المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وطــن


عبدالاله الأنصاري
02-08-2008, 02:15 PM
هل كنت سأختار تغيير قدري منذ البدايات ، قبل ثلاثين سنة ، لو أني علمتُ أنه سيكتب عليهم الذل والمسكنة ، أو أني قمت بإجهاضهم قبل أن يتكالب عليهم أُناس هذا الزمان وأنظمته العتيدة ، الصادمة (البيروقراطية) كما يطلقون عليها - ربما - وحتى قيام الساعة.!
وكأي أم تمنيت أن أراهم يكبرون أمامي ويصنعون حاضرهم ويصعدون أعلى المراتب.
ظننت أن كوني مواطنة سعودية ، سيكفل لي حياة كريمة و أبناء يسرني النظر إلى
تاريخهم المشرق بعد كدٍّ وجهد وتعب يليق بما يعملون من أجله. ولكن لم أكن أعلم أن
جنسية زوجي الغير سعودي سوف تكون القشة التي قصمت ظهر أحلامهم.
بالأمس جاءني عادل - الذي لم يكن عادلا أبدا - و صرخ بي: انظري لهذه (الملعونة) جارتنا أم عبدالرحمن الغير مسلمة أو كما يسمونها ( كتابية ).. لم تكمل سنتي زواج من رجل سعودي ، إلا وحصلت هي وأبناءها على الجنسية ، و نحن، ثلاثون سنة ، ومازلنا أبناء غير شرعيين لوطن يعاملنا على أن أمنا قاصر و أبونا وافد،!
عندما يعق الوطن أبناءه يجب عليهم أن يبادلوه العقوق وينغّصوا عيشه، وأنت امرأة يا أمي في بلد عربي، لا حول لكِ ولا قوة. الوطن لا يعترف بآدميتك و أحقية أبنائك ، لأنك امرأة ، لأنك امرأة !
كررها أكثر من مرة : لأنك امرأة.!
ثلاثون سنة يا أمي و أنت ترفعين لهذا وذاك التماساً ، ترجينهم أن يرحموا أبناءك ، تكيلين المديح لمقام هذا ، وتسبغين الحمد لسيادة ذلك الآخر ،
والختام: أبناء لا يعرفون ما هو مصيرهم ، فقط أبناء لأم سعودية وأب من جنسية ( لاوندية ) أخذ يضحك بشكل هيستيري، عذراً يا أمي المصون ، تزوج منك أبي في زمن لم يكن يعرف التفرقة ولا يؤمن بالأوراق ، التي أصبحت كل شيء ،
تقيُّ و زاهد ، إذن قولي له ادعُ ربك بأن يمنح أبناءك جنسية وطن ولدوا فيه وترعرعوا بين أحضانه ثلاثين عاما ،
ومازال أبناء بناتِه غير شرعيين مع أن أمهم سعودية و أبوها سعودي.! النظام لا يسمح.!
نعم النظام لا يسمح عندما يتعلق الأمر بامرأة ، ويرحّب النظام عندما يكون المعني رجلا.!
أتعلمين يا أمي.. هناك في المدن المقدسة لافتات كُتب عليها: لغير المسلمين ، أقترح أن يضيفوا لافتات أخرى: لغير السعوديين ( ضحك بسخرية )
وضعت يدي على فمه وقلت له بانكسار: اصمت يا عاق.
أكمل دون أن يعبأ ..
أي نظام هذا الذي يلقي بأبنائه خارج أسوار الإنسانية،
حتى الأصدقاء يلمزوننا بتخلفنا كوننا غير سعوديين، ورجل الأمن يعاملنا باحتقار لو صادف و اسوقفتني نقطة تفتيش .. فقط لأني أحمل الدفتر الأخضر ؛ يجيز له ذلك أن يتحدث معي بتعالٍ.!
مسكين.. لا يعلم أن أمي سعودية ( قهقه بشكل مستفز ..)
ثلاثون عاما و أم سعودية ، والنظام لا يسمح .!
اذهبي قولي لهم أن لكِ حقوقاً واطلبيهم العدل ، صدقيني سيسخرون منكِ ويماطلونك،
فأنتِ امرأة بمعنى قاصر لا حقوق لكِ ، الصمت أوجب الحقوق عليكِ.!

