن تُقوّيه لكنّها قتلته،انفضّ الجميع من حوله مؤخّراً ،وبقي وحيداً تحت وطأة الوجع،يكاد يجزم أنّ قلبه سقط حيث أقلعت رحلته،وبودّه لو يصرخ لكنّه تراجع عن ذلك مستدركاً أنّه بين جمعٍ غفيرٍ من الناس،تنهّد،وعاد ليتنهّد بعمق،يريد أن يتقيّأ الوجع الذي يجثم على صدره.

يرى أنّ السعادة وشاية التّعساء ليكون بمقدورهم، الحصول على حياةٍ أفضل،يتحسّس قلبه وجعٌ ما ينغزه،شيءٌ ما عالقٌ بين صرخته وأنينه،شيءٌ أشبه بلعنة ذكرى وذنب..
تمنى لو أنه يبكي ،علّ الدموع عندما تغسل عينيه تغسل قلبه كذلك،إذ أنّ رائحة الذكريات مازالت تلتصق به،تألم قلبه،وبلا وعي أغمض عينيه،لكأنّ الذكرى تجسّدت صور أصحابها وتماثلت أمامه،بذات المكان،وذات الزمان،وذات الشعور،هيفاء..التي أَحبَّها كثيرا ،أَحبَّها بصدق،أَحبّها بعمق كما لو أنّها روحه التي تسكن جسده ،تجلّت أمامه،بأول ابتسامةٍ شهدها منها،يوم أن طرق باب منزلها هدف الاطمئنان على والدها، محاولا إخفاء رغبته العارمة في رؤيتها،ذلك اليوم كانت هيفاء تنتظر قدوم صديقتها ندى،طُرق الباب ففتحته على مصراعيه قائلةً بحماس: أهلا ندى ،ثمّ غطّت فمها بيديها لتكتم ما تبقّى من كلمات،وقف متسمّراً ينظر إليها،شهقت وأغلقت الباب بقوّة ..يضحك الآن،ضحكة قصيرة انتهتْ بدمعة،أسدل قبعته على وجهه وأطرق مغادرا البحيرة.

ميساء محمد
12-01-2019, 10:36 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-0e7fd2c947.jpg


مرّ أسبوعان على إغفاءتي،ولم أعي بأمر التحقيقات في شأن قضيتي، ،وأنّ التحقيقات شملت كلّ من ربطته بي صلة ،ولم يسلم منها والداي اللذين يقلقهما أمري أكثر من أي شخص آخر،كلّ يوم يمر ،كان رتيبا بالنسبةلي إلا عن طبيبي الذي لايزال يبحث في حالتي ،ويسجل استنتاجاته في الملف،مسكينٌ طبيبي لم يجد السبب في دخولي (الغيبوبة)بعد.. المؤسف أنّني لم ألحظ تناوب الجنود الذين يحرسون الغرفةتحسباً لأيّ أمر طارئ ؛ حتّى لو أنني لاحظت ذلك؛فكيف سيمكنني تحريك لساني للكشف عن الفاعل،أظنّ أنني لست متأكدا من هويته بعد، فما حدث لي مصاب جلل أفقدني من نفسي، حدث ذلك يوم الأربعاء كنت أتسامر وإخوتي محمداً و ندى،أذكر أنّ الساعة كانت تشير للعاشرة والنصف مساءً،في لحظة ما طرق الباب ،تجاهلنا الطرق كعادتنا، فدائما ما تقوم بفتح الباب خادمتنا سونا ولكنها لم تفعل ذلك هذه المرة ..! طرق الباب من جديد فأخذت أختي تنادي عليها ولا مجيب..
-يبدو أنها نائمة.
قلت ذلك وأنا أهمّ بالنهوض لفتح الباب،في طريقي لفتحه انقبض قلبي فجأةً فاستعذت بالله ، شعر بذلك أخي محمد أيضا-بحكم أننا توأمان متماثلان- كان مستعدّا للنهوض فقلت له:لا عليك سأفتحه أنا..
فتحت باب الفلة الداخلي، مررتُ بالحديقة،شيءٌ ما كان يلحّ عليّ أن أعود،لكني تجاهلته على كلّ حال ، كنت آمل أن يظهر السائق فرنسيس من العدم ليفتحه بدلا عني، يبدو أنه غير موجود،حدّثت نفسي ،فتحت الباب، وحينها لم أشعر إلا بشيء حارق يغزو جسدي،شيءٌ أشبه بسكينٍ تُغرز في صدري،لكنّها حارقة،هممتُ بالصراخ ولكنّ قوتي انهارت،حاولت الاستناد على أيّ شيء،أريد استجماع ما تبقى من قوة مندثرة ،حاولتُ ولم أستطع، فسقطت على عتبة الباب وضرب رأسي بقوة على حافته،في الوقت الذي صرخ فيه أخي محمدا باسمي مرعوباً مما رآه ، وانخرّ صاعقا عندما رآني مضرّجاً بالدماء،حينها كانت ندى تبكي مرعوبة،وتنادي لوالداي.

