المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر مظفر النــــوّاب...!!


غازي العلي
02-04-2008, 10:44 PM
مظفر عبدالمجيد النواب شاعر عراقي معاصر، ولد في بغداد عام 1934 من أسرة ثرية مهتمة بالفن و الأدب ولكن والده تعرض إلى هزة مالية أفقدته ثروته. تابع دراسته في كلية الآداب ببغداد وبعد انهيار النظام الملكي في العراق عام 1958 تم تعيينه مفتشاً فنياً بوزارة التربية في بغداد.

في عام 1963 اضطر لمغادرة العراق، بعد اشتداد التنافس بين القوميين والشيوعيين الذين تعرضوا إلى الملاحقة والمراقبة الشديدة من قبل النظام الحاكم، فكان هروبه إلى الأهواز عن طريق البصرة، إلا ان المخابرات الإيرانية في تلك الأيام (السافاك) ألقت القبض عليه وهو في طريقه إلى روسيا و سلمته إلى الأمن السياسي العراقي، فحكمت عليه المحكمة العسكرية هناك بالإعدام، إلا ان المساعي الحميدة التي بذلها أهله وأقاربه أدت إلى تخفيف الحكم القضائي إلى السجن المؤبد. وفي سجنه الصحراوي واسمه نقرة السلمان القريب من الحدود السعودية-العراقية، أمضى وراء القضبان مدة من الزمن ثم نقل إلى سجن (الحلة) الواقع جنوب بغداد.

في هذا السجن قام مظفر النواب ومجموعة من السجناء بحفر نفق من الزنزانة يؤدي إلى خارج أسوار السجن، وبعد هروبه المثير من السجن توارى عن الأنظار في بغداد، وظل مختفياً فيها ثم توجه إلى الجنوب (الأهوار)، وعاش مع الفلاحين والبسطاء حوالي سنة. وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع إلى سلك التعليم مرة ثانية. غادر بغداد إلى بيروت في البداية، ومن ثم إلى دمشق، وراح ينتقل بين العواصم العربية والأوروبية، واستقر به المقام أخيراً في دمشق.


جسر المباهج القديمة
مظفر النواب


ملك العُمق..

أزور نجوم البحر

أزوّجها بنجوم الليل

أطيل لدى موضع أسرار الخلق

زياراتي



* * *



سوف أحدثكم في الفصل الثالث عن أحكام الهمزة
في الفصل الرابع عن حُكام الردّة
وأما الآن فحالات العالم فاترة

ملل يشبه علكة

لصقته الأيام بقلبي



* * *



يا صاحب هذا الكَلك المتعب

كنت تسميه سفينة عشق

أنّى أوقدت سيفقس هذا البيض الفاسد

أوساخاً

ألديك فوانيس ؟

زيت ما لمسته يدان ؟

روح تبصر في الزمن الفاسد ؟

أوقدَ بَحّارُ البَحّارين قناديل سفينته

أبقاها خافتة

بَحّار البَحّارين ومن جمع اللؤلؤ والأضواء وأصوات البحر

بخيطٍ لحبيبته

أبقاها خافتةً

تملك أحلى ميم أعرفها

ولها جسد مزجته الآلهة الموكولة بالمزج

فبالغ بالطيب وأربى بالحسن عليها ... إرتبكت .



* * *



توضأت بماء الخلق ،

أخذت بهذي القيثارة

دوزنت عقوداً أربعة

وشددت على وجع المفتاح الخامس والسابع

فاعترض النحو البصري عليَّ

كذاك اعترض النحو الكوفيّ

من لا أعرفه يعرف نحواً في الشعر

دع الريح يهدهدك الهدهدة الإهداء

نذرك كان كثير الشمع الأحمر والآس

ومرت كل شموعك من تحت الجسر

وأوغلت كثيراً في البحر

فأين البصرة ؟!

صحيحٌ أين البصرة ؟

البصرة بالنِيّات

لقد خلصت نِيّاتي

وتسلق في الليل عمى الألوان عليها

أين البصرة ؟

أين البصرة ؟ مشتاق

بوصِلتي تزعم عدة بصرات

منذ شهور قلبي لا يفرح إلا بين النخل

أتسير ببوصلة ؟!

- حين يكون لذلك فائدةٌ

ما دختَ ؟!

- إذا كنتُ بلا أملٍ

يا صاحب هذا الكلك المتعب

أنت تسمِّيه المركب ، لا بأس عليك

تفاءل ما شئت

أطلق ما ترتاح من الأسماء عليه



* * *



وأضاف قميءٌ عفنٌ كان يقوّق بين القوم

وكنت تفرِّغ شحنتنا الثورية !

يا ابن الشُحَن السلبية !

بطاريّة حِزبك فارغة ماذا أعمل ؟

والتفت الآخر لفتة من فاجأه الحيض وقال :

تفاهمت مع السلطة تشتمها وتورطنا

إربأ أن تسمع واتعذ الله
فمهما قيل فأنت تُعلِّمُ مثل نبيّ

سلمك المفتاح على ذمة بَحّار البحّارين وأعطاك السعفة



* * *



ولكن أين البصرة يا مولاي

وما شأني بالبحر

- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- بل يوصلني

- لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- بل يوصلني البحر إلى البصرة

- قلنا لا يوصلك البحر إلى البصرة ؟

- أحمل كل البحر وأوصل نفسي

أو تأتي البصرة إن شاء الله

بحكم العشق

وأوصلها ...

