المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبد الوهاب البياتي


سلطان ربيع
07-03-2006, 10:34 PM
عبد الوهاب البياتي (1926-000م)

شاعر عراقي معاصر، ولد ببغداد،

تخرج بشهادة اللغة العربية وآدابها 1950م،
واشتغل مدرساً 1950-1953م، ومارس الصحافة 1954م مع مجلة "الثقافة الجديدة"
لكنها أغلقت، وفصل عن وظيفته،
واعتقل بسبب مواقفه الوطنية. فسافر إلى سورية ثم بيروت ثم القاهرة.
وزار الاتحاد السوفييتي 1959-1964م، واشتغل أستاذاً في جامعة موسكو،
ثم باحثاً علمياً في معهد شعوب آسيا، وزار معظم أقطار أوروبا الشرقية والغربية.
وفي سنة 1963 أسقطت عنه الجنسية العراقية،
ورجع إلى القاهرة 1964م وأقام فيها إلى عام 1970.


له ديوان "ملائكة وشياطين" 1950،
"أباريق مهشمة" 1955،
"المجد للأطفال والزيتون" 1956،
"رسالة إلى ناظم حكمت" 1956،
"أشعار في المنفى" 1957،
"عشرون قصيدة من برلين"، 1959،
"كلمات لا تموت" ،1960،
"طريق الحرية"بالروسية 1962،
"سفر الفقر والثورة "
النار والكلمات" 1964"
"الذي يأتي ولا يأتي" 1966،
"الموت في الحياة" 1968،
"تجربتي الشعرية" 1968،
"عيون الكلاب الميتة" 1969،
"بكائية إلى شمس حزيران والمرتزقة1969"،
"الكتابة على الطين" 1970م،
"يوميات سياسي محترف" 1970،

صدر له "ديوان عبد الوهاب البياتي" الذي ضم دواوينه المذكورة في 3 أجزاء
نشر دار العودة ببيروت 1972م،
ثم صدر له بعد ذلك "قصائد حب على بوابات العالم السبع 1971"،
"سيرة ذاتية لسارق النار" 1974،
"كتاب البحر" 1975 "قمر شيراز" 1975،
"صوت السنوات الضوئية" 1979،
"بستان عائشة" 1989.

من أعماله الإبداعية الأخرى مسرحية "محاكمة في نيسابور" 1973.
ومن مؤلفاته "بول اليوار"، "اراجون"، "تجربتي الشعرية".

ـــــــــــــــــــــــــــــ
من شعره

(العرب اللاجئون)


يا مَنْ رأى أحفاد عدنانٍ على خشب الصليب مُسّمرينْ
النمل يأكل لحمهمْ
وطيور جارحة السنين.
يا مَنْ رآهم يشحذون
يا من رآهم يذرعون
ليلَ المنافي في محطات القطار بلا عيون
يبكون تحت القُبعاتِ ،
ويذبلونَ ،
ويهرمونْ
يا مَنْ رأى "يافا" بإعلانٍ صغيرٍ في بلاد الآخرينِ
يافا على صندوق ليمون معفرة الجبين
(2)
يا مَن يدق البابَ ،
نحن اللاجئين
مُتنا
وما "يافا" سوى إعلان ليمونٍ ،
فلا تُقلق عظام الميتين
(3)
"الآخرون هُمُ الجحيم"
"الآخرون هم الجحيم"
(4)
باعوا صلاح الدينِ ،
باعوا درعه وحصانه ،
باعوا قبور اللاجئين
(5)
من يشتري - الله يرحمكم
ويرحم أجمعين
آباءكم، يا محسنون –
اللاجئَ العربي والانسان والحرف المبين
برغيف خبزٍ
إن أعراقي تجف وتضحكون
السندباد أنا
كنوزي في قلوب صغاركم
السندباد بزي شحاذٍ حزين
اللاجئُ العربي شحاذ على أبوابكم
عارٍ طعين
النمل يأكل لحمه ،
وطيور جارحة السنين
من يشتري يا محسنون
(6)
"الآخرون هم الجحيم"
"الآخرون هم الجحيم"
(7)
العار للجبناءِ ،
للمتفرجينْ
العار للخطباء من شرفاتهم ،
للزاعمين ...
للخادعين شعوبهم
للبائعين
فكلوا ، فهذا آخر الأعياد، لحمي
واشربوا ، يا خائنون





