المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصائد من خشب !


سالم الرويس
09-21-2007, 12:47 AM
لمشرفي ومتابعي أبعاد أدبية ،،،

كل عام وأنتم بخير ,,,,

لم يعد الشعر عطر المطر الذي نستنشق عبقه مع الرياح الموسمية ،بل لم يعد ذلك الغذاء الروحي الذي لا يتوافر على كل مائدة ،ولعل الأدهى والأمر من ذلك كله وجوده في كل مكان واستهلاكه في كل زمان ،وكأنه أصبح كبسة سعودية ،أو معصوبة سودانية ،أو حلوى عمانية ،فالكل فيه سواء ،ولم يعد لتخصيص الشاعر بين قومه أي فضيلة ،بل إن بعض الشعراء أصبح يخجل عندما يسأل هل أنت شاعر ؟،عطفا على نوعية الشعراء الذين إمتلأبهم سماء الفضاء ،حتى أنني أعتقد أن هذه العدوى قد أصابة العمالة الوافدة لهذا الخليج الذين لاهم له سوى الشعر استهلاكا وإنتاجا من قبل فئة حولته إلى سوق ابن قاسم الذي تعرض فيه البضائع المستخدمة(الفضلة ) ،ويقبل عليها أصحاب الدخل المحدود(مستهلكي الفضلات ) !وإن كان المقصود ليس الشعر وإنما ما يترتب على هذا الشعر من مكتسبات يخجل القلم من ذكرها أو التعريض بمقاصدها !
لهذا ذابت الحدود وضاعت هيبة الشعر والشاعر بعد تحول كل منهما إلى مفعول به ،بعد أن كانا فاعلين في زمن الهيبة والحدود والقيود .بل إن الشاعرأصبح يتقبل أن ينام على الرصيف ويقف في الشمس ويزاحم العامة كي يسمح له بالمشاركة في مسابقة تجرده من كل أدب وتقدم له الفضيحة في ثوب الشهرة !.
لا أستغرب أن أسمع شعرورا يقول لجمهوره _وهو محق _لأنه لولا هذا الجمهور القبلي الغبي ما أصبح مثل هذا شاعرا ،يتصدر المنابر ،حيث يقول إنني أريد أن أقبل رأس كل واحد منكم ،وهنا نلاحظ كيف عكست القيمة، فالشاعر قديما تفتخر به القبيلة ويفخر بها ،واليوم الشاعر يزج بالقبيلة في منافسات أقل ما يقال عنها أنها استجداء ،لتتحول القبيلة بكاملها على يد شاعرها المزعوم إلى جمعية داعمة للتسول ، وتتنازل عن كرامتها وتسمح لشاعرها بالاستجداء باسمها و تشجعه على ذلك.
كل هذا يعود لتحويل التراث والأدب الإنساني إلى بقرة حلوب تدر المال وتجلب العلاقات على كافة الأصعدة المكشوفة والمتوارية !
لهذا سعى الإعلام إلى تسليع الشعر ،وتطبيع الشاعر ،وتمييع المتلقي الذي أصبح مستهلكا رغما عنه ،بل يزج به في تضاهرات قد يكون المستغفل الأكبر فيها ،حيث يظن أنه في مهرجان أدبي بينما هو مستغل ومستغفل ،إذ يدعم هذا الشاعر المصنوع إعلاميا ليصب ذلك كله في بحر المطبوعة أو القناة الإعلامية بأي صورة كانت عليه .،حتى أصبحنا وللأسف نسمع بالهتيفة وهم فئة من ضعاف الأنفس الذين يستخدمهم الشاعربإعاز من المسوق الإعلامي كمحفز للجمهور التبعي للتصفيق وعرض بعض المسرحيات التي لا تنطلي إلا على الأغبياء وهم كثر في هذا الزمن البائس !
كما لجأ الإعلام الشعبي لما يسمى بالمقدمة المضللة لتقديم الشاعر وقصيدته ،وغش الجمهور بذلك الشاعر وتلك العصيدة التي لا تمت للشعر بصلة ،وإن كانت موزونة ومقفاة ،بعد التجميل والتعديل !
وقد استغل هذا الإعلام ثقافة الصورة ،لتمرير هذه السلع ،فاعتمد على الأجساد الإشهارية ،والوجوه المستهلكة بصريا ،من الذكور والنساء ،ليصنع له سوقا استهلاكية على حساب الذوق والتراث ،وربما القيم الإنسانية ذاتها ،ومن هنا غاب اللون الأسود عن ساحتهم الإبداعية ولم يصنع نجما أسودا ،لأنه ببساطة شديدة لا سوق له ،في ضوء المتطلبات الجديدة ،فالنجم لم يعد بجوهره ،بل أصبح بمظهره ،تبعا لذائقة الجمهور البصرية !