-----------------------------------------------

أيّها القبطان

مظفر النواب



اسقنيها

وافضحي فيَّ الظلاما

بلغت نشوتَها الخمرةُ

في خديك

نثر الورد في كأس الندامى

وروت مبسمَ وردٍ

نزع التاج وألقاه بأرواح السكارى

بمعانٍ نزعت ألفاظها

وقف العشقُ على كفيهِ مجنوناً من النشوة

والعود ارتخت أوتارهُ

واللحن قاما

وانتضائي ضائعَ اللُّب

بعينيّ من السُكر دَمُ العصفور

والجفن انكساراتُ خزامى

جسدي مرتعشٌ بالطّل

أنضوه

كأني أُفعوانٌ،

ترك الثوب السموميّ،

على صكة نهديك ضراما

متعبٌ

أبصم إن حسستني جسمي،

فإني لستُ ألقاه

وإن قد أشعل الليلَ

أنيناً وسقاما

ربما يقوى على حملي

الى بيت تعودتُ على فقدانه،

ألقاهُ في عيني

وأغفوه

كأن النوم ناما



* * *



رسموا بحراً من الحبر

وحطوا مركباً فيه

ويا غافل! يا أنت لك الله

ركبنا!!!

فوجدنا نفسنا في ورق الرسم

بلا صوتٍ!

ومشطوبين بالأحمر!!!

والقبطان مشروخاً الى كعبيه بالذُلِّ

أدفعوني

ومضى يفتك بالنسوة في قمرتهِ العُليا

اهتماماً بالجماهير،

وبالفخذ اعتصاما!

ليس بالمركب والبحر ثقوبٌ

إنما أنت هو الثقب

ولن يمنحَك البحر احتراما

تدّعي المركب!؟ هيهات!!!

ومن أين ولم تُبحر؟

وتاريخك وَحْلٌ

ودَمُ النوتيةِ الأمجادِ في عُنقِكَ

أصبحتَ على البحر إماما!!!؟

أسقنيها

لم يزلْ للبحر في رأسي، دويٌ

والمدى لعبةُ اطفالٍ بكفي

وتُقى أشربُها

راحاتها استغفرت الله لنا

والعُودُ يلتف،

كمن يحتضر الروحَ ضُراما.

أسقنيها وفدى خُفيك من يشربُ خمراً

وهو لا يعرفُ للخمر مقاما.

أيها الشاربُ

إنْ لم تكُ شفافاً رقيقاً

كزجاج الكأس،

لا تدخل طقوس السكر والكينونة الكبرى

فسوء الخمر يؤذي،

بينما يقتل سوءُ الخُلقَ

فاشربها كريماً دَمِثاً

تطمعُ أنَّ النارَ تستثني الكراما



* * *



قارب الأيام

تِهْ بيَّ

وتهني..

فأنا أسمع تيهاً غامض البُعدِ…

وزرَّ البحر من خلفي،

وضيّعني أماما…

ابتعد عن أيّ شاطئ،

أيها النذرُ الشبوبيُّ

بمقدار نوايا الشمع

تُعطِ البحر بقشيشاً

من الماء اضافياً

وطعماً…

وغماما…

أنتَ.. أنتَ المركب النشوانُ

ألواحاً

ومجذافاً.. وروحاً

تتهادى في نئيج الموج والطير

وصمت المطلق السينيِّ

يا سينيُّ!! يا سينيُّ

يا سراً من الأسرار

حققتَ الزمان الضدَّ

غصناً فارعاً بالورد،

ممشوقاً غلاما.

كاشفاً عن فخذيك الجبروتين،

أفاداتٍ من الرُّز.

وصمتِ الفيروزباديِّ

وكل امرأةٍ تُسندها

تسمع صوت الغرانيق

وجيش الزنج،

تنضم..

وتُعطيك الزماما



* * *



أينهُ وعدُ الذين أُستُضعفوا في الأرض

والركض الى المسلخ يومياً!؟


ما هذي القيادات المنافيخ فراغا

تشتكي من سوء هضمٍ،

داخل المخ

وتجتر نياما

أنا سكرانُ بمن (نتبعهم)
من نُطفة اللوز،

ونُطق الكسل الصيفي

سكرانٌ بمن…

يا ربُّ يا تدري بمن!

يا ربُّ، يا تدري بمن!

قابضٌ راحي على جمرةِ كأسي

بهدوء ورضى.

أمنحُ دنيايَ على علاتها أقمار زرقاء

وناراً وخياما.

لم أزلْ أرجع للكتّاب

والختمةِ والقرآنِ، طفلا

دائماً ألقاك في شارعنا الفرعي

تؤويني من الصيف العراقي

بثوبيكَ

وتتلو صبرَ أيوبَ على وجهي

ولكني مهووسٌ غراما:

ببيوت أذِن الله بأن يُذكر فيها

وكثيراً هيمتني

"ألم نشرح"…

"والضحى"…

"يا أخت هارون ولا أمُّكِ قد كانت بغيّا"

"زكريا"

"وسليمان بن خاطر" كان صديقاً
إماماً

قبِّل القبرَ "بأكياد"

فهذا الهرمُ الطفلُ

احتوى أسرارَ مصر كُلَّها،

وأقانيمَ خلود الروح والطوفانَ والطودَ

أما كان كليمَ الله،

في رابية الطودِ،

وناداه: سليمان بن خاطرْ

طهِّر البيتَ من الأرجاس وانزل أرضَ مصرٍ،

حذّرْ الأحزاب في دوامة السلطة

والنصفية العاهر

بلغها بأن الله لا يقبل إلا بالبواريد

السلاما

يا صُراخَ الكُوة السوداء

يا يحيى نبي الله!

"سالومي" تؤدي رقصة الموتِ

وألقت آخر الأشياء للستر

على استقلال مصر

والمزاميرُ وصوتُ النقر من بيت رئيس الجيش

صلِّ ركعة الموت

فإن الرأس مطلوبٌ

ولم تصح الجماهير تماماً.

