المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بُرونْز


عَلاَمَ
03-21-2020, 07:34 PM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-bc2abd4e41.jpg





" بُرونْز "

عَلاَمَ
03-21-2020, 07:46 PM
*

في نوفمبر:1945م
كتب كورت فونيجت لزوجته جاين شاكرًا تأثيرها الإيجابي عليه..
" رجل غني، رجل فقير، رجل متسول، لص، طبيب، محام، تاجر، رئيس؟ بسبب حبك لي قد تخطيت جميع مقاييس الشجاعة التي لن تأتي لي أبدًا بطريقة أخرى. أنت قد منحتني الشجاعة لأقرر أن أكون كاتبًا، وهذا قرار مهم في حياتي. بغض النظر عما سيكتب على قبري، كان سيكون هدفي الشخصي الوحيد أن أصبح كاتبًا."

حنان العصيمي
03-21-2020, 08:50 PM
ومن غيرهن يفعل ذلك ؟!!
زوجة ، أم ، ابنة ..الخ
وراء كل عظيمٍ إمرأة

تقديري ؛ غاليتي :icon20:

عَلاَمَ
03-21-2020, 11:47 PM
ومن غيرهن يفعل ذلك ؟!!
زوجة ، أم ، ابنة ..الخ
وراء كل عظيمٍ إمرأة

تقديري ؛ غاليتي :icon20:




.

استادتي: حنان شرفتني ونورتي
شكرًا لكي

عَلاَمَ
03-22-2020, 01:30 AM
*


في 19يوليو1956م
كتب همنغواي إلى إزرا باوند ..
" عزيزي إ: غدًا أتم السابعة والخمسين. وآمل أن تقبل مني ميدالية جائزة نوبل التي تتتبعها عبر القنوات. أرسلها وفقًا للمبدأ الصيني القديم، وأنت على دراية به، وهو أنه لا أحد يملك شيئًا حتى يعطيه لآخر. وأبعثها أيضًا لأنك أعظم شعرائنا الأحياء، وهو تمييز بسيط لكنه يخصك... ".

عَلاَمَ
03-22-2020, 04:14 AM
*


كتب نجيب محفوظ إلى أدهم رجب ..
" عزيزي أدهم : أشكرك وأحييك، وأزيدك طمأنينة من ناحيتى وأقول لك إن مصطفى أمين أرسل إلىّ مرة أخرى، لأنضم إلى مجلته فاعتذرت للمرة الثانية، ولك منّى وعد أبدى بألا أكتب إلا ما يرضى عنه ضميرى الفنى وعلى قدر طاقتى. أما ما سرنى أكثر من أى شىء فهو قدومك الموعود فى أغسطس، وأرجو أن يكون نهائيًا بعد حصولك على درجاتك العلمية المأمولة، وستُتاح لنا فرصة فنرى هشام ونستمع إلى فصاحته التى لا نشك فيها. والآن دعنى أقدم لك نصيحة وهى أن تبحث عن مؤلفات كاتب اسمه كافكا F.Kafka تشيكى الجنسية، ألمانى الثقافة، توفى منذ أقل من ربع قرن، وأهم مؤلفاته The CastleThe Trial (القلعة، المحاكمة)، وله إلى هذا مجموعة أو أكثر من الأقاصيص، ولن أحدثك عنه، بل سأتركك لروحه تفعل بك ما تشاء، فإما أن تحبه كما أحببته وإما ستعرض عنه قبل أن تقرأ ثلث مؤلفه. وحسبى أن أقول لك إنه نمط قائم بذاته، وقد دلنى عليه هذه الأيام الأستاذ عادل كامل، وأطلعنى على قصتيه المذكورتين، فاندمجت فيهما ولعل استعدادى (...) هو الذى سهل علىّ هضمه، فاقرأه يا أدهم وخبرنى إن أمكن عن رأيك ولا تنس عند قدومك أن تهدى إلى أى مجموعة من أقاصيصه لأنى لم أظفر بها هنا ولأنتظر ولنرى."
وتقبل فى الختام أزكى تحية وأعطر سلام.

عَلاَمَ
03-22-2020, 03:25 PM
*


كتب دانييل جوتليب إلى حفيده سام ..
" سام ، أنا أعرف أنه من طبيعة البشر أن يصارعوا من أجل العدالة الشخصية. وأتمنى أن تكون قادراً على خوضك المعارك من أجل نفسك. لكن الأكثر من ذلك، فإني أريد أن تكون قادراً على تحويل غضبك إلى طاقة لخوض المعارك من أجل العدالة للآخرين. إذا استطعت ذلك، فربما ينشأ حفيدك في عالم أكثر رحمة" .

عَلاَمَ
03-22-2020, 03:56 PM
*


في 23 يونيو 1953م
كتب الشاعر يوسف صديق لإبنه ..
" ولدي العزيز محمد: سرني تماثلك للشفاء بقدر ما ساءني نبأ مرضك - شفاك الله وعافاك - وكل ما أحبه لك الآن هو أن تكون رجلاً أمام أحداث الزمن فان الحياة ليست كلها صفواً... وقد أضحكني منك أن تسمي هذه كارثة وأن تذكر المدرسة والمذاكرة في هذا المجال.
أي بني
انني أعلم أن نفسك الكبيرة ستغريك بالعمل للنجاح وفي هذا تعريض بصحتك الغالية - فما قيمة الشهادات في يد رجل مريض عليل؟؟.. فأرجو الى أن أصل أن تتفرغ تماماً للعناية بصحتك فهي كل شيء لك ولي ولا تجعل للمدرسة والنجاح أو الرسوم أي موضوع لتفكيرك - فخذ بحقك كاملاً من الراحة والغذاء ونفذ تعليمات الأطباء بدقة... "

عَلاَمَ
03-23-2020, 06:08 PM
*

في يوليو 1923م
كتب فلاديمير نابوكوف لزوجته فيرا..
" نعم أحتاج إليك... لأنك الشخص الوحيد الذي أستطيع التحدث إليه عن كل شيء... الوحيدة التي أستطيع أن أقول لها وأنا ذاهب للعمل، رأيت اليوم زهرة عبّاد الشمس وابتسمت إلي بكل بذراتها... ".

عَلاَمَ
03-25-2020, 12:57 PM
*



في موسكو 10/10 1968م
كتب المخرج " محمد ملص " إلى الناقد فيصل دراج..

صديقي!
بدأت أغوص في بحار مبهمة. فأنا أتوق إلى فراق الأشياء التي كانت مزروعة في داخلي. لقد غادرتني مدينتي وتركتني مثقلًا بالأحاسيس اللّزجة، فصارت اللحظة الحاضرة أشبه بإبرة الحاكي تنغرس بي، وهي تقول: إن هذه الطائرة ذات المحركات الأربع، تحملك الآن وهي لا تدري أتطير بك أم بعد لحظات ستطير معها. وحين لاحت موسكو بوجهها الليلي بدت لي كغول يفتح بطنه الكبيرٍ ويبتلعني، وأخذ لهاثه يبعث القشعريرة في جسدي. وفي الصباح أخرجتني أرنبًا في عالم من القطط. يعجز عن أن يفهم أي شيء من حوله، فلم يتبقَّ لي بعدها إلا الحيرة.

ها أنذا يا صديقي أجول في شوارع موسكو! وبعدها لن يبقى لي إلا أن أقضي الساعات الطويلة، بحثًا للعثور على البيت الذي وضعنا فيه؛ حيث سنعيش وسنتعلم وننام داخله.

يعود الليل، ثم يعود من جديد، فلا ينبعث في داخلي إلا صوت هذا الارتطام الغامض. فأبدو كمكوك عتيق يسعى أن ينسج شيئًا ما… لقد ثملت بالأحاسيس إلى حد أني لم أعد أدرك كُنْهها. قد يتوهم أحدنا أنه اكتشف نفسه، وأنه (يعرف ما يريد)، لكن ذلك يبقى رهنًا بالارتطام الحقيقي مع العالم في مرجل الحياة الذي يغلي. عندها يعود ويرى أن ما عرفه عن ذاته، يترجرج في تلك الحرارة.
فماذا ستفعل؟
تملّكتني لحظة شوق غامرة للخلاص من ذلك الإبهام الذي استقبلَتني به موسكو؛ لأبدأ بتذوق طعم هذه الغربة… وموسكو تستعد لاستقبال شتائها القاسي.
يتناهى إليَّ الآن صوت موسيقا بروكوفييف فتهب حبيبات القشعريرة على جلدي. ويمّحي من ذاكرتي الدوران العبثي للأسطوانة السوداء.

في رواية «الوضع البشري» لمالرو، ثمة صورة لذاك الألم الذي يشبه هذا الألم المتقوقع في داخلي وأحاول الخلاص منه… في تلك الرواية يموت الأبطال، لكن لكل منهم ميتة خاصة به. الإرهابي العقائدي (كيو) يموت ويتحول جسمه إلى شظايا تلطم سيارة (تشاي كان شيك)، أما (تشن) الذي يعي أنه قد فقد نصفه الأسفل، وأن الشرطي المرتزق الذي يلكزه ككتلة لحمية مبهمة، يتساءل:
هل قُتل تشاي؟ يموت كيو! وتموت ماي بموت حبيبها. ويموت الأب بموت ابنه… فلا يبقى إلا الألم من الوضع البشري.

عَلاَمَ
03-26-2020, 05:35 PM
*


في دمشق / يكتب فيصل إلى محمد ..

أيها الصديق البعيد!

عذرًا لتأخري في الكتابة لك يا محمد! بم توحي إليك ثلوج موسكو؟ وما تشعر به وأنت ترى متاحف ومسارح موسكو وتتذكر حارات وأزقّة باب سريجة؟
كيف تسير الأمور معك؟ هل ما زلت أرنبًا بين القطط، أم أنك أصبحت قطًّا أهليًّا؟

عندما يطوِّح بي الخيال، أتأمل قبضة ثلج من موسكو، وأراني متجولًا في الساحة الحمراء وساحة مايكوفسكي. وهنا أسألك أيها الرفيق البعيد، أيهما أجمل الحقيقة أم الخيال؟ عندما يتجسد الحلم هل يفقد شيئًا من نقاوته وروعته؟! كل الأحلام تموت في بدايتها، أو في نهايتها.
كيف يتغلب الإنسان على الشعور بالغربة؟ وما معنى الحنين إلى الوطن الذي قرأنا عنه كثيرًا في القصص والروايات.

اليوم بدأ عندنا شهر رمضان المبارك. هل تحنُّ إليه أم تراه عادة من عادات العالم الثالث؟
أرى أن شهر رمضان يبعث في نفسي رعشة ورهبة وإجلالًا، بل وخزاتٍ طويلة تلجُ إلى أعمق أعماق نفسي. فأتساءل: هل هذا الشعور نتيجة للتربية المتوارثة، أم أنه رد فعل يفصح عن قصور الإنسان وعجزه. هذا العجز الذي يبدو جليًّا في ليلة ممطرة أو مرض ثقيل، ويبدو جليًّا أكثر حين نتفكّر في عظمة هذا الكون وأسراره.

