المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بإختياري !! قصة قصيرة


ابراهيم سلطان
02-08-2008, 05:20 AM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

.
/
.
بإختياري..!
تأليف: إبراهيم سلطان
.
/
.
http://www.helpinganimals.com/photos/240-FreeBird.jpg

"مسكين هذا العصفور يا أبي إنه يعيش يومه وحيداً و حزيناً في هذا القفص." أسمع هذه الكلمات دائماً ، و أنا كلي شوق لمغادرة هذا القفص و التعرف على العالم الخارجي ، منذ أن ولدت و أنا لا أرى سوى هذه القضبان و هذا الرجل الذي يخرج أحدنا عندما يطلبه الآخرون من جنسه ، و أرى بقية العصافير الحزينة مثلي.
ليتني أعرف مايوجد بالخارج ، أمنية الخروج من القفص هي أمنيتي الوحيدة منذ ولادتي ، و في أحد الأيام اشترتني فتاة صغيرة كانت معجبة بألواني الزاهية و بتغريدي الذي لا أملك غيره للتسلية ، أخرجني الرجل الأسمر- الذي يخرج أحدنا دائماً- من قفصي ووضعني في قفص ذهبي كبير و جميل ، ولكن لا جديد فيه: قضبان ، طعام و ماء كقفصي القديم ، ثم قدمني إلى رجل كبير كان برفقة الفتاة المعجبة بي ، أخذني الرجل الكبير إلى الخارج .. أجل الخارج لأول مرة .. يااه ما أجمل هذا العالم ، ما أجمل هذه الحياة ، ما أجمل السماء التي أراها للمرة الأولى، ما أجمل هذه الأشجار التي لم أراها من قبل إلا بتلفاز المحل، أريد الإنطلاق و استكشاف العالم و لكن مهلاً..! هذا القفص الكبير بدل الصغير وهذه الفتاة البضاء الصغيرة بدل الرجل الأسمر الكبير، أف دائماً هناك مايحيل بيني وبين هذا العالم ، يبدو أن ما أمنية الخروج ستظل أمنية مستحيلة سأظل أتمناها إلى أن أموت في هذا القفص.
وصلنا إلى مكان عيش الفتاة و هو أكبر بكثير من المكان الذي أعيش فيه برفقة الرجل الأسمر ، مسكت الفتاة القفص بفرح و أخذتني جارية إلى غرفتها وضعتني و هي مبتسمة بجانب النافذة ، ثم تحدثت إلي بكل براءة قائلة: أهلاً بك ياعزيزي ، أنا مسرورة لأننا سنصبح صديقين ، لكن ياترى ما أسمك .. ما أسمك؟ أضحكتني الفتاة بسؤالها و ببرائتها الشديدة فأخرجت تغريدي المعتاد: صوصوصو ، ابتسمت الفتاة و ارتسمت علامات الرضا على وجهها الملائكي الصغير و قالت : أجل .. سأسميك صوصو ، أعجبني إختيارك كثيراً ، و من الآن و صاعد يا صوصو ستعيش معي في غرفتي و سأخبرك عما يحدث لي كل يوم و ستكون من أعز أصدقائي بالتأكيد ، و بينما الفتاة منهمكة بالثرثرة البريئة معي صرخت عليها والدتها طالبةً منها الإستعداد للخروج من المنزل.
خرجت الفتاة من الغرفة و تركتني في قفصي وحيداً لا أملك ما أتسلى به و الحمدلله أن الفتاة وضعتني بجانب نافذتها المفتوحة لأستنشق قليلاً من هواء العالم الخارجي الذي طالما حلمت بإستنشاقه ، جلست أتأمل منظر الحديقة و المنازل من النافذة ، أمنية الخروج أصبحت تراودني أكثر و أكثر و جلوسي في القفص أصبح لا يطاق ، و فجأة مر من أمامي عصفور صغير يحمل مثل ألواني الزاهية ، غردت منادياً له ، فوقف على طرف النافذة المفتوحة ، طلبت منه المساعدة في إخراجي من القفص، فابتسم لي مؤكداً إنها دقائق و سيعود بالمساعدة ، و لم ألبث إلا و هو قادم برفقة طائر الببغاء الذي اشتهر بمهارته في فتح القفص، ففتح لي القفص بكل سهولة.
