المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ذاكرة الأنف


الطاهر حمزة
11-28-2020, 09:17 PM
‏كيف تشبعت أشيائي بعطرك؟
أغلبُ الظن أنه تسللَ إلى حقيبتي
واندسَّ بين محتوياتِها
ليسكنَ إليها، ويتلبّسَها.
لا أعلمُ منذ متى وهو يقيمُ بداخلِها،
لكنها مدة مكنته من إقناع قلمي،
في جيبه الأمامي،
بأن يستبدل العطر بحبره.
‏آنس شذاه سواري اليتيم،
شاكسه وضاحكَه،
حتى أدمن الأخيرُ حديثَه وأحبه،
فطوقه، وأبى فراقه.
وعندما سمعت دفاتري العمياءُ
ضحكاتِه الخجولة، توترت،
وتحسست طريقها إلى الجدار الفاصل،
فهمست لقلمي، من وراء حجاب:
أريد وشْمَ نوتةٍ موسيقيّة على صدري.
‏الآن.. بعد أن تمت دورة الفراق
ينشِقُ أنفي الحقيبة، الدفاتر،
سواري، ومعصمي.
يبحث عنك فيها/بينها مسعوراً،
كمن يفكك قنبلة موقوتة تحتضر؛
وعندما يجدُك:
يسحبُ شهيقاً أبديّاً، بشراهة غرقٍ وشيك،
لتمتلئ رئتاي بك، وتتشرّبَ بعطرِك.
‏أما ذاكرة الأنف؛ فمقامرةٌ حمقاء..
فلما وجدتك،
لم يُجدِ نفعاً قطعُ جميعِ الأسلاك.
لم يتوقف العد؛
السلكُ الأزرق خدعة.
أما الموتة.. فقد كانتْ مروّعة حقاً..!!

سيرين
11-28-2020, 10:31 PM
للعطور بصمة وللكتابة توثيق الإدانة
وما كان لهما إلا أن يأتيا بعمر غارق في الحنين
دمت متألقاََ مبدعنا \ الطاهر حمزة
مودتي والياسمين

\..:34:

عبدالرحمن عبدالله
11-29-2020, 11:09 AM
لكل بداية نهاية
الا الحنين الا الحنين

كم رائعًا كنت يافاضلي

خالد صالح الحربي
11-29-2020, 01:51 PM
:
العنوان لوحده " قصيدة " وإن كان ما أسفل منه " نثرًا ".
جميل يارفيق الحرف والحِرفة .
🌹

قايـد الحربي
11-29-2020, 08:08 PM
:
:

يليق هذا العبق بـ الطاهر حمزة ،
وهو القادر دوماً على كتابة العطر ..
قطرة قطرة و سطراً سطراً.
؛
شكراً أيها الأنيق

نادرة عبدالحي
12-01-2020, 02:14 AM
استخدام اسلوب الاستفهام من أهم الأساليب التي تحرك مشاعر القارئ ،
بداية موفقة طرح التساؤل ،

كيف تشبعت أشيائي بعطرك؟

والإجابة على التساؤل لا يُترك القارئ يتخبط
في الحصول على الإجابة والتنقيب عنها ، فالكاتب
كان كريما في منح الإجابة والتوضيح المستمر خلال النص ،

أغلبُ الظن أنه تسللَ إلى حقيبتي
واندسَّ بين محتوياتِها
ليسكنَ إليها، ويتلبّسَها.

صورة فنية إبداعية ، وربما يتسأل القارئ لِما وصف الكاتب الدفاتر بالعمياء ؟
ربما لأن القلم تصادق مع عطرها واستبدل الحبر بالعطر ،
ولنرى المشهد عن قُرب القلم يضحك بسبب سعادته مع العطور
فتسمع ضحكاته الدفاتر فتتوتر وتُصاب بالغيرة وكيف لا
وهو رفيقها ومحيي الكلمات على بياضها ، وبسبب فقدان بصرها
تحسست الطريق ومن وراء الحجاب طالبتهُ بوشْمَ نوتةٍ موسيقيّة على صدرها ،

وعندما سمعت دفاتري العمياءُ
ضحكاتِه الخجولة، توترت،
وتحسست طريقها إلى الجدار الفاصل،
فهمست لقلمي، من وراء حجاب:
أريد وشْمَ نوتةٍ موسيقيّة على صدري.

هذا الدمج الإبداعي يُعجل من بزوغ الفجر ويطرد البرد عن وجه الورد ،
الكاتب الفاضل الطاهر حمزة هذا التدفق المُرهف يزيد النص جمالا فوق جماله،
ويمنحه حيوية عجيبة في أمرها ، أتمنى لكَ كل التوفيق ،

آية الرفاعي
09-05-2021, 01:14 PM
عصفٌ عاطفيٌّ!..
تهشِّمُ فيهِ خزائِنَ النِسيانِ، و إمداداتِ البقاء!..
تصعِّدُ -بِالعِطرِ -اقتِتال النُصوصَ التي ستَرِثُ وَجَعَ ما مضى!..
و تَصعَدُ بالذاكرةِ إلى أماكنَ قصيّةٍ !..

نصٌّ مُختَزَلٌ يُترجِمُ لغةَ الرائحةِ المشفّرة بأبجديّةٍ واضحة.

عبدالرحيم فرغلي
09-06-2021, 05:57 AM
جذبني العنوان .. ذاكرة الأنف .. عنوان حديث على مسامعي .. قلت في
داخلي من ابتكر هذا العنوان لابد وأن لديه جرأة على المعاني والوصف ..
ولم تخيب ظني .. هناك جديد في نصك وسردك .. هناك عاطفة استطاع
قلم أن يصورها بشكل جديد .. والخاتمة كانت رائعة لا تقل عن النص في جماله ..
القراءة يا الطاهر ( المعذرة لتخففي من الألقاب .. فقد شعرت أنك قريباً للقلب ) .. كثّف القراءة قدر استطاعتك .. فالمعاني الشريفة تحتاج لصياغة تليق بها ..
سعدت بالقراءة لك .. دمت بكل الخير

سعيد الموسى
09-06-2021, 01:20 PM
في هذه النثريّة مخزون قصائد من الصور والمشاهد واللغة ..
-
العنوان بحدّ ذاته قصيدة ، ذاكرة الأنف !
ماذا تفعل في هذه النثريّة الشعريّة أيها الطاهر ، مذهل جداً

رشا عرابي
10-18-2021, 02:27 PM
التساؤل في المَدخل جيءَ به وقد سبَقَهُ العنوان في إجابتِه....

كثيرةٌ هي التساؤلات في براحِ القلب ....
علاماتُ استِفهامِها لا تؤمن بُ منطق الحيرة فالنبض كفيلٌ بها..

مُدهش~