المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " حمـــيدة "


عيد المطرفي
06-30-2006, 11:07 PM
:
:

كعادتي لا أقطع قراءتي ولا أسمح لغيري بذاك مهما كلفني ذلك - خصوصا- إن كان الكتاب يحترم عقل قارئه ،فمن الحق له حينئذ أن يُقفل الجوال ، وتوضع على باب الغرفة لافتة عدم الدخول ، وإن كدر صفو كل هذه الإحترازات للإستمتاع بالمقروء محمد بتعليقاته الساذجة ، ودخوله وخروجه بطريقة تستفز الأحنف بن قيس وشفع هذا الكدر بالإمتناع عن ملأ كاستي شايا بعد فراغها ، مما دفع بي أحد المرات أن أقطع سياحتي مع عالم ابن تيمية - رحمه الله - وأغلق درء التعارض -على مضض- لأملأ كاستي بعد أن فشلت محاولاتي لأخذ ثلاجة الشاي معي عقابا منهم لعدم جلوسي معهم ، ورغم محبتي للجلسة العائلية خصوصا في هذا الوقت الذي يلم شمل شتات الأسرة من أنحاء متعددة من المملكة ومن الجزائر .

وفي أحد المرات//الكاسات أوسعتني أختي الكبرى لوما " ياربي ما تقعد بس منعزل ، ياخي نبي نجلس معك ، ما تعطي من روحك دافع البلا "!! فنالت بكلماتها تلك رضا واستحسانا من الجميع ، ولم يكن مني إلا أن هززت رأسي إعتراضا وأردفتها بنظرة عتب قفلت بعدها لغرفتي راجعا بعد أن سمعت : " خليه بكيفه ، يالله كملي وبعد ما حط ابوها التلفزيون وش سوت ؟! " ، أثار فضولي هذا الكلام لا سيما وأني تلقيت ما سمعته بتفكيكية أبحث فيها عن ( لامقول) ما سمعت ! " حط ابوها التلفزيون" فمعنى هذه الكلمات المضمر أنهم لا يملكون تلفازا من قبل ، عدت القهقرى سائلا : ش السالفة ؟! منهم اللي ما عندهم تلفزيون ؟!
فتطوع محمد للإجابة معلقا : " والله الشفاوة ! فرددت : " موشغلك يادب ، خلك على الخط ! هاه منهم بالله يالله هذا انا جلست .
وسمعت بعد ذلك قصة لم تدر لي بخيال قبل ذلك ولم اتوقعها خاصة في مثل هذا الزمن الردئ ! قصة تبعث الأمل في نفوس استوطنها اليأس زمنا ، قصة أصبحت شذوذا في وقت كهذا ونشازا في واقع مرير !
قصة أعجبتني ولعلها تنال منكم إعجابا يجعلكم تضرعون لربكم ابتهالا أن يكثر من أمثال " حميده " ويحفظها الله بحفظه .
ففي الوقت الذي كانت تتسمر فيه الفتيات أمام شاشات الرقص وترسل إحداهن المسجات لهذه القناة أو تلك ، وأخراهن على المسنجر والشات كانت حميدة ترتدي خفيها وقفازها وتقطع المسافة من بيت أهلها مشيا على قدميها إلى دار تحفيظ القرآن الكريم ، وتحتسب إلى الله خطوات تلك المسافة البعيدة نوعا ما ، وتذكر الله طول الطريق ، وتردد نصف الحزب المقرر عليها حفظه كل يوم ، تعيش مع القرآن ، وتقرأه غضا طريا تقف عند عظاته ، وتطيل التأمل في عجائب آياته ، وتقف عند حدوده طائعة محتسبة .ولئن تسابقت بنات جنسها لحفظ أغانيي الحب والغرام ومواعيد الوصل وعبارات الهيام كانت هي بكل ما أودعها الله من رقة نفس وعاطفة جياشة تتلو بصوت رخيم قول الله تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ؟! " ولا تملك نفسها وهي تردد الآية فتسبل دمع عينين لا تمسهما النار بإذن من دمعتا لخشيته تقى له وطاعة .
تعتزل المجالس - كمحدثكم - ولكن ليس في قراءة الأفكار اليسارية واليمينية ، بل احتسابا لربها في إجتناب مجالس الغيبة وكفى بذلك مدعاة لاستثقال زميلاتها جلستها بينهن ! إذ أنها لا تنفك عن نصحهن من مغبة اللوك بأعراض المسلمين والمسلمات ، وإن لم يُستجب لها تركت الجلسة والجليسات غير آسفة على مجلس سيكون ترة وحسرة وندامة يوم القيامة ، وسيكون جلاسه كأنما قاموا عن جيفة حمار ، كما تقول هي ذلك مستشهدة بحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - صدقوا أولا تصدقوا فقد استغرب صاحبكم هذا قبلكم حتى سمع بمالم يسمع عن أنثى - في عصرنا هذا - من قبل كما سمع من شأنها !
أي فتاة هذه ؟!
أتمت حميدة في النصف الأول من دراستها في الثالث الثانوي حفظ كلام ربها عن ظهر قلب ، لا لتباهي به وإنما لتحيي به ليلها في تهجدها ، وتسأل ربها أن يجعل منزلتها عند آخر آية تقرؤها .
حفظته كي تذكر به ربها آناء الليل وأطراف النهار في الوقت الذي تتهافت فيه الفتيات على المجلات الرخيصة ، ولما استلمت من الدار مبلغا من المال كمكافأة تشجيع لها ولأخواتها في الدار أتت وقبلت رأس والدها وأعطته المكافأة وطلبته أن يذهبوا بها عمرة لبيت الله ، تصورتُ أن لو لم تكن هي لطارت تلك المكافأة في نزلة سوق واحدة ، على عطر فرنسي ، وثوب يظهر أكثر مما يستر لعرس فلان أو علان ، ولاشترت أفضل أنواع المكياج والعدسات ، ولكن لأنها حميدة فلا استغرب إن تاقت نفسها الطاهرة لأطهر البقاع وأحبها إلى الله ، وكأني بها ملبية وطائفة وساعية تحذر الآخرة وترجو رحمة الله ، وتتقرب له في كل حركة ولفظة .
لله ذلك الصدر المعمور بالإيمان ، أحاله القرآن ربيعا وواحات من الضياء والنور الإلهي .
وبعد أن رفض والدها فكرة العمرة أعطت المبلغ والدها ليسد به بعض دين عليه بنفس راضية وقلب مطمئن .
حدثت عمتها - التي تعيش معهم في المنزل نفسه - أنها ذات ليلة استيقظت في هزيع الليل وثلثه الأخير من عطش لتشرب ماء ، فمرت بها في الصالة ساجدة في مصلاها وهي تبكي وتنشج كأم فجعت بوحيدها !