ربما الكاميرات التي كنا قد نصبناها على باب الفلة الخارجي ستفضح الفاعل،أو أنّ أحد الجيرة لاحظ شيء غريب يحدث في حينا،بحثت الشرطة فعلا في تسجيلات الكاميرا على الوقت الذي حدثت فيه الحادثةوخاب أملهم من جديد،فالكاميرات قد عُطلت في ذلك الوقت، لم يجدوا شيئا فالفاعل كان قد درس خطته دراسة تامة،ونسي بأنه(لا توجد جريمة كاملة)،فكنتُ أملهم الوحيد في حلّ هذه القضيّة،أن أستيقظ وأدلي بشهادتي،أو بالأصحّ أحكي لهم ما حدث لي..

ايمَــان حجازي
12-01-2019, 05:44 PM
:؛؛

يا زاهيه الحرف أبدعت ثم أبدعت ثم أبدعت
نص جميل ومعاني قديرة وسبك رائع
تحية لك بحجم جمال حرفك

ثبات 🌹

ميساء محمد
12-02-2019, 06:38 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-86b2c69c8b.jpg (http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-86b2c69c8b.jpg)
منذ الصباح،وهاتفه المحمول يرنّ،لكنّه ليس متأهّباً لاستقبال المكالمات بعد،هاتفه مازال يُومض ويخفت بالرّغم من أنّه صامتاً،أقلقه ذلك،فخرج إلى الشرفة ضجراً،أراد أن يشغل نفسه بأيّ شيء،أراد أن ينسى،ولكنّ الإرادة والمشيئة لله وحده،كانت ليلةً هادئة،نظر إلى القمر فوجد أنّه ابتسامةً عوجاء لسماء داكنة،كلّ شجرة تذكره بذكرى ما،وكلّ عامود إنارة يدنو منه ويحكي له حكايةً وألف حكاية،بما في ذلك الطريق المعبّد كان يشعر بدوار الذكرى كذلك،يفرّ من الذكرى ولكنّ الذكرى تفرّ إليه.

هذه المرّة الخامسة التي يحثي فيها الماء على وجهه،المرة الأولى غسل بها وجهه الملطخ بالوجع،والمرّات البقيّة ليُغرق بها الذكريات كما اعتقد،أدرك لاحقاً أنّ ذلك لا يُجدي فتوضّأ وهرع إلى الصلاة،هروباً من وجعه وخيباته،علّها تردم أوجاعه،وترتّق خدوشاً أصابت قلبه وروحه،مع كل ركعة كان يتنهّد،ويشعر أنّ ثقلاً ما يسقط منه،في كل سجدة كانت تعتريه رغبةٌ بأن يجهش بالبكاء،كان يشعر بقربه الشديد من الله،يريد أن يصيغ ابتهالاً يترجم أوجاعه..

من فرط الوجع،شعر أنّ روحه كادت تزهق،لكنّه بدأ يجهش بالبكاء ويردّد:أشكو إليك ربي ضعفي،أشكو إليك ذلّي وهواني،أشكو إليك عجزي،في السجدة الثانية من الركعة الثانية،كانت ابتهالاته كلّها بكاء،كان يبكي وقلبه يبتهل،اغرورقت عينيه بالدموع،بالكاد يفتحهما،تبلّل سجاد صلاته بدموعه،كانت الربع ساعة التي مرّغ بها وجهه في سجوده خيرٌ من الدنيا وما فيها،وعندما رفع رأسه من السجود،شعر وكأنّ الله نفخ فيه الروح من جديد،جلس ليقرأ التشهد ،رغبةٌ عارمةٌ تجتاحه ليُكلّم الله،رفع يديه ليدعو:ربّ إنّ في البعد عنك شقاء،اللهم ردني إليك ردّاً جميلا،كان يدعو،ويرجو من الله الخلاص من هذا العذاب.