والآن دعك من أسئلتي. ما مدى نجاحك في تعلم اللغة الروسية؟ أسألك ذلك لأعرف إن كان باستطاعتك أن تمدنا بجواب عن بعض الأسئلة. ناقش كثير من المفكرين الماركسيين في الشهر الأخير كتاب روجيه غارودي «واقعية بلا ضفاف» وكتابه الأخير «هل يمكننا أن نكون شيوعيين اليوم؟». المهم أن أفكاره تثير جدلًا يوميًّا، ويعتبره البعض أنه تحريفي، وأن تعريف الواقعية الاشتراكية في كتابه «واقعية بلا ضفاف»، تعريف فضفاض ومائع، بل إنه نحر معنى الواقعية الاشتراكية كلَّه.

أريد جوابًا استنادًا إلى رأي النقاد السوفييت إذا أمكن.
ذلك أن كتبهم المترجمة إلى العربية جملة بديهيات لا أكثر.
بالنسبة للكتب التي أريدها سأكتب لك أسماءها الآن، أما عن الثمن فتقول لي ما هو، ثم أرسله لك بالبريد أو أرسل لك بعض الحوائج إذا أردت، ولك الشكر.

الكتب المطلوبة هي:
1- «المشاكل الفلسفية لفيزياء الجزيئات الأولية». بالإنجليزية.
2- «مشاكل علم الجمال المعاصر».
3- «المنطق ونظرية المعرفة ووحدة الأضداد» للفيلسوف ب. كيدروف بالفرنسية، وهناك كتاب سنوي يخرج كل عام باسم «العلم والإنسانية»، وأي كتاب عن فلسفة العلوم أو المنطق الرياضي باللغة الإنجليزية أو الفرنسية.


ولك ألف شكر.

عَلاَمَ
03-26-2020, 09:55 PM
*


في موسكو1969/3/29م
كتب محمد ..


صديقي فيصل!
يقول الشاعر الروسي الكبير ألكسندر بلوك: «الزمن يغفر للفنان كل الذنوب ما عدا ذنبًا واحدًا هو خيانة روح عصره…». فقد كان همُّ بروست أن يكتشف كل إنسان في ذاته رؤية جديدة للأشياء والناس.

لم ألتقِ بذاتي بعد. لم أمسك بها بعد. لم أكتشف العلاقة بينها والعالم المحيط بعد. فالإمساك بالذات هو الطريق لرؤية العالم والإبداع، ولكي أكون الشيء الذي أحلم به.

في الماضي كان حواري مع ذاتي أخرس. حين أطلُّ اليوم على هذه الذات أحس وكأني أطل على صندوق زجاجي لا قعر له. حين أتأمل زجاجه أرى الغبار المتراكم على حوافه… فالأشياء التي عشتها حتى الآن أشبة بركام بارد. كل ما أريده هو أن أعثر على الوسيلة التي تجعلني أرى العالم وأن أستبصر علاقتي بالأشياء المحيطة بي.

أقف اليوم أمام الحاضر برعب وذهول محاولًا وعيه وامتلاكه كي لا يفلت مني. فأصبو أن أتمكن من الوصول إلى التطابق بين الوعي وعلاقتي به. أعترف أن كل شيء لم يحقق ذاته بالشكل المطلوب. كأن كل ما رسمته لنفسي، وأنا أقدم على تجربة الحياة في بلد أجنبي، كان كأنه كذب على الذات. فالكثير من الطلبة المحيطين بي قطعوا شوطًا كبيرًا، وما زلت أدور في حلزون منخور. الذي يريد أن يصنع من ذاته شيئًا ما، لا بد له من العمل! لكن كل الأشياء ما تزال تبدو لي بعيدة. ولا تبدو أمامي القدرة على بناء شيء.

حين تعيش في مدينة كموسكو فإنك تغرق في عالمها، قد تنسى مشاهد تشييع الموتى مثلًا! فقد انتابني ذهول كبير وأنا أسير في موسكو حين لاحظت للمرة الأولى تكتلًا من الوجوه الحزينة، من ذوي الشعر الكثّ والأبيض الملوث بصفار دخان مديد، يلبسون ملابس فقدت ألوانها، ويسيرون بأقدام تزحف بلا رغبة نحو سيارة تحمل صندوقًا للموتى. وبدلًا من الصوت النحاسي لمؤذن ما، كان يتناهى حفيف آلات النفخ وهي تنشج حزنًا.

توقفت وتأملت المشهد الذي كان كافيًا ليحسسني بالنهايات. ثم ركضت فتاة صغيرة بفرح وهي تردِّد: أريد أن أرى حزن هؤلاء الناس! فتساءلت مع نفسي:
ترى هل الحزن واحد في هذا العالم؟!

عَلاَمَ
03-27-2020, 07:56 PM
*

في تولوز يكتب فيصل..
أخي العزيز محمد!
سلام وتحية.

ما كنت قد عبَّرت لك عنه كان مزيجًا من الاحتقار والغضب واليأس، فأن ترى تلك الكوميديا السوداء في الوطن العربي؛ شيء يخلع القلب. مجموعة من المهرجين يقودون مصير أمة مهزومة، لا شك أن وجود هؤلاء الأقزام يضاعف الهزيمة أو يوطدها ويؤبدها إذا أردت. ومما يزيد الصورة قتامة، تلك الجماعات البشرية التي تأكل وتشرب وتصفِّق وتعيش على العادات.

ماذا نفعل في تلك الصحراء البشرية؟ وهل هناك مكان نرمي به بعض البذور التي نحملها، إذا كنا نسقي بأنهار الوحل العائمة، وماذا ننتج في مجتمع سحابه لا يمطر وأرضه رملية؟

لا يزال امرؤ القيس يعشعش في كل رأس، وسيف عنترة البتار يلمع، في حين أن النابالم وصواريخ الفضاء أحالت شاعر القبيلة وفارسها إلى مهرج بلا بنطال.

يا رفيقي إننا بحاجة إلى مجتمع جديد، وإنسان جديد، إن العالم المعاصر أضحى من التعقد بحيث يحتاج إلى مضاعفة العمل ومضاعفة التخصص. لقد نام كل شيء، إنه موت في الحياة لن يعطيك إلا الحزن والاغتراب.

لست أدري ماذا أكتب لك عن الأخبار الأدبية والسينمائية، إذا كنت تهتم بشيء خاص يمكن أن أتابعه باستمرار لك. أبرز خبر عامٍّ هذا العام هو كتاب سارتر الجديد عن فلوبير بعنوان "أبله العائلة" وهو كتاب يقع في ثلاثة أجزاء، 2000 صفحة، بدأه سارتر منذ عشرين عامًا، وقد قام بتطبيق التحليل الماركسي والتحليل النفسي على حياة فلوبير وأعماله. أفضل ما في فرنسا أبحاث النقد الأدبي، صدر حديثًا كتاب رائع كما يقال اسمه "بيوتيقا دوستويفسكي" لمؤلف سوفييتي. لا تزال ضجة هذا العام هي ألكسندر سولجنستين، صُوَرُه في كل مكان، طباعة فخمة لروايته، وخاصة الدائرة الأولى، دراسات مستمرة عنه، صدر له كتاب اسمه "الكاتب وحرية الرأي"، وصدر عنه كتاب اسمه: "أديب سوفييتي بوجه إنساني".

أعتقد أنه صهيوني. على كل حال تأتي قيمته هنا فقط من كونه أداة ضد الاتحاد السوفييتي. شاهدت هذا الأسبوع فلم فيسكونتي الأخير: «الموت في فينيسيا» المأخوذ عن رواية بالاسم نفسه لتوماس مان، الرواية لها طابع ذهني، إن عظمة فيسكونتي أنه استطاع تشخيص هذه المشاعر والأحاسيس التي تملأ هذه القصة القصيرة. فيسكونتي أعطى الفلم مضمونًا سياسيًّا واجتماعيًّا واضحًا. أرجو أن تسأل لي إن كان هناك كتب فلسفية تصدر عن أكاديمية العلوم بالفرنسية أو الإنجليزية.

سأحاول أن أكوِّن لك مجموعة كتب فنية وأرسلها. أنتظر الحصول على منحة وعندها يمكن أن تطلب ما تشاء. سأذهب إلى باريس هذا الأسبوع وأبقى حتى نهاية الشهر. عنواني هو نفسه حيث تحوّل لي الرسائل إلى باريس. آمل أن أُنهي أطروحتي العام القادم، أحدثك عن عملي في رسالة قادمة.

رشا عرابي
03-27-2020, 08:11 PM
من وإلى ... زاجِلات وبرقيّات تركت الأثر
ولا زالت تورِثُ صداها للأسماع


رائِعة بـ تتبّع الروائِع يا عَلام

عَلاَمَ
03-29-2020, 02:08 AM
من وإلى ... زاجِلات وبرقيّات تركت الأثر
ولا زالت تورِثُ صداها للأسماع


رائِعة بـ تتبّع الروائِع يا عَلام
.


روعة وصولك الزاكي
شرفتيني ونورتي

عَلاَمَ
03-29-2020, 06:45 AM
*



في موسكو1971/4/27م
يكتب محمد إلى فيصل ..




العمل السينمائي الأول الذي طلبه المعلم "الماستر" تالانكين منا؛ وفقًا للمنهج الخاص بمعهد موسكو يشترط أن تروي حدثًا لا يتطلب الحوار. وأن يكون الحدث واقعي ويحصل في الأماكن الطبيعة فقط (أي ليس داخل الأستُديو). وأن يكون متصلًا مع شروط الحياة والعيش في البلد الذي ينتمي له الطالب. بالأمس شعرت وأنا في قاعة العرض بعد انتهاء الفلم الذي شاهدناه؛ أن شاشة السينما هي أكثر الأشياء حساسية وقدرة؛ وهي أدق المرايا في الكشف عن الذات الحقيقية والخفية لصانع الصورة. فقد يستطيع المبدع أن يختفي وراء الكلمات؛ لكنه لن يكون قادرًا على الاختباء وراء الصورة التي صنعها.

حين عدت من سوريا حاملًا الصور التي صورتها هناك للفلم الذي أريد تحقيقه الآن، بدا لي أن هذا "الرشز" (المواد المصورة) يتضمن كل شيء لتحقيق الفلم. وحين شاهدت المواد المصورة لأفلام الطلبة الآخرين بدا لي أنها تفتقد للكثير مما يمكن له أن يحقق تلك الأفلام التي طمحوا لتحقيقها.

بالأمس عرضنا الأفلام بشكلها الأخير. لا أعرف لماذا خرجتُ بعد العرض وأنا أشعر بصفعة على وجهي!… فقد بدا لي أنهم قد حققوا ما كنت أعتقد أنه ناقصًا؛ وأنجزوا أشياء جيدة وجميلة. وأني ما كنت أعتقد أنه بلا نقصان كان ناقصًا.

ليس هذا تقييم، وليس المقصود الجودة أو السوء؛ بل القراءة لما ترى؛ والاستقبال بلا خيال. فاستيقظت في الليل وكتبت في دفتري: "مشكلة فلمي كونه قصة مصورة".

يبدو لي أنه لا بد لي من طلاق بيني وبين القصة الأدبية. ورؤية العالم ببصرية محضة. السينما يجب أن تولد في داخلي من جديد على أنقاض فلمي الأول.

بدت لي هذه الكلمات التي كتبتها بكل نزقها، يجب أن تشكل مسارًا وجدانيًّا يعتلج في داخلي منذ فترة. ربما أكون بهذا قد وضعت أصبعي على المشكلة الأساسية في داخلي.