يا إلهي .. أكاد لا أصدق عيني لأول مرة أرى الحياة لا قضبان و لأول مرة أستطيع الطيران بلا سلاسل تقيدني ، شكرت الببغاء و العصفور و حلقت بالسماء لأول مرة ، نعم حلقت بسماء العالم الخارجي و استمتعت بالهواء العليل و بمنظر الحدائق و البيوت ، حلقت لساعات و أنا لا أصدق إني إنطلقت للخارج أخيراً ، حل المسـاء ، و شعرت بالجوع و العطش الشديد ، ولكن أين الحبوب و أين الماء ؟ فهما في العالم الخارجي لا يقدمان لي و من الواجب علي أن أبحث عنهما ، شدة التعب التي أشعر بها من كثرة الطيران أنستني الجوع و العطش و شعرت برغبة شديدة في النوم ، و لكن لا مكان أنام فيه .. بحثت طويلاً فلم أجد سوى جذع السدرة الكبيرة لأحتمي به من البرد و لكي أنام بامان ، مت و أنا خائف في ذلك اليوم ، لأن هناك أصوات لم تجعلني أنم مرتاح البال و في هدوء كهدوء القفص ، استيقظت صباحاً فذهبت أبحث عن الطعام و الماء ، الطعام بحثت عنه طويلاً فلم أجد سوى دودة صغيرة تسد جوعي ، و أما الماء فلقد شربت ماء المجاري الملوث ، بالحقيقة إشتقت للحبوب الشهية و للماء العذب ، و بينما أنا أحلق قريياً من أحد البيوت هجم علي حيوان ضخم ذو عيون خضراء و شعر أبيض كثيف ، كان يصرخ و بشدة : مااااو مياااو أريد أن أكلك أيها العصفور السمين ، الحمدلله إستطعت الهرب و التحليق بعيداً عنه ، في القفص لم يكن هناك مايهجم علي و يرعبني كما يحصل بي بـ " العالم الخارجي الجميل" الذي طالما تمنيت العيش فيه و التحليق بسمائه ، ولكن من المستحيل أن أعود للقفص ، فأنا لم أستكشف كل مكان ، ربما يوجد مكان أعيش فيه بأمان و أحصل على الماء و الطعام فيه بدون تعب ، حلقت لأيام و أنا أبحث عن مكان مريح ، و لكني عانيت طوال هذه الأيام ، فتارة الأولاد يرشقوني بالحجارة ، وتارة يريدون اصطيادي و هذا فضلاً عن معاناة البحث عن الماء و الطعام و معاناة الأماكن التي أنام بها ، بعد معاناة طويلة و تحليق لأيام ، وصلت لإحدى الدول العربية المجاورة لدولتي التي كنت أعيش فيها ، ظننت إنها ستكون ملاذاً لي و لكني صعقت لما رأيت فيها ، فلقد رأيت الناس يشهدون أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله لكنهم يفعلون مايغضب الله و يغضب رسوله، يفعلون مايغضب الباريء المصور الذي عرفته بفطرتي ، لم أجلس بهذه الدولة بعد ما رأيته ، خفت أن ينزل الله بهم العذاب و يزلزل مدينتهم ، و أنا لا أزال عصفوراً صغيراً أريد الإستمتاع و استكشاف " العالم الخارجي الجميل " ، وبعد معاناة أطول و أصعب وصلت لإحدى الدول العربية و لكني لم أستطع الجلوس بها من هول ما رأيت ، رأيت قوماً يقال لهم بني إسرائيل ، يريدون إغتصاب أرض ليست لهم ، هوايتهم هي قتل الأبرياء و المساكين و تدمير البيوت و قلع أشجار الزيتون الجميلة ، متناسين العدالة الموجودة بالسماء و متناسين إن الله لن يضيع حق هؤلاء الأبرياء ، تركت هذه البلاد و أنا كلي يقة بأن الله لن يضيع أرض الزيتون ، و أنها لابد ستعود للمسلمين قبل قيام الساعة ، تركت أرض الزيتون و بعد معاناة كادت تودي بحياتي وصلت إلى مدينة اسمها " بغـداد" ، بغداد كانت مدينة جميلة تحمل أجمل نهرين بالعالم و تحتضن أرقى الحضارات التي مرت بالعالم على مر العصور ، و لكن أهلها يتنازعون و يتحاربون و أنا لا أعرف السبب و لكن هناك قوماً من البيض يرتدون ملابس بنيـة ، يشاهدون مايحصل وهم يضحكون ويقولون : كم هم مجانين هؤلاء العرب ، يتحاربون من أجل مذاهبهم ، لقد تعددت مذاهبنا نحن المسيحين و لم نفعل مثلهم.. يالغبائهم ..!
رأيت كل هذا و علامات الإستفهام كانت تدور برأسي ، تركت هذه البلاد لم أعرف إلى أين أذهب فهذا " العالم الجميل" مليء بالقتل و الدماء و المعاناة ، سأعدود لإلى قفصي فهو أرحم بكثير مما أراه ..
أنا الآن أعيش حياة جميلة داخل قفصي ، بعيدة عن الخوف و الظلم و الدماء ، بإختياري خرجت و بإختياري عدت ..! و لا أعتقد إني سأفكر مرة أخرى بالخروج ، العالم الخارجي جميل من زجاج المحل و من نافذة غرفة الفتاة ، ولكن صدقت الفتاة الصغيرة عندما قالت : المظاهر خـداعة !!

