المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة في قصيدة " غرام المناوي " للشاعر صالح مصلح الحربي


محمد مهاوش الظفيري
07-19-2007, 05:51 AM
تعبت أراقب وابتسم للمقابل
وأخيل براق عليه الهقاوي
جرح يطيب وجرح يسامر الليل
وش حيلتك لا صار حظك نحاوي
ما همني من يجمع القال والقيل
بعض الحكي له عنه وجه حياوي
عد تحوفه ضاميات المخاليل
ما أروى ضماهن من بعيد الخطاوي
جنة همل من ممحلات المساييل
لا للحيا طارى ولا له حراوي
حداهن المقياض ولا بالوطاسيل
وقامن يجرن الحنين بعزاوي
ياقدرة الأقدار ما من محاصيل
غزاه يا من بالأماني رهاوي
شد الرحال إن شفت هم وغرابيل
أما ربحت العمر والإشقاوي
نويت لي نية ثم أسرجت أنا الخيل
يالين يبرا عن هكا الجرح كاوي
والصاحب اللي يعشق البن والهيل
يا مرحبا وان كان وده يخاوي
بعذب النوايا صوب ذيك المداهيل
-لو يلتوي في درب الأسفار لاوي
وإليا شربنا من براد الهماليل
وغنيت من عذاب القوافي غناوي
ثم زان كيفي من إعذاب الفناجيل
وشميت طيب فيه مسك وجاوي
وغفت جروحي بين سود مضاليل
وزان الفرح وأطرب عيون الهواوي
طاب الكرا وطابت جروح مغاليل
نلت الأمل هذا غرام المناوي












الشاعر صالح مصلح الحربي من الشعراء الذين لا يهتمون بعنونة قصائدهم . هذا ما يبدو لي عندما أفرغ من قراءة قصائده ، حيث أجد فجوة بين العنوان والنص .... وهذا ما يجعلني أتساءل هل لأنه لا يشعر بانتماء القصيدة له ؟
أو لأنه لا يشعر بانتمائه للنص ؟ أو قناعته بما يقول ؟ !
أو لعله لازال يبحث عن القصيدة النموذج التي تستحق منه الوقفة والوقفات ؟!
أو لعله يريد إشراك أكثر عدد من القراء في الإحساس بالنص والانتماء له ؟!
والمتبع لأشعار الشاعر صالح الحربي يجد أنه يغلب عليها النمط القديم المشبع بالأجواء الكلاسيكية غير أنها مزينة بطابع الحياة المعاصرة ، إلا أننا نلاحظ في هذه القصيدة " غرام المناوي " نفساً آخر يشدنا إلى قراءة النص إلى آخره ، كما أن النص يخلق لدينا تصورات حول الإنسان الخليجي خاصة والعربي عامة بعد أزمة الكويت وعلاقته بالحياة والإحساس بتداعياتها مما ولد لديه موقفا سلبياً من كل شيء حوله فصارت مطالبة ذاتية وتافهة جعلته ينسى قضاياه ، ولا يفكر إلا بالوصول إلى ما يريد من المرأة .
يقول الشاعر :




تعبت أراقب وابتسم للمقابل
وأخيل براق عليه الهقاوي




بدأت الرحلة مع بداية القصيدة ، وهي بحث الإنسان الأزلي والذي لا ينتهي عن الحياة وعنصرها الأساسي وهو الماء " براق " غير أنه لا زال يلف مصيره الغموض و " الهقاوي "




جرح يطيب وجرح يسامر الليـل
وش حيلتك لا صار حظك نحاوي
ما همني من يجمع القال والقيـل
بعض الحكي له عنه وجه حياوي




وعلى هذا الأساس يظل الجرح مفتوحاً لا يندمل ، ومما يدل على استمرارية الجرح كلمتي " يطيب " و " يسامر " لأن بينهما تجاذب وكل منهما يؤكد استمرارية الآخر واتصاله به فكلما يطيب الجرح يندمل وهكذا ، لذا ظل الجرح يسامره كالصاحب مما دفعه للإحساس باليأس والنحس " وش حيلتك لاصار حظك نحاوي "
هذا الإحساس المحبط ولد لدى الشاعر حركة ارتدادية ناتجة عن صرخة رفض لا تقل يأساً عما سبق " ما همني من يجمع القيل والقال " متشحاً بقناع زائف كان ناتجاً طبيعياً لهذا الشعور " بعض الحكي له عنه وجه حياوي "