أسقنيها…

لا يزالُ الليلُ يشتدُّ

وأشتد

ولا يبدو على الأفق ذليلٌ

ربما كلَّتْ من الخيبة عيني

وأضافتْ ظُلُماتٍ

أو يروغ الأفقُ أمعاناً بشيء،

إنما أُبصر من عين الذين استضعفوا

إن أطبقت كُلُّ المقادير جهاما



أنا سكرانٌ بمن تخلقُهُمْ

من نُطفةٍ طاهرةٍ،

مثل مياه الصُبح

في الخدّ قناديلُ من المسك

وفي العين شرودُ الظبيّ في الصحراء


لا مني الحُبُّ على الحُبِّ

فأغويتُ الملاما

أمسكَ الصحبُ السُكارى،

ليلَ ردني

سقط الزرُّ عليهم قمراً

وتدلّى سُلماً خيطٌ

الى حصته من قدحي،

صار يلتف بروجاً

أيُّ كونٍ بين كأسي ويدي!!!

ربُّ! لا تغضبْ، فإني "استُضعِفوا"

يأخذُ الترتيلُ بالآية لُبّي

فإذا ما بسملتْ شاحنةٌ بالحزن والبارود

سجّلت على حاشية القرآن

اسما

شاحنات للذين استضعفوا

أهدافها شتى

فيا حضرة كُتّاب التقارير،

تشيطنتُ

ولم أذكر نظاماً

رافعاً فردةَ سُباطيّ

كالهاتف،

كي أشتُمهم.

يا خوات الـ!!…

قُطع الخطُّ ولم أُكملْ مراسيمَ احترامي

ربما بالفردة الأخرى،

أرادوا الاحتراما





* * *



أسقنيها

ودعي سبابتي الحمقاءَ

تستفتحُ بالنهد

ولا أدري الختاما

انني صَبُّ،

أسمّي كُلّ ما يسلبُ لُبي خمرةً
إن كان حُسناً

أو قُراحَ الماء في كف كريمٍ

أو حزاماً ناسفاً

أو بيت شعر

أو مُداما.



(1986)

غازي العلي
02-04-2008, 11:06 PM
عروس السفائن
مظفر النواب


فوانيسُ في عُنُقِ المُهرِ.. علَّقَها الإشتهاءُ
ونجمٌ يضيءُ على عاتقِ الليلِ.. زيَّتَ نخلُ الهموم

وأعتقَ من عقدةِ الشاطئين رحيلَ السفينةِ

من سُفُنٍ لا تُضَاءُ

وناحت مزاميرُ ريحُ الفنارِ فأيقظْتَ رُبّانَها المُتّحيل

فذاقَ الرياحَ وأطرَبهُ الإبتلاء

وسادنُ روحي وقد أطْبَقَ الموج

حتى تَجرحَّها

أنها وحّدَت نفسها بالسفينة

من ينتمي هكذا الإنتماء

فنيتُ بعشقٍ وأفنيته بفنائي

لينبتَ من فانيين بقاءُ

بنيتُ بيوتاً من الوهمِ والدمعِ

أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ.. تم البناءُ

عروس السفائن ألصقتُ ظهري الكسير

على خشب الشمس فيك

حريصاً على الصمت.. مدماً من الناس

في البئر أستنجد البحرَ.. قبل قراءاتِ بوصلتي ودليلي

وأخصفُ ما نهشتهُ الجوارح

من مضغةِ القلبِ أبقِ الجروحَ

مُفَتَحّةً في رياحِ المَمَالِحِ

لا يَحلمُ الجُرْح ما لم يُحَدِّقْ بسكينهِ عابساً

في الظلامِ الثقيلِ

إذاً.. دارت الشمسُ دورتها

وارتأتني الرؤى نائماً تحت ألفِ شِراعٍ

مجوسيةٌ قصتي

معبدُ النارِ فيها

وقلبي على عجلٍ للرحيل

بعيداً عن الزمن المبتلى.. يا سفينةُ

إن قليلاً من الوزر أمتعتي المزدرات

ولم تثقلي بالقليل

سأبقي المصابيح موقدةً في بواء الصباح

مصالحةً بين صحوِ الصباحِ وصحوي

وأُبقِ الرياحَ دليلي

وأسألُ عن نورسٍ صاحبُ الروحِ في زمن البرقِ

يومَ المُحيطاتِ كانت تنامُ بحضني نَشْوى

وما زالَ ثوبي أخضرَ من مائها

يا لهُ من زمانٍ مرَّ بين ألفٍ من السنواتِ الفتيةِ

يا وَجْدُ ما كُنتَ دون حَمَاسٍ.. وما ظَلَّ في خَاطِري الآن

إلا النشيجَ اللجوجَ من اللججِ النيلجية..

والزَبَدُ الأرجوان.. المعتق في غسقٍ باللآلئ..

