المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بدر شاكر السياب


سلطان ربيع
07-03-2006, 10:18 PM
بدر شاكر السياب (1926-1964م)
شاعر عراقي ولد بقرية "جيكور"
جنوب شرق البصرة في أسرة ريفية محافظة تتجر بالنخيل.
درس الابتدائية في القرية المجاورة لجيكور والثانوية في "البصرة" 1938-1943،
ثم انتقل الى بغداد فدخل جامعتها "دار المعلمين العالية" (1943-1948)
والتحق بفرع اللغة العربية، ثم الانكليزية فاطلع على آدابها ونجده عام 1960 في بيروت يطلب المعالجة،
ثم يستبد بجسمه الشلل الكامل 1961، ولا ينفعه بعد ذلك أطباء بغداد والكويت وباريس ولندن وروما،
ويتوفى في "المستشفى الأميري" بالكويت،
فتنقل جثته الى البصرة،
من دواوينه "أزهار ذابلة" 1947،
و "أساطير" 1950،
و "حفار القبور" 1952،
و "المومس العمياء" 1954،
و "الأسلحة والأطفال" 1955،
و"أنشودة المطر" 1962،
و "المعبد الغريق" 1962،
و "منزل الأقنان" 1963
و "شناشيل ابنة الجلبي" 1964.
ثم نشر ديوا "اقبال" عام 1965.
وله قصيدة "بين الروح والجسد" في ألف بيت تقريباً ضاع معظمها.
وقد جمعت دار العودة "
ديوان بدر شاكر السياب" 1971
وله من الكتب "مختارات من الشعر العالمي الحديث"،
و "مختارات من الأدب البصري الحديث".


ـــــــــــــــــــــــ
من شعره
(انشودة المطر)


عيناكِ غابتا نخيلٍ ساعةَ السحَرْ ،
أو شُرفتان راح ينأى عنهما القمر .
عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ
وترقص الأضواء ... كالأقمار في نهَرْ
يرجّه المجذاف وهْناً ساعة السَّحَر
كأنما تنبض في غوريهما ، النّجومْ ...

وتغرقان في ضبابٍ من أسىً شفيفْ
كالبحر سرَّح اليدين فوقه المساء ،
دفء الشتاء فيه وارتعاشة الخريف ،
والموت ، والميلاد ، والظلام ، والضياء ؛
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...
تثاءب المساء ، والغيومُ ما تزالْ
تسحُّ ما تسحّ من دموعها الثقالْ .
كأنِّ طفلاً بات يهذي قبل أن ينام :
بأنَّ أمّه – التي أفاق منذ عامْ
فلم يجدها ، ثمَّ حين لجّ في السؤال
قالوا له : "بعد غدٍ تعودْ .. "
لا بدَّ أن تعودْ
وإِنْ تهامس الرفاق أنهَّا هناكْ
في جانب التلّ تنام نومة اللّحودْ
تسفّ من ترابها وتشرب المطر ؛
كأن صياداً حزيناً يجمع الشِّباك
ويلعن المياه والقَدَر
وينثر الغناء حيث يأفل القمرْ .
مطر ..
مطر ..
أتعلمين أيَّ حُزْنٍ يبعث المطر
وكيف تنشج المزاريب إِذا انهمر
وكيف يشعر الوحيد فيه بالضّياع
بلا انتهاء – كالدَّم المراق ، كالجياع ،
كالحبّ ، كالأطفال ، كالموتى – هو المطر
ومقلتاك بي تطيفان مع المطر
وعبر أمواج الخليج تمسح البروقْ
سواحلَ العراق بالنجوم والمحار ،
كأنها تهمّ بالشروق
فيسحب الليل عليها من دمٍ دثارْ .
أَصيح بالخليج : " يا خليجْ
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والرّدى "
فيرجعُ الصّدى
كأنّه النشيجْ :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى .. "

أكاد أسمع العراق يذْخرُ الرعودْ
ويخزن البروق في السّهول والجبالْ ،
حتى إِذا ما فضَّ عنها ختمها الرّجالْ
لم تترك الرياح من ثمودْ
في الوادِ من أثرْ .
أكاد أسمع النخيل يشربُ المطر
وأسمع القرى تئنّ ، والمهاجرين
يصارعون بالمجاذيف وبالقلوع ،
عواصف الخليج ، والرعود ، منشدين :
" مطر ...
مطر ...
مطر ...
وفي العراق جوعْ
وينثر الغلالَ فيه موسم الحصادْ
لتشبع الغربان والجراد
وتطحن الشّوان والحجر
رحىً تدور في الحقول ... حولها بشرْ
مطر ...
مطر ...
مطر ...
وكم ذرفنا ليلة الرحيل ، من دموعْ
ثم اعتللنا – خوف أن نلامَ – بالمطر ...
مطر ...
مطر ...
ومنذ أنْ كنَّا صغاراً ، كانت السماء
تغيمُ في الشتاء
ويهطل المطر ،
وكلَّ عام – حين يعشب الثرى – نجوعْ
ما مرَّ عامٌ والعراق ليس فيه جوعْ .
مطر ...
مطر ...
مطر ...
في كل قطرة من المطر
حمراءُ أو صفراء من أجنَّة الزَّهَرْ .
وكلّ دمعةٍ من الجياع والعراة
وكلّ قطرة تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسم جديد
أو حُلمةٌ تورَّدتْ على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة
مطر ...
مطر ...
مطر ...
سيُعشبُ العراق بالمطر ... "

أصيح بالخليج : " يا خليج ..
يا واهب اللؤلؤ ، والمحار ، والردى "
فيرجع الصدى
كأنَّه النشيج :
" يا خليج
يا واهب المحار والردى . "
وينثر الخليج من هِباته الكثارْ ،
على الرمال ، : رغوه الأُجاجَ ، والمحار
وما تبقّى من عظام بائسٍ غريق
من المهاجرين ظلّ يشرب الردى
من لجَّة الخليج والقرار ،
وفي العراق ألف أفعى تشرب الرَّحيقْ
من زهرة يربُّها الفرات بالنَّدى .
وأسمع الصدى
يرنّ في الخليج
" مطر ..
مطر ..
مطر ..
في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ .
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة . "

ويهطل المطرْ ..