الموت والقنديل

( 1 )
صيحاتك كانت فأس الحطاب الموغل في
غابات اللغة العذراء, وكانت ملكًا أسطوريًّا
يحكم في مملكة العقل الباطن والأصقاع
الوثنية حيث الموسيقى والسحر الأسود
والجنس وحيث الثورة والموت . قناع الملك
الأسطوري الممتقع الوجه وراء زجاج نوافذ
قصر الصيف وكانت عربات الحرب
الآشورية تحت الأبراج المحروقة كانت
صيحاتك صوت نبيٍّ يبكي تحت الأسوار
المهدومة شعبًا مستلبًا مهزومًا كانت برقًا
أحمر في مدن العشق أضاء تماثيل الربات .
وقاع الآبار المهجورة كانت صيحاتك
صيحاتي وأنا أتسلق أسوار المدن الأرضية
أرحل تحت الثلج أواصل موتي (...) حيث
الموسيقى والثورة والحب وحيث الله.

( 2 )

لغة الأسطورةْ
تسكن في فأس الحطاب الموغل في غابات اللغة العذراء
فلماذا رحل الملك الأسطوريُّ الحطَّابْ?

( 3 )

مات مغني الأزهار البريةِ
مات مغني النار
مات مغني عربات الحرب الآشورية تحت الأسوار.

( 4 )

صيحاتك كانت صيحاتي
فلماذا نتبارى في هذا المضمار?
فسباق البشر الفانين, هنا, أتعبني
وصراع الأقدار.

( 5 )

كان الروم أمامي وسوى الروم ورائي,
وأنا كنتُ أميل على سيفي منتحرًا تحت الثلج,
وقبل أفول النجم القطبيِّ وراء الأبراجْ
فلماذا سيف الدولة ولَّى الأدبارْ?

( 6 )

ها أنذا عارٍ عُري سماء الصحراءِ
حزينٌ حزنَ حصانٍ غجريٍّ
مسكونٌ بالنارْ.

( 7 )

وطني المنفى
منفايَ الكلماتْ.

( 8 )

صار وجودي شكلاً
والشكل وجودًا في اللغة العذراءْ.

( 9 )

لغتي صارت قنديلاً في باب الله.

( 10 )

أرحل تحت الثلج, أواصل موتي في الأصقاعْ.

( 11 )

أيتها الأشجار القطبية, يا صوت نبي يبكي, يا رعدًا
في الزمن الأرضيِّ المتفجر حبّا, يا نار الإبداع.
لماذا رحل الملك الأسطوريُّ الحطاب ليترك هذي
الغابات طعامًا للنار? لماذا ترك الشعراء
خنادقهم? ولماذا سيف الدولة ولَّى الأدبار? الروم
أمامي كانوا وسوى الروم ورائي وأنا كنت أميل
على سيفي منتحرًا تحت الثلج وقبل أفول النجمِ
القطبيِّ وراء الأبراج. صرختُ: تعالوا
لغتي صارت قنديلاً في باب الله, حياتي
فرت من بين يدي, صارت شكلاً والشكلُ
وجودًا. فخذوا تاج الشوك وسيفي
وخذوا راحلتي
قطراتِ المطر العالق في شَعْرِي
زهرةَ عباد الشمس الواضعةَ الخد على خدي
تذكارات طفولة حبي
كتبي, موتي
فسيبقى صوتي
قنديلاً في باب الله

,,,,,,,,,,,

سلطان ربيع
07-03-2006, 10:36 PM
بقلم : طاهر تونسي :


