المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نعود للكتابة !


محمد آل جارالله
03-15-2020, 01:46 AM
كلما هممت بالخروج من صومعة الحرف أعود عاشقا ومتلهفا للسطور وكان الأمر بيننا بات مريباً مغايرا للعادة التي عشتها كل مرة .
مرارة الكافيين بكل صوره وحالاته تروق لي وكذلك تلك الورقة البيضاء سواء كانت بجوالي او بدفتري وقلمي الأزرق الذي بالغت بقيمته بين رفاقي وقد دونت اعجابي به خلسة في أحد السطور وحين مر بها عانقها بحب خفي ومر مرور الغرباء بديار العشاق .ومهما ندمننا على كلمات لم تقل وربما خانها الوقت والزمان وربما اخرجتها نصوص التجاعيد من جوقتها
سيبقى ضمن الحدود التي رغبنا بها ، حيث في يوما ما ستخرج كل الرسائل المخبأة بطريقة سرية إلى ان تصبح ربما بصورة ملصق او نكهة تمتزح بين أنفاس أحدهم يرتعد ليس خوفاً بل توبة عائد لنصاب عقيدته
تقول لي : حضورك يخلق للآلقاب مقاما
وأقول لها بدربك : مواسم ومراسم الحب تقام
حقيقة اني على قيد لحن يعزف بين يديك ، على رأس حربة بل اشد من ذلك.
على شفاهه القدر أحمل وسادتي ومحبرتي وانطوي لساعات طويلة واخرج منها خالي الوفاض وشيء من تأنيب الضمير الغير مبرر ولكنني بشوش حتى منتهاي
لم أملك يوماً قارئء جيد لي لأقص له حكاياتي البائسة ولا أمل لي ب اعتلاء خشبة المسارح وتقبل التصفيق الحار كما شعوري بالطابور الصباحي حيث النخبة من أبناء المعلمين وذو الشأن ممن يحق لهم هذا الشرف .
لم احظ بذلك العظيم المنتصر الصاعد لتلك الخشبة الصماء كي يخبرهم
( هل تعلم )
ان الانسان يموت بالخيبة وبالتجاهل ومرات بالنسيان ليس بالموت وحده يموت الانسان .
لطالما كنت جمهور نفسي وبعد الانتهاء من معلقتي اصفق بحرارة الجمهور الذي اسعدتهم الكلمات التي كتبت احزانهم وانثني كما شجرة في مهب الريح وامرر ذراعي امام وجهي مخفياً مرارة اللحظة الكاذبة
يقول أحدهم : ليتني أمتلك صيدلية خيالية ونادرة
ابيع فيها كتفا لنبكي عليها وذراعا لنستند عليها وصندوق ابتسامات
حينها أدركت اني وحيد تماماً وماابشع الوحدة ، ان الجوع الشديد للحياة يصيبك حين تشعر بالحجر النفسي لسبب تجهله واسمع صوت امي تقول : لا تبكي ي بني من عشرة مضت ففي المقابر تتساوى القلة والكثرة .
شكوكنا أمام ما قيل سابقا ظل ملازما لي دهراً افقدني بعض من احترام المقربين ربما لم اجد لغة التواصل معهم ولم تخدمني المفردات جيدا معهم فالكلمات لم تكن وسيلتهم بالحقيقة للتفاهم لكي يروني بمنظار جيد حيث لهم معايير مختلفة عما اؤمن به جعلتني شكوكي المبتلة ب أنفاس الغدر التي كنت اشعر بها كلما مررت بقربهم ان افقد الأشياء الجميلة التي كان من الممكن اكسبها لو تجاوزت خوفي من المحاولة
كما عشقت الشاعر العراقي أحمد مطر ويمثلني حين قال : وضعوني في اناء
ثم قالوا لي : تأقلم وأنا لست بماء
أنا من طين السماء
واذا ضاق إنائ بنموي يتحطم ..
كان يرسم حرفا على سطرا يشبهني
الغرباء كثيرون جدا.. لوهلة قد تعتقد انهم معاقون او متخلفون ولكن الحقيقة ان لهم اسراب مختلفة ليحلقوا بها .. حاجتي للاختفاء كبرت يوما بعد يوما في غرفتي وملاذي وسيجارتي التي بالغت بوجعي .. اسوء طريقة للنسيان بهذا العالم هو التدرج البطيء اللامحسوس بك
لعل الموجع برحلتي البائسة حين نخاف ونحن بين أحضان اسرتنا .. ان الابجدية هي سلاحك الذي يحميك ويدينك أيضا .. علي لثم سطوري عن البوح الدائم بكل مساء
رسالة إلى أمي :
ماحدث بيننا كان مبكياً جدا
ومساكم آل البعاد الكرام ..