سلطان ربيع
11-29-2006, 09:20 PM
من رسائل السياب :

أخي العزيز أبا أرواد- أدونيس

أفرحتني رسالتك كثيرا ، لأنها جاءت من أعز صديق علي بعد طول احتجاب، ولأنها حملت لي أخبارا طالما تمنيت حدوثها. حرام يا أدونيس أن تطير الزرازير في سماء الشعر وتبقى النسور مطوية الأجنحة لأسباب هي ليست، في الحق، أسبابا لولا التجني و التزوير

صحتي تتحسن تحسنا بطيئا غاية في البطء. . لكنه تحسن على كل حال. وآمل أن تتحسن إلى حد يسمح لي بالمجيء إلى بيروت في هذا الشتاء

لا أكتب الآن شيئا. أنني أمر في فترة ركود، بعد فترة النشاط المحموم في إنكلترا حيث أنتجن ( منزل الأقنان) الذي نسر -وسأرسل نسختك منه حالما تصلني النسخ المخصصة لي عن قريب- وديوانا لعله سيكون خير ما أنتجت حتى الآن ما زال ينتظر الناشر - 1

وبهذه المناسبة : كم يدفع شريف الأنصاري في هذا الديوان ؟

ما زال الطعم الحلو الحاد الذي تركته قصيدتك (النسر) تحت لساني حتى الآن أكتب قصائد على مستواها: انك ابتدأت- من حيث الشهرة خارج نطاق جماعة (شعر) منذ الآن. وسوف يخلو لك الميدان، فلا منافس، منذ أول قصيدة تنشرها بعد انفكاك من دار (شعر). وهنيئا لشعر بشعرائها الباقين (ماء إلى حصان العائلة) وهلمجرا

هل قرأت الشتائم التي كالها لي شاعر عراقي فاشل على صفحات مجلة الآداب؟ لن يلحقوا بنا مهما شتموا، فليشتموا ما شاء لهم القلم. إننا مؤمنون بقيمة عليا هي الشعر و الحق و الجمال لا برضا فلان أو علان

تحياتي لكافة أصدقائنا المشتركين. تحية أم غيلان وغيلان إلى العائلة الكريمة والى أرواد "خطيبتي التي في لبنان" كما يسميها غيلان
ودم لأخيك الذي يحبك شاعرا عظيما و انسانا أعظم ..


المصدر

رسائل السياب جمع وتقديم ماجد السامرائي
دار الطليعة للطباعة و النشر -بيروت - 1975

سلطان ربيع
11-29-2006, 09:21 PM
الأخ الحبيب الأستاذ جبرا - إبراهيم جبرا

شكرا لرسالتك الرقيقة و اهتمامك بأخيك المنكوب. وبعد، فان الطب في لندن لم يستطع أن يجد علاجا لمرضي

انهم لم يجدوا عيبا في جسدي أو دمي ليقوموه. انه مرض لا يعرف الطب، حتى الآن، سوى اسمه. أما أسبابه وطرق علاجه فما زال يجهلها. ولكن الأمل في الشفاء منه كبير. هكذا أخبروني ، فنتفاءل خيرا غدا صباحا سيزورني دنيس، (جونسن ديفز) برفقة مندوب من B.B.C.



ليسجلوا لي بعض القصائد شكرا على نشر قصيدتي في مجلتكم. كان إخراجا جميلا إخراجها.. أما عن إرسال قصيدة جديدة لكم ، فعندي كثير من الشعر، ولكن من أين لي ب (الخلك) لتبييضه؟ سأعطيكم واحدة أو أكثر حين مروري ببغداد وبقائي يوما واحدا، على الأقل، فيها، حيث سأخبرك وتأتي لرؤيتي

هنيئا لكم بهذه الثورة العربية الجبارة التي أزاحت عنكم الكابوس الشعوبي اللعين سيسمح الآن بديواني (المعبد الغريق) بالدخول إلى العراق بحرية لم يعرضوه في وقته على الرقابة لأنهم خافوا أن يمنع بسبب القصيدة المسماة ابن الشهيد التي سبق أن "قصوها" حين نشرت في الآداب

كتبت قصيدتين في تحية الثورة المباركة. إحداهما من الشعر التقليدي وقد بعثت إلى العراق لتنشر - ولعلك رايتها منشورة- والأخرى من "الشعر الحر" وقد أرسلتها إلى مجلة (الآداب). سأكتب العشرات من القصائد عن جرائم العهد القاسمي البغيض بعد أن أعود إلى وطني خلال عشرة أيام أو حوالي ذلك

ما أخبار الأدباء "المناضلين" ( ………………) ؟ أرجو أن يكونوا قد تنالوا الجزاء الذي يستحقون. وما أخبار الصعلوك "المناضل" ( …………) ؟ إنها أسئلة سأعرف جوابها في العراق. لأن الوقت لن يتسع لأن تجيب على رسالتي. سأكون قد عدت إلى العراق قبل ذلك. أبلغت دنيس بوعدك بالكتابة ل (أصوات) وهو في الانتظار

بعد عودتي إلى العراق سأمكث أسبوعا واحدا في البصرة، ثم أسافر إلى بغداد للعلاج لدى ( معهد العلاج بالوسائل الطبيعية) وستكون فرص لقائنا أكثر. سأكون ممتنا لأي (drive ) بسيارتك. خاصة بعد أن أصبحنا نستطيع التجول دون حرج ولا خوف من "الرفاق"

هل سمعن باحتجاج الحزب الشيوعي الروسي على قيام العهد الجديد في العراق بمحاسبة الشيوعيين عن جرائمهم التي ارتكبوها في عهد قاسم؟ انه لأمر مضحك، وقد نشرته الصحف البريطاني ساخرة به

لو كنت قد استعدت صحتي لكتبت كثيرا من المقالات عن نضال (………….) ولكن هذا المرض اللعين يجعلني عاجزا عن مثل ذلك

إنني الآن أقر لك بالبطولة حيث استطعت أن تصمد أمام هذا الشتاء البريطاني الرهيب وتنال الماجستير من كامبردج. أما أنا فلا أستطيع احتماله حتى في سبيل شهادة "بروفسور" - لو كان ذلك ممكنا- خلال عام واحد. إنني أتحرق شوقا على العودة إلى دفء العراق وشمسه الساطعة. إن درم أبرد من لندن. كان الله في عوني كيف استطعت البقاء فيها شهرا

ما أخبار خالد علي مصطفى؟ أظن الثورة المباركة قد عينته في المعارف فخلصته من عمله البغيض. لو كنت قادرا على الذهاب الى المكتبات لسألتك أي الكتب تريد أن أجلبها لك. ولكن لا باس، عسى الله أن يكتب لي الشفاء فأستطيع السفر إلى أماكن كثيرة : القاهرة ، الجزائر ، أثينا، روما ، مدريد

هل حل اتحاد الأدباء الشيوعيين؟ أتوقع ذلك. ما رأيك في أن أحصل على امتياز مجلة أدبية؟ أظنها ستكون ناجحة. سأفكر في ذلك حين أعود إلى العراق. وستكون أنت في رأس المساهمين بالكتابة فيها. لو كنت قد نلت الشفاء لزرت قرية شكسبير على نهر الآفون- ستاتفورد- على الآفون، ولعملت على أن أزور الشاعرة الإنكليزية العظيمة ايدث ستويل وشار العصر ـ. س. اليوت. ولعل ذلك سيتحقق في مرة قادمة من يدري؟

هل لديك أخبار عن يوسف الخال؟ كتبت له فلم يجب. لا أدري ما السبب. سالت الطبيب عما إذا لم يكن شرب الويسكي أو البيرة الخ مضرة لي . وأنا أنتظر جوابه خلال اليومين القادمين. إن سمح لي بالشرب فسنشرب معا ذات ليلة في بغداد

هل نبتت الأشجار التي اشتريتها من المشتل في حديقتك؟ سنراها أنا وأم غيلان إن شاء الله. " هل رأيت أحدا (يعزم) نفسه هو وزوجته بالإكراه؟"