فأخذ الإعلام المتبع لسياسة الربحية وكمية المستهلك بتلقيب الشاعر بلقب أكبر من تجربته ،حتى أن من لديه أقل معرفة بالشعر وظروفه لا يملك سوى الضحك من هذا اللقب ومتبنيه ،لأنه يراه قد لبس ثوبا أطول منه !
وبعد هذا كله توضع تلك العصائد مع قصائد أخرى تفوقها في المضمون والشاعرية وتوضع تحت شعار( قصائد من ذهب ،درر،وجدانيات ،هماليل ) ،زورا وبهتانا ،وغشا ،وتدليسا ،وإفسادا للذائقة ،وامتهانا للتراث ،واستخفافا بعقلية المتلقي !ليقبل عليها من لا يعرف الشعر إلا من المروجين له إذ لا ناقة له فيه ولا جمل ،لكنه سار على قاعدة مع الخيل ياشقرا ،وهي قاعدة تسويقية صرفة ،ينخدع بها كل من لا يملك ذائقة سليمة توجهه للاختيار من بين أكثر من خيار ،حتى لو كان من خارج المعروض في سوق الإعلام المؤسس.
وبعد كل هذا التحفيز ،يجمع الناس في يوم معلوم ليواجهوا شاعرهم النجم المتلألئ في سماء لا يرى فيها سواه ،ليخلط ذلك الجمهور قصدا ،ثم يحضركل أصحاب القلوب الخضراء ،رجالا ونساء ،وكأنهم في دار للسينما يمارسون فيه ما يشاهدون ،وكل هذا يدور في فلك التحريض والغواية الجنسية ،لتمرر العبارات التي تخدش الحياء ،وتلوي عنق القيم والتقاليد التي يتمسك بها الشعراء إلا عندما يطرقون باب المدح النفعي ،فإنهم يتمردون على القبيلة التي يفتخرون بها متى احتاجوها ،ويخالفون شريعتها عندما يحتاجون أشياء أخرى لا تتم في نطاق القبيلة إلا متوارية بجلباب الخوف ،فأصبحنا نسمع بكل أريحية (رائحة الفحل _ وشهيها _والبار _وأرقمها_واو )وهي مفردات لا تؤمن بها القبيلة علنا ولكن تستخدمها خفافيش الظلام في غياب الرقيب الأخلاقي ،ومع هذا نتقبل جمعيا هذه المفردات ،ونصفق بكل غباء لذلك الذي لا يستحق إلا التصفيق !
إذا هذا الإرهاب الذي مارسه الإعلام النفعي والذي أصبح حربا شعواء على الذائقة التي لم يعد لها هوية أو مرجعية تعود إليها ،حيث همش الدين والخلق السوي والقيم المتوارثة والعادات والتقاليدوالذائقة السليمة في سبيل الربحية البشعة !
لهذا كان الأولى بهذه القصائد المزعومة أنها من ذهب ، أن تنعت بقصائد من خشب ،نظرا لأنها عندما تجرد من الدعم الإعلامي وتخرج في الفضاء الطلق بعيدا عن الجمهور المركوس في ربق الرغبات ،تصبح خشبا لا قيمة له ،بل تأكله الأرضة وتتحول إلى كومة من التراب المتعفن ،ويعود الذهب المزعوم إلى أصله الخشبي ،ويبوء الشاعرالمزعوم بغضب من أربابه ،ليحيلوه للتقاعد ويصنعون أكذوبة أخرى يغطون بها سوءاتهم !

وهنا يحضرني قول من رأى مالا يعجبه ،مع شيء من التصرف :
ما ظهرتم غير في جيلنا التالي
في غلا المعزا ورخص البعاريني !

قايـد الحربي
09-24-2007, 09:45 PM
سالم الرويس
ــــــــــــــ
* * *

هذا الغضبُ المُباح :
حروفه ذات عبق .

ولو قرأ أهل المنابر ما كُتب عالياً
لأحالوا الشعر إلى : شعر .

كن بخيرٍ دائم .

حنان محمد
09-27-2007, 11:05 AM
أخي سالم

وماخفي أعظم ..

دائما ماتأتي بما هو رائع ..

تحياتي

سالم الرويس
09-29-2007, 12:43 PM
الأخ /قايـد الحربي
ــــــــــــــ
* * *
شكرا على التواصل


هذا الغضبُ المُباح :
حروفه ذات عبق .

هذا لم يكن غضبا ،لكنه نبض الواقع المؤلم

ولو قرأ أهل المنابر ما كُتب عالياً
لأحالوا الشعر إلى : شعر .


اشكرك مجددا على كل ما كتبت


دمت بخير