وأنا إذ أتناول هذه التجربة الأولى بصرامة، فلأني أحس أنه يجب الاستعداد للتجربة الثانية خلال الأيام القليلة القادمة. ربما للمعلم (تالانكين) رأي آخر. فقد عمد دائمًا وبصورة غير مباشرة على تشجيعي على الكتابة، ودائمًا كان يصف ما أقدِّمه له من نصوص أنها أدب بصري. كما لا يمكنني أن أنسى أستاذي العجوز (فيلونوف) مدرس المونتاج الذي عمل مع (إيزنشتاين) وكان شريكًا لـ(كوليشوف) مكتشف المونتاج في السينما. فبعد أن شاهد المواد المصورة في سوريا لفلمي هذا؛ خرج من صالة العرض ودمعة على طرف عينيه؛ وقال لي: فاحت لدي رائحة الواقعية الجديدة الإيطالية! وقد كان لعرض فلمي "حلم مدينة صغيرة" قبل أيام في القاعة الكبرى للمعهد على جمهور واسع من الطلبة والأساتذة؛ أن ذقت ولأول مرة طعم شيء جديد هو صوت الأكف بالتصفيق.

سيرين
03-29-2020, 12:33 PM
برونز لا يشبه بريقه سواكِ اديبتنا علام
مدن الجمال هنا لها من السمو ما يغري الفكر والمعرفة بالمتابعة وطلباََ للمزيد
شكرا لا تنتهي لغدقك المبهر

\..:icon20:

عَلاَمَ
03-30-2020, 06:16 PM
برونز لا يشبه بريقه سواكِ اديبتنا علام
مدن الجمال هنا لها من السمو ما يغري الفكر والمعرفة بالمتابعة وطلباََ للمزيد
شكرا لا تنتهي لغدقك المبهر

\..:icon20:

.

الأنيقة دائما، حضورك الجميل والراقي
شرفتني ونورتي شكرًا لحضرتك

عَلاَمَ
03-31-2020, 07:31 AM
.


http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-357665fb2f.jpg



في لو بانولييه : 30 يونيو_ 1947م
يكتب ألبير ..


عزيزي رينيه شار

سعدت جدًّا برسالتك. هناك عدد قليل من البشر اليوم الذين أحب لغتهم وسلوكهم. وأنت واحد من هؤلاء – الشاعر الوحيد اليوم الذي تجرأ على الدفاع عن الجمال، وعن قول هذا لك صراحة، وإثبات أنه يمكن للمرء أن يناضل من أجله كما يناضل للقمة العيش في الوقت ذاته. أنت تذهب أبعد من الآخرين، من دون أن تستبعد شيئًا.

هل يمكنني الآن أن أطلب منك خدمة، مثل رفيق قديم؟ الأمر أنني: قد سئمت من باريس والعالم المجرمين الذين ألتقيهم فيها. رغبتي العميقة هي العودة مجددًا إلى بلدي الجزائر، هي بلد الرجال، بلدٌ حقيقي، قاس، ولا يمكن أن ننساه. لكن لأسباب شديدة الإختلاف فإن هذا غير ممكن. في حين أن فرنسا االبلد الذي أفضله هو بلدك، وبالتحديد سفح " لوبيرون " وجبل " لوري " و" لوريس " و" لورمارين " … إلخ.

حتى الآن، لم أغتنِ من الأدب. لكن رواية " الطاعون " ستدرّ عليَّ بعض المال. أودّ شراء منزل في هذا البلد. هل يمكنك مساعدتي؟
ربما تتخيل ما يمكن أن يناسبني. منزلٌ بسيط جدًّا، وأيًّا كان اتساعه ( لدي طفلان وأود أن أستضيف فيه من حين لآخر والدتي )، وأن يكون بعيدًا أكثر ما يمكن، مؤثثًا إن أمكن، وأن يكون أكثر ملاءمة من أن يكون مريحًا، ومطلًّا على منظر طبيعي يمكننا النظر إليه مدة طويلة. أعتذر عن هذا الطلب وسأستعلم أيضًا حول هذا الموضوع لدى آخرين. لكن أنت من أثق فيه: فأنت ستضع نفسك في مكاني. لهذا السبب أكتب لك كل هذا، ببساطة. إذا كنت لا تعرف أي شيء حول ذلك، فلا تقلق نفسك. سأفكر بك دومًا بشعور أخوي.


ألبير كامو

عَلاَمَ
03-31-2020, 08:23 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-6cd688ba06.jpg




في ليل 29 سبتمبر _ 1950م
يكتب رينيه ..


عزيزي ألبير

حدثتك هذا الشتاء عن " بوتيجه أوسكوريه " مجلة مارغريت دو باسيانو وإمكانيتها أن تحسن شكل هذه المجلة الرائعة التي دسها نجم [ البلياد ] في المطبخ! لقد أُنجز ذلك ببطء. على الرغم من ميلي القليل للمجلات الأدبية، فإنني أعتقد أن هذه المجلة تستحق ألا ندعها تسقط وأن نساعدها من وقت لآخر بنصوصنا، نصوصك أنت خاصة، ولا سيما تلك التي تشغف بها مارغريت دو باسيانو كثيرًا. الشباب المثيرون للإهتمام الذين نقدرهم أنا وأنت يمكن أن يُنشر لهم فيها بشكل دوري. مارغريت دو باسيانو أنيقة جدًّا، سخية جدًّا. لقد ساعدت بالفعل عددًا غير قليل من هؤلاء الشباب من بين زملائي. أعلم أنها ستكون سعيدة جدًّا بأن تراك. إن لم يزعجك ذلك، فستكون نصائحك مفيدة جدًّا لها، حين تأتي. أتحدث معك بحرية.

..ألبير، أتطلع إلى رؤيتك قريبًا وأرسل لك عاطفتي الأخوية.

رينيه شار

عَلاَمَ
04-01-2020, 09:00 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-2761257eed.jpg



*

في غرناطة / أيلول _ 1996م.
يكتُب عاصم الباشا إلى سعدالله ونوس


.. عندما غادرتكم كنت أهرب ممّا سمَّيتَه خواء، ذلك الذي عانيناه معا وغيّب أحبّتنا باكرا باكرا. التجأت إلى منفاي الاختياري هذا، جبانا، في منأى عن المهانة (أقصد تلك الفجّة المباشرة التي تلقاها في الأرصفة)، لكن القهر والعجز والخواء الذي حملته تلك الصور باتت جميعا في نسيج كياني. واليوم، بعد تسع سنوات، أعاني من القهر ذاته، بالقدر إياه.
كثيرا ما أقضي في مشغلي ساعات مديدة وأياما لا تنتهي عاجزا عن الإتيان بحركة، تتقاذفني التساؤلات وتطيح بي الحيرة.
بعدي عن تيار السوق – كما أشرتَ – والغربة التي تواجهها رؤيتي للأمور وغلاء الإيجار وغياب الدخل الثابت وانزوائي ونباح كلب الجيران.. كلها شروط تكبّلني. لذلك، وتخفيفا للكدر الذي أعود به إلى البيت (اقرأ: خواء الصدر واليد) عمدت في أفريل الماضي إلى شراء دجاجات خمس، كأنما البيضات الثلاث أو الخمس التي أعود بها تبرّر انقضاء يوم آخر من العمر بلا طائل.
البيضة – بالمناسبة – في عرف النحت، أكثر الكتل انسجاما في الكون. تأمّلها مازال يغريني.

ليس من حقّنا التذمّر مما نجنيه بعد أن اخترنا بمطلق الحرية. أذكر طرفة بهذا الصدد: بعد أن ساءت أحوال أبي الاقتصادية عمد إلى ممارسة مهنة تعلّمها في طفولته وهي حياكة الشقق التي تتألف منها بيوت الشعر. زارني بهيج أيّوب، زميلي في كلية الفنون، المعيد في ما بعد والمهاجر إلى كندا في نهاية المطاف. عرجنا على " دكّان الحياكة " وكانت دردشة (والدي كان يريدني طبيبا، مهندسا، أي ذا نفع)، وبما أن يبرود تكاد تكون مرادفا للهجرة عبّر والدي عن دهشته " للثروات " التي يجنيها عمال البناء في السعودية والخليج في سنوات معدودة، وكان يقارن النتيجة بثمان وعشرين سنة متواصلة في نهاية العالم. كان يومئ بالطبع إلى خيارنا، وبما أنني كنت سئمت مناقشة الموضوع، بادره بهيج بالإمالة اليبرودية: هلّق يا بوعمر، أنا ولاّ عاصم، ما فينا نحطّ بلاطة جنب بلاطة جنب بلاطة تا تقوم الناقة؟ فينا! بس ما بدنا!
مازالت قهقهة الوالد ترنّ في الذاكرة.

لا تقرصني المعدة عندما أغلق باب المشغل، بل يعضّني الإحساس بأنه ما من جدوى.
لكنني مازلت أعبّ بعض الهواء، وفي الغد سأجرع قهوتي وسأمجّ دخان سيجاراتي هارعا إلى المشغل، وستكونون معي، كالعادة.
رسالتك أبكتني فرحا وتبكيني.


إلى لقاء قريب.

عَلاَمَ
04-01-2020, 09:18 AM
.


http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-5322380056.jpg



*

في براغ 06/12/1974
كتب محمد مهدي الجواهري


أخي الأعز أبا رائد . وبعد ، قبلات فلا أخالكم تطالبونني الآن بعد أن ( قولبتني السبعون - حتى الآن ( وهي سبعون) رغم أنفك الشريف!. أن أخرج من جلدي ومن جبلة فرضت علي . وخلقة ألزمت بها . على أن الحب الخليص ما هو بالحب ولا بالورق.
كيف حالكم ، وكيف حال عزيزنا الغالي " أبي مهند" بخاصة . فالله يشهد أنه لم يغب عن نفسي يوما واحدا . أما صحتي فما برحت سليمة لحما ودما يحملان بصير مزعزع وثقة مشكوك في أمرها ضغوط القلب والنفس والدماغ.
حبيبي أبا رائد ، لم يصلني الجزء الرابع و إن حاولت ذلك عبثا، أما الثالث فلا شك أنك لاحظت أكثر من غيرك ما هو عليه من أغلاط ونحريفات هذه واحدة . وثانية هي أهم وأوجب أن يلبي ملحتي معكم بأن يكون الجزء الخامس نهاية المجموعة في الوقت الراهن على الأقل . وذلك لأن كل ما عندي من بعد العام السبعين محتاج أشد الاحتياج إلى مراجعات كثيرة ووقفة. ثم لأن الاتفاق بيني وبين ( الإعلام) هو - كما أتذكره بقوة - ينص على أن تكون المجموعة تقف عند حد اليوم الذي قدمت فيه على وجه التحديد . وهذا ما يجب أن يكون.
وملاحظة عابرة عنت لي بمناسبة عابرة كذلك ( هي أن لا تقحم في باب المقطوعات الصغيرة من الإخوانيات) كل اسماء من تعنيهم. وأن تقتصر على ذكر من لا بد من ذكر اسمه.
قبلات حارة لكم جميعا. وسلام للسامرائي العزيز ولأبي لبيد ( المتكبر علي) . ودمتم أعزائي إخوان الصفا.


أخوكم الجواهري

عَلاَمَ
04-07-2020, 11:40 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-036b9c4698.jpg





*

في باريس، 17 فبراير 1924م
يكتب هيمنغواي إلى جرترود شتاين ..