أفكر بالعودة إلى بغداد من البصرة. بعد أن يكتب لي الشفاء إن وجودي في البصرة - في بيت قريب من محل عملي ومع وجود سيارة لأخذي ممن البيت و اعادتي إليه- أكثر مناسبا لي و أنا في هذه الحال من وجودي في بغداد، في بيت بعيد عم مقر عملي آخذ الباص إليه أو أستأجر سيارة تاكسي
تحياتي للأخت أم سدير، وقبلاتي لسدير وياسر، سلامي لكافة الأصدقاء في الشرك، نعمة و الباقين. و إلى اللقاء قريبا في بغداد
هذا ودم لصديقك

المصدر

رسائل السياب جمع وتقديم ماجد السامرائي
دار الطليعة للطباعة و النشر - بيروت - 1975

بنت النور
01-20-2007, 02:35 AM
::
:

أخي "سلطان"

نقل رائع وموفق

ذائقة رقيقة عذبة بإختيار هذه الشخصيه الرائعه

باقات من الورود تشكرك

وإسمحلي بهذه الاضافة

:
::


صور


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/3.jpg


منزل الأقنان


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/5.jpg


بيروت


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/photo2s.jpg


السياب


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/4.jpg


أبي الخصيب


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/1.jpg


الشناشيل


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/a-1.jpg



http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/a-2.jpg



http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/sayab-5.gif


رسم للسياب


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/dar.gif


أطلال بيت العائلة


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/ph-4.jpg


الشاعر يقرأ


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/6.jpg


قبر السياب

http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/8.jpg


تمثال السياب

تخطيط نادر بقلم السياب متخيلا ابنة الجلبي خلف زخارف الشناشيل


http://www.jehat.com/ar/sayab/gif/sayab-7.gif

محمد مهاوش الظفيري
01-20-2007, 07:06 PM
http://www.adab.com/modules.php?name=Sh3er&doWhat=lsq&shid=2&start=0

موسى أبوطفرة
04-20-2007, 11:03 PM
كثيرا استمتعت بما نثر هنا ، لهذا الشاعر الذي اعشق

سلطان ..شكرا لك

ولبنت النور .. أيضا .

مها الحاج
05-04-2007, 10:04 AM
شكرا جزيلا ويعطيك العافية

ميــرال
06-02-2007, 03:51 AM
فتستفيق ملء روحي ، رعشة البكاء
ونشوةٌ وحشيَّةٌ تعانق السماء
كنشوة الطفل إِذا خاف من القمر
كأن أقواس السحاب تشرب الغيومْ
وقطرةً فقطرةً تذوب في المطر ...
وكركر الأطفالُ في عرائش الكروم ،
ودغدغت صمت العصافير على الشجر
أنشودةُ المطر ...
مطر ...
مطر ...
مطر ...









بحجم السما شكراً

سلطان

نسرين الأحمد
07-26-2007, 06:50 AM
سلطان ربيع



اسمتعت كثيرا بماقرأت هنا


ونقل اكثر من رائـــــع ...



..



كل الشكر لك

غازي العلي
12-04-2007, 01:25 PM
إني...لأعجب...إذ...يخون الخائنون
...أَيخونُ....إنسانٌ....بلاده



إن...خان...معنى ان يكون


.....فكيفَ...يُمكنُ...ان يكون...!!

غازي العلي
12-06-2007, 02:02 PM
قصيدة غريب على الخليج...!!

الريح تلهث بالهجيرة,كالجثام,على الاصيل
وعلى القلوع تظل تطوى أو تنشر للرحيل
زحم الخليج بهن مكتدحون جوّابو بحـــــار
من كل حاف نصف عاري
وعلى الرمال على الخليج
جلس الغريب,يسرّح البصر المحيّر في الخليج
ويهدّ أعمدة الضياء بما يصعّد من نشيج

((أعلى من العباب يهدر رغوه ومن الضجيج
صوت تفجر في قرارة نفسي الثكلى :عراق,
كالمدّ يصعد,كالسحابة ,كالدموع الى العيون
الريح تصرخ بي :عراق,
والموج يعول بي:عراق,عراق,ليس سوى عراق!
البحر اوسع ما يكون وانت ابعد ما تكون
والبحر دونك يا عراق.
بالامس حين مررت بالمقهى سمعتك ياعراق....
وكنت دورة اسطوانه؟
هي دورة الافلاك من عمري,تكوّر لي زمانه
في لحظتين من الزمان,,وان تكن فقدت مكانه
هي وجه امي في الظلام
وصوتها ,يتزلقان مع الر}ى حتى انام::
وهي النخيل اخاف منه اذا أدلهمّ مع الغروب
فاكتظ بالاشباح يخطف كل طفل لايؤوب
من الدروب:
وهي المفليّة العجوز وما توشوش عن ((حزام)) <1>
وكيف شق القبر عنه أمام ((عفراء)) الجميله
فاحتـــــازها0000 الا جديلـــه000000
زهراء,, انت,, أتذكريـــــــن
تــنــّـــورنا الوهّـــــاج تزحمه أكف المصطلين؟؟
وحديث عمتي الخفيض عن الملوك الغابرين؟؟
ووراء بالب كالقضاء
قد أوصدنه على النساء
أيد تطاع بما تـــشـــاء
لأنها ايدي رجال--
كان الرجال يعربدون ويسمرون بلا كلال0
أفتذكرين ؟ أتذكرين ؟؟
ســــــــعــــداء كــنـــا قانعيــــن
بذلك القصص الحزين لانه قصص النساء
حشد من الحيوات والازمان كنا عنفوانه
كنا مداريه اللذين بينهما كيانه
أفليس ذاك سوى هباء؟؟
حـــــــــــــــلم ودورة اســــــــطــــوانـــــــــــه ؟؟
ان كان هذا كلّ ما يبقى فأين هـــــو الــــــعــــــزاء ؟؟؟
أحببت فيك عــــــراق روحي أو حببتك انت فيه:
يا انتما... مصباح روحي انتما-- واتى المساء
والليل اطبق فلتشعا في دجاه فلا اتيه00
لـــــو جئت في البلد الغريب اليّ ما كمل اللقاء !!
الملتقى بك والعراق على يـــديّ000هو اللــقاء!!

شوق يخضّ دمي اليه,,,,كأن كل دمـــــــي اشتهاء
جــــــوع اليـــه00000كجوع000كل دم الغريق الى الهواء
شوق الجنين اذا اشرأب من الظلام الى الولاده !!