مر عامان على رحيل الشاعر عبد الوهاب البياتي بعد حياة قلقة طوف فيها في كثير من البلدان ابتداء من مولده وانتهاء بوفاته بدمشق التي شدا كثيراً بها في سفره ودفنه بها. كان عبد الوهاب البياتي في ترحاله يبحث عن ينبوع الحياة الحقيقي كما كان يقول. وقد كان الأستاذ البياتي أحد أهم الأهرامات الشعرية الحديثة من أمثال بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وصلاح عبد الصبور وغيرهم.
وقد استطاع الشاعر عبد الوهاب البياتي أن يشكل لغة شعرية متميزة عائداً بالكلمات والمفردات إلى أصولها الحجرية وروحها القديم. كما استطاع هذا الشاعر أن يتعامل مع الأسطورة والتراث والزمن والمدينة تعاملاً جديداً بالإضافة إلى تجديده في الشكل الشعري.
بالقرب من مسجد الشيخ عبد القادر الجيلاني ببغداد ولد شاعرنا بعد الحرب العالمية الأولى فدرس ببغداد حتى نال شهادة الثانوية عام 1944م وفي أثناء دراسته للثانوية قرأ الشاعر شعر المتنبي والمعرى وأبي نواس وأبي تمام والبحتري وغيرهم وفي عام 1944م التحق الشاب عبد الوهاب البياتي بكلية دار المعلمين العليا وتخرج فيها حاملاً الشهادة الجامعية في اللغة العربية وآدابها وأصدر في هذه الفترة ديوانه الأول الذي لم ير اهتماما يذكر من النقاد آنذاك وهو ديوان ملائكة وشياطين.
ثم أصدر ديوانه الثاني عام 1954م والذي أحدث هزة منقطعة النظير في جميع الأوساط الأدبية. فلم تبق مطبوعة أدبية كبيرة إلا وقد تحدثت عن ديوانه "أباريق مهشمه" من قصائد الديوان قصيدة "مسافر بلا حقائب" والتي يقول فيها:
من لا مكان
لا وجه، لا تاريخ لي من لا مكان
تحت السماء وفي عويل الريح أسمعها تناديني تعال
لا وجه لا تاريخ أسمعها تناديني تعال
عبر التلال.. مستنقع التاريخ يعبره رجال
عدد الرمال
والأرض مازالت ومازال الرجال
يلهو بهم عبث الظلال
وأنا..وآلاف السنين.. متثائب ضجر حزين
من لا مكان.. تحت السماء
في داخلي نفسي تموت بلا رجاء"
وكان من أوائل من درسوا شعر عبد الوهاب البياتي الناقد الشهير إحسان عباس الذي ألف كتابا عن الشاعر الشاب البياتي وهو في الثلاثين من عمره وقامت معركة العدوان الثلاثي على مصر فأصدر البياتي ديوانه "المجد للأطفال والزيتون" مرسلاً صوته الشجي في محاربة الاستعمار.
وفي عام 1958م أصبح الأستاذ عبد الوهاب البياتي مديراً للتأليف والترجمة والنشر بوزارة المعارف. وفي عام 1963 أقام بقاهرة المعز حيث أصدر في الستينيات "شعر الفقر والثورة" و"أشعار في المنفى" وديوانه "الذي يأتي ولا يأتي".
والديوان الأخير "الذي يأتي ولا يأتي" هو عبارة عن سيرة شعرية للشاعر عمر الخيام. ولكن المتأمل للقصائد يجد أن البياتي إنما ترجم لنفسه ورؤيته الذاتية للحياة ومن قصائد ديوانه قول البياتي:
القمر الأعمى ببطن الحوت
وأنت في الغربة لا تحيا ولا تموت
نار المجوس انطفأت.. فأوقد الفانوس
وابحث عن الفراشة
لعلها تطير في هذا الظلام الأخضر المسحور
وأشرب ظلام النور.. وحطم الزجاجة
فهذه الليلة لن تعود
واستمر الشاعر عبد الوهاب البياتي يرسل الديوان تلو الديوان حتى مات بدمشق التي أحبها بعد أن نيف على السبعين. يقول الأستاذ عبد الوهاب البياتي عن تجربته الشعرية "كانت أغاني الفلاحين والحكايات المنتشرة في الريف هي زادي الشعري الأول. وكان طرفة بن العبد وأبو نواس والمعرى والمتنبي والشريف الرضى هم أكبر من أثر في من الشعراء العرب. لقد وجدت عندهم نوعا من التمرد، والبحث عن أشياء لا يوفرها واقعهم أو مجتمعهم أو ثقافتهم لقد عانى هؤلاء محنة الوجود الحقيقية، وعبروا عن أنفسهم بأصواتهم الذاتية لا بأصوات غيرهم. ورغم هذا فقد انتابني إزاءهم نوع من القلق حيثما تبينت أن لغتهم كانت مصنوعة، كانت الأشياء التي يصفونها مرجوه قبل وجودهم. وأن كلماتهم كانت تفقد حضورها في نفسي وتتحول إلى دلالات فقدت عندهم الكثير من أصالتها وأنهم انطفأوا على أسوار عصرهم عاجزين عن تخطي رؤياه وإمكانياته فالشكل الذي أمدتهم به ثقافتهم الشعرية وتراثهم الشعرة شكل مصبوب منسق خلفته رؤى واحتياجات ومفاهيم وجدانية وفكرية وموسيقى معينة وفي نفس الوقت الذي فتنتني فيه قدرتهم على تخطي واقعهم الاجتماعي والتعبير عن شحناتهم الوجدانية المتوفرة أحسست أن الشكل الذي لم يستطيعوا تجاوزه كان قيدا على رؤاهم وعواطفهم المتمردة.
وقد شهدت تجربة البياتي تصاعدا فنيا وفلسفيا فكان كل ديوان يمثل تطورا في رؤيته كما قال عن نفسه في قصيدة الموتى لا ينامون:
في سنوات الموت والغربة والترحال
كبرت يا خيام
وكبرت من حولك الغابة والأشجار
شعرك شاب والتجاعيد على وجهك والأحلام
ماتت على سور الليالي، مات أورفيوس
ومات في داخلك النهر الذي أرضع نيسابور
وحمل الأعشاب والزوارق الصغيرة
إلى البحار، حمل البذور
وعربات النور.. إلى عز الطفولة
فلا غرو أن تقوم الهيئات الأدبية في معظم أنحاء العالم بترجمة روائيه وكيف لا يستعذب قراء الأدب في العالم الاستماع إلى صوت يجسد عذاب الإنسان في هذا الزمان.