يستغفر ثلاثا،ثُمّ يرجع ذراعيه إلى الوراء ليستند عليهما،منذ زمنٍ طويلٍ لم يشعر بهكذا طمأنينة،كان قلبه يبتهل،يومض هاتفه هذه المرة بنغمةٍ أخرى،يعلم جيّداً أنّ الإشعار هذا لمدوّنة كاتبٍ مجهول يُسمّي نفسه (عنفوان)،ابتسم بصدق،فهو ممتنّ له ،يتمنّى لو أنّه يقابله وجهاً لوجهٍ ويحتضنه،كما تفعل كلماته الصادقة له في خضمّ هذه الغربة،فتح المدوّنة ليقرأ:

"أيّها الغياب،سمعتُ بأنّكَ تبحث جاهداً عنّي،ها أنا ذا آتيكَ بكامل قوايَ العقليّة،لا تبرهن ذلك هواناً كلّا أبداً،لكنّي وددتُ حقّاً أن ألتقيك،تساؤلٌ ما قضّ مضجعي،لماذا عندما تقدم إلينا تأخذ شيئاً منّا ،جزءاً منّا ،تنتزعه منّا بكلّ قوة،لماذا تختار الطيبين الصالحين،لماذا تأخذ منّا الغالي والحبيب،لماذا..ألأنّكَ تطمع بأن نكون مثلكَ في الوحدة؟!!
أنتَ أخذتهم منّا،من قربنا،لكنّكَ لم ولن تنتزعهم من قلوبنا"
شعر بخذلان مع آخر كلمة قرأها ،ما كان ينقصه إلّا حروفاً تحكي عما يمرّ به أغلق هاتفه ،ورمى نفسه على السرير،طمعاً أن ينعم بنومٍ هادئ.

ميساء محمد
12-06-2019, 07:37 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-b3a237d272.jpg (http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-b3a237d272.jpg)


شباط 2013

ماذا أقول؟
لا أدري كيف ابتدأ الأمر ؟
هل من ذلك اللقاء المشؤوم الذي سلبني طمأنينتي منذ تلك الليلة،يوم أن حذا حذوي مجموعةٌ من الشبان،يوم أن سمعتُ صوتاً يقول:هذي هي البنت اللي أحبها،شيءٌ ما في داخلي تغيّر،من هول الموقف أسرعتُ في خطاي ولم أعي حتّى بعدما وصلت إلى المكان الذي تجلس فيه عائلتي،صوتٌ آخر يقول:الحين هذي هي اللي أزعجتنا بحبك لها..!
شيءٌ في داخلي تجلجل،جعلني أنبض سريعاً ربما غضباً ،ربما قهراً لستُ أعلم،كل ما أعلمه أنّه كان بإمكاني أن أصرخ في وجهه وأدافع عن حب صديقه لي،لكنّي كسرت الشر وتمسكتُ بمبادئي..


منذ ذلك اليوم وذات الصوت يجلجل في ذاكرتي،لا سيّما وأنّ ذلك الصوت يتكرر اليوم معي،هذه المرة حدث في المول،حيث كنتُ على طاولةٍ في المطعم برفقة أهلي،لم أتنبّه لوجود أحدٍ على الطاولة الموازية لنا،إلا عندما ارتفع الصوت قائلاً:ياخي هيفاء هذي اتركك عنها..لا أدري لماذا انتابتني نوبة بكاء،ماذا عسايَ أن أفعل،كيف أدافع عن نفسي إذا اتُّهمتُ باتهاماتٍ باطلة،وهذا الصوت المشؤوم يصرخ:ياخي هيفااء هذي اتركك عنها..المشكلة أنّه يلفظ اسمي صريحاً في كلامه،ليتها مرّةً واحدةً فقط،فأيلول الفائت حدث هذا الموقف معي،بذات الصوت وذات القول،حدث صباحاً الحيّ كان هادئاً والشارع شبه فارغ،كنتُ وأمي ننوي الدخول إلى المنزل،سيارةٌ ما مرّت بالقرب منّا وذات الصوت يجلجل في الحي:ياخي هيفاء هذي اتركك عنها..