اني لأعجب كيغ يمكن ان يخون الخـــــائنون !!!
أيخون انسان بلاده ؟؟
ان خان معنى ان يكون ,,فكيف يمكن ان يكون ؟؟
الشمس اجمل في بلادي من سواها,,والظلام
---حتى الظلام-- هناك اجمل,,فهو يحتظن العراق
واحسرتاه,,متى انام...فاحس ان على الوساده
من ليلك الصيفي طلا فيه عطرك يا عراق
بين القرى المتهيبات خطاي والمدن الغريبه
غنيت تربتك الحبيبه,,,وحملتها,,,
فانا الذي يحمل في المنفى,,مصيبه ...(2)
فسمعت وقع خطى الجياع,,تدمى من عثار
فتذر في عيني منها ومن مناسمها غبار
ما زلت اضرب مترب القدمين اشعث,,في الدروب تحت الشوس الاجنبيه
متخافق الاطمار,,أبسط بالسؤال يدا نديه
صفراء من ذلّ وحمى ::ذلّ شحاذ غريب بين العيون الاجنبيه,,,,
بين احتقار,,,,,وانتهار,,,,وازورار او,, ((خطيّه)) <3>
والموت اهون من خطيّه,,من ذلك الاشفاق تعصره العيون الاجنبيه
قطرات ماء معدنيه
فلتنطفي,,يأنت,,يا قطرات,,يا دم,,يا نقود,,يا ريح,,يا ابرا تخيط لي الشراع متى أعود,,,الى العراق متى اعود,,,,
يا لمعة الامواج رنحهنّ مجداف يرود
بي الخليج ويا كواكبه الكبيرة يا نقود !!
ليت السفائن لا تقاضي راكبيها عن سفار
أو ليت ان الارض كا الافق العريض بلا بحار !!
ما زلت احسب يا نقود,,,أعدّكّن واستزيد,,ما زلت انقص يا نقود بكن من مدد اغترابي,,,,,ما زلت اوقد بالتماعتكنّ نافذتي وبابي
في الضفة الاخرى هناك فحدثيني يا نقود متى اعود,,متى اعود
أتراه يأزف قبل موتي ذلك اليوم السعيد.
سأفيق في ذاك الصباح,,وفي السماء من السحاب
كسر,,وفي النسمات برد,,مشبع بعطور آب
وأزيح بالثؤباء بقيا من نعاسي كا الحجاب
من الحرير يشفّ عن مالايبين وما يبين :
عما نسيت وكدت لا انسى وشك في يقين0
ويضيء لي - وانا امدّ يدي لالبس من ثيابي-
ما كنت ابحث عنه في عتمات نفسي من جواب
لم يملأ الفرح الخفي شعاب نفسي كالضباب ‍‍‍‍‍‍ ؟
اليوم واندفق السرور عليّ يفجأني--أعود ‍‍‍‍‍‍!!
واحسرتاه فلن اعود الى العراق !!
وهل يعود من كان تعوزه النقود؟ وكيف تدّخر النقود
وانت تاكل اذ تجوع ؟؟ وان تتنفق ما يجود
به الكرام على الطعام؟؟ لبكينّ على العراق
فما لديك سوى الدموع
وسوى انتظارك دون جدوى ,,للرياح وللقلوع !!
________________________________________________
الــــــكـــــــــويــــــــت---------1953
(1)هكذا اصبح اسم الشاعر العاشق عروه بن الحزام عند العامه الذين
يروون قصة حبه لعفراء وموته ويرددون معاني القصيده بشعر عامي
(2)تعديل من الكاتب
(3)كلمة اشفاق في اللهجه العراقيه والكويتيه الدارجه ‍‍‍‍

غازي العلي
12-08-2007, 12:07 AM
قصيدة....!!... الوصيــّـــــه ...!!.....

من مرضي
من السرير الأبيض
من جاري انهار على فراشه و حشرجا
يمص من زجاجة أنفاسه المصفره ،
من حلمي الذي يمد لي طريق المقبره
والقمر المريض و الدجى ..؟
أكتبها وصية لزوجتي المنتظره
وطفلي الصارخ في رقاده : " أبي ، أبي"
تلم في حروفها من عمري المعذب
لو أن عوليس وقد عاد إلى دياره
صاحت به الآلهة الحاقدة المدمره
أن ينشر القلاع ، أن يضل في بحاره
دون يقين أن يعود في غد لداره
ما خضه النذير و الهواجس
كما تخض نفسي الهواجس المبعثره
اليوم ما على الضمير من حياء حارس
أخاف من ضبابة صفراء
تنبع من دمائي
تلفني فما أرى على المدى سواها
أكاد من ذلك لا أراها
يقص جسمي الذليل مبضع
كأنه يقص طينة بدون ماء
ولا أحس غير هبة من النسيم ترفع من طرف الستائر الضباب
ليقطر الظلام ، لست أسمع
سوى رعود رن في اليباب
منها صدى وذاب في الهواء …
أخاف من ضبابة صفراء

أخاف أن أزلق من غيبوبة التخدير
إلى بحار ما لها من مرسى
و ما استطاع سندباد حين أمسى
فيهن أن يعود للعود وللشراب والزهور،
صباحها ظلام
وليلها من صخرة سوداء
من ظل غيبوبتي المسجور
إلى دجى الحمام
ليس سوى انتقالة الهواء
من رئة تغفو ، إلى الفضاء
أخاف أن أحس بالمبضع حين يجرح
فاستغيث صامت النداء
أصيح لا يرد لي عوائي
سوى دم من الوريد ينضح
وكيف لو أفقت من رقادي المخدر
على صدى الصور ، على القيامة الصغيرة
يحمل كل ميت ضميره
يشع خلف الكفن المدثر ،
يسوق عزرائيل من جموعنا الصفر إلى جزيره
قاحلة يقهقه الجليد فيها ،
يصفر الهواء في عظامنا ويبكي
ماذا لو أن الموت ليس بعه من صحوه ،
فهو ظلام عدم ، ما فيه من حس ولا شعور ؟
أكل ذاك الأنس ، تلك الشقوه
و الطمع الحافر في الضمير
والأمل الخالق من توثب الصغير
ألف أبي زيد تفور الرغوه
من خيله الحمراء كالهجير
أكلها لهذه النهايه ؟
ترى الحمام للحياة غايه ؟
إقبال يا زوجتي الحبيبه
لا تعذليني ما المنايا بيدي
ولست، لو نجوت ، بالمخلد
كوني لغيلان رضى وطيبه
كوني له أبا و أما و ارحمي نجيبه
وعلميه أن يذيل القلب لليتيم و الفقير
وعلميه

ظلمة النعاس
أهدابها تمس من عيوني الغريبه
في البلد الغريب ، في سريري
فترفع اللهيب عن ضميري
لا تحزني إن مت أي بأس
أن يحطم الناي ويبقى لحنه حتى غدي ؟
لا تبعدي
لا تبعدي
لا …

غازي العلي
12-25-2007, 07:52 AM
المومس العمياء
قصيده ملحميه لشاعر العراق الاشهر
بدر شاكر الســـيـــــّــــاب


الليل يطبق مرة أخرى، فتشربه المدينه

والعابرون، إلى القرارة... مثل أغنية حزينه.

وتفتحت كأزاهر الدفلي، مصابيح الطريق،

كعيون "ميدوزا"، تحجر كل قلب الضغينه،

وكأنها نذر تبشر أهل "بابل" بالحريق

من أي غاب جاء هذا الليل؟ من أي الكهوف

من أي وجر للذئاب؟

من أي عش في المقابر دف أسفع كالغراب؟

"قابيل" أخف دم الجريمة بالأزاهر والشفوف

وبما تشاء من العطور أو ابتسامات النساء

ومن المتاجر والمقاهي وهي تنبض بالضياء

عمياء كالخفاش في وضح النهار، هي المدينة،

والليل زاد لها عماها.

والعابرون:

الأضلع المتقوسات على المخاوف والظنون،

والأعين التعبى تفتش عن خيال في سواها

وتعد آنية تلألأ في حوانيت الخمور:

موتى تخاف من النشور

قالوا سنهرب، ثم لاذوا بالقبور من القبور!

