![]() |
، وتورّد الحُزن يا حُلم , هو الآن أكثرُ دقّـةً وأكثرُ أريحيّة ايضاً , لا أنتَ تحنّ كالأمهات وتُخفيه في صدرك كما كُنت . ولا الليلُ الذي دسّ وجهك في السواد يستطيع ذلك , في هذه الأوقات التي كنتَ تتأرجح بين الأوردة والشرايين بكامل فرحنا , وغدُنا الذي تعبث به الريح والقبيلة والغضب والليل والأمسُ البعيـدُ , غدُنا الذي اوشك كثيراً على الموت لكنّه يخذلنا دوماً ويحيَا بالحنينِ والأعتذارات الصادقةِ والصباحات التي تمحو عصافيرها حُزن الليالي , غدُنا المحشوّ بالأمنيات والتفاصيل المُتناهية في الصِغر كأن : ( أقضي الليل وأنا اخمّن كيف يبدو شكل فمُك وأنتَ غاضب , ان تتوّقع طريقتي في الجُلوس أثناء مشاهدة مُباراة فريقي المفضّل , ان تصِف حركة يدي وأنا أُمسك بمقود سيارتنا , فشلي في توقّع لونك المفضّل , تفاجؤك الدائم من ذاكرتي القويّة , شكلنا المُتعبُ في عودتنا من البحْر , ضجرك من غيرتي المُبالغ فيها , أغنياتنا التي تحمل اسمك , تقليدك لسُرعتي في ارتداء ملابسي , خجلك عند اختلاسي الوقت في أكثر الأماكن ازدحاماً بالعائلة لدسّ ( أحبّك ) تحت أذنك مباشرةً , كيفيّة نُطق ابنتنا لأسمها , وجهكُ في النُعاس , وجهكُ في النعاس , وجهك .. ) , وتورّد الحُزن يا حُلم , أنا وحيـدٌ ومُتعبٌ الآن , وانتَ في الطرفِ الآخر من الحُزن , تأكلُ وجهي الأسئلة وتحفرُ الثواني خدّيك , أنا لا استطيعُ حتّى البُكاء بمعزلٍ عنك وانتَ تُجاهُد لتنْسى , اتسكّع بوجهٍ يُشبه الموتى , ادسّه في الأزقّة و المقبرةِ والأصدقاء و البحر , اعجن النسيان في الأرصفة وعيون أطفال حيّنا , في الأعين الجائعة والباعة المُتجولين , في كلّ شيءٍ , يترائى طيفك في البنايات والشبابيك المُغلقة في نهاية الشوارع التي تبدو كساقِ زهرةٍ تنتهي بك , ولا تُسعفني مآذن الحِجاز لأتجاوز حُزني , لستُ مؤمناً بمايكفي لأحتمل فقدكْ , وحيداً جدّاً وليس لي مزاجٌ حتّى للتنفس , إلا من بذرةٍ خبّأها غضبك دون قصدٍ في آخرِ العُمر , سأجمع كلّ انتظاراتي فوقها , واؤثّث غداً يستحـق . |
غدُنا ( يوسُف ) الذي ابيضّت قلوبنا حُزناً عليه والمسافةُ والصّمتُ أخوةٌ القوْه في جبّ النسيان القِ صوتك ليرتدُّ أملُ قلوبنا في غدٍ يستحقّ ! |
لن استسلم الأشياء العظيمة كأنتِ يجبُ الموت في سبيلها ! |
صوتك العصافير وحُزني ليلةٌ شاخَت انتظاراً لبدايةٍ تليق بأحلامها , |
والآن تنسلّ رائحتك في الأرض التي كان من البديهي أن نكون ظلالاً لبعضنا فيها , نرتّب العُشب والصباحات والأمنيات الصغيرة بين مساماتها علّها تتشبّثُ بمائنا اطول فرحٍ مُستطاع ! |
ولا عـزاء لغدِنا , |
أتسوّل رائحتك في الطرقات التي باعدت بيننا , في الأحياء الهاربة من الشّمس , في الأوقات الميّتة التي كان يُحييني فيها صوتك , في هذا الوقت المُتعب جداً في بداية الفقد , في الحنين الكافر الذي شمّع أضلعي , في علامات التعجّب بحجم المآذن , في بقايا الأمس اللذيذةِ التفاصيل حتّى في حٌزنها , حتّى في حُزنها ! |
لاشيءَ يُذكر لا زِلت كما ترَكني قلبُك , انسِج اعتذاراتٍ كثيرة بعدَ كلّ غضب , لازلتُ على نفس اندفاعي مهووساً بأدقّ تفاصيل غدِنا غافلاً عن خُبث الحياة , اقضمُ الثواني على الأرصفة التي من المُتوقّع أن ينمو وجهك من أحد الشبابيك المطلّة على المكلومين فوقها , اراجعُ الأمسَ بفجيعةٍ تزدادُ كلمّا مررتُ على ذكرىً جميلة , اتتبّع بقايا صوتك في كريّات دمي التي كان يعيثُ بها فرحاً كلّ حين , هارباً إلى بدايات الحبّ الكثيرةِ والجميلةِ جداً أملاً في نهايةٍ واحدة . |
الساعة الآن 01:46 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.