آذار 2014
هل قلتُ بأنّ الأمر انتهى؟
في الحقيقة لستُ متأكدة من صدق ما حدث معي،ولستُ متأكدة من شعوري،المضحك..أنّي لم أعرف عنهم سوى أصواتهم في كل جميع المواقف التي حدثت لم أتجرأ قط على الالتفات،ربما لأنّ ذلك يحدث معي دوماً وأنا برفقة أهلي،وربما لأني أتمسك بمبادئي وقيمي،وربما فقط لأنّي لا أريد أن يُقال عنّي سوءاً،والمحزن جدّاً،هو أنّي أصبحتُ أراهم في كل الوجوه التي تنظر إليّ ولو كان سهوا،رأيتهم أيضاً في صورة ذلك الآدميّ الذي يبتسم لي ويلوح لي من بعيد بلهفة،كنتُ ألتفتُ يميناً وشمالاً ،فربما كنتُ مخطئة هذه المرة،لكنّ عينيه كانت تصوّب إليّ،في مثل هذه المواقف،دوما ما أتظاهر بالتجاهل،خاصّةً وأنّ أهلي أصبحوا يتفحصوني بنظراتهم،أتظاهر بعدم معرفتي لكلّ ذلك،وأُرغم نفسي أن تكون على طبيعتها،فهذا منفذ خلاصي الوحيد..

عبدالله صلال العساف
12-07-2019, 12:33 AM
بالتوفيق والنجاح لكل ماتقدمينه
لنا من نصوص جميله وحضور بهي

مساك فرح وصباحك سعاده

ميساء محمد
12-09-2019, 10:02 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-2e148bd7e9.jpg (http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/.info-2e148bd7e9.jpg)


أمّي تبكي،تبتهل لله،ترجوه أن يرفع الضرّ عنّي،صوتُ أمي مُنهك،سرق الهمّ جزءاً كبيراً منه ،تُغطي وجهها وتبتهل:اللهم أخرجه من غياهب غيبوبته،اللهم بشرنا بإفاقته،اللهم لا تُفجعنا بفقده، ويتحشرج صوتها ،يحوقل أبي،أبي حزينٌ جدّاً على حالها،فمنذ إغفاءتي وهذا دأبها،الدموع حديثها ورفيقها،يضع كفه على كتفها ،يريد أن يبثّ بعض الطمأنينة لصدرها:خلّي أملك بالله كبير يا أم أحمد. تسمع أمي اسمي ،وتنخرط في البكاء مجدّداً،مَن بمثل قلب أمي؟!!مَن بمثل حنانها؟!!


يزفر أبي،صوته مُتعَبٌ أيضاً،يرمق أختي ندى بنظرات الأسى،تبكي ندى،وتسرع لتحتضن أمي وتشاركها البكاء،يذكر الله أبي:لا إله إلا الله ،وهو يحاول أن يبقى متماسكاً لأجلنا،وأخي محمداً يغطي وجهه بشماغه،يريد أن يخفي وجعه،يئنّ أنيناً يشبه أنيني،فصورتي التي رآني بها مسجاً على عتبة الباب مازالت تهذي بها ذاكرته،مَن بمثل قلوب عائلتي؟!!تدمعُ عين سونا عندما ترفض أمّي أن تأكل أو تأخذ الدواء،سونا حزينةٌ أيضاً،تبكي سرّاً وترجو من الله الشفاء،لم أكن أعلم أنّ فرانسيس طيّب القلب هكذا،فصمته كفييلٌ بأن يخبر الجميع عن مدى حزنه،زوجته سونا تشهد بذلك..