أحفاد "أوديب" الضرير ووارثوه المبصورن.

(جوكست) أرملة كأمس، وباب "طيبة" ما يزال

يلقي "أبو الهول" الرهيب عليه، من رعب ظلال

والموت يلهث في سؤال

باق كما كان السؤال، ومات معناه القديم

من طول ما اهترأ الجواب على الشفاه.

وما الجواب؟

"أنا" قال بعض العابرين...

وانسلت الأضواء من باب تثاءب كالجحيم

يبحثن في النيران عن قطرات ماء... عن رشاش.

لا تنقلن خطاك فالمبغى "علائي" الأديم:


أبناؤك الصرعى تراب تحت نعلك مستباح،

يتضاحكون ويعولون.

أو يهمسون بما جناه أب يبرؤه الصباح

مما جناه، ويتبعون صدى خطاك إلى السكون

الحارس المكدود يعبر متعبات،

النون في أحداقهن يرف كالطير السجين،

وعلى الشفاه أو الجبين

تترنح البسمات والأصباغ ثكلى، باكيات،

متعثرات بالعيون وبالخطى والقهقهات،

أوصال جندي قتيل كللوها بالزهور،

وكأنها درج إلى الشهوات، تزحمه الثغور

حتى تهدم أو يكاد. سوى بقايا من صخور.

جيف تستر بالطلاء، يكاد ينكر من رآها
أن الطفولة فجرتها ذات يوم بالضياء
كالجدول الثرثار - أو أن الصباح رأى خطاها

في غير هذا الغار تضحك للنسائم والسماء،

ويكاد ينكر أن شقا لاح من خلل الطلاء

قد كان - حتى قبل أعوام من الدم والخطيئة -

ثغرا يكركر، أو يثرثر بالأقاصيص البريئه

لأب يعود بما استطاع من الهدايا في المساء:

لأب يقبل وجه طفلته الندي أو الجبين

أو ساعدين كفرختين من الحمائم في النقاء.

ما كان يعلم أن ألف فم كبئر دون ماء

ستمص من ذاك المحيا كل ماء للحياء

حتى يجف على العظام - وأن عارا كالوباء

يصم الجباه فليس تغسل منه إلا بالدماء

سيحل من ذاك الجبين به ويلحق بالبنين -

والساعدين الأبيضين، كما تنور في السهول

تفاحة عذراء، سوف يطوقان مع السنين

كالحيتين، خصور آلاف الرجال المتعبين

الخارجين خروج آدم، من نعيم في الحقول

تفاحة الدم والرغيف وجرعتان من الكحول

والحية الرقطاء ظل من سياط الظالمين

أتريد من هذا الحطام الآدمي المستباح

دفء الربيع وفرحة الحمل الغرير مع الصباح

ودواء ما تلقاه من سأم وذل واكتداح

المال، شيطان المدينه

إبر تسل بها خيوط من وشائع في الحنايا

وتظل تنسج، بينهن وبين حشد العابرين،

شيئا كبيت العنكبوت يخضه الحقد الدفين:

حقد سيعصف بالرجال

والأخرىات، النائمات هناك في كنف الرجال

والساهرات على المهود وفي بيوت الأقربين

حول الصلاء بلا اطراح للثياب ولا اغتسال

في الزمهرير، ودون عد لليالى والسنين!

ويمر عملاق يبيع الطير، معطفه الطويل

حيران تصطفق الرياح بجانبيه، وقبضتاه

تتراوحان: فللرداء يد وللعبء الثقيل

يد، وأعناق الطيور مرنحات من خطاه

تدمي كأثداء العجائز يوم قطعها الغزاه

خطواته العجلي، وصرخته الطويلة "يا طيور

هذي الطيور، فمن يقول تعال..."

أفزعها صداه

عمياء تطفئ مقلتاها شهوة الدم في الرجال.

وتحسسته كأن باصرة تهم ولا تدور

في الراحتين وفي الأنامل وهي تعثر بالطيور،

وتوسلته: "فدى لعينك - خلني. بيدي أراها".

ويكاد يهتك ما يغلف ناظريها من عماها

قلب تحرق في المحاجر واشرأب يريد نور!
وتمس أجنحة مرقطة فتنشرها يداها،

وتظل تذكر - وهي تمسحهن - أجنحة سواها

كانت تراها وهي تخفق... ملء عينيها تراها:

سرب من البط المهاجر، يستحث إلى الجنوب

أعناقه الجذلى... تكاد تزيد من صمت الغروب

صيحاته المتقطعات، وتضمحل على السهوب

بين الضباب، ويهمس البريد بالرجع الكئيب

ويرج وشوشة السكون

طلق... فيصمت كل شيء... ثم يلغط في جنون.

هي بطة فلم انتفضت؟ وما عساها أن تكون؟

ولعل صائدها أبوك، فإن يكن فستشبعون.

وتخف راكضة حيال النهر كي تلقى أباها:

هو خلف ذاك التل يحصد. سوف يغضب إن رآها.

مر النهار ولم تعنه... وليس من عون سواها

وتظل ترقى التل وهي تكاد تكفر من أساها.

...........

يا ذكريات علام جئت على العمى وعلى السهاد؟

لا تمهليها فالعذاب بأن تمري في اتئاد.
قصي عليها كيف مات وقد تضرج بالدماء

هو والسنابل والمساء -

وعيون فلاحين ترتجف المذلة في كواها

والغمغمات: "رآه يسرق"... "واختلاجات الشفاه

يخزين ميتها، فتصرخ يا إلهي، يا إلهي

لو أن غير "الشيخ"، وانكفأت تشد على القتيل

شفتين تنتقمان منه أسى وحبا والتياعا

وكأن وسوسة السنابل والجداول والنخيل

أصداء موتى يهمسون رآه يسرق في الحقول

حيث البيادر تفصد الموتى فتزداد اتساعا

.......

وتحس بالدم وهو ينزف من مكان في عماها

كالماء من خشب السفينة، والصديد من القبور،

وبأدمع من مقلتيها كالنمال على الصخور

أو مثل حبات الرمال مبعثرات في عماها

يهوين منه إلى قرارة قلبها آها فآها.

ومن الملوم وتلك أقدار كتبن على الجبين؟

حتم عليها أن تعيش بعرضها، وعلى سواها

من هؤلاء البائسات وشاء رب العالمين

ألا يكون سوى أبيها - بين آلاف - أباها

وقضى عليه بأن يجوع

والقمح ينضج في الحقول من الصباح إلى المساء

وبأن يلص فيقتلوه... (وتشرأب إلى السماء

كالمستغيثة وهي تبكي في الظلام بلا دموع)

والله - عز الله - شاء

أن تقذف المدن البعيدة والبحار إلى العراق

آلاف آلاف الجنود ليستبيحوا، في زقاق

دون الأزقة أجمعين

(ذاك اسم جارتها الجديد، فليتها كانت تراها

هل تستحق اسما كهذا: ياسمين وياسمين؟)

يا ليت حمالا تزوجها يعود مع المساء

بالخبز في يده اليسار وبالمحبة في اليمين.