عزيزتي مس شتاين:

يدعي فورد أنه مسرور بالعمل وسيتصل بك. وأخبرته بأنه استغرق منك أربع سنوات ونصفًا لكتابته وهناك 6 مجلدات. ينشر الحلقة الأولى في عدد إبريل الذي يذهب إلى المطبعة في أوائل مارس. تساءل إن كنت تقبلين 30 فرنكًا في الصفحة (صفحة المجلة) وقلت: إنني أعتقد أنني أستطيع إقناعك. (تغطرسي لكن لا تتغطرسي كثيرًا). وضحت أنه كان سبقًا لافتًا لمجلته حصلت عليه فقط بحصولي على عبقرية. إنه تحت تأثير أنك تحصلين على أسعار كبيرة حين توافقين على النشر. لم أعطه هذا الانطباع ولم أقلل منه. وهي رغم كل شيء نقود كوين والعمل يستحق 35 ألف فرنك.

عامليه بسعة صدر ولطف. قلْتُ: إنهم يستطيعون النشر من المجلدات الستة بقدر ما يرغبون وسيكون أفضل وأفضل كلما نشروا أكثر.

إنه حقًّا سبق صحفي بالنسبة لهم كما تعرفين. سيكون لديهم جويس في العدد نفسه. لا يمكن أن تعرفي، قد تكون المراجعة ناجحة. ورغم ذلك لن يستطيعوا دفع 30 فرنكًا 9000 مرة.



صديقك
هيمنغواي

عَلاَمَ
04-09-2020, 10:50 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-4d18e0bff0.jpg




*

يكتب محمد شكري إلى محمد برادة ..

أكتب لك من فراشي. دخلت الي شقتي في الخامسة مساء، الساعة الآن التاسعة. تعشيت جزراً وبصلاً وخرشوفاً وزيتوناً وجبناً عربياً. أشرب ما تيسر، أستمع الي برامز.
انتهيت منذ لحظة من مراجعة قصتي المستحيل . كتبتها عام 67 وأعدت كتابتها عام 70.
أستمع الآن الي ليو فرّي. الفأر الذي أتحدث عنه هنا كان يريد أن يكون صديق محمد زفزاف. كنت أسكن منزلاً أرضياً في طريق رابليه. كان زفزاف يحب النوم في المطبخ الكبير. الفأر يحب أن يلعب الاستغماية فوق وجه زفزاف النائم. ضاق زفزاف بهذه الغميضة . ينهض مراراً صارخاً طالباً مني أن أقتله. أمسكت هراوة صغيرة واختبأت له في ركن من المطبخ والنعاس يغلبني. زفزاف نائم وعلي وجهه فوطة. ظهر الفأر الصغير محدقاً فيّ بلا خوف. لم أستطع قتله. شيء نحيل! كان جميلاً ومسكيناً. لا أعرف ماذا حدث بعد ذلك! فقد كف عن المجيء.. ربما أدركته حكمة الفئران.

أنا ماض في استنساخ القصص اللّيست مضروبة علي الآلة. اخترت 18 قصة، الأخرى مزقتها. اثنتان منها نشرتا: بائع الكلاب في مجلة الآداب عام 69 و الجنين لم يتحرك في مجلة 2000 التي أصدرها عبدالجبار السحيمي. أيضاً مزقت رواية الليل والبحر التي كتبتها سنة 66. احتفظت بفصل منها. سأحوله إلى قصة قصيرة بالعنوان نفسه. هل يتنكر الإنسان حتي لنفسه؟ نعم وحتي الموت!.
إنني أطهر نفسي. الكتب تنام معي. عادة اكتسبتها منذ سنين. القراءة والكتابة في الفراش. مذكرات اللص لجان جنيه أعيد قراءتها بالفرنسية والإسبانية. كذلك أقرأ تاريخ العلم لجورج ساتورن، شعراء المدرسة الحديثة لروزنتال، مجلة عالم الفكر العدد الخاص بالزمن . وقصائد حب علي بوابات العالم السبع للبياتي. غارق في القراءة، لكن الإحساس بالكتابة لم يغزني بعد.
أتردد علي مقهى روكسي أو إسكيما.


تحياتي.
م. شكري

عَلاَمَ
04-14-2020, 01:29 AM
.


http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-4c2b2a8149.jpg


*

في باريس، 15 مايو 1924م تقريبًا
يكتب هيمنغواي إلى جرترود شتاين ..


عزيزتي مس شتاين:

ربما رأيْتِ ستيرنز مع الأخبار السيئة. رأيْتُه وقال: إن ليفرايت أرسل إليه برقية برفض الكتاب.
آسف جدًّا. عار كبير أن يأمل المرء في أي شيء. شعرْتُ بمشاعر سيئة جدًّا تجاه الأمر. لكنَّ هناك ناشرين آخرين، ولا تتخلي عن أي آمال، وسأواظب على العمل بجدٍّ وسوف ينشر آجلًا أو عاجلًا. أسوأ شيء عمل أي شيء بالبريد أو البرقيات. لا يمكن أن ينفق الأميركيون أموالهم بهذه الطريقة. إذا كان ليفرايت هنا ربما كتب شيكًا، إذا تركناهم يفكرون في الأمر لن ينفقوا أي شيء. من السهل جدًّا ألا يفعلوا.
أشعر باستياء بشأن ذلك لكن لا تستائي لأنك كتبته وهذا هو المهم. الأمر متروك لنا، أي أليس توكلاس، وأنا، وهادلي، وجون هادلي نيكانور والرجال الآخرون الطيبون لنشره. سيتم كل شيء عاجلًا أو آجلًا بالطريقة التي تريدينها. هذا ليس علمًا مسيحيًّا.
...،

هيمنغواي.

عَلاَمَ
05-11-2020, 01:58 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-68d558d6d8.jpg





*

في 1989م
يكتب عبدالرحمن إلى فيصل ..

الدفاع عن القيم الإنسانية الإيجابية، هذا الهم الكبير يقضي الإنسان عمره كله، ولا يعرف إذا استطاع أن يضيف، أن يفعل شيئاً في هذا الإتجاه. لكن مع ذلك لا يتوقف من يشغله هذا الهم لحظة واحدة، ولا ينتظر أيضاً اعترافاً أو شكراً، أن يفعله، ولا أريد أن أقول يجب أن يفعله، دون توقع للنتائج. هل هذا وجه من وجوه البطولة التي نبحث عنها؟ هل هذا تبرير للمرور فوق هذه الأرض؟ إن شيئاً مثل الوهم، أو مثلما يتراءى للإنسان بين اليقظة والنوم، ما يدفع للقيام بمثل هذه المغامرة.
أتذكر أنني كتبت لك في رسالة سابقة أن الأبطال والبطولة لا تظهر ولا تتجسد إلا في أوقات الهزيمة، أما في زمن الإنتصار فهناك دائماً بطل واحد، و لا يهم أن يكون الشخص أو الفكرة، أو ربما الإثنان يصيران واحداً في وقت لاحق. أما إذا جاءت الهزائم فهناك آلاف الضحايا، أولاً، وهناك مئات المسؤولين، ثانياً، وهناك أخيراً عشرات المبررات، وفي خضم الهزيمة وبسببها يظهر المهزوم المنتصر ليكون المحصلة: عنواناً وحيداً للسفر في اتجاه واحد: الفرق!

في مثل هذا الجو، وفي مواجهة التيار، يجب أن يكون هناك من يقول لا. وأن يسمي الهزيمة ويشير إلى المهزومين. قد يدفع ثمناً (أو بالأحرى يجب أن يدفع) لكن كلمة من هذا النوع تكون مثل ضربة الإزميل أو مثل السكين. وهذا ما تسميه في رسالتك الأخلاق. إن هذه الكلمة، رغم الإلتباس الذي تولده وتثيره، ضرورية إلى أقصى حد. لأنها، أولاً، الصوت الآخر، المخالف: وثانياً لأنها تتصل بجذر ما قد لا يبدو واضحاً في لحظات معينة، لكنه موجود وممتد إلى بعيد في وجدان الناس، ويعني لهم شيئاً، ويحسون أنه، رغم خفائه وغموضه، مقياس أو أحد المقاييس الذي يجب ألا يغيب.
من هنا، وكما اتفقنا، فإن البطولة، إن وجدت، ليست ما اتفق عليه «الناس» في مرحلة معينة، وليست الضجة أو الصوت القوي، وإنما هي أقرب إلى الخفاء، وربما لا تظهر في الكلمات الكبيرة أو الضاجة. إنها فعل صامت، مليء بالقناعة والتحدي، وتجد تعبيراتها في السلوك اليومي المليء بالمرض الداخلي.
يقولون، وهذا مجرد اقتراب من الموضوع، أن من يتصدق يجب أن لا تعرف يسراه بما قدمت يمناه.
يبدو لي أن هذا أحد أهم أشكال البطولة.
في مجال الكتابة، وفي ظل انتفاخ الأنا، خاصة وقت الهزائم، فإن البطل الحاضر - الغائب هو أهم الأبطال.

عَلاَمَ
07-01-2020, 02:05 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-a45aee1fc4.jpg





*

في 21|12|2005
كتب منصور الرحباني إلى الفيتوري..


يا شاعرًا أحببتُه منذ القصيدة الأولى
أيها الكبير الغاضب، المتمنطق بحزن إفريقيا
وثورة إفريقيا
وغموض ورحابة إفريقيا
الهادر كأنهارها، يا "فيتوري" أحبُّكَ وأحيّيك
من هذا العمر الكبير ألتفتُ إلى الله كلّ نهار قائلاً: سأظلُّ أستقبلُ صباحاتِكَ بالفرح حتى صباحي الأخير.
علينا يا محمد أن نتصالح مع الوجودنا، مع أوجاعنا، مع أعمارنا، مع المقاعد والحيطان وكلّ ما يحيطُ بنا، أن نقتنع ونسلّمَ بأوضاعنا الصّحيّة والحياتية، عندها، نصل إلى السّعادة. وهل السعادة إلا توهّمها؟!!
هل تذكر يا محمد "أسطورة سيزيف" الذي حكمت عليه الآلهةُ بأن يُدحرجَ صخرةً من الوادي حتى القمّة، وحين يصل تفلت من يديه وتعود إلى الوادي، ويعود هو إلى دحرجتها صعودًا.
هكذا وإلى الأبد... لأجل أن ينتصر "سيزيف" على الآلهة، عوض أن يدحرجَ الصّخرة عابسًا صار يدحرجها فَرِحًا فوصل إلى الانتصار.
فلنؤمن بالفرح يا محمد.
إن هذا العصر الهائج سِمَتُه القلق، لأن الناسَ قتلوا آباءهم، قتلوا الإيمانَ بالله في نفوسهم، ووقفوا في مَهبِّ رياح الشَّكّ والعدميّة.
آمِنْ بما تشاء، وكن مَن تشاء ولكن آمِنْ. يجب أن تؤمنَ فالإيمانُ لا يُناقش.
مَن شاء أن يَسعَدَ عليه أن يُؤمن إيمانَ الرُّعاةِ والبُسطاء.
أسندْ ظَهرَكَ إلى حائطِ اليقين، حائط الطّمأنينة،
لأجلِ أن يكونَ للحياة معنًى يجب أن يبقى شيءٌ غامضًا
الشعرُ غموض، الحبُّ غموض، والماورائية غموض.
أنا يا محمد أتقدّم في العمر كلَّ لحظة، ظهري يُؤلمني، مشيتي متعثّرة، أسهر الليل وحيدًا فالكلُّ منشغلٌ بقضاياه وأسبابه. وإنما كلّ صباح ألتفتُ إلى فوق وأقول له: سأظلُّ أستقبلُ صباحاتِك بالفرح، حتى صباحي الأخير.
أيها الوجود اللا متناهي، يا فرحًا يُحطّمُ قلبي.