هذا الأسبوع الثالث يمضي،ولا جديد فيه غير أنّهم سمحوا لهم بزيارتي،تمنيتُ لو أنّ الزيارة لم تكن فرداً فرداً،فافتقادي إليهم جعلني متعطشاً جدّا،تمنيت لو أنّهم جميعهم حولي ،كنتُ أشعر بتجاعيد يد أمّي وهي تلامس جلدتي،كنتُ أصرخ في داخلي~والدتي،هل كبرتي حقّا أم أنّ القلق يستحوذ عليكِ،أماه،هات يدكِ لأقبلها~يد أبي متسمّرةً على جبيني،دفء راحتيه يُريبني،يحاول كبت دموعٍ تترفع عن البقاء سجينة الأقفال،أمسك والدي بيدي وقبلها بما أوتي من عطف،حتى أني ظننتُ أنّ أنفاسه كادت أن تختلط بدمي،ولو كان باستطاعتي لاستوقفته قبل أن يغادر~والدي،أرجوك ابق بقربي~


أخي محمداً كان يقترب مني ببطء،يتحامل نفسه على البكاء،وبعد برهة تأمل أخذ يبكي ويقول:أرجووك أحمد لا تتركني لوحدي،لطالما كنّا سويةً لا يفارق أحدنا الآخر،بطن أمي تشهد بذلك. وأخذ يبكي يحاول أن يُخرس فكرة فقدي،أختي ندى،لم تتحدث إليّ،فدموعها قد تكفّلت بذلك،تمنيتُ لو أفصح لهم جميعاً ~جميعكم تأتون لتذهبون،وتتركوني وحيداً ،أصرخ في حالةٍ من السكون ،لا قدرة لأحدٍ على سماعي سوى خالقي~
جميع الذين يظهر في قلوبهم الود لي عادوني،ليخففوا من حدة غيابي،ليؤكدوا تلاحم أواصر المحبة،أتو..لكيلا أشعر بالغربة،جميعهم..إلا الذي صوب الرصاصة نحوي،لم يكلف نفسه القدوم والاعتذار..

ميساء محمد
12-09-2019, 10:03 PM
بالتوفيق والنجاح لكل ماتقدمينه
لنا من نصوص جميله وحضور بهي

مساك فرح وصباحك سعاده
آميين يارب لنا ولك شاعرنا الفذ عبدالله صلال تحيتي لك

ميساء محمد
12-15-2019, 01:31 PM
أحبتي الكرام يا مهجة قلبي..أعتذر جدّا من خالص قلبي على تأخري في مشاركتكم بقية الرواية،أعدكم وعداً حرّاً أن أُنزله في القريب..
شكرا لشغفكم ومتابعتكم وقلوبكم..
كل الود

ميساء محمد
01-02-2020, 10:46 PM
أعلم..تأخرت كثيرا ولكم الحق في صب جام غضبكم عليّ،أنا لا أستهين بكم،وكما أني لا أستهين بكم فأنا لا أستهين أيضا بوليدتي ولا بأبطالها،أنا فقط أمر بمرحلة عصيبة،أعجز عن وصفها حقيقة،دائما ما يكون الجزء الأصعب في كتابته،في تفسيره،في تصويره،دائما ما يكون هو الجزء الأكثر عمقا والأصدق،كان بودي لو أنني كنت أنهيتها مبكرا لكنني أحاول ذلك حقا،وأقدر لكم انتظاركم لتكملتها..
إني أعلم ما هية شعوركم،وأنا أقدّر ذلك،كل ما أرجوه من الله عونا ونورا لتكملتهاوتوفيقا..وكل ما أحتاجه منكم الدعاء..
أحبكم من أعماق قلبي❤❤

ميساء محمد
02-03-2020, 11:02 AM
أهلا بالأحبة،وقبل كل شيء(شكرا لكل من آمن بعودتها،شكرا جزيلا❤🌹)

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-319a6cd2a5.jpg (http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-319a6cd2a5.jpg)



بعض الأوجاع تحرّضنا على الكتمان،على انعزال العالم برمّته،على الانطفاء شيئاً فشيئاً والانزواء حول بؤسنا،نكابد أمواجه موجاً إثر موج،فكلّ حرف يوشك أن يتملّصَ من قبضتها يعود خائباً-الخيبة له خير من إثم وشايته بها-بغصّةٍ تلعب الأرجوحة طلوعاً ونزولاً في حناجرنا،وكلّ دمعةٍ تقدم على أن تهوي تظلّ مذعورةٌ عند حافّة الهدب،وفي خضمّ انطفائنا نفّتش عن قلبٍ صادقٍ من بين جموع القلوب التي ألفناها،قلبٌ يشاطرنا اقتيات أوجاعنا بصبرٍ مريرٍ،ولا نجد..لا نجد غيرنا -بعد الله سبحانه وتعالى-فنبتلعها بينما نحن نبكي بصمت، وبدل أن نطلق عنان الصرخة فإنّا نجرّها بقوة إلى أعماقنا..