والزبد الأرجوان.. المزخرف بالليل

والقمر الآن من زهرةِ البرتقال

تغيرتُ مستعجلاً أيها الفرح الضجري

وأصبحَ محشرُ أغربة سطحَ قلبي

ينحنح قبيل مغيب الهلال

عروس السفائن اني إنتهيت.. على سطحكِ الذهبي

ورأسي الى البحر يهفو رائحة اللانهايات

والليل.. تعبان.. يطوِّحها الموجُ ذات اليمينِ وذات الشمالِ

لقد ثَقًلَ الرأسُ بالخمرِ

والزمنُ الصعب قبل قليل

وأنهكني البحر في زمن للطحالب

عن طحلب بلا قلب.. يصيخُ معي في الهزيع الى جهة المستحيل

لدى الله كل النوارس نامت

ولم يبقَ إلا سفينتك الآن

مبهورةً بالشمول

على وجهها من رذاذ الغروب


فأين سيلقي المراسي الماء

بنيت بيوتاً من الماء هدمها الجَذْفُ

كيما يتم البناء

ومنذ نهارين في وحدة المتناقض

هذي السفينة يدفعها ويدافعها الإبتداء

أعللها بعليل الرياح.. ويغري بها أنها من طبيعتها تستمد

خليل السفائن سليني النهايات

يا لانتشائك إذا هَزَجَ البحرُ

بالزبد الزئبقي.. ويزهو اللبرجد واللازورد

إذا هزج البحر فالكون زاءُ ملونةٌ

فوقها شدةٌ.. فوقها شدةٌ

ثم مدُّ

وللشدِّ من بعد ذلك شَدُّ.. وللشدِّ شَدُّ

وإني على الحبل من مركبي.. في الظلام أشُدُّ

وعلى دمعتي في الهزيع

كما خصر أنثى أشُدُّ

وتندمل هنا يا صاحبي فالنجوم هنا لا تُعَدُّ

وأنت كما خلق الله في نخوة الخلق

بين الصواري يؤجج ما قد تبقى

من الشيب برقٌ

ويعبث فيما تبقى من القلب رعدُ

عجيب صراخك في غمرات البنفسج.. والكون

إذ يصل العتبات الأخيرة

في غفوةٍ لا يَنِدُّ

عروس السفائن لا تتركيني على أنقة الساحلين

يَجِنُ جُنوني إذا رنَّ في هدأة الليل بُعْدُ

أهيم إذا رنّ في هدأة الليل بُعْدُ

عروس السفائن لا تتركيني لذى حاكمٍ وسخٍ يَسْتَبِدُّ

لقد كفت الخمرة عن فعلها فيّ مما تداويت

واربد بالصبر جلد

أحب الحروف لها شهقةٌ بعدها لا تندُّ

وما العاشقون سوى شدةٌ

أسراها لا تحدُّ

فإن ساح البنفسج في موهن البحر

صارت تَلِزُّ.. تَلِزُّ

وصُرتُ ألِزُّ.. ألِزُّ

عروس السفائن والبردُ في ألقِ الصُبحِ خَزُّ

وليس يهاجر في الفجر إلا الأوَز

رسى السأمُ السرمدي بجسمي

وليس سوى غامضاتِ البِحار

التي تستفزُّ

أصيحُ.. خذيني لأسمع أجراسها

ان برقاً بقلبي يلز

أنا عاشق أيهذي البحار لأجراسكن

فقد أوحشتني الشوارع

مما بها من لحى ً ورؤوس تجز

وفاض وفاض الإناء

بنيت بيوتاً من الوهم والدمع أين هوَ العشقُ.. أين هوَ العشقُ

أين هو العشق.. تم البناءُ

أُحاور روحي أحاورها.. وكل حوار مع الروح ماء

بكى طائر العمر في قفصي

مذ رأى مخلب الموت

ينزل في صحبه ويَكُفّ الغناء

متى أيهذي العروسُ يجيء الزمان الصفاء

ففي القلبِ مملكةٌ للدمامل

والجسد الآن في غاية الإعتلال

خذيني.. لأقرأ روح العواصف

حين تخانق سخط الليالي

خذيني فإن العصارة تغرق بالأغلال

خذيني.. فما البحر في حاجة للسؤال

خذيني.. فليس سوى تعب البحر يشفي

وينقذ من فقمات المقاهي

كفى لغطاً عاهراً أيها الفقمات

كفى يا ضفادع هذا النقيق الدنيء

فأنتم سبات

سأصرخ يا بحر.. يا رب.. يا رقص.. يا عتمات..

زٌحَارٌ بكل التقاليدِ

لا يتبعَ البحرُ بوصلةً

بل تتابعه البوصلات..

زحار ببحارة يرهنون لحاهم على ساحل

واعصفي فالمقادير قد أفلتت عن إرادتها العجلات

سيولٌ على بعضها تتواكب في زحمة الإرتطام

وفي دمهم يعبرُ السائرونَ

إذا لَزِمَ المعبرُ

ومن قطرةٍ يعرف المصدر

هي اللحظة اقتربتْ فابشروا

تَهِبُّ البنادق تستهترُ.. وتصحو النيازك والعنبرُ

ويأتي دمٌ مُدْلَهِمٌ مُخيفٌ

أقَلُّ ارتطاماته مَحشرُ

وعاصفُ أسودُ ذو ألفِ عينٍ

على متنهِ عاصفٌ أحمرُ

وتمسي ذقونَ ذُنَابَ عَقاربَ

في أوجهِ الخائفينَ وما زوّروا

فذئبٍ بفخذينِ من آخرٍ

يَدفِنُ الوجهَ رُعباً

فهم نسقٌ راعشٌ أصفرُ

لقد كنتُ أحلمُ وعياً

وفي حلمٍ بالذي سوف يأتي وفاءُ

ومرّت جنازةُ طفلٍ على حُلُمي بالعَشِيِّ

يرادُ بها ظاهرَ الشامِ، قلتُ:

أثانيةً كربلاءُ

فقالوا من اللاجئين.. كَفَرْتُ

وهل ثم أرضٌ تسمى لجوءً لنُدفن فيها

وهل في التراب كذلك

مقبرةٌ أغنياء.. ومقبرة فقراءُ

تلفتّ في ظاهرِ الشام أبحثُ عن موضعٍ

لا يمتُّ لغير منابعه

ندفنُ الطفلَ فيه

وقد دبَّ فينا المساءُ

وكان على كل أرضٍ نظام الحوانيت

يتبعنا في الغروب

وكان يُشارُ لنا: غُرَبَاءُ

وحين دنونا لمقبرة ليس من مالكين لها

جَعْجَعَ الحرس الأموي بنا: فُرزَت للخليفة

قلت بل يفرز الخلفاء!!