سلطان ربيع
11-22-2006, 08:44 PM
من "مطلع سيرة ذاتية لسارق النار"

“اللغةُ الصلعاء كانت تضعُ البيان والبديع فوق رأسها باروكةً
وترتدي الجناس والطباق في أروقةِ الملوك في عصرِ الفضاء - السفن الكونية - الثورات .
كان شعراءُ الكديةِ الخصيان في عواصمِ الشرقِ على البطون في الأقفاص يزحفون ينمو القمل - الطحلبُ في أشعارهم ،
وشعراءُ الحلمِ المأجور في الأبراج كانوا بالمساحيق وبالدهان يخفون شحوبَ ربةِ الشعرِ التي تشيخُ فوق قمةِ الأولمب
كانوا ****ونَ غارها الذابل في المتاحف - المزابل - النصوص
كانوا يجمعون ورق الخريف في مقابرِ المدارس الشعرية الدارسة ..
كان سارق النار مع الفصول يأتي حملا وصية الأزمان - الأنهار ..
يأتي راثياً :
يهجسُ في سباقِ خيلَ البشرِ الفانين في توهج الأرضِ التي حلَّ بها ..
بالرجلِ الشمس وبالمرأةِ القيثارة .. حُرين من الأغلال.."



--------------------------------------------------------------------------------

من "الموت والقنديل"

“ها أنذا عارٍ عُري سماءٍ عذراء
حزينٌ حزن حصان غجري مسكون بالنار .."



--------------------------------------------------------------------------------

من "قصيدة لم تكتمل"

“أرى جبينَ المرأةِ الأولى التي مارست الحب مع البرق
على طاولةِ التشريح بالحنوط والكتان
في العصر الجليدي تنام بعد أن ماتت خلايا الجسد الحية
والكاهن يتلو رقية سحرية
تستيقظ المرأة من سباتها العميق
ترنو لدمِ الشمس على الطاولةِ المسحورة
الكاهن يتلو رقيةً ..
يشقُّ في مبضعهِ الأضلاع
يستخرج من مناجم القلب : عروق الذهب ..
المرأةُ تبكي ..
يسجدُ الكاهن عند قدميها ميتاً ..
ووردةٌ من يده تسقط فوق كفنِ الجليدْ "



--------------------------------------------------------------------------------

من "القربان"

“يُسلخُ جلدُ الشاةِ بعد ذبحها
لكن جلدَ ذلك المنتظر - الانسان ، قبل ذبحه يسلخ في المنازل الأرضيه - المحاضرالسرية - الملاجئ -المحاكم - المصارف - المسالخ - الشوارع العارية - السجون ،
يُشوى في جحيم الكلماتِ - اللغة - القوالب الجاهزة - القاموس ..
يستعير من أوراقه الأجنحة - السماءَ
كان الشعراء يطبخون الموتَ والطيور فوق رؤوسهم
وكنت في الجبال أصطاد لك الفراشة -الوعل - الغزال -القمر .
المنجمون احتشدوا في مدن الطفولة
البحرُ على السواحل - الممالك - الأبواب : هل غيَّر وهو صامت لغتهُ وصوتهُ ؟
والطائر المنحوت في وجهك : هل مزَّق في الحلم قناعَ العاشق ؟
الحلاج كان بقميص الدم مشبوحاً على القامــــــــــــــــوس
في عيونه مدينةٌ أصابها الطاعون
.. ."



-- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- -- --
* مُقتطفات من قصائده