.

عَلاَمَ
07-26-2020, 02:36 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-7e0e92b939.png





*

في فيينا 6 آذار 1924م
كتب انطونيو غراميشي إلى جوليا شاخت



استلم هذه الايام رسائل كثيرة من الرفاق الايطاليين. انهم يبحثون لدي عن الايمان والحماسة والارادة والقوة. يعتقدون اني نبع لا ينضب, واني في وضع لا يمكن ان تنقضي فيه هذه المؤهلات, بل وبكميات اوزع منها على الاخرين. وهم -في ايطاليا- في قلب الصراع الملتهب, ضائعون ونفسياتهم بالحضيض. اشعر بقلق عميق في بعض الاحيان. استلمت رسالة من رفيقة روسية تقيم في روما, وكانت رفيقة لروزا لوكسمبورغ وللييبكنيخت, ونجت انذاك بطريق الصدفة, او بالاحرى بجهد ارادي ضخم جدا امام المجزرة, هي ايضا تكتب لي وقد خذلتها الشجاعة, ويغمرها شعور بخيبة الامل. وهي ليست ايطالية. ولا يمكن ان يكون عندها تبرير لهذا الشعور.

انهم يطلبون الكثير مني , وينتظرون الحصول على الكثير, وهذا ما يؤثر فيي بشكل مدمر. لقد ساءت أوضاع الحزب كثيرا خلال الاشهر القليلة. لقد انسحب بورديغا للاعتزال في الاقينتينو, وتصرفه هذا أدى الى تعطبيل كل الية الحياة العامة للرفاق. لقد نجحت بالكاد في انقاذ البعض من هذه الحالة, ولكن هل هذا يكفي؟ ما زلت اذكر مشهدا رأيته ذات مرة في تورينو, خلال احتلال المصانع. كانت اللجنة العسكرية تناقش الحاجة التي قد تطرأ في اليوم التالي لانطلاق العمال في هجمة الى خارج المصنع. كان كل اعضاء اللجنة أشبه بالسكارى, وكانو يتماسكون بالايدي فيما بينهم. كانت المسؤولية تسحقهم وتطحنهم فتاتا. أحد هؤلاء الاعضاء في اللجنة, وكان قد حارب مدة خمس سنوات كطيار وواجه الموت مئات المرات قفز الى قدميه, فاهتز وكاد يقع ارضا. بضغط كبير على الاعصاب استطعت ان اتدخل واجعلهم يبتسمون, بنكتة مرحة, ثم اعتدهم الى الحالة الطبيعية والى العمل المثمر. ولكني ما عدت اليوم استطيع عمل الشيء نفسه. في حزبنا كلهم من الشباب, وبدلا من ان تؤدي ردات الفعل الى تلاحمهم فقد اكلت اعصابهم وارادتهم. وانا نفسي لماذا بقيت مريضا مدة طويلة, وما زال المرض يؤثر بي؟ كنت اشعر دائما ان حياتي معلقة بخيط رفيع, وأشعر ان هذا الخيط انقطع فجأة, بعد وصولي الى موسكو, عندما صرت في مكان امين استطيع البقاء فيه هادئا. اني بحاجة اليوم الى ان اكون في غاية القوة, ولكن كيف استطيع ذلك اذا كنتِ بعيدة عني وانتِ الجزء الاكبر مني؟ تعالي يولكا, ولو لفترة زمنية قصيرة, حتى اشعر بكِ قريبة مني, وحتى اتمكن من تحقيق قفزة في العمل أعلى بكثير مما حققت حتى الآن.

عَلاَمَ
09-04-2020, 01:02 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-a0adcbcab7.jpg



*
فيما كان يرقد على فراش المرض..


,

رشا عرابي
09-04-2020, 10:51 AM
.

http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-a0adcbcab7.jpg



*
فيما كان يرقد على فراش المرض..


,




القوانين لا قلبَ لها يا علامَ،
حتى طريقتها جافّةٌ باردة

عَلاَمَ
02-28-2021, 10:27 AM
*




في موسكو، 27_2_1968م
يَكتُب غائب طعمة إلى محمد سعيد الصكار.





عزيزي أبا ريا
تحياتي وحبي


تلقيت رسالتك وقد غادرت المـستشفى كما تمنيت ولكن لا إلى البيت ولكن لاحدى دور الراحة قرب موسكو.

وأنا الآن في صحة لا بأس بها، وبـوضع نفسي طيب ولو كان غير مـستقر تماماً، وكيف تستطيع ان تستقر إذا لم تشعر بأنك تـنمو، ولا تـشعر بالنمو والحياة إلا حين تمسك بالـقلم ويكون بـين يديك دفـتر تتـزايد أوراقه المكتوبة كل يوم، وتحس كل صباح بفرحة الجدة، وحـتى بفرحة الـتمزيق (أقصد تمزيق الورق حين لايعجبك ما تكتب!).

رسالتك حافلة بالأخبار، ويؤسفـني أن لا أسـتطيع مبادلـتها أخـباراً بأخبار، وقد سعدت جداً بأنبـاء الفوران الأدبـي في وطننا العزيز، صدق أنني أقـرأ بـتلهف كل سطر أقع عليـه مكتـوب في مجلـة لأولئك المُتحرقين المـضطرمـين شـوقاً للـنور على شكل أكـثر ملاءمة للـتعبير عن أفكارهم وصورهـم، وهـو مبـعـث القلق الخلاق والأندفاع والثورة والتباهي والصلابـة وكل شيء آت من إيمان الشخص بأنه ما يقوله، ويستطيع ان يقوله.

يقتصـر (نشـاطي) الآن على القـراءة بالـلغةالانـكليزية والـروسـيـة فقـط بسبـب ندرة الـكـتـب العربـية، وقد قرأت كـتباً جـيدة ومـتنوعة وحتى (هنـري ميلر) بجنـسياته وفرجينيا وولف بالسلاسل التي تنقطع من صورها وخواطرها وتنقلاتها.

وبين الحين والآخر أجد مجلة الأداب، والكلمة تصلني باستمرار فـإن لي مراسلات مع صاحبها، وهـو يرسلها لي دائماً، فشكراً على عرضك الطيب.

تـتكون الآن في فكري خيوط روايـة جديدةعـن عـراق 59 ولـولا المرض لكان لي مـنهـا شيء مـكتوب الآن، إن تلك الـفـترة هي الفترة الأخيـرة لي في العـراق، وقد شـهدتـها بكل ترقباتها ومرارتها وضياعها وتوجساتها وقلقهـا، بـكل الفوضى والأمل والـتـشنج والإنـتظار والاسـتسلام، والـرُعـب مـن شـيء مخيف لابـد ان يقع، فهل أستـطيع التـوفيق في ذلك؟ وأكثر ما أخـشاه أن أكون عـاطفياً أكثر مـن اللازم، والمـستقـبل سـيكشف ذلك، ربما لا أسـتطـيع، فــإن كل عمل أدبي يكون حلماً في بدايته حتى يسجل، والأحلام لا تتحقق دائماً.

شكـراً على استطلاعـاتك عن تـوزيع كتابي، وصلتني رسالة من سهـيل إدريس يذكر فيها أنه أرسل 100 نـسخـة فقـط من الـكتـاب الـى العراق خـوفاً من الكساد المـسيطر على سوق الكتـب (على حـد تعبيـره) وانتظـاراً لطلـبات اخرى يعني أنه يريـد أن يجس النبض! وقد كـتـبـت له عما جاء في رسـالـتك ورسـائل أخـرى، وقـد أرسل سهيل مع الـرسـالـة صورة للـعقد، وهـو مجحف، ولـكن ما حيلة العطـشان وقـد مد له قـدح من الماء وقيل له هـذا بكل ما تملك من نقـود وما عليك من لباس!

طُبع من الكـتاب 2000 نسخة وكلف 2400 ليرة لـبنانية ودفـعت مـنهــا أنا 1400 ليرة، ودار الآداب الباقي (على ما يقـول) ودار الآداب تــسـتقــطع 55 بالمائة مـن قيمة كل نسخة مباعة ثم تستـرد الالف ليرة والوشل الباقي لي

هذا هو العقـد! فهل سيكون العقد معك على هذا الـنحو؟ أرجو مـن كل قلـبي ان لا يكون.

لا أعـرف هل كُـتب عنه في الـعراق، وقـد أرسل لي سهـيل وبلند مـقالاً كتب في ملحق جريدة (الأنوار) اللبـنانية وفيه مدح أكـثر مـن اللازم للكتاب! وأنا مُتلهف لسماع آراء أدبائنا العراقيين.

يؤسفني أنني لا أستطيع المساهمة في كتابة شيء الآن بـسبب مـن وضعي غير الطـبيعي،وعسى ان أتمكن في المستقبل.

شكراً على أخبـارك ورسالتك الحلوة، وتحياتي إلى ريا وإلى أم ريا مني ومن سمير وأم سمير، واسلم أيها الأخ العزيز.


المُخلص غائب

عَلاَمَ
03-11-2021, 01:33 AM
https://i0.wp.com/www.kataranovels.com/test/wp-content/uploads/2015/07/Talaat.jpg?resize=238%2C283&ssl=1


*

في 27/5/2003
كتب طلعت سقيرق إلى سميح القاسم



صديقي الشاعر الكبير سميح القاسم

بين المسافة والمسافة تتوهج وردة القصيدة .. تذكرتك وأنا أطالع اليوم آخر كتاب أهديته لي .. كنت أتتساءل بيني وبين نفسي كم من الوقت مضى على اللقاء الخير بيننا .. تصور يا صديقي كم هي مسرعة عجلة الأيام في دورانها .. كان هناك حديث طويل ، أذكر أن الدكتور عزمي بشارة قد تركنا لأن موعد محاضرته كان قد اقترب.. طويلا حدثتني عن حيفا ، طويلا حدثتك عن هذه المدينة التي أنتمي إليها ولا أعرف عنها أي شيء لأنني في منطق العصر الهوج ولدت خارج الوطن .. قلت لك وقتها إن الشعر يحضر عن حيفا مثل حلم ..أذكر أنني لم أحضر أمسيتك لأن الناس كانوا ينتشرون في الشوارع بعد أن غصت القاعة بهم .. آثرت أن أنتظرك في الفندق .. سألتك عن النجومية ، قلت : النجومية وهم ، ليس هناك نجم .. أتدري يا صديقي ، عندما ودعتك قبل رحيلك ، بقيت رائحة كفك في كفي ، وشجر العناق الخير مزروعا على طول قامتي .. سرت في شوارع دمشق وأنا أتساءل : متى سأراك مرة أخرى؟؟.. كنت أخبرتني أننا سنلتقي قريبا .. ضحكت : أي قريب هذا ؟؟.. كتب علينا يا صديقي أن نلتقي في لحظة وداع ، وأن نبني كلماتنا على مقعد ننتظر فيه طائرة ستقلع .. صعب يا صديقي أن نحمل الوطن على هذا الشكل .. صعب .. قبل أيام اتصل بي الشاعر عبد الناصر صالح من طولكرم قال : يا طلعت أنا مشتاق إليك شوق العالم كله ، ورأيتني أبكي يا سميح .. أبكي تمزقنا في هذا العمر الشائك .. كل واحد منا في مكان .. الشاعر محمود درويش كان سيأتي ، ولم يأت لأن الاحتلال بالمرصاد .. انتظرت .. وذهب الانتظار .. وها أنا أشتاق إليك يا سميح ، اشتاق لدفء كلماتك ، لشبابك الذي لا يعرف إلا عنفوان الشباب .. فمتى أراك أيها الحبيب الرائع .. متى ؟؟..


