المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل لن تصل .. !


د. منال عبدالرحمن
01-11-2008, 12:22 AM
بريدي اليتيم ..

لا تحزن ولا تغضب من تلك الطفلة العابثة التي نوَت احراق الذاكرة مرةً واحدة ..

دع عنكَ كلّ جنوني الورقي , القاطن بداخلك وافتح أعماقك .. علّ بعض الهواء يصل أكداس الغبار المتراكمة فوق رئتيك منذ سنين و أكثر .. !


عذراً ...

فرسائلي لن تصل !

د. منال عبدالرحمن
01-11-2008, 12:28 AM
رسالة إلى الفرح

أيها القابع في أعماق دهاليز الخيانة .. ايها المتظاهر المُرائي الكاذب .. لن يخدعني كل ما تخبأ به وجهك الرمادي ..

واثقة أنا أنّك لستَ بفرح , أنت أخوه الذي قتله يوماً ولم يواريه الثرى , وكلّما هبّت ريح تعالى صوته المطعون ليذّكرك بالرحيل برائحة الغدر ..

لهذا تأتي دوماً لترحل .. و لهذا يأتي الحزن فيبقى !

د. منال عبدالرحمن
01-11-2008, 12:29 AM
رسالة إلى اللغة

سأترك أخطائي على جسدك !

د. منال عبدالرحمن
01-12-2008, 03:20 AM
إلى دفتري القديم :


كلّ ما سأكتبه من اليوم هراء ... لن يفيد بعدَ اليوم أن تطالعني بكلّ ما تحمله من دمائي التي بعثرتها على سريرك الأبيض ..

او أن تقذف في وجهي قنابل المشاعر الأولى الموقوتة ..

سأكتب منذ اليوم على ألواح الثلج التي استوطنت أرواحهم ..

و ساترك للشّمس مهمّة احراقها على أبواب ذاكرتهم !

د. منال عبدالرحمن
01-12-2008, 03:36 AM
رسالة إلى أبي


لا أعلم لماذا يطالعني وجهك المتشّح ببرد الحزن , ولماذا أراني في كلّ ليلة طفلة تركض نحو ظلّك المبتعد ..

ناديتني أمس .. فأجبتك ولمّا مددتُ يدي أتلّمس الدفء على صدرك , وجدتكَ على حافّة جبل بعيد , تتابعني بنظرةٍ غائبة ويداك تربّتان على كتفِ طفلةٍ صغيرةٍ ربّما كانت أنا , ووجدتني أصارع النفس الأخير على وسادتي الغارقة بالمطر !

أتراك تدري ضيق الكون بي , اختناقات الحُلم الأخير , انكسار عقارب الفرح في لحظات وأد الأمل ,

أتراك تعلم أنني راحلة أقبّل الثّرى الذي احتضنك , علّه يمنحني الوطن المفقود ؟

د. منال عبدالرحمن
03-05-2008, 01:35 AM
رسالة إلى ذاك القابع بداخلي , كتهمةٍ هاربة , تلتصقُ بشراييني فتبعثُ فيها حياةَ موتٍ وموتَ حياة ..

رسالة إلى ذاكَ المعقود في خاصرتي كفرحةٍ يرتديها اللون الكاذب و يكلّلها دمُ الخيبة .

رسالة إليه ذاك المتكوّر في ممرّات التنفّس السّرية لقلبٍ أنهكهُ المطَر وهدّه تبعثرُ الأصفرِ فوقُ أحلامِه المتطاولةِ ..

رسالة إلى ذاك الملتصقِ فوق أذني كصدفةٍ لم يحتضنها بحر و وتدّعي احاطتَها بصوته .

رسالةٌ إلى المعلّق على أضلاعي كتفاحةٍ مكسورة هزّها جُنحُ سنونوةٍ جريحة ..

رسالة إلى المتمّسكِ بأهدابي كأرجوحةٍ تُربكها نسمةٌ و تُصيبها طفلةٌ بالرّعشة , فلا تنتهي ولا أفعل .

رسالةٌ إلى الأمل :

أَنْ ِارحَلْ , بَعدَ أَن لَمْ تَأتِ .

د. منال عبدالرحمن
04-17-2008, 11:37 AM
رسالة , ربما لك تكن رسالة , أو أنّها لم تكن رسالة .

هي أشبهُ بأغنية / أمنية , مربكة / مرتبكة , تُبعثرُ الفقد , بجهات الـ هو الأربع ..

تذروها أعاصيرُ السّكينة , و تُكبّلها حناجرُ الصّمتِ , فتعلو حيثُ التقى الطيفُ بظلٍّ ليسَ لهُ !

هيَ برقيّةٌ , مكتوبةٌ بأبجديّةِ الحروفِ الزائدة , تختصرُ الوقتَ , كما اختصرها البُعد .

همهماتٌ بِـ رُقىً , تتلو فوقكَ آياتِ الطمأنينة , و الوجع المفقود / الفقد الموجع .. ببصرٍ عائدٍ , و لمسٍ قد لا يعود .

د. منال عبدالرحمن
04-17-2008, 11:51 AM
رسالة إلى الصّداقة المعقودة بـ هم :

هناك بعضُ الأبناء , يُصيبهم العقوق , بعد أن يشعروا أنّهم قادرين على الوقوف , و لكنّ دمائنا تجري في أوردتهم , و أرواحنا تظلُّ ترافقُ طفولتَهم العالقةَ بفرحهم الغائب / المُغيَّب ..

قد تزرع شجرة , و قد يُكسّرُ اغصانها طفلٌ عابثٌ ليقطف ثمرة !

