المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في بكائية على الأطلال


سالم الرويس
02-27-2007, 12:21 AM
الأخوة مشرفوا ومتابعوا ،،،،أبعاد النقد ،،،لكم هذه القراءة المتواضعة ،،،
قراءة في بكائية على أطلال القنص-للشاعر عبدالله بن عون

الشاعرعبدالله بن عون غني عن أي تقديم،شاعر كتب في كل الأغراض،لكن شعره ارتبط كثيرا بالوصف وخاصة وصف الطير ورحلات القنص –بصفته أحد أشهر صقاري الخليج-وكان أغلب وصفه للطير وصفا حسيا يتعلق بأوصاف الطير الخارجية مما تقتضيه ضروريات وصف الرحلة وفعل الطير في المقناص والشواهد على ذلك كثيرة ليس هنا المجال لذكرها .
ولقد لفت نظري في النص المنشور في جريدة الجزيرة العدد12476في صفحة مدارات شعبيةتحت عنوان(قدام يطلع للصقاره زباين)تحول الشاعر من الوصف الخارجي للطير إلى الوصف الداخلي ومن المحسوس إلى المعنوي،فما دلالات هذا الخطاب؟وهل يخاطب الشاعر الطير فعلا؟أم إنه يخاطب نفسه؟أو يخاطب كل من ضاق بالحاضر عندما يسترجع الماضي. .
ينقسم النص إلى أربعة أجزاء تمثل أزمنة تتمحور حولها مثلها من المعاني : .
أ-(1 ـــــ11 )خطاب الطير واسترجاع الماضي ومؤثثاته .
.
ب-(12ـــــ13 )التعريض بصقاري الزمن الحاضر وذم بعض أخلاقياتهم في الصيد .
ج-(14ــــــ18)الشكوى المشتركة بين الشاعر وطيره من الزمن الحاضر وانقراض الصيد النبيل.
د-(19ــــــ22 )السماح للطير بالرحيل وصعوبة ذلك عليهما معاوالانفتاح على المستقبل المجهول . .
يتجه النص من السمو إلى الانحدارفي الأمكنة والأزمنة(قدام –تاليه-مهوب زاين)كما يتجه من قوة العلاقة إلى فتورهاعلى الرغم من وجود المحبة، ولكن تغير الأحوال انعكس على العلاقة بين الصقر والصقارولعل خطاب الشاعر للصقر يمثل تقريعا لعالم الناس ولفئة منهم على وجه التحديد(الصقاقير الجدد)ولعل في اتجاه الشاعر بالخطاب للطير احتجاجا على عالم الانسان وكأنه لم يجد من يقدر شعوره ويفهمه سوى صديقه الطير. .
ركز الشاعر في القسم الأول على الاسترجاع وعرض الذكريات الجميلة الماضية، وتوجه فيه بالخطاب للطير وجعله إنسانا عاقلا يعي ويسمع ويحس ويشارك ( خاطرك ــــ عقبي )فقد تجاوز الشاعر الاحساس بالناس إلى الاحساس بكل ما حوله وتمثل ذلك في الطير والأطلال وملاحظة تغيرهما للأسوأ تبعا لتغير الزمان والإنسان ،إذ لاحظ الشاعر التغير في الطير من ناحيتين : تغير خارجي ( في لمعة الريشة) وتغير داخلي (ناظر العين )وهذا يدل على قوة العلاقة التي تربط بينهما فالطير تغيرت نفسيته الداخلية وتأثر منظره الخارجي لفراقه الشاعر (يومين ) والشاعر أحس بهذا التغير في لون الطير وناظره ،وقد أكد قوة تلك العلاقة وإن كانت على وشك الانفصا ل غير الارادي (كنا خداين )اشارة الى العلاقة الماضيةالجميلة التي لم تكن من طرف واحد بل هي تبادلية بين الصقر والصقار وحبا من طرفين قائما على الاحترام والتقدير ،وقد ركز الشاعر على الذكريات مع الطير واسترجاع مؤثثات الماضي (الأماكن ـــــ الأطلال )حين كان ذاك مسرحا للنبلاء من الصقارين الذين يحترمون الصيد والصقر والطبيعة في وجود ثالوث المتعة (الصقر ـــــ الصقار ــــ الحبارى ) على أرض أنف ( عذى )لم تطأها قدم إنسان لا يعرف أخلاقيات هذه الهواية,ولم تصل إليها المدنية التي شوهتها وافترعت بكارتها . .
فهل يصح لنا أن نقول إن الشاعر في هذا المقطع إنما يخاطب نفسه ويستعيد الذكريات الجميلة مع ذاته وإنما اتخذ الطير قناعا أو ذاتا مشتقة من ذاته يعبر به عما يدور في خلده مع أن ما يقوله حق ،حين يبين الشاعر تحسره على الماضي وتأثره النفسي وما كان يبعثه فيه من أسباب الصحة والنشاط وإن هذا الاسترجاع هو بكاء على ماض تولى كان كل مافيه جميل من بدايته إلى نهايته (ننكف نشاطـ ـــ سالمين الصخاين).