عد تحوفـه ضاميـات المخاليـل
ما أروى ضماهن من بعيد الخطاوي
جنة همل من ممحـلات المساييـل
لا للحيا طـارى ولا لـه حـراوي
حداهن المقيـاض ولا بالوطاسيـل
وقامن يجـرن الحنيـن بعـزاوي




فجأة يخرج علينا البئر " عد " من ركام الصحراء ، وهو نتيجة منطقية لتداعيات الموقف ، والسؤال الذي يزاحمني بإصرار هل هو بئر حقيقي رآه الشاعر ؟ أم أن الإحساس بالظمأ جعله يتخيل أشياء ليست على أرض الواقع ؟ لكن الممتع في هذه القصيدة دخول شخوص أخرى غير الشاعر وهي الجمال الظامئة " طاميات المخاليل " وهذا يدل على عمق المأساة وأن الإحساس بالفجيعة صار على نطاق شاسع بعد وجود البئر فارغاً من عنصر الحياة ، لهذا تنتقل نفس الشاعر إلى الجمال ، أو يتكون أمامنا إحساس من نوع آخر وهو معايشة الإنسان البدوي لهموم " نياقه " وهذا المشهد ينتقل بشكل تصاعدي من البيت الرابع حتى البيت السادس .




ياقدرة الأقدار ما من محاصيل
غزاه يا من بالأماني رهـاوي
شدالرحال إن شفت هم وغرابيل
أما ربحت العمـر والإشقـاوي




مشهد الجمال المتدافعة رغبة في العيش والبقاء ، لعل الشاعر يشعر بتفاهة الحياة على الرغم من عظم المأساة ، لذلك فضل الهروب للنجاة بنفسه ، وهذا سلوك انهزامي تبناه الشاعر ، بسبب عدم قدرته على مواجهة المصير .
في البيت الثامن تبدأ الرحلة الثانية ، ويبدأ التحول في القصيدة ، وكأننا أمام نصين في نص واحد ، وكان إحساس الشاعر بالجفاف وقرب النهاية جعلنا نقف أمام تصورين لهذا النص :
التصور الأول : إذا كان الشاعر يريد من رحلته الثانية شرب القهوة والهيل والجلوس في المجالس العامرة بالرجال نستطيع أن نقول له ليس هناك أي مبرر لكتابة هذه القصيدة .
التصور الثاني : وهو التصور الطبيعي ، والذي ندافع عنه بصرامة . حيث أنه عندما أحس الشاعر بالضياع ودنو أجله دفعه وعيه الفطري إلى البحث عن الأنثى ، الشريك الآخر للرجل في بناء الحياة والمحافظة على الجنس البشري .




نويت لي نية ثم أسرجت أنا الخيل
يالين يبرا عن هكا الجرح كـاوي
الصاحب اللي يعشق البن والهيل
يا مرحبا وان كان وده يخـاوي




رغبة الشاعر بالبقاء والإصرار على أن يكون دفعه إلى الحركة والإصرار على التواصل . وحضور الخيل في البيت التاسع يعادل بساط الريح في القصص الشعبية ، حيث حضرت بشكل فجائي لتكون أداة انتقاد تنتقل الشاعر من موقف البحث عن الماء إلى البحث عن الأنثى .
أما حضور الصاحب فهو تقليد عربي قديم بدأه امرؤ القيس وسار عليه الشعراء من بعده ، وقد يكون جرح الشاعر الذي لا يكاد يطيب حتى يندمل هو الذي رافقه في هذه الرحلة .




بعذب النوايا صوب ذيك المداهيـل
لو يلتوي في درب الأسفـار لاوي
وإليا شربنا مـن بـراد الهماليـل
وغنيت من عذاب القوافي غنـاوي
ثم زان كيفي من إعذاب الفناجيـل
وشميت طيب فيه مسـك وجـاوي
وغفت جروحي بين سود مضاليـل
وزان الفرح وأطرب عيون الهواوي
طاب الكرا وطابت جروح مغاليـل
نلت الأمل هـذا غـرام المنـاوي