لا نجد غير محبرة،غير ريشة،غير أعزوفة،فتبتلع أوجاعنا معنا،وتبكي بصدقٍ لبكائنا،ونحترق في الوقت الذي نصبح فيه كتابا يفيض وجعاً ،يحوي خضمّ معاركنا،ويختزلها بحرف،فيقرؤه غيرنا ويجعلهم عالقين في جملةٍ من جمله،وتصويرٍ من تصاويره،ليأسرهم في صفحاته. وندمي، في الوقت الذي نصبح فيه لوحةٌ تضجّ بالبكاء،وتكون صورة تصرخ بصمت مهيب،لا يمر عليها أحدٌ إلا توقف ليتأملها،ويأخذ يتساءل عن أسرارها ومعانيها،يتهافت على الحديث عنها الفنانون ليشيدوا بتفرّدها وجاذبيّتها وعمق رسالتها. ونلفظ عافيتنا بينما الأوجاع لا تنفك عن مصارعتنا،في الوقت الذي نصبح فيه أعزوفة ما،يدندن بها من يسمعها،ويتأثر عند سماعها آخرون،بينما يهديها شخص لآخر،ويتهافت الحديث عنها عبر الإعلام ،لتصعد في سلّم العالمية وتصبح أغنية الموسم.



لكلّ واحدٍ منّا ما يخفّف به وجعه،فللكاتب حرفه وقلمه،يُسقط عليهما بعضاً من أوجاعه وما يثقل كاهل طمأنينته،فيسكبها في فم الورق ليحبس صرخته هناك،بعيداً عن صدره،ولا يضطرّه الأمر لأن يبكي ويشكي لكل من هبّ ودب،وللرسّام ريشه وألوانه،وللفنّان ألحانه وأنغامه،ليبكي ،ويشكي،وينوح،بينما الآخرون ينصرفون إلى جمالية حنجرته عن وجعه،وللشاعر قافه ومداده،إلا بندراً لم يكن أيّاً من هؤلاء ،لم يجد ما يخلّص به نفسه من فوضى كتمانه،لم يجد بدّاً من الصراخ وجعاً وربما قهراً،لم يجد غير الانعزال..

ميساء محمد
06-08-2020, 03:34 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-2db0aab169.jpg (http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-2db0aab169.jpg)
طوط..طوط..طوط

هذا الصوتُ أعرفه جيّداً، وأعرف أيضاً أنّ تغيّر نغمته تعني أنّني سقطتُ في الهاوية ما عدتُّ على شفيرها،فلقد اعتدتُّ على سماعه،واعتدتُّ أيضاً على متاهة الظلام هذه،فشهرٌ كاملٌ بأيامه ولياليه كفييلٌ بأن أحظى بمسحة الاعتياد هذه،على كلٍّ،لستُ الوحيد الذي اعتاد،فلقد اعتاد الضابط ناصر على زفرته عقب جلسات التحقيق؛ التي لم يجني منها غير خيوط متناثرةٍ هنا وهناك،متساءلاً عن الإجابة المتوارية خلف حدثٍ بسيطٍ ،وكلمةٍ بسيطة،في سجلات هاتفي،وزوايا غرفتي،في المكان الذي سقطتُ فيه مضرّجاً بدمائي.