وكان نسيم الطفولة ينضحُ من شقوق الجنازة

بين المخيم والشام تنبت أين اللقاء

جنازة من هذه؟ ولماذا بلا وطن؟

وكلاب الخليفة تنبح من حولها

والمخيم يحملها راكضاً والشواهد تعرقُ

قلت: فلتعرقي

واكفهرّ على تلة في البعيد الشتاء

أليست هي الأرض ملك لرب العباد؟

وهذي الجنازة أصغر من أصبعي.. فادفنوها

وأم الجنازة يكسرها الإنحناء

وجد الجنازة أعمى يتأتئ

والعينُ يرشح منها على الصمت ماءُ

فقيل لنا: مبلغٌ يحسم الأمرَ

فاجتمع الفقراءُ

فللمال أفعاله يستفز

هنا دفن الطفل في آخر الأمر

يا أرض غزة فاسترجعيه

لئلا مقابرهم تستفزُّ

وليس يهاجر في موهن الليل إلا الأُوَزُّ

عروس السفائن ان المراكب

ان لم يكن فوقها عالمٌ بالبحار تنزُّ

ويلقي بها الليل منهكةً يتناول فيها النشيج

ويرتفع البحر جيما عجيبةَ

اما تصاعد منه الضجيج

وما نقطة الجيم الا البقية من جنةٍ

انا كالحبر فيها الأريجُ

وأسأل هل نزل الطفل في قبره...

لاجئاً بين أمواتنا

لكأن اللجوء مصير اللجوجِ

عروس السفائن أسندت ظهري على خشب الشمس فيك

حريصاً على الصمت.. أستنجد البحر

ان الجماهير في شاغل والدهاقين في قمة النفط

في حكةٍ بين أفخاذهم

والزمانُ على عجل للرحيل

وقد دارت الشمس دورتها

وانتهى اليوم

والشمس ترجئ بعض الدقائق.. قبل الأصيل

خذيني الى البحر

يا أيُّهذي العروس

لقد مَلَّ قلبي ألاعيبَ أهل السياسة

والرأس أثقله الخمر

والزمن الصعب.. قبل قليل

وكل النوارس نامت

ولم يبق إلا السفينة مبهورة بالشمول

عروس السفائن يا هودجاً.. يتهودج بين الكواكب

فليمرج البحر.. ولتحمليني لوادي الملوك

أرى عربات الزمان مُطَعّمَةً

ترجو الأبدية في معبد الشمس

شامخةً (طيبة) الآن

تلبس كل مفاتنها.. نهدها في اهتزازِ

ويرتفع الحزن من فوق أكتافها

يتبارك بالموكب الملكي

ترتفع الابتهالات.. فرعونُ.. فرعون.. فرعون

يرتفع الصبح.. فرعون.. فرعون.. فرعون

يرتفع المجدُ.. ترتفع الخيل بالرسل الذهبية

أصرخ قِفْ!

يتوقف كل الزمان

وقلبي توقف في الحزن كالحجر الأردوازي

و(طيبة) شامخة نهدها في اهتزاز

رفعت عيوني الى نثر طيبة

فوق الجبين الذي مسحته الخليقة بالخمر

والإعتزاز

أفرعون يا من تُخلد أهرامكَ الموتى

أسرع هنالك من يَقتنيْ هرماً للمخازي

تقزّزَ وجهُ الإله.. وألهبَ طهرُ الجيادِ سياطاً وقرحها

صحتُ قفْ أيها السادنُ الأبديّ

فمن يملكون السدانة قد سرقوا شعب مصر

زَوّرُوا شعبَ مصرَ

وقعوا باسم مصر ومصر بُراءُ

شربوا نخبها وهي جائعة

ليس في قدميها حذاء

ولكن متى كان فرعون يصغي!

استجرت المماليك

لكنهم أرسلوا مصر فوق الجمال

لوالي الجزيرة كسوه

ووالي الجزيرة بين سراويله

الحل.. والربط.. والزيت.. والموت.. والحرب..

والسلم.. والعنعناتُ

وأكثر ما يُصرخ الأمعاتُ

ولكن لمصر مواعيدها.. للصعيد مواعيدهُ

للرصاص مواعيدهُ

والنجوم هنا لا تُعَدُّ

وليس أمام البراكين في لحظة الروعِ سَدُّ

وهذي الفوانيس تفضي لحلوان في الليل

حيث السلاح الخفي يُعَدُّ

أعدوا لهم ولعاهرهم، "ان عاهر هم.... يعد"


ولكن لدى الله جند، ومصرُ الرحيمة

لا ترحم السفهاء

أنا لست بالناصري ولكنهم

ألقوا القبض ميتاً عليه

وعري من كفن نسجته قرى مصر من دمعتيها

إذاً.. سقط الآن عن بعض من دفنوه الطلاء

أقول لناصر أخطأت فينا اجتهاداً

ولكننا أمناء

وأن الذي في الكنانة مما رحمتَ فأطلقتَ بالأمس

يكافئكَ الطلقاء

لئن كان كافور أمس خصياً

فكافورها اليوم ينجب فيه الخصاء

تفتق فيه الغباءُ ذكاءً

ومن مُشْكِلٍ يتذاكى.. بدون حياءٍ غباءُ

وما عجبٌ ترسل الريح في أزمةٍ

وتلفُّ بموضعها الخنفساء

ولكن تموت على ظهرها وتكابر

مسألةٌ تقتضي فوهَ ماءُ

ومهما السجون تضم أماماً

يظل على شفة الكادحين الغناء

ومصر التي في السجون مع الرفض

أما التي في البيانات مصر البغاء

وحاشا فإن من النيل ما يغسل الدهرَ

مهما طغى الحاكمون الجفاءُ

لمن في الظلام الدماء

لمن في الظلام التوابيت تمشي

وفيم الحراسة حول المقابر

قال الذي يتلفت: ان العزيز يمر على شهداء (المحلة) بالطائرة

فقلت: هو القسط يُدْفَعُ

أقفل فمك فالمباحث من حولنا كالبعوض

وفيم العجالة في الدفن؟

أسكت!