و قد تسقي ورودكَ بقطراتِ روحك , ليأتي عاشقٌ جاهلٌ فيقطفها من أجل ابتسامةٍ ليست له !

ولكنّك لن تقطع الشّجرة ,و لن تدهسَ الورد , و لن تُفسدَ الحديقة , لأنّ روحَ الأشجار تسكنك , و لأنّ الأزهار تتلّونُ بك .

د. منال عبدالرحمن
09-16-2008, 03:27 PM
رسالة إلى الحبّ .. !


أتذكرُ حينَ أتيتني محمّلاً بورودكَ الكثيرة ؟ كنتَ تُخفي عنّي جُرحكَ لأنّك كنتَ تعلمُ أنَّ كلَّ ما سبقكَ إلى روحي قد جرحني , الصّداقة و الطّفولة و الأخوّة , و حتّى الوطن ..

لذا كنتَ تتعمّدُ أن تظهرَ أمامي بمظهرِ القادرِ على تحمّل الصّدمات , كنتَ قويّاً - أمامي - بالدّرجةِ الكافية لتقنعني بأنَّ القلبَ لا زالَ ينبضُ رغمَ دمهِ المتضاءل !

لا أعلمُ لمَ شعرتُ يومها بأنّ ذاكَ المتورّد على وجنتيكَ كانَ ندبةً لجرحٍ ليسَ بقديم ,
كلُّ محاولاتِ الفرحِ و الخجلِ لاغلاقه , كانَت توحي لي بأنّهُ نتاجَ جراحٍ كثيرة لا زلتَ تحاولُ رتقها مع كلِّ قلب !

المهمُّ بعدَ ذلكَ أنّي صدّقتك ,و فتحتُ قلبي لكَ و أودعتكَ ما بقيَ من دمهِ و أوكسجين رئته , و أنّني منذُ ذلكَ اليوم لم أرى قلبي إلا متورّداً بينَ يديك , سعيداً حتّى حينَ يتغلّبُ الفراقُ عليكَ في جولةٍ من جولاتِ الخيبةِ الكثيرة ..

كنتُ أعلمُ أنّكَ كذلكَ دائماً , تهبُ النّاسَ الفرحَ و يضنّونَ عليكَ بهِ , يَنعتوكَ بالحزنِ و الوجع و أنتَ صدرُ أمِّهما الحنون الّتي تربّتُ عليهما كلّما ارتكبا ذنباً و عادا باكيين !

و كنتُ اعلمُ أنَّ و جعي و ذاكرتي سيفعلانِ الشّيءَ ذاتَهُ , قد يمسّانِ جرحكَ و قد يعاودانَ فتحهُ من جديد , ثمَّ سيعودانِ إليكَ بذاتِ اللهفةِ و البكاء , لتمسحَ رأسي و أثقُ أنّكَ لم تبرح قلبي مُذ عانقتَ أوّل نبضهِ .. !

د. منال عبدالرحمن
11-07-2008, 09:08 PM
رِسالة إلى " مُخلص " صَديقِ الطّفولةِ القديم ,
المغروسِ يعمقٍ في جذورِ الاشجار , الغارقِ في نُسغِ الأزهار , المُتكامل مع انطباعاتِ القمرِ على وجهِ نهرِ مدينتنا العتيق الرّاكدِ ليلاً تهجّداً و ايماناً بأنَّ الله في كلِّ مكان , و أنَّ الوفاءَ في مكانِ الكلّ :

قربَ منزلنا حديقةٌ تُشبهُ تلكَ الّتي كنتَ تلمُّ أغصانَ أشجارها الّتي كسرها الصّبيةُ الآخرونَ , ثمَّ تمزِّقُ قميصكَ الأبيضَ و تلفّها بقطعهِ الغارقةِ برائحةِ طفولتكَ و ابتسامتكَ , و تُقنعني بنظرةٍ رجوليّة أنّها ستخضرُّ من جديد .
كنتُ أصدقّكَ حتّى حينَ نُفاجئُ بها بعد أيّامٍ عدّةٍ ملقاةً على الأرضِ مع قطعِ قميصكَ الممزّق فتقولُ لي , أنَّها أغصانُ اخرى و أنَّ اغصانكَ تعافت و أثمرت !

كنتُ أصدِّقكَ بدمعةٍ , و كنتَ تدمعُ لي بصدقٍ .

في الحديقةِ قرب منزلنا شجرةٌ , غُصنها مكسور و على جُذعها نقشَ طفلانِ صغيرانِ عبارةً كعبارتنا , و تعاهدا على الوفاءِ عهدَ طفولةٍ لا يُشبهُ الأغصانَ و قميصكَ الأبيض !

في الحديقةِ قربَ منزلنا , كنتُ أعدُّ على أغصانِ الشّجرةِ عمرَ السِّنينِ القادرةِ على الغياب , عُمرَ الأشياءِ الّتي تخذلنا و عددَ الأطفالِ الباكينَ في ليلةِ أوّلِّ الشِّتاءِ من كلِّ عام !

في الحديقةِ قرب منزلنا , قرأتُ على ثغرِ عصفورٍ , كيفَ يكونُ الحزنُ أقسى و أكبرَ منّا , وكيفَ تتحوّلُ ريشاتُ الحُلمِ فجأةً إلى ضباب , و كيفَ يُغلقُ بابُ القفصِ على أجنحتنا و يُهدي نومنا للعدم !

في الحديقةِ قرب منزلنا , تذكّرتُ قميصكَ الأبيض و أغصانكَ التي تُعاودُ الالتئام , و ثِمارَ كذبتكَ النّاضجة , و عهدنا الموؤد !