واعتاد والدي على مسحة الخيبة التي تطوّق سير قضيتي،وعلى أنّ قضيتي عُلّقتْ لحين إفاقتي،لقد اعتاد على الحوقلة،الآن.. أدرك جيّداً معنى أن تذكر الله في الرّخاء ليذكرك في الشدّة،واعتادت والدتي أن لا يفتر لسانها عن الدعاء لي،فهي على يقين بأنّ دعوةً واحدةً كفييلةٌ بأن تُوقف عقارب الزمن ليُعاد ترتيب كل شيء،لأجل ذلك.. كانت تدعو الله أن يرفع البلاء عنّي،وأن يُخرس تنبؤات الأطباء باحتمالية موتي،واعتاد محمد-الصورة المطابقة لي-على أن يعزل نفسه غالب وقته،اعتاد أن يبقى جوفه خاويا من كل شيء إلا من صورتي التي رآني فيها مسجى على عتبة باب منزلنا،أيضاً ندى اعتادت الأمر، اعتادت أن تتصنّع القوة من أجلنا ، كانت تساند أبي ،تواسي أمي،و تحاول أن يتخطّى محمداً صدمته،وحين تواتيها الفرصة؛ تدخل غرفتها فيتلاشى صمودها، تتلاشى قوتها، وتظلّ تنتحب،كما لو أنّها كانت تتقيّأ وجعها،لتستردّ بعضاً من ثباتها،أمي كانت تعرف كل ذلك، وكانت حزينةٌ عليها،لأنّها تُدرك جيّداً عواقب الكتمان،تُدرك جيّداً معنى أن يُمارس المرء التظاهر بالثبات وفي داخله شكوى وألف رجوى،تتمنّى لو كان بإمكان ندى أن تُظهر بعض حزنها لربما كانت وطأة وجعها أخفّ حدّة..


ولقد اعتاد طبيبي على خيبة نتائج توقعاته، اعتاد أن يُخربش بملاحظاته في ملفٍّ خاصٌّ بي كلما تابع حالتي، ثمّ يدسه بين مجموعةٍ من الملفات،مازال يشعر بالأسى حيال نفسه ومستقبله..وكنتُ بدوري أنطفئ شيئاً فشيئاً منذ اللحظة الأولى التي أغمضتُ عيني،اللحظة التي كان يصرخ فيها محمداً في وجهي بأن أُبقي عينيّ مفتوحتين، ولم أقدر..كنتُ الوحيد الذي لم ألحظ انطفائي،بينما لاحظ ذلك من هم حولي،و لم تكن عائلتي تتركني أقتات وجعي لوحدي..

يجتاحني الأنين،أضعاف أضعاف يوم أن جرّوني لغرفة العمليات،وكأنّ بصخرةٍ ضخمةٍ تجثم على صدري،بينما يتداخل جمعٌ غفيرٌ من الصور والذكريات المبهمة في بعضها البعض،وكأنه يشكل غشاوة على عيني، كنتُ أدفع رأسي بصعوبةٍ بالغةٍ إلى اليمين،ومرة إلى اليسار،وكأنّ ذراعيّ تتخبّطان خشية الغرق،والحقُّ أنّي كنتُ أحاول،يا إلهي،ينحسر الهواء في رئتيّ وكأنّ البحر ابتلعني بالكامل، لم أشعر بالأطباء الذين جاءوا لنجدتي،لم أشعر بقلقهم وهم يحاولون لملمة فتات الأمل المتناثر هنا وهناك،لم أشعر إلا بالصعق الكهربائي،كنتُ ممتنّا لهذا لجهاز تخطيط القلب الذي صرخ وطلب الغوث، بعد أن كنتُ ممتنّ لله الذي أعادني مجدّداً للحياة..
الحمدلله




ملاحظة:أتمني أن يُغفر إهمالي وتسويفي لأعمالي🙏

خالد الداودي
07-26-2020, 09:25 AM
روعه روعه روعه
يكتمل المشهد في اخره .. لعلها نية هروب لم تصادف استجابة الباريء
هنيئا لها المكوث حتى يشاء
الموت الاول متعب جدا والاخر ايضا ..

رائعة انت بكل ما تعنية الكلمه

ميساء محمد
10-31-2020, 07:31 PM
روعه روعه روعه
يكتمل المشهد في اخره .. لعلها نية هروب لم تصادف استجابة الباريء
هنيئا لها المكوث حتى يشاء
الموت الاول متعب جدا والاخر ايضا ..

رائعة انت بكل ما تعنية الكلمه

ممتنة لك بعدد الحروف التي جاءت تعقيباً لما قرأتَ شاعرنا خالد،
وهنيئاً لي قراءتك،ومجيئكَ هنا،حفظكَ المولى ورعاك..