ليست قصة من قصص الخيال ، ولا ملحمة لهوميروس ، ولا رواية كذلك عن خلف الأحمر أو حماد الراوية ، بل هي حميدة وحسب !
في بداية سماعي لقصتها وما حكي عنها قلت في نفسي هذه مريضة أو ما أشبه ، ولكن لا عجب فهذا الإيمان إذا خالط بشاشته القلوب وهذه لعمري جنة الدنيا التي كنا نسمع عنها ! وهذه سمات من وجد الله فلم يضره بعد ذاك ما فقد من الدنيا .

وهل كانت حميدة التي خلتها مريضة أو تشكو شيئا من هذا القبيل لا يميزها إلا تعلقها بربها وكلامه ؟! - وكفى بذلك تميزا - الجواب بكل بساطة : " لا "

فهي الأولى على دفعة السنة الثانية في تخصص الفيزياء في الكلية - التي لم تدخلها إلا بشق الأنفس ، وباستثناء ووساطة رجل من أهل الخير !وشفعت لها نسبتها العالية في الثانوية - وأودعها الله كذلك هيبة في قلوب الخلق ، وشخصية تحترمها المعلمات وعلى رأسهن عميدة الكلية ، رغم سوء ظروفها وتردي أحوال أهلها المادية لكون أبيها " بطاقة /غير مجنس " إلى درجة أنها لا تجد ما تشتري به ملزمة لأكثر المقررات ، ولا تلح على أبيها لعلمها قلة ذات يده ، ولئلا تكلفه مالا يطيق وماهو خارج عن قدرته التي بالكاد تغطي ضروريات الحياة لها ولأخوتها ! كثر الله من أمثال حميدة ... قولوا آمين ..

شوق
06-30-2006, 11:32 PM
صراحة تستاهل الاقتداء بها

لانه من الاخيار التي نفتخر بمثيلاتها في مجتمعنا

جزاك الله خير اً على هذه القصة

وجعلها الله في موازيين حسناتك

ووفقها الله لم تحب وترضها

ولك مودتي

أختكـ/شووق

صالح العرجان
07-01-2006, 09:42 AM
عيد المطرفي


شكرا لما كتبت


كن بخير يا صديق الكتاااااااااااااب

جود الرباط
07-01-2006, 09:20 PM
ماشاء الله عليها
أسأل الله لها الثبات والتوفيق

عيد المطرفي
07-03-2006, 10:44 PM
صراحة تستاهل الاقتداء بها

لانه من الاخيار التي نفتخر بمثيلاتها في مجتمعنا

جزاك الله خير اً على هذه القصة

وجعلها الله في موازيين حسناتك

ووفقها الله لم تحب وترضها

ولك مودتي

أختكـ/شووق


جزاك الله عن المرور خير الجزاء ، ورفع قدرك في عليين ، واستجاب دعواتك أختاه ..

ولك خالص الشكر والتقدير ..

عيد المطرفي
07-15-2006, 12:53 AM
عيد المطرفي


شكرا لما كتبت


كن بخير يا صديق الكتاااااااااااااب

الشكر لك أخي الحبيب ..

صالح العرجااااااااااااااااان :

كن بخير يا صديقي العزيز ، سعدت بمرورك ..

خالص المحبة والتقدير ..

هدب
07-15-2006, 01:59 AM
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين

جزاك الله خير اً على هذه القصة

وجعلها الله في موازيين حسناتك


دمت بخير

عيد المطرفي
03-16-2008, 04:20 PM
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمين

جزاك الله خير اً على هذه القصة

وجعلها الله في موازيين حسناتك


دمت بخير

وإياك ........