لكن بائسة سواها حدثتها منذ حين

عن بيتها وعن ابنتيها، وهي تشهق بالبكاء

كالغيمة السوداء تنذر بالمجاعة والرزايا،

أزراره المتألقات على مغالق كل باب

مقل الذئاب الجائعات ترود غابا بعد غاب

وخطاه مطرقة تسمر، في الظلام، على البغايا

أبوابهن، إلى الصباح - فلا تجاهر بالخطايا

ويظل يخفرهن من شبع وينثر في الرياح

أغنية تصف السنابل والأزاهر والصبايا،

وتظل تنتظر الصباح وساعديه مع الصباح

تصغى - وتحتضن ابنتيها في الظلام - إلى النباح

وإلى الريح تئن كالموتى وتعول كالسبايا

وتجمع الأشباح من حفر الخرائب والكهوف

ومن المقابر والصحاري بالمئات وبالألوف..

فتقف من فزع وتحجب مقلتيها بالغطاء،

ويعود والغبش الحزين يرش بالطل المضاء

سعف النخيل... يعود من سهر يئن ومن عياء

- كالغيمة اعتصرت قواها في القفار، وترتجيها

عبر التلال قوي تجوع - لكي ينام إلى المساء:

عيش أشق من المنية، وانتصار كالفناء

وطوى يعب من الدماء وسم أفعى في الدماء

وعيون زان يشتهيها، كالجحيم يشع فيها

سخر وشوق واحتقار، لاحقتها كالوباء

والمال يهمس أشتريك وأشتريك فيشتريها

........

........

يا ليتها إذن انتهى أجل بها فطوى أساها!

لو أستطيع قتلت نفسي.. همسة خنقت صداها

أخرى توسوس: والجحيم؟ أتبصرين على لظاها؟

وإذا اكفهر وضاق لحدك، ثم ضاق، إلى القرار

حتى تفجر من أصابعك الحليب رشاش نار

وتساءل المكان فيم قتلت نفسك يا أثيمه؟

وتخطفاك إلى السعير تكفرين عن الجريمه.

أفتصرخين أبي فينفض راحتيه من الغبار

ويخف نحوك وهو يهتف قد أتيتك يا سليمه؟

حتى اسمها فقدته واستترت بآخر مستعار

هي - منذ أن عميت - "صباح"...

فأي سخرية مريره!

أين الصباح من الظلام تعيش فيه بلا نهار

وبلا كواكب أو شموع أو كوى وبدون نار؟

أو بعد ذلك ترهبين لقاء ربك أو سعيره؟

القبر أهون من دجاك دجى وأرفق، يا ضريره
يا مستباحة كالفريسة في عراء يا أسيره

تتلفتين إلى الدروب ولا سبيل إلى الفرار؟

...........

وتحس بالأسف الكظيم لنفسها: لم تستباح؟

ألهر نام على الأريكة قربها... لم تستباح؟

شبعان أغفى، وهي جائعة تلم من الرياح

أصداء قهقهة السكارى في الأزقة، والنباح

وتعد وقع خطى هنا وهناك: ها هو

هو ذا يجيء - وتشرأب، وكاد يلمس ... ثم راح

وتدق في أحد المنازل ساعة... لم تستباح؟

الوقت آذن بانتهاء والزبائن يرحلون.

كالدرب تذرعه القوافل والكلاب إلى الصباح؟

الجوع ينخر في حشاها، والسكارى يرحلون،

مروا عليها في المساء وفي العشية ينسجون

حلما لها هي والمنون:

عصبات مهجتها سداه وكل عوق في العيون،

والآن عادوا ينقضون -

خيطا فخيطا من قرارة قلبها ومن الجراح -

ما ليس بالحلم الذي نسجوا ما لا يدركون ...

شيئا هو الحلم الذي نسجوا وما لا يعرفون،

هو منه أكثر: كالحفيف من الخمائل والرياح،

والشعر من وزن وقافية ومعنى، والصباح -

من شمسه الوضاء... وانصرفوا يضحكون!

ستعيش للثأر الرهيب

والداء في دمها وفي فمها. ستنفث من رداها

في كل عرق من عروق رجالها شبحا من الدم واللــ

شبحا تخطف مقلتيها أمس، من رجل أتاها

سترده هي للرجال، بأنهم قتلوا أباها

وتلقفوها يعبثون بها وما رحموا صباها،

لم يبتغوها للزواج لأنها امرأة فقيره،

واستدرجوها بالوعود لأنها كانت غريره،

وتهامس المتقولون فثار أبناء العشيره

متعطشين - على المفارق والدروب - إلى دماها.

وكأن موجة حقدها ورؤى أساها.

كانت تقرب من بصيرة لبها صورا علاها

صدأ المدينة وهي ترقد في القرارة من عماها:

كل الرجال؟ وأهل قريتها؟ أليسوا طيبين؟

كانوا جياعا - مثلها هي أو أبيها - بائسين،

هم مثلها - وهم الرجال - ومثل آلاف البغايا

بالخبز والأطمار يؤتجرون، والجسد المهين

هو كل ما يتملكون، هم الخطاة بلا خطايا

ليس الذين تغصبوها من سلالة هؤلاء:

كانوا مقطبة الجباه من الصخور

ثمتص من فزع الضحايا زهوها ومن الدماء

متطلعين إلى البرايا كالصواعق من علاء!

وتحس، في دمها، كآبة كل أمطار الشتاء

من خفق أقدام السكارى، كالأسير وراء سور

يصغي إلى قرع الطبول يموت في الشفق المضاء.

هي والبغايا خلف سور، والسكارى خلف سور،

دميت أصابعهن: تحفر والحجارة لا تلين،

والسور يمضغهن ثم يقيئهن ركام طين:

وطلول مقبرة تضم رفات "هابيل" الجنين!

سور كهذان حدثوها عنه في قصص الطفوله:

"يأجوج" يغرز فيه، من حنق أظافره الطويله

ويعض جندله الأصم، وكف "مأجوج" الثقيله

تهوي، كأعنف ما تكون على جلامده الضخام.
والسور باق لا يثل... وسوف يبقي ألف عام،

... الطفل شاب وسورها هي ما يزال كما رآه

من قبل يأجوج البرايا توأم هو للسعير!

لص الحجارة من منازل في السهول وفي الجبال

يتواثب الأطفال في غرفاتها ويكركرون...

والأمهات يلدن والآباء للغد يبسمون،

لم يبق من حجر عليها فهي ريح أو خيال.

وأدار من خطم البلاد رحى، وساط من البطون

ما ترتعيه رحاه من لحم الأجنة والعظام،

وكشاطئين من النجوم على خليج من ظلام

يتحرقان ولا لقاء ويخمدان سوى ركام -

شق الرجال عن النساء سلالتين من الأنام

تتلاقيان مع الظلام وتفصلان مع الشروق:

لو يقطعون الليل بحثا والنهار - على سواها

في حسنها هي؟ في غضارة ناهديها أو صباها

وبسعرها هي ؟ أي شيء غير هذا يبتغون؟

عمياء أنت وحظك المنكود أعمى يا سليمه.

.... وتلوب أغنية قديمه

في نفسها وصدى يوشوش: يا سليمه، سليمه

نامت عيون الناس. آه... فمن لقلبي كي ينيمه؟

ويل الرجال الأغبياء، وويلها هي، من عماها!