أما في المقطع الثاني والذي يتقابل معنويا وزمنيا مع المقطع الأول فيعًرض الشاعرفيه بالصقارين الجدد وينتقد بعض سلوكياتهم المرفوضة عند الصقار الحقيقي الذي يرتبط مباشرة بالطير ولا يستخدم الأسلحة عند وجود ما يستحق أن يصاد بالطير، ويترفع عن صيد مالا يقع في حكم المصيد (القوبعة ) فالشاعر وطيره يترفعان عن صيد مثل هذا النوع لأنهم يتخذون الصيد متعة وليس لغايات أخرى (أم روحين -مافي نحاهم )فهؤلاء صنف مضاد من الصيادين لا يحبذه الشاعر ويرى أنهم سبب تدهور قيم الصيد وخراب البر . .
ونلاحظ أن الشاعر لم يسترسل كثيرا في هذا المقطع مما يدل على ما ذهبنا إليه وهو أنه يريد الحديث مع نفسه عن نفسه
مغير أدوج تقول مضيع حاجه واخذ وسند على روحي وهرجها
أما في المقطع الثالث فيعود الشاعر مرة أخرى إلى القضية المحورية (الطير- النفس )محددا هويته وهوية طيره (سعودي –الصين )وبذا نقف على السمة اللولبية للنص في مستوييه الزمني والمعنوي من حيث استرجاع الماضي والعودة لخطاب الطير إذ يهيئ الطير للوداع لاختلاف الموطن وانقراض وتغير كل جميل كان يجمعهما، وليس تنكرا من الشاعر أو الطير لعلاقة كل منهما بالآخر وإنما هو تقدير متبادل وتفضيل كل منهما صديقه على نفسه لدرجة السماح له بالرحيل حفاظا على كرامته ونفسيته من الغبن والمهانة وهذا أبرز ما يميز النبلاء من الناس ،فالوداع لم يكن في إرادة الشاعر أو الصقر ولكن الزمن وتغير الأحوال هما السبب الحقيقي (البر في حادور ---- الوقت ماتاليه معنا بزاين )وهذا الواقع هو السبب الحقيقي لضيق أهل الولع وطيورهم.
في المقطع الأخير، وبعد محاولة التبرير لهذا الوداع الاضطراري، يعطي الشاعر طيره الحرية في الرحيل عن هذه البيئة التي لم تعد تصلح لهما ولم تعد تملك من الخصوصية ما يجعلها تميز من يحبها ويحس بها عن غيره ويطلب من طيره الهجرة إلى مكان آخر أفضل على الرغم من صعوبة الفراق لكن العزيز لا يهين العزيز,,,ولهذا سمح الشاعر للطير بالرحيل عندما تغير الوضع وازداد سوءا فالهجرة هي الحل ابتعادا عن الغبن والحسرة ,وكأن الشاعر يريد لو كان طيرا ويترك هذه البيئة ويحل في بيئة أخرى بعيدة بعد الصين ومرتفعة ارتفاع قزوين.
ينغلق النص بلفظة المساجين فالشاعر يرى الأرض المحيطة به وبطيره سجن كبير يرغبان في الخروج منه إلى أرض يشعران فيها بالحرية .
يدور النص كله حول الصقار والصقر والصقارة لكن الشاعر تكلم بلسان الجميع وهذا ما يجعلني أرجح أن الشاعر يتحدث في هذا النص عن نفسه وعلاقته مع تلك الأشياء مجتمعة . . .
هذه إضاءة على نص عميق قابل للقراءة على أكثر من مستوى وهذه هي سمة النصوص الأبداعية الغنية التي كلما تعمقت فيها لا حظت أنها تتحداك بتعدد قراءاتها . .

سالم الرويس ـــــ مملكة البحرين
Rouis22@hotmail.com

محمد الضويحي
02-27-2007, 01:05 AM
عبدالله بن عون .. شاعر له وزنه وعندما يتحدث عن الحنين للماضي تجده أصدق وصفاً
من خلال العيش التلقاءي المفعم بالحياة وصورها الماضيه ليستشف منها الطه والنقاء
والأصاله والفخر ...... استمعت للعديد من قصائده وابحرت معها في عالم آخر وهي بختصار
نقطة ارتكاز لنقد الحاضر بصور عن الماضي الأصيل وهذا بحد ذاته تميز للشاعر في العديد من قصائده




الفاضل ....... سالم الرويس شكرا لاضاءتك حول احد نصوص هذا الشاعر المتألق





.