هروب الشاعر من المأساة جعله يبحث لنفسه عن مبررات ، فلم يجد إلا الهيل والقهوة ومتطلبات الحياة البدوية ، وهذا تبرير غير مقنع وغير منطقي ، إلا أننا إذا فحصنا مدلول بعض الألفاظ في الأبيات السابقة ، نرى أن الشاعر عندما أحس بفقدان الماء وجد أن البحث عن الأنثى هو المتنفس الوحيد والملاذ المناسب له فـ " براد الهماليل " تعادل شفاه المحبوبة و " الفناجيل " هي الوجه الآخر للنهود ، كما أن المسك والجاوي من أطياب النساء وعنصر أساسي من أدوات الزينة عند المرأة ، ثم ينكشف الموقف وتتضح محاولات الشاعر التمويهية بالبيت قبل الأخير عندما فقد السيطرة على تداعيات الموقف ووصل إلى نقطة لا بد من الوقوف عندها " وغفت جروحي بين سود مظاليل " . كما أن لكلمة " عد " مدلول جنسي واضح .
أما في قوله " وغنيت من عذب القوافي غناوي " دليل واضح على اشتعال الرغبة والإحساس بوجود الآخر . وإذا فتشنا عن أجمل القصائد نجد أن وراءها امرأة ... امرأة لا غير


نلاحظ أن غرض الشاعر من الرحلة – وهي من الأساليب القديمة لدى الشعراء – لا الوصول إلى ممدوح بل رغبة في الوصول إلى حواء لهذا كانت رحلة الشاعر عاطفية صارخة هدفها الوحيد والأساسي الارتماء بأحضان المحبوبة . وهذا السلوك يمثل موقف الإنسان المعاصر من الحياة ، وهو موقف أناني ذاتي قائم على المصلحة واللذة .
وفي آخر المطاف ، نستطيع أن نقول أن القصيدة قريبة من النمط الكلاسيكي ، أو بعبارة أخرى هجين بين الحديث والقديم على مستوى الألفاظ والجو النفسي ، وأشبه ما تكون بالجافة من الصور والأخيلة وخلق الفضاءات التصورية . ولعل هذا ناتج عن جو القصيدة المشبع بصراع الإنسان المرير من أجل البقاء واللذة ، وكان انعطافها صوب الجنس والعاطفة أكسبها حرارة غير متوقعة ، لذلك تفاعل الشاعر مع القصيدة ، وتفاعلنا نحن مع النص ، لأنه يعكس بصورة واضحة طموح الإنسان العربي بعد أزمة الكويت حيث تخلى الكثير من العرب عن قضاياهم ... وصار كل واحد منهم يدور في حلقة مفرغة بحثاً عن أشيائه الخاصة ... ومهما كان تصوري حول النص صحيحاً أو خاطئاً ، إلا أنني – وهذه قناعة – لا يمكن أن أفصله عن الواقع الذي فرض نفسه علينا واستسلمنا له من غير حول ولا قوة .

قايـد الحربي
07-21-2007, 05:41 AM
محمد مهاوش الظفيري
ــــــــــــــــــــ
* * *


قراءة دقيقة لقصيدة رقيقة
وأنت القادر على قراءة الشعر برؤيةٍ تجعله
الأقرب للجمال والروعة ، قد اخترت هنا شاعراً
عذباً كعذوبة المطر .

شكراً لكرمك الحاضر وحضورك الكريم .

محمد مهاوش الظفيري
08-07-2007, 11:54 PM
محمد مهاوش الظفيري
ــــــــــــــــــــ
* * *


قراءة دقيقة لقصيدة رقيقة
وأنت القادر على قراءة الشعر برؤيةٍ تجعله
الأقرب للجمال والروعة ، قد اخترت هنا شاعراً
عذباً كعذوبة المطر .

شكراً لكرمك الحاضر وحضورك الكريم .







قايـد الحربي



صالح مصلح الحربي


إننه أكثر من شاعر


دمت بود

عبدالعزيز رشيد
08-08-2007, 12:17 AM
اخي \ محمد مهاوش
دولك الى النصّ هو دخول عميق وعميق
وقد تكون اعمق من الشاعر نفسه
ألف شكر لك

فالح الدهمان
08-08-2007, 12:52 AM
محمد


قراءه موفقه


لقصيده رائعه


لشاعر عذب وتلقاءئ


صالح مصلح من اهم شعراء الكويت


والذين ظلمهم الاعلام

صالح مصلح الحربي
10-05-2007, 05:34 AM
قوافل من الشكر .. لشخصك الكريم ... لمنحك لي هذا الشرف العظيم ....


يكفي انك تعلم كم احبك ابا يزيد ...


سلمت .. ودمت لي ...

كل الود والود

محمد مهاوش الظفيري
10-13-2007, 02:05 AM
اخي \ محمد مهاوش
دولك الى النصّ هو دخول عميق وعميق
وقد تكون اعمق من الشاعر نفسه
ألف شكر لك









عبدالعزيز رشيد


صالح مصلح الحربي , شاعر

وشهادتي بشعره وفيه , مجروحة


كل عام وأنت بخير