لم أصبحوا يتجنبون لقاءها؟

عيونها، فيخلفوها وحدها إذ يعلمون

بأنها عمياء؟ فيم يكابرون ومقلتاها

أدري وتعرف أي شيء في البغايا يشتهون

بنظرة قمراء تغصبها من الروح الكسيره

لترش أفئدة الرجال بها، وكانوا يلهثون

في وجهها المأجور، أبخرة الخمور، ويصرخون

كالرعد في ليل الشتاء

ولعل غيره "ياسمين" وحقدها سبب البلاء

فهي التي تضع الطلاء لها وتمسح بالذرور

وجها تطفأت النواظر فيه....

كيف هو الطلاء؟

وكيف أبدو؟

- وردة ... قمر... ضياء!

زور.. وكل الخلق زور،

والكون مين وافتراء

لو تبصر المرآة - لمحة مقلتيها - لو تراها

- لمح النيازك - ثم تغرق من جديد في عماها!

برق ويطفأ... ثم تحكم فرقها بيد، وفاها

بيد، وترسم بالطلاء على الشفاه لها شفاها

شفتاك عارية وخدك ليس خدك يا سليمه،

ماذا تخلف منك فيك سوى الجراحات القديمه؟

وتضم زهرة قلبها العطشى على ذكرى أليمه:

تلك المعابثة اللعوب... كأنها امرأة سواها!

كالجدولين تخوض ماءهما الكواكب - مقلتاها،

والشعر يلهث بالرغائب والطراوة والعبير

وبمثل أضواء الطريق نعسن في ليل مطير،

تقتات بالعسل النقي وترتدي كسل الحرير.

ليت النجوم تخر كالفحم المطفأ والسماء

ركام قار أو رماد، والعواصف والسيول

تدك راسية الجبال ولا تخلف في المدينة من بناء!

أن يعجز الإنسان عن أن يستجير من الشقاء

حتى بوهم أو برؤيا، أن عيش بلا رجاء...

أو ليس ذاك هو الجحيم؟ أليس عدلا أن يزول؟

شبع الذباب من القمامة في المدينة، والخيول

سرحن من عرباتهن إلى الحظائر والحقول،

والناس ناموا -

هذا الذي عرضته كالسلع القديمة: كالحذاء،
كالجرار الباليات، كأسطوانات الغناء...

هذا الذي يأبي عليها مشتر أن يشتريه

قد كان عرضا - يوم كان - ككل أعراض النساء!

كان الفضاء يضيق عن سعة، وترتخص الدماء

إن رنق النظر الأثيم عليه. كان هو الإباء

والعزة القعساء والشرف الرفيع. فشاهديه

يا أعين الظلماء، وامتلئي بغيظك وارجميه

بشواظ عارك واحتقارك يا عيون الأغبياء!

للموت جوعا، بعد موتي - ميتة الأحياء - عارا.

لا تقلقوا.. فعماي ليس مهابة لي أو وقارا.

مازلت أعرف كيف أرعش ضحكتي خلل الرداء

كالقمح لونك يا ابنة العرب،

كالفجر بين عرائش العنب

أو كالفرات، على ملامحه

دعة الثرى وضراوة الذهب.

عربية أنا: أمتى دمها

خير الدماء... كما يقول أبي.

تجري دماء الفاتحين. فلوثوها، يا رجال

أواه من جنس الرجال... فأمس عاث بها الجنود

الزاحفون من البحار كما يفور قطيع دود

يا ليت للموتى عيونا من هباء في الهواء

ترى شقائي
إلا العفاة المفلسين.

أنا زهرة المستنقعات، أعب من وحل وطين

وأشع لون ضحى...

وذكرا بجعجعة السنين

سعالها. ذهب الشباب!!

ذهب الشباب!! فشيعيه مع السنين الأربعين

ومع الرجال العابرين حيال بابك هازئين.

وأتي المشيب يلف روحك بالكآبة والضباب،

فاستقبليه على الرصيف بلا طعام أو ثياب،

يا ليتك المصباح يخفق ضوءه القلق الحزين

في ليل مخدعك الطويل، وليت أنك تحرقين

دما يجف فتشترين

سواه: كالمصباح والزيت الذي تستأجرين.

عشرون عاما قد مضين، وشبت أنت، وما يزال

يذرذر الأضواء في مقل الرجال.

لو كنت تدخرين أجر سناه ذاك على السنين

أثريت..

ها هو ذا يضيء فأي شيء تملكين؟

ويح العراق! أكان عدلا فيه أنك تدفعين

سهاد مقتلك الضريره

ثمنا لملء يديك زيتا من منابعه الغزيره؟

كي يثمر المصباح بالنور الذي لا تبصرين؟

عشرون عاما قد مضين، وأنت غرثى تأكلين

بنيك من سغب، وظمأى تشربين

حليب ثديك وهو ينزف من خياشيم الجنين!

وكزارع له البذور

وراح يقتلع الجذور

من جوعه، وأتى الربيع فما تفتحت الزهور

ولا تنفست السنابل فيه...

ليس سوى الصخور

سوى الرمال، سوى الفلاه -

خنت الحياة بغير علمك، في اكتداحك للحياه!

كم رد موتك عنك موت بنيك. إنك تقطعين

حبل الحياة لتنقضيه وتضفري حبلا سواه،

حبلا به تتعلقين على الحياة: تضاجعين

ولا ثمار سوى الدموع، وتأكلين،

وتسهرين ولا عيون، وتصرخين ولا شفاه،

وغدا. وأمس ... وألف أمس - كأنما مسح الزمان

حدود ما لك فيه من ماض وآت

ثم دار، فلا حدود

ما بين ليلك والنهار، وليس، ثم، سوى الوجود....

سوى الظلام، ووطء أجساد الزبائن، والنقود،

ولا زمان، سوى الأريكة والسرير، ولا مكان!

لم تسحبين ليالى السأم المسهدة الرتيبه؟

ما العمر؟ ما الأيام؟ عندك، ما الشهور؟ وما

السنين؟

ماتت "رجاء" فلا رجاء ثكلت زهرتك الحبيبه!

بالأمس كنت إذا حسبت فعمرها هي تحسبين.

كانت عزاءك في المصيبه،

وربيع قفرتك الجديبه.

كانت نقاءك في الفجور، ونسمة لك في الهجير،

وخلاصك الموعود، والغبش الكبير!

ما كان حكمه أن تجيء إلى الوجود وأن تموت؟

ألتشرب اللبن المرنق بالخطيئة واللعاب:

أو شال ما تركته في ثدييك أشداق الذئاب؟

.............

مات الضجيج وأنت، بعد، على انتظارك

تتنصتين، فتسمعين

رنين أقفال الحديد يموت، في سأم، صداه:

الباب أوصد

ذاك ليل مر...

فانتظري سواه.