مخافة أن يزحف الدم في القاهرة

صرخت: سيزحف.. علمني زمن بالعراق

بأن الدماء هي الآخرة...

وحين الصعيد يطوق قصر المماليك

لست أبالغ يجتمع ..... في الناصرة

تقول البيانات قد قتلوا عاملاً واحداً

تكذب العاهرة

فهذا دم يجمع العرب الفقراء من الأطلسي الى صفقة في الخليج

وقد كفرت نخلة حين بيعت

واني من النخلة الكافرة

أرى الأرض تنقل أيضاً مع النفط

في الباخرة


لقد تمت الدائرة

لمن في الظلام الدماء؟.. سؤال يلح

وتزهر من حوله أغنية السائرين على جثث

زيتتها المكائن والدم والكبرياء

ستبقى المكاتب هذي مزيتتة بالدماء

وينتج عنها قماش دماء

عروس السفائن أبحرت مبتعداً عن متاهات روحي فيك

فإني من أمة تتفجر في ليلها الصحراء

وما بدعة لا أرى في المذاهب غير جواهرها

ما بهذا انتقاء

أمد جذوري تضرب في الأرض

عن ثقة أن دهري سماء

وليس على ناظري الغشاوة فيما رأيت

ولكن على أمةٍ حَرّفَتْ مبدعيها غشاءُ

(أبا ذر) إنا نفيناك ثانيةً

حين قُلنا بمحض الفجاجةِ:

من غير روحك يبتدئ الفقراء

وما كَفَنٌ قد شَرَطْتَ وعشت به في الزمان

فناراً تحاولك العادياء

سوى أن فائض مال رفضتَ

وشرعّت أن الخلائق خَلْقٌ سواءُ

وأنك في الفكر والروح أصلٌ

ومن معجز الملتقى.. يتوحد فيك الثرى والفضاء

بنيت بيوتاً من الوهم والدمع

أين هوَ العشقُ.. أين هو العشق.. أين هو العشق.. تم البناء

بكى طائر العمر في قفصي

مذْ رأى مخلب الموت ينزل في صحبه

ويكفّ الغناء

فأنبته أن يصدح كي يسكر القفص الدنيوي

فإن انفلاتاً من الشرط بدءُ لفك الشروط

كما تتعرى مراهقةٌ تتمتع حلمتها

أن يراها الهواء

ومنذ نهارين والطائر المشرئب.. يحدق في الأفق

ماذا تراه يشفُّ الوراء

كأن به هاجساً يتقرب من خطر

أو به خطر.. انها الأرض تدخل منزلةً وتشاء

هو الآن في وحدة المتناقض

حيث يتم النقيض الجديد

ويستكمل الدورة الإنحناء

أحاورُ روحي أحاورها

وحوارٌ مع الروح ماءُ

عروس السفائن أدعو النجوم الى قمرتي

فأنا أُولِمُ الليل نذراً

وألبسُ أبهى ثيابي

فقد كنت عند نخيل العراق.. وإن كان حُلماً

وكان العراقُ على مُهره عارياً

مثلما ولدته السماءُ

وكان على عتباتِ العراقُ الفضاءُ

وبين ضلوعي فضاءٌ.. به نجمةُ

لستُ أدري بماذا تُضَاءُ


عروس السفائن صار العراقُ لطول المجافاةِ حُلْماً

ولكن به دجلة والفرات

كأن من الحلمِ يرشحُ عشقٌ وماءُ

يُشيرُ إلينا العراقُ.. وفي الحُبِّ حُلوٌ يشاء

أيا وطني قد ضاقَ بيَّ الإناءُ

كأن الجمال بليل الجزيرة

سوف يطولُ عليها الحذاء
كأن الذي قتل المتنبي بشعر إبتداءُ

لأمرٍ يهاجر هذا الذي أسمه المتنبي

وتعشقهُ بالعذاب النساء

وما قدرٌ أنه في الجزيرة يوماً.. وفي مصر يوماً.. وفي الشام يوماً..

فأرضٌ مجزأةٌ.. والتجزؤ فيها جزاءُ

عروس السفائن

كُلٌّ على قَدَرِ الزيتِ فيهِ يُضَاءُ

خالد صالح الحربي
02-04-2008, 11:17 PM
:
مظفّر النّوَاب حكَايَة ثَانيَة ،
هو أكثر من مُجرّد شاعر ثَورِي وَ ذُو صوتٍ مرتفع في زَمن الشعراء الصُّم البُكم !
قرأت لَهُ الكثير وَ سمعت لَهُ الكثير أيضاً ، قصائدهُ بإلقائه قنابِل / سنابِل مُوَجّهَة .
شُكراً لكَ أخي النبيل : غازي العلي ، وَ صَدّقني سيكثُر زُوّار هذا المُتصفّح ،
فَبِضَاعَتُكَ ثمينةٌ جداً جِدّا .

مشعل الغنيم
02-04-2008, 11:23 PM
*

[ أنت كما الاسفنجة..
تمتص الحانات ولا تسكر، ]

غازي العلي
02-04-2008, 11:41 PM
أخي....الحبيب....خالد....الخالد
أعرفُ....رجلاً....كان...يسافرُ....عبر...الأمصار
...ويشتري....هناك...مسجل....(ستيريو)
..ويضعُ...فيهِ....شريط....(قذائف )...للنواب..!!

الاختلافات....المتعدده...!!
...لاتلغي....النجوم....المتجدده...!!

...هذا...شاعرٌ....أرقَهم....فباتَ....طريداً....ووح يداً..!!


