المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الناقد المصري محمود الديداموني يقدم دراسة نقدية لقصيدة ((حاح حاح )) لأسعد الروابة


سعود الروابة
07-15-2007, 12:06 PM
قدم الناقد والشاعر المصري محمود الديداموني دراسة نقدية جميلة لقصيدة الشاعر اسعد الروابة ((حاح حاح)) .... اقدم لكم هذه الدراسة على امل ان تستمتعون بقراءتها ....


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحية لك على هذا الحنين المتدفق لأيامنا الخوالى ، أحلام الطفولة والصبا ، عالم لا يستطيع ان يلج مفازاته إلا شاعر له دربة وقدرة على اجترار الماضى ومزجه بالواقع مهما كان هذا الواقع ، ما قدمته هنا قصيدة قصصية أو قصة شعرية ، تمتلك مقومات القصة من استدعاء وحكى وسرد شعرى ، وحدث ، وتجمع فى طياتها مجموعة من الصور الجزئية التى رسمت بعناية او التقطت بعناية لتصب فى صورة كلية اكثر تعبيرا ودلالة
حاح ..حاااااااح
كنا نسري قبل مايصحيْ الصباح
ما قدمه الشاعر من استهلال بديع للنص الذى بين ايدينا يدل على أن الشاعر يعرف كيف يستميل القارىء ، بل ويشغله ، تلك المفردات الدالة والتى ترتبط بذهن الطفل ، لا تنقطع بل تظل عالقة فى الذاكرة ، تطويها السنون لكن أبدا لا تمحوها...
كنا نسرى قبل ما يسرى الصباح ، وهل هناك أجمل من هذا التعبير الشعرى البديع ، بعيدا عن مجالات الاستعارة والبلاغة وما إلى ذلك ، هو العقل الطفولى النقى الذى يصر على إن يستمتع بوقته طوال الليل يلعب ، أو أنه يصحو قبل ما يصحى النهار
من هذا الجو البريء يندفع بنا الشاعر او يدفعنا نحو الحدث ، ماذا يريد أن يلقى ،
ونْتلعثم من نعسنا بالكلام/وْبالسلام*******
كانوا الأسياد بالجيب الحكومي1
وخلفهم رتل الدرك...........2
والعيون تراقب الفجر الجديد
المنزوي بالشفْق والأُفق البعيد
هذه قدرة الشاعر على التصوير ورسم لوحة للطبيعة ، ليست بالطبع لوحة تقليدية ، بل تصور اللوحة فجرا جديدا ينزوى بالشفق المحمل به على مساحات واسعة من الأفق ، ليراه الجميع منزويا خائفا مضطهدا ، وفى وسط هذا كله ما زال الناس يمارسون خنوعهم التقليدى ومذلتهم اليومية وكأنه روتين الهوان والضعف والاستسلام للهموم ، لقد أدمنوا ذلك فتحول رد الفعل عندهم لمجرد تذمر لا يسمن ولا يغنى من جوع ، أو مزاح سفيه يضحكون به على أنفسهم
وتَمشي افواج البشر
مُثقلة بالهم وعْتاد الحديد
وكان هـَ الهمس يْتعالى بالتذمر والمزااااح
حااااااااح حااااااااااح ...كنا نسري قبل مايصحي الصباح
***
هى الطبقية المترسخة فى عوالم متخلفة ،
كانت النسوة تسولف عن ترف ذيك اللغات /واولاد الأصول
وسطوة الآغات /واسطبل الخيول
وكانت تْرن الحجول /وترتفع مثل الشعاع المنبلج بين الحقول
وتناديْ الرياح .
حااااح حاااح 000كنا نسري قبل مايصحي الصباح
***
لست وحدك فى هذا شاعرى المبجل ، كلنا .... عبرت بوضوح وقدرة عالية فنيا ، وشعريا وفكريا عن الموضوع ، فلامست شغاف القلوب ، هو الأمل .... ولكن
ويوم يظهر من ورى الظلمة شعاع
أحمر يغازل ضما بالليل باقي
وتسمع اصوات السواقي
وفي البرك تسمع صفير الزل
ويْشب اشتياقي
ليه انا وحدي /أحس الدمع ..مثل الشمع ساكن
يحترق يضوي يذوب بصمت ....لكن ...
لايبلل ريقي اليابس بكا
ولايترجم هالشعور المُبهم /المغموس في نهر الجراح
حااااااااح حااااااااااح كنا نسري قبل مايصحي الصباح
***
كانوا الفتيا ضحال /ويائسين /وبائسين
يزرعون الخوف بْظلال التعب
ألم تقل بأنهم منهكين ... يائسين ... بائسين ، والسؤال
هل ما هم فيه نتيجة الخوف أم ان الخوف نتيجة عكسية لكل ما سبق .
ويصرخون بوسط بركان الغضب
لا أعتقد أن صراخهم فى هذه اللحظة يحقق شيئا ... هو الصراخ المكتوم ، التداعى بالأحلام الطفولية ، فلس وطين
بعد ماالشمس تْتهايق من شبابيك الذهول
يصرخون بصوت منهك ...ياظلال الغابة طول طول
كانت الاحلام(فلس)وكانت الاكواخ (طين )
وترجع الافواج منهكها التعب
وترتمي الاجساد باحضان القُبَبْ
وكل يوم يضيع سهواً من جيوب الطفل فلس
وكل يوم يطيح عمداً ...من جدار الكوخ طين
حتى ما كل شيّْ مع الايام راااااااااااح
الـــ (فلس ) رااااااااااااح .....والـــــ (طين )راااااااااااااااااح
حاح 000حاح 000كنا نسري قبل مايصحى الصباح
قصة شعوب سطرها الشاعر فى فنية أغبطه عليها ، ولعل ما كتبته هنا يكون قد عبر أو لامس العمل ولو بجزء من مقاصده الكثيرة
دام الود وخالص تقديرى لمبدع رفيع