.
/
.
مودتــــــي

ابراهيم سلطان : )

عبدالرحيم فرغلي
02-08-2008, 11:13 AM
فكرة رائعة وجميلة .. استطعت من خلالها
أن تنفذ إلى وصف حالنا وحال أمتنا من منظار
عصفور صغير .. كنت اقول أثناء القراءة الحرية
دوما متعبة .. ولها ثمن .. تشرفت بالقراءة لك ..
تحية لك وتقدير

وَرْد عسيري
02-08-2008, 01:04 PM
استَحضِر بَعضَ الحَرفِ لـ أكتبَ شيئاً لك ..
فَـ غُصتْ لُغتِي عَند فُصُول الطَائِر الأخِيرة .. !

فاضِلي / إبراهيم

قَدرٌ مَصفُوعُون نحنُ العَرب بِه / نِتَاج ِجهلٍ التَصَق بِـ عُقولنَا ...
فِكرةٌ رَائِعة / و قِراءَةٌ مُمتعة ..
وَ تدفُق لُغة تنفُثُ الأَلق بَين حُروفِها ..


وُديانُ شُكرٍ لـ فكرك ..

ابراهيم سلطان
02-08-2008, 01:09 PM
فكرة رائعة وجميلة .. استطعت من خلالها
أن تنفذ إلى وصف حالنا وحال أمتنا من منظار
عصفور صغير .. كنت اقول أثناء القراءة الحرية
دوما متعبة .. ولها ثمن .. تشرفت بالقراءة لك ..
تحية لك وتقدير

مرورك و تعقيبك هو الأجمل أخي عبدالرحيم : )

و صحيح الحرية دائماً متعبة ، و القفص قد يكون أرحم لطائر ضعيف..

شكراً على الرد اللطيف

ابراهيم سلطان
02-08-2008, 01:20 PM
استَحضِر بَعضَ الحَرفِ لـ أكتبَ شيئاً لك ..
فَـ غُصتْ لُغتِي عَند فُصُول الطَائِر الأخِيرة .. !

فاضِلي / إبراهيم

قَدرٌ مَصفُوعُون نحنُ العَرب بِه / نِتَاج ِجهلٍ التَصَق بِـ عُقولنَا ...
فِكرةٌ رَائِعة / و قِراءَةٌ مُمتعة ..
وَ تدفُق لُغة تنفُثُ الأَلق بَين حُروفِها ..


وُديانُ شُكرٍ لـ فكرك ..



أختي / ورد عسيري

نعم للأسف .. الجهل التصق بعقولنا .. حتى أصبح صفة يتميز بها العرب لدى الغرب !

رحم الله أيام الأندلس .. و أيام بغداد .. عندما كنا نحن أصحاب العلم

كل الشكر لكلماتك الراقية و للمرور الذي أسعدني : )

أفراح الجامع
02-09-2008, 08:07 AM
أجد القفص اجمل مكان نعيش به،

لانه ابعد عن الحياة ومتاعبهـا،

الاخ الفاضل،،

قصة نسجت بها جمال من نوع اخـر،،

كونت من الحروف جملا طبعت في قلوبنا معنا جميل،،

لك اتمنى المزيد من التقدم،،

اختك: قلب المحبة

صالح الحريري
02-10-2008, 12:44 AM
إبراهيمـ....!!


سردك كرفرفة جناحي عصفورك ...
يجعل القارئ يتتبع صوت الحرف بهدوء كي لا يفجع طائرك ...!!







الحالُ كذلك يا صاحبي ...
وبندقية الصيّاد ما زالت متجهة لاغتيال حريته ...!!


لك ولحرفك كل الود ...


تحياتي

ابراهيم سلطان
02-10-2008, 09:16 AM
أجد القفص اجمل مكان نعيش به،

لانه ابعد عن الحياة ومتاعبهـا،

الاخ الفاضل،،

قصة نسجت بها جمال من نوع اخـر،،

كونت من الحروف جملا طبعت في قلوبنا معنا جميل،،

لك اتمنى المزيد من التقدم،،

اختك: قلب المحبة


اختي // قلب المحبة

فعلاً القفص كان بالنسبة لي أفضل مكان للعيش ، لأنه يبعدنا عن الحياة و آلامها .. و لكننا في النهاية بشر .. و علينا تقبل واقعنا مهما كان .. : )

سعدت كثيراً بإطرائك الجميل.. ^^

شكراً لك

ابراهيم سلطان

ابراهيم سلطان
02-10-2008, 09:17 AM
إبراهيمـ....!!


سردك كرفرفة جناحي عصفورك ...
يجعل القارئ يتتبع صوت الحرف بهدوء كي لا يفجع طائرك ...!!







الحالُ كذلك يا صاحبي ...
وبندقية الصيّاد ما زالت متجهة لاغتيال حريته ...!!


لك ولحرفك كل الود ...


تحياتي



كلامك صحيح أخي الفاضل صالح الحريري .. هذا هو الحال و سيستمر كذلك للأبد ..

سعدت كثيراً بإطرائك الجميل

جزيل الشكر لك

: )

ابراهيم

حمد الرحيمي
07-27-2008, 08:27 AM
إبراهيم سلطان ...



أهلاً بك ...



قرأت إعجاباً بك في متصفحٍ ما في الهدوء ... فرأيت في هذا المتصفح ما يثير إعجابي ...




جميلٌ أنت يا إبراهيم بحريتك و اختيارك ...




فعلاً العالم مليء بروائح الموت / الموتى ...





مودتي ...