....يبدوا....لي....ان...(قمعهم)...خلقَ....هذا....ا لمارد...!!

انا ممتنٌ....لوجودك...أخي خالد الحربي...!!

حمد الرحيمي
02-06-2008, 11:57 AM
غازي العلي ...



جميلٌ هذا المتصفح بجمال الموضوع و رقي كاتبه ...







غازي العلي ...


شكراً جزيلاً لك ... و



مودتي ....

غازي العلي
02-06-2008, 12:25 PM
الخوازيق
مظفر النواب



لله ما تلد البنادق من قيامه
ان جاع سيدها وكف عن القمامه
ان هب لفح مساومات
كان قاحلاً

قاتلاً لا ماء فيه ولا علامه

وهو السلاح المكفهر دعامة

حتى إذا نفذ الرصاص هو الدعامه

قاسى فلم يتدخلوا

حتى إذا شهر السلاح

تدخل المبغى ليمنعه اقتحامه

لا يا...(.هواةُ) سياسةٍ

خلوه صائماً.. موحشاً

فوق السلاح

فإن جنته صيامه

قالوا مراحل

قولوا قبضنا سعرها سلفاً

ونقتسم الغرامه

لكن أرى غيباً بأعمدة الخيام

تعرت الأحقاد فيه جهنماً

وتحجرت فيه الغلامه

حشد من الأثداء.. ميسرة تعج دماً

وحلق في اليمين لِمُجهَضٍ دمهُ أمامه

حتى قلامة أظفر كسرت

ستجرح قلب ظالمها

فما تنس الغلامه

----------------------
-----------------------

لله ما تذر البنادق حاكمين

......... في الهواء

ورأسهم مثل النعامه

ودم فدائي بخط النار يلتهم الجيوش

كما الصراط المستقيم

به اعتدال واستقامه

لم ينعطف خل على خل

كما سبابة فوق الزناد

عشي معركة الكرامه

نسبي إليكم أيها المستفردون

وليس من مستفرد

في عصرنا

إلا الكرامة....

شهــــــــــد
02-06-2008, 12:59 PM
http://0shahd.jeeran.com/Nawwab.jpg

°°
°°

تحيّرني ملامحهُ ؛
و الصوتُ [ يربكني ] ..!

فريدٌ هذا اليتشحُ أنصاف السواد ..~

°°
°°
الخيال/ غازي

شكراً عميقة .. كـ [ أنتما ] ..!
http://0shahd.jeeran.com/wardaa_66.gif

°°
°°

دُمتَ

ألق
02-09-2008, 05:12 AM
هنا ..

موو حزن لكن حزييين ! (http://www.geocities.com/Paris/Jardin/5655/mo7azeen.rm)

سعد المغري
02-09-2008, 05:50 AM
..

غازي العلي..

تتميز في الأختيار دائماً.

"مظفر النواب"

رمـز الشعر والأبداع..

شكراً لك .
..

غازي العلي
02-10-2008, 08:31 AM
الرحلات القصية
لكل نديم يؤرق
والقلب مل نديمه
كأني عشق تذوق طعم الهزيمة
دخلت وراء السياج
فآه من الذل في نفحة الياسمين
ذكي ويعرف كل الدروب القديمة
وآه من العمر بين الفنادق
لا يستريح
أرحني قليلا فإني بدهري جريح
لكم نضج العنب المتأخر
وانفرطت بعض حباته
كن يدا أيها الحزن
وأقطف
ولا تك ريح
رمتني الرياح بعيدا عن النهر
فاكتشفت بذرتي نهرها
غطت الدرب
والفتية المنتمين إلى اللعب
والخطر البرتقالي في حدقات الزقاق
وتدخل غرفة نومي
وهذي رسومي....وهذا صباي الحزين
وتلك مراهقتي في شبابيكها...ولهاث السفرجل
والشوق قد كبر الشوق عشرين عام
وصار اشتياق
وما من دموع أداوي بها
حاضرات الهموم الجليلة
إلا قميصي..وقلبي..وكلمة حزن
نساها الرفاق
تفتح حزن كثير غداة افترقنا
ولست على أحد نادم
غير قلبي
فقد عاش حبا معاق
أحلق وحدي بطائرة
كل ركابها نزلوا في مطار غريب
وأغطس في البرد
لا طاقما...لا مضيفة..لا مطارات حب سأنزل فيها....
ولا بلدا عربيا
يكون تبرأ مني الزمان الحبيب
لكم كان يكفي قليل من الورق الناعم البالي
أصنع طائرتي وأهيم بها في الطفولة
والناس مثل الطفولة صحو
يغني به عندليب
وتلك النوايا الصغيرة جدا
تمر البساتين فيها وتبني قناطرها
والكلاب الصغيرة تركض في ثوبها الليلكي
وراء نحاس المغيب
وبستان نون على شفتي...مراهقة قبلتني
لأني طفل ولا أفهم الرحلات القصية
ما زلت طفلا تهجأت
أو يتهجأ قلبي طيب
وأتقنت أقرأ مثل الكفيف
بهذي الأصابع...خصرا وكسراته
فإذا ضمني مثله لم أعد معربا
بل بناء رهيب
لقد ختموني الحروف الى النون
ثم اكتفوا
فبقيت رضيعا
وعيني على الواو والياء أيتها الأحرف العربية
فالهاء حرف عجيب
وأمد الخيوط وطائرتي تسمع النبض
عبر خيوطي
وفي اللازورد السماوي في طرب تستجيب
وقد يعلق الخيط بمدخنة لرفيق قديم
فيجفل من رقة الخيط
هذا زمان دنيء كئيب
وأخجل أسحب خيطي الوفي
أراه لقد فحص الخيط حد الهزيمة
كفى.. تنفخين رمادي
تقصدت أن أحرق القلب مستعجلا
أصفات الحريق السريع ذميمة...؟
لذاك احترقت
وأعطيت ما يعجز النور عنه
فإني على النور بعض النميمة
لكم كنت كالورق الناعم البالي حد الجريمة
لقد خربش الحب أمسي
وقد خرجت خربشة الهوى لغدي
والتقت عند تلك المصاطب
والسرو والحانة المستديمة
هنالك مصطبة في (النواصي)
يطمرها القش والليل
كنت أحب عليها..وأنسى عليها وأربط طيارتي والسياسة..
والعشق
و اقتلعتها الدهور الأثيمة أعيد المصاطب قاطبة بيدي
إذا انتصر النهر والناس
أدهنها غير مصطبتي
سوف أتركها مثل ما هي كانت قديمة
كما وسختها العصافير
والنسناسات التي يترك العشق....والسكر...والصيف...
قبل نهايته
والقوارب بيضاء في آخر النهر
في مسحة من ضباب رحيمة
وأغفوا عليها
وزران قد قطعا من قميصي
ليخرج قلبي متى ما أراد
الى دجلة يتبرد ثم يعود
يمارس نفس الهوى الخطيئة
بل والجريمة
وأغسل عني الذي زور الملحقون بكل الدوائر
إذ وجدوا القلب دائرتي وحده
وبه أتحدى ومنه العزيمة
وأقرأ ثانية بالأصابع خصرا تعشقته
والقراءة تأتي وإن كثر الكسر والتأتآت سليمة..