طلعت سقيرق

عَلاَمَ
03-17-2021, 06:28 PM
http://scc.gov.eg/media/1278/%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%B7%D9%8A-%D8%AD%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9%8A.jpg



من فرنسا ..
يكتُب أحمد عبدالمعطي حجازي إلى أمل دنقل:


لقد نزل علي خبر وجودك في المستشفى كالصاعقة، وقد اعتبرت ذلك وكأنه شيء موجه ضدي بالذات.. فأنا في حاجة إليك يا أخي، ليس هذا شعورا أنانيا، فأنت تمثل قيمة كبيرة ومستقبلا، أنت تمثل لي ولمن يحبونك وهم كثيرون جدا جدا، تمثل لنا أملا حقيقيا وقدرة أكيدة على العمل والإضافة والتجاوز والصدق مع النفس والآخرين.. وهذه بذرة تحتاج إليها البلاد حاليا.. ويحتاج إليها الشعر.. لا أبالغ.

عَلاَمَ
06-06-2021, 06:09 PM
https://i.alarab.co.uk/styles/article_image_800x450_scale/s3/empictures/slide/_62747_ecri3.jpg?itok=6jboCfCz






في جنيف : 25_5_1988م
يكتُب نزار قباني إلى صلاح نيازي ..




الأخ العزيز الاستاذ صلاح نيازي المحترم
أرجو أن تكون بخير.
وأن تكون أيام المنفى أقل ّ تجّهماً ورماديةّ معك.
هل يمكن أن يصير المنفى عادةً؟ كالتدخين، وتعاطي الكحول، وإدمان الماريجوانا والهيرويين وحشيش الكيف؟ ...
سؤالٌ كبير.. أخاف من مواجهته، لأنني أخشى أن يكون الجواب (نعم).
وربما كانت مجلتك (الاغتراب الادبي) محاولة ً لتكريس حزننا الجميل، ودموعنا البيضاء، واعطاء جرحنا المؤقت صفة الديمومة..

لقد تصفّحتُ الاعداد الثلاثة التي أرسلتها إليَّ من المجلة، وقرأت الكثير من موادها، فانفجر السؤال مرةَّ أخرى في رأسي: هل يمكن أن يتحوّل المنفى الى أكاديمية.. لها مجلس ادارتها، وكُتّابُها، وشعراؤها، وروائيوها، ومجلتها، ومدارسها الأدبية؟
وبعبارة ثانية، هل نحن على أبواب أندلس أدبية، وسياسية ثانية؟؟
طبعا.. لا أحد يستطيع أن يقول للجرح: لا تنزف ...
وللذاكرة: لا تصرخي.. ولكنني أخشى، يا صلاح، أن نتصالح مع جدران منفانا.. ونصبح أعضاء دائمين في (نادي المنفيين).

إنني لا أنكر أن نتاجي الأخير، كان مصبوغاً بألوان المنفى، ولكنني أحاول ألا أتأقلم ...أو أتعـوّد على هذا اللون الرمادي الطارئ ...كما لا أريد أن أبقى (مستأجراً) في بيت الأحزان..
إنني أقدّر تقديراً كبيراً، أهمّـية ما فعلته، في جمع ما تناثَـرَ من أصابعنا.. ودفاترنا ... وأكبادنا.. وأعتبره أرشيفاً ضرورياً وهاماً لتسجيل هذه المرحلة ...
ولكنني أظلّ حالماً (بمجلتك الثانية) التي سيحررها الاندلسيون.. وهم جالسون تحت شمس الاندلس.




والله يرعاك، أخي العزيز.
توقيع
نزار قباني

عَلاَمَ
06-17-2021, 01:36 AM
https://i2.wp.com/iraqonana.com/wp-content/uploads/2018/12/Shakir-Khasbak1.jpg?resize=700%2C336&ssl=1



*

في 20_4_1957م
يَكتب شاكر خِصباك إلى صالح جواد الطعمة..


أخي: صالح
لقد تحدثت في رسالتك الماضية عن مشكلة الحوار وتأرجحه بين العاميّة والفصحى. والحقيقة أنها مشكلة مستعصية الحلّ في الظروف الحاضرة، ولا أدري كيف يمكن أن تُحَلّ في وقت قريب. إن استعمال الحوار الفصيح في القصص أو التمثيليات يتضمن اعتداء على الناحية الفنّية ولاشك، إذ أن تحدث شخص من شخوص المسرحية أو القصة باللغة الفصحى وهو عديم الثقة لأمر غير مستساغ لدى الفنّان؛ ولكن عذره الوحيد في ذلك هو أن استخدام اللغة العامية معناه طبع الأدب بطابع محليّ بحت. وهناك مسألة أخرى تبرّر استعمال الحوار الفصيح هو أن الحوار ليس في كلماته فحسب بل في معناه وتعابيره، أي في عرض طريقة تفكير الشخص.
فإذا استطاع الكاتب أن يعرف لنا مستوى ونموذج تفكير الشخص وطريقة حديثه بلغة فصحى دون أن يجعل القارئ يشعر بالفارق بين الشخصية الواقعية والشخصية الروائية؛ فلا شك أنه يكون قد كسب المعركة وانتصر على مشكلة الحوار. وهو أمر متعذر للغاية، ولكن لاشك أن من الممكن تحقيقه بالنسبة لبعض الكتّاب.
وفي كلتا الحالتين فلا بد من استعمال أبسط التعابير والكلمات، وأنا أفضل شخصياً استعمال التعابير والكلمات التي تستعمل بالعامية ويمكن كتابتها بالفصحى، أي أنها كلمات فصحى [معمّمة].

عَلاَمَ
06-23-2021, 04:14 AM
https://www.almrsal.com/wp-content/uploads/2017/05/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86%D9%8A%D9%81.jpg





في مطلع نيسان..
يَكتُب عبدالرحمن منيف إلى فيصل درّاج:


عزيزي فيصل
... الضحية والجلاد ليسا شيئين مختلفين فقط
وإنما هما النقيضان ، العدوان اللذان لا يمكن أن يتصالحا أبداً، أو أن يجدا قاسماً مشتركاً للبقاء والتعايش ، وكلمة " التدمير " التي استعملها دقيقة وشديدة الدلالة ، فكل طرف يريد تدمير الطرف الآخر ، نفيه ، وإن كانت وسيلة كل طرف مختلفة عن الآخر . فالضحية بالتماسك والصمود والمقاومة، وبالإستعداد للتسامح مع الطرف الآخر لكي يبقى ، لكن شرط أن تنتهي صفته كجلاد ، والجلاد في أن يلغي من عداه ، أو أن يجعله صورته وشبيهه وامتداد له ، وعدم الإعتراف أو التسامح بوجود الاختلاف أو الأنا الأخرى المتميزة ، والمستقلة .

ومن هنا نأتي للنقطة الأخرى ، وقد أصبحت مضيئة : الضحية تتعامل مع الحاضر من أجل اكتشاف طريق المستقبل ، ولذلك فهي احتمال غائم ،أو مراهنة خطرة ، وهي بمقدار ما تهتم بالحاضر وتتعامل معه فإنها تعتبر هذا الحاضر الرحم الذي يتكون فيه المستقبل ، وهذا ما يجعلها شديدة القلق ، دائمة البحث ، ومستعدة أيضاً للمغامرة والتضحية ، وهذه العناصر التي لا تبدو ايجابيتها للجميع بنفس المقدار تجعل الأمور في حالة سيولة ، أو أقرب إلى تكوين غير منته، وبالتالي بحاجة مستمرة إلى الإضافة والتعديل والتغيير، ومن هنا يأتي التعدد والإختلاف.

ولهذا فإن التثبيت التي يحاول الجلاد الوصول إليه وجعله أبدياً ومستمراً يقابله تفتيت تلجأ له الضحية من أجل زعزعة ما هو ثابت وظالم ، ولذلك تبدأ لعبة غير متوازنة ، تبدأ مغايرة مليئة بالحلم من جانب الضحية، ولا تعني شيئاً هاماً للجلاد ، نظراً لتباين القوى ، من ناحية ، ولأن الجلاد ، كما الضحية ، لا يدرك أبعاد هذه اللعبة ، واحتمالات نتائجها ، لكن في لحظة معينة ، لحظة التغير الذي يحصل في موازين القوى، والأثر الذي يتركه حلم الضحية ، والمثل الذي يبرزه أو يشير إليه ، تجعل الجلاد يعيد ترتيب أولوياته ، بما في ذلك قطع الطريق نهائياً ومرة واحدة على الضحية .

ولهذا نلاحظ ، في إحدى مراحل الصراع، عنفاً مبالغاً فيه ، وقسوة تزيد كثيراً عن الخطر ، وهذا العنف وتلك القسوة يراد منهما التخلص من الخطر أو احتمالاته ، وعملية تثبيت أو إعادة تثبيت لما أصبح يهتز أو لم يعد بنفس الرسوخ السابق ، إضافة إلى خلق الأمثولة .

وأمثولة الجلاد تفرز بالضرورة أمثولة الضحية ، ومن هنا نجد روح السخرية ، إذا صحت مثل هذه التسمية ، في اللعبة . تماماً كمن يقابل دبابة بعصا ، أو من يريد قتل نملة برصاصة . وهذا ما يجعل الأشكال ، بتنافرها ، مضحكة وقابلة للكسر، على الأقل في وجدان الناس. فتظهر النكت والسخرية والصور المركبة كطريقة من طرق المواجهة والرد ، ويصبح سريانها سريعاً وتصديقها سهلاً ، وهذا من شأنه أن يزعزع أكثر فأكثر الثبات السابق والإطار القاسي الذي كان يحيط بالجلاد .

إن التغير المستمر في الصورتين ، وفي الحالتين ، يحتاج إلى تعبيره في كل المستويات ، بما في ذلك الفن والأدب ، ولذلك نلاحظ الضحية ، وبالتالي المعارضة ، رغم ما تعانيه ، قادرة على توليد أشكال لا نهاية لها من التعبير ، وهو أحد أبرز أسلحة المقاومة ، مما يولد غنى في الأساليب وتنوع في الأدوات ، وهذا يخلق مناخًا مساعداً على التوليد المستمر مما يؤدي إلى خصوبة غير متوقعة في جانب ، وضمور وموات في الجانب الآخر ، ولذلك نلاحظ أن الضحية ، والمعارضة عموماً تتميز دائماً بالقدرة على التنوع واكتشاف أساليب جديدة وتقديم صيغ أكثر قدرة على التوصيل والتأثير ، مما يجعلها أكثر كفاءة وقوة ممن يمتلكون القوة والمال والسجون والرصاص ، وبالتالي يهيىء لها المناخ للحماية أولاً ، ثم للقوة بعد ذلك ، مما يخلّ بصيغة التثبيت التي يحاول الجلاد إدامتها .

