المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمل


فاضل العباس
01-24-2020, 03:41 PM
أمل
الباص الصغير المتوجه الى بغداد يدق صافرته ، يعلن أستعداده للرحلة .يلتفت السائق الى الخلف، يتفقد الركاب، يسأل عن المرأة التي حجزت المكان بظهره وصبيها. ينادي عليهم بالصعود، صوت الراكب في المقعد الأخير يطلب الصلاة على النبي وقراءة الفاتحة بغرض سلامة الوصول. يردد بعده كل ركاب الباص. كان جلوسي بجانب المرأة وأبنها، أمرأة أربعينية، وجه ذابل أكتنز الألم ، والهموم، فبانت عليه أجفان ذابلة منطوية من سهر طويل. حزن دفين مغمض العينين يتجول بين زفرات الشفاه وحسرات في الجوف. يلتفت الصبي ذو الثانية عشر، على تقديري له لأمهِ طالباً منها أن تضحك. تبتسم أبتسامة كاذبةً وتضمه الى صدرها ،يسّفح الدمع بين ثنايا أصابعها فينحدر عندما تحاول أيقافه. فجاة يبادرها الصبي بالسؤال: ماما هو ربي متى يستضيفني لأرتاح من زرق الإبر؟ تجيبه بصوتٍ كسير ذليل يائس، يكبت وجعاً
-لا ربك يحبك، سيشفيك وتعود الى أختك التي تحبك وتشتاق أليك . جذبني سؤاله، ألتفت اليه مع إبتسامة حانية.
-أنت جميل ورائع ما أحلى وجهك والله يحب الأطفال فهم أحبابه
-لكن شعري سقط. وتغير حالي لم أعد كما كنت وتعبت من زرق ألإبر. سحب كُمَ قميصه ليبان مكان زرق الإبر التي تركت آثاراً لحفر صغيرة تشبه صغار النمل. مع قطرات دمع كلؤلؤ في أماق العين. قبلتُ يده عدة مرات ، أبتسم سحب نفساً عميقاً كأنه يريد أن يبرد جوفه عاودتُ الإبتسامة ثانيةً ، لاذ بوجه للناحية المعاكسة، ليمسح عناقيد الدمع التي ترسم جداولها وخرائطها على خدود مصفرة ذابلة كأوراق الخريف.
آنسْتهُ طيلة الطريق محاولاً ان أشغله بالتفكير بأشياء أخرى لكننا ندخل رغماً عنا دائرة المرض والألم والخوف من القادم الموجع في كل أتجاه سلكناه .لم يعد يرتاد المدرسة أو يلعب الكرة كما كان مع أصحابه، لا رغبة له في أي جديد، لا أمنيات الا ان يهدأ الوجع وينام الألم المُستبد. نسيَّ أسماء زملاءه في الصف ألا أسم أخته التي تصغره بسنتين، أمل، بقي عالقا في لسانه وذاكرته الى نهاية الرحلة

إكرام حسون
01-24-2020, 04:04 PM
راائع .. بورك يراعك

سيرين
01-24-2020, 07:30 PM
سرد قصصي راائع
اهتم بدقة التفاصيل لمشهد حد جعل تجسيده ملموسا ومسموعا
ويبقى الامل في منتهى الالم شريعة نستمد منه حق الحياة
سلمت يمناك كاتبنا المبدع \ فاضل العباس
مودتي والياسمين

\..:icon20:

نادرة عبدالحي
01-25-2020, 02:35 AM
صحيح ان القصة تُبنى على مكونات ولكل عنصر أهميته

فالنجاح الحقيقي الذي يتوصل إليه الكاتب هو ان يجعل القارئ موجود

في قلب الحدث ويرى التفاصيل والحركات ويسمع الحوار والكثير من الامور

التي يستخدمها الكاتب نراها مرتبطة بالخيال الذي يأتي من ثقافة القاص ووعيه ،

عن نفسي كقارئة وجدت نفسي في الباصِ الذي حملَ الركاب وهمومهم ،

وهذا ما نجح بإصاله الكاتب المبدع فاضل العباس ، بوسطة طرحة لمعاناة طفل مريض

يسافر لتلاقي العلاج المقيت ، ونشعر بقلب الأم وهي تُخاطب وليدها ،

برغم الألم إلا أن السرد أوصل القضية المُراد إظهارها وإيصالها للبقية البشرية

لكي يستيقظوا من السبات ويروا القسم الأخر من الكون ،

الكاتب الفاضل فاضل العباس ……… يقظة وهزة عنيفة

تصيب من يقرا هذه القصة ، وفي نهاية ردي هذا أتمنى

أن ينتهي الألم بكافة أنواعه عن جميع الكائنات،

عَلاَمَ
01-26-2020, 06:30 PM
.

صُورة صُعود !
من صهارة إلى فوهة بُركان
وأمل..!؟
مُتأرجح بين لحظة موعودة ، وغد مُبهم.


,

شكرًا لك

فاضل العباس
01-28-2020, 09:20 AM
شكرا لضوء ابعاد نادرة عبد الحي على مااسهمت في ايصاله للقارئ لكي يكون في الحدث

فاضل العباس
01-28-2020, 09:21 AM
شكرا لك على هذه الكلمات الرائعة

فاضل العباس
01-28-2020, 09:22 AM
تبقين رائعة بيراعك ومكان وزمان تواجدك

فاضل العباس
01-28-2020, 09:23 AM
وبورك يراعك ايتها الرائعة