فيصل خليل
03-15-2020, 09:48 AM
نعود للكتابة بعد أن يزعجنا ضجيج الأحياء
نلوذ بما تبقى من مساحة هدوء نجد فيها أنفسنا

الإختلاط مع الناس الذين لا يجيدون لغة الكلمات ... تجد نفسك بينهم .. كغريب في وطن بعيد

وصف إبداعي لتلك الحالة بمقالك

دمت بخير وعافية

سيرين
03-15-2020, 04:09 PM
وصفك لها بالصيدلية دقيق وجديد
ويكفي وصف نزار للكتابة بأنها عمل إنقلابي يجيد تورطنا به خارج الزمان والمكان
فعل وجودي يجعلنا ننفصل عن الواقع بما هو اجمل واكمل
نعاودها دوماََ ملاذاََ ودوحاََ ممتلئاََ بالصدق الذي نفتقده في الحياة .. فهل اجمل منها صديق !!
نجالسها في اي وقت لا تتبرم بل تحفظ اسرارنا
للكلمة وجه واحد يجب ان يجمع بين الحرف والفكر وإلا توقف عن الكتابة
مقال رائع تعددت روافد الابداع والمتعة تحت ظلاله
شكرا كاتبنا الالق \ محمد آل جارالله
مودتي والياسمين

\..:icon20:

قايـد الحربي
03-15-2020, 08:59 PM
:

محمد آل جارالله

بك الـ أهلاً : شاهقة ،
و الـ سهلاً : باسقة .

؛
لغةٌ أقربُ للشعر ..
حرفك ضل النثر وجاء للمقال ،
لتزدان بك الأمكنة .

،
قلتُ : الكتابة هي اللحظة الفاصلة بين الشهيق والزفير ،
لذلك دائماً نعود إليها .

،

الأخطاء المطبعية يشفع لها الجمال :)

،
كل الشكر والتراحيب بك

رشا عرابي
03-15-2020, 10:43 PM
يكفي أن تأتي بمثلِ هذه البلاغة السّردية كي نكونَ الكتابة أفقاً من التّحليق
لا تحدّها أُطر يصلح لكلّ الأزمنة والأمكنة ولا يَحتاجُ لجناحين!

الكتابة رِئة وأُعيذُنا من وزرِ اختناق


لله درّ فكرك السامق
وحرفك المُدهش

محمد آل جارالله
03-16-2020, 12:41 AM
نعود للكتابة بعد أن يزعجنا ضجيج الأحياء
نلوذ بما تبقى من مساحة هدوء نجد فيها أنفسنا

الإختلاط مع الناس الذين لا يجيدون لغة الكلمات ... تجد نفسك بينهم .. كغريب في وطن بعيد

وصف إبداعي لتلك الحالة بمقالك

دمت بخير وعافية

سعدت بردك جدا ... نهلك مرات بصمت وشكرا لك

محمد آل جارالله
03-16-2020, 12:45 AM
وصفك لها بالصيدلية دقيق وجديد
ويكفي وصف نزار للكتابة بأنها عمل إنقلابي يجيد تورطنا به خارج الزمان والمكان
فعل وجودي يجعلنا ننفصل عن الواقع بما هو اجمل واكمل
نعاودها دوماََ ملاذاََ ودوحاََ ممتلئاََ بالصدق الذي نفتقده في الحياة .. فهل اجمل منها صديق !!
نجالسها في اي وقت لا تتبرم بل تحفظ اسرارنا
للكلمة وجه واحد يجب ان يجمع بين الحرف والفكر وإلا توقف عن الكتابة
مقال رائع تعددت روافد الابداع والمتعة تحت ظلاله
شكرا كاتبنا الالق \ محمد آل جارالله
مودتي والياسمين

\..:icon20:

اسهابك كان اجمل وقعا من المقال وسلمت روحك

منى آل جار الله
03-16-2020, 12:56 AM
" اهلا بشقيق الحرف والعائلة سعدت جدا بك
الكتابة ي أنيق بعض جنون ونهايات البداية بنا

نادرة عبدالحي
03-16-2020, 02:17 PM
هذا الرباط بين صومعة الحرف والكاتب نفسه يمنح الحبر فضاء ينتشر فيه

ومن ثم يتجمع ليقدم الاجمل ما في البوح والكتابة ، طريقة السرد هُنا نجحت في بناء الجسور المتينة

لتصل للب وذات القارئ ،نسمع صوت دواخل الكاتب بوصوح تام ، كرم البوح والعطاء الذي لا حدود

له ، العودة للكتابة هي حياة تعيش فينا ونؤمن بها ،

منحتنا الجمال فشكرا لكَ ولجمال حرفكَ ،

منى آل جار الله
03-19-2020, 01:32 AM
عدت للكتابة كي أعيد الماضي وأصلح ما أفسده بي

ضوء خافت
03-19-2020, 11:53 AM
هذا النص يبعدني لوهلة ... و يرميني للداخل من جديد

تعودُ للكتابة يا أستاذي ... بعد أن يزكم أنف الروح هذا العالم ... بكل ما يتنزعه منك و يطلبك : هل من مزيد
في اللحظة التي لا تسأله حتى عن أبسط أمنياتك و أرقى أحلامك ...
تعود للكتابة ... ليس فقط عندما تمتلئ بما لا تفصح عنه ... بل يملئوكَ و يحشروا في مساحات روحك التي لا تخصهم ... مشاعرهم الباردة جداً عندما يسألونكَ : ما بكَ ؟
سؤال عارٍ عن الاهتمام ... و لا يستوقفه تصريح تعفّن منذ زمن في أعماقك ... لأن أحداً لا ينصت !


محمد آل جار الله ... من النصوص الفريدة التي أخاف ان أقرأها من جديد ... لكن أحفظ لها نسخة على رفّ النفس ...
تقديري