وما ذكرته عن الوحدانية المسرفة ، والتي يريد الجلاد إشاعتها ، لتكون وحدها صورته ، وبالتالي الإلحاح على الصورة الواحدة ، والشكل الواحد ، والكلمات نفسها ، وحتى طريقة قص الشوارب التي ذكرتها ساخراً ، تصبح هذه المفردات وحدها علامة القوة ، أو التظاهر بالقوة .
أذكر ، قبل سنوات ، أن طريقة الكلام ، ونوع الملابس ، والمشية ، ومفردات أخرى عديدة من نفس الطراز ، أصبحت وحدها السائدة في أوساط معينة في العراق: جميع القادة يدخنون السيجار . وجميعهم يشربون نوعاً محدداً من الويسكي ، وجميعهم يتكلمون بطريقة جلفية، أي يطعمون الكلام بمفردات شعبية، ولكن من القاع ، وهذه المفردات أقرب ما تكون إلى كلمات القوادين والداعرات ، فعلوا ذلك تشبهاً بالقائد .

وفي وقت لاحق أصبحت العطور وأربطة العنق وألوان الملابس وموديلاتها من نفس المخازن والمصادر . ثم أصبحت القصور وأنواع السيارات رموزاً تدلل على الموقع والرتبة . كل ذلك يتم شرط حفظ المسافة ما بين الآباء والأبناء والأحفاد ، بحيث لا يتطاول الابن على أبيه ، أو أقل رتبة على رئيسه وولي نعمته .

وهذا الذي ساد وتفشى خلق نمطاً من المصنوعات لا تكاد تختلف إلا من حيث الحجم ، حتى إذا انتهت المودة (الموضة )، وهي تنتهي حين يريد الجلاد ذلك ، تتغير الطواقم ، أو تغير الطواقم جلودها من أجل كسب وقت إضافي ، أو للعب في الوقت الضائع .

قواعد مثل هذه ظهرت وعمت ، وكانت من صنع الجلاد وعلى نموذجه ، لكن ألا تلاحظ ، رغم الغنى والتنوع اللذين يظهران لدى الضحية ، أن الضحايا ، بعض الأحيان ، تفعل ما يوازي أو ما يماثل ما يفعله الجلاد ؟ إنها تفعل ذلك ، دون شعور واعٍ ، في حالات معينة، أو كطريقة من طرق المقاومة ، أو ما تظنه مقاومة !
الأخطاء ذاتها ، المبالغة ، روح المغامرة ، الشعور بالدونية ، وأحياناً الرغبة في أن تقتل نفسها أو أن ُتقتل .

ما أريد أن أنبه إليه هنا أن حالة قطيعية بمقدار ما تصيب الجلاد ، أياً كان حجمه أو دوره ، تصيب الضحية أيضاً ، وهذا ما يفقدها روح المبادرة والتنوع والخصب ، أو ما يجعلها لا تختلف ، نوعياً ، عن جلادها .

هل أريد أن أصل إلى المساواة بين الضحية والجلاد ، أو إلى اعتبار الدوافع واحدة ؟ لا أعتقد ذلك ، لكن أريد لفت النظر إليه أن كثيراً من الضحايا يصبحون كذلك دون وعي كافٍ ، وأن دوافع بعضهم لا تختلف عن الدوافع العميقة للجلادين . كيف ؟ إن بعض هؤلاء يركن إلى شيء غيبي خلفته العادة أكثر مما ولده الوعي ، وأن بعضاً يصاب بحالة من العناد وردات الفعل ، أي " يثور " حسب التعبير العامي ، أكثر مما يريد تغييراً جدياً وعميقاً . وأن بعضاً لا يستطيع أن يصل إلى نتائج سليمة من خلال قدرته على المحاكمة، ولذلك يترك لغيره أن يتخذ القرار نيابة عنه، ومثل الشيخ وأتباعه ، فإن الأتباع عادة ينوبون عن الشيخ في الأعمال الشاقة والقذرة ، ويتعففون عن مقاسمته الغنائم والملذات !

هذا النوع من الضحايا كيف يمكن أن نصنّفهم أو كيف يمكن أن نميزهم عن الجلادين ؟
أعرف أن النوع يشكل الإستثناء في الحديث الي يجري بيننا ؛ أو بالأحرى ونحن نجري هذا الحديث عن الضحية والجلاد ، نحاول أن نكتشف القوانين العامة ، إذا صح التعبير ، وأن نميز الأساسي من العارض ،والقاعدة من الاستثناء ، لكن مع ذلك يجب ألا تغيب التفاصيل أو الظلال .

لقد اقتربنا شيئاً فشيئاً ، من تحديد الملامح والإشارة إلى القسمات التي تميز وتحدد ، ولا أعرف إذا كانت لديك الرغبة في أن ندرس أكثر الصفات التي تجعل من الجلاد جلاداً، خاصة إذا كان من منبت فقير ، وإذا عانى من ظلم الآخرين وعرف معنى الظلم وقسوته ، والجوع وآلامه ، ثم كيف يتحول إلى شخص من نمط آخر .

كيف يحصل هذا التغير . . .ولماذا
هذان السؤالان يثيران لدي قلقاً أقرب إلى الخوف ، خاصة وأن الأمثلة حولنا كثيرة إلى درجة تثير الفزع والتساؤل معاً .
أطرح هذين السؤالين ، وآمل أن نكتشف الجذر ثم الآلية ، وعلنا نقول قولاً جديداً .



مع كل المودة .
عبد الرحمن منيف

عَلاَمَ
07-07-2021, 02:27 AM
https://i.middle-east-online.com/styles/home_special_coverage_1920xauto/s3/2019-03/mshara.jpg?SbBbbGqVrE4X7rKwXVlEz8njrHYJZuP1&itok=0-YYO26Q





في 12 نيسان 1944م
من ( بسكنتا )
يكتب ميخائيل نعيمه إلى زهير ميرزا



عزيزي الأستاذ زهير
لا تحاسبني بالسّاعات والأيّام إذا ما تأخَّرتُ في الكتابة فلم أُجِبْك على رسائلك في الحال، فقد يكون لذلك أسبابٌ وقد لا يكون.
والمهمُّ أن نجعل الزّمن خادمنا فنسوق السّاعات والأيام بدلاً من أن تسوقنا، والمهمُّ ألّا يغرب عن بالك أني معك وأنك معي في كلّ حين.
فحيوات الناس كالخيوط في نسيجٍ لا بداية له ولا نهاية؛ تتقارب آونةً وتتباعد أخرى، وتتّصل هنا وتنفصل هنالك، إلّا أنَّها وحدةٌ متماسكةٌ في نسيجٍ متماسك.
فعلاقةٌ تبدو لك ابنة اليوم لَأقدمُ في الحقيقة من اليوم ومن كلِّ يوم. وإذا ما حسِبتَها "جديدة" فلأنَّ أوَّلَها وآخرها – ماضيها وآتيها – قد غابا عن الحسِّ الذي لا يعي غير المحسوس من الزمان الحاضر.
أمّا الذين أوتوا من خيالهم مقدرةَ الانفلات من الحاضر المحسوس فهم على اتصالٍ دائمٍ بكل ما في الزمان. وما من "جديدٍ "أو "غريبٍ" عندهم على الإطلاق.
أقولُ ذلك لتعلمَ مقدار شعوري بقُربك منّي ووثيق صلتك بي.
فأنت، وإن حسِبتَ أنك ما اتصلتَ بي إلّا أمس، كنتَ أبداً على فتحة جفنٍ منّي، وكان هذا الجفن مُغمضاً فانفتح، وما أنت ولا أنا الذي فتحه، بل مشيئة الحياة المباركة العاملة في جَفنك وجَفني.

ميخائيل نعيمه

عَلاَمَ
07-16-2022, 07:59 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-d40823d521.png







في 22 نيسان 1922م.
كتب فليكس فارس ..


أخي جبران

انتظرت ليصفو صوتي من غصّة الدُّموع، فما جفّت مناهلها، أردت أن أكتب إليك، مغرّداً، لا نائحاً، فرأيت القلم يَعصيني ، فأطعته.

كدت أسلم نفسي لمبضع الجرّاح لو لم أجد علاجاً أوقف به الآمي التي حملتها ستّين يوماً، فما أبقت لي غير عظام تسيُّرها الإرادة على الأرض، فتمشي.

جبران، إِنَّ رؤيتي إياك عليلاً، كانت أشدَّ عليّ من علَّتي، تعال لنذهب إلى وطن الجسد نحيْيه هناك. إِنَّ للجسم نَزَعات إلى ترابه كما أَنَّ للرُّوح نزعات إلى جوهرها عندما تثور عاصفة الآلام.

تعال، يا أخي، إنّ لنا كلينا في المصدر وفي المظهر جنحاً سليماً وجنحاً مكسوراً، فلنرم المكسورين ولنَطِر بالسّليمين إلى مستقرّ السُّكون..

إِنَّ في روحي إليك شوقاً يشبه الشّوق إلى المقرّ الذي تركت قلبي فيه، هنالك على مرفأ بيروت تتطلَّع عيناي إلى جِنان أرزي وجنَّات بلادي، وقُربَكِ، يا جبران، تتطلعُ روحي إلى أرزها الخالد كأَنّها على شاطئ الكون الحق...

تعالَ لنظفر بالوطنين ونداوي العِلَّتين، إِنَّ هذه المدنيّة التي نالت منك تبريحاً بعد سنين، قد نالت عليَّ بشهور، فتعال نستثمر آلامنا منها تحت ظلال الأرز والصّنوبر إذ نكون هنالك أقرب إلى الأرض وألصق بالسَّماء.

أتيت إخواني المهاجرين، شاعراً، فأراد بعض المتُسّيسين أن يمسخوني نفيعاً، وما كانت استفادتي في هذه الرّحلة غير غصّة في الروح وقَرْحَة في الحشاشة، ولكنَّني أتعزى بقطرات دموع أسالتها كلماتي على المنبر من جفون المهاجرين اخوتي. تلك القطرات هي كلّ غنيمتي : لقد أيقظت شوقاً كاد يموت في رقدته ونبّهت ألماً كاد في هَجْعته يجعل الداء مزمناً عُقاماً. وما من داء أقتل للأفراد والأمَّم من عِلّة لا تؤلم ضحيّتها..

كلّ ما أطلب من القوة المسيّرة العليا، هو أن تقدّر الوصول لي معك إلى بلادنا، فاستند إلى ذراعك وتستند إلى ذراعي، فنتمشّى على مهل بين أوديتها وجبالها، وعلى ضفاف أنهارها ، ونسمع زقزقة عصافيرها، فنفهم ما تٌسرّ الانهار، وما تقول الأطيار، وما تعلن الأنجاد والأغوار.

لقد اشتاقت عيناي إلى مرأى تراب الأرض وما فيه من تجليّات العالم الخفيّ، صدّق، يا جبران، أنَّني ما رأيت زهرة ناضرة، ولا نشقت عَرفاً ذكياً، ولا سمعت تغريد شحرور ولا مرّبي نسيم بَليِل منذ توارت آخر أشعّة رمقتها عيناي على آخر مشهد من أرض الشَّرق بلادك وبلادي.

دَعْ هذه البلاد العظيمة الغنية، وتعال معي إلى بلادنا الصّغيرة الفقيرة حيث لا تتكسّر الزنابق ولا تذبل الأزهار.