غازي العلي
12-31-2007, 12:08 AM
شناشيل ابنة الجلبي
-----------------

و أذكر من شتاء القرية النضاح فيه النور
من خلل السحاب كأنه النغم

تسرب من ثقوب المعزف - ارتعشت له الظلم
وقد غنى - صباحا قبل
فيم أعد ؟ طفلا كنت أبتسم
لليلي أو نهاري أثقلت أغصانه
النشوى عيون الحور
وكنا - جدنا الهدار يضحك أو يغني
في ظلال الجوسق القص
وفلاحيه ينتظرون : " غيثك يا اله"
و أختي في غابة اللعب
يصيدون الأرانب و الفراش
و (أحمد) الناطور
نحدق في ظلال الجوسق السمراء في النهر
ونرفع للسحاب عيوننا : سيسل بالقطر
وأرعدت السماء فرن قاع النهر
و ارتعشت ذرى السعف
و أشعلهن ومض البرق أزرق ثم أخضر ثم تنطفئ
وفتحت السماء لغيثها المدرار بابا بعد باب
عاد منه النهر يضحك وهو ممتلئ
تكلله الفقائع، عاد أخضر
عاد أسمر، غص بالأنغام واللهف
وتحت النخل حيث تظل تمطر كل ما سعفه
تراقصت الفقائع وتفجر- انه الرطب
تساقط في يد العذراء وهي تهز في لهفه
بجذع النخلة الفرعاء تاج
وليدك الأنوار لا الذهب،
سيصلب منه حب الآخرين ،سيبرئ الأعمى
ويبعث من قرار القبر ميتا هده التعب
من السفر الطويل إلى ظلام الموت
يكسو عظمه اللحما ويوقد قلبه الثلجي فهو بحبه يثب

و أبرقت السماء … فلاح، حيث تعرج النهر
وطاف معلقا من دون يلثم الماءا
شناشيل ابنة الجلبي نور حوله الزهر
(عقود ندى من اللبلاب تسطع منه بيضاءا
و آسية الجملية كحل الأحداق
منها الوجد و السهر

يا مطرا يا حلبي
عبر بنات الجلبي
يا مطرا يا شاشا
عبر بنات الباشا
يا مطر من ذهب

تقطعت الدروب، مقص هذا الهاطل المدار
قطعها و واراها،
و طوقت المعابر من جذوع النخل في الأمطار
كغرقي من سفينة سندباد
كقصة خضراء أرجأها و خلاها
إلى الغد (أحمد) الناطور
وهو يدير في الغرفة
كوؤس الشاي، يلمس بندقيته
ويسعل ثم يعبر طرفه الشرفه
ويخترق الظلام
وصاح ( يا جدي) أخي الثرثار
" أنمكث في ظلام الجوسق المبتل ننتظر؟
متى يتوقف المطر؟

و أرعدت السماء، فطار منها ثمة انفجرا
شناشيل ابنة الجلبي …
ثم تلوح في الأفق
ذرى قوس السحاب . وحيث كان يسارق النظرا
شناشيل الجميلة لا تصيب العين الا حمرة الشفق

ثلاثون انقضت، وكبرت : كم حب وكم وجد
توهج في فؤادي
غير أني كلما صفقت يدا الرعد
مددت الطرف أرقب : ربما ائتلق الشناشيل
فأبصرت ابنة الجلبي مقبلة إلى وعدي
ولم أرها هواء كل أشواقي ، أباطيل
و نبت دونتا ثمر ولا ورد

لندن 24 - 2 - 1962

غازي العلي
12-31-2007, 12:28 AM
ويكتب السياب قصيدته "سفر أيوب" مودعاً إياها ما تختلج به نفسه من رضاء ويقين.. والقصيدة إضافة لكونها تعطينا رؤية واضحة لنفسية الشاعر الراضية الضارعة إلى الله في غير تضجر ولا سخط، فإنها دعوة لطيفة لكل أديب شرد بعيداً عن دروب الهدى كي يؤوب إليها وسيجد الأبواب مفتوحة للتوبة والعودة إلى الله.

-------------------------------------

لك الحمد مهما استطال البلاء

ومهما استبدّ الألم

لك الحمد، إن الرزايا عطاء

وإن المصيبات بعض الكرم

ألم تُعطني أنت هذا الظلام

وأعطيتني أنت هذا السّحر؟

فهل تشكر الأرض قطر المطر

وتغضب إن لم يجدها الغمام؟

شهور طوال وهذي الجراح

تمزّق جنبي مثل المدى

ولا يهدأ الداء عند الصباح

ولا يمسح اللّيل أوجاعه بالردى

ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:

لك الحمد، إن الرزايا ندى

وإنّ الجراح هدايا الحبيب

أضمّ إلى الصّدر باقاتها

هداياك في خافقي لا تغيب

هداياك مقبولة. هاتها

أشد جراحي وأهتف

بالعائدين:

ألا فانظروا واحسدوني

فهذى هدايا حبيبي

جميل هو السّهدُ أرعى سماك

بعينيّ حتى تغيب النجوم

ويلمس شبّاك داري سناك

جميل هو الليل أصداء بوم

وأبواق سيارة من بعيد

وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد

أساطير آبائها للوليد

وغابات ليل السُّهاد الغيوم

تحجّبُ وجه السماء

وتجلوه تحت القمر

وإن صاح أيوب كان النداء:

لك الحمد يا رامياً بالقدر

ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء

غازي العلي
12-31-2007, 12:35 AM
في يوم عابس
------------------------
الريح تجأر بالشكاة الى الجداول و النخيل
و السحب واهية النقاب ، تحف بالصحو القتيل
تلقي على الغاب الكئيب ، عبوسة الضجر الملول
و الشمس كالامل البعيد يذوب في الشجن الهذيل
او كالغرام يغيب خلف حوادث الدهر الثقيل
او كالحياة تغور بين دموع ذي سقم عليل
كالبدر يكسفه النهار، كنجمة عند الافول

###########################

ضاقت بي الدنيا، و ضقت بها....... كأني في رحيل
في وهدة قفراء بُح ّ بجوها صوت الدليل
لا شيء لي، مما تناثرت تحت عيني في سبيلي
لا عاصفات الريح، لا جرد الا باطح و السهول
لا ظلمة الليل البعيد الغور لا سحر الاصيل
لا نغمة الحادي تطير بها سجيات الهديل
حتى السراب رده عن عيني ربان العليل
فظلت. لا امل يسامرني على الدرب الطويل
فيضيء ساعاتي ..... و لا ذكرى من الامس الجميل
############################

رباه.... و العشرون من عمري تسير الى الذبول
سوداء مكفنة الاهلة بالتنهد و العويل
كانت تمر جريحة رعناء الخيول
ظلماء مطفأة السراج، كأنها بعض الطلول
كانت تمر على الجراح السود في القلب العليل
فالجرح يهوى فوق حرج ِ و القتيل على قتيل
و النار تصلى حر نارِ غير مطفأة الفتيل
ماذا جنيت من الزمان سوى الكآبة و النحول؟
او ارقب الليل الطويل يذوب في الصبح الطويل
و اتابع الشمس المرنحة الشعاع...... الى الافول
و اشبع البدر المسؤوم يغيب ما بين النخيل
لا مأمل لي بالكثير و ر رجاء بالقليل
و اعد ايامي لآسلمها الى الهم الثقيل
و اعيش محروم الفؤاد من الهوى عيش الذليل
و اسرح العراق الكئيب من التلال الى السهول
لآصعد الاهاب دامية و امعن في عويلي
ضاقت بي الدنيا و ضقت بها كأني في رحيل
في وهدة قفراء بُحّ بجوها صوت الدليل