كفى كفى ، أصمت عليك اللعنة !
لأول مرة أصرخ عليه و أشمته على هذا الوجه : أخرج يا ملعون ، أنت ابن عاق،
ليتني لم ألدك ، ليتني ألقيت بك في أحدى المجاري ، قبل أن تتطاول عليّ وعلى
وطني بهذا السوء الذي بصقه فوك .. ليتني . . .
قاطعني : وطنك! أنتِ قلتِها : وطنك؟
قولي لوطنك -أنتِ- أن يعترف أولا بإنسانيتك وحقوقك وأبنائك المشرّدين، ثم
ارفعي رأسك وقولي وطني..! هأ ، قالت وطني.!
غني يا أمي واصدحي بـ:
وطني الحبيب وهل أحب سواه ..
وارقصي معي
قومي ..
أخذ يشدني من يدي .. هيّا قومي .
لقد اختلط عقل ابني
أخذ يبكي ، ويلثم قدمي، ويشهق بـ: سامحيني يا أمي أرجوك
قام مسرعاً وغادر المنزل ، وأنا أصرخ أرجوه أن يعود : عادل .. عادل
عاااا
..


ــــــــــــــــ

آنا كارينين
02-08-2008, 03:49 PM
تحية ..
لوطن أعلن قصورنا ..
وختم على وطنيتنا وانتمائنا له ... بمواطنة درجة ثانية
تحية..
لكل من أستباح حقوقنا ..وكُل جرمنا بأنا خلقنا أمهات لهذا الوطن .

ألف تحية لامرأة ...
صدح صوتها في وطن لازال الؤد فيه حق مباح .

أستاذي عبدالاله الأنصاري ...
حروف أصابت وجع ... لقلم طال انتظاره.

تحية..وخالص تقدير
لك ...ولقلمك

إغفاءة حلم
02-08-2008, 04:06 PM
عبدالإله الأنصاري ..

قلم يُجيد .. كتابة الألم .. بكل طقوسه ...
للأسف .. الكثير يفتقر الوطن..
والكثير يتمنى أن يكتب في يوم من الأيام .. ياء النسب .. بجانب وطنهم ...
ومن ضمنهم البدون ..
ونحن في بلد إسلامي عربي خليجي ...
بينما تجد بلاد الغرب .. تهب الجنسية لكل شخص تكون إقامته تجاوزت القليل من السنوات... هذا وهم بلاد الغرب ..
فكيف بنا هنا ونحن بلاد الإسلام دين الرحمة والإنسانية ...
هنا يمضي العمر بهم ..
وهم يكتبون .. بجانب الجنسية : بدون ...

أحد المواقف آلمني ...
حين أقوم بتعبئة الأوراق ..لأحداهن
وأصل لـ الجنسية ... وتقول لي : إنتبهي ..
ولأجيبها بسخرية ..
[ ولماذا انتبه .. ماذا ستكون الجنسية مثلاً أندونسية ..
لـ تُجيبني .. بل بدون ]
هنا الإجابة قتلتني ... وتمنيت أن تنشق الأرض وتبتلعني ....

لتُخفف عليها إحدى صديقاتي .. وهي لقيطة ...
قائلة : لايهم أن تنتمي لوطن ..
بقدر أن تنتمي
لـ أب وأم حقيقيين ...
وأفضل من أن تضعي بجانب اسم كلاهما .. مجهول النسب ...

اعتذر عن الإسهاب هنا ..
ولكن لأني عاشرت الفئة .. وأعلم كيف تكون ألامهم ...

سؤال ..
تُرى ماذا يُكلفهم أمر أن يضعوا الجنسية .. لكل شخص ...؟!
وهي لاتعدى الـ كم حروف ..

شُكراُ ولاتفيك أستاذي ..