تعال، لقد عرف العالم الجديد فيك ما يُتاح للعالم القديم أن يخلق من قوّة في ضعفه، وقد حان الزَّمن الذي يجب فيه أن تعمل هنالك من إخوانك، قرب مقابر الأجداد على أحياء المبادئ السَّامية التي تمخّض الشّرق بها، قديماً، وهي تنتفض اليوم لتسود مدنيّة العالمين في آتي الزّمان.

تعال، لننبّه الآلام الساكنة تعال لتسمعَ سماؤك الصّافية كل ما في أناشيدك من الصّفاء، ولترسُم ريشتك عن الأصل ما ترسمه، الآن عن انطباعات الخيال في قلبك.




سلام إليك من أخيك :
فليكس فارس

عَلاَمَ
08-13-2022, 02:47 AM
.



في القرن الرابع الهجري
كتب أبو حيّان التوحيدي إلى أبي الوفاء البوزجاني
رسالة يشكو فيها حاله..





فصل خلّصني أيها الرّجل من التّكفّف، أنقذني من لبس الفقر، أطلقني من قيد الضرّ، اشترني بالإحسان، اعتبدني بالشّكر، استعمل لساني بفنون المدح، اكفني مؤونة الغداء والعشاء.

إلى متى الكسيرة اليابسة، والبقيلة الذّاوية، والقميص المرقّع، وباقليّ درب الحاجب، وسذاب درب الرّوّاسين؟
إلى متى التأدّم بالخبز والزّيتون؟ قد والله بحّ الحلق، وتغيّر الخلق، الله الله في أمري، اجبرني فإنني مكسور، اسقني فإنني صد، أغثني فإنني ملهوف، شهّرني فإنني غفل، خلّني فإنني عاطل.

قد أذلّني السّفر من بلد إلى بلد، وخذلني الوقوف على باب باب، ونكرني العارف بي، وتباعد عني القريب منّي...

أيّها السيّد، أقصر تأميلي، ارع ذمام الملح بيني وبينك، وتذكّر العهد في صحبتي، طالب نفسك بما يقطع حجّتي، دعني من التعليل الّذي لا مردّ له، والتسويف الّذي لا آخر معه.

ذكّر الوزير أمري، وكرّر على أذنه ذكري، وأمل عليه سورة من شكري، وابعثه على الإحسان إليّ.
افتح عليه بابا يغري الرّاغب في اصطناع المعروف لا يستغني عن المرغب، والفاعل للخير لا يستوحش من الباعث عليه.
أنفق جاهك فإنّه بحمد الله عريض، وإذا جدت بالمال فجد أيضا بالجاه، فإنّهما أخوان.

سرّحني رسولا إلى صاحب البطائح أو إلى أبي السؤل الكرديّ أو إلى غيره ممّن هو في الجبال، هذا إن لم تؤهّلني برسالة إلى سعد المعالميّ بأطراف الشام، وإلى البصرة، فإني أبلغ في تحمّل ما أحمل، وأداء ما أؤدّي، وتزيين ما أزيّن، حدّا أملك به الحمد، وأعرف فيه بالنّصيحة وأستوفي فيه على الغاية دع هذا، ودع لي ألف درهم، فإني أتّخذ رأس مال، وأشارك بقّال المحلّة في درب الحاجب، ولا أقلّ من ذا، تقدّم إلى كسج البقّال، حتّى يستعين بي لأبيع الدّفاتر. قلت: الوزير مشغول. فما أصنع به إذا فرغ، فالشاعر يقول:
" تناط بك الآمال ما اتّصل الشّغل" قد والله نسيت صدر هذا البيت، وما بال غيري ينوّله ويموّله مع شغله، وأحرم أنا؟! أنا كما قال:
وبرق أضاء الأرض شرقا ومغربا
وموضع رجلي منه أسود مظلم

والله إنّ الوزير مع أشغاله المتّصلة، وأثقاله الباهظة، وفكره المفضوض ورأيه المشترك، لكريم ماجد، ومفضل محسن...

وأنا الجار القديم، والعبد الشاكر، والصاحب المخبور، ولكنّك مقبل كالمعرض، ومقدّم كالمؤخّر، وموقد كالمخمد، تدنيني إلى حظّي بشمالك، وتجذبني عن نيله بيمينك، وتغذّيني بوعد كالعسل، وتعشّيني بيأس كالحنظل، "ومن كان عتبه علي مظنّة عيبك، فليس ينبغي أن يكون تقصيره على تيقّنه بنصرك" .

نعم، عتبت فأوجعت، وعرفت البراءة فهلّا نفعت؟ والله ما أدري ما أقول، إن شكرتك على ظاهرك الصّحيح لذعتك لباطنك السقيم، وإن حمدتك على أوّلك الجميل، أفسدت لآخرك الذي ليس بجميل.

قد أطلت، ولكن ما شفيت، ونهلت وعللت، ولكن ما رويت.
وآخر ما أقول: افعل ما ترى، واصنع ما تستحسن، وأبلغ ما تهوى، فليس والله منك بدّ، ولا عنك غنىّ.

والصّبر عليك أهون من الصّبر عنك، لأنّ الصّبر عنك مقرون باليأس، والصّبر عليك ربّما يؤدّي إلى رفع هذا الوسواس، والسّلام لأهل السلام.

عَلاَمَ
09-02-2022, 03:52 PM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-46df47a2d9.png





كتب ڤان غوخ لأخيه
يصف المعاناة العقلية للإكتئاب..
يشعر المرء كما لو أنه قد ألقي مكبل اليدين والقدمين في قاع بئر مظلم وعميق عاجز تمامًا عن الخروج منه.

عَلاَمَ
07-07-2023, 02:34 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-0f069ab065.png





في 25 فبراير، 1988م. _ جنيف
كتب نزار قباني رسالة إلى " رجاء النقاش "..


الحبيب الحبيب رجاء..
رسالتك تفتح القلب بعدما سد هذا الزمان العربي الرمادي أكثر شرايينه، ولأن الرسالة صادرة عن رجاء النقاش بالذات، ولأنك ضميرنا النقدي المشتعل والنظيف، فإننى اعتبرها شهادة من الشهادات الناصعة والنادرة التى أعطيت لي خلال أربعين عاما من العمل الشعري، لقد بددت خوفي يا رجاء على مستقبل الشعر، وأعدت ثقتي بالكلمة القادرة على التغيير، وعلى التفجير، وعلى إشعال الحرائق فى ثياب الناس وفى ضمائرهم، لقد أُعطيت أمسيات شعرية كثيرة في حياتي، ولكن أمسية القاهرة كانت بالنسبة لى ولادة ثانية، وصار بإمكاني أن أؤرخ شعري على الشكل التالي: قصائدي قبل أمسية القاهرة فى 4 فبراير 1988، وقصائدي بعد 4 فبراير 1988، تماما كما يتحدث المؤرخون عن وقائع ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد.

لقد أعطتني أمسية القاهرة الشعرية القناعة أن الشعر لا يزال سلاحا خطيرا بإمكانه أن يفتح الممالك، ويقتحم القلاع، ويمنح الثواب، ويفرض العقاب، ويدق بعنف على أبواب الظالمين، وأن الشاعر ليس رديفا للسلطة، أو هو سلطة فوق السلطة، إنني فخور أن تكون قصائدي - حسب تعبيرك الجميل - "منظمة للتحرير العربى"، وأن تفتح أمام الناس باب الجهاد الأكبر ضد نفوسهم، والحقيقة أنك أعطيتنا تعريفا جديدا للشعر حين جعلته "حركة تحرير " تستهدف تخليص الإنسان من قوى القمع، والظلام، والظلم، والابتزاز، وإشعال قناديل الحرية فى داخله، واكتشاف مناطق الخير والجمال والصدق فى أعماقه.

ليست هناك مجانية، أو عبثية فى الشعر، واللغة ليست أداة ترفيه، وفرفشة وطرب، إنما هى كتيبة مسلحة لمقاتلة التخلف والغيبوبة والأفيون الفكرى، ليست هناك خيارات كثيرة أمام الشعر، فهو إما يكون مع الناس وإما يكون ضدهم، ولا قيمة لشعر يقف فى الوسط، وينضم إلى مجموعة الحياد الإيجابى، ويلبس طاقية الإخفاء حتى لا يلقى القبض عليه متلبسا بجريمة قول الحقيقة.

الشعر يا أخ رجاء، ليس حفلة تنكرية ندخلها دون أن يعرفنا أحد ونخرج منها دون أن تثير الشبهات، أو نتعرض للفضيحة.. الشعر هو فضيحتنا الجميلة وكبار الشعراء فى العالم هم شعراء مفضوحون، المتنبى كان شاعرا مفضوحا.. وأبونواس كان شاعرا مفضوحا، وعروة بن الورد كان شاعرا مفضوحا، وبودلير وفيرلين ورامبو، كانوا شعراء مفضوحين.

البكارة فى الشعر غير مطلوبة، وعذرية الشاعرة لا تزيد عدد العرسان بل هى تنقصهم، لذلك تجدنى دائما هاربا من "بيت الطاعة" الشعري والثقافي والإجتماعي والسياسي، وتجدني دائما فى حالة صدام مع الشرعيات غير المشروعة، طبعا إن خروجي على السطر كلفني الضرب على أصابعي العشرة منذ الأربعينيات حتى اليوم، لكنني لم أرتدع، فأصابع الشاعر مثل نبات الفطر، أومثل الأخطبوط، كلما قطعوا ذراعا منها نبت مكانها عشر أذرع.

إنني أعرف ضريبة الشعر جيدا، وأقبلها بغير اعتراض ومكافأتي الوحيدة، ولا أريد مكافآت من أنى نوع آخر، هي أن أرى صورتي محفورة فى أحداق الشعب العربي، وصوتي معرشا على جدران القاعات، كما جرى فى أمسيات القاهرة الشعرية، عندما يصبح الشاعر جزءا من ذاكرة الجماهير العربية، وجزءا من دورتها الدموية، فإنه يكون في قمة الصحة والعافية، ولا عافية لشاعر غير مقروء.

سأبعث لك بأول فرصة بأعمالي الشعرية الكاملة، وأعمالي النثرية المتفرقة، وسأوافيك قريبا بمجموعتي الشعرية الجديدة " تزوجتك أيتها الحرية " ومسرحيتى النثرية " جمهورية جنونستان " .

إلى أن نلتقى مرة أخرى لك وللعزيزتين...
كل الشوق، وكل الحب..
نزار قبانى.

عَلاَمَ
12-29-2023, 01:50 AM
http://www.ab33ad.info/up/uploads/images/ab33ad.info-0f7cc0278c.jpg




حيث يَدرس في انجلترا !
كتب الشَّاعر: خليل حاوي
رسالةً إلى صديقته الشَّاعرة "ديزي الأمير" ..


قد أستيقظ في أيّ صباح لأقرأ في الصحف أن لبنان قد تبخّر، قد حذف من الخريطة، وأن أهلي لاجئون، أو أنهم قتلى منطرحون على التراب في "الشوير"، أو هم في طريقهم إلى التشرّد الأبدي. إن هذا الخوف يحتلّ أفكاري أحيانا حتى يمنعني من النوم ليالي، وأحيانا يتمثل في صورة مرعبة غبّ النوم، فأستيقظ مذعورا… ولو كانت العودة إلى لبنان مفيدة لعدت. ولو كان الجهاد محبّبا لتركت الدرس وجاهدت، مأساة فظيعة انتظارها أفظع من وقوعها!.