غازي العلي
02-10-2008, 08:38 AM
مظفر النواب

بنفسج الضباب

حبيبتي...
أشم زنديك العروسين
وعقم الليل في فراشنا
والهمس
أنا أرى باللمس
ما عاد غير اللمس
مدينة يكذب فيها الناس على أنفسهم
تقول في أسوأ أوضاع لها
لا بآس
تموت فيها الشمس
حبيبتي...
كتبت أحزاني على الجسور والنساء
كتبت عمرك الصغير في بنفسج الضباب
نام فيه الماء
خبأته من غزوات الليل
من لصوص الجنس والأعداء
كتبته بالتبغ والنبيذ والذهول والضياء
وحينما أشتد أوار القصف في مدينتي
تكاثر الصلاة والبغاء
مدينة يكذب من فيها على شفاههم
ليس لها شفاء
حبيبتي...
بالأمس قد عبرت جسر اليأس والرياح
لم يكن في الطريق غير المخبرين والنباح
سألتهم إن وجدوا هويتي
ودفتر الديوان والمفتاح
فقلبوا شفاههم والقوا القبض علي
وأودعوني غرفة التوقيف
وانتظرت أن يجيء الحب في الصباح
لم يأت يا حبيبتي
وها أنا ضيف على التعذيب
في زنزانة أخرى بلا مصباح
مدينة تلقي علي القبض يا حبيبتي
يصبح فيها أعجز الناس هو السلاح
أفرج عني صدفة بالأمس
وحينما خرجت من جعبتهم
كنت أرى باللمس
وربما قد مات في الزنزانة الأخرى
الذي دق على جداري
لم أكن هنا أسمع عبرة الليل غير الهمس
وقدا تناهى الهمس
وكانت الحانات عبر الشارع الطويل
تكتظ بالحزن وضبط النفس
مدينة يكذب من فيها على أنفسهم
أنظف منها اليأس
وها أنا مشرد أقرأ وجه الناس
والباصات والأفلام في الطريق
أقرأ إعلانا عن السلم
وفيه أقرأ التلقين والتصفيق
أبحث عن كتاب الحزن... أو صديق
يا عالما بلا صديق
يا عالما يختنق الإنسان فيه في الزفير مرة
ومرتين في الشهيق
مدينة يمنع فيها الشعر
أو يحتكر الكلام كالشعير يا حبيبتي
يقتلها النقيق

غازي العلي
02-10-2008, 08:46 AM
ليس بين الرصاص مسافه

مظفر النواب



ليس بين الرصاص مسافة
أنتَ مصر التي تتحدى
وهذا هو الوعي حد الخرافة
تفيض وأنت من النيل
تخبره أن تأخر موسمه
والجفاف أتم اصطفافه
وأعلن فيك حساب الجماهير
ماذا سيسقط من طبقاتٍ
تسمي احتلال البلاد ضيافة
ولست قتيل نظام يكشف عن عورتيه فقط
بل قتيل الجميع
ولست أبريء إلا الذي يحمل البندقية قلبا
ويطوي عليها شِغافه
لقد قبضوا كلهم
وأَحطهُمُ من يدافع عن قبضة المال
مدعيا انها الماركسية أم العرافة

ذياب العسكر
02-10-2008, 07:10 PM
شكرا لك كثيرا يا : غازي العلي _ فهذا العملاق المتحدي يحتاج أكثر من أن نقرأ قصائده فقط .. دعواتنا الصادقة أن يصحو من الغيبوبة ويعود كما كان نسرا محلقا في عالم الشعر العربي .. مرة أخرى ، شكرا لك يا : غازي العلي .. وشكرا لمظفر العراق ..

-
-


مع المودة والتقدير ..

-
-

< ذياب العسكر > ..


-
-

هـيـفـااللاّفـي
02-16-2008, 10:44 PM
ويظل مظفر النواب الانسان[ شاعر الفقراء...]

غازي كل الشكر لأختيارك هذا الشاعر المتواضع الرائعه


احترامي

عبيد خلف العنزي
06-14-2008, 09:26 PM
ماشاء الله .. جهد مشكور والله .. لي عودة بالتأكيد كي استزيد .. مودتي

محمد الضاوي
06-14-2008, 10:16 PM
:



و مطفّر ./.. هذا الي ابكي الكثير معه في كل ليله !










.