قايـد الحربي
02-08-2008, 04:55 PM
عبدالإله الأنصاري
ـــــــــــــــ
* * *


يجيء هذه المرّة مُختلفاً ...
- هذا لا يعني تشابهه في كلّما سبق -
... بل يجيء مختلفاً من حيثُ الوِجهة لا التّوجه ، لأنّ توجّهه
التميّز و التحيّز للإبداع و الإمتاع .. لكنّ جهته في هذه المرّة
تُشير إلى القَصّ و السرد .. ليُثبتَ تميّزه - أيضاً - في الطرح
بدءاً بالموضوع وليس انتهاءً بمناقشته .

عبدالإله الأنصاري
لا يأتي إلا متورّداً و متفرّداً
حيثُ لا يشبهه سواه .

آياتٌ من الشكر تتلوك .

خنساء بنت المثنى
02-08-2008, 07:30 PM
ليس فاقد الجنسية هو من فقد الوطن

بل ما ادهى وأمر أن يفقد الأنسان وطن هو منسوب اليه


مختلف بتفرد و جميل حد الوجع

ابدعت اخي الفاضل

مودتي واحترامي

هـيـفـااللاّفـي
02-08-2008, 07:40 PM
عبدالله الانصاري
ومعاناه مستمره

هنا وقفت أمام نصّك مشدوهه بروعة لغتها

لك مني كل التقدير

سعد المغري
02-08-2008, 10:10 PM
..

الكبت وليدة الموقف..
وأن كان يعـوق بأمه..

فـكل مانطق بهِ فمه. صعيق.
..
يقتلون نفساً حرم الله قتلها. بل فتكها "ببطئ"

"عبدالاله"
راقي راقي وأكثــر..
..

سعـد الوهابي
02-09-2008, 03:08 AM
.
.
.
أليست الأم وطن !؟

فكيف يتنكر الوطن / البلد لـ الأم الوطن ؟!

ذلك النكران المرتبط بـ قصور ذاتي في أطراف الأنظمة العقيمة . .

هو الشعلة الأولى في حرائق العقوق المتتالية على تراب ذلك الوطن . .

الأم الوطن . . لم تجحد يوماً أو تتنكر يوماً لـ الوطن / البلد

والوطن / البلد تنكر لـ الأم الوطن ولـ أبنائها لسبب عادي إن لم يكن تافهاً . .

.
.
.
سيدي القدير المنير

" عبدالإله الأنصاري "

تضع لنا علامات تحذيرية على أوكارالشوك في الطرق المزهرة . .

وتصنع من الألم والمعاناة تمثالاً مُزيناً باللغة والأدب

بطريقة سردية قصصية متقنة . .

سلم فكرك وبوحك . .

ودام ضياؤك المشرق


( احترامات . . وطنية )

سعـد

د. منال عبدالرحمن
02-09-2008, 02:24 PM
الوطن , في ثيابِ المنفى .

هكذا قرأتُ عادلاً هُنا .


الأستاذ عبد الإله الأنصاري ..

لله درُّ حرفٍ أنتَ كاتبُه .

عبدالرحيم فرغلي
02-10-2008, 10:49 AM
عبدالاله الانصاري
قلم أعرفه جيدا .. وهو يكتب ويصف المعاني بأناقة كبيرة
إلى جوار بعضها البعض .. لتخرج نبضات القلم وهي ترسم
طريقا معشبا لقارئه ..

ما أقسى المعاناة التي كتبتها .. نعرفها وتعيش حولنا .. نرى معاناتهم ..
تعبهم في الوظائف والدراسة والحياة .. لا أدري من أين أتوا بهذه الأنظمة ..
هي لا تلامس روحنا .. أخلاقنا .. ديننا .. انسانيتنا .. ولكنهم يصرون عليها ..

سردك وجماله وعذوبته .. لم تفقده حتى في موضوع كهذا
لك كل تحياتي وتقديري أيها الأستاذ

سلطان ربيع
02-14-2008, 05:12 AM
الانصاري

وتميز مستمر من أول حرف
حتى أخر طرف يقرؤك .